هل الحروف المقطعة فى القران ليس لها معنى ؟؟؟,اقرأ معى لتعرف الحقيقة !!!


قبل أن أبدأ فى شرح الكلمات المقطعة يجب أن تقرأ كلامى حتى النهاية  لو سمحتم
  
الشئ الأول:
  العرب كانوا يستعملون الحروف المجردة في كلامهم للإشارة إلى المعاني ، وخير مثال على ذلك هو ما جاء فى أحد أبيات الشعر العربي القديم:

قـلتُ لها قِفِي فقالت قــاف *** لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف
 
فقوله (قاف) أي: وقفت.


وهناك بعض الكلمات المذكورة على لسان العرب منها مثلاً:
1- (مهيـم) أي: ما هذا يا امرؤ؟!
2- (أيش) أي: أي شيء؟!

لاحظ أن حروف كلمة (مهيم) مكونة من حروف مقطعة ، وهذه الحروف هى بدايات لكل كلمة فى عبارة: (ما هذا يا امرؤ).
 
 ونفس الأمر ينطبق على المثال الثانى أيضاً، وهناك عدة أمثلة  فى اللغة الإنجليزية على الكلمات المقطعة منها مثلاً: كلمة (ok) التى تعنى (حسناً) بالعربية.
 
 وكلمة (OK) اختلف علماء اللغة فى سبب نشأتها بالرغم من أنها حديثة المنشأ وليست كلمة قديمة جداً ؛ فهناك عدة إحتمالات لنشأتها منها:

        1- أنها تمثل الأصوات الأولى من جملة: All correct

        2- أنها ترتبط بحدث انتخابي كان اسم أحد المتنافسين يبدأ بحرف O ، والآخر يبدأ بحرف K

        3- أنه في الحرب العالمية الثانية كانت تعني " zero killed " تقال عندما لا يكون هناك إصابات فاختصارها "0k"  أي أن كل شيء على مايرام.

       4- نظرية Obediah Kelly حيث يُقال أنه كان اسماً لرجل يعمل كوكيل شحن في سكة حديد، وكان هو من يكتب ويوقع على وثائق الشحن التي تم اختيارها وقبولها. فأصبحت ok اختصارًا لأسمه وأصبحت تدل على الموافقة والقبول.

       5- نظرية الاشتقاق من اللغات الأخرى حيث قال بعض العلماء أن كلمة ok مشتقة من عدة لغات، ويوضح البعض أن ok  اُشتقت من الإسكتلنديين الذين يستخدمون تعبير (och aye) ، أو الفرنسيين الذين يقولون (aux Cayes).
 
وتذكر دائرة المعارف البريطانية أن منشأ كلمة OK كان في الولايات المتحدة الأمريكية ثم انتشرت في دول العالم لتصبح فيما بعد كلمة عالمية علي كل المستويات.

واذا كانت هناك كلمات حديثة كهذه ولا يعرف علماء اللغة سبب نشأتها , فإنه ليس من المعقول أن يتهمنا نصارى الغرب بشبهة مثل شبهة الكلمات المقطعة  التى نزلت على النبى منذ 15 قرن تقريباً كما أن هناك أشياء من الشعر الجاهلى واللغة العربية الجاهلية لم تصل إلينا فى القرن 21 , فربما كانت الكلمات المقطعة معروفة فى ذلك الزمان ولكنها لم تصل إلينا لأن علماء اللغة العربية لم يصلوا إلا إلى الشعر الذى سبق بعثة النبى بـ 100 سنة فقط ، أما الكلمات والأشعار التى كانت منتشرة فى الفترة التى تسبق النبى فلم تصل الى مسامعنا واختفت كما اختفى زمانها وأصحابها.

وبالنسبة لامثلة التى ذكرتها  من قبل فإننا يمكن إجراء نفس الشئ على الحروف المقطعة فى القران فمثلا من الممكن ان  :
 لفظ "الم" مُقْتَطَع من: أنا الله أعلم. أو من: الله أرسل جبريل إلى محمد. وكهيعص مُقْتَطَعَة من: كافٍ هادٍ عدل. أو: عليم صادق. وهكذا في سائر الحروف.

 الأمر الثانى:ـ
إن المشركين من العرب الفصحاء سمعوا بعض هذه الحروف فلم ينكروها مع حرصهم على تنفير الناس عن الإسلام لأدنى زلة تٌتَوَهَّـم، وشغفهم بالطعن فيما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم و لم اقرا فى أى كتاب ان العرب استنكروا الحروف المقطعة فى عهد النبى صلى الله عليه و سلم . حيث ان كتب التاريخ الاسلامى تحكى عن شبهات  كثيرة وجهها الكفار الى النبى و لكن ليس هناك أى إعتراض صادر من الكفار بالنسبة للكلمات المقطعة بالرغم من أنهم كانوا أعلم منا فى الفصاحة و اللغة
قال الإمام السيوطي في "الإتقان": "والذي أقوله: إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولاً متداولاً بينهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- بل تلا عليهم {حم} فُصِّلَت، و {ص} وغيرهما فلم ينكروا ذلك بل صرحوا بالتسليم له في البلاغة والفصاحة مع تَشَوُّفِهم إلى عثرة وغيرها وحرصهم على زلة؛ فدل على أنه كان أمراً معروفاً بينهم لا إنكار فيه".
فكيف تدَّعون أن هذا الاستعمال غير معهود ولا مقبول عند العربي؟!
(انظر: بدائع الفوائد للعلامة ابن القيم، والتحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور)
و الشئ الجميل فى الموضوع ان هناك بعض الطاعنين فى صحة القران حيث انهم يسألون دائما و يقولون ما معنى الكلمات المقطعة فى اوائل السور😽؟؟؟ ، و انا اذكر شخص كان يهاجم نبينا محمد (صلى الله عليه و سلم ) و كان يقول لماذا لم يفسر النبى معنى الكلمات المتقطعة فى اوائل السور  و اين الحديث النبوى  الذى يفسر معانى الكلمات المتقطعة ؟؟؟ فقلت له : ((هل من المعقول ان تسأل شخص ان يقوم بتفسير حرف القاف او حرف g
و هذا بالضبط ما تريده من النبى لانك تريد منه ان يفسر حروف  مثل:( ص) و ( ق)
و السؤال انا اريد منك ان تفسر لى ما معنى حرف ( الكاف ) و ما معنى حرف ( الميم )  و ما معنى حرف ( الالف )   و ان شاء الله ، اذا اجبت لى عن هذا السؤال ،فانا سوف اجيبك عن سؤالك ☺ و اذا لم تستطع ان تفسر معناها فلماذا تريد اذن من النبى ان يفسر معناها.
ملحوظة لا تخبرنى بأن معنى حرف الكاف : أنه من حروف اللغة العربية و غيرها من الاجابات الساذجة. ،لاننى اريد تفسير صريح لحرف الكاف  لو سمحت))   و عندما سألت هذا الشخص هذا السؤال سكت و لم يرسل لى الرد بعدها مباشرة 🙅
الامر الثالث:
الغاية من ايراد الحروف المقطعة مثل (كهيعص)وغيرها هو تأكيد التحدي والتذكير به بين الفينة والأخرى.
لان الله قال :( قل لئن اجتمعت الانس و الجن على ان يأتوا بمثل هذا القرأن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) و حضرتك تعلم الاية جيدا طبعا
فاستعراض القران للحروف المقطعة في فواتح عدد من السور أشبه شيء بما يفعله بعض المتميزين في صياغة الأشكال الهندسية فترى أحدهم يأتي أمام  الناس المشاهدين وهو يحمل معه عددا من الأعواد الخشبية او النحاسية ثم يأخذ في عرضها للتأكيد على أنها مجرد أعواد متاحة لأى شخص يمكن تناولها،ثم يبدأ فيشكل من هذه الأعواد صور وأشكال هندسية رائعة ومعقدة فينبهر من روعتها وتعقيدها وبساطة مكوناتها المشاهدون،ثم يعود فيفكك تلك الهيئة الهندسية ويبدأ بتشكيل أخرى لا تقل روعة عن سابقتها،وهكذا يفعل كل مرة، وفي كل مرة يستعرض الأعواد ليؤكد أن هذا الشكل الهندسي الذي سوف يصوغه المؤلف من هذه الأعواد التي في متناول الجميع.
كذلك هو عرض القران لبعض حروف الهجاء في فواتح السور القرانية،فإن الغاية من ذلك هي التنبيه على أن هذا القران – الذي أعيا فحول الشعراء وأرباب البيان أن يأتوا بسورة مثله- مؤلف من هذه الحروف التي هي في متناول الجميع.
الامر الرابع
ان الكلمات المقطعة  موجودة فى الكتب السماوية مثل القران و الانجيل و هناك أشياء تشبه الكلمات المقطعة  موجودة فى التوراة باللغة العبرية
فمثلا هناك كلمات مقطعة و لا يعرف علماء الدين المسيحى لها معنى  و هذه الكلمات موجودة فى الانجيل مثل :
كلمة "سلاه"

لقد ترددت هذه الكلمة 74 مرة في الكتاب المقدس ، وحتى الآن لم يستطع أحد أن يعرف معناها بشكل قاطع .

وهذا مثال عليها في مزمور ( 3: 2 ) :
(( 2 كثيرون يقولون لنفسي ليس له خلاص بالهه . سلاه
3 اما انت يا رب فترس لي ، مجدي ورافع رأسي .
4 بصوتي الى الرب اصرخ فيجيبني من جبل قدسه . سلاه ((.
فما معنى هذه الكلمة ؟؟؟

لقد احتار علماء النصارى في معنى هذه الكلمة ، ولم يستطع أحد أن يجزم بمعنى واضح لها ، وأنقسموا إلى آراء عديدة حولها و كل الاسباب التى ذكروها  هى عبارة عن ضروب من الظن والتخمين ، ولم يستطع أحدٌ منهم أن يعطي دليلاً على صحة رأيه .

يقول قاموس الكتاب المقدس :
((1 - يظن البعض أن الكلمة تعني تقوية اللحن وتوقيعه بشدة، وفي هذا المعنى يتوقف المرنمون لتسمع الآلة الموسيقية وحدها.
2 - ويظن آخرون أن معناها وقفة موسيقية، فتتوقف الآلات الموسيقية ويصمت المرنمون.
3 - ويقول يعقوب الذي من الرها أنها تشبه ( آمين ) التي يرددها المرنمون المسيحيون بعد سماع البركة، فكأن سلاه تعني: " أعط بركتك ".
ولكن المعنى الأساسي المقصود من هذه الكلمة غير معروف )) ... إنتهى .
و لكى تتعرف أكثر على الكلمات العبرية الذكورة فى التوراة و التى تشبه القرأن , يجب ان تزور هذا الموقع عن طريق هذا الرابط :
https://aminekrid.wordpress.com/2017/04/25/552223/

الامر الخامس
 أن الله أراد أن يُظْهِرَ الإعجاز على يد نبيه حيث ان النبى  يتكلم بهذه الحروف   بالرغم من أن النبى  أُمِّيّ، و التحدث يالحروف هو شئء لا يعلمه إلا الذين تَعَلَّموا القراءة والكتابة. لان الاميين لا يعرفون هجاء الحروف غالبا

الامر السادس : أنك فهمت كلامى خطأ لان أحاديث النبى هى تفسير عملى لما جاء فى القران و ليس تفسير نظرى فمثلا :
 قال الله فى كتابه : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الاخر............
 لقد أرشدنا النبى الى معنى الايه و هى قتال اليهود الذين نقضوا العهد مع النبى و قاموا بالتعدى على المسلمين و لقد وصف الله اليهود بأنهم لا يؤمنون بالله لانهم يعبدون اله اسمه يهوه كما أنهم سيعبدون المسيح الدجال فى أخر الزمان كما أن الله و صفهم بذلك لان منهم ناس  يعتقد ان لله ابن اسمه عُزير كما انهم يعتقدون ان الله فقير و غيره من الاسباب كما ان اليهود لا يوجد فى كتبهم او التوراة اى ذكر ليوم القيامة و بذلك فهم لا يؤمنون باليوم الاخر و هو يوم القيامة و غيره من الاسباب , اذا نحن نحتاج الى السنة لتفسير الايات العملية ( التى فيها فعل  اوحركة او عمل او كلام ) فى القران مثل الطلاق و الدعاء و الصلاة و الصيام و مقدار الزكاة و لكن الكلمات المقطعة هى عبارة عن أيات نظرية و ليست عملية و ليس المقصود من  هذا أنها ليس لها معنى و لكنى أقصد ان هذه الكلمات ليس فيها أمر او فعل او كلام عملى لكى يفسره النبى صلى الله عليه و سلم , حيث انه ليس من المعقول ان يقوم شخص بتفسير حرف الفاء او حرف الميم مثلا و لكن هذه الكلمات المقطعة جائت بسبب الاسباب التى ذكرتها سابقا    

الامر السابع
وهو أن الكفار لمَّا قالوا لبعضهم: (لا تَسْمَعُوا لهذا القرآنِ والْغَوْا فيه لعلكم تَغْلِبون) أنزل الله هذه الحروف المُقَطَّعَة ليَلْفِتَ نظرَهم إلى سماع القرآن؛ لأن الإنسان من طَبْعِه إذا سمع شيئًا غريبًا عن مألوف عادتِه أصغَى له واهتَمّ، وبذلك يحصل استماعهم للقرآن باهتمام منهم
الامر الثامن
" طه" و" يس "  هما اسمان للنبى صلى الله عليه وسلم ، حذف منهما أداة النداء والتقدير: يا " طه " يا " يس " بدليل ذكر الضمير العائد عليه هكذا: (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) (2) و (إنك لمن المرسلين) (3).

الامر التاسع ان الله قال :( منه ايات محكمات هن ام الكتاب و أخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تاويله و ما يعلم تاويله الا الله و الراسخون فى العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا و ما يذكر الا اولو  الالباب )
و معنى الايه ان اعداء الاسلام ذوى النفوس المريضة و القلوب السقيمة يتركون الايات الواضحة  ذو المعانى الواضحة  و الاعجازية و يلجئون و يركزون على الايات المتشابهة مثل الكلمات المقطعة و غيرها من الايات لكى يطعنوا فى القران , ثم يقول الله فى الاية الكريمة ان الله هو اكثر واحد يعرف معانى الايات المتشابه و المشتبهة على الناس و العجيب اننا نعيش فى هذا الكون منذ الالاف السنين و مع ذلك هناك الكثير من الظواهر التى لا نستطيع تفسيرها , فكيف اذا نفسر الايات المتشابهة المنزلة من عند الله عز وجل الذى اخبرنا انه اكثر واحد يعرف معناها , و طبعا يرشدنا الله فى نهاية الاية  الى ان الراسخين فى العلم  هم فقط من يخصعون و يعترفون بصحة القران لان العلماء و الباحثين فى شتى العلوم يعترفون بمبدأ هو : ( كل ما لا نعرف له سبب منطقى  , ليس معناه  انه ليس فائدة ) و بالتالى فعند البحث فى بعض الكتب  العلمية فى شتى المجالات ,تجد العلماء يكتبون أحيانا : مازال السبب مجهول   و لا يقولون ان هذه الظاهرة ليس لها فائدة  او معنى او سبب و هكذا
الامر العاشر
لقد قمت بإقتباس كلام  الزمخشريّ في الكَشَّاف والبيضاويّ في التفسير وغيرهما:
جاءت الكلمات المقطعة للإشارة إلى أن القرآن مُؤَلَّف من حروف يَنطقون بها وتَجري على ألسنتهم في تخاطبهم، ومع ذلك لا يستطيعون الإتيان بمثله، وهذا أبلغ ما يكون في الإعجاز.


- ومنها قول جماعة من العلماء أنها أسماء للسور فيقال: سورة "الم" وسورة (ص) مثلًا.

 و الغريب ان الناس الذين لا يمتلكون فصاحة العرب الاوائل أطلقوا على هذه الحروف وصف " الكلام العاطل " والكلام العاطل هو " اللغو " الذى لا معنى له قط. أما هذه الحروف ، التى أُفتتحت بها بعض سور القرآن ، فقد فهمت منها الأمة ، التى أُنزل عليها القرآن بلغتها العريقة ، أكثر من عشرين معنى(1) ، وما تزال الدراسات القرآنية الحديثة تضيف جديداً إلى تلك المعانى التى رصدها الأقدمون فلو كانت " عاطلة " كما يدعى خصوم الإسلام ، ما فهم منها أحد معنى واحداً.
ولو جارينا جدلاً هؤلاء المتحاملين على كتاب الله العزيز من أن هذه " الحروف " عاطلة من المعانى، لوجدنا شططاً فى اتهامهم القرآن كله بأنه " كلام عاطل " لأنها لا تتجاوز ثمانى وعشرين آية ، من العدد الاجمالى لايات القران



فكيف ينطبق وصف ثمانٍ وعشرين آية على 6208 آية ؟. والمعانى التى فُهمتْ من هذه " الحروف " نختار منها ما يأتى فى الرد على هؤلاء الخصوم.

الرأى الأول:
يرى بعض العلماء القدامى أن هذه الفواتح ، مثل: الم ، و الر ، والمص ". تشير إلى إعجاز القرآن ، بأنه مؤلف من الحروف التى عرفها العرب ، وصاغوا منها مفرداتهم ، وصاغوا من مفرداتهم تراكيبهم. وأن القرآن لم يغير من أصول اللغة ومادتها شيئاً ، ومع ذلك كان القرآن معجزاً ؛ لا لأنه نزل بلغة تغاير لغتهم ، ولكن لأنه نزل بعلم الله عز وجل ، كما يتفوق صانع على صانع آخر فى حذقه ومهارته فى صنعته مع أن المادة التى استخدمها الصانعان فى الشئ المصنوع  واحدة وفى هذا قطع للحُجة عنهم.
ويؤيد هذا قوله سبحانه وتعالى:
(أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون ) (4).
يعنى أن اللغة واحدة ، وإنما كان القرآن معجزاً لأمر واحد هو أنه كلام الله ، نازل وفق علم الله وصنعه ، الذى لا يرقى إليه مخلوق.

الرأى الثانى:
إن هذه الحروف " المُقطعة " التى بدئت بها بعض سور القرآن إنما هى أدوات صوتية مثيرة لانتباه السامعين ، يقصد بها تفريغ القلوب من الشواغل الصارفة لها عن السماع من أول وهلة. فمثلاً " الم " فى مطلع سورة البقرة ، وهى تنطق هكذا. " ألف لام ميم " تستغرق مسافة من الزمن بقدر ما يتسع لتسعة أصوات ، يتخللها المد مد الصوت عندما تقرع السمع تهيؤه ، وتجذبه لعقبى الكلام قبل أن يسمع السامع قوله تعالى بعد هذه الأصوات التسعة:
(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) (5).

وإثارة الانتباه بمثل هذه المداخل سمة من سمات البيان العالى ، ولذلك يطلق بعض الدارسين على هذه " الحروف " فى فواتح السور عبارة " قرع عصى " (6) وهى وسيلة كانت تستعمل فى إيقاظ النائم ، وتنبيه الغافل. وهى كناية لطيفة ، وتطبيقها على هذه " الحروف " غير مستنكر. لأن الله عز وجل دعا الناس لسماع كلامه ، وتدبر معانيه ، وفى ذلك يقول سبحانه وتعالى: (وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) (7).

الرأى الثالث:
ويرى الإمام الزمخشرى أن فى هذه " الحروف " سرًّا دقيقاً من أسرار الإعجاز القرآنى المفحم ، وخلاصة رأيه نعرضها فى الآتى:

" واعلم أنك إذا تأملت ما أورده الله عز سلطانه فى الفواتح من هذه الأسماء يقصد الحروف وجدتها نصف حروف المعجم ، أربعة عشر سواء ، وهى: الألف واللام والميم والصاد ، والراء والكاف والهاء ، والياء والعين والطاء والسين والحاء ، والقاف والنون ، فى تسع وعشرين سورة ، على حذو حروف المعجم ".

ثم إذا نظرت فى هذه الأربعة عشر وجدتها مشتملة على أنصاف أجناس الحروف ، بيان ذلك أن فيها: من المهموسة نصفها:
" الصاد ، والكاف ، والهاء والسين والخاء ".

ومن المجهورة نصفها:
الألف واللام والميم ، والراء والعين والطاء ، والقاف والياء والنون.

ومن الشديدة نصفها:
" الألف والكاف ، والطاء والقاف ".

ومن الرخوة نصفها:
" اللام والميم ، والراء والصاد ، والهاء والعين ، والسين والحاء والياء والنون ".

ومن المطبقة نصفها:
" الصاد والطاء ".

ومن المنفتحة نصفها:
" الألف واللام ، والميم والراء ، والكاف ، والهاء والعين والسين والحاء ، والقاف والياء والنون ".

ومن المستعلية نصفها:
" القاف والصاد ، والطاء ".

ومن المنخفضة نصفها:
" الألف واللام والميم ، والراء والكاف والهاء ، والياء ، والعين والسين ، والحاء والنون ".

ومن حروف القلقلة نصفها: " القاف والطاء " .

يريد أن يقول: إن هذه الحروف المذكورة يلحظ فيها ملحظان إعجازيان: الأول: من حيث عدد الأبجدية العربية ، وهى ثمانية وعشرون حرفاً. فإن هذه الحروف المذكورة فى فواتح السور تعادل نصف حروف الأبجدية ، يعنى أن المذكور منها أربعة عشر حرفاً والذى لم يذكر مثلها أربعة عشر حرفا:
14+14 = 28 حرفاً هى مجموع الأبجدية العربية.

الثانى: من حيث صفات الحروف وهى:
الهمس فى مقابلة الجهارة.
الشدة فى مقابلة الرخاوة.
الانطباق فى مقابلة الانفتاح.
والاستعلاء فى مقابلة الانخفاض.
والقلقلة فى مقابلة غيرها.

نجد هذه الحروف المذكورة فى الفواتح القرآنية لبعض سور القرآن تعادل نصف أحرف كل صفة من الصفات السبع المذكورة. وهذا الانتصاف مع ما يلاحظ فيه من التناسب الدقيق بين المذكور والمتروك ، لا يوجد إلا فى كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم . وهو ذو مغزى إعجازى مذهل لذوى الألباب ، لذلك نرى الإمام جار الله الزمخشرى يقول مُعقباً على هذا الصنع الحكيم: " فسبحان الذى دقت فى كل شىء حكمته. وهو المطابق للطائف التنزيل واختصاراته. فكأن الله عز اسمه عدد على العرب الألفاظ التى منها تراكيب كلامهم ، إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لهم ، وإلزام الحُجة إياهم (9).

ثم أخذ الإمام الزمخشرى ، يذكر فى إسهاب الدقائق والأسرار واللطائف ، التى تستشف من هذه " الحروف " التى بدئت بها بعض سور القرآن ، وتابعه فى ذلك السيد الشريف فى حاشيته التى وضعها على الكشاف ، والمطبوعة بأسفل تفسير الزمخشرى. وذكر ما قاله الرجلان هنا يخرج بنا عن سبيل القصد الذى نتوخاه فى هذه الرسالة. ونوصى القراء الكرام بالاطلاع عليه فى المواضع المشار إليها فى الهوامش المذكورة

وبقى أمرٌ مهمٌّ فى الرد على هذه الشبهة التى أثارها خصوم الإسلام ، وهى شبهة وصف القرآن بالكلام العاطل. نذكره فى إيجاز فى الأتى: لو كانت هذه " الحروف " من الكلام العاطل لما تركها العرب المعارضون للدعوة فى عصر نزول القرآن ، وهم المشهود لهم بالفصاحة والبلاغة ، والمهارة فى البيان إنشاءً ونقداً ؛ فعلى قدرما طعنوا فى القرآن لم يثبت عنهم أنهم عابوا هذه " الفواتح " وهم أهل الذكر " الاختصاص " فى هذا المجال. وأين يكون " الخواجات " الذين يتصدون الآن لنقد القرآن من أولئك الذين كانوا أعلم الناس بمزايا الكلام وعيوبه ؟!

وقد ذكر القرآن نفسه مطاعنهم فى القرآن ، ولم يذكر بينها أنهم أخذوا على القرآن أىَّ مأخذ ، لا فى مفرداته ولا فى جمله ، ولا فى تراكيبه. بل على العكس سلَّموا له بالتفوق فى هذا الجانب ، وبعض العرب غير المسلمين امتدحوا هذا النظم القرآنى ورفعوه فوق كلام الإنس والجن. ولشدة تأثيره على النفوس اكتفوا بالتواصى بينهم على عدم سماعه ، والشوشرة عليه. والطاعنون الجدد فى القرآن لا قدرة لهم على فهم تراكيب اللغة العربية ، ولا على صوغ تراكيبها صوغاً سليماً ، والشرط فيمن يتصدى لنقد شىء أن تكون خبرته وتجربته أقوى من الشىء الذى ينقده. وهذا الشرط منعدم أصلاً عندهم

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا