مضمون الشبهة:
بعض المسيحيين والملاحدة ومنكري السنة يثيرون شبهة حول الإسلام، وهى أن النبى محمد اقتبس عقيدة عذاب القبر من اليهود. وهؤلاء الكذابون يزعمون أن لليهود تأثيراً على صحيح البخارى ومسلم ، ولذلك نحن سنعرض شبهات أعداء الإسلام واقتباساتهم ثم سنرد عليها واحدة تلو الأخرى....
______________________________________________
الرد على تلك الشبهة:
أولاً :
بالنسبة للذين يزعمون أن النبى اقتبس عقيدة (عذاب القبر) من المرأة اليهودية في المدينة المنورة؛ ويزعمون أن النبي لم يكن يعلم بوجود عذاب القبر من قبل هذا، فإنني أرد على هؤلاء الكذابين وأقول:
النقطة الأولى :
النبى محمد كان يعلم بوجود عذاب القبر من قبل أن تأتى تلك اليهوديات إلى زوجات النبي محمد؛ فنحن عندما نفتح القرآن الكريم على سورة (غافر)، فسنجد الآية التالية:
{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا
وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ
أَشَدَّ الْعَذَابِ} (46)
وسورة (غافر) هى سورة مكية بالإجماع ، وبالتالى فإن هذه الآية السابقة نزلت فى مكة أي أنها نزلت قبل قصة عائشة مع تلك النساء اليهوديات بزمن طويل ؛ لأن إلتقاء السيدة عائشة مع تلك اليهوديات كان فى المدينة المنورة بعد الهجرة وليس في مكة.
و عندما نتأمل فى الآية السابقة , فإننا سنجد أن الآية تقول أن آل فرعون الكفار يتعذبون فى البرزخ (بأرواحهم) وذلك بعرضهم على النار ، وعندما يأتى يوم القيامة فإن الله سيبعث أجساد هؤلاء الكفار ويُحييها من جديد لكى يُدخِلها النيران، وبالتالى هذه الآية دليل على عذاب القبر أو عذاب البرزخ , لذلك يقول الإماما ابن كثير في تفسيره:
[وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السُنة على عذاب البرزخ في القبور.]
إذن من خلال ما سبق , يتبين أن النبى كان على علم مسبق بوجود شئ اسمه عذاب القبر، وهذا كان فى مكة قبل أن يهاجر إلى المدينة المنورة حيث أن النبى كان يعلم أن الكفار من الأمم السابقة يتم تعذيبهم فى القبر.
__________
والآن سننتقل إلى النقطة الثانية، وهى: هل النبى محمد سرق فكرة عذاب القبر من اليهوديات ؟؟؟
الإجابة : لا لا لا. النبي محمد لم يسرق عذاب عقيدة (عذاب القبر) من اليهوديات. والدليل على ذلك هو نفس الأحاديث التي يستدل بها أعداء الإسلام... ، لذلك تعالوا بنا نفحص تلك الأحاديث مرة أخرى وندقق فيها لكى نصل إلى الحق.
والحديث الأول الذي يستشهد به أعداء الإسلام هو كالتالى :
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: [دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ الْيَهُودِ وَهِيَ تَقُولُ هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ : (إِنَّمَا تُفْتَنُ يَهُودُ) ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَلَبِثْنَا لَيَالِيَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ) ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ بَعْدُ ذلك يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.] رواه مسلم ( 584 )
من خلال قراءة هذا الحديث السابق بتركيز شديد, يتبين عدة نقاط مهمة وهى كالتالى :
1- تلك المرأة اليهودية كانت تسأل السيدة عائشة عن عذاب القبر وقالت: هل أنتم كمسلمين تُعذَبون فى القبور ؟
وبالتالى تلك المرأة اليهودية لم تعط أي معلومة لعائشة أو للنبى محمد عن عذاب القبر ولكنها فقط سألت سؤالاً للسيدة عائشة. بإلاضافة إلى أن تلك المراة اليهودية لم ترد على جواب النبى محمد ، ولم تثبت أو تنفي صحة رد النبي عليها، وبالتالى ليس من المعقول أن يأتي شخص ويزعم أن تلك المرأة اليهودية علمَّت النبى بوجود عذاب القبر!
2- النبى محمد كان يعلم مسبقاً أن الله يعذب الأمم السابقة في قبورهم مثل آل فرعون واليهود و.... ، والدليل على ذلك أن النبى عندما سمع السؤال من تلك اليهودية , فإنه رد عليها مباشرةً وقال لها: {إنما تُفتن يهود} ؛ أى أن اليهود يُعذبون فى قبورهم ، وبالتالى هذا يدل على أن النبى محمد كان يعلم أن هناك عذاب فى القبر للأمم السابقة بدليل أنه رد عليها مباشرةً بهذا الرد: {إنما تُفتن يهود} ...
3- الحديث يخبرنا أن النبي الوحي نزل على النبي وأخبره أن العصاة المسلمين يفتنون أيضاً في قبورهم بدليل قول النبي: (هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ).
ومن خلال النقطتين السابقتين يتبين كذب أي شخص يزعم أن تلك اليهودية علمَّت النبىَ عقيدة عذاب القبر......
______________
والآن سننتقل إلى الحديث الثانى لكى نقرأه بتركيز شديد ثم نعلق عليه.
الحديث الثاني هو كالتالى :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: [دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ فَقَالَتَا : إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ ، قَالَتْ : فَكَذَّبْتُهُمَا وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا فَخَرَجَتَا وَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَجُوزَيْنِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ دَخَلَتَا عَلَيَّ فَزَعَمَتَا أَنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ ، فَقَالَ : (صَدَقَتَا إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ) قَالَتْ : فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلاَةٍ إِلاَّ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ] رواه مسلم ( 586 )
من خلال قراءة هذا الحديث السابق بتركيز شديد , يتبين الآتى :
1- النبى محمد - فى هذا الموقف - كان يعلم أن العصاة من أهل القبور يُعذَبون , والدليل على ذلك هو أنه أجاب إجابةً قاطعةً مباشرةً على السيدة عائشة عندما سألته عن مدى صحة كلام تلك اليهوديات عن عذاب القبر لأهل القبور جميعاً ، فأجاب النبي بأن هناك عذاب في القبر لدرجة أن البهائم تسمع المتعذبين...
فلو كان النبى محمد لا يعلم عن عذاب القبر شيئاً , فإنه كان سيصمت أو سيتردد فى الإجابة على السيدة عائشة.
وكون أن النبي أكَّد على وجود عذاب القبر يدل على أن النبي عَلِمَ بوجود عذاب القبر ؛ لأنه ليس من المعقول أن تؤكد على كلام أي شخص وأنت ليس عندك علم كاف لإثبات أو نفى كلام هذا الشخص ، فمثلاً :
نحن لو أخبرنا شخصاً أن عدد أحرف اللغة العربية هو 28 حرف , ثم نظرنا إلى ردة فعل هذا الشخص , فإن ردة فعل هذا الشخص ستنحصر غالباً فى أمرين وهما :
- لو كان هذا الشخص يعرف اللغة العربية , فإنه سيقول لنا فوراً: (صدقتم و كلامكم صحيح ...) .
- ولو كان هذا الشخص أمياً وجاهلاً باللغة العربية , فإنه سيتردد فى الإجابة ويقول : (لا أعرف ...) .
وبالتالى من خلال المثال السابق , يتبين أن النبى كان على علم مسبق بوجود عذاب القبر بدليل أنه رد مباشرةً وأثبت صحة كلام العجوزين اليهودتيتين فى مسألة عذاب القبر....
وللمزيد من التوضيح ، فإننى سأضرب لكم مثالاً آخر من السنة النبوية الصحيحة :
عندما دخل الملاك جبريل مستتراً فى هيئة رجل غريب على النبى وكان عمر بن الخطاب جالساًً , فإن جبريل سأل النبىَ عن الإسلام والإيمان والإحسان , فلما أجاب النبى على جبريل فإن جبريل قال للنبى : صدقت ........ ، وهنا تعجب الصحابة من ردة فعل هذا الرجل الغريب (أي جبريل) , كيف يسأله وفي نفس الوقت يُؤكد كلامه ....
هل تعرفون لماذا تعجب الصحابة من ذلك ؟!
الإجابة : لأنه من المعروف أنه طالما أن ذلك الرجل كان يؤكد صحة كلام النبى , إذن هو كان على علم مسبق بكلام النبى ، ولهذا تعجب الصحابة من ذلك الرجل حتى أخبرهم النبى أن ذلك الرجل هو جبريل ، وقد جاء ليعلمهم أمور دينهم ...
2- النبى محمد أعطى وصفاً لعذاب القبر وهو أن البهائم تسمع صوت من يُعذَبون فى القبور. وهذا الوصف الذى أعطاه النبى لم يرد على لسان تلك العجوزين اليهوديتين , وبالتالى فإن النبى محمد كان يعلم أوصاف عذاب القبر من دون أن يسمع من تلك اليهوديتين....
إذن من خلال كل ما سبق يتبين أن النبى كان على علم مسبق بعذاب القبر قبل أن تأتى تلك اليهودتيتين للسيدة عائشة ..............
_____________
والآن سننتقل إلى الحديث الثالث لكى نقرأه بتركيز شديد ثم نعلق عليه :
[يُروى عن عائشة أن يهودية كانت
تخدمها فلا تصنع عائشة إليها شيئاً من المعروف إلا قالت لها اليهودية : (وقاك
الله عذاب القبر!) ، قالت عائشة : فدخل رسول الله عليَّ فقلتُ
: (يا رسول الله ، هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة ؟) ، فقال النبي : (لا ، وعم ذلك ؟ ) ، فقالت عائشة : هذه اليهودية ، لا نصنع إليها شيئاً من المعروف إلا قالت: (وقاك الله عذاب القبر!) ، فقال النبي: (كذبت يهود ، وهم على الله أكذب ، لا عذاب دون يوم القيامة .) ثم مكث النبي بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث ، فخرج ذات يوم نصف النهار مشتملاً بثوبه ، محمرة عيناه ، وهو ينادي بأعلى صوته: (القبر كقطع الليل المظلم - أيها الناس - لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ً
وضحكتم قليلاً - أيها الناس - استعيذوا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب
القبر حق.]
وبعد قراءة الحديث السابق بتركيز شديد , فإننا سنسأل سؤالاً :
هل النبى محمد سرق عقيدة عذاب القبر من تلك الخادمة اليهودية المذكورة فى الحديث السابق ؟!
الإجابة : لا لا لا .....فالنبى لم يسرق عقيدة عذاب القبر من تلك المراة اليهودية , والأسباب كالتالى :
1- لو كان النبى يتعلم ويأخذ عقيدة عذاب القبر من تلك اليهودية , فإنه لم يكن سيُكذِّبها فى الحديث السابق ، ولما كان النبى سيقول أن اليهود كاذبون على الله بل كان سيسكت ويستمع لكلامها ويسألها فى تفاصيل أكثر ...
2- لو كان النبى يأخذ علمه من تلك اليهودية , فإنه كان على الفور سيخرج ويحذر المسلمين من عذاب القبر ولكن الحديث يخبرنا أن النبى مكث فترة بعد ذلك حتى نزل عليه الوحى ...
3- الحديث يخبرنا أن النبى خرج وهو محمرة عيناه. وهذا يدل على أن النبى محمد لم يكن يدعي النبوة أو يُمثِّل حينها بل كان يتكلم بصدق بدليل أن ذلك ظهر على هيئته وشكله ...فنحن لو افترضنا أن النبى كذب وسرق تلك العقيدة من اليهودية , فإنه لم يكن سيصدقها فى نفسه ولم يكن ذلك سيؤثر على هيئته وعينيه لدرجة أنها احمرت.....
وأى شخص سيقرأ تلك الأحاديث الثلاثة السابقة بتركيز شديد سيتبين له أن النبى لم يأخذ عقيدة عذاب القبر من تلك النساء اليهوديات , بل إن الأحاديث نفسها لم تذكر أي شئ عن اقتباس النبى من تلك اليهوديات , ولكن أعداء الإسلام دائماً يخترعون أشياء على هواهم ....
___________
والآن , بعض الناس قد تتساءل وتقول :
لماذا النبى أنكر عذاب القبر فى قصة الخادمة اليهودية في الحديث الثالث, ولماذا النبى أثبت وجود عذاب القبر لليهود فى قصة المرأة اليهودية في الحديث الأول , و لماذا النبي أثبت وجود عذاب القبر لجميع العصاة من أهل القبور فى قصة العجوزين اليهودتيتين؟!
الإجابة بسيطة على هذا السؤال , و لكن يجب أن نفهم الأحاديث أولاً ونفهم سياق الأحداث التى مر بها النبي :
أولاً , النبى محمد كان يعلم بوجود عذاب القبر منذ أن كان فى مكة المكرمة قبل الهجرة , وكان الوحى قد نزل على النبى محمد وأخبره أن الكفار والعصاة من الأمم السابقة يتم تعذيبهم فى القبور مثل: آل فرعون وغيرهم.
ولكن الوحى لم يخبر النبى محمد أن عذاب القبر سيحدث أيضاً للعصاة من المسلمين , لذلك النبى محمد ظل معتقداً أن عذاب القبر مقتصر فقط على الأمم السابقة مثل قوم لوط وآل فرعون واليهود والنصارى وغيرهم
وعندما كانت تلك الخادمة اليهودية عند السيدة عائشة , فإن تلك الخادمة اليهودية كانت تدعو للسيدة عائشة بأن ينجيها الله من عذاب القبر وذلك بقولها: (وقاك الله عذاب القبر) , لذلك تعجبت السيدة عائشة ؛ لأن السيدة عائشة تعلم أن الوحي لم يقل - بعد - أن هناك عذاب فى القبر للعصاة من أمة محمد ولكن الوحي قال فقط أن عذاب القبر للعصاة من الأمم السابقة ، وبالتالى ظنت عائشة أنه لا حاجة إلى دعاء تلك المرأة اليهودية لها بالنجاة من عذاب القبر ....لذلك ذهبت السيدة عائشة للنبى محمد وسألته عن عذاب القبر وهى تقصد من سؤالها : هل سيكون هناك عذاب فى القبر على العصاة من المسلمين مثلما أن هناك عذاب في القبر للأمم السابقة؟؟؟
لذلك رد النبى عليها بالنفي حيث أن النبى أخبر السيدة عائشة بأنه لا يوجد عذاب فى القبر للمسلمين ، والعذاب الوحيد للمسلمين العصاة سيكون فى يوم القيامة وليس فى القبر ...وطبعاً هذا الرد كان بسبب أن الوحي لم يكن قد أخبر النبى -بعد- بأن العصاة من أمة محمد سيتعرضون لعذاب القبر أيضاً مثلما يحدث للأمم السابقة.
و من المعلوم أن الوحي كان ينزل كل فترة على النبى ؛ لكى يبلغه المزيد من الأمور عن الدين ويُنّزل عليه المزيد من الآيات القرانية حتى اكتمل الدين أخيراً ؛ فالوحي استغرق 23 سنة ينزل على النبى محمد ؛ لكى يبلغه كل يوم شئ جديداً .......
وطبعا النبى محمد كان ينفي -هنا- عذاب القبر للعصاة من أمة محمد فقط ولم يكن يقصد نفي عذاب القبر بشكل عام بالنسبة للأمم كلها بما فيها الأمم السابقة مثل: آل فرعون واليهود وغيرهم
والدليل على ذلك أنه لما جاءت امرأة يهودية إلى السيدة عائشة فى الحديث الأول وسألتها: هل عندكم عذاب فى القبر؟ , فرد النبى عليها وأخبرها أن عذاب القبر هو لليهود وذلك فى قوله {إنما تفتن يهود} ، وبالتالى نستنتج من الحديثين أن النبى محمد كان يقصد نفى وجود عذاب فى القبر على العصاة من أمته ، ولم يكن النبى يقصد نفي وجود عذاب القبر بشكل مطلق لجميع الناس ...........
والآن سننتقل إلى الجزئية الثالثة من الأحداث:
كان النبي ينفي وجود عذاب فى القبر على المسلمين من أمته ويثبت وجوده للأمم التى سبقت الإسلام مثل آل فرعون و اليهود و .... , لأن الوحى لم يكن قد أخبره - بعد - بأن الله كتب العذاب فى القبر على العصاة المسلمين أيضاً ....
و لكن الوحى نزل على النبى و أخبره أن الله - أيضاً - كتبَ عذاب القبر على العصاة المسلمين من أمة محمد , لذلك قام النبى بإبلاغ من حوله من الصحابة بما نزل عليه من الوحى فى هذه المسألة , و أخذ النبى ينادي بأعلى صوته ويقول :
{....أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر، إن عذاب القبر حق......}
وبعدها عاد النبي إلى البيت ودخل النبي على السيدة عائشة , فإنها أخبرته أن هناك عجوزين من اليهود حضرتا إليها وأخبرتاها أن أهل القبور يُعذَبون ...., فرد النبى محمد عليها و أخبرها أن كلامهما صحيح وأخبرها أن الوحى نزل عليه وأخبره أن المسلمين العصاة يُعذَبون فى القبور وذلك واضح فى قوله: { هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ
تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ.} فى الحديث الأول.
و الآن تعالوا - يا أخوة - نجمع الأحاديث كلها لكى نرتب الأحداث بشكل سليم :
كانت عجوز من يهود المدينة تقوم بخدمة السيدة عائشة ، وكانت كلما أحسنت السيدة عائشةُ إلي تلك العجوز , فإن تلك العجوز تدعو للسيدة عائشة بقولها: (وقاك الله عذاب القبر.)
ولما تكرر منها هذا الدعاء , قالت عائشة:
(أفي القبر عذاب لنا ؟)
قالت العجوز: نعم، أو ما بلغك أنكم ونحن والناس تفتنون وتُعذَبون في قبوركم؟
ودخل رسول الله ، فقالت عائشة: يا
رسول الله، أسمعت ما تزعم العجوز؟ تزعم أننا نفتن في قبورنا، ولم يكن الوحي
قد نزل بعذاب القبر على المسلمين العصاة ، فقال النبي: كذبت يهود. فليس على المسلمين العصاة عذاب في القبر بل في يوم القيامة، إنما المستحق للعذاب في القبر هم اليهود.
ومضت أيام وليال. ونزل الوحي أخيراً يخبر رسول الله بأن عذاب القبر حق على الجميع ومنهم المسلمون. ولما نزل
الوحي حينها ، كان النبي بين أصحابه، فلما انفصل عنه الوحي
نادى النبي بأعلى صوته : { أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر، إن عذاب القبر حق.}
قالت عائشة: أو ما سمعت يا رسول الله، هاتان العجوزان تزعمان أننا نعذب في قبورنا؟ فقال النبي: نعم ... صدقتا....., لقد أُوحي إليَّ - يا عائشة - أن عذاب القبر حق على الجميع ومنهم المسلمون العصاة .
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا