سفر التكوين الأصحاح الأول

 

اليوم هو الحلقة الثالثة من نقد الكتاب المقدس , و سنناقش معاً الأصحاح الأول من سفر التكوين.......
--------------------------
التكوين الأصحاح الأول :
9- وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء الى مكان واحد ولتظهر اليابسة وكان كذلك.
10- ودعا الله اليابسة أرضاً ومجتمع المياه دعاه بحاراً ورأى الله ذلك أنه حسن.

🔵 و نلاحظ - هنا - أن كاتب السفر يذكر لنا أن الرب قام بتجميع المياه فى مكان واحد ( مجتمع المياه ) , و بعد ذلك قام بتسمية ذلك المجتمع الواحد بالبحار , و من الغريب فعلاً أنه قام بتسمية مجتمع المياه الواحد (بالبحار) , و كان من المفترض أن يسمي مجتمع المياه الواحد بالبحر و ليس البحار................

ملحوظة :
حسب الأبحاث العلمية , فإن مجتمع المياه التى كانت تحيط باليابسة - فى بداية الزمن - كانت عبارة عن مياه مالحة و قلوية [1] , و هذه المعلومة سنحتاجها فيما بعد بالأسفل.
----------------------------------------------

التكوين - الأصحاح 1:

20 - وقال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء.
21- فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبّابة التي فاضت بها المياه كأجناسها وكل طائر ذي جناح كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن.
22- وباركها الله قائلا اثمري واكثري واملإي المياه في البحار وليكثر الطير على الأرض.
23- وكان مساء وكان صباح يوماً خامساً

🔵 نلاحظ أن سفر التكوين كان قد تكلم عن خلق مجتمع المياه المحيطة باليابس , و نحن قلنا من قبل أن مجتمع المياه كان مالحاً و قلوياً حسب المراجع العلمية , و بالتالى فإن المياه المتوفرة فى زمن الأرض الأولى كانت عبارة عن مياه مالحة ........
و نلاحظ أن الإصحاح الأول لم يذكر لنا أى شئ عن تكوّن المياه العذبة ( المطر مثلاً ) , أى أنه من المفترض أن الأسماك المالحة فقط هى التى كانت تعيش فى تلك المياه, و ليس الأسماك العذبة , مع العلم أن معظم الأسماك التى تعيش فى المياه العذبة لا يمكنها أن تعيش فى المياه المالحة و العكس صحيح , و بالتالى فإن ما جاء فى سفر التكوين الإصحاح الأول , العدد 21 يتناقض مع الحقائق العلمية لأن النص يخبرنا أن الرب خلق كل الأسماك الحية فى حين أن المياه التى كانت موجودة حينها كانت مياه مالحة , إذن فهل كانت الأسماك (ذات المياه العذبة) تعيش فى المياه المالحة ؟!

و بعض الناس قد يقولون أنه ربما تطورت الأسماك لتستطيع أن تعيش فى الماء العذب بعد ذلك , و أنا أرد عليهم و أقول أن مبادئ المسيحية تتعارض مع مبادئ نظرية التطور .....
 
بالإضافة إلى أن النص يذكر لنا أن الرب خلق الطيور و غيرها , و لكن العجيب هو أن الرب لم يذكر لنا أين هى مصادر المياه العذبة التى سترتوى منها تلك الطيور فى اليوم الخامس و غيرها من الحيوانات التى خُلقت فى اليوم السادس ؟!

و بالنسبة للنص رقم 21 , فإن ترجمة الفاندايك قالت : ( خلق الله التنانين العظام ) , و لكن باقى التراجم كتبتها هكذا : ( خلق الله الحيتان الضخمة ) , و لكنها كُتبت هكذا : ( وحوش البحر العملاقة ) فى معظم التراجع الإنجليزية مثل ترجمة :
R.S.V , Amp , A.S.V , B.B.E , C.E.V, G.N.B, J.P.S , R.V , N.R.S.V, ….

و عندما نرجع إلى الأصل العبرى فإننا سنجد أن الكلمة هى (אֶת־הַתַּנִּינִ֖ם ) و التى تعنى" تنانين"
و تتحدث دائرة المعارف الكتابية المسيحية عن كلمة( تنين ) - هنا - و تقول :
 
[ أول مرة تُذكر فيها كلمة التنانين فى الكتاب المقدس , جاءت فى القول : " فخلق الله التنانين العظام و كل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بها المياه كأجناسها ( تكوين 1 : 21 ) , و هى لا تدل على جنس معين من الحيوانات , إنما تشير إلى الزحافات الضخمة - بحرية كانت أو برية - بما فى ذلك الديناصورات المنقرضة و الوحوش البحرية أو الثعابين الضخمة ( أيوب 7 :12 , مز 148 : 7 ) ] [2]

و البابا شنودة الثالث و القمص أنطونيوس فكرى قالا بأن كلمة التنانين هى الديناصورات أو أشباهها ......
 
و طبعاً أنا اختلف معهم فى هذه النقطة , لأنه لو قلنا أن كلمة ( تنانين ) تشمل - أيضاً - وحوش و زحافات البر و الديناصورات المنقرضة , فإن هذا سيكون فيه مخالفة لمحتوى سفر التكوين , لأن سفر التكوين يخبرنا فى النص رقم 21 , 22 , 23 أن الرب خلق التنانين فى اليوم الخامس , و عندما نطلع على النص رقم 24 , 25 , فإننا سنجد أن الرب خلق وحوش الأرض فى اليوم السادس , و بالتالى لا يجوز أن نقول أن كلمة ( التنانين ) هنا تشمل الزحافات البرية و الديناصورات , لأنه من المفترض أن الزحافات البرية و الديناصورات البرية هى من وحوش الأرض التى خُلقت فى اليوم السادس حسب ما يقوله سفر التكوين , و كذلك لا يجوز أن نقول أن كلمة التنانين هنا تشمل ( الثعابين الضخمة ) , لأن الثعابين الضخمة تعتبر من وحوش البرية التى خلقها الله ( التكوين 3 : 1 ) , و التى كانت تمشى على أرجل لها إلى أن لعنها الله و مسخها و جعلها تمشى على بطنها ( التكوين 3 : 14 ) , و بالتالى نستنتج أن تلك الثعابين و الحيّات خُلقت فى اليوم السادس , و بالتالى فإن كلام أؤلئك الكهنة المسيحيين به أخطاء .....

----------
و عندما نرجع للنص رقم (30 ) فسنجد الاتى :
التكوين الإصحاح 1 :
[ 30 - ولكل حيوان الأرض وكل طير السماء وكل دبّابة على الأرض فيها نفس حية أعطيت كل عشب أخضر طعاماً وكان كذلك]

🔵 و هنا نلاحظ أن الرب بدأ فى إعطاء الغذاء للطيور فى اليوم السادس , و كان هذا الغذاء عبارة عن العشب الأخضر , و لكن العجيب أن الرب - فى اليوم الخامس - جعل تلك الطيور تكثر و تملأ الأرض أى أن تلك الطيور كانت تحيا و تتكاثر قبل أن تحصل على الطعام , مع العلم أن علماء المسيحيية يقولون أن اليوم الواحد من أيام خلق السماوات و الأرض فى سفر التكوين كان يعبر عن فترة أو مدة زمنية قد تمتد لمئات و الاف السنين .....
 
و بالتالى فإن الكتاب المقدس يخبرنا أن الطيور كان تحيا و تتكاثر فى اليوم الخامس , ثم أعطاها الرب طعاماً لها فى اليوم السادس أى بعد خلقها بمئات او الاف السنين.....
 
و أنا أتساءل : كيف عاشت تلك الطيور كل هذه الفترة الزمنية بدون أن يعطيها الرب طعاماً ......
بعض المسيحيين قد يقولون أن الرب خلق العشب و البقل و الشجر فى اليوم الثالث أى قبل خلق الطيور و سيستدلون على كلامهم بالنص الاتى :
التكوين الأصحاح 1:
12 فأخرجت الارض عشباً وبقلاً يبزر بزراً كجنسه وشجراً يعمل ثمراً بزره فيه كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن
13 وكان مساء وكان صباح يوماً ثالثاً
---
و أنا أرد عليهم و أقول :
أولاً : الرب خلق العشب و البقل و الشجر فى اليوم الثالث , و لكنه لم يجعل تلك الأشياء طعاماً للطيور إلا فى اليوم السادس كما يقول النص التالى :
 التكوين الأصحاح 1:
 30 ولكل حيوان الارض وكل طير السماء وكل دبّابة على الارض فيها نفس حية أعطيت كل عشب أخضر طعاماً وكان كذلك  
 31   ورأى الله كل ما عمله فاذا هو حسن جدا وكان مساء وكان صباح يوما سادساً 
 
🌑 و بالتالى ليس من المعقول أن نقول أن الطيور كانت تأكل من تلك النباتات منذ يوم خلقها فى اليوم الخامس , ثم أتى الرب و أعطاها ذلك النبات كطعام لها فى اليوم السادس... 
 
ثانياً : النص الذى يقول أن الأرض أخرجت عشباً و بقلاً و شجراً فى اليوم الثالث , يتناقض مع النص التالى :
التكوين - الأصحاح 2:
3 - وبارك الله اليوم السابع وقدسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً.
4- هذه مبادئ السموات والأرض حين خلقت يوم عمل الرب الإله الأرض والسموات.
5 كل شجر البرية لم يكن بعد في الأرض وكل عشب البرية لم ينبت بعد لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر على الأرض ولا كان إنسان ليعمل الأرض.
 
و من خلال النصوص السابقة يتضح أن شجر البرية و عشب البرية لم يكن قد نبت بعد من الأرض , لأن الرب لم يكن قد أمطر مطراً و لم يكن هناك إنسان ليزرع تلك النباتات...., و هذا - طبعاً - يتناقض مع النصوص الواردة فى سفر التكوين - الأصحاح الأول - العدد 12 , 13 
و بالتالى فإن هذا كافٍ لبيان أن تلك الطيور عاشت فترة من الزمن دون غذاء أو طعام , بالرغم من أنها كانت تتكاثر.... 
 ------
و إذا كان الرب قد أعطى العشب الأخضر للطيور كغذاء لها , إذن ما هو الطعام التى كان يتناوله الصقر و النسر و باقى الطيور التى تأكل اللحوم ؟!
 
____________________________________________

و فى النهاية , أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده و إن كان من سهو أو ذلل , فمنى و نرجو المسامحة عليه........

لا تنسونا من صالح دعائكم.
و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
____________________________________________

[1] : كتاب ( السماء + الأرض | الإحترار الكونى : العِلم المفقود ) للبروفسور / إيان بليمر , المنظمة العربية للترجمة , صفحة 386

[2] : كتاب ( دائرة المعارف الكتابية ) | المجلد الثانى | صفحة 402 | شرح كلمة "تنين" , "تنانين"
-----------------


صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا