مـــقدمــة:
في الحقيقة , لقد دخلت على جروب لمنكري السنة ولقد وجدت هذا الجروب يكتظ بأعداء الإسلام الحقودين ما بين مسيحي وملحد ورافضي ومنافق.
ولقد رأيت الكثير من منشورات أولئك الكفــار. وكانت شبهاتهم أســخف من السـخافة نفسها . ونحن سنرد لكم على شبهاتهم التي رأيناها في ذلك الجروب واحدةً تلو الأخري.
نبدأ على بركة الله تعالي ...........
--------------------------------------
المـــوضــوع :
1- لقد قامت امرأة كافرة منكرة للسُنة النبوية بالاستشهاد بالآية القرآنية التي تقول :
{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) } سورة النحل.
وبعد ذلك قالت تلك المرأة الكافرة بأن القرآن يبين كل شئ بالتفصيل وبالتالي لا حاجة للسُنة النبوية .....
وأنا أرد عليها وأقول :
أولاً :
الله أنزل القرآن الكريم على النبي محمد ؛ لكي يبين له الأشياء المتعلقة بالأوامر والنواهي والحلال والحرام ...... وكان من ضمن تلك الأوامر هي الأمر بإتباع النبي محمد والأخذ بسنته حيث قال الله تعالي :{قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)} سورة آل عمران.
{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)} سورة آل عمران.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)} سورة النساء.
{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (92)} سورة المائدة.
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1)} سورة الأنفال.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (20)} سورة الأنفال.
{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} سورة الأنفال.
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54)} سورة النور.
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)} سورة النور.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)} سورة محمد.
{أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} سورة المجادلة.
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)} سورة التغابن.
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)} سورة الأحزاب
*********
ونجد أن الله تعالي قد حذرنا من ترك كلام النبي محمد حيث يقول الله تعالي :
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) سورة النور.
من خلال ما سبق , نجد أن الله تعالي قد أمرنا بالأخذ بسُنة النبي محمد...
فلماذا إذن لم يأخذ منكرو السُنة الكفار بتلك الأوامر التي أنزلها الله في القرآن والتي هي جزء من جملة التبيان المذكورة في القرآن الكريم؟!
هل أنتم يا منكري السنة تأخذون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض كما فعل اليهـود من قبل؟!
بل الأدهى من ذلك أن منكري السُنة عندما وقعوا في هذه الورطة ، فإنهم حاولوا التهرب منها عن طريق تحريف آيات القرآن حيث أنهم زعموا أن كلمة (الرسول) في الآيات السابقة تعني القرآن !!
وطبعاً ، لا لا لا يوجد أي آية في القرآن تقول أن القرآن هو المقصود من كلمة (الرسول) بل إن القرآن نفسه قد أشار إلى أن المقصود بالرسول هو (النبي محمد) حيث يقول الله تعالى:
[مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ...29][الفتح]
[مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ..40][الأحزاب]
بل إن الله قد وصف الرسول بأنه أمّي كما ورد في سورة الأعراف 157 ، فهل يُعقل أن نقول على القرآن أنه أمّي يا منكري السنة الأغبياء؟!
_______________________________
ثانياً:
تلك المرأة الكافرة ارتكبت مغالطة كبيرة حيث أنها تبني استنتاجها على مقدمة غير صحيحة ؛ فتلك المرأة زعمت بأن (تبيان كل شئ) يكون فيه ذكر لكل الأشياء بالتفصيل ...... وهذا خطأ فاحــش ؛ لأن (بيان الأشياء) لا يشترط - دائماً - أن يكون فيه ذكر لتلك الأشياء بالتفصيل بل قد يتم تبيان تلك الأشياء ولكن بشكل مجمل بدون الخوض في التفاصيل. وأنا سأعطيكم مثال على ذلك :
قصة دخول أبي لهب النار هي من الأشياء التي بيَّنها الله في سورة المسد ....ولكن هنا يكمن سؤال :
هل هذه القصة مذكورة بشكل مجمل أم بشكل مفصل ؟!
الإجابة : هذه القصة ذُكرت بشكل مجمل وليس بشكل مفصل حيث أن سورة المسد لم تذكر لنا سبب دخول أبي لهب النار, ولم تذكر لنا السورة ما الذي فعله أبو لهب لكي يستحق العذاب, ولم تذكر لنا السورة اسم أبي لهب بالكامل واسم زوجته, ولم تذكر لنا السورة صلة القرابة بين أبي لهب والنبي محمد.
وكل ما سبق هو دليل كافٍ على أن تبيان الأشياء لا يشترط فيه ذكر الشئ بالتفصيل بل قد يُكتفي فقط ببيانه وذكره ذكراً مجملاً ...... لذلك فإن الله قد أمر النبي بمزيد من التفصيل والتوضيح للأشياء المذكورة بشكل مجمل حيث قال الله تعالى :
{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم (44)} سورة النحل.
ولو كان التبيان في القرآن على وجه التفصيل فقط , فإن الله لم يكن سيأمر النبي بتبيان ذلك الشئ للناس , ولكن نظراً لأن هناك - أيضاً - أشياء مُبيَّنة بشكل مجمل في القرآن الكريم فإن الله قد أمر النبي بتبيانها أكثر للناس وذلك من خلال السنة النبوية.
وأنا أود أن أضرب لك مثالاً صغيراً لكي أوضح لك بأن الشئ المبيَّن قد يحتاج إلى تبيان أكثر :
أنت - مثلاً - قد تفتح كتاباً في العلوم فتجد أن الكتاب يشرح ويبين آلية انقباض العضلة, ولكنك قد تحتاج إلى مزيد من الشرح والتبيان للكلام المكتوب فتلجأ حينها إلى معلم أو شبكة الإنترنت لمزيد من التبيان.
ومن خلال ما سبق , يتضح أن الشئ المبيَّن قد يحتاج إلى مزيد من التبيان , وبالتالي فإن القرآن قد يحتاج إلى مزيد من التبيان عن طريق السنة النبوية وعن طريق المعلم الذي يشرح القرآن وهو النبي محمد.
بالإضافة إلى أنني أود أن أضرب مثالاً صغيراً لكي أوضح لكم أن التبيان لا يشترط فيه ذكر التفاصيل بالكامل بل قد يكون تبيان الأشياء على وجه التفصيل وقد يكون على وجه الإجمال والإختصار:
أنت - مثلاً - عندما تطلب من مدرسك في المدرسة أن يبين لك آلية وكيفية تنقية الكلى للدم , فإن المدرس سيحاول أن يبين ويشرح كيفية تنقية الدم ......, ولكن المدرس لن يذكر لك كل التفاصيل بالكامل بل سيبين ويشرح لك هذه الآلية بشئ مجمل بدون الخوض في التفاصيل الكثيرة جداً........ ولو أن المدرس بيَّن لك الكيفية وشرحها لك بالتفصيل الممل, فإنه سيحتاج إلى عدة كتب مكونة من مئات الصفحات لكي يشرحها لك.
ومن هنا يتضح لنا أن تبيان الأشياء لا يشترط فيه دائماً ذكر جميع التفاصيل بل قد يتم ذلك على وجه الإجمال والإختصار.
الخلاصة : القرآن هو كتاب مبين , وفي نفس الوقت يحتاج إلى السُنة النبوية لمزيد من التبيين.
ثالثاً:
الله يبين مضمون كلامه ويبين الأشياء من خلال الرسل وخاصة النبي محمد حيث يقول الله تعالي :
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ 15} سورة المائدة
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 19} سورة المائدة
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 4 } سورة إبراهيم
ولو نظرتم في الآية الأخيرة , فستجدون أن الأنبياء السابقين كانوا يبينون للناس أيضاً. ومن المعلوم أنه كان هناك أنبياء لم ينزل عليهم كتاب سماوي مثل النبي صالح والنبي شعيب....وبالرغم من ذلك فإنهما كانا يبينان للناس.....
👆 وهذا يدل على أن التبيان لا يقتصر فقط على الكتب السماوية المكتوبة مثل القرآن بل قد يشير أيضاً إلى الوحي الشفهي مثل السنة النبوية.
فلماذا لا يريد منكرو السنة أن يستمعوا لكلام النبي حينما يبين ما نزل من القرآن الكريم؟!
رابعاً :
منكرو السنة يقولون أن الله أوضح كل شئ في القرآن بدليل استخدام القرآن للعبارة (كل شئ) .......
وأنا أرد عليهم وأقول :
عبارة (كل شئ) لها أكثر من مقصود ؛ حيث أنها قد ترد في القرآن الكريم ويكون المقصود منها كل شئ في العالم صغيره وكبيره ...... وقد يكون المقصود من عبارة (كل شئ) هو أشياء معينة فقط وليس كل الأشياء حيث أن الله - أحياناً - يطلق اللفظ على العام ولكنه يريد به الخاص ...., فمثلاً :
الله يقول في القرآن الكريم عن مصير قوم (عاد) :
{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ 25 } سورة الأحقاف
وطبعاً, ليس من المعقول أن نقول أن عبارة (كل شئ) هنا معناها كل الأشياء؛ لأنه لو كان الأمر كذلك, فإن هذا يعني أن الله قد جعل الرياح تدمِّر الهواتف وتدمِّر الكمبيوترات وتدمِّر أعمدة الإنارة وتدمِّرمساكن الناس التي تعيش في الصين أيضاً وغيرها من الأشياء.........وهذا مخالف للمقصود القرآني تماماً ؛ لأن المقصود هنا هو أن الله دمَّر أشياء معينة موجودة في المنطقة التي كان يعيش فيها قوم (عاد) وليس كل الأشياء في الوجود.
وبالتالي , يتبين لنا أن الله قد يطلق لفظ (كل شئ) على العام , ولكنه يريد به الخاص.
تعالوا نأخذ مثالاً آخر :
الله يقول في القرآن الكريم:
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ 44 } سورة الأنعام
وطبعاً
, ليس من المعقول أن نقول أن عبارة (كل شئ) معناها كل الأشياء لأنه لو كان
الأمر كذلك , فإن هذا يعني أن الله من الممكن أن يكون قد فتح عليهم باب
التكنولوجيا مثلاً , وهذا سيكون مخالف للمقصود القرآني....... لذلك فإن
عبارة (كل شئ) ليس المقصود منها كل الأشياء بل العبارة ذُكرت على سبيل
المجاز والإجمال وليس على سبيل التفصيل.
تعالوا بنا نأخذ مثالاً آخر :
يقول الله عز وجل في القرآن الكريم :
{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ 23 } سورة النمل
وطبعاً , ليس من المعقول أن ملكة سبأ قد مُنحت أشياء مثل الهواتف والسيارات الفاخرة....
وبالتالي , نستنتج أن عبارة (كل شئ) قد تأتي في السياق القرآني ولا يكون المقصود منها كل الأشياء بل العبارة تُطلق على سبيل المجاز والإجمال وليس على سبيل التفصيل..... وبالتالي نستنتج أن عبارة (تبياناً لكل شئ) لا يقصد بها أن كل التفاصيل موجودة في القرآن الكريم بل يقصد بها أن الله ذكر الأحكام في القرآن على عدة أشكال : إما بشكل مجمل مختصر أو بشكل مفصل بعض الشئ أو عن طريق الإحالة إلى السنة النبوية.مع العلم أن هذا الأسلوب قد ورد كثيراً في لغة العرب حيث أن العرب - أحياناً - كانوا يتلفظون بعبارة (كل شئ) ولكنهم لم يكونوا يقصدون منها جميع الأشياء بل كانوا يقصدون منها أشياء معينة ...فمثلاً:
الشاعر/ عمر بن أبي ربيعة هو أحد شعراء قريش المشهورين في شعر الغزل ....ولقد قال في قصائده ما يلي :
وَوالٍ كَفاها كُلَّ شَيءٍ يَهُمُّها ***** فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ
لاحظوا أن الشاعر أورد عبارة (كل شئ) لكي يخبرنا بأنه قد أحضر كل شئ لمحبوبته ولكنه - في الواقع - لم يحضر لها كل الأشياء فهو لم يُحضر لها نجوم السماء ولم يحضر لها تيجان ملوك أوروبا ولم يحضر لها هاتفاً خلوياً .....!!!
الشاعر البحتري كان من أشهر شعراء الدولة العباسية ,وكان شعره يسمى بسلاسل الذهب , ولقد أنشأ قصيدةً جاء فيها ما يلي :
وَسيلَ فَأَعطى كُلَّ شَيءٍ وَلَم يُسَل ***** لِكَثرَةِ جَدوى أَمسِهِ فَتَبَرَّعا
لو نظرتم إلى البيت السابق , فستجدون أن الشاعر استخدم عبارة (أعطى كل شئ) للدلالة على الكرم والجود بالرغم من أنه لم يتم إعطاء كل شئ في العالم حيث أنه لم يتم إعطاء أو التبرع بالكلى أو الكبد مثلاً.
ويقول الشاعر / أبو العلا المـعرى في أحد قصائده :
على كلّ شيءٍ تَهجُمونَ بجهلِكُم، ***** وأعياكُمُ يوماً، على رَشَدٍ، هَجم
وكما ترون , فإن الشاعر أبو العلا المعرى كان ينتقد بعض الناس ووصفهم بأنهم يهجمون على كل شئ بجهـلهم...... ولكن في الحقيقة هم لا يهجمون على كل شئ ؛ فهم - مثلاً - لا يهجمون على الدلافين ولا يهجمون على البطاريق ......!!!
ويقول الشاعر ابن نباتة المصري :
يفديك يا قاضي القضاة عليهم ***** من كل شيء تشتكي كل الورى
يخبرنا الشاعر بأن قاضي القضاة يشتكي من كل شئ .....ولكن في الحقيقة هو لم يكن يشتكي من كل شئ حيث أنه لم يشتكي من إنقطاع الكهرباء ولم يشتكي من وجود جلد يغطي جسده ولم يشتكي من وجود نجوم كثيرة في السماء.....وبالرغم من ذلك فإنه استخدم عبارة (يشتكي من كل شئ).
والشاعر اللبناني المسيحي / جبران خليل جبران قد استخدم نفس الأسلوب السابق في قصائده حيث يقول :
وكما رأيتم , فإنه الشاعر استخدم عبارة (سينسى كل شئ) بالرغم من أنه لن ينسى كل شئ ؛ فهو لن ينسى اسمه مثلاً...!!!
وأنت عندما تتحدث مع والدك فإنك تقول له : (لقد نفذت كلامك وأنجزت كل شئ يا أبي)
وطبعاً , أنت استخدمت عبارة (كل شئ) بالرغم من أنك لم تنجز كل شئ في العالم, فمثلاً أنت لم تقفز من على جبل إفرست....!!!
خامساً:
بعض الناس قد تتسائل وتقول : كيف يأمرنا الله بإتباع السنة النبوية المدونة في كتبٍ خارج القرآن الكريم في حين أنه أخبرنا بأنه بيَّن كل شئ في القرآن نفسه ؟!
وأنا أرد عليهم وأقول :
ليس هناك أي إشكال في ذلك. وهذا الأمر طبيعي ومألوف حيث أن القرآن الكريم يستخدم أسلوب الإحالة. وأسلوب الإحالة متعارف عليه في الأوساط العلمية وبيننا, فمثلاً : أنت عندما تشتري مرجعاً كبيراً في علم معين , فإنك ستجد إحالات داخل ذلك المرجع بالرغم من أن ذلك المرجع من المفترض أن يكون كاملاً ومفصلاً في ذلك العلم.....
أنت - مثلاً - لو فتحت المرجع الطبي الشهير المسمى: (clinical medicine) للطبيب/ parveen kumer والطبيب/ Michael clark , فإنك ستجد إحالات لمصادر أخري بعد كل شابتر لمزيد من التفاصيل..... فهل هذا ينفي كون هذا الكتاب مرجعاً كاملاً؟!
الإجابة : بالطبع لا لا لا , فذلك الكتاب يعتبر من أشهر المراجع الكاملة في علم طب الباطنة ولكنه مع ذلك يعتمد على أسلوب الإحالة..... وكذلك القرآن الكريم حيث أن القرآن الكريم قد بيَّن كل شئ وفي نفس الوقت يحيلك على السنة النبوية لمزيد من التفاصيل .
------------------------------------
الشبهة الثانية :
تلك المرأة الكافرة استشهدت بالآية القرآنية التي تقول :
{أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)} سورة الأنعام.
وبعد ذلك فإن تلك المرأة الكافرة قالت بأن القرآن الكريم قد أُنزل مفصلاً , وبالتالي لا حاجة إلى السُنة النبوية لكي تفصل أحكام القرآن الكريم .
وأنا أرد على تلك الكافرة وأقول :
أولاً :
تلك الكافرة قد بنت استنتاجها على مقدمات غير صحيحة حيث أنها زعمت بأن عبارة (هُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً) معناها أن القرآن يحتوي على التفاصيل الدقيقة للأحكام وبالتالي لا حاجة للسُنة النبوية. وأنا أرد عليها وأقول:
هذه الكافرة لا تربط آيات القرآن ببعضها لذلك فإنها لا تفهم الآيات بشكل صحيح. وأنا سأثبت لكم أنها لا تفهم القرآن بشكل صحيح:
إن كلمة (مفصلاً) لا لا لا تعني أن القرآن الكريم ذكر كل الأشياء بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة , والدليل على ذلك أن نفس هذه الكلمة ذُكرَت في آية أخرى حيث يقول الله تعالي :
{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ (133)} سورة الأعراف
لاحظوا هنا👆 أن القرآن الكريم وصف الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم بأنها آيات مفصلات وبالرغم من ذلك فإن القرآن الكريم لم يذكر لنا من أين جاء الجراد بالضبط.......هل أتي الجراد من السودان أم من ليبيا ........, وإلى أي جزء وصل الجراد من أرض مصر؟!
كل هذه التفاصيل لم يذكرها القرآن الكريم .
وأيضاً , القرآن الكريم لم يذكر لنا ما الذي حدث للناس بعد هجوم الجراد......!!!
والقرآن الكريم لم يذكر لنا كيف تكوَّن ذلك الدم ..... , وكيف وصل لأهل مصر ....., وكيف عــذَّب الله به أهل مصر في عهد فرعون.....!!!
والقرآن الكريم لم يذكر لنا عدد مرات حدوث الطوفان.....!!!
والقرآن الكريم لم يذكر لنا العام الذي حدثت فيه تلك الآيات....!!!
وتفاصيل أخرى لم يذكرها القرآن الكريم بالرغم من أنه وصف الآيات بأنها مفصلات...
لذلك فإن قارئ القرآن سيلجأ إلى كتب التفسير لمزيد من التفاصيل وخصوصاً أن تلك الآيات لم تتكرر في القرآن الكريم بهذا الشكل ولم تعط تفاصيل أكثر .
وبالتالي , نستنتج أن كلمة (مفصلاً) في القرآن الكريم لا يُقصَد بها ذكر كل التفاصيل.
هل تأكدتم الآن من أن منكري السنة الكفار يفسرون القرآن على هواهم....؟!
والآن , بعض الناس قد تسأل عن معني كلمة (مُفصَل) التي ذكرها القرآن الكريم؟!
كلمة (مُفصَل) لها معنيان ، وكلاهما صحيحان، وسأبرهن عليهما من القرآن الكريم نفسه...
المعنى الأول هو أن القرآن مُفصَّل؛ أي مُقسَّم إلى سور وأجزاء وفصول ، فعندما قال الله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ} ، فإن كلمة (مُفصَّلات) معناها مفصولة عن بعضها.
ومن الجدير بالذكر أن كلمة (مفصلات) مأخوذة من الفعل (فصَّل) ، وكلمة (فصَّل الشئ) تعني: قسَّم الشئ إلى أجزاء وفصول ، ولذلك فإن معنى الآية السابقة هو أن الله أرسل تلك العقوبات الخمسة على فرعون على فترات منفصلة ولم يرسلها عليه دفعةً واحدةً ؛ فالله أرسل العقوبات الخمسة على فرعون وكانت كل عقوبة مستقلة عن العقوبة الأخرى، فمثلاً: لو افترضنا أن الله أرسل الطوفان على فرعون في يوم 8 فبراير، فإنه الله لن يرسل عليه الجراد في نفس اليوم بل سيرسل عليه الجراد في يوم27 فبراير ... وهكذا.
وطبعاً ، الله لم يرسل تلك العقوبات دفعة واحدة ؛ لأنه أراد أن يعطي فرصة لفرعون في كل مرة؛ لكي يتراجع عن كفره وضغيانه.
وبالتالي ، عندما يقول الله عن القرآن أنه كتاب مُفصَّل ، فإن الله يقصد أن القرآن مُقسَم إلى سور وأجزاء.... وكل جزء وسورة من القرآن كانت تنزل على النبي كل فترة على مدار 23 سنة.
أما المعنى الثاني لكلمة (مُفصَّل) ، فإنه يشير إلى أن ألفاظ القرآن هي ألفاظ عربية بحيث كان العرب قادرين على فهمها ؛ لأنها بلغتهم العربية وليست بلغة أجنبية ؛ أي أن كلمة (مُفصَّل) تتحدث عن لغة القرآن وليس عن ذكر كل التفاصيل الدقيقة كما فهم منكرو السُنة الحمقى ، ولذلك سأقدم لكم بعض الأدلة من القرآن على أن المقصود من كلمة (مُفصَّل) هو أن ألفاظ القرآن الكريم ألفاظٌ عربية فصحى :
يقول الله تعالي :
{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)} سورة فصلت
الآية السابقة تقول أن الله قد فصَّل آيات القرآن ، ولكن كيف فصًّل الله الآيات ؟!
الإجابة : فصَّل الله الآيات بأن جعل القرآن عربياً ....
ويقول الله تعالي :
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ 44 } سورة فصلت
لو نظرنا إلى الآية السابقة , فسنجد أن الله يخبرنا بأنه لو كان جعل القرآن بلغة أجنبية فإن كفار قريش كانوا سيطلبون تفصيل القرآن ؛ أي سيطلبون أن يكون القرآن بلغة عربية لكي يفهمها العرب.
وبالتالي , نحن نستنتج أن معني (مفصلاً) هو أن الله جعل القرآن الكريم بلغة عربية لكي يفهمها العرب, وليس معنى (مفصلاً) أن الله ذكر كل الأشياء بالتفصيل المفصل .
بعض الناس قد تقول : إذا كان القرآن الكريم بلغة عربية يفهمها العرب , فلماذا إذن نلجأ إلى تفاسير القرآن الكريم ؟!
وأنا أرد على هذا الإعتراض البسيط وأقول :
نحن - كطلاب في المدارس - نقوم بإستلام كتب دراسية باللغة العربية ...... وبالرغم من أن الكتب الدراسية هي باللغة العربية التي نعرفها إلا أننا نحتاج - أيضاً - إلى مدرس خبير لكي يشرح لنا معني النصوص الموجودة في الكتب الدراسية سواء كانت تلك الكتب كتب تاريخ أو جغرافيا أو تربية دينية او غيرها ......
بعض منكري السنة سيحاولون إقناعنا بأنه ليس هناك حاجة إلى السُنة النبوية ؛ لأن القرآن به كل التفاصيل حيث أنهم قد يستشهدون بالآية القرآنية التي تقول :
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً 12} سورة الإسراء
وأنا أرد عليهم وأقول :
هذه الآية لم تحصر التفصيل في القرآن فقط بل إنها تكلمت بشكل عام وقالت بأن الله فصَّل كل شئ ..... وكلنا يعرف بأن الله قد يفصل الله الأشياء عن طريق وحي القرآن الكريم أو عن طريق وحي السنة النبوية المطهرة ؛ فكلاهما خبر نازل من الله لنا. وبالتالي من الخطأ أن يستشهد منكرو السنة النبوية بهذه الآية .
بعض منكري السُنة يستشهدون بالآية التالية :
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 111 } سورة يوسف
وأنا أرد عليهم وأقول :
نحن قلنا من قبل أن الله في القرآن الكريم قد أوجب علينا وأمرنا بطاعة النبي محمد ...... فلماذا يرفض منكرو السنة اعتبار ذلك الأمر جزءاً من التفصيل في القرآن؟!
بالإضافة إلى أن تفصيل الله للأحكام قد حدث من خلال النبي محمد حيث أن القرآن الكريم قد أحال الناس إلى السُنة النبوية الشريفة .....وبالتالي فإن الله قد فصَّل كل شئ من خلال النبي أيضاً.
بالإضافة إلى أن بعض العلماء قالوا بأن المقصود من عبارة (وتفصيل كل شئ) في الآية السابقة هو أن الله قام بتفصيل كل شئ فيما يتعلق بقصة يوسف حيث أن الآية الكريمة وردت في سياق الحديث عن قصة يوسف. ونحن لو اعتمدنا على هذا الرأي , فإن المقصود من الآية سيكون أن الله قد فصَّل لنا قصة يوسف وليس للآية أي علاقة بتفصيل الأحكام الشرعية ....... وبالتالي لا يمكننا الاستغناء عن السنة النبوية التي تفصل الأحكام الشرعية.
مع العلم بأننا قد ناقشنا - منذ قليل - ما هو المقصود من عبارة (كل شئ) في القرآن الكريم.وهناك شئ مهـــــم أود التنبيه عليه الآن وهو أن تفصيل الأشياء في القرآن نوعان : تفصيل مجمل وتفصيل مفصل....
أما بالنسبة للتفصيل المفصل : فهو الشئ الذي قد فصله وبيَّنه الله بكل تفاصيله في القرآن الكريم وليس هناك حاجة إلى المزيد من التفاصيل ....
وأما بالنسبة للتفصيل المجمل : فهو شئ قد ذكره الله في القرآن الكريم ولكن على نحو مجمل بعض الشئ , فمثلاً :
الله قد ذكر لنا إرسال الأنبياء الأولين وما حدث لهم وكيف تم تكذيبهم , ولكن الله لم يذكر لنا حكاية جميع الأنبياء ولم يذكر لنا تفاصيل حياتهم بأكملها بل تحدث عن حياتهم بشكل مجمل حيث يقول الله تعالي :
{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً 164 } سورة النساء
بل إن قصة النبي محمد مع قومه ذُكرت وفُصِّلت في القرآن الكريم على نحو مجمل حيث أن القرأن الكريم لم يخبرنا عن أسماء كفار قريش الذين آذوا النبي ولم يخبرنا عن الوقت الذي آذوا فيه النبي وهناك تفاصيل أخري لم يذكرها القرآن الكريم لذلك نحن نسمي هذا النوع من التفصيل : التفصيل المجمل.
والتفصيل المجمل يحتاج إلى مزيد من التفصيل ..... ولذلك نحن بحاجة إلى السنة النبوية لكي توضح لنا الأمور أكثر .
بعض الناس قد تستغرب من موضوع التفصيل المجمل .... لذلك أنا سأرد على هذا الإشكال بمثال بسيط :
أنت عندما تدخل إلى لجنة إمتحان الأحياء , فإنك ستجد ورقة الإمتحان تطلب منك أن تشرح وتُفصِّل آلية إنقباض العضلة ..... وطبعاً , ورقة الإمتحان ستضع لك مكاناً فارغاً من أجل الإجابة , وسيكون ذلك المكان المخصص للإجابة عبارة عن أسطر معدودة.
طبعاً , أنت ستبدأ في شرح آلية عمل العضلة وستكتب الإجابة في المكان المخصص والذي هو عبارة عن أسطر معدودة.
وطبعاً , ما فعلتَه أنت هو عبارة عن شرحٍ وتفصيلٍ مجملٍ لكيفية عمل العضلة وليس تفصيلاً مفصلاً ؛ حيث أنك لو شرحت كيفية عمل العضلة بأسلوب (التفصيل المفصل) , فإنك ستحتاج إلى عشرات الصفحات بل مئات الصفحات لذلك يقول الله تعالي :
{قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً 109 } سورة الكهف
وأنت بعدما تخرج من الإمتحان ستذهب إلى معلمك لتراجع معه الإمتحان , وستخبره بأنك قد ذكرت كل شئ في الإجابة وأجبتَ إجابة نموذجية مفصلة على السؤال...بالرغم من أنك - في الحقيقة - لم تكتب كل التفاصيل.
هل فهمتم الآن ما هو المقصود بأسلوب التفصيل المجمل الذي كان القرآن الكريم يستخدمه؟!
وأنا أود أن أسأل سؤالاً لتلك الكافرة منكرة السنة :
ما رأيك في هذه الآية القرآنية {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} , هل هي آية مفصلة أم غير مفصلة ؟!
*لو أجابت تلك الكافرة وقالت : نعم ...
إذن تلك الكافرة قد وجب عليها أن تطيع النبي محمد وتقتدي بسنته.
*ولو أجابت تلك الكافرة وقالت : لا...
إذن هي تُكذّب القرآن الكريم وتخالفه.
وهناك عدة أسئلة أخرى لمنكري السُنة الكفار :
*إذا كان القرآن الكريم ذكر كل شئ بالتفاصيل الدقيقة , فلماذا أمرنا القرآن الكريم بطاعة النبي إذن؟!
*ولماذا أمر اللهُ النبيَ بأن يبين للناس الذي اختلفوا فيه طالما أن القرآن يحتوي على كل شئ بالتفصيل حيث يقول الله تعالي : {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ (39) سورة النحل ؟!
*وهل القرآن الكريم ذكر أسماء الثلاثة أشخاص الذين تخلَّفوا عن الغزوة حيث يقول الله تعالي :
{وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 118 } سورة التوبة
--------------------------------
الشبهة الثالثة :
تلك المرأة الكافرة قالت بأن القرآن الكريم قد حوى كل التعاليم الدينية المهمة وليس هناك حاجة للسنة النبوية , ولقد استشهدت بالآية القرآنية التي تقول :
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ 38 } سورة الأنعام
وأنا أرد عليهما وأقول :
نحن لو تأملنا الآية فسنجد أن الآية تتحدث عن المعلومات التي كتبها الله في اللوح المحفوظ عن جميع الكائنات الحية أي أن الآية لا تتحدث عن القرآن الكريم ولا عن الأحكام الشرعية بل تتحدث عن شئ آخر وهو اللوح المحفوظ. وبالتالي نحن مازلنا بحاجة إلى السنة النبوية لتبيان الأحكام الشرعية.
وأنا سأقدم لكم الدليل على أن المقصود من كلمة (الكتاب) في الآية السابقة هو اللوح المحفوظ الذي كُتبت فيه مقادير كل شئ ... :
نفس مضمون الآية السابقة قد ورد في مواضع أخرى من القرآن الكريم حيث يقول الله تعالي :
{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ 59 } سورة الأنعام
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ 61 } سورة يونس.
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ 6 } سورة هود
{وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ 75 } سورة النمل
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ 3 } سورة سبأ
وطبعاً , من المستحيل أن يكون المقصود من (الكتاب) في الآيات السابقة هو القرآن ؛ لأن القرآن لا يذكر لنا أسماء جميع الكائنات الحية ولا يحتوى على المستقر والمستودع لكل كائن حي ولا يحتوى على أماكن وجود الحب في الأرض وغير ذلك من الأمور الغيبية التفصيلية.
بالإضافة إلى أن كلمة (الكتاب) قد تطلق على أشياء أخرى أيضاً مثل صحف أعمال البشر وغيرها حيث يقول الله تعالي :
{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ 69 } سورة الزمر
ونفس هذا الحيلة القذرة قد استخدمها منكرو السُنة في تحريف كلام الله حينما استشهدوا بقول الله تعالى: {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها}
وفي الحقيقة ، لو أننا وضعنا العبارة السابقة في سياقها فسنجد أن الآية تتحدث عن كتاب الأعمال الذي يحتوي على أعمال الكفار المجرمين ويعرضها عليهم يوم القيامة حيث يقول الله تعالى:
{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[49][الكهف]
لاحظ أن الآية ورد فيها عبارة {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً} ؛ أي أن الآية تتكلم عن الصحائف والكتب التي تحوي أعمال الكفار؛ لكي تكون شاهداً عليهم يوم القيامة، ولهذا سنجد أيضاً أن الآية التي قبلها مباشرة قد جاءت كالتالي:
{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً}[48][الكهف]
فهذا هو أسلوب منكري السنة في الكذب والاحتيال على الناس لنشر دينهم الصهيمسيحي الإلحادي...!
---------------------------
الشبهة الرابعة :
تلك المرأة الكافرة حاولت إقناعنا بوجوب الاكتفاء بالقرآن الكريم دون السنة النبوية فيما يتعلق بالأحكام الشرعية ، ولقد استشهدت تلك الكافرة بالآية القرآنية التي تقول :
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 51 } سورة العنكبوت
وأنا أرد على تلك الكافرة وأقول :
منكرو السنة النبوية هم كائنات حية تتميز بالتدليس والكذب واقتطاع النصوص من سياقها حيث أن تلك المرأة الكافرة قامت باقتطاع الآيات من سياقها لكي توهم القارئ بوجوب الأكتفاء بالقرآن الكريم فقط دون غيره.
عندما نرجع إلى الآية في سياقها فسنجد السياق كالتالي :
{وَقَالُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَـٰت مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّمَا ٱلآيات عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَاۤ أَنَا۠ نَذِیر مُّبِینٌ * أَوَلَمۡ یَكۡفِهِمۡ أَنَّاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ یُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَرَحۡمَة وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡم یُؤۡمِنُونَ}
لو تأملنا في الآيات السابقة , فسنجد أن كفار قريش طلبوا آيات أو علامات تثبت نبوة النبي محمد , فرد الله عليهم بإستنكار وقال : أليس القرآن الكريم علامةً كافيةً على صدق النبي محمد ، وخصوصاً أنه كتابٌ معجز في بلاغته ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثله؟!
وطبعاً ، المقصود هنا من عبارة (آيات من ربه) هو علامات إلهية ، وقد ورد هذا الأسلوب في كثير من النصوص القرآنية مثل قول الله تعالى:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ 190 } سورة آل عمرانإذن من خلال ما سبق , نجد أن المقصود من الآية التي استدلت بها تلك المرأة هو أن بلاغة القرآن الكريم هي دليل واضح ومعجزة صريحة وعلامة كافية على نبوة النبي محمد ....وبالتالي , فإن الآية لم لم لم تقصد وجوب الإكتفاء بالقرآن الكريم دون السنة النبوية فيما يتعلق بالأحكام الشرعية, والآية أصلاً لم لم لم تتحدث عن الأحكام الشرعية بل الآية كانت تتحدث عن معجزة القرآن الكريم التي تكفي وحدها لإثبات نبوة النبي محمد .
-------------------------------------
الشبهة الخامسة:
تلك المرأة الكافرة حاولت إنكار وجود شئ اسمه (سُنة النبي محمد) , وقالت بأنه يوجد شئ فقط اسمه (سُنة الله) , واستشهدت تلك المرأة الكافرة بالآية التي تقول :
{ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً 43 } سورة فاطر
وأنا أرد عليها وأقول :
منكرو السنة هم كذابون يلجأون إلى اقتطاع النصوص من سياقها .
نحن لو قرأنا الآية السابقة من بدايتها , فسنجد ما يلي :
{ اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً 43 } سورة فاطر
عندما نتأمل الآية السابقة , فسنجد أن الله تحدث عن سُنة الأولين , والمقصود من سُنة الأولين هو العذاب الذي يبعثه الله على كل أمة كافرة معاندة ...... وطبعاً , الله قد نسب تلك السُنة إلى الأولين في البداية ثم نسب تلك السُنة إلى نفسه بعد ذلك فقال (سُنة الله) ثم أخبرنا الله بأن (سُنة الله) ليس لها تبديل وليس لها تحويل..... والمقصود من ذلك هو أنه لا يسطيع أي كافر أن يبدل أمر الله أو قضاءه ولا يستطيع أي كافر أن يحول العذاب عن نفسه إلى غيره.
من خلال ما سبق , نلاحظ أن الآيات تتحدث عن عقوبة الله التي فرضها على الأمم الكافرة السابقة , ولا تتحدث الآيات عن الأحكام أو التعاليم الشرعية.
هذا هو المقصود من الآيات ولكن منكري السنة الكفار يتعمدون الكذب واقتصاص النصوص من سياقها.
مع العلم أن سُنة الله قد أطلقت - أيضاً - على الرسل حيث يقول الله تعالي :
{سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً 77 } سورة الإسراء
فهل سيتوقف منكرو السنة عن التدليس بعد هذه الفضيحــة ؟!
----------------------
الشبهة السادسة :
تلك المرأة الكافرة تخبرنا بأن سُنة النبي قد مضت وذهبت أيامها ولسنا بحاجة إليها الآن . وهذه المراة الكافرة تستشهد على كلامها بالآية التالية :
{ سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ 85 } سورة غافر
وأنا أرد عليها وأقول :
منكرو السنة النبوية يقتطعون الآيات من سياقها حيث أننا لو قرأنا الآية من بدايتها فسنجدها هكذا :
{فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ 85 } سورة غافر
لاحظوا أن الآيات هنا تتكلم عن بأس الله وعذابه للأمم الكافرة التي لم تنفعها التوبة بعد فوات الأوان. بالإضافة إلى أن الله قد وصف بأسه وعذابه بأنه (سُنة الله).....وبالتالي نستنتج أن الآيات تتكلم عن عذاب الله وليس عن التعاليم والأحكام الشرعية.
وعبارة ( قد خلت في عباده) معناها : أي التي أصابت الأمم السابقة .....وليس معناها أنها انتهت وذهبت.
الله ذكر نفس مضمون الآية السابقة في موضع آخر من القرآن حيث يقول الله تعالي :
{سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً 62 } سورة الأحزاب
وأيضاً , تلك المرأة الكافرة تناقض نفسها حيث أنها أخبرتنا في الشبهة السابقة بأنه لا يوجد شئ اسمه (سنة النبي) بل يوجد شئ اسمه (سنة الله) وهي القرآن الكريم.....ثم ها هي تقول لك أن سنة النبي قد مضت وذهبت وتستشهد على كلامها بالآية التي تحتوي على عبارة ( سنة الله) .....
ما هذا العقل المريض ؟!
بل الأدهي من ذلك أنها هكذا تطعن في القرآن الكريم نفسه ؛ لأنها تقول أن (سُنة الله) قد مضت وذهبت.
-------------------------
الشبهة السابعة:
تلك المرأة الكافرة تقول أنه لا يوجد شئ اسمه (حديث نبوي) بل القرآن هو فقط من يطلق عليه لقب (حديث).... بالإضافة إلى أنها تقول بأنه لا ينبغي الإيمان بأي حديث آخر غير القرآن الكريم ....ولقد استشهدت تلك الكافرة بالآية التي تقول :
{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ 6 } سورة الجاثية
وأنا أرد على تلك الكافرة وأقول :
كلمة (حديث) تطلق على الكلام , ولذلك فإن هذا اللقب ليس خاصاً بالقرآن الكريم فقط .....بل إن القرآن الكريم نفسه قد استخدم لقب (حديث) مع أشياء أخرى منها ما يلي :
1- كلام النبي مع زوجاته..... حيث يقول الله تعالى :
{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ 3} سورة التحريم
2- كلام الصحابة فيما بينهم .......حيث يقول الله تعالي :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ .......53} سورة الأحزاب
3- الغناء أو الكلام الملهي عن ذكر الله .....حيث يقول الله تعالي :
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ 6 } سورة لقمان
4- ســخرية الكفار والمنافقين من القرآن الكريم ...حيث يقول الله تعالي:
{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً 140 } سورة النساء
5- الرؤيا في المنام .....حيث يقول الله تعالي :
{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ 6 } سورة يوسف
وبالتالي , نستنتج أن كلمة (حديث) قد تطلق على عدة أشياء وليس على القرآن الكريم فقط.
وأما بالنسبة للآية التي تقول :
{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ 6 } سورة الجاثية
هذه الآية لم تنكر حجية الحديث الشريف بل إن تلك الآيات كانت تتحدث عن الكفار الذين رفضوا القرآن الكريم حيث أن الله يقول مستنكراً : ( إذا كان هؤلاء الكفار قد كفروا بآيات الله العظيمة يا محمد , فهل تتوقع منهم وهل تنتظر منهم أن يؤمنوا بأي شئ آخر بعد ذلك}
وسأبسط لك معني الآية السابقة بمثال بسيط :
افترض معي أن هناك شخص يســب والديه ويعاملهم بقسوة , لذلك أنت تقول في نفسك : (إذا كان هذا الشخص يسـب والديه فهل تتوقع منه أن يحسن معاملة من هم دون والديه ؟!)
وبالتالي , فإن الآيات السابقة لم تنكر حجية السُنة النبوية وليس فيها أي دليل على عدم وجوب الأخذ بالسنة النبوية , ولكن - للأسف - منكرو السنة الكذابون دائماً يحرفون معني هذه الآية لكي توافق هواهم .
----------------------------
الشبهة الثامنة :
تلك المرأة الكافرة تقول بأننا لسنا بحاجة إلى كتب لتفسير القرآن الكريم ؛ لأن الآيات القرآنية قد نزلت بيِّنة وواضحة , ولقد استشهدت تلك الكافرة بالآية القرآنية التي تقول :
{وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ 99 } سورة البقرة
وأنا أرد عليها وأقول :
أولاً :
إذا كان إدعاؤك صحيحاً فعلاً , فأنا أطلب منك أن تفسري هذه الآية بنفسك دون الرجوع إلى تفاسير : { فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ 3 } سورة ص
ثانياً :
الله أنزل آيات بينات على النبي عيسى , وبالرغم من ذلك فإن النبي عيسى كان يبين للناس الذي اختلفوا فيه..... أي أن الناس في عهد المسيح لم يكتفوا فقط بالآيات البينة بل أيضاً كانوا يستمعون إلى المسيح لكي يبين لهم ويستفهموا منه....
يقول الله تعالى :
{وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ 63 } سورة الزخرف
لو كانت الآيات بلا حاجة إلى تفسير كما يزعم منكرو السنة الكفار , إذن لماذا النبي عيسى كان يبين لهم؟!
والله طلب من النبي محمد أن يبين للناس ما جاء في الذكر ...حيث يقول الله تعالي :
{ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 64 } سورة النحل
{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون 44 } سورة النحل
فلو كان القرآن الكريم بلا حاجة إلى تفسير .....إذن لماذا أمر الله النبي محمد بأن يبين للناس ما نزل إليهم؟!
بل إن الله نفسه كان يبين معاني القرآن ويفسرها للنبي محمد بعدما كان القرآن الكريم ينزل على النبي محمد ...حيث يقول الله تعالي :
{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 18 ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ 19} سورة القيامة
فلو كانت الآيات القرآنية بلا حاجة إلى تفسير كما يزعم منكرو السُنة الكفار , إذن لماذا الله كان يبين القرآن الكريم للنبي محمد بعدما ينزل القرآن عليه؟!
ثالثاً:
معني عبارة (الآيات البينات) هو أن الله أنزل براهين ظاهرة تدل على صدق نبوة النبي محمد أي أن عبارة (الآيات البينات) تتحدث عن الححج والبراهين الدالة على صدق النبوة. وهذه العبارة (الآيات البينات) لا لا لا تتحدث عن إمكانية تفسير النصوص القرآنية أو فهمها بدون اللجوء إلى تفاسير خارجية مثل تفسير الطبري.
والدليل على كلامي السابق هو أن القرآن استخدم كلمة (البينات) مع الأنبياء السابقين مثل النبي نوح أو صالح أو هود أو شعيب أو يوسف بالرغم من أن الله لم ينزل عليهم كتاب أو نصوص أصلاً, فمثلاً:
يقول الله تعالي :
{تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ101 } سورة الأعراف
{أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ 70 } سورة التوبة
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ 13 } سورة يونس
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ 74 } سورة يونس
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ .... 9 } سورة إبراهيم
{وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ 34 } سورة غافر
بالإضافة إلى أن الله قد أعطي موسى تسع آيات بينات وكان هذا قبل نزول نصوص التوراة عليه حيث يقول الله تعالي :
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً 101 } سورة الإسراء
{فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ 36 } سورة القصص
وكل ما سبق هو دليل كافٍ على أن عبارة (الآيات البينات) لا لا لا تتحدث عن إمكانية تفسير النصوص أو فهمها بدون اللجوء إلى تفاسير خارجية بل العبارة تتحدث عن الحجج والبراهين الظاهرة التي أنزلها الله على أنبياءه لكي تثبت صدق النبوة.
وأيضاً قد تطلق عبارة (آيات بينات) على الآثار والأماكن حيث يقول الله تعالي :
{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ 97 } سورة آل عمران
وأنا عندي دليل آخر على أن الآية {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ} لا تتحدث عن تفسير الآيات أو إمكانية فهمها بدون تفاسير خارجية بل هي تتحدث عن الحجج والبراهين التي تثبت صدق النبي محمد :
لقد أورد الطبري بعض الروايات التي تبين سبب نزول الآية السابقة:
١٦٣٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة مولى ابن عباس، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال ابن صوريا الفِطيوني لرسول الله ﷺ: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك بها! فأنزل الله عز وجل: ﴿ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون﴾ !
١٦٣٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: قال ابن صوريا لرسول الله ﷺ، فذكر مثله.
وكما ترون, فإن ابن صوريا قد طلب آية بيِّنة من النبي. والمقصود من الآية هنا ليس هو النص القرآني في حد ذاته بل المقصود هو دليل وحجة على نبوة النبي محمد؛ لأنه ليس من المعقول أن ينكر ابن صوريا وجود نصوص قرآنية ويطالب بالإتيان بها في حين أنه كان هناك عشرات النصوص القرآنية التي كانت قد نزلت على النبي محمد مسبقاً.
إذن ابن صوريا كان يطلب دليل ظاهر على صدق النبي محمد ولذلك فإن الله قد أنزل معلومات سرية خطيرة على النبي محمد وهذه المعلومات قد فضــحت اليهــود مما جعلها كفيلة بأن تكون حججاً ظاهرة على صدق النبي محمد ........ولذلك ستلاحظون أن هذه الآية قد جاءت في سياق فضــح اليهـود وفــضح أفعالهم على مر التاريخ.
الخلاصة : المقصود من عبارة (آيات بينات) هو دليل ظاهر على صدق النبي محمد. والعبارة لا لا لا تقصد أبداً إمكانية تفسير النصوص القرآنية بدون الحاجة إلى تفاسير خارجية مثل تفسير الطبري .....
وهناك شئ آخر مهم ينبغي التنبيه عليه وهو أن الحجة الظاهرة الدالة على صدق النبي لا لا لا يشترط فيها أن تكون سهلة الفهم بل أحياناً قد تحتاج تلك الحجة البينة الظاهرة إلى تفسير خارجي لتوضيح معناها..... فمثلاً :
كتب دلائل النبوة تحتوي على حجج ظاهرة وبينة تدل على صدق النبي محمد ولكن بعض الناس قد يقرأون هذه الكتب والمؤلفات ولا يفهمون معني الكلام المكتوب فيها لذلك هم سيلجأون إلى بعض الشيوخ المتخصصين لمعرفة الكلام المكتوب .
وبالتالي نستنتج أن الحجة الواضحة والآية البينة لا لا لا يشترط فيها أن تكون سهلة الفهم بل قد تحتاج إلى تفسير وبيان من شخص متخصص.
وأما بالنسبة للآية التي تقول :{رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ... 11 } سورة الطلاق
فهذا الآية تقصد أن آيات القرآن تبين للناس الحق من الباطل ولكن الآية هنا لا تتحدث عن إمكانية فهم الآيات القرآنية بدون الحاجة إلى تفاسير خارجية .....
مع العلم بأن الشئ الذي يفصل بين الحق والباطل لا لا لا يشترط فيه أن يكون فهمه سهلاً فمثلاً :
أنت قد تقرأ كتاب طبي يوضح لك ما هي الأساليب الصحيحة للتعامل مع حالات التسمم وما هي الأخطاء التي يرتكبها الأطباء في التعامل مع حالات التسمم........ وبالرغم من أن الكتاب يبين الأساليب الصحيحة من الخاطئة إلا أنك قد لا تفهم معني الكلام المكتوب في الكتاب وبالتالي أنت ستلجأ إلى متخصص لكي يشرح لك الكتاب.
وبالتالي نستنتج أن الأشياء المبينات لا لا لا يشترط فيها أن تكون سهلة الفهم بل قد تحتاج إلى شخص متخصص للمساعدة على فهمها.
رابعاً :
التفاسير القرآنية الخارجية نابعة من مصدرين وهما النقل والعقل ...
*أما بالنسبة للنقل , فإن الله أمر النبي محمد في القرآن الكريم بأن يبين القرآن للناس , ولقد تعلم الصحابة تفسير القرآن من النبي ثم نقلوه إلى التابعين وهكذا حتي وصل التفسير إلى كتب المفسيرين.
*وأما بالنسبة للعقل , فنحن مكلفون بالتدبر في القرآن الكريم لمحاولة تفسير معانيه حيث يقول الله تعالي :
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً 82 } سورة النساء
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا 24 } سورة محمد
--------------------------
الشبهة التاسعة:
تلك المرأة الكافرة تقول أنه يمكن فهم القرآن الكريم بدون الحاجة إلى علماء أو شيوخ , ويمكن لأي شخص عامي عادي أن يفهم القرآن وذلك لأن الله قد يسَّر القرآن للناس .......وتلك المرأة الكافرة تستشهد على كلامها بالآية التالية :
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ 17 } سورة القمر
وأنا أرد عليها وأقول :
منكرو السُنة الكفار لا يفهمون معاني القرآن الكريم بالشكل الصحيح , ونحن سنحاول أن نشرح لهم مقصود الآية السابقة عن طريق طرح بعض الأسئلة :
كيف يسَّر الله القرآن ...ولمن يسَّر الله القرآن؟
والإجابة على هذين السؤلاين هي كالتالي :
الله يقول في القرآن الكريم :
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً 97 } سورة مريم
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ 58 } سورة الدخان
وبالتالي من خلال ما سبق , نجد أن الله قد يسَّر القرآن بلسان النبي محمد . ولسان النبي محمد كان لساناً عربياً أصيلاً حيث يقول الله تعالي :
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ 12 } سورة الأحقاف
وبالتالي , نحن نستنتج أن الله قد يسَّر القرآن الكريم لكل من يجيد اللسان العربي الأصيل , ومعرفة اللسان العربي الأصيل شرط مهم في يسر القرآن علينا.
وطبعاً كلنا نعرف أن معظم الناس - اليوم - لا يتحدثون اللغة العربية الأصيلة بل يتحدثون بالعامية الركيكة, وهناك الكثير من الناس الذين لم يدخلوا المدارس ولم يتعلموا...... وبالتالي , فإن القرآن الكريم لن يكون يسيراً عليهم.
بالإضافة إلى أن اللغة العربية الموجودة حالياً ليست هي اللغة العربية الأصيلة التي كانت موجودة في زمن النبي محمد بل هي لغة عربية مبسطة..... وبالتالي سيكون هناك العديد من الألفاظ القرآنية التي لن نفهم معانيها بوضوح مثل كلمة (صرة), (سنسمه), (زنيم), (قطنا), (مناص), (قسورة), (قلى), (سجى), (الأبتر), (ليصرمنها), (الماعون), (العهن), (ضبحا), (كنود), (كَبَد), (آنية), (غثاء), (أحوى), (انكدرت)........
بل إن هناك بعض الألفاظ والكلمات والعبارات القرآنية التي يفهمها الناس بالخطأ وذلك لعدم تعمقهم باللغة العربية الأصيلة مثل عبارة: (جابوا الصخر), (وإذا أظلم عليهم قاموا) ......
وبالتالي , نحن نحتاج إلى علماء وشيوخ ومفسرين متخصصين في القرآن؛ لكي يبينوا لنا معاني القرأن الكريم حسب اللسان العربي الأصيل.
والآن تعالوا بنا ننتقل إلى الإجابة على السؤال الثاني وهو (لمن يسَّر الله القرآن؟)
القرآن الكريم يقول :
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ 17 } سورة القمر
من خلال الآية السابقة , نلاحظ أن الله قد يسَّر القرآن الكريم في حالة التذكر. وحالة التذكر يكون لها شروط معينة وهي أن يكون المتذكر من أولي الألباب حيث يقول الله تعالي :
{يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ 269 } سورة البقرة
{هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ 7 } سورة آل عمران
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ 29 } سورة ص
{أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ 19 } سورة الرعد
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ 9 } سورة الزمر
بالإضافة إلى أن حالة التذكر تشترط الإيمان حيث يقول الله تعالي :
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 51 } سورة العنكبوت
بالإضافة إلى أن حالة التذكر تشترط أن يكون قلب المتذكر قلباً نظيفاً منيباً لله حيث يقول الله تعالي :
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ 13 } سورة غافر
{تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ 8 } سورة ق
{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً 73 } سورة الفرقان
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ 37 } سورة ق
بالإضافة إلى أن التذكر يكون للشخص الذي يخاف وعيد الله حيث يقول الله تعالى :
{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ 45 } سورة ق
وعندما أرسل الله القرآن الكريم ليكون ذكراً للعالمين فإنه اشترط أن يكون التذكر لمن يريد الاستقامة بصدق حيث يقول الله تعالي :
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ 28 } سورة التكوير
وبالتالي , نستنتج أنه بدون الشروط السابقة لن يحدث التذكر, ولذلك يقول الله تعالي :
{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ 62 } سورة النمل
الخلاصة :
الله جعل القرآن الكريم كتاباً يسيراً ولكن بشروط وهي :
1- أن يكون قارئ القرآن الكريم متقناً للغة العربية الأصيلة.
2- أن يكون قارئ القرآن الكريم من أولي الألباب.
3- أن يكون قلب القارئ قلباً نظيفاً تقياً منيباً خائفاً من عذاب الله.
وبغير الشروط السابقة لن يكون القرآن يسيراً لذلك نحن نجد المسيحيين والملاحدة لا يفهمون القرآن جيداً وذلك لأنهم ليس عندهم علم كافٍ باللغة العربية الأصيلة, بالإضافة إلى أنهم لا يريدون الإستقامة ولا يبتغون الإيمان الصحيح بل يسعون وراء إثبات معتقداتهم الفاسدة بأي طريقة حتي لو كانت على حساب القرآن الكريم.......وأما بالنسبة لمن يبحث عن الإيمان الصحيح فإنه حتماً سيفهم القرآن الكريم .
بالإضافة إلى أن منكري السُنة الكفار ينفون عذاب القبر ويقولون أن المسلم وغير المسلم سيدخلون الجنة وبالتالي هم ليس عندهم أي عذاب أو وعيد.........وهذا القول يجعل منكرو السُنة يخرجون من دائرة تيسير القرآن الكريم نظراً لأنهم لم يلتزموا بشرط الخوف من الوعيد......بل إن الكثير من منكري السنة يتحايلون في إباحة الحرام الذي حرمه الله مثل الزنـا, وذلك عن طريق تأويل القرآن على هواهم. وهذا هو ديدن أصحاب المذاهب الباطنية.
وهناك شئ آخر أود أن أذكره وهو أن تلك المرأة الكافرة ارتكبت مغالطة كبيرة حيث أنها تقول أن تيسير القرآن الكريم يجعلنا نترك التفاسير الإسلامية....
وأنا أرد عليها وأقول :
كلامك خطأ؛ لأن تيسير القرآن الكريم لا لا لا يشترط ولا يعني أننا يجب أن نكتفي بالقرآن الكريم فقط ...فمثلاً:
أنت قد تكتب موضوع معين بأسلوب مبسط ولكن هذا الموضوع لا يذكر كل التفاصيل المطلوبة.
وبالتالي , نحن بحاجة إلى تفاسير إسلامية من أشخاص ينطبق عليهم الشروط السابقة, وتلك التفاسير الإسلامية ستبين لنا معاني القرآن وتبين لنا التفاصيل التي لم يذكرها القرآن الكريم.
بالإضافة إلى أن التفاسير الإسلامية تمنع الزنادقة من تفسير القرآن على هواهم كما يحدث في كل زمان وكل مكان......حيث أنه بالرغم من يسر القرآن إلا أن الزنادقة سيؤولون معاني القرآن على هواهم.
--------------------------
الشبهة العاشرة :
تلك المرأة الكافرة تقول أنه ليس هناك حاجة إلى السنة النبوية أو إلى التفاسير الإسلامية لأن الآيات القرآنية هي أحسن تفسيراً منهم ...ولقد استشهدت على كلامها بالآية القرآنية التي تقول :
{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً 33 } سورة الفرقان
وأنا أرد عليها وأقول :
أولاً:
الآية ذكرت أن الحق الذي جاء به الله هو أحسن تفسيراً من الأمثال التي يذكرها كفار قريش ...... أي أن الآية لم تنكر الحاجة إلى التفاسير الإسلامية . والآية لم تتحدث أصلاً عن التفاسير الإسلامية بل الآية ذكرت مقارنة بين أمثال قريش والقرآن الكريم .
ثانياً:
الآية القرآنية السابقة تكلمت عن وحي الله الذي جاء به إلى نبيه محمد , ولقد وصف اللهُ ذلك الوحي بصفتين وهما أنه (حق وأحسن تفسيراً).......ولكن اللافت للنظر حقاً هو أن الآية لم تقصر الصفتين على القرآن الكريم فقط بل الآية قد أطلقت الصفتين بشكل عام على كل ما جاء به الله إلى النبي محمد. ونحن - كمسلمين - نؤمن بأن القرآن جاء من عند الله , ونؤمن بأن تعاليم السنة النبوية جاءت من عند الله , ونؤمن بأن الأحاديث القدسية جاءت من عند الله ؛ لأن النبي محمد يقول : [ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه]
بإختصار , نحن نؤمن بأن كل ما جاء من عند الله هو حق وأحسن تفسيراً سواء كان هذا الشئ هو القرآن أو التعاليم الشفهية للنبي محمد أو الأحاديث القدسية .
وبالتالي , نستنتج أنه من المغالطة ومن الخطأ أن يستشهد منكرو السنة الكفار بهذه الآية حينما يريدون أن يلغوا السُنة للنبوية والتفاسير الإسلامية.
والآن , أنا سأثبت لكم أن الله قد يوحي إلى أنبياءه بتعاليم شفهية بدون إنزال كتاب من عنده:
يقول الله تعالي :
{ فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64)} سورة الحجر
لاحظوا أن الآية السابقة استخدمت لفظ (جئناك) , بالإضافة إلى أنها وصفت ذلك الوحي بأنه حق . وطبعاً , كلنا يعرف أن النبي لوط لم ينزل عليه كتاب سماوي ......
وبالتالي , نستنتج أن الله وصف الأوامر الشفهية المرسلة للنبي لوط بأنها حق وأنها جاءت من الله.
ونفس الاستنتاج السابق يمكن تطبيقه على النبي محمد حيث أن القرآن هو حق من الله والسنة النبوية (الأوامر الشفهية) هي حق أيضاً من الله......وبالتالي فإن السنة النبوية تدخل في نطاق الحق الذي جاء به الله إلى النبي محمد : {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً 33 } سورة الفرقان
والله - أيضاً - قد وصف الرؤيا التي يراها النبي في المنام بأنها وحي وأنها حق حيث يقول الله تعالي :
{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً 27 } سورة الفتح
وعندما نذهب إلى قصة موسى مع فرعون والسحرة , فسنجد أن النبي موسى قد جاءهم بالحق حيث يقول الله تعالي :
{فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ 25 } سورة غافر
{فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ إِنَّ هَـذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ 76 } سورة يونس
وكلنا يعلم جيداً أن هذه الحادثة حدثت في مصر قبل نزول التوراة على النبي موسى ...أي أن الحق الذي جاء به موسى لا يقتصر فقط على التوراة بل يتضمن أيضاً الأوامر الشفهية الأخرى التي أنزلها الله على النبي موسى .
وأيضاً , الله قد أوحى أوامر أخرى للنبي موسى حيث يقول الله تعالي :
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ 87 } سورة يونس
وطبعاً , الأوامر الشفهية السابقة نزلت إلى النبي موسى والنبي هارون قبل أن تنزل التوراة على النبي موسى .
بالإضافة إلى أنه من المحتمل أن لا تجد الأوامر السابقة في التوراة الأصلية ؛ لأن هذه الأوامر السابقة قد نزلت إلى موسى حينما كان في مصر , أما بالنسبة للتوراة الأصلية فإنها نزلت على موسى بعدما هرب من فرعون مصر .....
وعندما نرجع إلى قصة البقرة في القرآن الكريم , فسنعلم أن النبي موسى دعا الله بأن يرسل إليه المزيد من التفاصيل عن البقـرة المقصودة ......وعندما أطلعَ اللهُ النبيَ موسى على البقـرة المقصودة , فإن اليهود قالوا للنبي موسى : { الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ.... 71 } سورة البقرة
وبالتالي , نستنتج أن النبي موسى جاء بالحق هنا ولكن هذا الحق كان عبارة عن أوامر شفهية من خارج التوراة الأصلية وليس من داخلها.
وطبعاً, كلنا نعلم أن تفاصيل البقرة المقصودة كانت خارج التوراة الأصلية وليس داخلها؛ لأنها لو كانت داخلها , لما لجأ اليهود إلى النبي موسى لكي يبين لهم تفاصيل البقـرة.
وعندما نذهب إلى قصة إبراهيم , فسنجد أن النبي إبراهيم جاء قومَه بالحق قبل نزول الصحف حيث يقول الله تعالي :
{قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ 55} سورة الأنبياء
وهناك العديد من الأنبياء الذين جاء الوحي لهم ولكن لم ينزل عليهم كتاب مثل النبي شعيب وصالح وهود ويقول الله تعالي :
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ 43} سورة النحل
الخلاصة : الوحي الحق الذي يرسله الله إلى أنبياءه لا لا لا يشترط أن يكون كتاباً بل من الممكن أن يكون وحياً شفهياً مثل سُنة النبي محمد.
ثالثاً:
عبارة (أحسن تفسير) ليس ليس ليس المقصود منها استغناء القرآن عن التفاسير الإسلامية بل المقصود من الآية هو أن كفار قريش عندما يطرحون الأمثال أمام النبي محمد فإن الله يرد عليهم بإجابة أحسن تفسيراً من أمثالهم....
ودعوني أبسط لكم الموضوع بمثال بسيط :
أنت لو سألت دجـالاً عن ظواهر كونية معينة, فسيرد الدجــال عليك ببعض الخزعبلات لكي يحاول أن يشرح لك سبب تلك الظواهر.....
ومن المعلوم أن كتب العلوم تفسر تلك الظواهر تفسيراً أدق بكثير من تفسير الـدجال للظواهر ......
وبالرغم من أن تفسير كتب العلوم هو تفسير أدق بكثير من تفسير الدجال للظواهر إلا أننا قد نقرأ تلك الكتب ولا نفهم معني الكلام المكتوب فيها، وحينها سنحتاج إلى معلم أو متخصص لكي يشرح لنا الكلام المكتوب .
وهذا بالضبط ما أريد أن أوصله لك حيث أنني أريد أن أقول أن الآيات القرآنية كانت أحسن تفسيراً من أمثال الكفار, ومع ذلك فإن تلك الآيات تحتاج أيضاً إلى تفاسير إسلامية لكي توضح معانيها.
وهناك شئ آخر أود أن أضيفه وهو :
الآية القرآنية ذكرت لنا أن الكفار عندما كانوا يأتون بمَثل , فإن الله كان يجيئ بالحق وأحسن تفسيراً........
وطبعاً , منكرو السنة يقولون أن تلك الآيات القرآنية كانت أحسن تفسيراً وبالتالي ليس هناك حاجة إلى التفاسير الإسلامية....
وهنا يكمن سؤال أريد أن أوجهه إلى منكري السُنة :
بالنسبة إلى الآيات القرآنية التي كانت تنزل بدون أن يأتي الكفار بمثَل, هل هذه الآيات كانت أحسن تفسيراً أم لا ....
بمعني آخر : الآية رقم 3 من سورة المائدة نزلت في أواخر أيام النبي ونزلت بدون أن يأتي الكفار بمَثل........فهل هذه الآية هي أحسن تفسيراً أم لا .....وهل تحتاج إلى تفاسير خارجية أم لا ....؟!
طبعاً , السؤال السابق هو سؤال محرج لمنكري السُنة الكفار .
-------------------------
الشبهة الحادية عشر:
تلك المرأة الكافرة تقول أن لسنا بحاجة إلى النبي لكي يعلمنا الصلاة لأن القرآن يخبرنا بأن الله هو من علَّمنا الصلاة وليس النبي محمد......ولقد استشهدت تلك المرأة الكافرة على كلامها بالآية التالية :
{فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ 239} سورة البقرة
وأنا أرد عليها وأقول :
هذه الآية لا تدل ولا تشير إلى جواز الإستغناء عن الصلاة التي علَّمها لنا النبي حيث أن الله قد علمَّنا تلك الصلاة من خلال جبريل, وجبريل علَّم تلك الصلاة للنبي محمد, والنبي محمد قد علَّم تلك الصلاة للأمته لذلك يقول الله تعالي :
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ 151} سورة البقرة
👆 لاحظوا أن القرآن الكريم قد استخدم نفس العبارة مع النبي محمد (يعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) , وهي نفس العبارة التي استخدمها القرآن الكريم مع الله (علمكم مالم تكونوا تعلمون)....... وهذا يشير إلى أن الله قد علَّم الصلاة للمسلمين من خلال النبي محمد وبالتالي ينبغي علينا أن نتبع صلاة النبي محمد.
فلماذا لا يريد منكرو السنة أن يقتدوا بصلاة النبي ؟!
مع العلم أن الله قد يعلم خلقه من خلال خلقه, فمثلاً :
القرآن الكريم يقول :
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ 4 } سورة المائدة
👆 لاحظوا أن الله استخدم عبارة (تعلمونهن مما علمكم الله) للدلالة على أن الله يعلم خلقه من خلال خلقه.
-------------------------
الشبهة الثانية عشر:
تلك المرأة الكافرة تعترض على صلاة المسلمين وتقول أنه من الممكن أن تكون صلاة المسلمين قد تغيرت مع الوقت ....وتلك المرأة الكافرة تتهم المسلمين بأنهم يتبعون آبائهم إتباعاً أعمى .....وتلك المراة الكافرة تستشهد بالآية التالية :
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ 170 } سورة البقرة
وأنا أرد عليها وأقول :
منكرو السنة هم كائنات حية كذَّابة مقتطعة للنصوص من سياقها؛ لأن الآية السابقة لم تتحدث عن المسلمين بل تحدثت عن الكفار الذين رفضوا الإيمان وتمسكوا بعقائد آبائهم الوثنية. بالإضافة إلى أن الآيات تخبرنا بأن هؤلاء الناس هم من أهل النار وأنهم سيدخلون النار ولن يخرجوا منها.....وهذه هي الآيات كما وردت في سياقها الصحيح :
{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ....... وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ 170 } سورة البقرة
فانظروا معي كيف قام منكرو السنة بجعلنا في مقام أهل النار الذين لن يخرجوا منها أبداً ثم بعد ذلك يتهموننا بأننا مكفراتية !!!!
وهناك شئ آخر أود أن أقوله وهو أننا نتبع آبائنا فيما أنزل الله ولسنا نتبع آبائنا في غير ما أنزل الله, وبالتالي فإن الآية لا تقصدنا بل تقصد الكفار الذين يتبعون العبادات الوثنية لآبائهم بغير ما أنزل الله تعالي .
بالإضافة إلى أن تلك المرأة الكافرة هي من أجــهل الجهلاء؛ لأنها هكذا تطعن في القرآن بشكل غير مباشر وهي لا تدري ........فلو كان أجدادنا المسلمين قد اجتمعوا على تغيير الصلاة, إذن من الممكن أن يجتمعوا - أيضاً - على تحريف القرآن بل ويمكنهم أن يضيفوا بعض الآيات إلى القرآن مثل آية : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
ونحن نبرأ إلى الله من ذلك الكلام الســخيف الذي تقوله تلك المرأة الكافرة الغــبية.
وأنا أريد أن أضيف وأقول :
الصلاة من الدين, والله قد وعد بنصرة هذا الدين حيث يقول الله تعالي :
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً 28 } سورة الفتح
ولذلك فإن الله سيحفظ هذا الدين كاملاً.
******
وهناك سؤال غريب سألته تلك الكافرة وهو : (هل أنتم - يا مسلمين - متأكدون من أن الصلاة الحالية هي نفس صلاة النبي؟!)
وطبعاً, إذا تم الإجابة على السؤال السابق بنعم , فإن تلك المرأة الكافرة تسأل وتقول: (وما الذي يجعلكم متأكدين؟!)
وإذا تم الرد بلا , فإن تلك المراة الكافرة تقول: (إذن أنتم تظنون والظن لا يغني من الحق شيئاً)
وأنا أرد على الحوار السـخيف السابق وأقول :
نعم .... نحن متأكدون أن صلاتنا هي نفس صلاة النبي وذلك لأن الله تكفل بحفظ هذا الدين من التحريف والتلاعب به.
وأما بالنسبة لسؤالها : (لماذا نحن متأكدون؟!) , فأنا أرد عليها وأقول :
الذي يجعلنا متأكدين من أن الصلاة لم تتغير هو نفس الشئ الذين يجعلكي متأكدة من القرآن الكريم لم يُحرَّف.
---------------------------
الشبهة الثالثة عشر :
تلك المرأة الكافرة تصف الفقهاء بأنهم شياطين وتصفنا بأننا نتبع الشياطين من دون الله..... وتلك الكافرة تستشهد بالآية التالية :{فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ 30 } الأعراف
وأنا أرد عليها وأقول :
هذه الآية لا تتحدث عنا؛ لأننا لا نتبع أولياء من دون الله بل نحن نتبع أولياء ساروا على كتاب الله وساروا على أوامر الله إلى نبيه محمد. ومثلما أن الشياطين هم أولياء للكافرين, فإن المؤمنين -أيضاً- لهم أولياء صالحون يقتدون بهم. وهؤلاء الأولياء الصالحون يسيرون حسب كتاب الله وسُنة رسوله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حسب كتاب الله وسُنة رسوله حيث يقول الله تعالي :
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 71 } سورة التوبة
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ..... 72 } سورة الأنفال
{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ 62 } سورة يونس
---------------------
الشبهة الرابعة عشر :
تلك المرأة الكافرة تقول بأننا لسنا بحاجة إلى تعلم الصلاة من النبي لأن القرآن الكريم قد علَّمنا كيفية الصلاة في أواخر سورة الإسراء حيث يقول الله تعالي :
{قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ۩}
وأنا أرد عليها وأقول :
الآية السابقة لم تذكر تفاصيل الصلاة كلها حيث أنها لم تذكر الركوع مثلاً ...... ولم تقل هل الركوع سيكون مرتين أم ثلاثة أو أربعة ......
والآية لم تذكر التشهد ولم تذكر التسليم ولم تذكر التكبير ولم توجب قراءة الفاتحة بل إنها ذكرت لفظ (آيات) بشكل عام.
والآية لم تخبرنا ماذا نفعل بين السجدتين المذكورتين ....هل نسلم أم نقوم أم نركع أم نقعد أم نقرأ القرآن؟!
والآية السابقة أخبرتنا بماذا نقول في السجدة الأولى ولكنها لم تخبرنا بماذا نقول في السجدة الثانية......
والآية السابقة لم تخبرنا عن حكم من خر للأذقان سجداً ولكنه لم يبكى ....هل صلاته مقبولة أم لا ؟!
والآية السابقة لم تخبرنا عن عدد الركعات في كل صلاة.والآية السابقة تحدثت فقط عن سجود الذين أوتو العلم ممن قبلنا أي الذين أهل الكتاب الذين آمنوا بالقرآن .....وهنا يكمن سؤال :
ما هي كيفية الصلاة لكفار قريش الذين آمنوا بالقرآن وما هي كيفية الصلاة لمن وُلد مسلماً......هل هي نفس صلاة أهل الكتاب المذكورين في الآية .........وهل تلك الصلاة سيكون فيها سجدتين أم سجدة واحدة أم .......؟!
كل هذه الأسئلة كفيلة بإحراج منكري السُنة الكفار.
--------------------------------
الشبهة الخامسة عشر :
تلك المرأة الكافرة تقول أن القرآن هو الوحي الوحيد الذي نزل على النبي محمد وتستشهد بالآية القرآنية التي تقول :
{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ 19 } سورة الأنعام
وأنا أرد عليها وأقول :
الآية لم لم لم تقصر الوحي على القرآن الكريم, والآية لم لم لم تقل أن القرآن الكريم هو الوحي الوحيد الذي نزل على النبي محمد بل كل ما ذكرته الآيةٌ هو أن القرآن قد أُوحي إلى النبي محمد من أجل إنذار قومه.......
دعوني أضرب لكم مثالاً لكي أوضح لكم معني كلامي السابق :
أنا عندما أقول لكم : (هذه الرسالة جاءتني)
هل العبارة السابقة معناها أنه لا توجد أي رسالة جاءتني في حياتى كلها سوى هذه الرسالة فقط ؟!
الإجابة : بالطبع لا لا لا ...؛ فكون هذه الرسالة قد جاءتني لا لا لا ينفي أبداً وجود رسائل أخرى قد جاءتني في حياتي.
ونفس المثال السابق ينطبق على الوحي ؛ فالآية تخبرنا بأن القرآن هو موحى به من الله ولكنها لم تنكر أبداً وجود أى وحى آخر نزل على النبي محمد والآية لم تنكر حجية السنة النبوية.
-----------------------
الشبهة السادسة عشر:
تلك المرأة الكافرة تقول بأن النبي محمد قد مات وانتهي الأمر وانتهت سنته....... وتلك المرأة الكافرة تستشهد بالآية التالية:
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ 144} سورة آل عمران
وأنا أرد عليها وأقول :
الآية السابقة ليس بها أي إشارة إلى إنتهاء سُنة النبي محمد . بالإضافة إلى أن الله قد وعد بنصرة هذا الدين حتي ولو بعد موت النبي محمد حيث يقول الله تعالي :
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً 28} سورة الفتح
-------------------------
الشبهة السابعة عشر:
منكرو السُنة يزعمون أننا قد هجرنا القرآن الكريم ، ولذلك هو يطبِّقون علينا قول الله تعالى:
[وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً][30][الفرقان]
وأنا أرد عليهم وأقول:
هذه الآية لا تتكلم عن المسلمين بل تتكلم عن كفار قريش ؛ فنحن لو ركزنا في الآية جيداً فسنجد الآية تذكر كلمة (قومي) ؛ أي قوم النبي محمد ، فمن هم قوم النبي محمد؟!
قوم النبي محمد هم قريش ؛ فالنبي قد وُلد في قبيلة قريش وهي قومه ، أما معظم المسلمين فإنهم ليسوا من قريش بل هناك ملايين المسلمين في الهند وباكستان وأندونسيا وماليزيا وبنجلادش وهكذا...
إذن الآية لا تتحدث عنا بل تتحدث عن كفار قريش وخصوصاً أن هذه الآية مكية ؛ أي أنها نزلت في مكة أثناء دعوة النبي للمشركين وقبل أن يكون هناك دولة إسلامية أصلاً.
بالإضافة إلى أن كلمة (مهجور) لها عدة معاني ، ومن ضمنها : (الهجر) أي الهذيان ؛ فكفار قريش كانوا يسخرون من القرآن ويعتبرونه كلام هذيان ، فهل نحن نقول على القرآن أنه هذيان؟!
كلا وحاشا ...
--------------------------
الشبهة الثامنة عشر:
بعض منكري السُنة يحرفون معاني القرآن زاعمين أن للقرآن ظاهراً وباطناً ويستدلون على كلامهم بقول الله تعالى:
[فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ][78][الواقعة]
وأنا أرد عليهم وأقول:
كلمة (مكنون) يُقصد بها محفوظ ومصون..... ولذلك عندما نقارن القرآن ببعضه فسنجد يقول:
[كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ][23][الواقعة]
[كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ][49][الصافات]
فالآيات السابقة وصفت اللؤلؤ والبيض بأنه مكنون ؛ أي محفوظ مصون ؛ فاللؤلؤة يتم حفظها في وعاء زجاجي بعيداً عن الأيدي ، وكذلك الحور العين يتم حفظها لزوجها وحمايتها من أن تمسها أيدي الآخرين مثلما نحن نصون أخواتنا عن المعاكسات والتحرش.... لكننا لو قلنا أن كلمة (مكنون) تعني أن لها معنى باطني ، فهل اللؤلؤ له معنى باطني ؟!
طبعاً ، لا .... إذن كلمة (مكنون) تعني محفوظ.
-------------------------
بعض الملاحظات :
نحن قد ذكرنا بعض الآيات القرآنية التي تأمر المسلمين بطاعة الرسول, ولكن بعض منكري السنة الكفار يعترضون على ذلك ويقولون أن الله أمرنا - أيضاً - بطاعة ولي الأمر في هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} فهل نطيع ولي الأمر فيما حرَّم الله أيضاً......؟!
وأنا أرد عليهم وأقول :
عندما نقرأ الآية بالكامل, فإننا سنجد أن الله قد حدَّد لنا متي نطيع ولي الأمر ومتي نعصيه حيث أن الله أرشدنا إلى أنه إذا اختلفنا مع ولي الأمر في شئ من أمور الدين, فيجب أن نحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله .... حيث يقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً 59 } سورة النساء
ولو نظرنا إلى الآية السابقة فسنجد أن الله استخدم لفظ (أطيعوا) مع الله ومع الرسول ولكنه لم يستخدمها مع أولي الأمر وذلك للإشارة إلى أن طاعة ولي الأمر تكون مقيدة بالكتاب والسنة النبوية.
----------------------------------------------------
التاريخ الأسود لمنكري السُنة:
إنكار السُنة ليس مذهباً كما يعتقد البعض بل هو دين مستقل لا يمت للإسلام بصلة ؛ فإنكار السُنة عبارة عن خطة مسيحية بروتستانتية خبيثة تم التخطيط لها من قِبل الإنجليز، وقد بدأت هذه الحركة في الظهور في الهند أثناء الإحتلال الإنجليزي للهند....
يقول الدكتور الباكستاني / خادم حسين إلهي بخش في كتابه (القرآنيون| صفحة 30 -31) ما يلي:
[وفريق آخر من المحققين أمثال محمد على قصوري يرى أن الحكومة البريطانية كانت لها يد وراء الحركتين : القاديانية والجكرالوية حيث يقول: "وفي هذه الآونة اتخذ المشروع الإنجليزي نوعاً جديداً من المناورات المناوئة للإسلام ، فضمت صفوفه السياسية كثيراً من القساوسة المبشرين مما مكنها من اصطياد بعض الشخصيات الإسلامية وإيقاعها في شبكة التحريف ضد الإسلام كما انضم إلى هؤلاء بعض من يريد الدنيا فحضرتهم السلطات الإنجليزية على أن يقوموا بأعمال تبعد الثقة عن النفوس تجاه الحديث الشريف ويستغلوا الضمائر المنافقة من المسلمين ، وكان على رأس هؤلاء جميعاً عبد الله جكرالوي ، وقد اختاره المسيحيون لأداء هذه المهمة فرفع صوته بإنكار السُنة كلها وأخذ يدعو إلى هذا المشروع الهدام ، فأخذت كتب التأييد والرسائل تصل إليه من المبشرين المسيحيين وتعده بالمساعدات المالية وتشكره على هذا المجهود الجبار وقد عرفنا كل ذلك من قِبل أحد أصدقائنا الصادقين الذي كان يقوم بدور الترجمة لهذه الرسائل لعدم معرفة عبد الله الجكرالوي باللغة الإنجليزية.] انتهى الاقتباس
بإختصار ، يوجد شخص اسمه/ محمد على قصوري ، وهذا الرجل حاصل على دكتوراه في الرياضيات من جامعة كمبردج البريطانية. لقد قام محمد قصوري بفضح حركة منكري السُنة التي ترأسها الملعون عبد الله جكرالوي ؛ حيث كان القساوسة المسيحيون يدعمون عبد الله جكرالوي للاستمرار في الطعن في السُنة النبوية. وطبعاً ، ليست هذه أول مرة يمارس فيها المسيحيون اللعب القذر بل المسيحيون ساهموا من قبل في تحريف الإسلام عن طريق إنشاء جماعة جديدة منحرفة عن الإسلام الصحيح ، وتسمَى تلك الجماعة بجماعة القاديانية التي تحوي كثيراً من الكفريات ، والعياذ بالله.
فهذا هو التاريخ الأسود لمنكري السُنة .... نفاق ... خيانة ..... مرتزقة..... وما زال القساوسة المسيحيون يؤجرون بعض الشخصيات من داخل المجتمع الإسلامي للطعن في السُنة النبوية ، ولهذا ستجد المنصرين يثنون خيراً على منكري السُنة ويستضيفونهم على الهواء مباشرة بل ويروجون لكتبهم الطاعنة في السنة النبوية الشريفة.
***وأزيدك من الشعر بيتاً :
ستجد معظم القنوات على اليوتيوب والتي تطعن في السُنة ، ستجدها مدعومة من جانب مشتركين ملاحدة ومسيحين !!
ولا عجب لو قلت لك أن هؤلاء المنكرون للسُنة هو بوابة الإلحاد فبعد أن يتشكك المسلم في السُنة النبوية ، فإنه لا يكون أمامه سوى خيارين : إما الشك في الإسلام كله وتركه بالكلية وإما الإيمان بالقرآن فقط لكن بعد تحريف معانيه وتفسيرها حسب الأهواء العلمانية.
ويعلم الله أن الهدف الأساسي لمنكري السُنة ليس احترام القرآن بل هدفهم الحقيقي هو هدم العقائد الإسلامية واحدةً تلو الأخرى ، ولذلك ستجد منكري السُنة قد أنكروا عصمة النبي وانكروا كون جبرائيل ملاكاً وأنكروا الصلة والحج وأنكروا الحدود وأنكروا المواريث وسخروا من الصحابة ووصفوهم بالنفاق وغير ذلك الكثير والكثير...... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لو كان منكرو السُنة يحترمون القرآن فعلاً ، لكانوا طالبوا بتطبيق الحدود ولكانوا دافعوا عن القرآن ضد شبهات المسيحيين والملاحدة ، ولكنهم بدلاً من ذلك قاموا بتحريف معاني القرآن والإدعاء بأن تشريعات القرآن نزلت لزمن محدد ولم تعد صالحة لهذا الزمان!!
------------------
تكفير بلا ذنب:
منكرو السُنة يقتبسون آيات قرانية تتحدث عن الكفار ثم يقولون بأننا المقصودون من هذه الآيات, فمثلاً :
منكرو السنة يطبقون هذه الآية علينا :
{وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ 5} سورة الأنعام
وطبعاً, الآية السابقة تتحدث عن الكفار ولا تتحدث علينا , ولكن للأسف منكرو السنة يقفون دائماً في صف أعداء الإسلام ضد أهل الإسلام.
------------------------------------------------------
وفي النهاية, أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده , وإن كان من سهو أو زلل فمني ونرجو المسامحة عليه.
لا تنسونا من صالح الدعاء .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا