ملخص الشبهة :
ملحد يقول :
[ لماذا القرآن الكريم يخبرنا في (سورة سبأ - الآية 44) بأن الله لم يرسل كتباً سماوية إلى العرب من قبل ولم يرسل إليهم رسولاً قبل النبي محمد بالرغم من أننا نعرف أن النبي إسماعيل قد مكث في مكة من قبل . وكان هناك النبي صالح والنبي هود والنبي شعيب الذين قد أُرسلوا إلى العرب من قبل النبي محمد . ولقد كانت هناك صحف إبراهيم التي أنزلها الله عليه والتي من الممكن أن تكون قد وصلت إلى العرب عن طريق النبي إسماعيل ابن النبي إبراهيم . بالإضافة إلى وجود كتب التوراة والإنجيل التي وصلت إلى العرب عن طريق يهــود المدينة المنورة وعن طريق ورقة بن نوفل.]
------------------------------------------------
الرد على الشبهة وبالله التوفيق🌿🌿🌿 :
أولاً :
الآيات تقول :
{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى ۚ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ (43) وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ۖ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)} سورة سبأ
طبعاً , هذه الآية لها معني آخر وتفسير آخر غير ما فهمه ذلك الملحد . ونحن سنذكر لكم التفسير الصحيح للآية , ولكننا سنتعامل - أولاً - مع الآية بشكل حرفي حتي لا يظن أي شخص بأننا نحرف معنى الآية أو نتهرب من معناها عن طريق التأويل.
لو نظرنا إلى الآية رقم 43 من سورة سبأ , فسنجد أن الآيات الكريمة كانت تتحدث عن كفار قريش المعاصرين للنبي محمد وليس عن الأقوام أو العرب الذين كانوا من قبل ؛ حيث أن الآية رقم 43 تتحدث عن كفار قريش الذين سـخروا من النبي محمد , والذين قالوا عن القرآن الكريم أنه إفك مفترى وسحر مبين عندما كانت تتلى عليهم آياته.
ومن المعلوم أن العرب الذين كانوا موجودين على عهد النبي إسماعيل وصالح وهود وشعيب لم يســخروا من القرآن الكريم ولم يسخروا من النبي محمد ؛ لأنه لم يكن يوجد القرآن الكريم أو النبي محمد حينها حيث أن هناك فاصلاً زمنياً كبيراً بين عصر النبي محمد وبين هؤلاء الأنبياء الكرام . فمثلاً , الفاصل الزمني بين عصر النبي إسماعيل والنبي محمد يزيد عن 2000 سنة .
بالإضافة إلى أن قوم هود وصالح هم من العرب البائدة التي أهلكها الله ولم يعد لهم أي نسل من بعدهم. وبالتالي لن يكون لهم أي وجود في عهد النبي محمد .
بالإضافة إلى أن مدين التي بُعث فيها النبي شعيب كانت موجودة في شمال غرب الجزيرة العربية ولم توجد بالقرب من مكة . وكان الفاصل الزمني بين النبي شعيب والنبي محمد أكثر من 2000 سنة تقريباً
وبالتالي من خلال ما سبق , نستنتج أن الآيات القرآنية (43 - 44) كانت تتحدث عن كفار قريش المعاصرين للنبي محمد وليس عن العرب الذين كانوا من قبله.
ونحن نعلم جيداً أن النبي محمد هو النبي الوحيد الذين بُعث لكفار قريش في زمانه ولم يتم إرسال أي نبي آخر إلى كفار قريش قبل النبي محمد ؛ فمثلاً :
النبي إسماعيل لم لم لم يُرسل إلى أبي جهل وأبي لهب وكفار قريش .
والنبي صالح لم لم لم يُرسل إلى أبي جهل وأبي لهب وكفار قريش.
والنبي هود لم لم لم يُرسل إلى أبي جهل وأبي لهب و كفار قريش.
والنبي شعيب لم لم لم يُرسل إلى أبي جهل وأبي لهب وكفار قريش .
بالإضافة إلى أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نزل لكفار قريش في عهد النبي محمد ولم يتم إرسال أي كتاب آخر إلى كفار قريش قبل القرآن الكريم.
من المعلوم جيداً أن الله كان يرسل عدة أنبياء إلى بني إسرائيل بل كان من الممكن أن يتواجد نبيان أو أكثر في نفس الفترة , فمثلاً : النبي يحيى ولد قبل النبي عيسى بستة أشهر تقريباً , وكلاهما بعثا إلى بني إسرائيل في نفس العصر. ولكن النبي محمد لم يبعث قبله أحد إلى كفار قريش بل كان هو الوحيد الذي بعث إليهم.
وهناك دليل آخر على أن الآيات رقم (43 - 44) كانت تتكلم عن كفار قريش المعاصرين للنبي محمد وليس عن العرب الذين كانوا موجودين قبل النبي محمد :
لو نظرنا إلى الآيات رقم (43-44) , فسنجد أنها تتكلم عن كفار قريش الذين كذَّبوا النبي محمد في عصره , ثم تأتي الآية رقم 45 ؛ لكي تتحدث عن الكفار الذين كذبوا الرسل قبل عصر النبي محمد .....فلو كانت الآيات 43-44 تتحدث عن العرب قبل النبي محمد , فإن الله لم يكن سيتحدث عنهم مرة أخرى في الآية رقم 45 .
وبالتالي , القرآن الكريم لم لم لم يخطأ عندما قال بأن الله لم يرسل نبياً إلى كفار قريش من قبل النبي محمد ؛ لأن كفار قريش ( أبو جهل وأبو لهب ....) لم يكونوا موجودين على عهد النبي إسماعيل أو النبي صالح أو النبي هود أو النبي شعيب.....
----------------------------
ثانياً :
بالنسبة لموضوع إرسال الله للكتب السماوية :
1- الله أنزل صحف إبراهيم , وكان هذا قبل زمن النبي محمد بأكثر من 2000 سنة وبالتالي فإن صحف إبراهيم لم تنزل إلى كفار قريش المعاصرين للنبي محمد.
2- لا يوجد دليل على أن صحف إبراهيم كانت ماتزال موجودة بين يدي كفار قريش بل إن تلك الصحف ضاعت مع الزمن ولا نعلم عنها إلا القليل الآن.
3- الآية القرانية تقول : {وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} , وهنا نلاحظ أن الآية اشترطت دراسة الكتب , فهل كان كفار قريش يدرسون صحف إبراهيم؟!
الإجابة : بالطبع لا لا لا , وليس هناك أي دليل على أن أبا جهل كان يدرس صحف إبراهيم.
4- الآية ذكرت كلمة (كتب) , فإذا كنت - أيها الملحد - تتحتج علينا بصحف أو بكتاب إبراهيم , فأين إذن باقي الكتب التي نزلت إلى العرب ؟!
مع العلم أن صحف إبراهيم كانت عبارة عن كتاب واحد وليس عدة كتب . وهذا يشبه تماماً تسمية التوراة بالصحف في سورة النجم 36 بالرغم من أنها كتاب واحد؛ لأن الكتاب الواحد قد يتكون من عدة صحف .
بعض الملاحدة قالوا بأن كفار قريش قد وصلت لهم التوراة والإنجيل وهذا يدحض إدعاء القرآن بأن الله لم يرسل لهم كتباً قبل القرآن الكريم..... وأنا أرد عليهم وأقول :
1- الله أرسل التوراة الأصلية إلى بني إسرائيل وليس إلى العرب حيث يقول الله تعالي :
{ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} سورة المائدة
من خلال ما سبق , نجد أن الله أرسل التوراة الأصلية إلى بني إسرائيل وليس للعرب ولقد كانت تلك التوراة باللغة العبرية وليست العربية حسب أقوال المختصين.
بالإضافة إلى أن الإنجيل الأصلي نزل للنبي عيسى بن مريم حيث يقول الله تعالي :
{ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)} سورة الحديد
والنبي عيسى ابن مريم قد أُرسل إلى بني إسرائيل حيث يقول الله تعالي :
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (6)} سورة الصف
وبالتالي , نستنتج أن التوراة والإنجيل لم ينزلا إلى كفار قريش بل نزلا إلى بني إسرائيل.
بالإضافة إلى أننا لا يمكننا أن نجزم بأن التوراة التي حملها اليهود إلى شبه الجزيرة العربية هي نفس التوراة الأصلية التي أنزلها الله , ولا يمكننا أن نجزم بأن الإنجيل الأصلي للمسيح قد وصل إلى أيدي كفار قريش في عصر النبي محمد.
وهناك شئ آخر وهو أن الآية الكريمة كانت تتحدث عن كفار قريش وأن الله لم يرسل لهم كتب يدرسونها, أما بالنسبة لورقة بن نوفل فإنه لم يكن كافراً بل كان حنيفياً ثم تنصر في الجاهلية على مذهب التوحيد وليس مذهب التثليث الوثني ثم آمن بعد ذلك بالنبي محمد. وبالتالي من الخطأ أن يحتج علينا ذلك الملحد بورقة بن نوفل ؛ لأن الآية تتحدث عن عدم إرسال الكتب لكفار قريش وليس إلى ورقة بن نوفل المؤمن.
بالإضافة إلى أننا - أيضاً - لا نستطيع أن نجزم بأن الإنجيل الذي كان بين يدي ورقة بين نوفل هو نفس الإنجيل الأصلي الذي نزل إلى النبي عيسى بن مريم .
2- ترجمة التوراة والإنجيل إلى اللغة العربية لا يجعلنا نقول بأن الله أنزلهما على العرب , فمثلاً :
نحن لو ترجمنا التوراة إلى اليابانية , فهل هذا يجعلنا نقول بأن الله أرسل التوراة على اليابانيين؟!
الإجابة بالطبع لا لا لا
بالإضافة إلى أن الله لم يأمر اليهود بترجمة التوراة للعرب بل اليهود هم من ترجموها من تلقاء أنفسهم . وهذا لا لا لا يجعلنا نقول بأن الله أرسل التوراة على العرب قبل القرآن الكريم.
ملحوظة : المسيحيون يؤمنون بأنهم ينبغي أن يكرزوا للعالم أجمع , لكن عقيدتنا وديننا وقرآننا يخبرونا بأن النبي عيسى أُرسل إلى بني إسرائيل فقط.
------------
الخلاصة :
1- القرآن الكريم تحدث عن كفار قريش المعاصرين للنبي محمد وذكر بأنه لم يرسل إليهم رسولاً قبل النبي محمد . وبالفعل فإن أبا جهل وأبا لهب وغيرهم من المشركين لم يشاهدوا أي نبي آخر بُعث إليهم سوي النبي محمد .
2- القرآن الكريم ذكر بأن الله لم يرسل كتباً سماوية من قبل على كفار قريش المعاصرين للنبي محمد . وبالفعل فإن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نزل لكفار قريش . وبالنسبة للتوراة والإنجيل فإنهما نزلا إلى بني إسرائيل ولم ينزلا إلى العرب .
وبالنسبة لصحف إبراهيم فإنهما كانت قبل زمن النبي بأكثر من 2000 سنة ولم تصل إلى كفار قريش ولم يدرسوها أصلاً.
-----------------------------------
والآن , نحن قد انتهينا من التفسير الحرفي للآيات , وسوف ندخل الآن في التفسير الحقيقي للآيات كما فهمها الصحابة والتابعين.
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا