الرد على شبهة عدم طلب النبي للأجر في حين أن له خمس المغانم

 ملخص الشبهة :

ملحد يقول لي أن القرأن الكريم ينفي طلب النبي محمد للأجر من قومه , وفي نفس الوقت يأمرنا القرآن الكريم بأن نعطي خمس الغنائم للنبي محمد.......فما هذا التناقض؟!

------------------

الرد على الشبهة وبالله التوفيق🌿🌿🌿 :

 أولاً :

القرآن الكريم قد تحدث عن أن النبي محمد لم لم لم يطلب أي أجر مادي من جيب كفار قريش مقابل دعوته إلى الله حيث يقول القرآن الكريم :

{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} سورة ص - الآية 86 

{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} سورة سبأ - الآية  47 

وبالفعل فإن النبي محمد النبي لم يطلب أي مال من كفار قريش مقابل دعوته في مكة ولم يأمرهم بأن يجمِّعوا مالاً من أنفسهم لكي يعطوه للنبي محمد.

بالإضافة إلى أن القرآن الكريم قد وضَّح لنا بعض أسباب ذلك ومنها خشية المشقة علي أهل مكة ولكي لا يقول كفار قريش بأن محمد يدعونا لدينه من أجل المال.

مع العلم بأن الآيات السابقة هي آيات مكية أصلاً .

 ******

أما بالنسبة للآية القرآنية التالية:

{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}  سورة الأنفال - الآية 41 .

هذه الآية مدنية , ولقد نزلت للمسلمين وهي تتكلم عن الغنائم التي يغنمها المسلمون في الحرب حيث أنه عندما يتم تقسيم الغنائم فإن خمسها يذهب للنبي محمد .

 

يقول الطبري في تفسيره للآيات السابقة ما يلي :

[ قال أبو جعفر: وهذا تعليم من الله عز وجل المؤمنين قَسْمَ غنائمهم إذا غنموها. يقول تعالى ذكره: واعلموا، أيها المؤمنون، أن ما غنمتم من غنيمة.]

 

وبالتالي : الآيات الأولي هي مكية , وكانت تتكلم عن عدم طلب النبي محمد لأي مال من كفار قريش أثناء مكوثه في مكة . وبالفعل فإن النبي محمد لم يطلب أي مال من كفار قريش مقابل دعوته فيهم. أما الآية الثانية فهي مدنية , وتتكلم عن خمس الغنائم التي يغنمها المسلمون في الحرب , وفيها يتم إعطاء خمس الغنائم للنبي محمد عليه الصلاة والسلام. وبالتالي ليس هناك أي تناقض بين الآيات القرآنية.

وحتي لو افترضنا جدلاً أن الآيات نزلت في نفس الزمان وفي نفس المكان ولنفس الأشخاص, فلن يكون هناك أي تناقض أيضاً ؛ لأنني يمكنني أن أقول - بكل بساطة - أن النبي محمد لم يأخذ منهم مال في البداية عندما كان يكلمهم في سورة ص وسورة سبأ , ولكنه بعد ذلك أخذ منهم الخمس . 


وهناك نقطة مهمة ينبغي التنبيه عليها وهي أن نصيب الغنيمة التي كانت النبي محمد يحصل عليها لم يكن ينفقها في ملذاته أو على نفسه بل كان ينفقها في سبيل الله . والدليل على ذلك هو هذا الحديث :

[أخذَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ حُنَيْنٍ وَبْرَةً مِن جَنْبِ بَعيرٍ ، فقال : يا أيُّها الناسُ ، إنه لا يَحِلُّ لي مما أفاءَ الله عليكم قدرُ هذه ، إلا الخمسَ ، و الخمسُ مردودٌ عليكم.]

الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 4149 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح.

 

[عن عمرو بنِ عبسةَ قالَ : صلَّى بنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى بعيرٍ منَ المَغنمِ فلمَّا سلَّمَ أخذَ وبرةً من جنبِ البعيرِ ثمَّ قالَ ولا يحلُّ لي من غنائمِكم مثلُ هذا إلَّا الخمسُ والخمسُ مردودٌ فيكم ]
الراوي : عمرو بن عبسة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 2755 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.

 

ومعني الحديث هو أن النبي محمد كان يأخذ الخمس من الغنائم ولكنه كان يرد حصته على المسلمين وذلك من خلال صدقاته على الفقراء والمحتاجين؛ فالنبي محمد لم يستمتع بحصته من الغنيمة بل أنفقها فى أوجه الخير على المسلمين, وسأترك لكم رابط في نهاية المقال للمزيد من التفاصيل...........

مع العلم بأن الغنائم موجودة - أيضاً - في كتاب اليهـــود والمسيحيين, فمثلاً :
سفر التثنية 20 :

14- وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ، وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ أَسْلاَبٍ، فَاغْنَمُوهَا لأَنْفُسِكُمْ، وَتَمَتَّعُوا بِغَنَائِمِ أَعْدَائِكُمُ الَّتِي وَهَبَهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ .

-------------------------------------------

ملحوظات مهمة :

بالنسبة للآية القرآنية التي تقول :

{قُلۡ مَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَاۤءَ أَن یَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِیلا} سورة الفرقان - الآية 57

ومعني الآية السابقة أن النبي محمد لا يريد أجراً مادياً من كفار قريش ولكن لو كان آمن شخص من كفار قريش وأراد هذا المؤمن أن ينفق ماله في سبيل الله مثل الصدقة ونفقة الجهــاد وغير ذلك ...فلا بأس عليه.

وطبعاً , الآية السابقة تتكلم عن الإنفاق في سبيل الله وليس في سبيل محمد . 

يقول الطبري في تفسيره :

[ .....﴿إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا﴾ يقول: لكن من شاء منكم اتخذ إلى ربه سبيلاً طريقاً بإنفاقه من ماله في سبيله، وفيما يقربه إليه من الصدقة والنفقة في جهاد عدوّه، وغير ذلك من سبل الخير.]

 

وبالنسبة للآية القرآنية التي تقول :

{....قُل لَّاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِی ٱلۡقُرۡبَىٰۗ....} سورة الشورى - الآية 23

فهذا الآية السابقة تخبرنا بأن النبي محمد لا يريد أجراً مادياً من كفار قريش , ولكنه يريد منهم ألا يعاملوه معاملة سـيئة بل يريد منهم أن يصلوا صلة القرابة والرحم التي بينه وبينهم.


وبالنسبة للآية القرآنية التي تقول :

{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡراً * فَهُم مِّن مَّغۡرَم مُّثۡقَلُونَ } سورة الطور - الآية 40


والآية السابقة موجودة في سياق قرآني استخدم الله فيه أسلوب الاستفهام الذي غرضه النفي والاستنكار حيث أنك لو رجعت إلى سياق الآيات القرآنية فستجد أن الآيات تقول :

{ أَمۡ خُلِقُوا۟ مِنۡ غَیۡرِ شَیۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَـٰلِقُونَ ۝٣٥ أَمۡ خَلَقُوا۟ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا یُوقِنُونَ ۝٣٦ أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَاۤىِٕنُ رَبِّكَ أَمۡ هُمُ ٱلۡمُصَۣیۡطِرُونَ ۝٣٧ أَمۡ لَهُمۡ سُلَّم یَسۡتَمِعُونَ فِیهِۖ فَلۡیَأۡتِ مُسۡتَمِعُهُم بِسُلۡطَـٰن مُّبِینٍ ۝٣٨ أَمۡ لَهُ ٱلۡبَنَـٰتُ وَلَكُمُ ٱلۡبَنُونَ ۝٣٩ أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡراً فَهُم مِّن مَّغۡرَم مُّثۡقَلُونَ ۝٤٠ أَمۡ عِندَهُمُ ٱلۡغَیۡبُ فَهُمۡ یَكۡتُبُونَ ۝٤١ أَمۡ یُرِیدُونَ كَیۡداۖ فَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ هُمُ ٱلۡمَكِیدُونَ ۝٤٢ أَمۡ لَهُمۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا یُشۡرِكُونَ ۝}

 

لاحظوا أن أسلوب الآيات السابقة هو أسلوب استفهام غرضه النفي والاستنكار أي أن الله كان ينفي طلب النبي محمد لأي أجر مادي من كفار قريش . ونفس الأسلوب السابق اسُتخدم في سورة القلم - الآية 46 , 47 .

لذلك يقول ابن كثير في تفسير القرآن الكريم :

[ ...﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا﴾ أَيْ: أُجْرَةٌ عَلَى إِبْلَاغِكَ إِيَّاهُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ؟ أَيْ: لَسْتَ تَسْأَلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا....]

 

-----------------------------------

رابط يوضح زهد النبي محمد :

 https://www.alukah.net/sharia/0/49445/

-----------------------------------

وفي النهاية , أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده , وإن كان من سهو أو زلــل فمني ونرجو المسامحة عليه .

لا تنسونا من صالح الدعاء .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋👋👋.

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا