المــوضــوع:
هل اليهــودي والمسيحي سيدخلان الجنة؟!
بعض المسيحيين يستشهدون بالآية التي تقول :
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} سورة البقرة
وهؤلاء المسيحيون يقولون أن اليهـودي والمسيحي وغيرهم سيدخلون الجنة بحسب القرآن الكريم ......
وأنا أرد عليهم وأقول :
أولاً :
الآية تتحدث عن اليهـود والنصارى الذين اتبعوا أنبياءهم قبل بعثة النبي محمد ، ولا تتحدث عن اليهـود والنصارى الموجودين بعد بعثة النبي محمد ، فمثلاً:
اليهـود الذين آمنوا بالله واتبعوا النبي موسى في زمانه سيدخلون الجنة ، والنصارى الذين آمنوا بالله واتبعوا النبي عيسى في زمانه سيدخلون الجنة....... أي أن الآية السابقة تتكلم عن اليهـود والنصارى الذين آمنوا بالله واتبعوا أنبياءهم , وكل هذا قبل مبعث النبي محمد .... ، ولكن بعد مجئ النبي محمد فإنه يجب على كل يهـودي أو نصراني أن يؤمن بالنبي محمد ، ومن لم يؤمن بنبوة النبي محمد فإنه كــافر.
يقول ابن كثير في تفسيره للآية السابقة ما يلي :
[وقال السدي : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا ) الآية : نزلت في أصحاب سلمان الفارسي ، بينا هو يحدث النبي إذ ذكر أصحابه ، فأخبره خبرهم ، فقال : كانوا يصومون ويصلون ويؤمنون بك ، ويشهدون أنك ستبعث نبياً ، فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم ، قال له النبي : يا سلمان ، هم من أهل النار . فاشتد ذلك على سلمان ، فأنزل الله هذه الآية ، فكان إيمان اليهـود : أنه من تمسك بالتـوراة وسنة موسى ؛ حتى جاء عيسى . فلما جاء عيسى كان من تمسك بالتوراة وأخذ بسنة موسى ، فلم يدعها ولم يتبع عيسى ، كان هالكاً . وإيمان النصارى أن من تمسك بالإنجيل منهم وشرائع عيسى كان مؤمنا مقبولاً منه حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم ، فمن لم يتبع محمداً منهم ويدع ما كان عليه من سنة عيسى والإنجيل - كان هالكاً .
وقال ابن أبي حاتم : وروي عن سعيد بن جبير نحو هذا.
قلت : وهذا لا ينافي ما روى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر ) الآية فأنزل الله بعد ذلك : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) [ آل عمران : 85 ] .
فإن هذا الذي قاله [ ابن عباس ] إخبار عن أنه لا يقبل من أحد طريقة ولا عملاً إلا ما كان موافقا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثه الله بما بعثه به ، فأما قبل ذلك فكل من اتبع الرسول في زمانه فهو على هدى وسبيل ونجاة ، فاليهـود أتباع موسى ، الذين كانوا يتحاكمون إلى التـوراة في زمانهم .] انتهى الاقتباس.
******
من خلال ما سبق ☝️نستخلص الآتي :
١- بالنسبة لليهـود الذين كانوا موجودين في زمن النبي موسى واتبعوه ، فإنهم سيدخلون الجنة إن شاء الله تعالى.
٢- وعندما جاء النبي عيسى إلى بني إسرائيل , فإنه كان من الواجب على كل اليهـود -حينئذ- أن يتبعوه ، ومن لم يتبعه منهم ، فإنه سيدخل النار بإعتباره كـافراً........ وأما الذين اتبعوا النبي عيسي ، فإنهم سيدخلون الجنة إن شاء الله تعالى.
٣- وعندما جاء النبي محمد ، فإنه من الواجب على اليهـودي والنصراني أن يتبع النبي محمد ومن لم يتبعه فإنه سيدخل النار بإعتباره كـافراً.
------------
ثانياً:
قد يعترض بعض المسيحيين ويقولون أنهم يتبعون يسوع / عيسي ويؤمنون بالله ....
وأنا أرد عليهم وأقول :
1- أنتم لا تتبعون المسيح بل تتبعون بولس وأثناسيوس الرسولي وآباء الكنيسة.
2- أنتم لا تتبعون الإنجيل الأصلي للمسيح بل تتبعون كتابات لا أحد يعلم من الذي كتبها ولكنها اتخذت أسماء مـزيفة مثل : (متى ومرقس ولوقا ويوحنا).
3- التوراة التي بين أيدي اليهــود والمسيحيين ليست هي التوراة الأصلية للنبي موسى بل هي من وضع أحبار اليهــود بعدما ضاعت التوراة الأصلية.
والنقاط الثلاثة السابقة قد تكلمنا عنها في منشورات مفصلة ...
وبالتالي من خلال ما سبق , لا يحق للمسيحي أن يزعم بأنه يتبع المسيح.
بالإضافة إلى أن المسيح قد أمر بعبادة الله وحده ، ولكن المسيحيين -اليوم- يعبدون ثلاثة أقانيم ويعبدون المسيح من ضمنهم... و بالتالي لا يحق للمسيحي أن يزعم بأنه يتبع المسيح.
---------------
ثالثاً:
الآية ذكرت ثلاثة شروط لدخول الجنة وهي :
1- الإيمان بالله.
2- الإيمان باليوم الآخر.
3- العمل الصالح.
ويجب أن تتوفر الشروط السابقة لدخول الجنة , ومن دونها لن يحدث دخول الجنة.
بعض المسيحيين قد يقولون أنهم يؤمنون بالله ويعملون صالحاً... وأنا أرد عليهم وأقول :
الإيمان بالله -حسب الدين الإسلامي- لا لا لا يتحقق بمجرد الاعتقاد بوجود الإله بل إن الإيمان بالله له شروطه ومن ضمنها : الإقرار بالوحدانية المطلقة لله والإقرار بعظمة صفاته وعبادة الله وحده وغير ذلك من الشروط.....
ومن دون الشروط السابقة لا يمكننا أن نقول أن هذا الإنسان مؤمن.....، فمثلاً:
المسيحيون يؤمنون بوجود إله ولكنهم لا يؤمنون بالوحدانية المطلقة له بل يؤمنون أن ذلك الإله عبارة عن ثلاثة أقانيم.... ولذلك فإن الله وصفهم بالكـفر في القرآن الكريم حيث يقول الله تعالي:
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)} سورة المائدة.
ومشركي قريش كانوا يعتقدون بوجود الله ، ولكنهم عبدوا آلهة أخرى معه، لذلك فإن الله وصفهم بالكفار كما جاء في القرآن الكريم.
وأنا أود أن أرد على المسيحي من دينه وأضرب له مثالاً من دينه:
اليهـودي يؤمن بوجود إله , وبالرغم من ذلك ، فإن المسيحي ينظر إلى اليهـودي على أنه إنسان غير مؤمن نظراً لأن اليهـودي لا يؤمن بالثالوث.... بل إن المسيحيين يؤمنون بأن اليهـود سيدخلون النار.
واليهودي ينظر إلى المسيحي على أنه إنسان كافر؛ نظراً لأن المسيحي يعتقد بوجود إله ذي ثلاثة أقانيم.... وهكذا.
وبالتالي , نستنتج أن الإيمان لا يتحقق بمجرد الاعتقاد بوجود الإله بل إن الإيمان له شروطه التي تختلف من ديانة إلى أخرى، وبدون تلك الشروط فإن الإنسان يعتبر كـافراً.
ونفس الموضوع بالنسبة للإيمان باليوم الآخر ؛ حيث أنه لا يكفي مجرد الإيمان بيوم الحساب بل يجب أن تؤمن ببعض الشروط الأخرى مثل أن تؤمن بالبعث الجسدي والنعيم الجسدي للصالحين والعـذاب الجسدي للفاسدين...... وبدون تلك الشروط فإنه لا يصح أن نسميك مؤمناً.
وطبعاً، المسيحيين لا يؤمنون بالنعيم الجسدي بل يؤمنون بالنعيم الروحي فقط. وبالتالي لا يصح أن نقول عنهم أنهم يؤمنون باليوم الآخر حسب مفهوم الإيمان في الإسلام.
وأنا أود أن أضيف وأقول :
الإيمان بالله يُشترط فيه الإيمان بجميع أنبياءه أيضاً ، وإذا لم نؤمن بجميع أنبياءه فإننا سنصير كـافرين حسب مفهوم الإيمان في الإسلام ....
يقول الله تعالي :
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (151)} سورة النساء
وطبعاً, اليهـودي والمسيحي لا يؤمنان بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وبالتالي من خلال كل ما سبق ، نستنتج أن اليهـودي والمسيحي ليسا مؤمنين، وبالتالي فإنهما قد فقدا أهم الشروط لدخول الجنة.
-----------------
ملحوظة:
بعض المسيحيين قد يقولون : لماذا يجب أن نؤمن بنبوة النبي محمد ، ألا يكفي الإيمان بالله وأنبياءه السابقين بدون الإيمان بنبوة النبي محمد ......؟!
وأنا أرد عليهم من دينهم وأقول:
يا مسيحيين , هل يصح عندكم أن يؤمن مسيحي بنبوة جميع الأنبياء ماعدا النبي موسى أو هارون أو داود أو ....؟!
أي مسيحي سيرد ويقول : هذا لا يجوز.
وأنا أرد عليهم وأقول :
إذن بنفس منطقكم ، لا يجوز ترك الإيمان بنبوة النبي محمد .
--------------
ملحوظة أخرى:
بالنسبة لمصطلح (الصابئين) :
اختلف العلماء في تحديد ماهية الصابئين , ولكن الرأى الراجح هو أن الصابئين عبارة عن الأقوام الذين لم يسمعوا عن وجود الأنبياء وليس لهم دين محدد ولكنهم يعبدون الله حسب فطرتهم ويؤمنون باليوم الآخر.
وطبعاً، الفطرة النقية تخبرنا بأن الله عبارة عن إله واحد له وحدانية مطلقة. والفطرة النقية تخبرنا بأن وجودنا في هذه الحياة له غاية ولا بد من وجود يوم القيامة حيث تعود الأجساد إلى الحياة مرة أخرى؛ لكي نُحاسب على أفعالنا.
بعض الناس قد تتساءل وتقول :
وماذا سيحدث للناس التي لم تسمع عن الأنبياء ، وفي نفس الوقت لم يعبدوا الله حسب فطرتهم أو تلوثت فطرتهم بالأمور الشركية ؟!
وأنا أرد عليهم وأقول:
هؤلاء سيكون لهم اختبار يوم القيامة، فإذا نجحوا فيه فإنهم سيدخلون الجنة ، وإذا فشلوا فإنهم سيدخلون النار بإذن الله تعالي.
بعض الناس قد تتساءل وتقول :
لماذا قد يكون هناك بعض الناس التي لم تسمع عن الأنبياء ؟!
وأنا أرد عليهم وأقول :
الله قد بعث الرسل إلى كل الأمم حيث يقول الله تعالى:
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)} سورة النحل
ولكن قد يموت النبي وتندثر أوامره ووصاياه من بعده , وعندها ستأتي الأجيال اللاحقة ولن تسمع عنه شيئاً وذلك بسبب تقصير آبائهم في نقل تشريعات النبي الذي بُعث فيهم.
وبالنسبة لهذه الأجيال ، فإنهم سيكون لهم اختبار خاص يوم القيامة بإذن الله تعالى.
-------------------
وفي النهاية , أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده ، وإن كان من سهو أو زلل فمني ونرجو المسامحة عليه .
لا تنسونا من صالح الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋👋👋.
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا