من ضربك على خدك الأيمن ، فحوِّل له الآخر أيضاً

مـقـدمـة:

كثيراً ما نسمع المسيحيين وهم يرددون وصية يسوع القائلة :(من لطـمـك على خدك الأيمن فحوِّل له الآخر أيضًا).

وهذا النص هو من أكثر النصوص التي يفتخر بها المسيحيون ، ولكن دعونا نضع هذا النص تحت مجهر الفحص ؛ لنرى هل هو نص منطقي أم مخـتـل....

وبإذن الله تعالى ، ستجدون في هذه الحلقة أسراراً غريبةً لم ينتبه لها الكثير من الناس.

__________________________________

المـوضـوع:

يقول يسوع في الكتاب المقدس ما يلي:


إنجيل متى - الأصحاح 5
39- وأما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشـر، بل من لطـمـك على خدك الأيمن فحوِّل له الآخر أيضاً.

 

******

إنجيل لوقا - الأصحاح 6:
29- من ضـربك على خدك فاعرض له الآخر أيضاً، ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضاً.

******

والآن ، تعالوا معاً نناقش النصوص السابقة من منطلق العقل والمنطق....

النصوص السابقة بها خلل وعـيـب حيث أن يسوع يقول لك أن من يـضـربك على خدك الأيمن فيجب عليك -بعد ذلك- أن تعطه الخد الأيسر.... وأنا أعلق على هذا الكلام وأقول:

هذا خطأ كبير ؛ لأنه من المعروف أن معظم البشر يستخدمون اليد اليمنى في أعمالهم ، وأنت إذا أردت أن تضرب شخصاً على خده ، فإن الصفعة ستنزل على خده الأيسر وليس الأيمن.

حاول أن تحضر أخاك أو ابنك ، ثم قم بـضـربه على خده ضـربةً خفيفةً تجريبيةً ، وستجد في النهاية أن صـفـعـة يدك قد نزلت على خده الأيسر وليس الأيمن.

وبالتالي نستنتج أن غالبية الصفعات تقع -أولاً- على الخد الأيسر وليس الأيمن بخلاف ما زعم يسوع. وهذا النمط من الصفعات شائع في معظم البشر إلا في حالة الضـارب الأشول الذي يستخدم يده اليسرى في أعماله وحاجاته.... وحالة الشخص الأشول قليلة.

ومن خلال ما سبق 👆، يتبين لنا ان يسوع أخطأ في هذه المقولة ولم ينتبه لما يقوله. ولقد كان من الواجب على يسوع أن يقول : (من لطـمـك على خدك الأيسر ، فحوِّل له الأيمن) وليس: (من لطمك على خدك الأيمن ، فحوِّل له الأيسر).

 

وطبعاً ، عندما تنبه بعض المسيحيين إلى هذا الخطأ ، فإنهم حاولوا ترقيعه عن طريق استخدام التفسير الرمزي الذي لا يوجد دليل عليه من خلال النص نفسه ، وبذلك نجدهم قد حرفوا معاني نصوص الكتاب المقدس حسب أهوائهم.

تعالوا بنا نأخذ مثالاً على بعض التراقيع التي قدمها علماء المسيحية ؛ لتبرير هذا الخطأ الشنيع:

يقول القمص/ تادرس يعقوب ملطي في تفسير النص ما يلي:

[إنّما الخدّ الأيمن يُشير إلى الكرامة الروحية أو المجد الروحي، فإن كان إنسان يسـيء إلينا ليحطِّم كرامتنا الروحيّة ، فبالحب نقدِّم له الخد الأيسر أيضًا، أي الكرامة والأمجاد الزمنيّة والماديّة.] انتهى الاقتباس.

 

وأنا أرد عليه بنفس أسلوبه الركيك (أسلوب التفسير الرمزى) وأقول:
[الخد الأيسر يرمز إلى الجسد الدنيوي. والخد الأيمن يرمز إلى الروح والملكوت. وبالتالي فإن من يضـربنا على الخد الأيسر ؛ أي (يـؤذي جسدنا الدنيوي) ، فإنه ينبغي علينا أن نعطه الخد الأيمن ؛ أي يجب أن ندله على طريق سمو الروح وطريق الملكوت.... وبذلك فإنه كان من الواجب على يسوع أن يذكر الخد الأيسر أولاً ثم يذكر الخد الأيمن.]


وبذلك 👆، نحن نكون قد أثبتنا خطأ يسوع باستخدام نفس أسلوب الترقيع الذي يستخدمه هؤلاء المسيحيون.

----------------------------

النقطة الثانية:

والآن ، تعالوا بنا نرى موقف يسوع تجاه تعاليمه....

كما رأينا بالأعلى 👆، فإن يسوع أمر أتباعه بإعطاء الخد الآخر لمن يضربهم ، ولكن المضحك حقاً هو أن يسوع نفسه لم ينفذ هذه الوصية ولم يلتزم بها.

يقول الكتاب المقدس ما يلي:

إنجيل يوحنا - الأصحاح 18:
22- ولما قال هذا ، لـَطـَمَ يسوعَ واحدٌ من الخدام كان واقفاً، قائلاً: «أهكذا تجاوب رئيسَ الكهنة؟»
23- أجابه يسوع: «إن كنتُ قد تكلمتُ ردياً فاشهد على الردي، وإن حسناً فلماذا تضربني؟»

 

النصوص السابقة 👆 ، تقول أن الخادم ضـرب يسوع على خده ، فرد عليه يسوع قائلاً: [لماذا تـضـربني ؟! (انت بتضربني ليه؟!)]

أي أن يسوع نفسه لم ينفذ تعاليمه ، فهو لم يعط خده الآخر للخادم ولم يصمت عند تلقي الصفعة  بل رد يسوع على الخادم بكل تـبـجـح قائلاً: (انت بتضربني ليه؟!).

 

والغريب في الأمر أن الموسوعة الكنسية تذكر لنا في تفسير (إنجيل متى 5: 38) شيئاً ، فتقول:
[والإنسان في نضجه الروحي، يتدرج في ست درجات أمام الشر الذي يصيبه:
(1) الاعـتـداء على الغير بالشر، وهذا هو الأسلوب الهـمـجى.
(2) مقابلة الشر بشر أعظم، لأن الآخر بدأ بالشر.
(3) مقابلة الشر بشر مثله، وليس أكثر، كما في الشريعة اليـهـودية.
(4) مقابلة الشر بشر أقل، وهذا فيه ضبط للنفس.
(5) عدم الرد على الشر، بل الصمت، وهذا ضبط كامل للنفس.
(6) مقابلة الشر بالخير، وهذا هو المستوى المسيحي، أعلى الدرجات.] انتهى الاقتباس

 

مع العلم أن الاقتباس السابق 👆 مأخوذ -في الأصل- من كلام القديس أغسطينوس ، وتم ذكر هذا الاقتباس في (تفسير القمص/ تادرس يعقوب ملطي | إنجيل متى - الأصحاح 5 - العدد 38).

وبحسب الاقتباس السابق 👆، نجد أن الدرجة الخامسة من النضج الروحاني هي أن تصمت عند التعرض للأذى. أما الدرجة العليا فهى الدرجة السادسة والتي هي المستوى المسيحي الأفضل...... ولكن عندما نرجع إلى موقف يسوع مع الخادم ، فسنجد أن يسوع لم يبلغ الدرجة الخامسة في هذا الموقف ؛ لأنه لم يصمت عندما ضـربه الخادم.  

فما بالكم بالدرجة السادسة ؟!


***ملحوظة: المسيحيون يؤمنون بأن يسوع معصوم من الخطأ ولا يقول ردياً، ولذلك لا تلتفتوا إلى الشطر الأول من النص 23 وهو : (إن كنت قد تكلمت ردياً فاشهد على الردي) ؛ لأن هذا الجزء لا ينطبق على يسوع المعصوم حسب اعتقاد المسيحيين بل يجب عليكم أن تركزوا فقط في الشطر الثاني من النص 23 وهو: (وإن حسناً فلماذا تضربني؟) ؛ لأن يسوع لا يقول إلا حسناً حسب اعتقاد المسيحيين.

----------------------------------

النقطة الثالثة:

نحن لو طبقنا أوامر يسوع التي تنهى عن الدفاع عن النفس وتنهى عن مقاومة الشر، فسيتحول العالم كله إلى غابة يحكمها الأقوياء ويُستضعف فيها الضعفاء.

تخيل معى أن هناك بلـطـجـي شـرير يؤذي الناس ، ماذا ستفعل تجاه ذلك البلـطـجي الشـرير؟!

الإجابة: العقل يخبرنا بأنه يجب وضع حد لذلك البلـطـجي ، ويجب إيقاف هذا البلـطـجي وردعه عن عمله الشـرير....، ولكن تعاليم يسوع تأمرك بأن تستلم لذلك البلـطـجي وألا تعترض علي شـره.... حيث يقول يسوع:

إنجيل متى - الأصحاح 5:

39- وأما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشـر. بل من لطـمك على خدك الايمن فحوِّل له الآخر أيضاً.

 وبناءً على هذه الوصايا اليسوعية ، فإنه ينبغي إغلاق مراكز الشرطة التي تتصدى للأشرار والبلـطـجية. وينبغي -أيضاً- على الشرطة ألا تقبض على الزنـاة وألا تعاقبهم ؛ نظراً لأن يسوع ألغى حد الرجـم كما ورد في (إنجيل يوحنا 8: 11).

وحسب تعاليم يسوع ، ينبغي على الفتاة ألا تدافع عن نفسها إذا تـعـدَّى عليها شخصٌ.

وينبغي على الفتاة أن تستلم للمعـتدي عندما يجردها من ملابسها ؛ لأن يسوع يقول: (من أخذ رداءك ، فلا تمنعه ثوبك أيضاً)

كل هذه الأوامر السابقة تضع المسيحيين في مأزق ، ولذلك حاول علماء المسيحية تحريف معاني النصوص عن طريق استخدام التفسير الرمزي الذي لا يوجد دليل صريح عليه من النص بل التفسير الرمزي مجرد هـبـد صادر عن خيالات مفسري المسيحية.

_____________________________________

وفي النهاية ، أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده. وإن كان من سهو أو زلل فمنى ونرجو المسامحة عليه.

 

لا تنسونا من صالح الدعاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋👋👋   

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا