الرد على الشيخ ميزو - هل ينبغي التوقف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!

مضمون الشبهة:

يقول مـوزو أنه لا ينبغي على الأئمة والشيوخ أن يكلفوا أنفسهم عناء دعوة الناس إلى الإسلام ، بل ولا يجب عليهم أن أن يضـحـوا بحياتهم في السجون من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المـنـكر ، ثم استشهد مـوزو بآيتين من القرآن الكريم لمحاولة تدعيم فكرته ، وهما:
﴿وَأَعۡتَزِلُكُمۡ وَمَا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدۡعُوا۟ رَبِّی عَسَىٰۤ أَلَّاۤ أَكُونَ بِدُعَاۤءِ رَبِّی شَقِیࣰّا﴾

﴿وَمَن یَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَـٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۤۚ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ﴾

_________________________
الرد على الشبهة :

أولاً:
بالنسبة لاستشهاده بالآية التي تقول: {واعتزلكم وما تدعون من دون الله....} ، فأنا أرد عليه وأقول:

يا (موزو) ، أنت اقتطعت الآية من سياقها حيث أننا لو نظرنا للآيات التي قبلها مباشرةً ، فسنجد الآيات التالية:

{وَٱذۡكُرۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّیقࣰا نَّبِیًّا ۝٤١ إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ یَـٰۤأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا یَسۡمَعُ وَلَا یُبۡصِرُ وَلَا یُغۡنِی عَنكَ شَیۡـࣰٔا ۝٤٢ یَـٰۤأَبَتِ إِنِّی قَدۡ جَاۤءَنِی مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَمۡ یَأۡتِكَ فَٱتَّبِعۡنِیۤ أَهۡدِكَ صِرَ ٰ⁠طࣰا سَوِیࣰّا ٤٣ * یَـٰۤأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّیۡطَـٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَـٰنِ عَصِیࣰّا ۝٤٤ یَـٰۤأَبَتِ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یَمَسَّكَ عَذَابࣱ مِّنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّیۡطَـٰنِ وَلِیࣰّا ۝٤٥ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنۡ ءَالِهَتِی یَـٰۤإِبۡرَ ٰ⁠هِیمُۖ لَىِٕن لَّمۡ تَنتَهِ لَأَرۡجُمَنَّكَۖ وَٱهۡجُرۡنِی مَلِیࣰّا ۝٤٦﴾

لو تأملنا في الآيات السابقة ⁦☝️⁩ ، فسنجد أن النبي إبراهيم جاهد من أجل دعوة أبيه إلى التوحيد وترك الشرك ، ولكن أباه عاند واستمر على الشـرك ، بل وقام بتـهـديـد النبي إبراهيم. وعندما وجد النبي إبراهيم أن أباه مُصر على رأيه ولا أمل يُرجى منه ، فإن النبي إبراهيم اعتزل أباه وقومه الذين حاربوا النبي إبراهيم ، ولذلك يقول القرآن الكريم:

﴿وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةࣲ وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥۤ أَنَّهُۥ عَدُوࣱّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لَأَوَّ ٰ⁠هٌ حَلِیمࣱ﴾ [التوبة ١١٤]

من خلال الآيات السابقة⁦☝️⁩ ، نجد أن النبي إبراهيم طلب من الله -في البداية- أن يسامح أباه ، ولكن لما وجد النبي إبراهيم أن أباه مُصر على كـفـره ، فإن النبي إبراهيم تبرأ من أبيه ومن كـفـره...؛ أي أن ذلك الاعتزال لم يحدث في البداية بل إن النبي إبراهيم أمر أباه -أولاً- بالمعروف ونهاه عن المـنـكر ، ولكن الأب أصر على كـفـره ، فقام النبي إبراهيم باعتزال أولئك القوم الكـافـرين ؛ فالاعتزال جاء بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المـنـكر وليس بدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما زعم (مــوزو)...

بل إن القرآن الكريم يسرد لنا جـهـاد النبي إبراهيم مع قومه ، فيقول:

وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَاۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَـٰلِمِینَ ۝٥١ إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِیلُ ٱلَّتِیۤ أَنتُمۡ لَهَا عَـٰكِفُونَ ۝٥٢قَالُوا۟ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا لَهَا عَـٰبِدِینَ ۝٥٣ قَالَ لَقَدۡ كُنتُمۡ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُمۡ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ ۝٥٤ قَالُوۤا۟ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِینَ ۝٥٥ قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِی فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ ۝٥٦ وَتَٱللَّهِ لَأَكِیدَنَّ أَصۡنَـٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّوا۟ مُدۡبِرِینَ فَجَعَلَهُمۡ جُذَ ٰ⁠ذًا إِلَّا كَبِیرࣰا لَّهُمۡ لَعَلَّهُمۡ إِلَیۡهِ یَرۡجِعُونَ قَالُوا۟ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـَٔالِهَتِنَاۤ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥٩ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا فَتࣰى یَذۡكُرُهُمۡ یُقَالُ لَهُۥۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ ۝٦٠ قَالُوا۟ فَأۡتُوا۟ بِهِۦ عَلَىٰۤ أَعۡیُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَشۡهَدُونَ ۝٦١ }

الآيات السابقة ⁦☝️⁩ تحكي لنا جـهـاد النبي إبراهيم مع قومه لدرجة أن قومه أشـعـلوا النار لـحـرقه ، ولكن الله نجاه من الحــرق....

______________________________
ثانياً:

بالنسبة لاستشهاده بالآية التي تقول: ﴿وَمَن یَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَـٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۤۚ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ﴾ [المؤمنون ١١٧]

⁦↩️⁩ أنا أرد عليه وأقول:

كون أن الله هو الذي يحاسب الناس في الآخرة لا لا لا يتعارض مع فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المـنـكر ، فمثلاً:

في الأمور الدنيوية ، القاضي يحاسب المــذنبين ويحكم عليهم ، ولكن هذا لا لا لا يعني أنني أتوقف عن نصح أولئك المـذنبين قبل أن يقعوا في الذنـب بل ينبغي علينا أن ننصحهم ونحذرهم ، فإذا أصروا على الذنـب ، فإن القاضي سيحاكمهم ويحاسبهم ، وهكذا....

خلاصة ما أود قوله في هذه النقطة هو أن فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المـنـكر لا تتعارض مع فكرة حساب لله للخلق يوم القيامة ؛ فنحن ننصحهم في الدنيا ثم يوم القيامة يحاسبهم الله فيدخلهم الجنة أو يدخلهم الـنـار وهكذا .... ومن هنا يتبين لنا أن (مــوزو) عبارة عن دابــة تقرأ ولا تفهم....

وهناك شئ مهم ينبغي التنبيه عليه وهو أننا عندما نقول على شخص أنه كـافـر ، فذلك ليس معناه أننا  حاسبناه انطلاقاً من أهوئنا وأنفسنا بل إن هذا الحُكم هو حُكم الله عليهم في كتابه وفي سنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.....

------------------------------------
ثالثاً:

أنا أود أن أرد عليك -يا مــوزو- بنفس منطقك وبنفس أسلوبك:
إذا كنت أنت تعترض على انشغال الشيوخ بدعوة الناس إلى المعروف ، فلماذا أنت -يا موزو- كنت تشغل نفسك بنشر أفكارك المـسـمـومـة بين المسلمين زاعماً أنك بذلك تصلح الدين وتأخذهم إلى الحق؟!

الإجابة هي أن أعــداء الإسلام ينتهجون سياسة (تـخـديـر المسلمين) ؛ فهم يريدون منعك من فتح فمك في حين أنهم يفتحون أفواههم ليل نهار للـتـهـجـم على الإسلام.

إياك أن تقع في فـخـاخـهـم!

----------------------------------
رابعاً:

الأمر بالمعروف والنهي عن المـنـكر قد ورد في آيات وأحاديث صريحة.....

يقول القرآن الكريم:

﴿وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةࣱ یَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَیۡرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران ١٠٤]

﴿یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ [آل عمران ١١٤]

﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَیُطِیعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ سَیَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ﴾ [التوبة ٧١]

﴿یَـٰبُنَیَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَاۤ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَ ٰ⁠لِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [لقمان ١٧]

_______________________________

وفي النهاية، أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده. وإن كان من سهو أو زلل فمني ونرجو المسامحة عليه.

لا تنسوني من صالح الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 👋👋👋


صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا