مضمون الشبهة:
بعض الملاحدة والمسيحيين ومنكري السُنة يتناقلون شبهةً ضـعيفةً فيما بينهم ، وهذه الشبهة تتلخص في الآتي:
أعــداء الإسلام هؤلاء يذكرون الآية التي تقول: ﴿ٱتۡلُ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ﴾ [العنكبوت ٤٥]
وبعد أن يذكروا الآية السابقة ، فإنهم يقولون أن الصلاة عندكم في القرآن تنهى عن الفـحـشـاء والمـنـكـر ، فلماذا نرى بعض المصلين يرتكبون المعـاصـي بالرغم من أن الصلاة تنهاهم عن ذلك...أليس هذا خطأٌ في القرآن؟!
_____________
الرد على الشبهة :
أولاً:
أنا أحب أن أنبه حضراتكم إلى أن هذه الشبهـة من أســخـف الشبهـات التي مرَّت أمام عيني ، ولولا أن هذه الشبهة منتشرة كثيراً لما رددت عليها أصلاً !!!
ثانياً:
لو قرأنا الآية بتركيز شديد فسنجد أن الآية تخبرنا بأن الصلاة تــنــهــى عن الفـحـشـاء والمـنـكـر ، وأنا أريدكم أن تركزوا معى في كلمة (تنهى)!
هل ركزت.... هل ركزت مرة أخرى؟!
طيب ، تعال معي أبسِّط لك الموضوع...
كلمة (تنهى) تعنى أن الصلاة تأمرك بأن تترك فعل شئ محرم وألا تفعله ، وهذا يعني أن الصلاة تبلغك بقائمة المحرمـات عليك.... ، أما بالنسبة لك ، فمن الممكن أن تسمع التعليمات وتستجيب لها فيكون لك ثواب علي ذلك ، وقد تعصـي هذه التعليمات وتمشي وراء شهـواتـك ونفسك فيكون لك العـقــاب... وكل هذا حسب إرادتك في النهاية .... وكل شئ ستُحاسب عليه في النهاية.
ودعوني أضـرب لكم مثالاً ؛ لكي تتضح الفكرة أكثر:
أنا لو قلت لكم : يا شباب لا تنظروا إلى عــورات البنات في الشوارع...
هذا الكلام السابق ☝ هو بمثابة نهي مني لكم عن النظر إلى المحرمات .... ولكن أنت قد تطيع هذه التعليمات فيكون لك الثواب عند الله ، وعلى الجانب الآخر أنت قد تعصي هذه التعليمات فيكون لك العقاب عند الله وهكذا... أي أنني أود أن أقول أن وظيفتي هنا هي النصيحة فقط ، أما الباقي فهو عليك ؛ إما أن تسمع الكلام وإما أن تعصيه....
وكذلك لو نهاك أبوك عن النزول إلى الشارع ، فأنت في هذه الحالة : إما أن تسمع كلام والدك وتطيعه وإما أن تعصيه ....
ونفس الأمر السابق ينطبق على الصلاة ؛ فوظيفتها هي أن تنهــاك عن فعل شئ محرم ، وأما الباقي فهو عليك : إما أن تعصي الأوامر الإلهية أو أن تطيعها ... وفي النهاية ستُحاسب على أفعالك.
ونحن لو فتحنا القرآن الكريم فسنجد نفس هذه الأسلوب قد ورد في القرآن الكريم في عدة آيات منها:
﴿۞ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَـٰنِ وَإِیتَاۤىِٕ ذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَیَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡیِۚ یَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل ٩٠]
الآية السابقة ☝ تخبرنا بأن الله نهى عن الفحـشـاء والمـنـكـر والبـغـي ، وبالرغم من ذلك فإننا من الممكن أن نرى بعض الناس يرتكبون هذه المحرمات... فإذا فعلوا تلك المحرمات فإن لهم عقوبة على ذلك.
أرجو أن تكون الفكرة قد اتضحت. وأنا أعلم يقيناً أن هذه الشبهة من أسـخـف الشبهات ولكنها للأسف منتشرة حتى بين منكري السُنة مما جعلهم ينكرون كيفية الصلاة عندنا. وطبعاً ، المشكلة ليست في الآيات القرآنية ولا في السُنة النبوية ، ولكن المشكلة تكمن في تلك الدابــة التي تقرأ ولا تفهم!
وبالمناسبة نفس الأمر السابق قد ورد في كتب اليـهـود والمسيحيين ، فمثلاً:
سفر اللاويين - الأصحاح 5:
17- وإذا أخطأ أحدٌ وعمل واحدةً من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها ولم يعلم كان مذنباً وحمل ذنبه.
من خلال النص السابق ☝ ، نجد أن الرب قد ينهى عن فعل أشياء ، ولكن الشخص قد يقع فيها.
---------------------------------
ملحوظة:
بعض الناس قد يسألون : كيف تنهى الصلاة عن فعل المحـرمـات؟!
وأنا أرد عليك وأقول :
الصلاة تنهى عن المحرمات عن طريق وسائل كثيرة منها مثلاً أنك تقرأ القرآن في الصلاة أو تسمعه من الإمام في الصلاة، وهذا القرآن المقروء يحتوى على أوامر ونواهي إلهية. وهذه النواهي القرآنية تنهاك عن فعل الفحشاء والمنكر...
وأنت عندما تكون قريباً من الله في سجودك ، فأنت تستحضر عظمة الله مما يقوي الضمير عندك. وهذا الضمير والخشوع ينهياك فيما بعد عن المحـرمــات حينما توشك على فعلها. والأمر في النهاية موكل إليك؛ فإما أن تسمع صوت ضميرك وإما أن تسمع لصوت هواك وتعصي ضميرك الذي ساهمت الصلاة في إيقاظه بداخلك.
_____________________________________________
وفي النهاية ، أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده. وإن كان من سهو أو زلل فمني ونرجو المسامحة عليه.
لا تنسونا من صالح الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
شكرا على الجلد العلمي.
ردحذف