الرد على شبهة أكل الجن ودوابهم

شخص مسيحي يســخر من الإسلام قائلاً أن الإسلام يزعم أن الجن والشياطين يأكلون العظام المتبقية من مخلفات الطعام، ويركب الجن دواباً تأكل مثلهم،  ثم استدل هذا المسيحي بما ورد في قصة الجن حين قال النبي مخاطباً الجن:

[لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عليه يَقَعُ في أيْدِيكُمْ أوْفَرَ ما يَكونُ لَحْمًا وكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوابِّكُمْ.]

ثم يستكمل المسيحي كلامه قائلاً: كيف يأكل الجن والشياطين بالرغم من أنهم أرواح؟!

وهل النبي محمد قد أباح هذا الطعام للجن المؤمن دون الكــافر؟!

----------------------------------------------

الرد على هذه الشبهة:ـ

أولاً:

المسيحيون يعتقدون أن الجن والشياطين عبارة عن أرواح مثلها مثل الملائكة تماماً؛ لأن الشيطان عبارة عن ملاك أصلاً.. حيث أن المسيحيين يؤمنون أن الشيطان أو لوسيفر هو عبارة عن ملاك سقط من السماء بعدما تمرد وجمع حوله بعض الأتباع من الملائكة، ولذلك فإنه له نفس طبيعة الملائكة الآخرين مثل: ميخائيل وجبرائيل وغيرهم...

🔴 فقد جاء في [إنجيل متى  41:25] ما يلي:

[ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا مـلاعين إلى النار الأبدية المُعدَّة لإبليس وملائكته.]

 

🔴 وجاء أيضاً في رسالة [يهوذا  6:1] ما يلي:

[والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام.]


ونحن عندما نفتح الكتاب المقدس فإننا نجد أن الرب ومعه بعض الملائكة قد جاءوا إلى النبي إبراهيم ، وقد ظهرت له الملائكة في صورة ثلاثة رجال ، كما إن الرب وملائكته أكلوا زبدة ولحمة عـ.ـجل وشربوا اللبن في ضيافة النبي إبراهيم.... إذن نستنتج أن الشيطان نفسه يستطيع أن يأكل مثله مثل غيره من الملائكة.

ورد في سفر [التكوين - الأصحاح 18]  ما يلي:

1- وظهر له الرب عند بلوطات ممرا ، وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار.

2- فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه. فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الارض.

7- ثم ركض إبراهيم إلى البقـ.ـر وأخذ عجـ.ـلاً رخصاً وجيداً وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله.

8- ثم أخذ زبداً ولبناً والعجل الذي عمله ووضعها قدامهم. وإذ كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة ، أكلوا.

--------------------------------------------------------------

إذن الشيطان أو الملاك الساقط يستطيع أن يأكل مثلما أن الرب وملائكته قد أكلوا عند النبي إبراهيم...

بل إن الكتاب المقدس ذكر أن للملائكة طعاماً مثل الخبز حيث يقول سفر [المزامير  25:78]

[أكل الانسان خبز الملائكة. أرسل عليهم زاداً للشبع.]

 

بل إن المسيحيين الذين حاولوا أن ينفوا كون الملائكة تأكل ، فإنهم استشهدوا بما قاله الملاك رافائيل في سفر [طوبيا 12: 19] ، ولكنني أود القول أن التراجم متناقضة في ذكر ما قاله الملاك رافائيل في [طوبيا 12: 19] ، لكن دعوني أنقل لكم ما قالته ترجمة سفر طوبيا (عربي إنجليزي يوناني) حيث تقول:

[فقال لهما الملاك: كان يظهر لكم أني آكل وأشرب معكم ، وإنما أنا أتخذ طعاماً ًغير منظور وشراباً لا يبصره بشر.]

 

فهنا الملاك لا ينفي كونه يأكل أو يشرب بل إنه فقط يخبرنا بأنه يأكل بطريقة مختلفة عنا نحن البشر. مع العلم أن سفر طوبيا ترفضه الكنائس المسيحية البروتستانتية ولا تؤمن به أصلاً.

وحتى المنصرون المسيحيون الذين يتصدرون للدفاع عن المسيحية أمثال المرقعاتي (حلمي القمص يعقوب)، فإنهم لم ينفوا أن إلههم وملائكته قد أكلوا زبدة ولحمة بل أقصى من قالوه هو أن إلههم وملائكته قد أكلوا بطريقة سرية إعجازية !!

 

ثانياً:-

هذا المسيحي يسخـر من كون أن الجن والشياطين لهم دواب ، في حين أن كتابه يذكر أن للملائكة أحصنة تركب عليها وأن الرب كان يركب على الخيل سواء قبل التجسد أو بعد التجسد فمثلاً:

🔴 ورد في سفر [حبقوق  8:3] ما يلي:

[هل على الأنهار حمي يا رب؟! ، هل على الأنهار غضبك ؟! أو على البحر سخطك حتى أنك ركبت خيلك مركباتك مركبات الخلاص.]

 

🔴 وورد في سفر [ارميا  13:4] ما يلي:

[هوذا كسحاب يصعد ، وكزوبعة مركباته. أسرع من النسور خيله. ويل لنا لأننا قد أخـ.ـربنا.]

 

إذن ، إله المسيحيين كان يركب المركبات والخيل، وكذلك كان الرب يركب على الكاروبيم حيث ورد في سفر [صموئيل الثاني  11:22] ما يلي:

[ركب على كروب وطار ، وشوهد على أجنحة الريح.]


أما في العهد الجديد ، فإن الرب كان يركب على أنثى حمـ.ـار وجحـ.ـش حيث ورد في [إنجيل متى  7:21] ما يلي:

[وأتيا بالأتـ.ـان والجــحـش ، ووضعا عليهما ثيابهما ، فجلس عليهما.]


وحتى سفر الرؤيا ملئ بالمناظر التي توحي بأن الرب سيعود في آخر الزمان راكباً على فرس!!


أما بالنسبة للملائكة ، فإنهم يركبون الخيول ويلبسون ملابس حيث ورد في سفر [الرؤيا 19: 14] ما يلي:

[والأجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض، لابسين بزاً أبيض ونقياً.]

وكما يقول القمص أنطونيوس فكري وتقول الموسوعة الكنسية فإن الأجناد السمائية الراكبة على خيول والتي ستأتي مع يسوع في آخر الزمان هم الملائكة حيث يقول القمص أنطونيوس فكري حرفياً ما يلي:

[الأجناد الذين في السماء = هم الملائكة. والسيد المسيح في مجيئه الثاني سيأتي ومعه ملائكة (مت31:25).] انتهى الاقتباس.

 

وفي العهد الجديد ، كان يسوع إله المسيحيين يأكل ويشرب مثله مثل باقي الناس!!

 

💢 فهاهو الدين المسيحي الذي يزعم أن الرب وملائكته يأكلون ويشربون ويركبون على الخيول!!

فإذا كان الرب وملائكته يفعلون ذلك حسب الدين المسيحي، أليس من المعقول أن الشيطان أو الملاك الساقط يأكل ويشرب ويركب على الخيول أيضاً وخصوصاً أن الرب والملائكة والشيطان كلهم أرواح حسب اعتقاد المسيحيين؟!


ثالثاً:

الرد على الشبهة من منظور إسلامي:ـ

حسب الدين الإسلامي ، فإن الجن أو الشياطين ليسوا مجرد أرواح بل هم كائنات مخلوقة من النار؛ أي أن لها كيانات مادية حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز:

[وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ][15][الرحمـن]


وطبعاً، كلنا نعرف أن النار يسهل عليها أن تلتهم الأشياء سواء كانت طعاماً أو غيره ، وبذلك يسهل على الجن أو الشيطان أن يأكل أيضاً.

لكن ذلك المسيحي لا يعرف تكوين الجن من وجه نظر الإسلام ، فاعتقد ذاك المسيحي أننا نؤمن بما يؤمن هو به!!


رابعاً:ـ

هل الجن لهم دواب يركبون عليها؟!

الإجابة: الحديث ذكر أن للجن دواباً لكنه لم يقل أن الجن يركبون على هذه الدواب بل الحديث ذكر كلمة (دواب) فقط.

 والدواب في اللغة العربية هو كل ما يدب على الأرض من مخلوقات سواء كان ذلك حشرات أو طيور أو حيوانات أو غير ذلك ؛ فالقط دابة ، والعصفور دابة ، والصـ.ـرصور دابة، والـثــور دابة ، والخــنزير دابة وهكذا.... ولذلك فإنه ليس شرطاً أن يركب الجن تلك الدواب بل ربما هم يستخدمونها في أشياء أخرى غيبية لا يعلمها إلا الله.

وحتى لو افترضنا أن الجن يركب تلك الدواب فليس هناك مانع عقلي من ذلك؛ فهناك العديد من الكائنات التي تركب كائنات أخرى من أجل التنقل مثل: صرصار الخوذة (helmeted cockroach) ، والذي يستخدم الخفافيش كوسيلة للتنقل نظراً لان ذلك الصرصــور لا يستطيع الطيران بنفسه. وغير ذلك كثير...

خامساً:

هل من الممكن أن يأكل الجن العظام؟!

الإجابة:ـ نعم ، فالجن مخلوقات خُلقت من النار ، ويمكنها أن تأكل مخلفات الطعام مثلما أن القطط تأكل العظام.

 

سادساً:ـ

هل دواب تلك الجن يمكنها أن تأكل البعرة (الفضــلات)؟!

الإجابة:ـ نعم ، فمثلاً: المسيحيون يربون الخــنزير ويأكلونه. وكلكم يعرف أن الخـ.ـنزير يأكل الفضــلات... إذن لا يوجد مانع من أن توجد كائنات أخرى تأكل الفضــلات.

وعلى فكرة ، كان المسيحيون يركبون الخــنزير ويستخدمونه في نقل البضائع وجر العربات قديماً... ؛ أي أن الخنزير عبارة عن دابة تأكل البعر وتُستخدم في التنقل ، فما المانع إذن من وجود دواب للجن تأكل البعر ويركبها الجن؟!

 Farmer Rides Pig Along Busy Road in China - YouTube

 

 History In Pictures on Twitter: "Man riding a pig, 1914  http://t.co/a244NxgqcV" / Twitter

 

 

سابعاً:ـ

ما معنى عبارة [كل عظام يقع في أيديكم هو أوفر ما يكون لحماً]؟!

هذه عبارة مجازية تعني أن هذا العظم الضئيل سيكون مغذياً ووفيراً وكأنك تأكل اللحم. أما بالنسبة لمن قالوا أن العظم يتحول في أيدي الجن إلى لحم لكي يأكلونه، فهذا كلام لا دليل ، وهو مخالف للذوق العربي في فهم معنى الكلام.

 

ثامناً:

لماذا النبي وجه الكلام للجن المؤمن ولم يوجهه للجن الكــافر أو ما يُسمى بالشيطان؟!

الإجابة: لأن الجن المؤمن بكل بساطة هو من استمع لتشريعات النبي محمد وحضر لسماع النبي محمد وآمنوا به كما ذُكر في سورة الجن، أما الجن الكــافر فإنه لا يبالي بتشريعات النبي محمد فيما يتعلق بأمور المأكل.

 

تاسعاً:

لماذا النبي محمد خاطب الجن ، وهل هم مكلفون مثلنا ، وهل هم إخوة لنا في الإيمان؟!

الإجابة:ـ النبي محمد أُرسل للجن والإنس ؛ فالجن والإنس مكلفون بعبادة الله حيث قال الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

ولذلك فإن الجن المؤمن هو أخ لنا في الدين.

 ------------------------------------------------------------

وهكذا نكون قد رددنا على كل الشبهات التي أثارها ذلك المسيحي ، وأنا أكاد أجزم أن ذلك المسيحي لن يقدر على الرد إلا أنه سيقوم بترميز نصوص الكتاب المقدس وتأويلها على هواه...

-------------------------------------------------------------

لا تنسونا من صالح الدعاء

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا