أنت لو قلت للمسيحيين أن إنجيل متَّى كاتبه مجهول ، فسيرد المسيحي عليك ويقول أن الأب بابياس ذكر أن متَّى هو كاتب (إنجيل متَّى). هذا هو الرد الرئيسي الذي سيستشهد به المسيحي عليك !!
ويجدر بك أن تعرف أن آباء الكنيسة الذين جاءوا بعد بابياس -مثل إيريناوس- قد نقلوا نفس هذه الأكذوبة من بابياس نفسه؛ نظراً لأن بابياس كان أقدم منهم.
ولكن هنا يكمن سؤال مهم: هل شهادة بابياس مقبولة حقاً أم أنها بلا قيمة؟!
تابع معي هذا المنشور لتعرف الجواب!
أولاً: المسيحيون يزعمون أن الأب بابياس لقي يوحنا الرسول وتتلمذ على يديه مباشرةً، لكن هذا الزعم عبارة عن كذبة اخترعها الأب (إيريناوس) ؛ فـ(بابياس) لم يلتق أصلاً بيوحنا الرسول ولم يسمع من فمه مباشرةً.
وعندما نرجع إلى كتاب (تاريخ الكنيسة) لـ (يوسابيوس القيصري) الملقب بـ (أبو التاريخ الكنسي) ، فإننا نجده يتكلم عن بابياس قائلاً:
[أما بابياس نفسه فإنه في مقدمة أبحاثه لا يصرح بأي حال من الأحوال بأنه كان مستمعاً أو معايناً للرسل المباركين، ولكنه يبين في كلماته بأنه قد تلقى تعليم الإيمان من أصدقائهم؛ فهو يقول: (وكلما أتى أحد ممن كان يتبع الشيوخ سألته عن أقوالهم عما قاله أندراوس أو بطرس أو فيلبس أو توما أو يعقوب أو يوحنا أو متَّى أو أي واحد آخر من تلاميذ الرب أو عما قاله أريستيون أو القس يوحنا)] انتهى الاقتباس
إذن بابياس لم يقابل الرسل شخصياً بل كان هناك أشخاص ينقلون له الأقوال زاعمين أنها أقوال رسل المسيحية.
ثم إن بابياس لم يقابل يوحنا الرسول بل قابل رجلاً آخر وهو: القس يوحنا. وهناك فرق بين الإثنين لكن المسيحيين خلطوا بينهما.
الأمر الآخر هو أن الأب بابياس كان يدوِّن روايات خرافية ويتحدث بتعاليم غريبة وينسبها إلى المسيح زاعماً أن هذه الأقوال وصلته من التقليد الشفهي، ولهذا يفضحه المؤرخ يوسابيوس القيصري قائلاً عنه ما يلي:
[ويدوِّن نفس الكاتب روايات أخرى يقول أنها وصلته من التقليد غير المكتوب وأمثالاً وتعاليم غريبة للمخلِّص وأموراً أخرى خرافية.] انتهى الاقتباس
بل الأدهى من ذلك أن الأب بابياس كان مهرطقاً ومردداً لبدعة (المُلك الألفي) التي يرفضها الأرثوذكس اليوم حيث يخبرنا عنه المؤرخ يوسابيوس قائلاً:
[من ضمن هذا قوله أنه ستكون فترة ألف سنة بعد قيامة الأموات وإن ملكوت المسيح سوف يؤسس على نفس هذه الأرض بكيفية مادية.] انتهى الاقتباس
والمضحك حقاً أن تجد القديس أوغسطينوس يهرطق كل من يأخذ ببدعة (المُلك الألفي) ويصفه بالمنحرف عن الإيمان.
بل إن الوضع ازداد سوءاً إلى حد أن يوسابيوس القيصري قد وصف الأب بابياس بأنه: (واحد مخه على أده) حيث يقول يوسابيوس عن بابياس ما يلي:
[وأظن أنه وصل لهذه الآراء بسبب إساءة فهمه للكتابات الرسولية غير مدرك أن أقوالهم كانت مجازية. إذ يبدو أنه كان محدود الإدراك جداً كما يتبين من أبحاثه.] انتهى الاقتباس
يعني المسيحيون يستشهدون علينا بالأب (بابياس) الذي كان عبيطاً !
بل إن الأب بابياس فجَّر قنبلة في وجه الكهنة الأقباط حيث يخبرنا بابياسُ قائلاً:
[مرقس إذ كان هو اللسان الناطق لبطرس كتب بدقة ولو من غير ترتيب كل ما تذكره عما قاله المسيح أو فعله؛ لأنه لا سمع للرب ولا اتبعه، ولكنه فيما بعد اتبع بطرس الذي جعل تعاليمة مطابقة لاحتياجات سامعيه دون أن يقصد بأن يجعل أحاديث الرب مرتبطة ببعضها.] انتهى الاقتباس
إذن بابياس يخبرنا أن مرقس الإنجيلي لم يقابل يسوع ولا شاهده. وهذا الأمر قد أزعج الأقباط كثيراً؛ لأن الكنيسة القبطية المرقسية تزعم أن بشيرها مرقس قد نقل إليها تعاليم يسوع من فم يسوع مباشرةً، لكن بابياس يهدم أحلامهم مؤكداً أن مرقس لم يقابل يسوع بل كتب إنجيله نقلاً عن بطرس، وقد كان مرقس يكتب الإنجيل من غير ترتيب وبجمل غير مترابطة. وهذا أغضب الأقباط كثيراً مما جعلهم يتهمون بابياس بأنه جاهل وليس لآراءه أي قيمة أبداً.
يقول القس الراهب/ أثناسيوس المقاري في كتابه (مصادر طقوس الكنيسة: الديداخي| صفحة 65) ما يلي:
[ولم تعد لآراء بابياس أهميتها التي ظلت قروناً طويلةً تؤثر على فكر آباء الكنيسة وتوجه آراءهم بل إن يوسابيوس كان سبَّاقاً في هذا الشأن عندما قال: ((إن بابياس كان محدود الإدراك جداً كما يتبين من أبحاثه)).] انتهى الاقتباس
ونفس الموضوع حصل مع البابا شنودة الذي اتهم بابياس في هذا الأمر.
وأما بالنسبة للشهادة التي قدَّمها بابياس لـ(إنجيل متَّى)، والتي يطير المسيحيون بها فرحاً، هذه الشهادة أصلاً تهدم عصمة الكتاب المقدس.
تعالوا بنا ندقق في كلام بابياس عن إنجيل متَّى ...
يقول بابياس عن إنجيل متَّى ما يلي:
[وهكذا كتب (متَّى) الأقوال الإلهية باللغة العبرانية.] انتهى الاقتباس
إذن بابياس يخبرنا أن إنجيل متَّى قد كُتب أصلاً باللغة العبرية وليس باللغة اليونانية كما يزعم المسيحيون اليوم. وبالتالي فإن المخطوطات اليونانية ليست مخطوطات أصلية بل هي مجرد ترجمات، وقد يكون بها بعض الأخطاء الناتجة من عملية الترجمة مثلها مثل أي كتاب مترجم آخر.
ثم إنني أتعجب من أولئك المسيحيين الذين يستشهدون بكلام بابياس لإثبات موثوقية إنجيل متَّى.... ، أنا أرد عليهم وأقول:
على فكرة ، الأب بابياس أخبرنا أن متَّى كتب إنجيلاً ما..، لكنه لم يخبرنا عن أي إنجيل يتحدث؛ فهناك أكثر من إنجيل يحمل لقب (إنجيل متَّى) ولكن الكنيسة لم تقبل إلا إنجيلاً واحداً؛ فعن أيهم كان بابياس يتكلم يا مسيحيين ، وما الدليل؟!
وأما بالنسبة للمدعو: (الدكتور/ حلمي القمص يعقوب)، والذي زعم أن متَّى كتب إنجيله في البداية باللغة العبرية ثم كتب بنفسه إنجيلاً آخر باللغة اليونانية وهو الموجود بين أيدينا اليوم ، فأنا أرد عليه وأقول:
كلامك - يا حلمي - مجرد هبد ولا يوجد دليل تاريخي أصيل عليه بل كلها مجرد تخمينات منكم ونقلاً من بعضكم البعض. ولو كان عندك دليل تاريخي أصيل لذكرتموه، ولكن ما بوسعكم شئ سوى الإفلاس.
وفي الختام نصدمكم بصدمة أخرى من الأب بابياس حيث أنه اقتبس قصة امرأة خاطئة مع يسوع، وهذه القصة اقتبسها من إنجيل العبرانيين الذي ترفضه الكنيسة اليوم!
فهل بعد كل هذا يظل لبابياس موثوقية، ولماذا تطيرون فرحاً بكلامه يا مسيحيين ، هل هذا هو الأب الذي تستشهدون به لإثبات موثوقية إنجيل متَّى ، ولماذا تأخذون من كلامه ما يعجبكم وتتركون الباقي؟!
الخلاصة:
1- بابياس لم يقابل الرسل أصلاً بل وصل إليه الكلام من طرف مجهول يصعب إثبات مصداقيته.
2- بابياس كان محدود الإدراك.
3- بابياس كان يدوِّن أشياء خرافية عن المسيح.
4- بابياس كان يؤمن ببدعة (المُلك الألفي) التي يرفضها الأرثوذكس.
5- بابياس قال أن مرقس لم يقابل المسيح مما يهدد مكانة الكنيسة القبطية.
6- بابياس لم يخبرنا عن أي إنجيل يتحدث.
7- بابياس كان يقتبس قصصاً عن المسيح من الأناجيل المنحولة المرفوضة اليوم.
____________________________________________________________
لا تنسونا من صالح الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 👋
______________________________
المراجع:
كتاب (تاريخ الكنيسة - الفصل التاسع والثلاثون) للمؤرخ المسيحي يوسابيوس القيصري الذي كان أحد آباء الكنيسة الأوائل.
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا