الرد على شبهة: هل اختراع السونار يطعن في معرفة الله بما في الأرحام؟!

 مضمون الشبهة:

الكثير من الملاحدة والمسيحيين يطعنون في القرآن الكريم ويرون أن القرآن أخطأ عندما زعم أن الله هو الوحيد الذي يعلم الأجنة في الأرحام بالرغم من أن الأطباء أيضاً يعلمون الأجنة عن طريق السونار! 

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴

الرد على الشبهة:

أولاً:

القرآن الكريم لم يقل أن الله هو الوحيد الذي يعلم الأجنة في الأرحام، وإذا ذهبنا إلى الآيات القرآنية التي تتحدث عن ذلك، لوجدناها كالتالي:

  قال الله تعالى:

﴿ٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِیضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَیۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ﴾ [الرعد ٨]

﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَیُنَزِّلُ ٱلۡغَیۡثَ وَیَعۡلَمُ مَا فِی ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِی نَفۡسࣱ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدࣰاۖ وَمَا تَدۡرِی نَفۡسُۢ بِأَیِّ أَرۡضࣲ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرُۢ﴾ [لقمان ٣٤] 

 

 لو نظرنا إلى الآيات السابقة 👆 لوجدناها تخبرنا أن الله يعلم ما في الأرحام، لكن الآيات لم تقل أن الله هو الوحيد الذي يعلم ما في الأرحام.

دعني أضرب لك مثالاً لكي تفهم الفكرة: 

الله يعلم ما هو اسم النبي محمد وما هي أسماء زوجاته وأبنائه، فهل هذا معناه أن الله هو الوحيد الذي يعلم هذه الأسماء؟!

الإجابة: لا لا لا، الله يعلم تلك الأسماء، ونحن أيضاً نعلم تلك الأسماء.

إذن، هناك أشياء يعلمها الله وحده ، وهناك أشياء يعلمها الله والبشر معاً.

 

وهناك آية أخرى تقول:

 ﴿وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَیۡبِ لَا یَعۡلَمُهَاۤ إِلَّا هُوَۚ وَیَعۡلَمُ مَا فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا یَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةࣲ فِی ظُلُمَـٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبࣲ وَلَا یَابِسٍ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مُّبِینࣲ﴾ [الأنعام ٥٩]

 

الآية السابقة👆، ذكرت (مفاتح الغيب) التي لا يعلمها إلا الله، ولكن الآية لم تذكر لنا ما هي هذه المفاتح، وهل علم الأرحام ضمن هذه المفاتح أم لا؟! 

وبالتالي ، من الخطأ أن يأتي شخص وينسب كلاماً إلى القرآن ثم يزعم أن القرآن أخطأ فيه !! 

وإلى هنا ، نكون قد أثبتنا أن أعداء الإسلام لا يعرفون مكان الشبهة أصلاً!

 ☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲☲

ثانياً:

السُنة النبوية هي من ذكرت بالتفصيل مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله تعالى.

ورد في صحيح البخاري (1039) عن النبي أنه قال:

[مِفْتَاحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ: لا يَعْلَمُ أَحَدٌ ما يَكونُ في غَدٍ، ولَا يَعْلَمُ أَحَدٌ ما يَكونُ في الأرْحَامِ، ولَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وما تَدْرِي نَفْسٌ بأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وما يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ المَطَرُ.]

 

الحديث السابق 👆 ليس به أي خطأ علمي؛ فالحديث النبوي يتحدث عن الأشياء المستقبلية التي لا يمكن لأحد أن يعرفها؛ والأطباء لا يستطيعون معرفة شكل الجنين الذي ستحمل به امرأة بعد خمس سنوات مثلاً.

لا يمكن للأطباء معرفة أشكال أو أنواع الأجنة التي ستتكون في الأرحام بعد سنوات في المستقبل.

أنت لو دققت في الحديث النبوي لوجدته يتكلم أصلاً عن الأحداث المستقبلية وليس عن الأحداث الحالية في الوقت الحاضر، والدليل على ذلك هو أن سياق الحديث ذكر ما يلي:

1- لا يعلم أحد ما يكون في الغد (في المستقبل).

2- لا يعلم أحد ماذا سيكسب غداً (في المستقبل).

3- لا يعلم أحد في أي مكان سيموت (في المستقبل).

4- لا يعلم أحد متى سيجيء المطر (في المستقبل).

 

فسياق الحديث النبوي يتحدث أصلاً عن الأحداث المستقبلية التي ستحدث في المستقبل والتي لا يمكن للبشر معرفتها بنسبة 100%؛ والسونار لا يستطيع معرفة شكل جنين مستقبلي لم يتكون بعد.

 لا يستطيع السونار أن يتنبأ 100% بشكل الجنين الذي سيولد بعد عشر سنوات.

 

الأمر الآخر هو أن العلم ينقسم إلى شقين: علم الغيب وعلم الشهادة.

أما علم الغيب، فهو العلم الذي لا تدركه حواسك الخمسة بمعنى أنك لا تراه بعينك ولا تسمعه بأذنك ولا تلمسه بيدك ولا تشمه بأنفك، وليس لديك أي طريقة أو دليل أو أثر لمعرفته. وهذا النوع من العلم لا يعلمه إلا الله وحده؛ فالله يعلم الأشياء التي لم يتوصل لها البشر حتى الآن.

أما علم الشهادة، فهو الشئ الذي تشهده بنفسك؛ أي أنك يمكنك أن تراه أو تسمعه أو تلمسه أو تشمه أو تقيم عليه التجارب في المختبرات أو تتعرف عليه عن طريق أثر مادي. وهذا النوع من العلم يعلمه الله والبشر معاً. فنحن كبشر نعلم السيارات، وكذلك الله يعلم السيارات.   


والآن، هنا يكمن سؤال مهم جداً:

 هل السونار يندرج ضمن علم الغيب أم ضمن علم الشهادة؟!

الإجابة: السونار يعتبر من علم الشهادة وليس من علم الغيب؛ فالطبيب يوجه موجات السونار نحو رحم الأم، فتدخل الموجات ثم ترجع إلى الجهاز ويتم عرض شكل الجنين على شاشة الجهاز، والطبيب يظل ينظر بعينيه إلى شكل الجنين عبر الجهاز ويشاهده.

فاستخدام السونار أو استخدام المناظير الطبية أو الميكروسكوب هو أصلاً من علم الشهادة نفسه وليس علم الغيب؛ فأنت تشاهد تشاهد تشاهد شكل الجنين عبر الجهاز؛ إذن هذا يتبع علم الشهادة الذي يشترك فيه الله والبشر معاً.


أما الغيب؛ فهو ما غاب عن حواس البشر ولا يمكن للبشر رؤيته ولا سماعه ولا لمسه ولا قراءته ولا فحصه؛ فهذا الشئ غائب عن إدراك البشر. هذا النوع من العلم يُطلَق عليه علم الغيب ولا يعرفه إلا الله وحده.

 

نحن كأطباء لا يمكننا معرفة الجنين المستقبلي طالما أنه ما زال في مرحلة الغيب وأنه لم يتكون بعد وليس عندنا أي أثر له. وفي هذه الحالة لا يمكننا معرف الجنين طالما أنه غائب عن إداركنا وغائب عن مشاهدتنا وتجاربنا ومناظيرنا وأجهزتنا....، لكن إذا كان هذا الجنين قد تَكَّون بالفعل وموجود أمامنا في الوقت الحاضر ويمكننا الآن مشاهدته عن طريق شق البطن أو إدخال منظار طبي أو أخذ عينة من السائل الأمنيوني ومشاهدة نتائج الفحص أو مشاهدة شكل الجنين عبر السونار، فهذا كله اسمه علم الشهادة وليس علم الغيب. فالجنين وآثاره الآن أصبحت موجودة أمامك أصلاً وتشاهدها عبر الجهاز وليست غائبة عنك.

 

والآن ، تعالوا بنا نرجع إلى الحديث الشريف:

الحديث الشريف يقول: [مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله]

الحديث الشريف يتكلم أصلاً عن مخازن الغيب؛ أي عن الأشياء الغيبية المستقبلية التي لا وجود لها الآن، ثم ذكر من ضمنها: الأجنة المستقبلية التي ما زالت في مرحلة الغيب وهي غائبة عنا وعن إدراكنا وتجاربنا وأجهزتنا، وبالتالي لا يمكن رصدها أصلاً.

 

دعني أسألك سؤالاً:

لو أنت أمامك امرأة حامل، ثم قمت بشق بطنها ومشاهدة شكل الجنين، هل ستعتبر هذا غيباً أم علماً لشيء مشاهد؟!

 

طيب ، سؤال آخر:

لو جهازك المحمول أرسل إشارة لا سلكية إلى صديقك، فقام صديقك بإرسال صورة إلكترونية لك عبر إشارات الهاتف ثم شاهدت هذه الصورة، فهل هذه الصورة تعتبر غيباً أم علم مشاهد؟! 


طيب ، سؤال آخر:

لو أنت أدخلت جهازاً إلى بطن إنسان والتقطت صوراً ثم أخرجت الجهاز من بطنه وشاهدتها، هل هذه الصور هي علم غيب أم علم شهادة؟!

الإجابة: أي عاقل سيقول أن كل هذه الحالات السابقة هي حالات علم الشهادة وليست غيباً.   

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴

إذن الخلاصة:

الحديث الشريف يتكلم عن الأجنة الغيبية المستقبلية التي لا يمكن رصدها بالسونار، ولا يتكلم الحديث النبوي عن الأجنة المشاهدة أمامنا عبر شاشة السونار.

والله يتحدى الأطباء أن يحددوا شكل جنين غيبي مستقبلي بدون أن يشاهدوا آثاره أو جيناته أو صورته أو أي شئ يتعلق به.  


ملحوظة:

بعض شيوخ الإسلام الآخرين ذكروا أن الحديث النبوي لم يقل: ((مَن في الأرحام))، ولم يقل: ((شكل ونوع الأجنة في الأرحام))، بل الحديث قال: ((ما في الأرحام))؛ أي كل شئ في الأرحام وليس شكل الجنين أو نوعه فقط.

 وطبعاً، السونار لا يمكنه تحديد كل الأشياء التي في الأرحام؛ فهو لا يمكنه تحديد كل الأمراض التي سيصاب بها الجنين، ولا يمكنه تحديد كل صفات الجنين أو طول عمره أو رزقه أو....

፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦፦

  وأخيراً:

أنا أستعجب من بعض المسيحيين الذين يرددون هذه الشبهة ضد الإسلام، بالرغم من أن الكتاب المقدس يقول:

سِفر الجامعة - الأصحاح 11- العدد 5:

[كما أنك لست تعلم ما هي طريق الريح، ولا كيف العظام في بطن الحبلى، كذلك لا تعلم أعمال الله الذي يصنع الجميع.] (ترجمة الفاندايك)

 

أما الترجمة العربية المشتركة فتقول:

    [كما أنك لا تعرف أي طريق تسلك الروح، ولا كيف تتكون العظام في رحم الحُبلى، كذلك لا تعرف أعمال الله الذي يصنع كل شيء.]


فالكتاب المقدس يخبرنا أننا لا يمكن أن نعرف كيف تتكون العظام في رحم الحبلي بالرغم من أن العلم الحديث يخبرنا كيف تتكون العظام في رحم الحبلي، فهل هذا النص المقدس أصبح غير صالح لزماننا هذا ؟!

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

لا تنسونا من صالح الدعاء

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 👋


صورة الجنين في بطن أمه


صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا