مضمون الشبهة:
يزعم أعداء الإسلام أن القرآن الكريم تم تحريفه، ويستدل أعداؤنا برواية وردت عن عمر بن الخطاب أنه سأل (أُبي بن كعب) عن آية من القرآن، فأجاب (أُبي بن كعب) بأن الآية قد سقطت.
الرواية التي يستدلون بها كالتالي:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ بَجَالَةَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِرَجُلٍ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ : ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ، وَهُوَ أَبُوهُمْ)) , فَقَالَ عُمَرُ : لا تُفَارِقْنِي حَتَّى نَأْتِيَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ. فَأَتَيَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ , فَقَالَ : يَا أُبَيُّ ، أَلا تَسْمَعُ كَيْفَ يَقْرَأُ هَذَا هَذِهِ الآيَةَ ؟ فَقَالَ أُبَيُّ : "كَانَتْ فِيمَا أُسْقِطَ" . فقَالَ عُمَرُ : فَأَيْنَ كُنْتَ عَنْهَا؟ ، فَقَالَ أُبيّ: "شَغَلَنِي عَنْهَا مَا لَمْ يَشْغَلْكَ"
෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴
الرد على الشبهة:
الرواية السابقة هي رواية مكذوبة ولا تصح أصلاً؛ حيث أن سند الرواية ضعيف جداً، وستعرف لماذا:
الراوي الذي ذكر القصة هو (بَجالة بن عبدة) وهو واحد من التابعين الذين عاشوا في البصرة، وهذا الرجل لم يقابل عمر بن الخطاب أصلاً، فعمر بن الخطاب عاش في المدينة المنورة، وهذا يعني أن بَجالة لم يكن مع الخليفة عمر وقت حصول هذه القصة، ونحن لا نعرف من الذي نقل هذه القصة إلى بَجالة؛ أي أن هذه الرواية مُرسَلة، وهي ضعيفة لكونها من الشائعات.
ثانياً:
الرواية مروية عن طريق شخص اسمه (ابن لهيعة)، وهو رجل لا يوثق برواياته، وقد ضعَّفه أغلبية علماء الجرح والتعديل.
وسنسرد لكم آراء علماء الجرح والتعديل فيه:
-
قال أبو أحمد الحاكم عنه : ذاهب الحديث.
-
قال أبو أحمد بن عدي الجرجاني عنه: حديثه كأنه نسيئ.
-
قال أبو القاسم بن بشكوال عنه: اختلط، فمن روى عنه قبل الاختلاط فلا بأس به، وكان قبل الاختلاط كثير الوهم، كثير الخطأ، واحترقت كتبه.
-
قال أبو بكر البيهقي عنه: لا يحتج به، وأجمع أصحاب الحديث على تضعيفه.
-
قال أبو حاتم الرازي عنه: ضعيف، وأمره مضطرب.
-
قال أبو حاتم بن حبان البستي عنه: يدلس عن أقوام ضعفاء على أقوام ثقات قد رآهم ثم كان لا يبالى ما دفع إليه قرأه سواء كان من حديثه أو لم يكن.
-
قال أبو زرعة الرازي عنه: ضعيف، وأمره مضطرب، وكان لا يضبط، ولما سئل عن سماع القدماء منه؟ فقال: آخره وأوله سواد.
-
قال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري عنه: لم يقصد الكذب، وإنما حدَّث من حفظه بعد احتراق كتبه فأخطأ.
-
قال أبو عيسى الترمذي عنه: ضعيف عند أهل الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه.
-
قال أحمد بن حنبل عنه: حديثه ليس بحجة.
-
قال أحمد بن شعيب النسائي عنه: ضعيف، ليس بثقة.
-
قال أحمد بن صالح المصري عنه: من الثقات إلا أنه إذا لُقِّنَ شيئاً حدث به.
-
قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عنه: لا يوقف على حديثه، ولا ينبغى أن يُحتَج به، ولا يُغتر بروايته.
-
قال ابن حجر العسقلاني عنه: صدوق، خلط بعد احتراق كتبه.
-
قال ابن قتيبة الدينوري عنه: كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه.
-
قال الخطيب البغدادي عنه: كثرت المناكير في روايته لتساهله.
-
قال الدارقطني عنه: يُضعَّف حديثه، ولا يحتج بحديثه، وهو ليس بالقوي.
-
قال الذهبي عنه: العمل على تضعيف حديثه.
-
قال بشر بن السري البصري عنه: لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفاً.
-
قال عبد الرحمن بن مهدي عنه: ما اعتد بشيء سمعته من حديثه، ولا أحمل عنه قليلاً ولا كثيراً.
-
قال عبد الله بن المبارك المروزي عنه: قد أراب ابن لهيعة؛ أي ظهرت عورته.
-
قال عمرو بن علي الفلاس عنه: ضعيف الحديث، احترقت كتبه، فمن كتب عنه قبل ذلك مثل ابن المبارك وعبد الله بن يزيد المقرى أصح من الذين كتبوا بعدما احترقت الكتب.
-
قال محمد بن إسحاق بن خزيمة عنه: لست ممن أخرج حديثه إذا انفرد، ومرة ذكره في التوحيد ليس ابن لهيعة من شرطنا ممن يحتج به.
-
قال البخاري عنه: كان يحيى بن سعيد، كان لا يراه شيئاً، واحترقت كتبه في سنة سبعين ومائة.
-
قال محمد بن جرير الطبري عنه: اختلط عقله في آخر عمره.
-
قال محمد بن سعد كاتب الواقدي عنه: ضعيف.
-
قال مصنفوا تحرير تقريب التهذيب عنه: ضعيف.
-
قال يحيى بن سعيد القطان عنه: قال لي بشر بن السري: لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفاً
-
قال يحيى بن عبد الله بن بكير عنه: احترق منزل ابن لهيعة وكتبه في سنة سبعين ومائة.
-
قال يحيى بن معين عنه: ضعيف الحديث، لا يحتج بحديثه، وهو في حديثه كله ليس بشيء، وليس حديثه بذلك القوى، وهو ضعيف في حديثه كله لا في بعضه.
ابن لهيعة كان كثير الخطأ، وكان يكتب أي شيء بدون تفحص، وكان يخلط الروايات، ويدلس في الأسانيد عن قوم ضعفاء، وكان يُلقَّن أي كلام فينقله، وقد احترقت كتبه، فبدأ في نقل الحديث من ذاكرته، فحدثت أخطاء أشنع من ذي قبل..
يعني أن الرواية ضعيفة أصلاً ولا تثبت صحتها.
ثالثاً:
الرواية غير مقبولة عقلاً: فالرواية تريد أن توهمنا بأن الصحابي (أُبي بن كعب) كان يعلم أن هناك جزءاً مفقوداً قد سقط من الآية القرآنية، ولكنه لم يكتبه نظراً لإنشغاله!!
ونحن هنا سنسأل سؤال: هل من المعقول أن يتراخى الصحابي أُبي بن كعب عن تصحيح الآيات القرآنية ومراجعتها، وهل من المعقول أن يفضل شؤونه الشخصية على القرآن الكريم؟
الإجابة: لا
ولذلك نحن نقول أن هذه الرواية مكذوبة ولا تصح عقلاً.
ثم إننا سنسأل سؤال: إذا كان الخليفة عمر قد علم أن الآية ناقصة، فلماذا لم يكملها بنفسه؟!
إذن يتبين لنا أن الرواية ضعيفة أصلاً...
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا