مضمون الشبهة:
منكرو السُنة يزعمون أن السُنة النبوية مخالفة للقرآن؛ لأن السُنة النبوية تبيح أكل لحوم الخيل، ويزعم هؤلاء أن الله خلق الخيل من أجل الركوب فقط وليس من أجل الأكل، ويستدلون على ذلك بقول الله تعالى:
﴿وَٱلۡخَیۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِیرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِینَةࣰۚ وَیَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل ٨]
෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴
الرد على الشبهة:
أولاً:
الآية السابقة 👆 لم تقل أن الله خلقَ الخيلَ من أجل الركوب فقط، بل الآية ذكرت أهمية أو اثنتين للخيل...، وهذا لا ينفي وجود أهمية أخرى.
ثانياً:
القرآن الكريم ليس فيه آية صريحة بتحريم تناول لحوم الخيل.
وأما بالنسبة لمن يتحججون بأن ابن عباس أفتى بكراهة أكل لحم الخيل، فإنني أرد عليهم وأقول:
إن كلام النبي مُقدَم على كلام ابن عباس، وقد أباح النبي أكل لحم الخيل كما ورد في صحيح البخاري ومسلم، ثم إن الرواية التي تقول أن ابن عباس حرَّم أكل لحم الخيل هي رواية ضعيفة لا تصح حسبما أكَّد ابن حزم.
يقول ابن حزم في كتاب (المحلى) ما يلي:
[أمَّا فُتيا العُلَماءِ بأكلِ الفَرَسِ فتكادُ أن تكونَ إجماعًا على ما ذكَرْنا قبلُ، وما نعلَمُ عن أحدٍ مِنَ السَّلَفِ كراهةَ أكلِ لُحومِ الخَيلِ إلَّا روايةً عن ابنِ عَبَّاسٍ لا تَصِحُّ).] ((المحلى)) (6/83).
ثم إن الكثير من الصحابة أباحوا تناول لحم الخيل مثل: ابن الزبير وأسماء بنت أبي بكر وغيرهم.
وأما من يتحججون بأن هناك بعض الآراء الفقهية الشاذة التي تحرم لحم الخيل...، فإنني أرد عليهم وأقول:
كفاكم مماطلة على شرع الله!
كفاكم لف ودوران!
أنا أقول لكم ما قاله الله ورسوله، وأنتم تتحججون بكلام فلان وعلان؟!
ثم إن معظم العلماء قد أباحوا لحم الخيل ، فلماذا رفضتم رأيهم الغالب، ولجأتم إلى الآراء الفقهية الشاذة القليلة التي تحرم لحم الخيل؟!
ما هذا الخداع؟!
ثالثاً:
تعالوا بنا نتعامل بنفس المنطق المتخلف الذي يفكر به منكرو السُنة:
بنفس منطق منكري السُنة، فإن أجدادنا الذين استخدموا الخيل في حرث الأرض يُعتبَرون أشخاصاً آثمين وفساق؛ لأنهم استخدموا الخيل في جر المحراث بدلاً من وظيفة ركوب الخيل الواردة في القرآن الكريم.
وبنفس منطق منكري السُنة، فإن الأطباء يُعتبَرون آثمين وفساق ومخالفين للقرآن؛ لأن الأطباء يستخدمون الخيل في استخراج الهرومونات والأجسام المضادة من دمه وليس لمجرد ركوب الخيل.
يعني مثلاً: لو لدغك ثعبان أو عقرب، فإنك ستذهب إلى المستشفي وسيعطيك الطبيب مصلاً يحتوي على أجساد مضادة من دم الحصان، وبهذا سيُعتبَر أطباؤنا فاسقين؛ لأنهم لم يستخدموا الخيل في الركوب فقط حسب منطق منكري السُنة الأغبياء.
وبنفس منطق منكري السُنة، فإن الصُناع الذين يستخدمون الجلود الطاهرة في صناعة الأحذية والحقائب سيُعتبرون أشخاصاً مخالفين للقرآن؛ لأن القرآن ذكر استخدام الجلود في صناعة الخيام ولم يذكر الأحذية والحقائب؛ حيث قال الله تعالى:
﴿وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ بُیُوتࣰا تَسۡتَخِفُّونَهَا یَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَیَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ﴾ [النحل ٨٠]
رابعاً:
أيها المنكر للسُنة، لا يمكنك تحريم أكل لحوم الخيل لمجرد أنك لا تحب أكله.
واعلم أن التشريعات الدينية مبنية على القرآن الكريم والسُنة النبوية وليست بناءً على هواك.
ثم إذا كنتَ لا تحب تناول لحم الخيل؛ فإن العرب قديماً كانوا يحبون لحمه ويأكلونه، فيا تُرى هل سنبيح ونحرم بناءً على هوى كل واحد منا؟!
في الصين، الصينيون يأكلون لحوم الكلاب بكل أريحية.
وفي الغرب، الأجانب يأكلون لحوم الخنزير المقزز بكل أريحية، فهل الإسلام سيبيح لهم تلك الأطعمة طالما أنهم يحبونها؟!
بكل بساطة، إذا كنتَ لا تحب تناول لحوم الخيل فلا تأكلها، لكنك ليس لديك الحق في تحريمها حسب مزاجك!
خامساً:
أود أن أوجه رسالة إلى منكري السُنة، وهي:
لولا السُنة النبوية، لكنتم الآن تأكلون لحوم الكلاب والقطط؛ فالسُنة النبوية هي من حرَّمت تناول الكلاب والقطط.
القرآن الكريم ليس فيه آية صريحة بتحريم تناول لحوم الكلاب والقطط، بل القرآن ترك الأمر للسُنة النبوية لكي تبين الحكم الشرعي في تناول لحوم الكلاب والقطط.
ولذلك، إذا كنتَ أيها المنكر للسُنة مصراً على إزالة السُنة النبوية، فعليك الآن أن تذهب وتأكل كلاب الشارع.
سادساً:
بالنسبة لمنكري السنة الذين يزعمون أنهم سيأكلون الأطعمة التي يرونها طيبة في نظرهم، وسيتركون الأطعمة التي يرونها خبيثة في نظرهم...، فإنني أرد على هؤلاء وأقول:
حتى القرآن الكريم نفسه قد كلَّف النبي محمد بتبيان تلك الأطعمة الطيبة المباحة والأطعمة الخبيثة حيث قال الله تعالى:
﴿ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِیَّ ٱلۡأُمِّیَّ ٱلَّذِی یَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِیلِ یَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡخَبَـٰۤىِٕثَ وَیَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَـٰلَ ٱلَّتِی كَانَتۡ عَلَیۡهِمۡۚ فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلنُّورَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ مَعَهُۥۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الأعراف ١٥٧]
وبالتالي عندما يأمرنا الله بأن نأكل من الطبيات، فإننا علينا أولاً أن نستشير النبي محمد؛ لنعرف هل هذه الأطعمة محرمةً أم لا؛ فإذا كان هناك حديث نبوي بتحريم طعام معين، فإننا لن نعتبر هذا الطعام من الطيبات ولن نأكله، وإذا لم يرد حديث نبوي بتحريم هذا الطعام فيمكننا حينئذ أن نأكله كما نشاء.
وبالتالي، لا يمكن أبداً الاستغناء عن السُنة النبوية، كما لا يوجد تناقض بين القرآن الكريم والسُنة النبوية كما يعتقد منكرو السُنة المتخلفون.
෴෴෴෴෴෴෴෴෴
مقالات أخرى ذات صلة:
* المسيحيون والملاحدة يأكلون الكلاب والقطط وكل الحيوانات:
* الرد على شبهة: لماذا يبُاح تناول الحمر الوحشية:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2022/12/blog-post_3.html
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا