الرد على شبهة: يتخونهم أو يلتمس عثراتهم - وهل النبي نهى الصحابة عن اكتشاف خيانة زوجاتهم - وهل النبي أعطى فرصة للمرأة من أجل أن تزني مع الرجل؟!

مضمون الكذبة:

يزعم أعداء الإسلام أن النبي محمد أمر الصحابة بألا يأتوا بيوتهم فجأةً حتى لا يكتشفوا خيانة زوجاتهم وحتى لا يروا زوجاتهم وهن يمارسن الزنا مع الرجال...

ويستدل أعداء الإسلام بهذه الحديث:

[نَهى رَسولُ اللهِ ﷺ أنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ، أوْ يَلْتَمِسُ عَثَراتِهِمْ] 

 

෴෴෴෴෴෴෴෴෴

 الرد على هذه الكذبة:

أولاً:

 الحديث السابق قد ورد في صحيح مسلم، ولكن بصيغة التضعيف؛ أي أن الإمام مسلم ذكر هذه الحديث؛ لكي ينبه الناس إلى أنه حديث ضعيف لم يَثبت عن النبي محمد...

تعالوا بنا نرى ما ورد في صحيح مسلم بشأن هذا الحديث:

[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قالَ سُفْيانُ: «لا أدْرِي هَذا فِي الحَدِيثِ أمْ لا، يَعْنِي أنْ يَتَخَوَّنَهُمْ، أوْ يَلْتَمِسَ عَثَراتِهِمْ». وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ح وحَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا أبِي، قالا جَمِيعًا: حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحارِبٍ، عَنْ جابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِكَراهَةِ الطُّرُوقِ، ولَمْ يَذْكُرْ: يَتَخَوَّنُهُمْ، أوْ يَلْتَمِسُ عَثَراتِهِمْ.]

 

 [صحيح مسلم| الجزء الثالث| صفحة 1528| الحديث رقم 185]

يعني الإمام مسلم بعدما ذكر الحديث مباشرةً، فإنه علَّق عليه بأن هذا الحديث مشكوك فيه، وقد ذكر الإمام مسلم كلام الراوي سفيان الذي هو راوي الحديث نفسه؛ حيث أن سفيان يقول: لا أدرى هل النبي قال هذه العبارة أم لا.... 

ثم إن الإمام مسلم ذكر باقي طُرق الحديث، وذكر الأحاديث المشابهة التي قيلت في نفس الموقف، فوجد الإمام مسلم أن تلك الأحاديث الأخري لم يرد فيها عبارة: [يتخونهم أو يلتمس عثراتهم]. 

وكذلك الإمام البخاري لم يذكر هذه العبارة في الحديث، بل كل ما ذكره هو أن النبي نهى أن تطرق النساء ليلاً.

ومن هنا يتبين لنا أن عبارة [يتخونهم أو يلتمس عثراتهم] هي عبارة زائدة ضعيفة لم تَثبت عن النبي محمد. وقد ذكرها الإمام مسلم من أجل تنبيه الناس إلى ضعفها فقط لا غير.

ولكن أعداء الإسلام يقتطعون الكلام من سياقه، فيأخذون أول سطرين، ثم يخفون باقي كلام الرجل!

 

෴෴෴෴෴෴෴෴෴

ثانياً:

بالنسبة للروايات التي تقول:

[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، عَنْ زَمْعَةَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ : "لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلًا"، قَالَ ابن عباس: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ قَافِلًا ، فَانْسَلَّ رَجُلَانِ إِلَى أَهْلَيْهِمَا، فَكِلَاهُمَا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا.]

 

بالنسبة للحديث السابق، فإنه حديث ضعيف جداً؛ فقد رُوِيَ هذا الحديث عن محمد بن يزيد الرفاعي وهو راوٍ ضعيف، وقد رُوي الحديث عن زمعة بن صالح اليماني، وهو راوٍ ضعيف أيضاً، ثم إن أحاديث زمعة عن سلمة بن وهرام هي أحاديث مناكير، ولا تصح باتفاق العلماء...، ولذلك يقول أحمد بن حنبل:

[روى عنه زمعةُ أحاديث مناكير، وأخشي أن يكون حديثه ضعيفاً.]

 

 وحتى لو افترضنا أن الحديث صحيح، فإن الحديث ليس فيه أن النبي أمر الصحابة بعدم اكتشاف خيانة زوجاتهم، بل كل ما في الحديث هو أن النبي نهى أصحابه عن أن يدخلوا بيوتهم ليلاً بعد عودتهم من السفر...، وأما بالنسبة لما حصل للصحابيين فليس للنبي دَخل فيه.


෴෴෴෴෴෴෴෴෴ 

ثالثاً:

هناك أحاديث مشابهة، وهي كالتالي:

🔴 [أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْأَسْلَمِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ نَزَلَ الْمُعَرَّسَ ، ثُمَّ قَالَ : " لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلًا " ، فَخَرَجَ رَجُلَانِ مِمَّنْ سَمِعَ مَقَالَتَهُ ، فَطَرَقَا أَهْلِيهِمَا فَوَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا.]

 

🔴 [حدثنا بشر بن مطر ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن حرملة ، عن سعيد بن المسيب قال: قفل رسول الله، فلما كان العشاء أمر منادياً فنادى: أن "لا تطرق النساء ليلاً"، فعجل رجلان، فكلاهما وجد مع امرأته رجلاً ، فذُكر ذلك للنبي، فقال: "قد نهيتكم أن تطرقوا ليلاً."]

 

🔴 [عن ابن عيينة، عن عبد الرحمن بن حرملة قال : لما نزل رسول الله بالمعرس ، أمر منادياً فنادى: لا تطرقوا النساء. قال ابن حرملة: فتعجل رجلان، فكلاهما وجد مع امرأته رجلاً، فذُكر ذلك للنبي، فقال: قد نهيتكم أن تطرقوا النساء.]

 

🔴 [عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ بن إبْراهِيمَ التَّيْمِيِّ، أنَّ ابْنَ رَواحَةَ كانَ فِي سَرِيَّةٍ فَقَفَلَ فَأتى بِيتَهُ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ، فَإذا هُوَ بِالمِصْباحِ فارْتابَ فَتَسَوَّرَ، فَإذا امْرَأتُهُ عَلى سَرِيرٍ مُضْجِعَةً إلى جَنْبِها فِيما يُرى رَجُلًا ثائِرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَهَمَّ أنْ يَضْرِبَهُ، ثُمَّ أدْرَكَهُ الوَرَعُ، فَغَمَزَ امْرَأتَهُ فاسْتَيْقَظَتْ، فَقالَتْ: وراءَكَ وراءَكَ، قالَ: ويْلَكِ مَن هَذا؟ قالَتْ: هَذِهِ أُخْتِي ظَلَّتْ عِنْدِي فَغَسَلَتْ رَأْسَها، فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ: «نَهى عَنْ طُرُوقِ النِّساءِ»، فَعَصاهُ رَجُلانِ فَطَرَقا أهْلَيْهِما فَوَجَدَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما مَعَ امْرَأتِهِ رَجُلًا، فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «ألَمْ أنْهَكُمْ عَنْ طُرُوقِ النِّساءِ»]


* الحديث الأول والثاني ضعيفان؛ لأنهما مرسَلان؛ فالرواي سعيد بن المسيب ، وهو من التابعين، ولم يقابل النبي أبداً، بالإضافة إلى أنه لا توجد شواهد أخرى صحيحة تدعم هذا الحديث الضعيف.

 

* وأما الحديث الثالث، فضعيف أيضاً؛ لأنه مرسل، فعبد الرحمن بن حرملة لم يكن مع النبي، بل هو واحد من تابعي التابعين، وقد وُلِدَ بعد موت النبي بسنوات عديدة.


 * وأما الحديث الرابع ، فضعيف أيضاً؛ لأنه مرسل؛ حيث أن إبرهيم التيمي هو واحد من التابعين الكوفيين الذين عاشوا في العراق، وقد وُلِدَ في النصف الثاني من القرن الأول الهجري؛ أي أنه وُلِدَ بعد موت النبي وموت الصحابي ابن رواحة بحوالي أربعين سنة.

 

ملحوظة: تصحيحات الهيتمي لا يُعتمَد عليها كثيراً؛ لأنه كثيراً ما يُخطيء فيصحح أحاديث شديدة الضعف! ، وقد رددنا عليه من قبل.

෴෴෴෴෴෴෴෴෴  

 رابعاً:

وأما بالنسبة للحديث الذي يقول:

 [حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْغَلَابِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ نَزَلَ الْعَقِيقَ، فَنَهَى عَنْ طُرُوقِ النِّسَاءِ اللَّيْلَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا، فَعَصَاهُ فَتَيَانِ، فَكِلَاهُمَا رَأَى مَا كَرِهَ.]

 

الحديث السابق لم يرد فيه أن النبي نهي صحابته عن اكتشاف خيانة زوجاتهم، وكذلك لم يرد في الحديث أن الصحابة وجدوا زوجاتهم يمارسن الزنا مع الرجال في البيت...، بل كل ما ورد في الحديث هو أن صحابيين اثنين قد وجدا شيئاً كريهاً عند زوجاتهم، وهذا الشيء الكريه هو أن الصحابيين وجدا زوجاتهم بمظهر غير أنيق ولا نظيف ولا جميل.

لكن للأسف، بعض المفسرين يفسرون الحديث بالخطأ ويضيفون كلاماً خاطئاً من أدمغتهم بدون دليل...

وكما ترون في الحديث، فإنه لم يرد أي ذكر لموضوع الخيانة الزوجية في الحديث السابق أصلاً..، ولذلك يقول الأستاذ/ صهيب عبد الجبار في كتابه [المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة| الجزء 20| صفحة 37] ما يلي:

[وقوله «رأى ما يكره»؛ أي من شعث شعر زوجته ورثاثة هيئتها، وقد صرَّح النبي ﷺ -كما في الصحيحين- بعلة النهي عن طروق الرجل أهله؛ فقال في حديث جابر «حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة».]

෴෴෴෴෴෴෴෴෴ 

خامساً:

وأما بالنسبة للأحاديث التالية:

🔴 [حَدَّثنا مُحَمد بن مَعْمَر، حَدَّثنا مُحَمد بن عُبَيد، حَدَّثنا عُبَيد اللَّهِ بْنِ عُمَر، عَن نافعٍ، عَن ابْنِ عُمَر؛ أن رَسولَ اللهِ ﷺ أقْبَلَ مِن غَزْوَةٍ فَقالَ: أيُّها الناس لا تطرقوا النساء ليلاً، ولاَ تفتروهم.]

 

🔴  [حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطّائِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنافِسِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أقْبَلَ مِن غَزْوَةٍ، فَقالَ: «أيُّها النّاسُ، لا تَطْرُقُوا النِّساءَ لَيْلًا، ولا تَعْتَرُوهُنَّ/ تغتروهن». وبَعَثَ راكِبًا إلى المَدِينَةِ بِأنَّ النّاسَ داخِلُونَ بِالغَداةِ.]

 

الحديثان السابقان لم يرد فيهما أن أحد الصحابة اكتشف خيانة زوجته مع رجل غريب في البيت، ولم يرد في الحديثين أن النبي أمر صحابته بعدم اكتشاف الخيانة الزوجية...، بل كل ما ورد في الحديثين هو أن صحابة النبي كانوا على سفر في إحدى الغزوات، فنهاهم النبي عن أن يدخلوا بيوتهم فجأةً بدون سابق إعلام لزوجاتهم، وستعرف سبب ذلك فيما بعد... 

 بالإضافة إلى أن نهى النبي عن افتراء الكذب على الزوجة أو إصابتها بالمشقة.

෴෴෴෴෴෴෴෴෴ 

سادساً:

بالنسبة للحديث التالي:

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ نُبَيْحًا الْعَنَزِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ نَطْرُقَ النِّسَاءَ لَيْلاً ، ثُمَّ طَرَقْنَاهُنَّ بَعْدُ"

 

فكما ترون، ليس في الحديث أي إشارة إلى نهي النبي عن اكتشاف الخيانة الزوجية.

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

سابعاً:

وجدتُ العديد من الكتب تنقل من بعضها هذه الفقرة:

[وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ  ﷺ مِن غَزْوَةٍ فَقالَ: لا تَطْرُقُوا النِّساءَ وأرْسَلَ مَن يُؤْذِنُ النّاسَ أنَّهُمْ قادِمُونَ». وأخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ أيْضًا مِن حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «نَهى رَسُولُ اللَّهِ  ﷺ أنْ يُطْرَقَ النِّساءُ لَيْلًا، فَطَرَقَ رَجُلٌ فَوَجَدَ مَعَ امْرَأتِهِ ما يَكْرَهُ»]

 

الحديث السابق بحثت عنه كثيراً في كتب ابن خزيمة نفسه فلم أجده، ويبدو أنهم أخطأوا في نسبته له، ولكن المشكلة تكمن في أن الكثير من المؤلفين يتناقلون هذه الفقرة من بعضهم بدون تحقق !! 

والغالب أن ابن حجر هو أول من نسبها له بالخطأ، ثم تناقلها الناس منه...

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

ثامناً:

ما هو سبب طلب النبي التمهل قبل قدوم الصحابة على زوجاتهم؟!

الإجابة: كانوا الصحابة في غزوة، ورجعوا بعد سفر طويل، فطلب النبي من الصحابة أن يتمهلوا؛ لكي يتوفر الوقت للزوجات من أجل التجمل والتزين لأزواجهم؛ حيث أن الصحابة خرجوا في غزوة وغابوا عن زوجاتهم لفترة طويلة، فأراد النبي أن يرسل بلاغاً إلى نساء المدينة بأن أزواجهم على وشك الرجوع إلى البيت، وبذلك تبدأ الصحابيات في التجمل والتزين والتعطر من أجل استقبال أزواجهن في أجمل صورة.

 

وهذا الأمر قد ورد في عدة أحاديث صحيحة، ومنها ما يلي:

 
🔴 [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَيَّارٍ ، عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنّ النَّبِيَّ، قَالَ: " إِذَا دَخَلْتَ لَيْلًا فَلَا تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ حَتَّى تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ".] [صحيح البخاري4871]


🔴 [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَيَّارٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "إِذَا قَدِمَ أَحَدُكُمْ لَيْلًا، فَلَا يَأْتِيَنَّ أَهْلَهُ طُرُوقًا حَتَّى تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ" . وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَي بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.] [صحيح مسلم3564]

 

فالنبي قد أمر الصحابة بالتمهل قليلاً إلى أن تستعد لهم زوجاتهم بالتجمل؛ حيث أن المرأة الشعثة (متلبدة الشعر) تبدأ في أن تمشط شَعرها وتهذبه، وكذلك المرأة التي نما شعر جسدها (شعر الإبط أو العانة)، فإنها تستحده وتحلقه من أجل أن تتجمل لزوجها...

هذا هو السبب الصحيح، وهذا هو الإسلام الذي يأمر الزوجين بالتجمل والتزين لبعضهما ...

ثم إنه قديماً، لم يكن هناك إنارة في البيوت ولا كان هناك هواتف أو وسائل إتصال، وبالتالي فإن رجوع المسافر ليلاً إلى بيته سوف يصيب عائلته بالفزع؛ فهم سيتفاجؤون بأن هناك شخص غريب يطرق الباب، وأحياناً قد يدخل الزوج بيته مباشرةً بدون طرق الباب، فتتفاجأ الزوجة بأن هناك شخصاً غريباً دخل البيت وخصوصاً أن البيوت قديماً كانت مظلمة بالكامل، ولم يكن من السهل إنارة شموع بسرعة، بل كانت البيوت بدون أبواب أصلاً، وأحياناً أخرى تكون الأبواب بسيطة الفتح والاختراق. 

وأحياناً، قد يكون هناك نساء قاعدات عند زوجة المسافر، ولما يعود المسافر إلى البيت، فإنه قد يظن أن زوجته معها رجل غريب بسبب الظلمة، فيشك في زوجته بغير وجه حق كما سيرد في الحديث بعد قليل. وقد تكون الزوجة معها أبوها أو أخوها في البيت أيضاً، فيظن الزوج العائد من السفر أن زوجته تخونه مع رجل غريب، وذلك بسبب ان البيت مظلم وبدون إنارة.

ولذلك أمر النبي صحابته المسافرين بالرجوع إلى البيت نهاراً حتى يتمكن من الرؤية جيداً، أو يمكن للمسافر إرسال شخص يخبر العائلة بأن المسافر سيعود عما قريب...، وبذلك تستعد العائلة لإستقباله.

وأصلاً، قديماً كان الرجال المسافرون يبيتون في خيام في الخلاء، ولذلك كان من السهل عليهم انتظار بضع ساعات خارج البيت إلى أن يأتي النهار فيرجعون إلى بيوتهم.

أما اليوم، فقد أصبح عندنا إنارة في البيوت والشوارع ، وأصبح عندنا هواتف ووسائل إتصال، وأصبح عندنا أبواب مغلقة بإحكام...، ولهذا يجوز للمسافر أن يعود لبيته ليلاً طالما أنه سيخبر عائلته مسبقاً من خلال الموبايل، وكذلك يمكن للزوجة رؤية هيئة الطارق على الباب من خلال ثقب الباب مع إنارة مصباح البيت الأمامي. 

واليوم، أصبح صعباً على الرجال أن يبيتوا في خيمة خارج بيوتهم!

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

تاسعاً:

في هذا الموقف، هل هناك أحد من الصحابة قَدِمَ على زوجته فجأةً فوجدها تخونه مع رجل؟!

الإجابة: لا ، ولكن الأحاديث ذكرت أن الصحابي (عبد الله بن رواحة) دخل بيته، فوجد امرأةً مع زوجته، فظن أنها رجل غريب، فرفع الصحابي سيفه ناحية المرأة، ولكنه تفاجأ بأنها امرأة كانت تمشط شعر زوجته وليست رجلاً، ولذلك نهى النبي عن قدوم البيت ليلاً.

وطبعاً، البيوت قديماً كانت مظلمة لأنها كانت بدون كهرباء.

 

وقد ذُكر هذا الأمر في حديث صحيح في مستخرج أبي عوانة حيث قال:

[حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قالَ: ثنا القاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الجَرْمِيُّ، عَنْ سُفْيانَ، عَنْ مُحارِبِ بْنِ دِثارٍ، عَنْ جابِرٍ قالَ: «أتى ابْنُ رَواحَةَ امْرَأتَهُ، وامْرَأةً تُمَشِّطُها، فظنها رجلاً، فَأشارَ بِالسَّيْفِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنَهى أنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أهْلَهُ لَيْلًا»]

[مستخرج أبي عوانة| الجزء الرابع| صفحة 513| رقم الحديث: 7534] 

 

وأما الأحاديث التي تذكر أن صحابيين اثنين قد وجدا زوجتيهما مع رجل غريب في البيت، فهذه الأحاديث كلها ضعيفة ولم يصح منها شيء... 

     ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

عاشراً:

 بالنسبة لأعداء الإسلام الذين يستشهدون بكتب التفسير والفقه في هذه المسألة، فإنني أرد عليهم وأقول:

كتب التفسير والفقه ليست بحجة علينا في هذه المسألة طالما أنها لم تستند إلى أصل صحيح؛ فمثلاً:

افترض لو أن هناك عالم آثار اكتشف حجراً أثرياً يتضمن أساطير قديمة، ثم قام هذا العالم بترجمة وتفسير وشرح النقوشات التي على الحجر، فهل هذا التفسير يثبت واقعية هذه الأساطير؟! 

الإجابة: لا

 

فكتب التفسير هنا تفسر حديثاً ضعيفاً أصلاً، وتفسيرهم للحديث الضعيف لا يعني أنه صحيح.

  ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

 النقطة الحادية عشر:

 حتى لو افترضنا أن عبارة [يتخونهم أو يلتمس عثراتهم] صحيحة، فهذه العبارة سيكون معناها أن النبي نهى عن الظن السيء بالزوجة طالما أنه لا يوجد دليل على خيانتها.

فعبارة [يلتمس عثراتهم] معناها أن الزوج لم يجد عيباَ في زوجته بعد، ولكنه ما زال يبحث ويلتمس وجود عثرة فيها.

وعبارة [يتخونهم]؛ أي يظن فيهم الخيانة بدون دليل. وهذا الأمر منهي عنه في الإسلام طالما أنك ليس لديك دليل على خيانة زوجتك.

في القرآن الكريم، الله نهى عن الظن السيء بدون دليل...؛ فلو أن كل زوج اتهم زوجته بالخيانة بدون سبب؛ سيؤدي ذلك إلى الطلاق وتفكك الأسر.

 

ويقول القاموس المحيط في شرحه لكلمة (تخوَّن):

 [تخوَّن؛ أي اتهمه بالخيانة: ولا يجوز أن نتخوَّن الناس قبل أن نعرف الحقيقة.]

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

 النقطة الثانية عشر:

ما هو الشيء الكريه الذي وجده الصحابيان عند زوجاتهم؟! 

الإجابة: الشيء الكريه هو أنهما وجدا زوجاتهم بمنظر غير أنيق ولا جميل؛ فكان ذلك شيء كريهاً لهم وخصوصاً بعد رجوعهم من سفر طويل.

فعبارة [كلاهما رأى ما كره] ليس معناها أن الزوجتين كانتا تمارسان الزنا مع رجل غريب، وأبسط دليل على ذلك هو أن نفس العبارة قد وردت في أحاديث أخرى عن زوجات النبي أنفسهن، فمثلاً:

لما أراد النبي أن يخطب أم سلمة من أجل الزواج، فإنها قالت له:

[إِنِّي امْرَأَةٌ شَدِيدَةُ الْغَيْرَةِ، وَأَخَافُ أَنْ يَبْدُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ مِنِّي أَمْرٌ يَكْرَهُهُ.]    

 

فعبارة [أمر يكرهه] معناها أن أم سلمة كانت امرأةً كبيرة في السن، فخشيت ألا تعجب رسول الله، ولكن رسول الله طمأنها في ذلك.

[كتاب: الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم| رقم الحديث 2766] 

෴෴෴෴෴෴෴෴෴

النقطة الثالثة عشر:

وأخيراً أختم بهذه النقطة، وهي اقتباس من كلام الأستاذ/ صهيب عبد الجبار في كتابه [المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة| الجزء 20| صفحة 37] حيث يقول ما يلي:



[ضعف الروايات التي تحدثت عن قدوم الرجل بيته ليلاً من أجل ألا يكتشف خيانة الزوجة، ولا تقوم بها حجة على تعليل كراهة طروق الرجل أهله ليلاً، وكيف تقوم به الحجة وفيه دعوة للرجل أن يغض الطرف عن خبث أهله وهو ما شدد النبي ﷺ النكير عليه، وسمَّى من يقر الخبث في أهله ديوثاً لا يشم رائحة الجنة.]

 

🔴 فقد ورد حديث عن النبي يستنكر فيه الرجل الديوث:

[ أَنْبَأَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ ، وَالدَّيُّوثُ."]

[كتاب: السنن الكبري للنسائي| حديث رقم 2326] 

 

🔴 وذكر الإمام البيهقي في كتابه [شعب الإيمان] ما يلي:

[10075- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، نَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، نَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ، قَالَ: "ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ ، وَالدَّيُّوثُ".

 

فالإسلام يُحرِّم على الرجل أن يكون ديوثاً..

وفي الإسلام، إذا كنتَ متأكداً أن زوجتك تخونك، فيمكنك أن تأتي فجأة وتمسكها وهى تزني، وبذلك تكشف خيانتها بنفسك، بل ويمكنك أن تُحضِر معك رجال للشهادة أيضاً.

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

النقطة الثالثة عشر:

في المسيحية، ستجد كل الدياثة عند المسيحيين، ولذلك لا تتعجب عندما تجد المسيحي الأجنبي يتزوج امرأة مارست الزنا مع رجال من قبل، ولا تتعجب عندما ترى مسيحياً أجنبياً يترك الرجال تحضن زوجته ويجالسونها في البيت...

فالمسيحية أصلاً تحث على الدياثة، فمثلاً: ستجد في كتاب (سِير القديسين) أن القديس الأنبا بولا البسيط قد دخل على زوجته الشابة، فوجدها تمارس الزنا مع الخادم، فما كان من الأنبا بولا إلا أن قال لها: [هنيئاً لك يا امرأة إذ اخترتيه دوني] ، ثم أخذ عباءته وترك المنزل وذهب للرهبنة!

 

وكذلك القديس الأنبا أنطونيوس وجد رجلاً يزني مع امرأة فتركهما ومضى، وحين سأله الناس عن سبب ذلك، فقال إن الله ستر عليهما!

ولا ينبغي أن ننسى أن يسوع (إله المسيحيين) هو من علَّمهم هذه الدياثة؛ فقد ورد في إنجيل يوحنا أن اليهود أمسكوا امرأة زانية، وأرادوا أن يُقام عليها حد الزنا، ولكن يسوع ماطل في هذا الأمر إلى أن غادر الجميع، ثم ترك يسوع المرأة الزانية تذهب إلى حالها بدون أن يعاقبها!

ولذلك ستجد الكنائس المسيحية لا تطالب بالمعاقبة الجسدية الدنيوية للزانية، بل أقصى ما يمكن للكنيسة فعله هو التحاور مع الزانية أو إخراجها من الكنيسة!


ثم إن القديسات المسيحيات كن يستقبلن الرجال في البيت كما أوصت الدسقولية، ولذلك نجد القديسة الأرملة باولا كانت تستقبل الرجال في بيتها ، فاستقبلت الأب أبيفانيوس أسقف سلاميس وبولينوس أسقف أنطاكية، وكانت على صداقة حميمة بالقديس جيروم، ولذلك اتهمه خصومه بوجود علاقة غير شرعية بينهما.

وليس غريباً أن تعلم أن المسيحيات الأوائل كن يستقلبن رسل المسيحية في البيوت.


وأما في الإلحاد، فليس هناك مانع من أن يشارك الملحد زوجته مع صديقه فيما يُعرف بطقس (تبادل الزوجات).

وإني شخصياً قد رأيت ملحدة عربية مشهورة تعيش في فرنسا، وتذهب مع زوجها كل أسبوع من أجل تبادل ممارسة الجنس مع الآخرين!    

 

ولولا الإسلام، لكانت البلاد العربية مأوى للنجاسة والدعارة كما يحدث الآن في كل دول العالم، ولكن أعداءنا الأوساخ الأنجاس يتهمون الإسلام بما فيهم ويلقون قرفهم علينا!


فيا أعداء الإسلام، انظروا إلى أنفسكم وقرفكم قبل أن تشتموا الإسلام...

෴෴෴෴෴෴෴෴෴

لا تنسونا من صالح الدعاء

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا