الرد على شبهة: هل الصلاة الإسلامية مقتبسة من صلاة اليهود، وهل المسلمون يسجدون مثل اليهود، وهل المسلمون يتشبهون باليهود حين يغسلون الأرجل قبل الصلاة؟!

كذبتان منتشرتان على الجروبات المسيحية والإلحادية

الكذبة الأولى وهي أن المسلمين سرقوا طريقة السجود من اليهود حيث أن كليهما ينحني ويضع جبهته على الأرض!!

وأحياناً، ينشر المسيحيون فيديوهات لشخص يهودي يصلي، ثم يأتون بلقطات لمسلم يصلي، ثم يُشابهون بينهما!

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

الرد على هذه الكذبة:

هذه الكذبة لا أساس لها من الصحة؛ فأحبار اليهود هم من سرقوا طريقة السجود من المسلمين؛ حيث تأثر اليهود بالإسلام خلال عصر الخلافة الإسلامية؛ فأخذوا بعض التشريعات منا ووضعوها في كتب التقليد اليهودي عندهم.

السجود اليهودي في الأصل كان عبارة عن انطباح على الأرض؛ بحيث ينام اليهودي على بطنه باسطاً يديه ورجليه على الأرض...

يعني السجود اليهودي الحقيقي كان يشبه الشخص الذي ينام على بطنه على السرير، أما السجود الإسلامي فيختلف تماماً عن السجود اليهودي؛ حيث أن المسلم يحني قامته، ويضع جبهته على الأرض ويسند نفسه بيديه، ولا ينام المسلم على الأرض، ولا يبسط يديه ورجليه على الأرض؛ لأن النبي نهى عن ذلك (صحيح مسلم 498)...، بل إن النبي نهى عن تقليد اليهود بشكل عام في أي شيء.

🔸 ولذلك يقول الباحث اليهودي/ نفتالي فيدر في كتابه (التأثيرات الإسلامية في العبادة اليهودية| صفحة 58) ما يلي:

[وعندما أدخل الأحبار الأوضاع الجسمانية في الصلاة العادية شرعوها على أساس انحناء القامة والركوع فقط، وهذا لا يعدو الإشارة والتذكرة بالصورة القديمة التي كان السجود واحداً منها، وكان عبارة عن الانبطاح على الأرض مع بسط اليدين والرجلين.] انتهى الاقتباس

طريقة السجود اليهودي في الأصل

෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴

شاهد معي صور السجود اليهودي الأصلي، والتي تختلف عن سجودنا الإسلامي:

مع العلم أن اليهود يبتدعون طريقة جديدة للصلاة كل فترة، ولذلك ستجد كل طائفة حالياًَ تختلف عن الأخرى في الصلاة، بل إن منهم مَن يصلي على الكراسي ولا يسجد ولا شيء!!

وأما بالنسبة للفيديو الذي يتداوله أعداء الإسلام وفيه يهودي يسجد:

طبعاً، أعداء الإسلام يحاولون أن يشابهوا بين سجود المسلمين وسجود اليهودي الذي في الفيديو...، ولكن المشكلة تكمن في بعض أعداء الإسلام حينما يقصون لقطات الفيديو من سياقها بالرغم من أن الفيديو بالكامل يتضمن سجود الانبطاح عند اليهود والذي هو يختلف عن سجودنا الإسلامي:

وإليك لقطة من تكملة الفيديو:

فلماذا يقتطعون الفيديو؟!

෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴

الكذبة الثانية:

يزعم المسيحيون والملاحدة أن المسلمين يقلدون اليهود في غسل أرجلهم قبل الصلاة!

الرد على هذه الكذبة:

هذه الكذبة لا أساس لها من الصحة.

في عصر الخلافة الإسلامية، قام اليهود بتقليد المسلمين في غسل الأرجل قبل الصلاة.

أنت إذا بحثت في أسفار التناخ عند اليهود، فلن تجد نصاً يأمر اليهود بغسل أرجلهم قبل الصلاة.

التشريع الوحيد الذي يأمر بغسل الأرجل هو عندما يدخل كهنة اليهود إلى مكان مقدس مثل المذبح أو خيمة الاجتماع. وطبعاً هذا التشريع خاص بالكهنة فقط وليس للعوام، بالإضافة إلى أنه لا يتكلم عن الصلاة بل عن دخول خيمة الاجتماع.

وأما بالنسبة للصلاة، فليس هناك نص توراتي صريح يأمر اليهود بغسل الأرجل قبل الصلاة.

🔸 وقد ورد في (الموسوعة اليهودية |الملجد الخامس| صفحة 357) ما يلي:

[على الرغم من عدم وجود قوانين للعوام فيما يتعلق بغسل القدمين، إلا أن هذه القوانين للكهنة ترد في سفر (الخروج 30: 17-21). ورد ذكر الأواني النحاسية الموضوعة بين المسكن ومذبح المحرقة، حيث كان على الكهنة أن يغسلوا أيديهم وأرجلهم عند دخولهم إلى المسكن أو قبل الاقتراب من مذبح المحرقات، ومن هنا كانت وظائفهم الكهنوتية.] انتهى الاقتباس

إذن ليس هناك تشريع يهودي يأمر اليهود بغسل أرجلهم قبل الصلاة، بل اليهود يفعلون ذلك تقليداً للمسلمين، ولذلك تقول الموسوعة اليهودية ما يلي:

[نظرًا لأن بني إسرائيل، مثل جميع الشعوب الشرقية الأخرى، كانوا يرتدون الصنادل بدلاً من الأحذية، ولأنهم عادة ما يسيرون حفاة القدمين في المنزل، كان غسل القدمين بشكل متكرر أمرًا ضروريًا.]

من خلال الاقتباس السابق نجد أن اليهود يقلدون الشعوب الشرقية؛ أي المسلمين.

لا يوجد تشريع يهودي يأمر بغسل الأرجل قبل الصلاة

෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴

بعض الناس يستشهدون بما ورد في كتاب (الشرائع الشامية من الجنيزة في القاهرة)، وأنا أرد عليهم وأقول:

وثائق (جنيزة القاهرة) هو وثائق يهودية مصرية ترجع إلى الفترة الممتدة من عصر الدولة الفاطمية حتى عصر الدولة الأيوبية، أي من نهايات القـرن العاشر الميلادي حتى أواسط القرن الـ13 الميلادي، بالإضافة إلى وثائق من العصرين المملوكي والعثماني.

ويرجع تاريخ بعض الرسائل والوثائق إلى منتصف القرن الـ19 أيضاً، وتُعتبَر الجنيزة التي عُثر عليها في معبد ابن عزرا في القاهرة، من أهم مجموعات الجنيزة في العالم؛ لأنها الأكبر حجماً والأكثر تنوعاً.

وهذا يعني أن جنيزة القاهرة كُتبت أصلاً بعد ظهور الإسلام بقرون...

بعض الناس يزعمون أن المِشنا تأمر اليهودي بغسل جسمه قبل الصلاة، ويستشهدون بما ورد في (berakhot 5: 3)، وقد بحثت بنفسي في الـ((berakhot 5: 3)) ولم أجد فيها هذا الأمر.

ثم فكرت في أن أبحث في (berakhot 3: 5) فلم أجد فيها الأمر بغسل الأرجل قبل الصلاة، بل كل ما تحدثت عنه هو: [إذا كان اليهودي يصلي ثم تذكر نزول المَني عليه]، وتحدثت الفقرة أيضاً عن أن اليهودي يقرأ الشيما إذا غمر نفسه في الماء ثم صعد من الماء (يستحم في البركة).

وبعض الناس يستشهدون بكلام الحاخام اليهودي (سعيد الفيومي)، فإنني أرد وأقول:

الحاخام (سعيد الفيومي) وُلد في الفيوم بمصر في القرن الثالث الهجري، وقد تأثر هذا الرجل بالمسلمين، وتأثر بمنهج الإمام الطبري في التفسير، بل الأمر وصل إلى أن هذا الحاخام اليهودي كان يقلد المسلمين في بدء كتاباته بعبارة (الحمد لله والصلاة والسلام على رسله)!

وأما من يستشهدون بكلام الحبر اليهودي/ موسى بن ميمون (رمبام)، فإن هذا الرجل عاش في قرطبة في القرن السادس الهجري، وتاثر أيضاَ ونقل من المسلمين.

وأما بالنسبة لمن يستشهدون بتشريع غسل الأرجل الوارد في (الهلاخون جدولوت)، فإن الحَبر اليهودي الشهير (عزائيل هيلد سهيمر) اعترف بأن هذا النص دخيل على اليهودية وليس أصلي.

وحتى لو افترضنا أن اليهود والمسلمين يشبهون بعضهم في السجود وغسل الأرجل، فهذا لأن اليهود عندهم بقايا من وحي الله لنبيه موسى. ومن الطبيعي أن تتشابه تشريعات الأنبياء؛ لأن الانبياء كلهم جاءوا من عند الله...، ولكن اليهود حرفوا بعض تشريعات النبي موسى وحافظوا على أخرى.

෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴

وأخيراً: رسالة مهمة إلى المسيحيين:

أنتم -أيها المسيحيون- سرقتم أسفار وتشريعات اليهود بالكامل ابتداءً من سفر التكوين، ثم نسبتم هذه الأسفار لكم ولإلهكم، بل إن كتبة العهد الجديد اقتبسوا من العهد القديم في معظم الأصحاحات....، فلماذا لا تنظرون إلى أنفسكم قبل أن تتنتقدوا الآخرين؟!

لماذا لم تتهموا أنفسكم وآباءكم بالسرقة يا مسيحيين؟!

وإلى هنا نكون قد فنَّدنا كذبتين من الأكاذيب المنتشرة بين المسيحيين والملاحدة...

෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴

لا تنسونا من صالح الدعاء

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋