هل كتاب (تعاليم يعقوب) أو (عقيدة يعقوب) أو (DOCTRINA JACOBI) يتحدث عن النبي محمد

مضمون الشبهة:

الكثير من أعداء الإسلام يستشهدون بوثيقة (DOCTRINA JACOBI)، أو كما يسمونها (تعاليم يعقوب) أو (عقيدة يعقوب)، وأحياناً يسميها البعض خطاً بـ(قصاصات يعقوب). وهم يستشهدون بها؛ لكي يطعنوا في شخصية النبي محمد ويحرفوا تاريخنا الإسلامي...، ولذا وجب علينا أن نرد عليهم ونبين لهم فساد هذه الوثيقة أصلاً...

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

الرد على الشبهة:

أولاً:

 ما مصدر المعلومات في هذه الوثيقة المزعومة؟!

1- صاحب الوثيقة يخبرنا أن اسمه (يعقوب)، ولكننا لا نعرف عنه سوى هذا الاسم؛ أي أنه شخص مجهول أصلاً...

*فهل من المعقول أن نأخذ التاريخ من مجهول؟! 

*وهل من المعقول أن نأخذ التاريخ من شخص لا نعلم صدقه من كذبه؟!

*هل من المعقول أن نترك كتبنا الإسلامية المُوثَّقة بالأسانيد، ثم نجرى وراء خرقة مجهولة اسمها (عقيدة يعقوب)؟!

*لماذا أعداء الإسلام يشككون في كتبنا الإسلامية المُوثَّقة بالأسانيد والرواة الصادقين المعروفين، وعلى الجانب الآخر، نرى أعداء الإسلام يقبلون الأكاذيب من مجهول؟! 

*ما هذا الهوى والانحياز؟!

*أين العقل يا سادة؟!

 

2- يعقوب صاحب الوثيقة أتى بهذه المعلومات من شخص مجهول اسمه إبراهيم؛ حيث تحكي الوثيقة أن يعقوب كان بأحد سجون قرطاجة بأفريقيا، وكان معه سجين غير معروف، وهذا السجين كان له أخ اسمه (إبراهيم) ويعيش في (قيصرية)، وإبراهيم أخبر أخاه السجين بما يلي:

[عندما قتل السراسن المُرشَّح، كنتُ في قيصرية، وانطلقت بالقارب إلى سيكامينا. كان الناس يقولون "قُتِلَ المُرشَّح" ، ونحن اليهود غمرتنا السعادة. وكانوا يقولون أن النبي قد ظهر آتياً مع السراسن، وأنه كان يعلن قدوم الممسوح، المسيح الآتي. بعد أن وصلتُ إلى سيكامينا، أوقفني رجل عجوز على دراية بالكتب المقدسة، وقلتُ له: "ماذا يمكنك أن تخبرني عن النبي الذي ظهر مع السراسن؟" ، فقال وهو يتأوه بشدة: "إنه باطل.... لكن اذهب يا سيد إبراهيم وتعرَّف على النبي الذي ظهر".  لذلك، أنا إبراهيم، استفسرت وسمعت ممن قابلوه أنه لا يوجد حقيقة يمكن العثور عليها في ما يُسمَى بالنبي.]

 

 من خلال ما سبق، نجد أن صاحب القصة الأصلية هو شخص اسمه إبراهيم، فمن هو إبراهيم هذا؟!

لا نعرف من هو إبراهيم هذا، ولا نعرف من هو أخوه السجين!

ثم إنه بحسب كلام إبراهيم، فإن إبراهيم لم يقابل النبي محمد ولا أحداً من المسلمين بل إبراهيم قابل بعض الناس المجهولين وسألهم، ويذكر إبراهيم أنه كان في قيصرية، ثم ذهب إلى سيكامينا، ثم سأل بعض السكان عن السراسن والنبي الآتي معهم!

يعني صاحب القصة لا شاف حاجة ولا يحزنون!

يعني القصة كلها مجاهيل في مجاهيل، ومعلومات غير موثقة المصدر...

🔴 لا يعقوب شاف شيء، ولا السجين شاف شيء، ولا إبراهيم شاف شيء. وبعد كل هذا أتعجب ممن يتحججون بهذه الخرقة من أجل تشويه تاريخ الإسلام!

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

ثانياً:

بحسب الأوراق البحثية، فإن يعقوب كتب الوثيقة ما بين عام 634م - 640م؛ أي أنه كتبها بعد موت النبي محمد أصلاً؛ فالنبي محمد قد مات في عام 632م.

ثم إن يعقوب يذكر في كتابه أن [جيوش السراسن جاءت ومعها نبي يزعم أن معه مفاتيح الجنة]؟!

وهذا كلام فارغ طبعاً، فالنبي محمد لم يكن حياً وقتها، بل إنه مات قبلها بسنوات، بالإضافة إلى أن النبي محمد لم يقم بأي غزوة خارج شبه الجزيرة العربية، ولم يذهب في غزوة إلى سيكامينا أصلاً. وهذا كله يثبت أن صاحب الوثيقة كان هباداً محتالاً كعادة المسيحيين.

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

ثالثاً:

هذه الوثيقة لا يمكن الاعتماد عليها ومعظم معلوماتها مغلوطة، وهذا ما أشار إليه الباحثان الإسرائيليان (يهوذا دي نيفو) و(جوديث كورين) حيث ورد عنها ما يلي:

[من المؤكد أن الصورة الواردة في كتاب (عقيدة يعقوب) تبدو مشوشة، والعديد من تفاصيلها لا تتفق مع الرواية التقليدية؛ مثل وصف النبي بأنه يقود جيوش المسلمين نفسه. ولهذا السبب، قام المؤلفان بالقفزة غير المبررة المتمثلة في عدم أهليته بالكامل، مما يشير إلى أن النبي المشار إليه يجب أن يكون شخصية أخرى غير محمد. ومع ذلك، بالكاد يمكن للمرء أن يتوقع من مصدر بيزنطي من هذه الفترة المبكرة والمضطربة الحصول على جميع التفاصيل بشكل صحيح. حتى في وقت لاحق، أظهرت معظم المصادر البيزنطية سوء فهم فادح للأمور الإسلامية.]

 

 🛑 إذن كتاب (عقيدة يعقوب) يقدم معلومات مشوشة وغير صحيحة، بالإضافة إلى أنه خلط بين شخصية النبي محمد وشخص آخر.


ويقول الموقع الرسمي لجامعة أكسفورد بأن الوثيقة تتضمن حواراً مزيفاً بين المتنصر يعقوب وإخوانه اليهود.

بل إن الأستاذ الجامعي/ بيتر دبليو فان دير هورست يقول في تقريره عن هذه الوثيقة ما يلي:

[إنها وثيقة مسيحية كتبت في أواخر 630 أو أوائل 640s؛ حيث يجد المرء تقريرًا خياليًا عن مناظرة يهودية داخلية حول مصداقية العقيدة الجديدة التي أرغموا على تبنيها (أي اعتناق المسيحية).... هذه المحادثات مملة إلى حد ما من حيث أنها تتبع جميعها نفس الشيء.]

فهذه الوثيقة المسيحية تتضمن أيضاً كلاماً خيالياً، وتم تأليفها من أجل ترقيع المسيحية ومحاولة إقناع اليهود على اعتناقها؛ وخصوصاً بعد أن قام الأباطرة المسيحيون بإجبار اليهود على التعميد، فتظاهر اليهود بأنهم اعتنقوا المسيحية ظاهراً، ولكنهم في الحقيقة رفضوها باطناً.

وهنا يأتي دور المسيحي يعقوب في التحايل على اليهود، فقام بتأليف قصة خيالية من أجل إقناعهم على التمسك بالمسيحية؛ حيث زعم يعقوب بأنه كان يهودياً في الباطن، وأنه كان يجتمع مع إخوانه اليهود سراً، ثم زعم يعقوب بأنه في يوم من الأيام جاءته رؤيا في الليل وظهر له رسول سماوي يخبره بأن يسوع هو ابن الله وأنه المسيح المنتظر!

 

أليست هذه هي نفس حكاوي المسيحيين التي يخدعون بها البسطاء؟!

أليس هذا هو نفس السيناريو الذي يردده المسيحيون دائماً؟!

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

رابعاً:

بالنسبة لمن يستعملون وثيقة (عقيدة يعقوب) للطعن في النبي محمد وفي تاريخنا الإسلامي، فإنني أود أن أخبرهم أن صاحب الوثيقة لم يذكر اسم محمد أصلاً، بل ذكر فقط كلمة (نبي كذاب)، وذكر كلمة سراسن (saracen)، مع العلم أن كلمة (سراسن) حينها كانت تُطلَق على عرب شبه جزيرة سيناء أو عرب البتراء، ولم تُطلق هذه الكلمة على المسلمين عموماً إلا في عهد الخلافة. وكلمة (سراسن) تعني المشرقيين.

ثم إنه قد ظهر الكثير من العرب الذين ادعوا النبوة، ومن العرب من تمرد على الرومان أيضاً، ولذلك لا يمكن إسقاط ما جاء في الوثيقة على النبي محمد، وخصوصاً أنها تتكلم عن شخص آخر في زمان ومكان مختلف تماماً عن النبي محمد.

 

ولذلك ورد في كتاب (THE DECEIVER’S DECEPTION) ما يلي:

[لا تتحدث وثيقة (عقيدة يعقوب) عن النبي محمد المعروف بحسب التقاليد.]

 

فلا يوجد أي دليل على أنها تتكلم عن النبي محمد...

෴෴෴෴෴෴෴෴෴

خامساً:

عند مقارنة المخطوطات ببعضها، فإننا نستنتج أن نصوص هذه الوثيقة تغيرت وتم تحرفها لدرجة أننا لا يمكننا استعادة النص الأصلي، وهذا بالفعل ما أشار إليه الخبير الفرنسي (Vincent Deroche) الخبير في الأدب البيزنطي.

وأما الباحث (Karl Heinz Ohlig) فقد أشار إلى أن الوثيقة ربما كُتبَت في أواخر القرن السابع؛ أي حوالي 694م تقريباً، ولكن يعقوب صاحب الوثيقة أراد أن يوهمنا بأنها مكتوبة في ما بين عامي 634م -640م.

 ෴෴෴෴෴෴෴෴෴

سادساً:

صاحب هذه القصة يبدو أنه مسيحي جاهل بالأسفار المقدسة وجاهل بالإسلام أيضاً؛ فهو يزعم أن النبي الحقيقي لا ينبغي أن يحمل سيفاً ولا ينبغي أن يقتل الناس!

وطبعاً، هذا الإدعاء يدل على أن صاحب القصة هو مسيحي فعلاً؛ فهذا الأسلوب المايع لا يصدر إلا من مسيحي يتظاهر بأن دينه دين محبة...

وطبعاً، لو كان هذا المسيحي نظر في كتابه، لوجد كتابه يطفح بالعديد من القصص الإجرامية التي قام أنبياءه فيها بقتل الأطفال والنساء والمسنين والحيوانات؛ فمثلاً:

🔴 قام النبي داود بتقطيع الناس بالمناشير والفؤوس وحرقهم في الفرن (سفر صموئيل الثاني- 12: 31)

🔴 وأمر النبي صموئيل بقتل كل عماليق بما فيهم الأطفال والرضع والنساء والحيوانات (سفر صموئيل الأول - 15: 3) 

 

🔴 وعندما يأتي يسوع في آخر الزمان، فإنه سيقتل الناس ويستعبد آخرين، ويجعل الطيور الجارحة تأكل من لحوم الجثث، جثث الملوك والعبيد والكبار والصغار..(الرؤيا 19)  

 _________

وعلى فكرة، يعقوب صاحب الكتاب يذكر أن ذاك النبي قتل الرجال، ولم يذكر يعقوب أن ذاك النبي قتل النساء أو الاطفال. وهذا يدل على أنه كان يقاتل المحاربين أنفسهم وليس المواطنين.

ثم إن النبي محمد لم يقل أن معه مفاتيح الجنة كما ذكر صاحب الكتاب، بل إن مفاتيح الجنة تكمن في الإيمان والعمل الصالح؛ فكيف يزعم صاحب القصة أن ذاك النبي يدَّعي بأن معه مفاتيح الجنة؟!

 

ثم إن يعقوب صاحب الكتاب يزعم أن ذاك النبي كان يعلن قدوم الممسوح الذي هو المسيح الآتي!

 وطبعاً، هذا كلام لا يُعقل؛ فالنبي محمد أخبرنا أن المسيح سيأتي في آخر الزمان، ولم يكن المسيح موجوداً مع النبي محمد أصلاً.

وأما بالنسبة لمن يزعمون أن هذه الوثيقة تتحدث عن غزوة مؤتة؛ فإن هذا خطأ؛ لأن غزوة مؤتة لم يكن فيها النبي محمد، ثم إن المسلمين لم يفتحوا الشام حينها، بل انسحبوا نظراً لضخامة جيش العدو، ثم إن غزوة مؤتة حدثت في السنة الثامنة للهجرة أو في أغسطس سنة 629م؛ أي قبل التاريخ المعين لكتاب (عقيدة يعقوب) بسنين كثيرة... 

===============

الاستنتاج الأخير:

كتاب (عقيدة يعقوب) لو صحَّ، فإنه يتحدث عن شخص مختلف تماماً عن النبي محمد...، ولو افترضنا أن الكتاب يتحدث عن النبي محمد، فقد تم تأليف الكتاب عن جهل بالأحداث وتزييف لها، ويُعتقَد أنه تم تحريف الكتاب على أيدي النُساخ فيما بعد.

෴෴෴෴෴෴෴෴෴

المراجع:


الباحثان الإسرائيليان يؤكدان أن وثيقة يعقوب مشوشة وذات معلومات خاطئة


➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖



الحوار الموجود في الوثيقة هو حوار خيالي

يعقوب صاحب الوثيقة يزعم أن رسولاً سماوياً جاءه في المنام يخبره أن يسوع هو ابن الله!

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

الحوار الموجود في الوثيقة هو حوار زائف

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖



وثيقة عقيدة يعقوب لم تتحدث عن النبي محمد

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

صاحب القصة هو إبراهيم المجهول الذي سأل أشخاصاً مجاهيل!

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

 

لقب سراسن لم يُطلَق على المسلمين إلا في عصر الخلافة

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

 

لقب سراسن معناه المشرقيين

෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴

لا تنسونا من صالح الدعاء

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 👋


صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا