مضمون الشبهة:
أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية والمسمى بـ(محمد كمال)، قد طلع علينا بزندقة جديدة حيث أباح النـمص للمرأة التي تـتـزين لزوجها، وقد زعم ذلك الزنديق أن السيدة عائشة هي من أمرت بذلك!
෴෴෴෴෴෴෴෴෴෴
الرد على هذه الشبهة:
أولاً:
كلنا نعرف الحديث الشهير الوارد في صحيح البخاري ومسلم والذي يقول:
[لَعَنَ اللهُ الواشِماتِ والمُسْتَوْشِماتِ، والنّامِصاتِ والمُتَنَمِّصاتِ، والمُتَفَلِّجاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّراتِ خَلْقَ اللهِ.]
فهذا الحديث الصحيح يتضمن النـهـي الصريـح عن نـمص الحواجب سواء أمام الزوج أو لغير الزوج.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
والآن تعالوا بنا ننتقل للأدلة التي يقدمها الـخصوم لكي يبـحوا نـمص الحواجب:
أولاً/ عليك أن تعلم أن جميع الروايات التي يستدل بها المنحرفون من أجل إباحة نمص الحواجب هي روايات ضعيفة ولم تصح أصلاً...، فمثلاً:
أمين الفتوى المصرية يستدل برواية ذُكرَت في (مصنف عبد الرزاق) عن السيدة عائشة وهي كالتالي:
[عَنْ مَعْمَرٍ ، وَالثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ امْرَأَةِ ابْنِ أَبِي الصَّقْرِ : أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ ؟ فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ فِي
وَجْهِي شَعَرَاتٌ أَفَأَنْتِفُهُنَّ أَتَزَيَّنُ بِذَلِكَ لِزَوْجِي؟ ،
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: " أَمِيطِي عَنْكِ الأَذَى ، وَتَصَنَّعِي
لِزَوْجِكِ كَمَا تَصَنَّعِينَ لِلزِّيَارَةِ، وَإِذَا أَمَرَكِ
فَلْتُطِيعِيهِ، وَإِذَا أَقْسَمَ عَلَيْكِ فَأَبِرِّيهِ، وَلا تَأْذَنِي
فِي بَيْتِهِ لِمَنْ يَكْرَهُ".]
الإجابة:
أولاً: هذه الرواية ضعيفة ولم تصح أبداً؛ فالراوي هو (امرأة ابن أبي الصقر)، وهي امرأة مجهولة، ولا نعرف عنها شيئاً.
وأما بالنسبة لمن زعموا أن هذه المرأة هي (العالية بنت أيفع) زوجة أبي إسحاق السبعيني...، فإنني أرد عليهم وأقول:
هذا الكلام ليس عليه دليل، ولم يُذكَر ذلك في الكتب القديمة؛ بل هذا الكلام عبارة عن افتراض من بعض الشيوخ المعاصرين، وستجد هذا الافتراض المزعوم منشوراً على بعض المواقع الإلكترونية...، لكني أؤكد أنه كلام بلا دليل.
مع العلم أن أبا إسحاق السبعيني لم يُلقَب أصلاً بـ(ابن أبي الصقر)، فمن أين زعموا أن زوجته هي (امرأة ابن أبي الصقر)؟!
وبعض هؤلاء الشيوخ المعاصرين لجأوا إلى رواية الطبري وابن الجعد وحاولوا مقارنة اسم المرأة الراوية هناك مع الراوية (امرأة ابن أبي الصقر) هنا ....، ولكني أرد عليهم وأقول:
إن رواية الطبري وابن الـجعد لم تبح نتف الحواجب أصلاً، وسنتكلم عن ذلك بالتفصيل بالأسفل.
إذن الرواية ضعيفة بسبب الـمجهولية.
والغريب في الأمر أن أمين الفتوى الكذاب كان يضيف عبارات على مزاجه في الرواية الضعيفة السابقة مثل عبارة: (افعلي ولك الأجر والثواب)!
ثانياً: لو افترضنا أن الراوية صحيحة، فإن السيدة عائشة لم تبح النـمص للمرأة كما زعم أمين الإفتاء الكذاب، بل هي أباحت نـتـف الشعر الغريب الذي يخرج في وجه المرأة، فمثلاً: هناك نساء ينبت لهن شعرات في الذقن أو في الجبهة أو ينبت لها شارب خفيف، وهذا يحصل للنساء أحياناً مع حالات مرضية مثل حالة (الشعرانية)(Hirsutism)، وكذلك هناك حالة مرضية مشهورة اسمها (تكيس المبايض) (PCOS)، وفيها ينبت للنساء شعر في الوجه. وهناك حالات وراثية ينبت للمرأة شعرات في جسمها مثل أمـها.
أنت إذا دقَّقت في الرواية، فستجد أن المرأة تتكلم عن نمو شعرات في وجهها [في وجهي شعرات]، فردت السيدة عائشة ولم تقل لها احلقي حواجبك ولم تقل لها أزيلي شعر حاجبك كما زعم أمين الفتوى الكذاب، بل السيدة عائشة ردت وقالت: [أميطي الأذى عنك]، وهذا دليل على أن السيدة عائشة لا تتحدث عن شعر الحاجب الطبيعي بل تتحدث عن الأذى؛ أي تتحدث عن الشعر الغريب الذي ينبت أحياناً في وجه المرأة.
مع العلم أن القدماء كانوا يستخدمون مصطلح (شعرة في وجهي) للإشارة غالباً إلى اللحية أو الشارب، ومثال ذلك: رواية الصحابي سعد بن أبي وقاص حينما قال:
[ولقد شهِدتُ بَدرًا وما في وجهي شَعرةٌ واحدةٌ أمسَحُها بيَدي.]
🛑 وأما بالنسبة لمن يستدلون برواية الطبري وابن الـجعـد على جواز نتف الحواجب، فإنني أرد وأقول عليهم وأقول:
رواية الطبري وابن الجعد لم تبح نتف الحواجب أصلاً ، وإليكم الرواية:
[حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: دَخَلَتِ
امْرَأَتِي عَلَى عَائِشَةَ، وَأُمُّ وَلَدٍ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، ... سَأَلَتْهَا امْرَأَتِي عَنِ الْمَرْأَةِ تَحُفُّ جَبِينَهَا ، فَقَالَتْ: «أَمِيطِي عَنْكِ الْأَذَى مَا اسْتَطَعْتِ»]
فالرواية 👆 تتكلم عن (حف الجـبـيـن)؛ أي إزالة الشعر القبيح من جـبـيـن المرأة وليس حاجـبـها. والـجـبـيـن في اللغة العربية والفقه هو: المنطقة التي تعلو الحواجب حتى شعر الرأس، وليس الحواجب نفسها.
واعلم أن رواية (حف الجبين) لم ترد أصلاً في صحيح البخاري بخلاف ما زعم بعض الزنادقة بل وردت في مسند ابن الجعد كما قلنا منذ قليل.
≒≒≒≒≒≒≒≒≒≒≒
🛑 وهناك بعض الزنادقة استشهدوا بالرواية التالية:
[روى ابن سعد عن بكرة بنت عقبة: أنها دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة فسألتها
عن الحناء، فقالت عائشة: شجرة طيبة وماء طهور. وسألتها عن الحفاف -تعني إزالة شعر
من الوجه- فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتصنعيهما
أحسن مما هما فافعلي.]
وأنا أرد وأقول:
الرواية السابقة ضعيفة، فالراوية (بكرة بنت عقبة) هي مجهولة ولا نعرف من هي، ولم يوثِّقها سوى ابن حبان، ولكن توثيق ابن حبان لا يُعتمَد عليه؛ لأنه يوثق المجاهيل.
ثم إن الرواية السابقة لم تتكلم عن نـمص الحـواجب صراحةً.
≒≒≒≒≒≒≒≒≒≒≒
🛑 وهناك زنديق ذكر روايةً عن السيدة عائشة وهي كالتالي:
[قال السفاريني في كتابه (غذاء الألباب.432/1): قال مسلم وحدثتنا بحسة الراسبية قالت حدثتني أم نصرة قالت: قالت عائشة: "لو كان في وجه بنات أخي لأخرجته ولو بشفرة".]
الرواية السابقة رواية ضعيفة جداً جداً، فنحن لا نعرف من هي بحسة الراسبية ولا نعرف من هي أم نصرة، فالسند مظلم جداً!
ثم إنني بحثت في صحيح مسلم ولم أجد هذه الرواية، فكيف تُنسَب إلى الإمام مسلم!
≒≒≒≒≒≒≒≒≒≒≒
وهناك بعض الزنادقة الذين يستشهدون بما أورده أبو يوسف في كتابه (الآثار 1047) حيث:
[عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم: عن عائشة أنها سألتها امرأة عن الحف؟، فقالت: أميطي الأذى عن وجهك".]
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بعض الزنادقة زعموا أن حديث النهي عن النـمص هو حديث ضعيف، والبعض الآخر زعموا أن الحديث ليس من كلام النبي محمد بل من كلام الصحابي ابن مسعود...، وأنا أرد وأقول:
أولاً: الحديث صحيح وموجود في صحيح البخاري ومسلم...
ثانياً: الحديث ليس من اختراع ابن مسعود، بل ابن مسعود يؤكد أن النبي محمد هو نهى عن النمص، فابن مسعود نفسه يقول في الحديث:
فالصحابي عبد الله بن مسعود قد نسب هذا الكلام إلى النبي نفسه، وبالتالي فإن النهي عن النـمص صادر من النبي نفسه.
وحتى لو افترضنا أن هذا الـحديث موقوف ومن كلام ابن مسعود نفسه، فلماذا أيها الزنادقة تتركون حديث الصحابي الموقوف وتركضون وراء الروايات الضعيفة بالرغم من أن الحديث الموقوف الصحيح أفضل من الضعيف.
* وهناك بعض الزنادقة الذين زعموا أن ابن مسعود شكَّ في صدور هذا النهي من النبي، وزعم هؤلاء الزنادقة أن ابن مسعود قال: [[لعلي سـمعت من رسول الله]]..، وأنا أرد على هذا الافتراء وأقول:
لقد تفحصتُ حديث النـمص في صحيح البخاري ومسلم، فلم أجد أي عبارة توحي بالشك، وابن مسعود لم يقل: [لعلي سمعت من رسول الله]، بل الزنادقة الأوساخ هم من زعموا ذلك؛ لكي يُضعِّفوا حديث النهي عن النـمص...
* وهناك زنديق عبيط استشهد بقول ابن مسعود [وما لي لا ألعن الذي لعنه رسول الله]، فهذا الزنديق العبيط ظنَّ أن هذه العبارة توحي بالشك!
لكن أي شخص عادي سيقرأ العبارة سيعرف أن العبارة ليست للشك بل بها استفهام استنكاري؛ حيث أن ابن مسعود يستنكر اعتراض المرأة عليه حينما لعن المتنمصة، ونفس هذا الأسلوب قد ورد في القرآن الكريم على لسان رجل القرية الشهيد حينما استنكر اعتراض قومه على عبادة الله:
{وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 22} (سورة يس)
والغريب في الأمر أن أحد الزنادقة زعم أن الإمام الكرماني يقول أن عبارة [ما لي لا ألعن] تعني نفي ابن مسعود للعن النامصة!
وقد رجعتُ إلى كتاب الكرماني المسمى بـ(الكواكب الدراري)، فلم أجد ما زعمه هذا الزنديق الكذاب، ولم أجد نفي الكرماني للعن!
وهناك زنديق عبيط يتساءل قائلاً: كيف يروي ابن مسعود حديث النـهي عن النمص في حين أن السيدة عائشة لم تروه بالرغم من أنها امرأة؟!
وأنا أرد عليه وأقول:
ليس شرطاً أن يختص الصحابي بالأحكام الفقهية الرجالية دون النسائية بل قد يروي الصحابي أموراً تتعلق بالنساء أيضاً، فمثلاً: الصحابي أبو هريرة كان يروي العديد من الأحكام الفقهية المتعلقة بالنساء؛ فهؤلاء الصحابة كانوا يتعلمون أحكام النساء من النبي لكي يُعلِّموها لزوجاتهم وبناتهم في البيت، وأحياناً كان الصحابة يسألون النبي عن أجوبةٍ لأسئلة زوجاتهم في البيت...، ولذلك إذا نظرنا إلى تكملة حديث ابن مسعود فستجده يؤكد أن زوجته لا تنـمص حواجـبـها.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وأما بالنسبة لمن يـتـحـجـجـون بما ورد في الموسوعة الفقهية الكويتية، فإنني أرد عليهم وأقول:
إليكم ما قالت الموسوعة الفقهية الكويتية التي تستدلون بها:
[فكما يحب الزوج أن تتزين له زوجته ،كذلك الحال بالنسبة لها تحب أن يتزين لها ، ومن الزينة في هذا المقام أنه إن نبت شعر غليظ للمرأة في وجهها كشعر الشارب واللحية فيجب عليها نتفه لئلا تتشبه بالرجال.]
وهناك البعض قد زعموا أن النبي نهي فقط المرأة المطلقة والأرملة عن نـتـف حواجبها ولم يأمر كل النساء، وأنا أرد عليهم وأقول:
من أين أتيتم بهذا الكلام؟!
الحديث واضح وصريح بأن النبي نهى بشكل عام وليس المطلقات والأرامل فقط.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
والآن ، نأتي إلى فقرة الكذب على الفقهاء، فبعض العلمانجية الأوساخ قد حرَّفوا كلام الفقهاء لكي يبيحوا النـمص، فمثلاً:
أحد الزنادقة نقل اقتباساً عن الإمام القرافي كالتالي:
[قال القرافي: ... فإن التغيير للجمال ليس فيه منكر في الشرع كالختان وقص الظفر ويدخل فيه ترقيق حواجب المرأة وإزالة الشعر من الوجه.]
لكنني لما رجعت إلى كلام القرافي فوجدته يقول:
[إلَّا أَنَّ الشِّهَابَ الْقَرَافِيُّ قَالَ:.... فَإِنَّ التَّغْيِيرَ لِلْجَمَالِ
غَيْرُ مُنْكَرٍ فِي الشَّرْعِ كَالْخِتَانِ وَقَصِّ الظُّفُرِ وَالشَّعْرِ
وَصَبْغِ الْحِنَّاءِ وَصَبْغِ الشَّعْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.]
فهنا قام العلمانـجي الزنديق بتحريف كلام الإمام القرافي ووضع فيه عبارة: (ترقيق حواجب المرأة وإزالة الشعر من الوجه)!
وأما بالنسبة لـمن يتـحـجـجـون بأن هناك رواية تذكر أن الإمام أحمد بن حنبل كان يزيل الشعر من حاجبيه، فإنني أرد على هؤلاء الكـذابين وأقول:
أنا أذكر لكم قول النبي وقول صـحابته، وأنتم تقولون لي: قال فلان وقال علان؟!
ما هذا الـخبل وما هذه الـمماطلة؟!
هل كلام ابن حنبل مُقدَم على كلام النبي؟!
ثم إن الروايات الكاملة تذكر أن الإمام ابن حنبل اقتدى بالـ(حسن) عندما كان يزيل شعر حاجبيه إذا زاد طوله ؛ وهذا يعني أنه كان يزيل الشعر الضار الطويل حتى لا يـحجب الرؤية عن عينيه.
تعالوا بنا نرى الرواية والقصة بالكامل:
يذكر أبو بكر الـخـلال في كتـابه (الوقوف والترجل ١/١٢٣) — وجاء في تاريخ ابن معين (٤/٣٩٦) ما يلي
[٦٠- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَأْخُذُ مِنْ حَاجِبَيْهِ بِالْمِقْرَاضِ وَقَالَ: قَالَ أَبُو حَمْزَةَ أَرْسَلْنَا إِلَى امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.
فَقُلْنَا: أَكَانَ الْحَسَنُ يَأْخُذُ مِنْ حَاجِبَيْهِ؟
قَالَتْ: نَعَمْ رَأَيْتُهُ يَأْخُذُ مِنْ حَاجِبَيْهِ.
٦١- أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: أَرْسَلْنَا إِلَى ابْنَةِ الْحَسَنِ: أَكَانَ الْحَسَنُ يَأْخُذُ مِنْ حَاجِبَيْهِ إِذَا طَالَا؟
قالت: نعم]
ووذكر شمس الدين بن مفلح في كـتابه (الآداب الشرعية و الـمنح الـمرعية ٣/ ٣٣٢) ما يلي:
[وَقَالَ فِي الْـمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْـمِرْآةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَاجِبَيْهِ إذَا طَالَا بِالْـمِقْرَاضِ.]
فالرواية بالكامل👆 تقول أن الإمام أحمد بن حنبل اقتدى بالـ(حَسن) عندما كان يـزيل الشعر الطويل الضار من حاجبه، ولا يتكلم عن إزالة شعر الـحـاجب الطبيعي أو الـحاجب العريض، ولكن أصحاب الأهواء النسوانية حرَّفوا كلام الرجل وبتروه من سياقه.
وقد علَّق الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب الـمفتوح ٨١: ٣١ قائلاً :
[ توجيـهنا لهذا أنه لا بأس أن يقص من حاجبيه ما يظلل على نظره وبصره، وقد ذكر أصحاب الإمام أحمد أنه كان يأخذ من حاجبيه. فإذا قص ما يؤذيه فلا بأس به ولا إشكال في هذا، والنـمص الذي جاء في الحديث: هو نتف الشعور وترقيقها، وأما مجرد أن يأخذ الإنسان ما زاد من الشعر؛ من أجل ألا يـحجبه عن النظر، أو أن يدفع ضرره بتساقطه على العين فهذا لا إشكال في جوازه.]
وأما بالنسبة لمن يستشهدون بما قاله الإمام العدوي في (حاشية العدوي) حينما زعم أن النـمص ليس حراماً على كل النساء بل حرام فقط على المرأة الأرملة المعتدة والمرأة التي فُقِد زوجها، فأنا أرد عليهم وأقول:
الإمام العدوي أخطأ في ذلك؛ فهو بنى هذه الفتوى الخاطئة على الروايات الضعيفة المنسوبة إلى السيدة عائشة والتي ذكرناها سابقاً، وهو نفسه قد أشار إلى تلك الروايات، وبالتالي فكل كلامه باطل بلا دليل. ونحن لن نترك كلام النبي ونتبع كلام العدوي.
ثم إن حديث ابن مسعود في لعن المتنمصة هو حديث عام لكل النساء وليس للمرأة الأرملة أو فاقدة الزوج فقط كما يدَّعون؛ فأنت إذا رجعت إلى الحديث لوجدت أن ابن مسعود لعن المرأة المستوشمة والمتنمصة والمتفلجة للحسن، فـخرجت أم يعقوب من بـيـتـها وأتت إلى ابن مسعود، ودار بينها حوار. وكون أن أم يعقوب خرجت من بـيـتـها إذن هذا دليل على أنها لم تكن أرملة معتدة بل كانت امرأة عادية...، لأن الأرملة المعتدة لا تخرج من البيت أصلاً بل تعتد فيه.
وكذلك ليس من المعقول أن نقول أن أم يعقوب كان زوجها مفقوداً آنذاك؛ لأنه ليس معقولاً أن تترك أم يعقوب زوجها المفقود ثم تتجمل وتـتـنمص وتتفلج وتتجمل بدون التفكير في زوجها المفقود!
وأما من يـتحـجـجون بأن النـهـي عن النمص فيه خلاف فقهي، فأنا رددتُ من قبل وقلتُ أن هذه اسمها: (مغالطة القاضي الفاشل)، وليس من المعقول أن نرفض الأحكام الشرعية لمجرد أن هناك خلاف بين الفقهاء؛ فأغلبية البشر مختلفون أصلاً ولها آراء متنوعة في كل شيء. ولذلك كل ما يهمنا هو البحث عن الحق والرأي الصحيح.
فالملحد مثلاً يلحد متحـجـجاً أن هناك الكثير من الديانات المتنوعة والآراء المختلفة، وهذا غباء منه؛ لأن الواجب عليه هو الفرز واختيار الحق وليس التشتت بين الآراء.
هناك بعض الزنادقة الذين استخفوا بنهي النبي عن النمص وقالوا: أن النمص شيء بسيط لا يستحق اللعن والطرد من رحمة الله...، وأنا أرد عليهم وأقول:
ينبغي الوقوف عند حرمات الله وعدم الاستخفاف بصغيرها أو كبيرها؛ فاستصغار الذنب يُهلك الشخص ، وذلك يذكرني بحديث النبي حينما قال:
[إياكُم ومحقَّراتِ الذُّنوبِ، فإنّما مَثلُ محقَّراتِ الذُّنوبِ، كمَثلِ قَومٍ نزَلوا بطنَ وادٍ، فجاء ذا بِعودٍ، وجاء ذا بِعودٍ، حتّى جَمعوا ما أنضَجوا بهِ خبزَهم، وإنّ محقَّراتِ الذُّنوبِ متى يُؤخَذْ بِها صاحبُها تُهْلِكْهُ.]
لقد دخلت امرأة النار لمجرد أنها ربطت قطة حتى ماتت من الجوع والعطش.
وهناك الكثير من الناس استخفوا بالذنوب وارتكبوها ظناً منهم أنها ذنوب صغيرة، فأباحوا لأنفسهم شرب القليل من الخمر، وأباحوا لأنفسهم الكـذبة الصغيرة، وأباحوا النظرة البسيطة إلى الحرام، وأباحوا عدم التطهر من نقاط بول صغيرة بعد التبول...، وهكذا حتى انتهى بهم الأمر إلى الفسق!
فإياك أن تستخف بنواهي الرسول
*وبعض الزنادقة زعموا أن المرأة يجب أن تطيع زوجها إذا أمرها بأن تنـمص حاجـبـها، وأنا أرد عليهم وأقول:
ــ هل من المعقول أن تترك نهي النبي وأن تسير وراء الزوج؟!
ــ أين أنتم من قول الله تعالى:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً 36} (سورة الأحزاب)
ــ وأين هي قاعدة النبي لنا بأنه [لا طاعة لمخلوق في معصية الله]؟!
ــ وهل لو أمرها زوجها بالسرقة، فهل ستطيع أمره؟!
******************
وأخيراً، أنا لا أتعجب من صدور هذه الفتوى من أحد أمناء دار الإفتاء المصرية، فنحن قد تعوَّدنا على الزندقة من تلك المؤسسة الشيطانية التي تفتي في دين الله بغير علم.
وإني أذكر أن دار الإفتاء الشيطانية قد أنكرت بعض أحاديث النبي الصحيحة، وأنكر كبيرهم حد شرب الخمر - وأباحت دار الإفتاء تربية الكلاب بالرغم من نهي النبي عن ذلك، وأباحت أيضاً تـهـنـئة النصارى المشركين بأعيادهم الوثنية بالرغم من نهي السلف الصالح عن ذلك، وعلى الجانب الآخر نرى دار الإفتاء قد نهت عن ختان النساء بالرغم من أنها سُنة إسلامية واردة في أحاديث نبوية.
وهناك الكثير والكثير من الزندقات الصادرة من دار الإفتاء الشيطانية، تلك الدار التي لم نرها ولا مرة تدافع عن الإسلام الذي يُساء إليه ليل نهار.
فمؤسسة الإفتاء الشيطانية هي مؤسسة علمانية تخضع لأهواء العلمانيين المتحكمين في مناصب الدولة، ولذلك لا أبيح لكم أخذ الفتوى منها.
لا تنسونا من صالح الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا