حكم الراوي الشيعي/ محمد بن خالد البرقي

 في الكتب الشيعية، توجد الكثير من الروايات الـمروية عن طريق الراوي (محمد بن خالد البَرقي)، ولكن هذا الراوي ضعيف الـحديث أصلاً، ولا تُقبَل رواياته، وبالتالي ينبغي طرد كل رواياته (47 رواية) الموجودة  في كـتاب (الكافي) و(المحاسن) و(بحار الأنوار).


ــ في كـتاب (رجال النجاشي335)، نـجد النجاشي يقول عن محمد البَرقي أنه كان ضعيفاً في الحديث.


وأما بالنسبة لـمن يحاولون توثيق الراوي (محمد بن خالد البَرقي) بناءً على توثيق الطوسي والـحِلِّي له، فإنني أرد عليهم وأقول:

أولاً: توثيقات العلَّامة الـحِلي لا فائدة منها؛ لأنه من المتأخرين ولم يعاصر (محمد بن خالد البرقي) أصلاً فقد جاء بعده بـحوالي 500 سنة، ولذا يقول الـخوئي في كتـابه (معجم رجال الحديث - 1/ 42) ما يلي:

[وأما في غير ذلك كما في توثيقات ابن طاووس والعلَّامة وابن داود ومن تأخر عنهم كالـمجلسي لمن كان بعيداً من عصرهم، فلا عبرة بها، فإنـها مبنية على الحدس والاجتهاد جزماً.]

 

ويقول الشـهيد الثاني في الرعاية - صفحة ١٨٠ ما يلي:

[فلا ينبغي لمن قدر على البحث تقليدهم في ذلك، بل ينفق مما آتاه الله، فلكل مـجـتـهد نصيب.]

 

ونظراً لأن الـحِلي لم يكن معاصراً للراوي (محمد البرقي) أصلاً، فإن الـحِلي اعتمد على رأي الطوسي نفسه تجاه الراوي (محمد البرقي). وبالتالي ليس أمامنا الآن سوى رأي الطوسى فقط، وليس لرأي الـحِلي أي قيمة هاهنا.

  

وطبعاً، من الـمشـهور عند الشيعة أنه إذا اختلف النجاشي والطوسي حول حال راوٍ معين، فإن رأي النجاشي أهم ومُقدَم على رأي الطوسي، لأن النجاشي أمـهر وأتقن وأعلم من الطوسي بـحال رواة الشيعة؛ أي أننا يـجب أن نأخذ برأي النجاشي في تضعيف أحاديث الراوي (محمد بن خالد البرقي). ولذلك يقول الشهيد الثاني في كـتابه (مسالك الأفهام7/ 467) ما يلي:

 

 «وأمّا رواية سعيد بن يسار، فهي أجود ما في الباب دليلاً، ولكنْ في طريقها البرقيّ مطلق، وهو مشتركٌ بين ثلاثة: محمّد بن خالد، وأخوه الحسن، وابنه أحمد، والكلّ ثقات على قول الشيخ أبي جعفر الطوسيّ، ولكنّ النجاشيّ ضعَّف محمّداً، وقال ابن الغضائريّ: حديثه يُعرَف ويُنكَر، ويروي عن الضعفاء، ويعتمد المراسيل. وإذا تعارض الـجرح والتعديل فالـجرح مقدَّمٌ، وظاهرُ حال النجاشيّ أنّه أضبط الجماعة، وأعرفهم بحال الرجال.» 

 

أي أن الشـهيد الثاني يتفق مع النجاشي في تضعيف محمد البرقي...

 

* وينقل لنا السيد بحر العلوم في كتاب (الفوائد الرجالية)  (٢/ ٤٦) ما يلي: 


[وقال (صاحب المنهج - في ترجمة سليمان بن صالح الجصاص): "... ولا يخفى تخالف ما بين طريقي الشيخ والنجاشي، ولعل النجاشي أثبت." - وبـتـقديـمه صرَّح جماعة من الأصـحاب، نظراً إلى كـتابه الذي لا نظير له في هذا الباب، والظاهر: أنه الصواب.]


*ويقول الفقيه الشيعي/ عبد الهادي الفضلي في كـتابه (أصول الحديث| صــ191) ما يلي:


[فمثلا: لو قارنا بين فهرسي النجاشي والطوسي بقراءة كل منهما قراءةً ناقدةً، لرأينا النجاشي أكثر تدقيقاً وتحقيقاً. وعلى أساس منه نقول: لو تعارض تقييم النجاشي وتقييم الطوسي، يُقدَم تقـيـيـم النجاشي. وهكذا لو تعارض تقييم الرجاليين البغداديين (الكشي والنجاشي والطوسي) وتقييـم الرجاليين الـحِليين (ابن طاووس والعلامة وابن داود)، يُقدَم تقيـيـم البغداديين، لانهم أقاموا تقييماتهم على ما أفادوه من الرجاليين السابقين لـجيلهم، وهو أقرب عهداً وألصق معرفة بسيرة وواقع الرواة.]

 

فأنت أيـها الشيعي مُطالَب بتضعيف الراوي (محمد بن خالد البرقي) بناءً على تضعيف النجاشي له في الحديث - أو على الأقل ينبغي على الشيعي أن يتوقف عند حال هذا الراوي كـما فعل بعض المعممين مثل (السيد عبد الكريم فضل الله)، وبالتالي سيكون هذا الراوي محمد البرقي أشبه بـمجهول الحال ولن يُـحتج بحديثه...

 

وبعض الشيعة يعتقدون أن الـخوئي وثَّـق روايات (محمد بن خالد البرقي)، وهذا خطأ كبير؛ فالـخوئي عندما أراد الدفاع عن هذا الراوي فإنه قام بتوثيق الراوي من حيث دينه وذاته، لكنه ضعَّفه من ناحية نقل الحديث؛ حيث يقول الـخوئي:

 

[إنك قد عرفت من الشيخ توثيق محمد بن خالد صريحاً، ولكنه مع ذلك قد توقف بعضهم في توثيقه، بل تعجب بعضهم من ترجيح العلَّامة قول الشيخ على تضعيف النجاشي مع أنه أضبط وأتقن، ولكن الصحيح أن العلَّامة لم يرجـح قول الشيخ على قول النجاشي، وإنـما ذكر اعتماده على قول الشيخ من تعديله؛ لأجل أن كلام النجاشي غير ظاهر في تضعيفه، وإنـما التضعيف يرجع إلى حديثه، لأجل أن محمد بن خالد كان يروي عن الضعفاء ويعتمد على المراسيل، كما صرَّح به ابن الغضائري.

 

وهذا الكلام 👆 يعني أن الراوي (محمد بن خالد البرقي) كان ثقة من ناحية كونه فقيـهاً إمامياً، لكنه كان ضعيفاً من ناحية الحديث؛ أي أنه لم يكن متقناً له، بالإضافة إلى كونه ينقل عن الضعفاء والمراسيل أيضاً.

ولهذا يقول أحمد بن الحسين الغضائري الواسطي البغدادي في كـتاب (رجال ابن العضائي| صــ 23) ما يلي:

[فقد يكون ثقة في دينه - أي إمامياً اثني عشرياً،...، وقد يكون ضعيفاً في الحديث؛ أي في النص الذي ينقله.]

 

وربـما تلاحظ في كلام الـخوئي السابق 👆 أنه يعترف أن هناك الكثير من علـماء الشيعة قد ترددوا ورفضوا توثيق (محمد بن خالد البرقي)؛ لأنهم يرون أن رأي النجاشي في تضعيف هذا الراوي هو الرأي الأصـح. 

====================

والـمضحك في الأمر أن الـخوئي يريد أن يـخدع الناس وأن يوهمهم أن ضعف الراوي محمد البرقي ليس بسبب فساد نفسه، بل بسبب الضعفاء الذين يروي عنهم، ثم استشهد الـخوئي النَصَّاب بكلام ابن الغضائري حول الراوي محمد البرقي!

لكن الغريب أن الكثير من علماء الشيعة ومنهم الـخوئي نفسه قد أنكروا أصلاً آراء ابن الغضائري المذكورة في كتـابه؛ فهم يعتقدون أن كتـاب ابن الغضائري الموجود حالياً هو كتاب مزيف، ولذلك يقول الـخوئي في (معجم رجال الحديث 1/ 43) ما يلي:

 [وكذلك كتـاب رجال ابن الغضائري، فإنه لم يثبت عند الـمتأخرين، وقد ذكره ابن طاووس عند ذِكره طرقه إلى الأصول الرجالية أنه: لا طريق له إلى هذا الكـتاب. وأما العلَّامة ابن داود والمولى القهبائي، فإنهم وإن كانوا يـحكون عن هذا الكـتاب كثيراً إلا أنهم لم يذكروا إليه طريقاً. ومن المطمأن به عدم وجود طريق لهم إليه.]

 

 فكـتاب (رجال ابن الغضاري) وصل إلى ابن طاووس الحلي (673هـ) والعلَّامة الحِلي (726هـ) ولكن بسند منقطع!

ابن طاووس نفسه ينص على أنّه لا طريق إلى هذا الكـتاب، وكذلك العلَّامة الحلي لم يذكر طريقاً لهذا الكـتاب. إذن المشكلة الـمحورية هي كيف نـثـق في هذا الكـتاب؛ فربـما يكون الكـتاب الواصل إلينا قد حُرِّف أو أُضيفت فيه آراء ليست لابن الغضائري، فكيف نثق بكـتاب اختفى لمدّة قرنين من الزمان ثم ظهر فـجأةً بطريقة لا نعرف عنـها شيئاً؟! 


فانظر إلى الـخوئي المتناقض؛ فهو يرفض كتـاب (رجال ابن الغضائري) ولا يثبته، ثم بعد قليل نراه يستشـهد به لمحاولة تبرئة الراوي محمد البرقي!   


ومعظم علماء الشيعة اليوم قد طعنوا في كتـاب ابن الغضائري مثل السيد عبد الكريم فضل الله، والأستاذ الأكاديـمي الشيعي/ حيدر حب الله، وكذلك يقول الـمعمم الشيعي/ محمد طالب يحيى آل الفقيه في كتـابه (سدرة الكمال في علم الرجال- صــ587) ما يلي: 


[وأمّا مشـهور المتأخّرين فقد أنكروه وضعّفوه وجعلوه وراء ظهورهم. والحق يُقال: إنّ القرائن الداخليّة والخارجيّة دالّتان على عدم صـحّته وإن كان القول بوضعه قريباً، ولهذا يسقط عن الـحـجـية والاعتبار.]

 

ويري الـمعمم الشيعي/ آغا بزرك الطهراني  عدم إمكانية الاعتماد على كتـاب ابن الغضائري الحالي؛ لأن هذا الكـتاب المنسوب لابن الغضائري هو كـتاب مزيف، وقد هتك هذا الكـتاب عِرضَ أغلب عظماء وكبار رواة الدين الشيعي حتى لم يبق منهم أحد تقريباً ! - ولذلك يقول الـمعمم الشيعي/ آغا بزرك عن ابن الغضائري أنه:


 «ابن الغضائري أجلُّ من أن يقتحم في هتك أساطين الدين، حتى لا يفلت من جرحه أحدٌ من هؤلاء المشاهير بالتقوى والعفاف والصلاح؛ فالظاهر أنّ المؤلّف لهذا الكـتاب كان من المعاندين لكبراء الشيعة، وكان يريد الوقيعة فيـهم بكل حيلة ووجه؛ فألَّف هذا الكتاب وأدرج فيه بعض مقالات ابن الغضائري تمويهاً؛ ليُقبَل عند الـجميع ما أراد إثباته من الوقايع والقبايـح. والله أعلم» (الذريعة 10: 89)

 

وأما معمم الشيعة/ جعفر السبحاني، فيقول في كـتابه (كليات في علم الرجال،صـ 102) ما يلي:

[ويُـتـحفَّظ على آراء ابن الغضائري؛ لأنه كثير الـجرح والتضعيف قليل التعديل، فلم يكد يَسلم أحدٌ من جرحه أو غمزه في رواياته أو دينه أو..، وهذه الطريقة غير معتدلة في التعامل مع رواة الحديث؛ لذا لا يمكن الركون إلى آرائه الرجالية.]

 

 وحتى بعض معممي الشيعة الذين قبلوا كتـاب ابن الغضائري المزيف، فإنهم لاحقاً قد تناقضوا فيما بينهم حول طريقة التعامل مع كـتاب ابن الغضائري، فمثلاً:

 العلَّامة الـحِلي قَبِلَ كتـاب ابن الغضائري، ولكن وضعه في المرتبة الثانية بعد آراء العلماء الآخرين، بمعنى أنه إذا طعن كـتاب ابن العضائري في راوٍ معين، لكن وثَّق علماء الشيعة هذا الراوي، فإن العلَّامة الـحلي سيَقبل رأى باقي علماء الشيعة في توثيق هذا الراوي وسيرفض رأي ابن الغضائري في تضعيف هذا الراوي... ، وطبعاً أسلوب العلَّامة الـحِلي هنا مـخالف لقواعد الـجرح والتعديل؛ لأن الـجرح عندهم مُقدَّم على التعديل وليس العكس، وبالتالي كان من المفترض أن يقوم العلَّامة الـحِلي بتفضيل رأي ابن الغضائري في تضعيفه للرواة على رأي العلماء الآخرين في توثيقهم للرواة.

 ولهذا جاء العلَّامة الكلباسي ورفض طريقة تفكير العلَّامة الحِلي، وقام الكلباسي بتفضيل كـتاب ابن الغضائري وتضعيفاته للرواة على توثيقات علماء الشيعة لهؤلاء الرواة...، وبالتالي أصبح عندنا رأيان متناقضان حول الراوي محمد بن خالد البرقي، فبحسب طريقة العلَّامة الحلي فإنه سيوثِّق (محمد بن خالد البرقي)، لكن العلَّامة الكلباسي سيُضعِّف (محمد بن خالد البرقي) وسيُضعِّف معه أغلب رواة الشيعة الكبار!!!   

 راجع: كتـاب (الرسائل الرجالية 1: 419).



  إذن من خلال كل ما سبق، نتعلم أن كـتاب ابن الغضائري مزيف ولا يـمكن الاحتـجـاج به لتبرئة الراوي محمد بن خالد البَرقي.

 وحتى لو افترضنا أن كتـاب (ابن الغضائري) صـحيح؛ فهذا لا يعني أن ابن الغضائري برَّأ الراوي (محمد البرقي)؛ فابن الغضائري قد ذكر سبـبـين في تضعيف الراوي (محمد البرقي)، وليس سبباً واحداً؛ ولكن معظم المعممين بتروا كلام ابن الغضائري؛ فابن الغضاري يقول عن محمد البرقي:

[محمد بن خالد البرقي: حديثه يُعرَف ويُنكَر، ويروي عن الضعفاء كثيراً ويعتمد المراسيل.] 

 

فهنا 👆، ابن الغضائري يقول أن حديث محمد البرقي يُعرَف ويُنكَر، وعبارة (حديثه يُعرَف ويُنكَر) قد اختلف علـماء الشيعة في معناها، ولهم في ذلك ستة آراء مختلفة حول معناها، ولكن الرأي الظاهر والـمختار هو الرأي الخامس والسادس وهو أن هذه العبارة تعني أن الراوي مضطرب الألفاظ في الحديث ويـخلط الأحاديث ببعضـها ولا يحفظها جيداً، وهذا يعني أن محمد البرقي كان سيء الحفظ يـخلط الأحاديث ببعضها وليس أنه يروي عن الضعفاء فقط.

 

*ولذلك يقول المعمم الشيعي/ حسين ساعدي في كـتابه (الضعفاء من رجال الحديث - الجزء الأول - صـ108) ما يلي:

[خامسـها: إن المراد به من (حديثه يُعرَف ويُنكَر) بمعنى أنه مضطرب الألفاظ. وقد اختار بعضهم هذا التفسير حيث قال: وإن الظاهر من قول ابن الغضائري (يُعرَف ويُنكَر) اضطراب الحديث. وسادسها أن قوله (يُعرَف ويُنكَر) تفسير قوله مختلط، ومعنى اختلاط الحديث أنه لا يـحفظه على وجهه. وقال البـهبـودي: ومن ذلك قولهم: (فلان منكر الحديث)، (يعرف وينكر)، (حديثه بين بين)، ومعنى الإنكار أنه يروي ما لا يعرفه الثقات الأثبات.]

 

إذن ابن الغضائري يقول عن الراوي محمد البرقي أن مضطرب الحديث يـخلطه، ولكن معظم المعممين لم يذكروا هذه النقطة بالذات عند اقتباس كلام ابن الغضائري المنسوب له!

 ====================

وأما بالنسبة لـمن يـتحـجـجـون بأن ابن الوليد لم يستـثـن (محمد البرقي) من كـتاب (نوادر الحكمة)، وزعموا أن كل من لم يستـثـنه ابن الوليد فهو راوٍ ثقة، وبالتالي فإن قاعدة ابن الوليد هذه تدل على وثاقة (محمد البرقي)...، ولكنني أرد على هؤلاء المساكين وأقول:


أولاً: 

لقد اختلف علماء الشيعة في تـحديد مخترع هذه القاعدة الفاشلة؛ فالنجاشي نسب هذه القاعدة إلى ابن الوليد وكأنه هو من قالها بنفسه، لكن الطوسي نسب هذه القاعدة إلى الصدوق؛ أي أن هذه القاعدة لم يقلها (ابن الوليد) بنفسه بل الصدوق هو من قال هذه القاعدة؛ حيث زعم الصدوق أن كل رواة كـتاب (نوادر الحكمة) هم مقبولون ما عدا الذين استـثـناهم ابن الوليد.

ولهذا يقول المعمم الشيعي/  محمد طالب آل الفقيه في كتـابه (سدرة الكمال، صـ144) ما يلي:

[نعم، أسند الشيخ المقولة إلى الصدوق لا إلى أستاذه ابن الوليد، والنتيجة وإن كانت واحدة إلا أن ما بين الفقرتين قليلاً من التغاير.]

    

فهذا المعمم الشيعي 👆 يـحاول أن يوفِّق بين كلام النجاشي والطوسي، لكنه في النـهاية يعترف أن بين الرأيـيـن بعض التغاير حتى وإن كانت النتيجـة واحدة.

  

ثانياً:

قاعدة استثناءات ابن الوليد هي قاعدة فاشلة؛ فهناك العديد من الضعفاء الذين لم يستـثـنـهم ابن الوليد أو يبعدهم، وعلى الجانب الآخر، نرى أن هناك رواة ثقات قد أبعدهم واستثناهم ابن الوليد..، فـمثلاً:

الراوي/ إبراهيم بن إسحاق النهاوندي هو راوٍ ضعيف جداً، وقد قال عنه الطوسي في الفهرست أنه ضعيف في الحديث ومُتـهَم في دينه، وبالرغم من ذلك فإن ابن الوليد لم يُبعِد إبراهيم بن إسحاق!

وكذلك الراوي/ الحسن بن عليِّ الهمداني هو راوٍ مطعون فيه كما أخبرنا الطوسي في التـهذيب، وبالرغم من ذلك فإن ابن الوليد لم يُبعِده أو يستـثـنه!

 

وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى على فشل هذه القاعدة، ولذلك يقول معمم الشيعة/ محمد طالب آل الفقيه - في كتابه (سدرة الكمال،صـ144) ما يلي:

[فالشيخ تصور أن الاستثناء دليل الضعف، لكنه اشتباه محض لمن راجع ترجمته]

 

 ويقول المعمم/ محمد طالب آل الفقيه - في صفحة 149: 151 ما يلي:

[ولهذا يقال أن ليس مراد ابن الوليد هو ضعف من استثناهم ووثاقة الباقين كـما ذهب إليه بعض الرجاليين، وإنما استـثـني الأخبار المرسلة التي لا يمكن اعتمادها أو رواةً ضعفاء دون استثنائهم جميعاً....، وقد تلخص أن القول بوثاقة غير من استثناهم ابن الوليد في غير محله، وذلك لعدم دلالة كلماته على الحصر، بل لا بد من الرجوع إلى الرجاليين للقول بوثاقتهم أو ضعفهم....، وغيرهم ممن لم يستثنهم ابن الوليد، وقد صرَّح الأصحاب بضعفهم، فمِن كل هذا يُعلَم أن ابن الوليد استثنى قوماً ضعافاً وأبقى على آخرين لا كما تصوره بعض الرجاليين.]


ويقول المعمم/ محمد طالب آل الفقيه في صفحة 152 ما يلي:

[ومما تقدم يظهر بوضوح عدم إرادة وثاقة من لم يستثنهم ابن الوليد من كـتاب نوادر الحكمة لـمحمد بن أحمد بن يحيى؛ فهم يـجرون مـجرى غيرهم من التوثيق والتضعيف.]

 

أي أن ابن الوليد لم يستثن كل الضعفاء الذين في كتـاب (نوادر الحكمة)، وكذلك لم يوثق من لم يستثنـهم.


====================

والآن، تعالوا بنا نرجع إلى رأي النجاشي لكي نرد على تلاعب الشيعة وتأويلهم لكلام النجاشي!

ـــ النجاشي قال عن محمد البرقي أنه [ضعيف الحديث]، ومن المفترض أن تعني هذه العبارة ضعف محمد البرقي نفسه في الحديث وليس لـمـجرد أنه يروي عن الضعفاء والمراسيل...؛ فنحن إذا تصفحنا كـتاب النجاشي، لوجدناه يستخدم هذا التعبير في سياق التضعيف الشخصي للراوي نفسه؛ فـمثلاً:

 *في كـتاب (رجال النجاشي:122)، نـجد النجاشي يقول عن جعفر بن محمد بن مالك ما يلي:

[جعفر بن محمد بن مالك كان ضعيفاً في الحديث، وقال أحمد بن الحسين عنه: كان يضع الحديث وضعاً، ويروي عن المجاهيل]

 

إذن عبارة (ضعيف في الحديث) هنا 👆 تعني ضعف هذا الراوي نفسه من حيث أنه كان وضَّاعاً للأحاديث.

 

*وفي كـتاب (رجال النجاشي 185)، نـجد النجاشي يقول عن سهل بن زياد الآدمي أنه:

[سهل بن زياد الآدمي كان ضعيفاً في الحديث غير مُعتمَد فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشـهد عليه بالغلو والكـذب.]

 

فهنا 👆عبارة (ضعيف في الحديث) تتكلم عن ضعف الراوي نفسه من حيث أنه كذاب مغالي.

 

ـــ وكذلك الطوسي كان يستخدم عبارة (ضعيف في الحديث) من أجل تضعيف الراوي نفسه..، فمثلاً:

في كـتاب (الفهرست39-40)، نـجد الطوسي يقول عن إبراهيم بن إسحاق الأحمريّ النِّـهاوندي أنه:

[كان ضعيفاً في حديثه، متَّهماً في دينه]

 

وفي كتـاب (رجال الطوسي414)، نـجد الطوسي يقول عن نفس الراوي/ إبراهيم بن إسحاق الأحمريّ النِّهاونديّ أنه [[له كتبٌ، وهو ضعيفٌ]].  

 

وهذا يدل على أن عبارة (ضعيف في الحديث) تساوي (ضعيف)، وهي تدل على التضعيف الشخصي للراوي نفسه ما لم تكن هناك قرينة أخرى فاصلة. وهذا الكلام قد أكَّده أيضاً الأستاذ الأكاديـمي الشيعي/ حيدر حب الله على موقعه الرسمي.

 

أي أن الراوي/ محمد البرقي كان ضعيفاً في الحديث سيء الحفظ من تلقاء نفسه، وليس لـمجرد أنه يروي عن ضعفاء آخرين أو أنه يعتمد المراسيل. 

 

====================

وأما بالنسبة لـمن يزعمون أن الراوي محمد البرقي كان ضعيفاً في الحديث لـمجرد أنه كان يـجمع الروايات الضعيفة المنسوبة إلى آل البيت بدون تحقق منها!

وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:

تضعيف النجاشي لـمحمد البرقي ليس لـمجرد أنه يروي عن الضعفاء؛ فمعظم علماء الشيعة أصلاً كانوا يرون عن ضعفاء أيضاً، وبالرغم من ذلك فإن الرجاليين القدماء لم يُضعِّفوا علماءهم هؤلاء...، وهذا يدل على أن سبب تضعيف النجاشي لـمحمد البرقي لا يقتصر فقط على جمعه لروايات الضعفاء، بل لأن محمد البرقي كان سيء الحفظ من تلقاء نفسه، وبالتالي لا تُقبل رواياته الموجودة في كـتاب (الكافي) أو كتـاب (الـمحاسن) أو غيرها من الروايات في كتـاب (بحار الأنوار).  


صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا