مضمون الشبـهة:
يزعم أعداء الإسلام أن هناك خطأً في الآية القرآنية التي تقول:
{رَسُولࣱ مِّنَ ٱللَّهِ یَتۡلُوا۟ صُـحُفاً مُّطَهَّرَةࣰ ٢ فِیهَا كُتُبࣱ قَیِّمَةࣱ}
ويقول أعداء الإسلام أن القرآن كـتاب واحد، فكيف يقول الله عن القرآن أنه كتب؟!
ويقول أعداء الإسلام أن النبي كان أمياً، فكيف كان يتلو القرآن؟!
——————————————
الرد على الشبـهة:
أولاً:
أعداء الإسلام يـجـهلون اللغة العربية، ولذلك دائـماً يقعون في مغالطات حينما ينتقدون القرآن الكريم.
عندما نـتـصفح معاجم اللغة العربية، فإننا نـجد أن كلـمة(كتـاب) لـها عدة معاني وليس معنى واحد.
الكثير من الناس يظنون أن الكـتاب يـجب أن يكون شيئاً كبيراً مكوناً من صفحات كثيرة. وهذا اعتقاد خطأ؛ لأن كلمة (كـتاب) قد تُطلَق أيضاً على العبارات والفقرات القصيرة الـمكونة من كـلـمات قليلة، وقد تُطلَق كلمة (كتـاب) على مـجرد ورقة واحدة أو جزء مـنـها...، ولذلك نـحن نقول عن كـتابة عقد الزواج أنه (كتب الكتـاب) بالرغم من أن عقد الزواج عبارة عن مـجرد ورقة واحدة.
إذن، كل ما يُكتَب فهو (كتـاب) سواء كان كثيراً أو قليلاً.
*وكلمة (كـتاب) قد تُطلَق على الرسالة التي يكتبـها شـخص إلى شـخص آخر، وذلك حسبما ذُكِرَ في معاجم اللغة العربية.
*وكلمة (كتـاب) قد تُطلَق أيضاً على التشريعات والأحكام والأوامر.
يعني مثلاً:
🔴 النبي سليمان أرسل رسالة قصيرة إلى ملكة سبأ، وكانت الرسالة مكونة من عبارات قصيرة قليلة، وبالرغم من ذلك فإن الله سمَّى هذه الرسالة بـ(كـتاب):
يقول الله تعالى:
﴿ٱذۡهَب بِّكِتَـٰبِی هَـٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَیۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا یَرۡجِعُونَ ٢٨ قَالَتۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمَلَؤُا۟ إِنِّیۤ أُلۡقِیَ إِلَیَّ كِتَـٰبࣱ كَرِیمٌ ٢٩ إِنَّهُۥ مِن سُلَیۡمَـٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ ٣٠ أَلَّا تَعۡلُوا۟ عَلَیَّ وَأۡتُونِی مُسۡلِمِینَ ٣١﴾ [سورة الـنمل]
🔴 وكذلك الله أطلق كـلمة (كتـاب) على التشريعات الإلـهية مثل: الصلاة؛ حيث يقول الله تعالى:
﴿ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ كِتَـٰباً مَّوۡقُوتاً﴾ [النساء ١٠٣]
ــ فكـلمة (كَتَبَ) في اللغة العربية تُستخدَم بـمعنى (أمر) أو (قرَّر) أو (قضى بشيء) أو (حكم)، ولذلك يقول الله تعالى:
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِی ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِیَ لَهُۥ مِنۡ أَخِیهِ شَیۡءࣱ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَاۤءٌ إِلَیۡهِ بِإِحۡسَـٰنࣲۗ ذَ ٰلِكَ تَخۡفِیفࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةࣱۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِیمࣱ﴾ [البقرة ١٧٨]
﴿كُتِبَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَیۡرًا ٱلۡوَصِیَّةُ لِلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [البقرة ١٨٠]
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٨٣]
﴿مِنۡ أَجۡلِ ذَ ٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَیۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰا وَمَنۡ أَحۡیَاهَا فَكَأَنَّمَاۤ أَحۡیَا ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰاۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فِی ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ﴾ [المائدة ٣٢]
﴿وَكَتَبۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیهَاۤ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَیۡنَ بِٱلۡعَیۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصࣱۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ كَفَّارَةࣱ لَّهُۥۚ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [المائدة ٤٥]
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
والآن، نـحن قد عرفنا معنى كلمة (كتـاب)، وسننتـقل لتفسير معنى الآية التي تقول:
{رَسُولࣱ مِّنَ ٱللَّهِ یَتۡلُوا۟ صُحُفاً مُّطَهَّرَةࣰ ٢ فِیهَا كُتُبࣱ قَیِّمَةࣱ}
الآية تقول أن الـمصحف الشريف طاهر من الزور والكذب والباطل، وفي هذا الـمصحف كتب قيمة؛ أي في الـمصحف أحكام وتشريعات قيمة...، لأن كلمة (كـتاب) تُطلق على أي تشريع وأمر إلهي كـما شرحنا من قبل.
وكذلك، كل سورة هي القرآن الكريم هي كـتاب أيضاً؛ لأنـها مكتوبة سواء في اللوح الـمحفوظ في السماء أو بين أيدينا.
ولذلك القرآن الكريم يـحتوي على العديد من الكتب؛ أي يـحتوي على العديد من التشريعات والسور.
وربـمـا يتساءل البعض ويقول: هل الكـتاب الواحـد يـحتوي بداخـله على كتب؟!
والإجابة: نعم ، وهذا شيء معروف عند اللغويين القدماء، فـمثلاً: كتـاب (صـحيح البخاري) يـحتوي بداخـله على 83 كتـاب، منـهم كـتاب: (الإيـمان)، (العلم)، (الوضوء)، (التوحيد)، (الـحج)...، وغيرهم.
وكذلك، الكـتاب الـمقدس الذي يؤمن به اليـهود والـنصارى يـحتوي على عشرات الأسفار (الكتب) بداخـله، ولذلك ستجد الأجانب يقولون مثلاً (book of Genesis)؛ أي سِفر أو كـتاب (التكوين) الـموجود في الكـتاب الـمقدس.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
والآن، سنجيب على سؤال: كيف كان النبي يتلو القرآن بالرغم من أنه أمي لا يعرف القراءة والكـتابة؟!
أولاً: أنا شـخـصياً كنت أقابل العديد من الـمسلمين الـماليزيين في جامعتي، وقد كان هؤلاء الشباب الـماليزيين يـمسكون الـمصحف أمامي ويقرأون القرآن بالرغم من أنـهم لا يعرفون اللغة العربية أصلاً.
وفي مرة من الـمرات، تـحدثت وتـواصلت مع شـخص منـهم باللغة الإنـجليزية وسألته عن ذلك، فأجابني قائلاً: "هذا شيء طبيعي".
دعوني أحكي لكم مثالاً آخر:
الكثير من الأطفال الصغار في بلادنا لا يعرفون القراءة والكتـابة، ولكنـهم يذهبون إلى الكـتاتـيـب ويـحفظون القرآن من الـمصحف ويتلونه عن ظهر قلب بالرغم من أنـهم لا يعرفون القراءة والكـتابة.
بل هناك الكثير من العميان الذين يـحفظون القرآن ويتلونه على مسامع الناس.
إذن، تلاوة القرآن لا تشترط معرفة القراءة والكـتابة، فهناك الكثير من الناس الأميين والعميان الذين يـحـفظون القرآن جيداً ويتلونه.
وتلاوة القرآن لا تشترط النظر في الـمصحف، ولذلك أنت ستجد القارئ في الـمآتم يتلو القرآن ويقرأه بدون النظر في الـمصحف.
وفي الـمعاجم العربية، كلمة (تلا) لا تشترط أن تنظر في كـتابٍ وتتـهجى ما فيه.
ولذا ورد في (الـمعجم الغني) أن الشخص إذا أخـبر غيره بـخـبر معين فقد تلا الـخـبر عليه؛ أي أنك إذا أخبرتك شـخصاً بـخبر معين فهذا يعني أنك تلوته عليه...، وهذا يعني أن التلاوة لا تشترط تـهجي الكلمات من كـتاب.
بل إن اتباع الأوامر الـموجودة في الكـتاب يعتبر تلاوة أيضاً؛ فقد ذكر الـمعجم الغني ما يلي:
[تلا الـمذهب أو الكِـتاب؛ أي اتبع ما فيه]
إذن، سواء أنت نظرت في الكتـاب لتتـهجى عباراته أو لم تنظر فيه، فهذا يعتبر تلاوة.
وكذلك النبي محمد كان يتلو القرآن الكريم بالرغم من أنه أمي لا يعرف القراءة والكتـابة.
☳☳☳☳☳☳☳☳☳☳☳☳☳☳☳☳☳
لا تنسونا من صالـح الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا