البعض يعتقد أن الأرض لا تـتـحرك في الفضاء؛ لأن الله وصفها بـ(قرار) حينما قال:
﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارࣰا﴾ [غافر ٦٤]
وهذا الاعتقاد الـخاطئ يكرره الـمسطحون ويستخـدمه الـملاحدة؛ لكي يطعنوا في القرآن الكريم، ولكنـهم يـخطئون في فهم الآيات القرآنية أو يـختارون رأياً تفسيرياً خاطئاً ويتركون الآراء الصحيحة الأخرى!
في الحقيقة، لو تدبرنا الآية السابقة جيداً لوجدنا أن كلمة (القرار) هنا لا علاقة لها بثبوت الأرض أو حركتـها أصلاً، بل الآية تـتحـدث عن أن الإنسان استقر وعاش على الأرض.
ونفس هذا الأسلوب اللغوي قد كرَّره الله في آيات كثيرة ، فمثلاً: الله أخبرنا أن الكفار سيعيشون في جهنم وأنـها ستكون قراراً لهم حيث قال الله:
﴿جَهَنَّمَ یَصۡلَوۡنَهَاۖ وَبِئۡسَ ٱلۡقَرَارُ﴾ [إبراهيم ٢٩]
﴿قَالُوا۟ بَلۡ أَنتُمۡ لَا مَرۡحَبَۢا بِكُمۡۖ أَنتُمۡ قَدَّمۡتُمُوهُ لَنَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرَارُ﴾ [ص ٦٠]
﴿یَـٰقَوۡمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا مَتَـٰعࣱ وَإِنَّ ٱلۡـَٔاخِرَةَ هِیَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ﴾ [غافر ٣٩]
فهنا👆 ، الله لا يتـحدث عن حركة جهنم أو ثبوتـها، ولا يتـحدث عن حركة الـجنة أو ثبوتـها، بل يتـحدث عن أن الإنسان سيعيش إما في الجنة أو النار في الآخرة.
وكذلك، الله وصف الأرض بأنـها قرار؛ أي أن أبناء آدم سيعيشون عليـهـا.
෴෴෴෴෴෴෴෴෴
ولكي أثبت لك أن معنى (القرار) في الآية لا علاقة له بثبوت الأرض أو حركتـها، فإن الله قال عن الـجنين أيضاً أنه في قرار مكين...
﴿ثُمَّ جَعَلۡنَـٰهُ نُطۡفَةࣰ فِی قَرَارࣲ مَّكِینࣲ﴾ [المؤمنون ١٣]
﴿فَجَعَلۡنَـٰهُ فِی قَرَارࣲ مَّكِینٍ﴾ [المرسلات ٢١]
وطبعاً، كلنا يعرف أن الـمرأة الحامل يـمكنـها أن تتـحرك من مكان إلى آخر، وكذلك رحم الـمرأة الحامل يتـمدد متحركاً باتـجاه الأعلى، إذن القرار هنا لا يُقصَد به ثبوت الـمرأة أو حركتـها، بل المقصود هو أن الـجنين يعيش حياته الجنينية مستقراً في الرحم. وقد وصف الله الرحم بأنه (قرار مكين)؛ أي يـحـمي الـجنين.
إذن، الله جعل الأرض قراراً؛ أي أنـها بـمثابة مستقَر للبشر وأن البشر يستقرون على كوكب الأرض ويعيشون عليه، ولذلك قال الله تعالى:
﴿فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِیهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوࣱّۖ وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرࣱّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِینࣲ﴾ [البقرة ٣٦]
﴿قَالَ ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوࣱّۖ وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرࣱّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِینࣲ﴾ [الأعراف ٢٤]
_______
*وكذلك قال الله عن مريم وابنها:
﴿وَجَعَلۡنَا ٱبۡنَ مَرۡیَمَ وَأُمَّهُۥۤ ءَایَةࣰ وَءَاوَیۡنَـٰهُمَاۤ إِلَىٰ رَبۡوَةࣲ ذَاتِ قَرَارࣲ وَمَعِینࣲ﴾ [المؤمنون ٥٠]
أي أن الله آواهم إلى مكان يستقرون فيه.
______
فالفكرة كلها أن هناك بعض الأشـخـاص الذين يفسرون القرآن بشكل خاطئ يقتطعون الآيات القرآنية من السياق من أجل تبرير أفكارهم الفاسدة.
لا تنسوني من صالح الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا