هل كان هناك كنيسة تحت الكعبة؟!

يزعم بعض الـمسيحيين أنه كان هناك كنيسة مسيحية بيضاء تـحت الكعبة قبل الإسلام، وينسبون هذا الإدعاء للـمؤرخ الـمكي القديم الـمسمَى بـ(الأزرقي) ولـ(جواد علي) الذي كان ينقل من الأزرقي.


فـما حقيقة هذا الإدعاء ؟!

أولاً:

كلمة (كنيسة) في معاجم اللغة العربية، هي كلمة كان العرب يطلقونـها على شيء يشبه الـهودج، وكان الـمسافرون يستظلون تـحتـه، ويستريـحون فيه من عناء السفر ومن شدة الـحر. وكذلك تُطلَق كلمة (كنيسة) على كل مكان مكنوس من القمامة. ولم يكن الأزرقي يتكلم هنا عن كنيسة مسيحية؛ لأنه لم يكن هناك كنيسة مسيحية أصلاً في مكة.

[راجع الـمعجم الوسيط ، صـفحة ٨٠٠]


لم يكن هناك كنيسة في مكة أو الكعبة


إذن، الأزرقي في كتـابه (أخبار مكـة) يتـحـدث هنا عن هودج يستـتر فيه الناس من الـحر ، ويتم كنس هذا الـمكان باستـمرار...، ولذلك الأزرقي يقول في ج٢، صـ١٠٦ ما يلي:

[وَجَعَلَ بَيْنَهُ كُوَاءً عَلَيْهَا شُبَّاكٌ مِنْ حَدِيدٍ وَأَبْوَابٌ، وَجَعَلَهَا مُكَنَّسَةً، وَفَوْقَ الْكَنِيسَةِ ثَلَاثُ قِبَابٍ صِغَارٍ]


فالأزرقي هنا يتـحـدث عن شيء مكنَّس☝️أي على شكل هودج ، ولا يتكلـم عن كنيسة مسيحية.


ففي اللغة العربية ، يُقال: "تكنَّست الـمرأة" أي دخـلت في هودج.  

---------

ثانياً:

 الأزرقي لم يقل أن هذا الـهودج أو الكنيسة تـحت الكعبة بل قال أنـها في (صُفة زمزم)؛ أي على بعد أكثر من ٢١ متر من شرق الكعبة.

--------

ثالثاً:

 بناء هذا الـهودج (أو الكنيسة) كان في زمن (عمر بن فرج الرخـجـي) عام ٢٢٩ هجرياً، أي بعد موت النبي محمد بـحوالي ٢٢٠ سنة ، وليس قبل الإسلام كـما يزعم الـمسيحيون الكـذابون.


وإليك ما يقوله الأزرقي في كـتابه في ج٢، صـ١٠٦:

 [فَلَمْ يَزَلْ هَذَا بِنَاءَ الصُّفَّةِ - صُفَّةِ زَمْزَمَ - وَهُوَ بَيْتُ الشَّرَابِ - حَتَّى هَدَمَهُ عُمَرُ بْنُ فَرَجٍ الرُّخَّـجِيُّ، فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَـتَـيْـنِ وَبَنَاهُ، فَبَنَى أَسْفَلَهُ بِـحِـجَـارَةٍ بِيضٍ مَنْقُوشَةٍ، مُدَاخَـلَةً عَلَى عَمَلِ الْأَجْنِحَـةِ الرُّومِيَّةِ، وَبَنَى أَعْلَاهُ بِآجُرٍ، وَأَلْبَسَهُ رُخَامًا، وَجَعَلَ بَيْنَهُ كُوَاءً عَلَيْـهَا شُبَّاكٌ مِنْ حَدِيدٍ وَأَبْوَابٌ، وَجَعَلَهَا مُكَنَّسَةً، وَفَوْقَ الْكَنِيسَةِ ثَلَاثُ قِبَابٍ صِغَارٍ، وَأْلَبَسَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْفُسَيْفِسَاءِ.]


لاحظ أن الأزرقي يقول (مكنَّسة)☝️، والأزرقي لم يقل أن الكنيسة بيضاء بل قال أن عمر الرخـجـي بنى الـجزء الأسفل من جدران بيت الشراب في صُفة زمزم بـحـجـارة بيضاء منقوشة ، وأما الـجزء الأعلى فـمصنوع من طوب الآجر ، ثم قام بتغطية الـجدران بالرخـام ، وجعل هناك كواء أي (فتحـات) في الـجـدران...، ثم وضع شبابيك وأبواب حـديدية على هذه الفتحـات، ثم جعل بيت الشراب مكنَّساً؛ أي على شكل هودج مـحاط ومغطَّى بالأثواب (أي قطع القماش).

 ففي اللغة العربية ، يُقال: "تكنَّست الـمرأة" أي دخـلت في هودج.  

--------

رابعاً:

وأما بالنسبة لـمن يزعمون أن هذه الكنيسة البيضاء الـمزعومة كانت موجودة في عهد الصحـابي ابن عباس وبُنيت في مـجـلسه، فهذا إدعاء كاذب؛ فالأزرقي تكلم عن هودج أو كنيسة أخرى كان الـخليفة العباسي (الـمهدي) قد بناها في عصره على نفس الـمكان الذي يُعتقد أنه كان مـجـلس الصـحـابي ابن عباس

والـخليفة الـمهدي هو ثالث خلفاء الدولة العباسية ؛ أي أن كنيسته التي بناها على مـجـلس ابن عباس لم تكن في أيام الـجاهلية ولا في عهد النبـي محمد أو الصحـابة بل بُنيَت في عهد الدولة العباسية على نفس الـمكان الذي كان يُعتقَد أنه مـجـلس ابن عباس.


يقول الأزرقي في ج٢، صـ٦١ ما يلي:

[ثُمَّ عملها أَمِيرُ الْـمُؤْمِنِينَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي خِلَافَتِهِ، وَعَمِلَ عَلَى زَمْزَمَ شِبَّاكًا، ثُمَّ عَمِلَهُ الْـمَهْدِيُّ، وَعَمِلَ شُبَّاكَيْ زَمْزَمَ أَيْضًا، فَعَمِلَ فِي مَـجْـلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَنِيسَةَ سَاجٍ عَلَى رَفٍّ فِي الرُّكْنِ عَلَى يَسَارِكَ]


---------

خامساً:

سبب بناء هذا الـهودج أو الكنيسة هو لكي يستـريـح فيـها الناس من عناء السفر ، وقد تم بناء هذه الكنيسة في صُفة زمزم حتى يُتاح للمسافرين والـحـجـاج الشرب من زمزم والاستراحة تـحت الـهودج أو الكنيسة... ولذلك يقول الأزرقي في ج٢، صـ١٠٦ ما يلي:

[وَفَوْقَ الْكَنِيسَةِ ثَلَاثُ قِبَابٍ صِغَارٍ، وَأْلَبَسَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْفُسَيْفِسَاءِ، وَجَعَلَ فِي بَطْنِـهَا حَوْضًا كَبِيرًا مِنْ سَاجٍ فِي بَطْنِ الْـحَوْضِ، حَوْضٌ مِنْ أَدَمٍ يُنْبَذُ فِيهِ الشَّرَابُ لِلْـحَـاجِّ أَيَّامَ الْـمَوْسِمِ]



ثم إن الـموسوعة الكاثوليكية قد أكدت أنه لم يكن هناك أي كنيسة في بلاد الـحـجاز ؛ فقد خـلت هذه الـمنطقة من الـنشاط التبشيري الـمسيحي (عمليات التنصير).

لم يكن هناك كنيسة في مكة أو المدينة



وهكذا نكون قد فنَّدنا أكـاذيب الـمسيحيين 

لا تنسونا من صالـح الدعاء

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 




صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا