مضمون الشبـهة:
ملحد يزعم أن هناك تناقض بين هاتيـن الآيتـين:
﴿مَّاۤ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةࣲ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَاۤ أَصَابَكَ مِن سَیِّئَةࣲ فَمِن نَّفۡسِكَ﴾
﴿قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا﴾
---------------
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
مبدئياً: ليس هناك تناقض بـيـن الآيتـيـن، ولكن الـملحـد هو مَن يقرأ ولا يفهم ما يقرأ أصلاً.
فكلا الآيتيـن تـتحـدثان في موضوع مـختلف عن الآخـر، ولكن الـملحد خلط بينهما وكأنـهما تتـحـدثان في نفس الـموضوع؛ فالآية الأولى:
﴿مَّاۤ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةࣲ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَاۤ أَصَابَكَ مِن سَیِّئَةࣲ فَمِن نَّفۡسِكَ﴾
هذه الآية ☝️ تـتـحدث عن أن الإنسان هو من يأمـر بالسيئة وهو مَن يفعلها بنفسه فيجلب على نفسه الـخراب بسبب السيئة التي فعلها، أما الله فلم يأمره بـهذه السيئة.
وقد ورد في كتب التفسير بالأثر مثل تفسير ابن أبي حاتم أن هذه الآية قد نزلت للإخبار عن حادثة أحد حيث قام الرماة بالعصيان مـما أدى إلى وقوع الـهزيـمة التي هي حادثة سيئة بالنسبة لهم.
فالله لم يأمر هؤلاء الرماة بترك مواقعهم بل كان من الواجب على الرماة أن يثبتوا مكانهم، ولكن هؤلاء الرماة خالفوا الأمر وحـثـتـهم أنفسهم على النزول من الـجبل مـما أدى إلى الـهزيـمة السيئة.
وكذلك الله نهى عن القمار ولم يأمر به، ولكن بعض الناس يلعبون القمار بأنفسهم فيجلبون على أنفسهم خراب البيوت والديون، مثل ذلك الـمعلم الذي قتل تلميذه بسبب ديونه في القمار.
وكذلك الله نهى عن الـخمر ، ولكن الإنسان هو من يشربـها بنفسه فيـجلب على نفسه الأمراض وضياع الأموال والوقت والسمعة.
وهلم جرا...
إذن هذه الآية ☝️ تتـحدث عن الـمصائب السيئة التي يـجلبها الإنسان على نفسه بسبب معصيته مثلما حدث في حادثة أحد.
وعلى القارئ ألا يُـخرج الآية من سياقها التاريـخي وهو (حادثة أحد)، بل يقيس الـمصائب السيئة عليها.
-------------
أما الآية الثانية:
﴿قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا﴾
هذه الآية ☝️ تـتـحـدث أن الله علم الغيب مسبقاً، وقد علم الله كل الأحداث الـمستقبلية التي ستحـدث للبشر، فكتب الله كل هذه الأحداث الـمستقبلية في اللوح الـمحفوظ، ولكن هذا لا يعني أن الله هو أجبرك على ارتكـاب السيئات....، لذلك دعني أضرب لك مثالاً افتراضياً لكي تـتـضح الفكرة أمامك:
افـتـرض أنني أعلم الغيب وأعلم جميع الأحداث الـمستقبلية ، ولـهذا أنا أعلم مسبقاً أن [علاء سيقتل صديقه يوم السبت القادم، ولهذا سيُقبض عليه بسبب جريـمته الشنيعة ويتم إعدامه...] ولذلك كتبتُ هذه الأحداث الـمستقبلية في كتـاب لي، وكتبتُ فيه أن علاء سيقتل صديقه يوم السبت القادم وسيُقبض عليه بعدها ويتم إعدامه بسبب ما جنته يداه...
فهل هذا يعني أنني مَن أمرت علاء بقتل صديقه، وهل أنا هو السبب في إعدامه؟!
الإجابة: لا ، أنا لم آمـر علاء بقتل صديقه، ولكنني أعلم مسبقاً ما سيفعله علاء ولذلك كتبت هذا في كـتابي.
علاء هو مَن فعل الـجريـمة بنفسه فـجلب على نفسه الـمصيبة، أما أنا فلم آمره بذلك، بل أنا فقط كنتُ أعلم مسبقاً ما الذي سيـحدث.
دعني أعطيك مثالاً آخر لكي تـتضح الفكرة:
هناك مـخـبر سري علم مسبقاً أن العصابة ستنقل شـحنة مـخدرات يوم السبت القادم في الساعة التاسعة، فقام هذا الـمـخبر بكتـابة تقرير بأن العصابة ستنقل شـحنة مـخدرات يوم السبت القادم...
فهل هذا معناه أن الـمخبر هو من أمر العصابة بالإتـجـار بالـمخدرات؟!
الإجابة: لا ، الـمخبر لم يأمر العصابة بنقل الـمخدرات ، ولكنه فقط علم مسبقاً ما تـخطط له العصابة فكتب هذا في تقرير له.
وكذلك الله لم يأمر أحداً بفعل السيئات بل الله فقط علم مسبقاً بأن فلان سيفعل سيئة كذا وكذا... مثلاً: الله علم مسبقاً بأن الطالب (أنور) طالب كسول ولن يذاكر وهذا سيترتب عليه رسوب أنور في الامتحان، وهذه حادثة سيئة بالنسبة لأنور، ولكن الله لم يأمر أنور بالكسل ولم يأمره بترك الـمذاكرة...، وهكذا.
إذن الفكرة كلها تكمن في أن الـملحد يقرأ ولا يفهم ما يقرأ.
وعلى فكرة، الكثير من الـمسيحيين يسخرون من عقيدة كـتابة الأقدار في اللوح الـمحفوظ، ولكن هؤلاء الـمسيحيين لا يعلمون أن نفس العقيدة موجودة في كـتابهم، فمثلاً:
سفر الـمزامير ٥٦: ٨
[تيهاني راقبتَ. اجعل أنت دموعي في زقك. أمَا هي في سِفرك؟]
سفر الـمزامير ١٣٩: ١٦
[رأت عيناك أعضائي، وفي سِفرك كلها كتبت يوم تصورت، إذ لم يكن واحد منها.]
___________
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا