مضمون الشبـهة:
يزعم الـمسيحيون أن الله تـجسد في الشـجرة وفي الـجبل أثناء حـديثه مع موسى، ويستدل الـمسيحيون على ذلك بالآية القرآنية التالية:
﴿فَلَمَّاۤ أَتَىٰهَا نُودِیَ مِن شَـٰطِىِٕ ٱلۡوَادِ ٱلۡأَیۡـمَنِ فِی ٱلۡبُقۡعَةِ ٱلۡـمُبَـارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن یَـا مُوسَىٰۤ إِنِّیۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـالَـمِینَ﴾
﴿فَلَمَّا تَـجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡـجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّاً﴾
-------------
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
أولاً:
بالنسبة لآية:
﴿فَلَمَّاۤ أَتَىٰهَا نُودِیَ مِن شَـاطِىِٕ ٱلۡوَادِ ٱلۡأَیۡـمَنِ فِی ٱلۡبُقۡعَةِ ٱلۡـمُبَـارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن یَـا مُوسَىٰۤ إِنِّیۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـالَـمِینَ﴾
هذه الآية ☝️ لا تدل على التـجسد؛ لأن صدور صوت الله من خلال الشـجرة لا يعني أن الله تـجسد وقعد فيها؛ فمثلاً: أنت يـمكنك أن تسمع صوتي خارجاً من خلال هاتفك أو من شريط التسجيل، فهل هذا معناه أنني تـجسدت ودخلت وقعدت في هاتفك أو في شريط التسجيل عندك؟!
الإجابة: لا ، أنا لم أدخل ولم أتـجسد ولم أقعد في هاتفك.
وكذلك أنت عندما تسمع صوت الـمذيع في الراديو، فهذا لا يعني أن الـمذيع دخل في الراديو عندك.
فالإنسان يستطيع أن ينقل صوته لـمسافات بعيدة بدون أن يـحل أو يتـجسد هناك، فما بالك بقدرة الله على نقل صوته بدون أن يـحـل أو يتـجسد.
إذن صدور صوت الله من الشـجرة لا يعني أن الله تـجسد فيها؛ فالله يقدر على نقل صوته إلى مكان آخر بدون أن يتـجسد فيه أو يـحل.
وعلى فكرة، كتـاب الـمسيحيين نفسه يقول أن الـملاك هو مَن كان ينقل صوت الإله في الشـجرة.
ورد في سفر أعمال الرسل - الأصحاح ٧:
٣٠- «ولـما كمـلت أربعون سنة، ظهر له ملاك الرب في برية جبل سيناء في لـهيب نار عليقة.
٣٥- «هذا موسى الذي أنكروه قائلين: من أقامك رئيساً وقاضياً؟ هذا أرسله الله رئيساً وفادياً بـيد الـملاك الذي ظهر له في العليقة.
٣٨- هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية، مع الـملاك الذي كان يكلمه في جبل سيناء، ومع آبائنا.
إذن ، حتى كتب الـمسيحيين نفسها تشـهد بأن الـملاك هو مَن نقل صوت الإله إلى الشـجرة.
-------
ثانياً:
بالنسبة للآية التي تقول أن الله تـجـلى للـجبل، فإن هذه الآية لا تعنى أن الله تـجسد في الـجبل؛ فكلمة (تـجلى) في اللغة العربـية تعني: (ظهر) ، وليس تـجسد.
ثم إن الآية تقول {تـجـلى للـجبل} وليس {تـجلى في الـجبل}.
بالإضافة إلى أن إظهار هيئة الله في مكان آخر لا يعني بالضرورة أن الله تـجسد هناك أو حل في ذلك الـمكان؛ فأنا كبشري أستطيع أن أظهر أمامك عبر شاشات عرض التلفزيون بالرغم من أنني جـالس في غرفتي بدون أن آتي عندك. فما بالك بالله القادر على كل شيء.
---------
ثالثاً:
بعض الـمسيحيين يـحـاولون أن يقتبسوا من التفاسير الإسلامية من أجل إثبات أن الله تـجسد في الشجرة، فمثلاً: هم يستشهدون بـما ورد في تفسير الطبري حيث يقول:
[اختلف أهل التأويل في الـمعنِّي بقوله ﴿مَنْ فِي النَّارِ﴾، فقال بعضهم: عنى الله بذلك نفسه، وهو الذي كان في النار، وكانت النار نوره في قول جماعة من أهل التأويل.]
....
وأنا أرد عليهم وأقول:
أولاً: إذا دققتَ في الاقتباس السابق☝️، ستـجد أن الطبري لم يقل هذا الكلام من تلقاء نفسه، بل هو نسب هذا الكلام إلى بعض الناس الآخرين الذين قالوا هذا التفسير بأنفسهم وأوَّلوا الآية على هذا الـنحو. ولـهذا ستجد الطبري قال بعدها مباشرةً ما يلي: [ذكر مَن قال ذلك: فلان عن فلان]، ثم بدأ الطبري في سرد أسماء الناس الذين قالوا هذا التفسير وأولوا الآية هكذا.
إذن، ليس الطبري مَن قال أن الله كان في النار، بل أشـخاص آخرون هم مَن قالوا ذلك.
ثم إننا عندما ننظر إلى الأشـخاص الآخرين الذين قالوا ذلك، فسنـجد أن مروياتهم ضعيفة الإسناد أصلاً، فمثلاً:
★ ذكر الطبري روايةً ضعيفةً تزعم أن ابن عباس قال ما يلي:
[حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ﴾ يعني نفسه؛ قال: كان نور ربّ العالـمين في الشجرة.]
ولكن الرواية السابقة ☝️ هي رواية ضعيفة الإسناد جداً ولا تصح نسبتـها إلى ابن عباس أصلاً؛ فراوي الرواية هو (محمد بن سعد بن محمد بن الـحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي)، وهو راوٍ لين الـحديث، ضعيف.
وأما أبوه، فهو الراوي/ سعد بن محمد بن الـحسن العوفي، وهو جهمي ضعيف جداً، لا تؤخذ عنه الرواية.
وأما عم سعد فهو الراوي/ الـحسين بن الـحسن بن عطية العوفي، وهو ضعيف في الـحديث ولا يُـحتج بـخبره.
وأما والد الـحـسين، فهو الراوي/ الـحسن بن عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف الـحديث متروك بل هو بَلية ويـجب تركه كـما قال علماء الـحديث.
وأما والد الـحسن فهو الراوي/ عطية بن سعد بن جنادة العوفي، وكان شيعياً مدلساً من الطبقة الثالثة، وهو ضعيف، وقد كان يأخذ التفسير من الكلبي الكـذاب. ثم إن هذا الراوي لم يُصرِّح بالسماع هنا من ابن عباس، وبالتالي لا يـجوز أن ننسب هذا الكلام إلى ابن عباس.
فالرواية كلها ضعيفة جداً جداً، وهذا التفسير يُسمى: (تفسير العوفي)؛ لأن رواته من نفس العائلة وهي عائلة العوفي.
ثم إن هذه الرواية لم تقل أن الله تـجسد في الشجرة، بل الرواية قالت أن نور رب العالـمين كان في النار؛ فالرواية تكلمت عن (نور الله) وليس الله نفسه، بالإضافة إلى أن الرواية ذكرت النار وليس الشجرة.
ثم إن ظهور نور الله في النار، لا يعني أن الله تـجسد هناك؛ فأنت كبشري يـمكنك أن تنقل صورتك وتـجعلها تظهر في هاتف أو تلفاز في مكان آخر بدون أن تـتـجسد أو تدخل في الهاتف أو التلفاز. إذن بالأحرى فإن الله قادر على أن ينقل نوره من مكان إلى مكان آخر دون أن يتـجسد فيه.
.............
★ وقد ذكر الطبري أيضاً روايةً ضعيفةً منسوبة إلى سعيد بن جبير، وفيها ما يلي:
[حدثني إسماعيل بن الهيثم أبو العالية العبدي، قال: ثنا أبو قُتَيبة، عن ورقاء، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، في قول الله: ﴿بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ﴾ قال: ناداه وهو في النار.]
الرواية السابقة ☝️ هي رواية ضعيفة أصلاً ولا تصح نسبتـها إلى سعيد بن جبير؛ فراوي الرواية هو إسماعيل بن الهيثم أبو العالية العبدي وهو شـخص مـجهول.
ثم إن الروايتين الـسابقتين لم تذكرا أن الله تـجسد في الشجرة أصلاً، فلماذا يـحاول الـمسيحي أن يـحرف الكلام لنصرة دينه الباطل؟!
ولو افترضنا أن الله كان في النار ، فإن هذا لا يعني أن الله كان في الشجرة نفسها؛ لأن شعلة النار لا يكون معظمها داخل الشئ الـمشتعل نفسه بل شعلة النار تصعد لأعلى وتطفو فوق الشيء الـمشتعل.
--------
رابعاً:
بعض الـمسيحيين الـمتحذلقين يسألون سؤالاً خبيثاً فيقولون:
يا مسلمين، هل إلهكم عاجز عن الـتجسد؟!
وأنا أرد على هؤلاء الـمسيحيين بنفس منطقهم وأقول:
بنفس منطقكم، يا مسيحيين، هل إلهكم يـمكن أن يتـجسد في كلبة جربانة؟!
إذا أنتم قلتم: نعم، فأنتم تسيؤون لإلـهكم.
وإذا أنتم قلتم: لا، فأنتم تردون على أنفسكم.
-----------
الـخلاصة:
لا يوجد أي دليل في القرآن الكريم على أن الله تـجسد بل الـمسيحيون يـماطلون من أجل نصرة دينهم الباطل.
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا