يزعم الـمسيحيون أن القرآن يشير إلى صلب الـمسيح، وسوف نـجلب لكم اقتباسات الـمسيحيين ثم سنرد عليها:
أولاً:
يستشهد الـمسيحيون بقول الـمسيح في القرآن:
﴿وَٱلسَّلَامُ عَلَیَّ یَوۡمَ وُلِدتُّ وَیَوۡمَ أَمُوتُ وَیَوۡمَ أُبۡعَثُ حَياً﴾
وأنا أرد على الـمسيحيين وأقول:
هذه الآية ليست دليلاً على الصلب؛ فالآية تـحدثت فقط عن الـموت، والـموت لا يشترط الصلب دائـماً، فمثلاً: جدك مات وعمك مات ، وجارك مات، والبطريرك شنودة مات، فهل جدك وجارك والبطريرك شنودة تم صلبـهم؟!
وكذلك النبي إبراهيم وموسى وداود وغيرهم ماتوا، ولكنـهم لم يُصلبوا.
ثانياً: إذا رجعنا إلى الآية القرآنية ، فسـنـجد أن الـمسيح يتـحـدث عن مستقبله فيقول أن: السلام يكون عليه يوم يـموت.
ونـحن كمسلمين نؤمن أن الـمسيح سيعود قبل يوم القيامة ويعيش بيننا ويـموت بسلام، ولذلك هذه الآية ليست دليلاً على صلب الـمسيح أبداً، وهي لم تـحدد موته في الـماضي.
____________
يستشهد الـمسيحيون بآية:
﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ﴾
﴿فَلَمَّا تَوَفَّیۡتَنِی كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِیبَ عَلَیۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ﴾
وأنا أرد على الـمسيحيين وأقول:
هذه الآيات ليست دليلاً على الصلب، فـجدك وعمك توفاهم الله، والبطريرك شنودة تُوفي، فهل جدكم وعمك والبطريرك شنودة صُلبوا؟!
ثم إن كلمة (الوفاة) في اللغة العربـية تعني (الأخذ)، وتأتي في القرآن الكريم أيضاً مع النوم وليس شرطاً أن تأتي دائـماً بـمعنى الـموت، ولذلك قال الله تعالى:
﴿ٱللَّهُ یَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِینَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِی لَمۡ تَمُتۡ فِی مَنَامِهَا﴾ [الزمر ٤٢]
_____________
يستشهد الـمسيحيون بآية:
﴿وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَقَفَّیۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ بِٱلرُّسُلِ وَءَاتَیۡنَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَأَیَّدۡنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِیقࣰا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ﴾
وأنا أرد على الـمسيحيين وأقول:
هذه الآية ليست دليلاً على صلب الـمسيح، فالآية تـتكلم عن إرسال الرسل من بعد موسى ومنهم عيسى، ثم فرز الله رسل بني إسرائيل إلى فريقين، أحدهما تم تكـذيبه دون قتله، والآخر تم قتله على يد اليـهود.
والـمسيح كان من الفريق الذي تم تكـذيبه، فالآية لم تذكر أن الـمسيح قُتل.
وحتى لو افترضنا أن الآية تعني قتل الـمسيح، فهذا ليس دليلاً على الصلب، فهناك الكثير من الـمقتولين الذين قُتلوا بدون الصلب إما حرقاً أو غرقاً أو شقاً بالسيف أو غير ذلك...، وقد ذكر الكـتاب الـمقدس في رسالة (العبرانيـيـن ١١: ٣٧) أمثلة كثيرة على طرق متعددة للقتل.
حتى الـمسيحيون أنفسهم يؤمنون أن نبيـهم يوحنا الـمعمدان قُتل، ولكن ليس صلباً.
فالقتل ليس دليلاً صريـحاً على الصلب.
ولذلك ليس هناك أي دليل في القرآن الكريم على صلب الـمسيح.
______________
يستشهد الـمسيحيون بكلام البيضاوي زاعمين أنه قال إن الناسوت صُلب لكن صعد اللاهوت.
وأنا أرد على هؤلاء الـمسيحيين وأقول:
الـمسيحيون الكذابون يَنسبون للبيضاوي كلاماً مُقتَطعاً من سياقه، فأنت إذا رجعت إلى كلام البيضاوي بالكامل فستجده يقول:
[آية: «وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ»؛ أي في شأن عيسى؛ فإنه لـمَّا وقعت تلك الواقعة اختلف الناس، فقال بعض اليـهود: ((إنه كان كاذبًا فقتلناه حقًا))، وتردد آخرون فقال بعضهم: ((إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟))، وقال بعضهم: ((الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا))، وقال مَن سمع منه أن الله يرفعني إلى السماء: أنه رفُع إلى السماء. وقال قوم: ((صُلب الناسوت وصعد اللاهوت)). وقوله تعالى: «لَفِي شَكٍّ مِنْهُ»؛ أي لفي تردد، والشك كـما يُطلق على ما لا يترجـح أحد طرفيه يُطلق على مطلق التردد، وعلى ما يقابل العلم، ولذلك أكده بقوله: «مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ»، وهذا استثناء منقطع أي ((لكنهم يتبعون الظن)).]
فالبيضاوي لم يقل بنفسه أن الناسوت صُلب، بل البيضاوي يقول أن الناس في زمان عيسى اختلفوا وتناقضوا حول حادثة الصلب الـمزعومة؛ فبعض اليـهود قالوا أنه قُتل بسبب كذبه، ومنهم مَن شكَّك في جثة الـمصلوب فقال أن وجهه وجه عيسى لكن جسده ليس جسد عيسى، ومنهم مَن تساءل عن سبب اختفاء صاحبهم إذا كان عيسى هو مَن صُلب وليس صاحبهم، ومنهم مَن قال أن عيسى رُفع إلى السماء بدون أن يُقتل، وهناك آخرون قالوا أن الناسوت صُلب لكن صعد اللاهوت.
فهنا☝️ البيضاوي يذكر تناقضات الناس بعد حادثة الصلب الـمزعومة، والكثير منهم يسير وراء الظن وليس عن علم ويقين.
ثم إنك عندما تكمل تفسير البيضاوي للآيات، فستجده يقول:
[«بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ» وهذا رد وإنكار لقتله وإثبات لرفعه. «وَكانَ اللَّهُ عَزِيزًا» أي لا يُغلب على ما يريده.]
فالبيضاوي ينكر أصلاً صلب الـمسيح عليه السلام، ولكن الـمسيحيين الكـذابين بتروا كلام الرجل من سياقه.
وكذلك، عندما ترجع إلى أول كلام البيضاوي، فستجده يروي روايات عن الشبيه الـمصلوب بدل عيسى.
وحتى لو افترضنا أن البيضاوي نفسه هو مَن قال أن (الناسوت صُلب، وصعد اللاهوت)، فهذا يهدم عقيدة الـمسيحيين أصلاً ، لأن العقيدة الـمسيحية مبنية على أن يسوع صعد بناسوته ولاهوته وليس باللاهوت فقط.
وكذلك العقيدة الـمسيحية الأرثوذكسية مبنية على مبدأ أن يسوع بالكامل قد صُلب دون التفرقة بين الناسوت واللاهوت، لأنه لو صُلب الناسوت لوحده، إذن لم يكن هناك أي قيمة لتجسد اللاهوت من الأساس أصلاً.
____________
وأما بالنسبة للاستدلال الـمسيحيين بكلام الـمؤرخ يوسيفوس عن صلب الـمسيح، فإنني أرد عليهم وأقول:
الـمؤرخ يوسيفوس لم يكتب بنفسه عن صلب الـمسيح بل هذا الكلام مزور ومدسوس في كـتابه غصباً عنه، ولذلك رفضه كثير من علماء الـمسيحية، فمثلاً:
★ ويل ديورانت في كـتابه (قصة الـحضارة) أشار إلى أن علماء الـمسيحية يشكون في كلام يوسيفوس عن صلب الـمسيح ويعتبرون أن ذلك الاقتباس مدسوس على يد كاتب مسيحي.
★وكذلك في دائرة الـمعارف الكـتابـية - الـمجلد الثالث - صفحة ١٣١ ، نـجد أن علماء الـمسيحية يشكون في كلام يوسيفوس حول صلب الـمسيح.
★ وكذلك ستيفن ميلر في كـتابه (تاريخ الـكـتاب الـمقدس ، صـ٦١) يشك في كلام يوسيفوس حول صلب الـمسيح ويعتبر الاقتباس قد تم وضعه على يد كاتب مسيحي.
ومن أبسط الأمثلة على تـحريف كتـاب يوسيفوس هو أنك عندما تقارن مـخطوطاته ستلاحظ التحريف بنفسك، فمثلاً:
هناك مـخطوطة عربـية للكـتاب تعود للقرن العاشر، ولم يُذكر فيها عبارة [إن صح أن ندعوه رجلاً]،
ولم يُذكَر فيها عبارة: [في اليوم الثالث، ظهر للتلاميذ واسترد حياته]
____________
والكثير من الـمسيحيين يستشهدون بكلام تاسيتوس، بالرغم من أن تاسيتوس لم يقل أبداً أن الـمسيح صُلب بل قال تاسيتوس:
[وبالتالي، للتخلص من التقرير، ثبَّت نيرون الذنب وأنزل أبشع أنواع التعذيب على فئة مكروهة بسبب رجاساتـها، يطلق عليها عامة الناس اسم الـمسيحيين. عانى كريستوس، الذي اشتق منه الاسم، من العقوبة القصوى في عهد تيبيريوس على يد أحد وكلائنا، بيلاتوس البنطي، والـخرافة الأكثر ضررًا، والتي تم التحقق منها في الوقت الـحالي، اندلعت مرة أخرى ليس فقط في يهودا، الـمصدر الأول للشر، ولكن حتى في روما، حيث تـجد كل الأشياء البشعة والـمخزية من كل أنـحاء العالم مركزها وتصبح شائعة.]
إذن، تاسيتوس لم يقل أن الـمسيح صُلب بل قال فقط أنه عوقب العقوبة القصوى...، ولكن الـمسيحيين حرفوا كلام الرجل.
وحتى لو افترضنا أن العقوبة القصوى تعني القتل، فهذا ليس دليلاً على الصلب؛ فربـما يكون القتل عن طريق رمي الشخص للـحيوانات الـمتوحشة مثلما كان الرومان يفعلون قديـماً أو الطعن بالسيوف أو رمي الشخص من مكان عالي أو حرقه أو وضعه في إناء مغلي وغير ذلك.
ثم إن تاسيتوس لم يشاهد حادثة الصلب الـمزعومة أصلاً، بل هو وُلد سنة ٥٦ ميلادياً؛ أي بعد رحيل الـمسيح بسنوات عديدة.
ثم إن كلام تاسيتوس عن الـمسيح ليس صادراً من شهادته الـخاصة ولا من السجلات الرومانية كمـا يزعم الـمسيحيون، بل هو نقل شائعات وخرافات الـمسيحيين أنفسهم ، وهذا ما أشار إليه بارت إيرمان في كـتابه (هل الـمسيح موجود- صفحة ٣٩)
ونفس الأمر قاله (روبرت فإن فورست) في كتـابه (يسوع الـمسيح خارج العهد الـجديد- صفحة ٦٥).
ونفس الأمر ذكره رونالد ميلور في كتـابه (The Roman historians) , page 44
★ وإليك عدة كتب أخرى أشارت إلى نفس الأمر:
كـتاب:
The ministry of Jesus in its theological significance , page 18, 19
وكتـاب:
The historical figure of Jesus, page 49
ثم إن نفس الاقتباس الذي يستشهد به الـمسيحيون لإثبات صلب الـمسيح تاريخياً ، هذا الاقتباس نفسه خطأ تاريـخياً أصلاً ؛ فالاقتباس يقول:
[العقوبة القصوى في عهد تيبيريوس على يد أحد وكلائنا، بيلاتوس البنطي.]
ولكن بيلاطس البنطي في ذلك الوقت كان يُطلَق عليه لقب (الوالي) ، ولم يبدأ استخدام لقب (وكيل الامبراطور) إلا سنة ٤١ ميلادياً.
وإذا نظرتم جيداً لكلام تاسيتوس، ستجدون أنه يصف الـمسيحيين واليهود بأنهم أصل كل الأمور النـجسة والبشعة والـمخزية...، لدرجة أن مـملكة يـهودا هي مركز الشر في العالم كله.
________
ملحوظة:
للمزيد من الـمعلومات، عليك بتـحميل كـتاب (خلاصة الترجيح في نـجاة الـمسيح) للمهندس/ مـجـدي مصطفى.
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا