مضمون الشبـهة:
بعض العلمانـجية والنكرانـييـن، أنشأوا فيديوهات وكتبوا مقالات للطعن في فقهاء الإسلام حيث زعم هؤلاء العلمانـجـية أن الـمالكية قد قتلوا الإمام الشافعي!
-------------
الرد على هذه الشبهة السخيفة:
أولاً:
قصة أن الـمالكية قد قتلوا الإمام الشافعي هي من الأكاذيب التاريـخية التي رددها بعض الكُتَّـاب سابقاً بدون تـحـقيق أو تـمهل، وقد رفضها الكثير من الـمؤرخين مثل الأستاذ الأثري الكبير/ حسن عبد الوهاب - وغيره من الأدباء الآخرين.
والـحقيقة أن موت الإمام الشافعي كان بسبب مرض أصيب به و طال أمده.
و أما قصة مقتل الشافعي، فما هي إلا خرافة، و قد أخرج الـحافظ ابن حـجر في كتـاب (توالي التأنيس بـمعالي ابن إدريس) -صـفحة ٨٣، ٨٤ ما يلي:
١- بطريق أبي سعيد محمد بن عقيل الفرياني عن الربيع:
[كان الشافعي عليلاً شديد العلة، وربـما خرج الدم و هو راكب حتى تـمتلئ سراويله وخُفه.]
٢- ومن طريق ابن الـمنذر عن ابن الـحكم:
[كان الشافعي قد مرض من هذا الباسور مرضاً شديداً.]
٣- ومن طريق جعفر بن محمد بن عبد الله عن أبي الوليد بن الـجارود قال:
[وجَّه الـمأمون بـحمل الشافعي ليوليه القضاء فوصل الرسول والشافعي عليل شديد العلة.]
٤- ومن طريق أبي نعيم الـجرجاني سـمعت الربيع يقول:
[جاء رسول الـخليقة إلى الشافعي بـمصر يدعوه ليوليه القضاء فقال الشافعي: اللهم إن كان خيراً لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري فأمضه و إلا فاقبضني إليك. قال: فتوفي بعد هذه الدعوة بثلاثة أيام والرسول على بابه.].
و تلك الأخبار تدل على أن الشافعي كان مريضاً، وكان ذلك سبب موته.
و أما إصابة الشافعي بشجـة مـميتة فلم تُـذكر بسند معتمد يُلتفَت إليه، و إنـما وردت في كلام بعض الإخباريين الذين يـجمعون كل غث وسـمين بدون تـحقق من الـمعلومة؛ فمنهم من اتهم الإمام أشهب بأنه هو مَن قتل الشافعي بالرغم من أنه بريء من ذلك!
ومنهم مَن نسب التهمة إلى الإمام (فِتيان بن أبي السمح) وزعم أن فتيان شـج رأس الشافعي بـمفتاح حديد. و هذا أيضاً باطل.
ومنهم من زعم أن خادم الإمام مالك جاء من الـمدينة الـمنورة إلى مصر لكي ينتقم من الإمام الشافعي بعد أن رد على مالك، وهذا هراء أيضاً.
ومنهم من زعم أن أشهب شكا الشافعي إلى القاضي، فتم جرجرة الشافعي إلى بيت القاضي حتى ارتـجف الشافعي ومرض ومات، وهذا هراء أيضاً.
فكل واحد كان يـهبد ويـخترع قصة مـختلفة حول موت الشافعي!!!
-ولذا قال ابن حـجر في كـتاب (توالي التأنيس) – صـ 86 - :
[قد اشتهر أن سبب موت الشافعي أن فتيان بن أبي السمح الـمالكي الـمصري وقعت بينه و بين الشافعي مناظرة فبدرت من فتيان بادرة فرفعت إلى أمير مصر فطلبه وعزره فـحقد على ذلك، فلقي الشافعي ليلاً فضربه بـمفتاح حديد فشجـه فمرض الشافعي منها إلى أن ماتت. و لم أر ذلك من وجه يعتمد.]
فقد توصل ابن حـجـر إلى رفض هذه القصة☝️ بعد البـحث الطويل وخصوصاً أن ابن حـجر من أصـحاب الاستقراء الشامل.
وأما الإمام أبو عبد الله محمد الراعي الأندلسي فقد كذَّب هذه الـخرافة أيضاً، وقال في كتـاب (انتصار الفقير السالك للإمام الكبير مالك)، وهو من مـحفوظات دار الكتب الـمصرية:
[لم يصح ولم يُنقل من وجه يعتد به]
أي أنه ينفي قصة أن الإمام فِتيان قتل الإمام الشافعي.
لأنه لو كان فتيان قتل الشافعي، لكان الـحاكم سيعدم فتيان فوراً ، ولاسيما أن الـحاكم/ السري بن الـحكم كان قد وبَّـخ فتيان عندما تلفظ بكلام ضد الشافعي، إذن بالأحرى كان سيُعدم فِتيان فوراً لو قتل الشافعي حقاً.
ثم إن فتيان هذا هو أبو الـحياء فتيان بن أبي السمح عبد الله بن السمح بن أسامة بن بكير التجـيبـي ، وهو من فقهاء الـمالكية في عصره، وقد عاش بعد الشافعي سنة كاملة، ومات موتة طبيعية سنة 305هـ. فلو افترضنا أن فتيان قتل الإمام الشافعي حقاً، فلماذا ظل فتيان على قيد الـحياة لـمدة سنة كاملة بعد موت الشافعي، ولـماذا لم يعدمه الـحاكم فوراً؟!
و أما ما ذكره ياقوت الـحموي في معجم الأدباء من تعزير فتيان وتعصب قوم سفهاء له فهو قد نقل حرفياً ما ذكره القضاعي في كـتاب (الـخطط). وهذا يتضح من خلال مـخطوط قديم منسوخ سنة 630هـ ومـحفوظ في التيمورية (برقم 578)، لكن مشكلة القضاعي أنه يـحـذف الأسانيد؛ فأصبحت رواياته غير مـميزة الغث من السمين أو الـحق من الباطل.
وأما ما ذكر أبو حيان الأندلسي في شعره عن مقتل الشافعي، فقد كان من الأجدر له أن يبتعد عن ذكر هذه الكـذبة حيث قال:
فشج بـمفتاح الـحديد جبينه فراح قتيلاً لأبواء ولا نعيا
ولو سألنا أبا حيان الأندلسي عن كيف عرفت أنها قصة صـحيحة، لـما استطاع أبو حيان أن يـجيبنا، ولذا رد عليه شمس الدين الراعي في كـتاب (انتصار الفقير السالك).
و من أغرب الأشياء أن يذكر أبو البركات العراقي عن الشمس البرماوي عن بعض الـمالكية أن:
[دعاء أشـهب على الشافعي كان: «اللهم إن كانت لك في مذهب مالك حاجة فاقبض الشافعي إليك»، فاُستجيب فيه فمرض الشافعي فمات!].
لكن هذا الهراء ☝️ لا يصح صدوره من فم عالم مثل الإمام أشهب الـمعروف بورعه وإمامته. فإذا دققنا في الاقتباس السابق، فسنجد أثر التأليف والاختلاق ظاهر فيه؛ لأنه ليس من الـمعقول أن ينسب أشهبُ الـحاجةَ والعوزَ لله رب العالـمين، ويقول أن الله مـحتاج أو في حاجة إلى كذا !!!
فـنحن ربـما نصدق أن أشهب دعا على الشافعي بالـموت، لكن يصعب تصديق أن أشهب قتل الشافعي أو أن أشهب نسب لله الـعوز والـحاجة.
-------------
إلى هنا، يكون قد تم تفنيد كذبة مقتل الشافعي
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا