الرد على شبهة الوضوء من بئر بضاعة حيث الحيض ولحم الكلاب والنتن

مضمون الشبـهة:

يزعم أعداء الإسلام بأن النبي محمد يبيح لنا أن نـتوضأ من الـماء النتن الـملوث بالـجيفة وبلـحم الكلاب ودم الـحيض، ويستشهدون على ذلك بالـحديث التالي: 

[عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْـخُدْرِيِّ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ؟ ، قَالَ : وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْـحِيَضُ وَلَـحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتِنُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ الْـمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ».]

----------------

وأنا أرد على هذه الشبهة السخيفة وأقول:

 هذا الـحديث ضعيف جداً ومضطرب ولم تصح نسبته إلى النبي، وسأبين لكم سبب ضعفه، وسأرد على كل مَن زعموا أن هذا الـحديث صحيح:


★ هذا الـحديث يوجد له إسناد مضطرب جداً؛ فمثلاً إحدى أسانيده تقول:

[حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْـخُدْرِيِّ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ؟ ، قَالَ : وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْـحِيَضُ وَلَـحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتِنُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ الْـمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ».]


ولكن هذا الإسناد ☝️ ضعيف، فالراوي عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع بن خـديج ، هو راوٍ مـجهول الـحال، وهذا ما أكده علماء الـجرح والتعديل مثل الشيخ أبو الـحسن بن القطان الفاسي وابن حـجر العسقلاني، وعبد الرحمن بن محمد بن منده الأصبهاني، وزين الدين العراقي وغيرهم.

إذن ، هذا الـحديث ضعيف ولا تصح نسبته إلى النبي أصلاً.


-----------

وقد ورد هذا الـحديث بإسناد آخر مضطرب:

[حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْـحَرَّانِيُّ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ سَلِيطِ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْـخُدْرِيِّ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَهُوَ يُقَالُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، وَهِيَ تُلْقَى فِيهَا لُـحُومُ الْكِلابِ وَالْـمَحَائِضُ وَعُذَرُ النِّسَاءِ . فقال رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ الْـمَاءَ طَهُورٌ لا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ».]


فهذه الـمرة☝️، ذكر الإسنادُ راوياً اسمه (عبد الرحمن بن رافع الأنصاري) بدل (عُبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع بن خـديج) !!!

- ولكن الراوي/ عبد الرحمن بن رافع الأنصاري لم تَثبت وثاقته في كتب الرجال أصلاً.

ثم إن الراوي (سَليط بن أيوب) لم تَثبت وثاقته أيضاً في كتب الرجال.

فهذا الـحديث ضعيف الإسناد.

ملحوظة مهمة: عندما يقول ابن حـجر عن راوٍ معين أنه (مقبول)، فهذا لا يعني أنه راوٍ ثقة بل هذا معناه أن الراوي ضعيف لين الـحديث، ولا يُقبَل حديثه إلا إذا توبع عليه.

وهذا الـحديث ليس له شاهد أو متابعة.


----------

وكذلك ورد الـحديث بإسناد آخر مضطرب وهو:

[حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، وَالْـحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ : أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الْـحِيَضُ وَلَـحْـمُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «الْـمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ».]


ولكن الراوي (عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج) هو راوٍ مـجهول. والـحديث ضعيف.


----------

★ وكذلك ورد الـحديث بإسناد آخر مضطرب وهو كالتالي:

[حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَلِيطُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ الْحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيِّ ، ثُمَّ أَخِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ: إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، بِئْرِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا مَـحَـايِضُ النِّسَاءِ ، وَلَـحْمُ الْكِلابِ ، وَعَذِرُ النَّاسِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ الْـمَاءَ طَهُورٌ لا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ»].


فهنا الراوي الذي روى هذه الرواية ☝️ هو عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ولكنه مـجهول الـحال.

والراوي سليط بن أيوب لم تَثبت وثاقته في كتب الـجرح والتعديل.

 إذن ، الـحديث ضعيف.


-----------

★ وكذلك ورد الـحديث بإسناد آخر وهو:

[حَدَّثَنَا تَـمِيمُ بْنُ الْـمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدَوِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ: إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا بُضَاعَةُ ، وَهِيَ بِئْرٌ فِي بَنِي سَاعِدَةَ يُطْرَحُ فِيهَا لُـحُومُ الْكِلابِ ، وَمَـحَـايِضُ النِّسَاءِ ! فَقَالَ : «الْـمَاءُ طَهُورٌ لا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ»]


ولكن الراوي/ عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي هو راوٍ مـجهول الـحال كـما قلنا من قبل.

ثم إن هذا السند لم يذكر لنا اسم الرجل الأنصاري التابعي الذي روى هذا الرواية، فهو مجهول بـحسب هذا الإسناد

فهذا الـحديث ضعيف.


★ ومرة أخرى رُوي الـحديث عن عبد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج ، ولكنه مـجهول الـحال أيضاً.


----------

★ ورُوي الـحديث بإسناد آخر مضطرب وهو كالتالي:

[ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بِضَاعَةٍ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْـحَيْضُ وَلَـحْمُ الْكِلابِ وَالنَّتْنُ؟ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «إِنَّ الْـمَاءَ طَهُورٌ لا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ.»]


ولكن الراوي/ عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن رافع بن خـديج مـجهول الـحال.

فهذا الـحديث ضعيف ولم يصح.

وكمـا تلاحظون، فإن الإسناد اضطرب في ذكر الاسم الـحقيقي لراوي الـحديث؛ فمرة يقول:

١-عبد الرحمن بن رافع! 

٢- عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن رافع!

٣- عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع!

٤- عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع!

٥-عبيد الله بن عبد الله بن رافع!

٦- عبد الله بن عبد الله بن رافع!


فقد اضطرب الإسناد في ذكر اسم الراوي، ومع ذلك فإن الراوي يظل مـجهول الـحال.


----------

★ وورد الـحديث بإسناد آخر ضعيف وهو كالتالي:

[حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي نَوْفٍ ، عَنِ سَلِيطِ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْـخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِـيهِ ، قَالَ: انْتَـهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تَوَضَّأُ مِنْهَا وَهِيَ يُلْقَى فِيهَا مَا يُلْقَى مِنَ النَّتْنِ ! فَقَالَ : «إِنَّ الْـمَاءَ لَا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ»]


وهذا الـحديث ضعيف ☝️، فالراوي خالد بن أبي نوف ليس له توثيق في كتب الرجال.

وكذلك الراوي سليط بن أيوب ليس له توثيق في كتب الرجال.


-----------

وكذلك ورد الـحديث بإسناد آخر غريب وهو كالتالي:

[ثنا عباس بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد الـملك بن أيـمن عن محمد بن وضاح، قال: حدثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة الـحلبي، بـحلب، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبـيه، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما ينـجي الناس، والـمحايض، والـجنب، فقال رسول الله: «الْـمَاءُ لَا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ».]


وهذا الـحديث ☝️ذو  إسناد ضعيف؛ فالراوي/ أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة الـحـلبي، مـجهول.

وقد أخطأ ابن حزم حينما زعم أن هذا الراوي ثقة، ولذا رد عليه العلماء ووضـحوا خطأه:

- فقد قال الـحافظ ابن حـجر في «التلخيص الـحبير» (1/ 13): 

[قلتُ ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنه مشهور، قال ابن عبد البر وغير واحد: إنه مـجهول.]


- وقال الإمام ابن دقيق العيد في كـتاب (الإمام ١/ ١١٩) ما يلي:

[وعبد الصمد هذا الذي ذكر ابن حزم أنه ثقة مشهور، تتبعتُ تراجم مَن اسمه (عبد الصمد) في «تاريخ الـحافظ أبي القاسم علي بن الـحسن الدمشقي»، فلم أجد له في تلك التراجم ذِكرًا.] 


- وقال زين الدين العراقي في ذيل ميزان الاعتدال ما يلي:

[قَالَ أَبُو بكر بن مفوز الْـمعَافِرِي مَجْهُول الْعين وَالِاسْم مُنكر الـحَدِيث وَالرِّوَايَة غير عدل وَلَا ثِقَة إِنَّـمَا يعرف بِرِوَايَة ابْن وضاح]


وقد حاول بعض الـمعاصرين توثيق الراوي ابن أبي سكينة بناءً على كلام قاسم بن أصبغ وابن حزم، وتـحـجـجوا بأن مَن يعرف حال الراوي أفضل مـمن لا يعرف حاله...، ولكن رد عليهم الشيخ عدنان العرعور في كـتابه (ديوان السُنة ١/ ٩٣) قائلاً ما يلي:

[قلنا: وهذا كلام وجيه، إلَّا أنَّ تفرد ابن حزم بتوثيقه، لا يـمكن الاعتماد عليه، لـما عُرف عنه من التساهل في توثيق الـمجاهيل والضعفاء، وتـجهيل الثقات الأثبات. كيف وقد خولف؟!]


وقد قال الـحافظ في (لسان الـميزان ٤/ ١٩٨) ما يلي:

[وكان ابن حزم واسع الـحفظ جدًّا، إِلَّا أنه لثقة حافظته كان يهجم بالقول في التعديل والتجريـح وتبيـن أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة، وقد تتبع كثيراً منها الـحافظ قطب الدين الـحـلبي.]


ثم كيف سيعرف ابن حزم الأندلسي حال الرواي ابن أبي سكينة الـحلبي الـموجود في حلب بالرغم من أن ابن حزم عاش بعيداً عنه في الأندلس وليس عنده سيرة موثوقة مكتوبة لهذا الراوي الـحـلبي؟!


وأما ابن وضاح، فإنه لم يوثق ابن أبي سكينة كمـا تزعم بعض الـمواقع الإلكترونية بل كل ما قاله عنه:

[لقيت ابن أبي سكينة بـحـلب]

 

وأما قاسم بن أصبغ، فإنه لم يوثق ابن أبي سكينة صراحةً بل كل ما قاله عنه: 

[هذا الـحديث من أحسن شيء في بئر بضاعة]


--------

★ وورد الـحديث بإسناد آخر كالتالي:

[حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ الْـمَخْزُومِيُّ ، قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتَـتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا النَّتَنُ ، وَالْـمَحَايِضُ، وَلُـحُومُ الْكِلابِ؟ ، فَقَالَ : «الْـمَاءُ طَهُورٌ لا يُنَـجِّـسُهُ شَيْءٌ»]


ولكن هذا الـحديث☝️ مرسل ضعيف ، فالوليد بن كثير الـمخزومي لم يقابل النبي أصلاً.


----------

★ وقد ورد الـحديث بسند آخر وهو:

[حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْـمُسَيِّبِ : هَذِهِ الْغِدْرَانُ الَّتِي بِطَرِيقِ مَكَّةَ تَرُوثُ فِيهَا الدَّوَابُّ وَتَبُولُ ، حَتَّى إِنَّا لَنَجِدُ طَعْمَهُ وَرِيـحَـهُ ، قَالَ : «الْـمَاءُ طَهُورٌ لا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ»]


أما هذا الـحديث ☝️ فهو ليس من كلام النبي بل من كلام سعيد بن الـمسيب نفسه.

----------

★ وقد ورد حديث ضعيف آخر كالتالي:

[حَدَّثَنَا قَيْسٌ ، عَنْ طَرِيفِ بْنِ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : " كُـنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَتَيْنَا عَلَى غَدِيرٍ فِيهِ جِيفَةٌ ، فَتَوَضَّأَ بَعْضُ الْقَوْمِ ، وَأَمْسَكَ بَعْضُ الْقَوْمِ حَتَّى يَـجِيءَ النَّبِيُّ ، فَـجَاءَ النَّبِيُّ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ ، فَقَالَ : تَوَضَّئُوا وَاشْرَبُوا ، فَإِنَّ الْـمَاءَ لا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ»]


ولكن الراوي/ طريف بن سفيان ضعيف 

وأما الراوي/ قيس صدوق ولكنه تغير لـما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه. 

وكذلك ستـجد اسم الراوي/ شريك بن عبد الله في بعض الأسانيد، وهو سيئ الـحفظ.


____________


♦ وقد وردت عدة أحاديث أخرى ضعيفة تذكر أن النبي شرب من بئر بضاعة أو بصق فيها، ولكن لم يُذكر في تلك الأحاديث الضعيفة أن البئر كانت فيها جيفة أو نتن.

وهذه الأحاديث كالتالي:

[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْـمُعَلَّى ، قَالَ: كُنْتُ قَدْ طَلَبْتُ الْبِئَارَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَسْتَعْذِبُ مِنْهَا ، وَالَّتِي بَرَّكَ فِيهَا وَبَصَقَ فِيهَا، فَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، وَبَصَقَ فِيهَا وَبَرَّكَ ....، وَكَانَ يَشْرَبُ مِنَ الْعَبِيرَةِ بِئْرِ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَقَفَ عَلَى بِئْرِهَا فَبَصَقَ فِيهَا وَشَرِبَ مِنْهَا وَنَزَلَ.]


ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة ومرسلة، فالراوي/ مروان بن أبي سعيد بن الـمُعلَّى هو راوٍ ضعيف،

أما الراوي/ سعيد بن أبي زيد، فهو راوٍ مـجهول،

أما الراوي/ محمد بن عمر، فهو ضعيف.

ثم إن هذه الرواية لم يُذكر فيها أن بئر بضاعة كانت فيها جيفة كلاب أو دم حيض أو كذا وكذا


------

وقد وردت رواية أخرى ضعيفة وهي كالتالي:

[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِـيهِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ: «سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِـيَدِي مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ»]

ولكن الراوي/ محمد بن عمر ضعيف.

والراوي/ إبراهيم بن محمد متروك الـحديث.


-------

★وورد حديث آخر ضعيف كالتالي:

[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ فِيهِمْ أَبُو أُسَيْدٍ ، وَأَبُو حُمَيْدٍ ، وَأَبِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ ، يَقُولُونَ : أَتَى رَسُولُ اللَّهِ بِئْرَ بُضَاعَةَ ، فَتَوَضَّأَ فِي الدَّلْوِ وَرَدَّهُ فِي الْبِئْرِ ، وَمَـجَّ فِي الدَّلْوِ مَرَّةً أُخْرَى وَبَصَقَ فِيهَا وَشَرِبَ مِنْ مَائِهَا، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ الْـمَرِيضُ فِي عَهْدِهِ ، يَقُولُ : «اغْسِلُوهُ مِنْ مَاءِ بُضَاعَةَ» ، فَيُغْسَلُ ، فَكَأَنَّـمَا حُلَّ مِنْ عِقَالٍ.]


ولكن الراوي/ محمد بن عمر ضعيف 

وكذلك الراوي/ أُبي بن عباس بن سهل بن سعد ضعيف.


--------

★ وقد ورد حديث آخر ضعيف كالتالي:

[حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أُمِّهِ , قَالَتْ : سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ ، يَقُولُ : " سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِـيَدَيَّ مِنْ بُضَاعَةَ.]


ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة، فوالدة محمد بن أبي يـحيى مـجهولة ولم يوثقها أحد من علماء الـحديث.

ثم إن الراوي/ الفضيل بن سليمان صدوق ولكنه له خطأ كثير.

ثم إن الرواية لا تقول أن بئر بضاعة كانت فيها نتن أو جيفة وقت أن شرب منه النبي، ولا تقول أن النبي بصق فيها.


-------

★وورد حديث آخر ضعيف كالتالي:

[وَحُدِّثْنَا عَنِ ابْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أَبِـيهِ ، عَنْ أُمِّهِ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ سَهْلَ بْنَ سَعْد يقول: سَقَيْتُ النَّبِيَّ بِـيَدِي مِنْ بُضَاعَةَ.]


ولكن الراوي/ إبراهيم بن أبي يـحيى متروك الـحديث،

وكذلك الـمرأة الـمذكورة في السند ليس لها توثيق. 

ثم إن الرواية لا تقول أن بئر بضاعة كانت فيها نتن أو جيفة وقت أن شرب منه النبي ولا تقول أن النبي بصق فيه.


----------

★ وورد حديث آخر كالتالي:

[حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أَبِـيهِ ، قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي نِسْوَةٍ ، فَقَالَ : " لَوْ أَنِّي سَقَيْتُكُمْ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ لَكَرِهْتُمْ ذَلِكَ ، وَقَدْ وَاللَّهِ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ مِنْ مَائِهَا]

ولكن والد محمد بن أبي يـحيى مُـخـتلف في توثيقه، ثم إن الـحديث لم يذكر أن بئر بضاعة كانت ملوثة بالـجيفة وقت أن شرب منها النبي. 

-------------

★وذكر الدارقطني في كتـابه (العلل ٨/ ١٥٦) ما يلي:

[وسُئل عن حديث سعيد الـمقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، فَقَالَ: الْـمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَـجِّـسُهُ شَيْءٌ.

فَقَالَ: يَرْوِيهِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛

فَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْـمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَخَالَفَهُ عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ رَوَاهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عِيَاضٍ، وَعُقْبَةُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ الشَّيْخُ: فِيهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ، وَالْـحَدِيثُ غير ثابت.]


فهذا الـحديث بهذه الأسانيد ذكرها الدارقطني في علله، ولكنه علَّق عليها بأنها غير ثابتة.

ثم إن هذا الـحديث الذي ذكره، ليس فيه أن النبي شرب أو توضأ من ماء ملوث بالـجيفة والنتن.

____________


وأما بالنسبة لعبارة [الـماء طهور لا ينـجسه شيء]، فإن هذه العبارة تم تـحريف سياقها.

فأنت عندما ترجع إلى الـحديث الأصلي الصـحيح الذي ذُكرت فيه هذه العبارة، فستـجـد أن النبي وزوجته كانا يتشاركان في استخدام ماء الإناء فيأخذ كل منهما جزءًا من الـماء من الإناء ويغتسل به.


ورد في الـحديث:

[أَخْبَرَنَا النَّضْرُ ، نا شُعْبَةُ ، نا يَزِيدُ الرِّشْكُ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةَ ، تُـحَدِّثُ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : أَنَّ الْـمَاءَ لا يُنَـجِّسُهُ شَيْءٌ، وَلَكِنْ يَبْدَأُ الرَّجُلُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثَلاثًا ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَرَسُولَ اللَّهِ نَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ»]

 

_________

وحتى لو افترضنا صـحة حديث بئر بضاعة الـمحتوي على قاذورات...، فإن العلماء قد علقوا على هذا الـحديث وأشاروا إلى أن ماء البئر كانت كثيرة، وبالتالي لن تتلوث كلها بالقاذورات بل الـجزء القليل فقط هو ما سيتلوث، فمثلاً: افترض أن صبياً تبول في النهر، فهل من الـمعقول أن أتـجنب الوضوء من هذا الـنهر بالكامل لـمجرد أن الصبي تبـول فيه!
بالإضافة إلى أن العلماء أشاروا إلى أن الـمسلم يتوضأ من الـماء طالما لم تتغير رائـحتها أو لونها.

ولذلك علَّق البيهقي في السنن الكبرى على الـحديث قائلاً:
[قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : وَالْـحَدِيثُ عَلَى طَهُورِهِ إِذَا لَمْ تُلْقَ فِي الْبِئْرِ نَـجَاسَةٌ ، فَإِذَا أُلْقِيَتْ فِيهَا نَـجَاسَةٌ ، فَمَعْنَى الْـحَدِيثِ فِيمَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَدَلِيلُهُ يَرِدُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى]


وقال الشافعي في كـتاب (اختلاف الـحديث ٧١، ٧٢) ما يلي:

[أما حديث بئر بضاعة فإن بئر بضاعة كثيرة الـماء واسعة كان يُطرح فيها من الأنـجاس ما لا يغير لـها لونًا ولا طعمًا ولا يظهر له فيها ريح، فقيل للنبي ﷺ: نتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يُطرح فيها كذا، فقال النبي: الـماء لا ينـجسه شيء والله أعلم]

ثم إن النبي نفسه هو أول مَن أشار إلى نـجاسة البول، وأول مَن أمر بالتطهر منه، وكذلك النبي نهى عن التبول في الـماء، ونهى عن الوضوء من ماء نـجس، فهل من الـمعقول أن النبي سيجعلنا نتوضأ بـماء قذر!
-------------
ملحوظة:
بعض أعداء الإسلام يعتمدون على مغالطة (العزو) حينما يطرحون الشبهة؛ فهم يقولون أن الشيخ فلان صـحَّـح الـحديث!
ولكن هذا الأسلوب خطأ؛ لأن الدين يُبنى على الـحجة وليس على الشخص نفسه.

وكذلك هناك بعض الـمواقع الإلكترونية التي ترتكب خطأ في الـحكم على صحة أو ضعف الـحديث.
_________
إلى هنا ، أكون قد فندتُ الشُبهة بالكامل

 لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا