الرد على شبهة أن النبي أمر بقتل رجل متخشع حسن الهيئة يصلي

مضمون الشبـهة:

الـمسيحيون يزعمون أن النبي محمد قتل الآخرين بدون سبب، ويستدلون بالرواية التالية:

[حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ مَطَرٍ الْـحَبَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو رُؤْبَةَ شَدَّادُ بْنُ عِمْرَانَ الْقَيْسِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْـخُدْرِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِوَادِي كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا رَجُلٌ مُتَخَشِّعٌ حَسَنُ الْـهَيْئَةِ يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «اذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ» قَالَ: فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا رَآهُ عَلَى تِلْكَ الْـحَالِ كَرِهَ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ: «اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ»، فَذَهَبَ عُمَرُ فَرَآهُ عَلَى تِلْكَ الْـحَالِ الَّتِي رَآهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: فَكَرِهَ أَنْ يَقْتُلَهُ، قَالَ: فَرَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي مُتَخَشِّعًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ، قَالَ: «يَا عَلِيُّ اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ»، قَالَ: فَذَهَبَ عَلِيٌّ فَلَمْ يَرَهُ، فَرَجَعَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَمْ يُرَهْ.]


------------

الرد على هذه الشبـهـة السخيفة:

أولاً: هذه الرواية ☝️ ضعيفة الإسناد؛ فالذي رواها هو أبو رؤبة شداد بن عمران، وهذا الرجل مـجهول الـحال أصلاً وليس فيه أي توثيق معتبر من العلماء، بل وقد اختلفت الكتب في اسـمه ونسبه أيضاً؛ فبعضـهم قالوا أنه ثعلبـي النسب ، ومرة أخرى يقولون أنه تغلبـي، ومرة أخرى قشيري أو قيسي.

وعلى كل حال فإنه راوٍ مـجهول.


وأما بالنسبة لتوثيقات الـهيثمي في (مجمع الفوائد)، فإن توثيقاته غير دقيقة. وهذا ما أشار إليه بعض العلماء مثل الألباني على موقعه؛ حيث قال الألباني أن قول الهيثمي: [رجاله ثقات] ليست دليلاً علمياً على صـحة الـحديث، ولذلك ينبغي التـحري وراء الهيثمي



 وأما توثيقات ابن حبان لأحد الرواة؛ فهذا ليس دليلاً على وثاقة الراوي أو صحة الرواية، وقد نبـهت مراراً وتكراراً إلى أن ابن حبان متساهل جداً في توثيق الـمجاهيل؛ فهو يذكر الكثير من الـمجاهيل في كتـابه (الثقات)، ولذلك علماء الـحديث الـمحققون لا يعتمدون عليه الآن إلا بالرجوع إلى غيره من الـمصنفات والكتب.

-----

ثانياً:

الرواية ليس فيها أن الرجل قُتل؛ فأنت إذا راجعت الرواية جيداً فستجدها تقول: ((عندما ذهب عليٌ إليه لم يـجده؛ أي أن الرجل رحـل. وكذلك أبو بكر وعمر لم يقتلاه كمـا تشير الرواية.))

-------

ثالثاً:

الرواية تبـيـن سبب إرادة القتل لـهذا الرجل؛ فالرواية تقول:

 [فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ هَذَا وَأَصْـحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يُـجَاوِزُ تَرَاقِيَـهُمْ، يَـمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَـمَا يَـمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّـهْمُ فِي فُوقِهِ، فَاقْتُلُوهُمْ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ»]


فتكـملة  الرواية تـخـبرنا أن هذا الرجل وأصـحابه هم من أشر الناس، وهم يقرأون القرآن ولا يعملون به ويـمرقون من الدين.

وقد ورد في روايات أخرى أن هذه الفئة من الناس ستقتل الـمسلمين فقط وتترك الـمشركين:

[فَقالَ النَبيُ: «يقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُـجـاوِزُ حَناجِرَهُمْ، يَـمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلون أهلَ الإِسلامِ، ويَدَعُون أهلَ الأَوْثانِ!»]

-------------

وأخيراً ، أود أن أنقل لكم كلام الـمحققين حول هذه الرواية:

ذُكر في هامش مسند الإمام أحمد (طبعة الرسالة) ١٧/ ١٨٨ ما يلي:

[إسناده ضعيف، أبو رؤبة شداد بن عمران القيسي مـجهول الـحال، ترجم له البخاري في «التاريـخ الكبير» ٤/‏٢٢٦، وفي «الكنى» ٩/‏٣٠، وابن أبي حاتم في «الجـرح والتعديل» ٤/‏٣٢٩ -ونسباه قشيريًا، وقال البخاري: القشيري من قيس-، والـحافظ في «تعجيل الـمنفعة» ص١٧٤، ونسبه ثعلبيًا!، وذكر في الرواة عنه اثنين، وذكره ابن حبان في «الثقات» ٤/‏٣٥٨، ونسبه تغلبيًا!. وقد ترجم ابن حبان في «الثقات» ٤/‏٣٥٧ لآخر اسمه شداد بن عبد الرحمن أبو رؤبة القشيري، وذكر أنه يروي عن أبي سعيد الـخدري، وروى عنه أبو حنيفة، فمال الـحافظ في «التعجيل» إلى ترجيح أنهما واحد، اُختلف في اسم أبـيه ونسبه، لكن جزم ابن حبان أنهما اثنان!

ثم إن في متنه نكارة بيَّنـها السندي كـما سيأتي.]


وبالفعل، هذا الـحديث في متنه نكارة؛ فهو يوهم القارئ بأن الصحـابة الثلاثة خالفوا أمر النبي في شأن هذا الرجل!

وهذا الـمتن مرفوض ويتعارض مع ديننا.


___________

مقالات أخرى ذات صلة :

الكتـاب الـمقدس الإجرامي يأمر بسفك الدماء :

https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2019/09/blog-post.html

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا