يزعم الصرخية الزنادقة والشيعة الوثنيون أن عثمان بن عفان كان يـجهل بسملة سورة التوبة، ويستشـهدون على ذلك بالرواية التالية:
[حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَارِسِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْـمَثَانِي ، وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنَ الْـمِئِينَ فَقَرَنْتُمْ بَيْنَـهُمَا وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مِـمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ فَيَقُولُ: ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا ، وَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا ، وَكَانَتْ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَتْ بِالْـمَدِينَةِ ، وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ ، وَكَانَتْ قِصَّتُـهَا شَبِيـهَةً بِقِصَّتِـهَا فَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْـهَا ، فَقُبِضَ رَسُولُ وَلَمْ يُبَـيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْـهَا فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا ، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» فَوَضَعْتُـهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ.]
----------
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
أولاً: هذه الرواية ضعيفة الإسناد ☝️ ولا تصح أصلاً؛ وهذا ما أكده الألباني وأحمد شاكر وشعيب الأرنؤوط وعلوي السقاف وأبو إسـحاق الـحـويني وأحمد حسن الزيات وغيرهم...
فراوي الـرواية هو شـخص مـجهول الـحال اسـمه (يزيد الفارسي).
مع العلم أن هناك شـخصين بـهذه الكنية واللقب: أحدهما اسـمه بالكامل (يزيد بن هرمز) وقد عاش هذا الشـخص في الـمدينة وهو أحد الـموالي، وهو من أصل فارسي وأُخـذ كـعبد من إحدى مناطق فارس، وهذا ما يدل عليه اسم أبـيه: (هرمز).
أما الشـخص الآخر فهو (يزيد الفارسي البصري)، وقد عاش في البصرة وليس في الـمدينة، وهو شـخص مـجهول الـحال ولم يُذكَر له توثـيق في كتب الرجال.
والشـخص الذي روى هذه الرواية الضعيفة هو (يزيد الفارسي البصري) الـمجهول، وليس الـمدني، ولذلك ستلاحظ أن الرواة الذين نقلوا هذه الرواية عن (يزيد الفارسي البصري) هم بصريون أيضاً وليسوا مدنـيـين.
أما يزيد بن هرمز الـمدني، فإن تلاميذه الذين ينقلون عنه الروايات هم حـجازيون.
ومـما يؤكد صـحة كلامي هو أن يزيد الفارسي البصري كان مع أمراء البصرة، وكان كاتباً لـ(عبيد الله بن زياد) والي البصرة. وهذا ما ذكره العديد من العلماء مثل الذهبي في كـتاب (تذهيب تهذيب الكـمال)١٠/١١٠
أما يزيد بن هرمز الـمدني فقد كان أحد أمراء الـموالي في الـمدينة الـمنورة.
ثم إن (يزيد الفارسي البصري) كان كاتب (عبيد الله بن زياد) الذي هو أحد ولاة الـخليفة الأموي (يزيد بن معاوية).
أما (يزيد بن هرمز الـمدني) فقد كان في الـمدينة يوم الـحرة وكان يقاتل ضد جـيش الـخليفة الأموي (يزيد بن معاوية) نظراً لأن الوالي عبيد الله بن زياد قتل الـحسين.
أي أن يزيد الفارسي البصري كان كاتباً لولاة الدولة الأموية، أما يزيد بن هرمز الـمدني فقد قاوم ضد ولاة الدولة الأموية.
إذن نستنتج من هذا أن هناك شـخصين مـختلفين بنفس الاسم.
وقد أكد الكثير من العلماء أن هذين الراويـين مـختلفان عن بعضـهما ، ومن ضمن العلماء الذين قالوا ذلك: يـحيى القطان، وابن معين، وأبو حاتم، والترمذيُّ، وعمرو بن الفلاس، ومال إلى هذا الرأي البخاري والـخطيب البغدادي.
★ وأما الترمذي فلم يقل بنفسه أن يزيد الفارسي الـمذكور في هذه الرواية هو (يزيد بن هرمز) بل هو ذكر هذا الرأي بصيغة التـمريض قائلاً: [ويُقال هو يزيد بن هرمز].
أي أن الترمذي يذكر كلام غيره وليس كلام نفسه. ثم علَّق الترمذي بعد ذلك قائلاً أن يزيد الفارسي الذي روى الرواية هو رجل بصري وليس مدني، وبالتالي فإن الترمذي هنا قد نفى أن يكون راوي الرواية هو يزيد بن هرمز الـمدني.
باختصار: الترمذي ذكر كلام غيره ثم فنَّده.
★ وأما بالنسبة لـمن يـتحـجـجون بأن عبد الرحمن بن مهدي أشار إلى أن يزيد الفارسي الذي روى عنه عوف هو يزيد بن هرمز، فإنني أرد عليهم وأقول:
إذا رجعنا إلى كلام عبد الرحمن بن مهدي فإننا سـنجده أخذ هذه الـمعلومة من مصدر مـجهول أي أن هذا الأمر من الشائعات وليس أمراً مؤكداً👇.
- يقول الـخطيب البغدادي في كـتابه (موضـح أوهام الـجـمع والتفريق ١/٣٣٧ :
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْـحُسَيْن الْقطَّان، أَخْبَرَنَا عبد الله بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيَان، قَالَ قَالَ عَليّ ابْن الْـمَدِينِيّ قَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يزِيد الْفَارِسِي الَّذِي روى عَنهُ عَوْف يزِيد بن هُرْمُز، قَالَ فَقَالَ يـحيى بن سعيد سَله: «مِـمَّن سَمعه؟!»، قَالَ فَسَأَلته فَقَالَ مَا زلنا نَسْمَعهُ]
فهنا ☝️، عبد الرحمن بن مهدي يشير إلى أنه أخذ هذه الـمعلومة من مصدر مـجهول؛ فابن مهدي أصلاً لم يعاصر يزيد بن هرمز بل وُلد بعد وفاته بـحوالي ٣٥ سنة. ولذا لم يستطع ابن مهدي أن يعطينا الـمصدر بل هو سمع ذلك من الشائعات. وهذا ما أكده الـمعلمي اليـماني في بـحثه ،ونقله عنه أبو إسـحاق الـحويني في كـتابه (نثل النبال ٣/ ٥٦٢).
فهنا ☝️، عبد الرحمن بن مهدي يشير إلى أنه أخذ هذه الـمعلومة من مصدر مـجهول؛ فابن مهدي أصلاً لم يعاصر يزيد بن هرمز بل وُلد بعد وفاته بـحوالي ٣٥ سنة. ولذا لم يستطع ابن مهدي أن يعطينا الـمصدر بل هو سمع ذلك من الشائعات. وهذا ما أكده الـمعلمي اليـماني في بـحثه ،ونقله عنه أبو إسـحاق الـحويني في كـتابه (نثل النبال ٣/ ٥٦٢).
★ وأما ابن سعد، فإنه لم يقل أبداً أن (يزيد بن هرمز الـمدني) هو (يزيد الفارسي البصري) نفسه بل هو ذكر الاثنين في موضعين وبابـيـن مـختلفين في كـتابه (الطبقات)، ولكن ابن سعد أخطأ قليلاً فأخذ بعض الـمعلومات عن (يزيد بن هرمز الـمدني) ووضعها في خـانة (يزيد الفارسي البصري)، لكنه ما يزال يعتقد أنـها شـخصان مـختلفان👇.
ولذلك ستـجـد ابن سعد وضع (يزيد بن هُرْمُز الـمدني) في الطبقة الثانـية من أهل الـمدينة الـمنورة برقم ١٧١٩
أما (يزيد الفارسي البصري) ، فقد ذكره ابن سعد في الطبقة الثانـية من تابعي البصرة برقم ٣٩٣٦
وهذا يعني أننا أمام شـخصين أحدهما مدني والآخر بصري.
وحتى لو افترضنا أن ابن سعد يعتبرهما نفس الشخص، فإن الـمعلمي اليـماني قد رد على هذه النقطة، وأشار الـمعلمي اليـماني إلى أن ابن سعد اعتمد هنا على الواقدي وهو من الأخباريين الـمجازفين.
راجع كتـاب (نثل النبال ٣/ ٥٦٢)
★وقال الـمِزي في (تـهذيب الكـمال) ٣٢/ ٢٧١ ما يلي:
[ يزيد بن هرمز الـمدني ، أبو عبد الله مولى بني ليث . وقيل : مولى غفار ، وقيل : مولى آل أبي ذباب الدوسيين ، كان رأس الـموالي يوم الـحـرة ، وهو والد عبد الله بن يزيد بن هرمز معلم مالك بن أنس ، وقيل : إنه يزيد الفارسي ، والصحيح أنه غيره.]
★وقال ابن حـجر العسقلاني في كـتابه (تـهذيب التـهذيب ١١/ ٣٧٤) ما يلي:
★وقال ابن حـجر العسقلاني في كـتابه (تـهذيب التـهذيب ١١/ ٣٧٤) ما يلي:
[يزيد الفارسي البصري روى عن ابن عباس وحكى عن عبيد الله بن زياد والـحـجاج بن يوسف في أمر الـمصاحف وعنه مالك بن دينار وعبد الله بن فيروز الداناج وعون بن ربيعة الثقفي وعوف الأعرابي. قال بعضهم أنه هو يزيد بن هرمز. والصحيح أنه غيره.]
★ وأما بالنسبة لـمن يتـحـجـجون بأن ابن حنبل ذكر أن (يزيد بن هرمز) هو (يزيد الفارسي)، فإنني أرد عليهم وأقول:
أولاً: لقد قلتُ من قبل أن (يزيد بن هرمز) يُلقَّب أيضاً بـ(يزيد الفارسي)، ولكن هذا لا يعني أنه هو مَن روى هذه الرواية الضعيفة عن البسملة؛ فراوي هذه الرواية هو شـخص بصري وليس مدني.
ثانياً:
بالنسبة لإدعاء أحمد بن حنبل بأن (يزيد الفارسي) هو (يزيد بن هرمز) وأنه كان كاتب ابن عباس، فإن هذا الإدعاء قد بناه ابن حنبل اعتماداً على معلومة أخذها من شـخص مـجهول وهو عون بن ربـيعة الثقفي.
ورد في مسائل حرب ٤٦٣ ما يلي:
[قال حرب: قال أحمد: يزيد الفارسي روى عنه عوف، وهو يزيد بن هرمز، وكان كاتب ابن عباس.
حدثنا أحمد قال: ثنا عبد الصمد قال: ثنا سلام -يعني: ابن مسكين- قال: حدثنا عون بن ربـيعة، عن يزيد الفارسي، قال: وكان كاتبًا لابن عباس.]
ولكن هذه الـمعلومة ☝️لا يـمكن التأكد منها أصلاً، فقائل هذه الـمعلومة في الأصل هو عون بن ربـيعة الثقفي وهو مـجهول.
ثم إن أحمد بن حنبل ذكر رأياً آخر بأن يزيد بن هرمز قد يكون هو يزيد الرقاشي الذي هو ضعيف مُنكَر الـحـديث 👇
ورد في كـتاب (العلل رقم ٤٨١٤) ما يلي:
[قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قد حكوا عن عبد الرحمن بن مهدي قال: يزيد الرقاشي، هو: يزيد بن هرمز.]
★ وقد قال علي بن الـمديني: ذكرتُ ليحيى بن سعيد قول ابن مهدي في أن (يزيد الفارسي) هو (ابن هرمز) فلم يعرفه. وكفى بذلك دليلًا على جهالة حال هذا الراوي.
★ وأما بالنسبة لـمحمد بن الـمثنى فإنه لم يزعم أن (يزيد الفارسي البصري) هو نفسه (يزيد بن هرمز) بل كل ما قاله محمد بن الـمثنى هو كالتالي:
[أَخْبرنِي الْأَزْهَرِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الـخزاز، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْكِنْدِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بن الْـمثنى قَالَ: يزِيد الْفَارِسِي هُوَ الَّذِي روى عَنهُ الزُّهْرِيّ يزِيد بن هُرْمُز، وَكَانَ كَاتباً لِابْنِ عَبَّاس]
ولكن العبارة السابقة ☝️ ليس فيـها أن (يزيد الفارسي البصري) هو نفسه (يزيد بن هرمز)؛ لأن الاقتباس السابق تـحدث فقط عن أن (يزيد بن هرمز) يُلقَّب أيضاً بـ(يزيد الفارسي) وقد روى أيضاً عن ابن عباس. ولكن الاقتباس لم يتطرق للـحديث عن (يزيد البصري).
ونـحن قلنا من قبل أن لقب (يزيد الفارسي) هو لقب مشترك بين (يزيد الفارسي البصري) و(يزيد بن هرمز الـمدني) مع الفارق بينـهما في الشخصية. بل إن كليـهما يرويان أيضاً عن ابن عباس.
ولذلك يقول الـخطيب البغدادي في كتـابه (موضع أوهام الـجـمع والتفريق ١/ ٣٣٩) ما يلي:
[حَدَّثَنَا عَمْرو بن عَليّ قَالَ تَسْمِيَة من روى عَن عبد الله بن عَبَّاس من أهل الْـمَدِينَة فَذكر جمَاعَة مِنْـهُم (يزِيد بن هُرْمُز)، ثمَّ قَالَ وَمن روى عَن ابْن عَبَّاس من أهل الْبَصْرَة فَذكر فيهم (يزِيد الْفَارِسِي).
★ أما البـخاري، فإنه لم يـخلط بين (يزيد الفارسي البصري) و(يزيد بن هرمز الـمدني)، بل كل ما فعله البـخاري هو أنه ذكر كلام (عبد الرحمن بن مهدي) حولـهما، ثم ذكر البخاري بعد ذلك كلام الإمام يـحيى حول أن (يزيد الفارسي) مـجهول بالنسبة له.
قَالَ الْـخَطِيب: فَفرَّق عَمْرو بن عَليّ بَينهمَا وَلم يقل إِن (يزِيد الْفَارِسِي) هُوَ (يزِيد بن هُرْمُز) وَالله أعلم.]
★ أما البـخاري، فإنه لم يـخلط بين (يزيد الفارسي البصري) و(يزيد بن هرمز الـمدني)، بل كل ما فعله البـخاري هو أنه ذكر كلام (عبد الرحمن بن مهدي) حولـهما، ثم ذكر البخاري بعد ذلك كلام الإمام يـحيى حول أن (يزيد الفارسي) مـجهول بالنسبة له.
وعلى كل حال، فإن البـخاري وضع (يزيد بن هرمز) و(يزيد الفارسي البصري) في نفس الـموضوع وضعَّفهما ووضع اسـمهما في كـتاب (الضعفاء الصغير).
★ وأما قول أبو حاتم عن (يزيد الفارسي) أنه لا بأس به، فإن هذه العبارة ليست دليلاً صريـحاً على وثاقة هذا الراوي، بل هذه العبارة في علم الـجرح والتعديل تعني أنه يـجب أولاً مراجعة رواية هذا الراوي قبل الاحتجـاج بـها. وقد راجعنا الرواية فوجدناها تـخالف ديننا.
وأما إدعاء الـحاكم النيسابوري بأن الرواية صـحيحة «على شرط الشـيخـين»، فإن هذا الإدعاء غير صـحيح ولا سـيما أن الـحاكم دائـماً يردد نفس هذه العبارة على كثير من الروايات الضعيفة على مدار كـتابه بدون دليل.
فمثلاً: الـحاكم النيسابوري هنا يزعم أن الرواية توافق شرط البـخاري ومسلم بالرغم من أن البـخاري نفسه يُضعِّف الراوي (يزيد الفارسي) في كـتاب (الضعفاء الصغير) كمـا ذكرنا منذ قليل، فكيف يزعم الـحاكم بأن الرواية على شرط البـخاري؟!
وأما الإمام مسلم فإنه يروي عن (يزيد بن هرمز) وليس (يزيد الفارسي البصري) ، فكيف يزعم الـحاكم بأن الرواية على شرط مسلم أيضاً؟!
ولذلك رد الشيخ أبو إسـحاق الـحويني على إدعاء الـحاكم هذا. راجع كتـاب (نـثـل النبال ٣/ ٥٦٢).
★ وقد أخطأ ابن حبان عندما زعم أن (يزيد الفارسي) الـمذكور في الرواية هو (يزيد بن هرمز الـمدني)، مع العلم أن ابن حبان لم يعاصر (يزيد بن هرمز) بل إن ابن حبان بنى كلامه هذا على مَن سبقوه مثل ابن مهدي، وقد ردتُ من قبل على كلام ابن مهدي وأحمد بن حنبل...
وكذلك رد الشيخ أبو إسحاق الـحويني في كـتابه (نثل النبال) ٣/ ٥٦٤ وقال ما يلي:
[والـخـلاصة أن يزيد الفارسي شبه مـجهول. فتفرده بـهذا الـحديث الـخطير لا يُقبل منه. وتصحيح الـحـاكم ومن قبله ابنُ حبان مردودٌ.]
وقد ظن البعض أن ابن كثير قال عن سند هذه الرواية أنه جيد، ولكنني رجعت إلى كتـاب (فضائل القرآن) لابن كثير ووجدت أنه ذكر الرواية فقط ولم يعلق عليـها بأن سندها جيد أو قوي.
والآن ، سأختتم بكلام شعيب الأرنؤوط وأحمد شاكر:
[تعليق شعيب الأرنؤوط: «إسناده ضعيف ومتنه منكر.»، ونُقل عن أحمد شاكر - بعد الكلام في (يزيد بن هرمز) - قوله: «فلا يُقبل منه مثل هذا الـحديث الذي ينفرد به وفيه تشكيك في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القطعي قراءةً وسماعاً وكـتابةً في الـمصاحف، وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور كأن عثمان كان يثبتـها برأيه وينفيـها برأيه وحاشاه من ذلك! فلا علينا إذا قلنا إنه حديث لا أصل له تطبيقاً للقواعد الصحيحة التي لا خلاف فيها بين أئـمة الـحديث.»]
---------------
ثانياً:
لو افترضنا أن الرواية صـحيحة، فإن الرواية تـثبت أن الصحابة كانوا يعلمون سور القرآن الكريم جيداً ويفرقون بين كل واحدة؛ ولـهذا ستـجد ابن عباس في الرواية يفرِّق جيداً بين سورة الأنفال وسورة التوبة.
وكذلك ستـجد عثمان بن عفان يقول أن سورة الأنفال من أوائل ما نزل في الـمدينة ، أما سورة التوبة من أواخر ما نزل من القرآن الكريم ، وهذا يعني أن عثمان بن عفان كان يعلم الفرق بينـهما جيداً.
ثم تقول الرواية أن عثمان بن عفان رفض أن يضع البسملة نظراً لأن النبي لم يأمر بذلك ولم يذكر البسملة في بداية سورة التوبة ومات وهو على هذا الأمر. وهذا يؤكد أن القرآن الكريم مبني على أوامر النبي وليس اجتـهاداً من الصحابة.
أما كل ما فعله عثمان بن عفان فهو أنه قرن بين السوريين؛ أي وضع سورة التوبة بعد سورة الأنفال مباشرةً في الترتيب، لكنه لم يـجـعلهما سورةً واحدة كمـا ظن بعض الشيعة الـحمقى، والدليل على ذلك أن الرواية نفسـها تذكر أن عثمان بن عفان قال:
[وَكَانَتْ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَتْ بِالْـمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ]
وهذا يدل على أن عثمان بن عفان يعلم أنـهما سورتان مـخـتلفتان. وحتى اليوم ستـجد الـمصاحف العثمانية تفرق بينـهما ولا تـخلطهما في سورة واحدة.
أما الشيعة الصرخية فليس عندهم أي دراية عن طريقة جمع القرآن الكريم أو ترتيبه نظراً لأنهم يكفرون أصلاً بكتب السيرة الإسلامية ويزعمون أنهم لا يتبعون سوى القرآن الكريم!!!
----------
إلى هنا، أكون قد فندت الشبـهة بالكامل
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا