الرد على شبهة: لماذا عمر بن الخطاب لم يُقم الحد على الرجل الذي اُتهم بالأمر القبيح - أي عمل قوم لوط

مضمون الشبـهة:

يزعم الشيعة أن الصـحـابة كانوا يفعلون فاحشة قوم لوط وأن عمر بن الـخطاب لم يعاقبـهم، ويستدلون بـهذه الرواية:

[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَوَّلُ مَنِ اتُّـهِمَ بِالْأَمْرِ الْقَبِيحِ - تَعْنِي عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ - عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، فَأَمَرَ عُمَرُ بَعْضَ شَبَابِ قُرَيْشٍ أَلَّا يُـجَـالِسُوهُ»]


 

الرد على هذه الشبـهة السـخيفة:

أولاً: هذه الرواية قد ذكرها البيـهقي في كـتابه (شُعب الإيـمان) هكـذا:

[أخـبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا إسـماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد ابن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: أول من اتّـهم بالأمر القبيح - يعني عمل قوم لوط- اُتـهم به رجـل على عهد عمر، فأمر عمر بعض شباب قريش أن لا يـجـالسوه]

 

ولكن هذه الرواية لم تذكر أن الرجـل فعل الفاحشة، بل الرواية تقول أنه اُتـهم بذلك، وبالتالي لا نستطيع أن نـجزم إذا ما كان الرجـل فعل ذلك أم لا... فالاتـهام ليس دليلاً على فعله الفاحشة.

وعبر التاريـخ، سنـجـد الكثير من الصالـحـين الذين تم اتـهامـهم زوراً بالرغم من أنهم أبرياء من ذلك.

 وحتى النبـي يوسف تم اتـهامه زوراً بالفاحشة...، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

إذن، مـجرد التـهمة لا يعني أن الرجـل فعل الفاحشة؛ لأن هناك الكثير من الأبرياء الذين يـحسدهم الآخرون فـيُزيِّفون لـهم التـهم الباطلة.

ولذلك يقول مـحمد رشيد رضا - في (تفسير الـمنار)  ٨/‏٤٦٢ ما يلي:

[وَرَوَى الْبَيْـهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَوَّلَ مَنِ اتُّـهِمَ بِالْأَمْرِ الْقَبِـيـحِ - تَعْنَى عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ - رَجُـلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَأَمَرَ عُمَرُ بَعْضَ شَبَابِ قُرَيْشٍ أَلَّا يُـجَـالِسُوهُ. أَيْ لِـمُجَرَّدِ التُّـهْمَةِ.]


وهذا يفسر لنا لـماذا عمر بن الـخطاب لم يُقم الـحـد على الـمتـهَم؛ فالـخليفة عمر لم تتوفر أمامه الأدلة الكـافية والقرائن، وهو لا يعلم الغيب.
وبـما أن القاضي لا يعلم الغيب ، فيـجب عليه أن يسأل عن الأدلة والقرائن والشواهد التي تـثبت التـهمة. وإذا لم تـتوفر تلك القرائن والأدلة والشواهد، فلا يـمكن للقاضي أن يقيـم عقوبة الـحـد على الـمتـهم بل ساعتـها يلجـأ القاضي إلى خيارين: إما إصدار حـكم بالبراءة أو إصدار حـكم  بعقوبة التعزير حيث يقرر القاضي عقوبةً معينةً تـتناسب مع الـمتـهم.  

ولذلك ستـجـد القرآن الكريم أمرنا بالـتريث إلى حـين أن نـتأكد من الشـهود والأدلة:
يقول الله تعالى:
﴿یَا أَیُّـهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن جَاۤءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوۤا۟ أَن تُصِیبُوا۟ قَوۡمَۢا بِـجَهَـالَةٍ فَتُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَـادِمِینَ﴾ [الـحـجرات ٦]



ثانياً:
الرواية لم تذكر أن الـمتـهم كان صـحـابـياً ولم تذكر الرواية أنه فعل الفاحشة مع صـحـابي آخر. بل ظاهر الرواية يوحي بأن الـمتـهم كان كان رجـلاً مـجهولاً.
 ثم إنه في عصر عمر بن الـخطاب ، كـان هناك الكثير من الأشـخـاص غير الصـحـابة؛ فبعد موت النبي بدأ عصر التابعين على اختلاف درجـاتـهم في الصلاح.
وقد كان هناك أيضاً غلمان صغار ليسوا صـحـابةً.

---------
ثالثاً:
بالنسبة لسؤال: لـماذا عمر نـهى الشباب عن مـجـالسة هذا الرجـل؟!
 
الإجابة: عمر بن الـخطاب فعل ذلك من باب الـحيطة والـحـذر حتى يـمنع أي اتصال بين هذا الـمتـهم وغيره.
وأيضاً ، عمر فعل ذلك حتى لا تُفتَح أبواب القيل والقال؛ لأن الناس إذا رأوا شـخصاً يدخل إلى بيت هذا الـمتـهم فقد يظنون أنه دخـل ليفعل معه الفاحشة وبالتالي تـنتشر الشائعات والاتـهامات وقد تـتشوه سـمعة هذا الشـخص الذي دخل بيت الـمتـهم أو جـالسه.

ولذلك يقول نـجم الدين الغزي في كتـابه (حُسن التنبه لـما ورد في التشبه) ٥/‏٥٠٩ — ما يـلي:

[وقد روى البيـهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنـها: أن «أول من اُتـهم بالأمر القبيح -يعني: عمل قوم لوط- اُتـهم به رجـل على عهد عمر ، فأمر عمر بعض شباب قريش ألا يـجـالسوه».
وفي هذا الـحـديث إشارة إلى الـحـذر من مـجـالسة الأمرد وخصوصًا الـمتـهم.]



رابعاً:

بالنسبة لسؤال: لـماذا عمر نـهى شباب قريش بالذات عن أن يـجـالسوا هذا الرجـل؟!

الإجـابة: يـبدو أن  هذه القصة حـدثت في  قبيلة قريش ، ولذلك وجَّـه عمر الأمر لـهم على وجـه الـخصوص؛ فهو كان أميراً على الـمدينة ومكة وغيرها.


خـامساً:

أحـد الشيعة الوثـنييـن يسأل: لـماذا عمر لم يقم بنفي هذا الرجـل مثلما نفى نصر بن حـجـاج؟؟

الإجـابة: لو افترضنا صـحـة وثبوت قصة (نصر بن حـجـاج)، فإن هذه القصة تقول أن امرأةً كانت مغرمة بـجمال نصر، لذلك حـاول الـخليفة عمر بشتى الأساليب أن يـمنع جمال نصر عنـها حتى لا تُفتتن به. ولـما فشلت مـحـاولات عمر فإنه قام بإبعاد هذا الرجـل عن الـمدينة الـمنورة حتى لا تُفتتن الـمرأة به.


أما في قصة الرجـل الـمتـهم بفعل قوم لوط ، فإن عمر لو نفاه فستظل الـمشكلة الأساسية موجودة؛ لأن الـمتـهم سيذهب إلى بلد آخر ويـجـالس أهلها هناك. ولذلك فإن عمر تفطن إلى أن الـحـل الأمثل هو منع شباب قريش هنا من مـجـالسته.


وأخـيراً:

أحـد الشيعة الـمعاقين يسأل مستنكراً: لـماذا بعض أئـمة الإسلام كانوا يكرهون أن يُـحـد شـخص النظر إلى غلام جميل؛ أي يكرهون أن ينظر شـخص بـحـدة إلى غلام جميل؟!


والـجواب ببساطة هو أن علماء الإسلام أرادوا منع ضعاف القلوب من الانزلاق في هاوية الشذوذ الـجـنسي حيث أن هناك بعض الناس الذين تُـثار شـهواتهم عند النظر إلى طفل جميل فيخطفونه ويفعلون به الفاحشة.

وأنا شـخصياً رأيت بعض العصاة الذين يفعلون هذه الفاحشة ، ولذلك قام علماء الإسلام بنـهي ضعاف القلوب عن أن يطيلوا النظر إلى أي غلام جميل حتى لا يُفتتنوا به.


أما في الإلـحـاد، فإن الـملحـد يـبيح مشاهدة أفلام الدعارة والشذوذ الـجـنسي ولا مشكلة عنده في ذلك.

-----------------

إلى هنا، أكون قد فندت الشبـهة بالكامل

لا تنسوا نشر الـمقال أو نسـخـه 

لا تنسونا من صالـح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 



صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا