أحـد الـملاحـدة يقول أن القرآن أخطأ عندما زعم أن الكفار لن يؤمنوا بالرغم من أن الصحـابة كـانوا كفاراً ثم آمنوا فيـما بعد!!!
واستشـهد الـملـحـد بـهذه الآية التالية الـموجودة في سورة البقرة:
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ سَوَاۤءٌ عَلَیۡـهِمۡ ءَأَنذَرۡتَـهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُـنذِرۡهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ﴾ [البقرة ٦]
-----------------
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
أولاً:
مشكـلة أعداء الإسلام أنـهم لا يقرأون ، وإذا قرأوا لا يفهمون.
والأدهى من ذلك أن الـملحـد الذي ذكر هذه الشبـهة قد اقـتطع الآية القرآنـية من سياقها لكي يـُحرِّف معنى الآية على مـزاجـه فـيـخـدع الناس.
تعالوا بنا نقرأ الآية القرآنـية في سياقها الكـامل👇 بدون اقتطاع:
﴿الۤمۤ ١ ذَ ٰلِكَ ٱلۡكِتَـابُ لَا رَیۡبَۛ فِیهِۛ هُدࣰى لِّلۡمُتَّقِینَ ٢ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَیۡبِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِـمَّا رَزَقۡنَـاهُمۡ یُنفِقُونَ ٣ وَٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِـمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ وَمَاۤ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ یُوقِنُونَ ٤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَىٰ هُدࣰى مِّن رَّبِّـهِمۡ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡـمُفۡلِحُـونَ ٥ إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ سَوَاۤءٌ عَلَیۡـهِمۡ ءَأَنذَرۡتَـهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ ٦ خَتَـمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِـهِمۡ وَعَلَىٰ سَـمۡعِهِمۡ وَعَلَىٰۤ أَبۡصَـارِهِمۡ غِشَـاوَةࣱ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ ٧﴾
عندما تـنظر إلى الآيات السابقة ☝️ وتـتـدبـرها جيداً فستجـد أنـها تـتكـلـم عن فـئـتـيـن من الناس وهما: فـئة تركت الكفر وآمنت بالنبي محمد مثل الصـحـابة الذين أصبحوا يؤمنون بالنبي محمد وبكـافة الأنبياء من قبله. وهذا الأمر ذكرته الآيات السابقة من بداية سورة البقرة وحتى الآية رقم ٥
وعلى الـجـانب الآخر، نـجـد أن الآيـتـيـن رقم ٦ و٧ ، قد تـحـدثت عن فئة الكفار الذين كفروا بالنبي محمد وعاندوه وظلوا على كفرهم إلى أن ماتوا. ولذلك خـتم الله على قلوبـهم وسمعهم وأبصارهم بسبب عنادهم وأعد لـهم عذاباً كبيراً في الآخرة.
وأي متدبر للقرآن الكريم سيجـد أن مصطلح (الـختم على القلوب والأسـماع) يُذكر مع الكفار الـمعاندين الـمحـاربـين للإسلام والذين لا يريدون الإيـمان أبداً.
حيث يقول الله تعالى 👇
﴿أَفَرَءَیۡتَ مَنِ ٱتَّـخَـذَ إِلَـٰهَهُۥ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمࣲ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَـمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَـاوَةࣰ فَمَن یَـهۡدِیهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٢٣ وَقَالُوا۟ مَا هِیَ إِلَّا حَیَاتُـنَا ٱلدُّنۡیَا نَـمُوتُ وَنَـحۡیَا وَمَا یُـهۡلِكُنَـاۤ إِلَّا ٱلدَّهۡرُ وَمَا لَهُم بِذَ لِكَ مِنۡ عِلۡـمٍ إِنۡ هُمۡ إِلَّا یَظُنُّونَ ٢٤ وَإِذَا تُـتۡلَىٰ عَلَیۡـهِمۡ ءَایَـاتُنَا بَیِّنَـاتࣲ مَّا كَـانَ حُـجَّتَـهُمۡ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ ٱئۡـتُوا۟ بِـَٔابَاۤىِٕنَاۤ إِن كُنتُمۡ صَـادِقِینَ ٢٥﴾
-------------
٭ إذن ، الآية رقم ٦ في سورة البقرة والتي تقول: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ سَوَاۤءٌ عَلَیۡـهِمۡ ءَأَنذَرۡتَـهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُـنذِرۡهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ﴾
هذه الآية ☝️ لا تـتـحـدث عن الصـحـابة الذين تركوا الكفر وأسلموا بل تـتـحـدث هذه الآية عن الكـفار الـمعاندين الذين رفضوا الإسلام إلى أن ماتوا، ولذلك ستـجـد أن الآية التي بعدها مباشرةً تقول عن هؤلاء الكفار أن لـهم عذاباً عظيماً؛ أي أنـهم في جهنم يوم القيامة: ﴿وَلَـهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمٌ﴾
ولذلك يقول أبو السعود في تفسيره ما يـلي:
[﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: كَـلامٌ مُسْتَأْنَفٌ؛ سِيقَ لِشَرْحِ أحْوالِ الكَفَرَةِ الغُواةِ الـمَرَدَةِ العُتاةِ؛ إثْرَ بَـيانِ أحْوالِ أضْدادِهِمُ الـمُتَّصِفِينَ بِـنُعُوتِ الكَـمالِ؛ والفائِزِينَ]
*وعلى فكرة ، سورة البقرة هي سورة مدنـية أي أنـها نزلت في الـمدينة الـمنورة بعد العديد من السنوات التي قضاها النبي في دعوة الكفار إلى الإسلام.
- ونفس مضمون آيات سورة البقرة قد ورد في سورة أخرى حيث يقول الله تعالى:
﴿لِتُنذِرَ قَوۡماً مَّاۤ أُنذِرَ ءَابَاۤؤُهُمۡ فَهُمۡ غَـافِلُونَ ٦ لَقَدۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَىٰۤ أَكۡثَرِهِمۡ فَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ ٧ إِنَّا جَعَلۡنَا فِیۤ أَعۡنَـاقِهِمۡ أَغۡلَالاً فَهِیَ إِلَى ٱلۡأَذۡقَانِ فَهُم مُّقۡمَحُونَ ٨ وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیـهِمۡ سَدّاً وَمِنۡ خَـلۡفِهِمۡ سَدّاً فَأَغۡشَیۡنَـاهُمۡ فَهُمۡ لَا یُبۡصِرُونَ ٩ وَسَوَاۤءٌ عَلَیۡـهِمۡ ءَأَنذَرۡتَـهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ ١٠ إِنَّـمَا تُـنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكۡرَ وَخَشِیَ ٱلرَّحۡمَـٰنَ بِٱلۡغَیۡبِ فَبَشِّرۡهُ بِـمَغۡفِرَةٍ وَأَجۡرٍ كَرِیمٍ ١١﴾
وهنا ☝️ أيضاً يذكر الله لنا فـئـتيـن وهما: فئة لن تـؤمن بالنبي محمد مـهما أنذرهم وستـموت على كفرها وسيكون مصيرها العذاب والأغلال في جهنم. وفئة أخرى سينفعها الإنذار وستؤمن بالله وبالقرآن وهؤلاء لـهم مغفرة وثواب عظيم.
وورد أيضاً في سورة (يونس) أن الله لـم يكن يقصد أن كـل الـكفار لن يؤمنوا في الـمستقبل بل كـان الله يقصد فئة مـحـددة من الكفار الذين علـم الله بالغيب أنـهم لن يؤمنوا أبداً إلى أن يـموتوا، حيث حقت عليـهم كلمة الله بالغيب:
قال الله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْـهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَـاءَتْـهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ﴾ [يُونُسَ: ٩٦، ٩٧]
ولذلك عندما ترجع إلى كتب الـمفسرين فستجـد أنـهم يفسرون الآية التي في سورة البقرة على أنـها تـتـحـدث عن صنف مـحـدد من الكفار الـمعاندين الذين ظلوا على كفرهم وعنادهم إلى أن ماتوا، وبذلك استحقوا العذاب الأليم في الآخرة.
وستـجـد الصفحـات الأولى من سورة البقرة تذكر الـمنافقيـن واليـهود الذين كفروا بالنبي محمد.
-قال مكي بن أبي طالب في تفسيره:
[وذلك أن رسول الله ﷺ كان حريصاً على إيـمان جميع الـخـلق، فأعلمه الله عز وجـل في هذه الآية أن مَن سبق له في علم الله سبحـانه الكفر والثبات عليه إلى الـموت لا يؤمن ولا ينفعه الإنذار، وأن الإنذار وتركه سواء عليه.]
- وقال ابن جُـزَي في تفسيره:
[﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ فيمن سبق القدر أنه لا يؤمن كأبي جهل، فإن كـان الذين للـجـنس: فلفظها عام يُـراد به الـخصوص، وإن كـان للعهد فهو إشارة إلى قوم بأعيانـهم، وقد اختلف فيـهم؛ فقيل: الـمراد من قُتل بـبدر مِن كفار قريش، وقيل: الـمراد حيـيّ بن أخطب وكعب بن الأشرف اليـهوديان]
- وقال القرطبـي في تفسيره:
[فَقِيلَ: هِيَ عَامَّةُ وَمَعْنَاهَا الْـخُصُوصُ فِيمَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَسَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَـمُوتُ عَلَى كُفْرِهِ. أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُعْلِـمَ أَنَّ فِي النَّاسِ مَنْ هَذِهِ حَـالُهُ دُونَ أَنْ يُعَيِّـنَ أَحَـدًا.]
وقال الزمـخشري في تفسيره (الكشاف):
[والتعريف في الَّذِينَ كَفَرُوا يـجوز أن يكون للعهد وأن يُراد بـهم ناس بأعيانـهم كـأبى لـهب وأبى جهل والوليد بن الـمغيرة وأضرابـهم، وأن يكون للـجـنس متناولاً كلّ مَن صـمم على كفره تصميماً لا يرعوى بعده وغيرهم، ودل على تناوله للمصرين الـحـديث عنـهم باستواء الإنذار وتركه عليـهم.]
وذكر الطبري في تفسيره كـلاماً طويلاً وأوضـح أن الآية التي في سورة البقرة لـم تكن تـتكـلـم عن جميع الكفار بل كـانت تقصد أحبار اليـهود الذين كفروا بالنبي محمد وماتوا على الكفر:
يقول الطبري في تفسيره:
[ومـما ينبئ عن صـحـة ما قُلنا - من أنّ الذين عنى الله تعالى ذكره بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ هُم أحبارُ اليـهود الذين قُتلوا على الكفرِ وماتوا عليه - اقتصاصُ الله تعالى ذكره نَبأهم، وتذكيرُه إياهم ما أخَـذ عليـهم من العهود والـمواثـيق في أمـر محمدٍ عليه السلام، بَعْد اقتصاصه تعالى ذكرُه ما اقتصّ من أمر الـمنافقين، واعتراضِه بين ذلك بـما اعترضَ به من الـخـبر عن إبليسَ وآدمَ - في قوله: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [سورة البقرة: ٤٠ وما بعدها] ، واحتجـاجُه لنبيِّه عليـهم، بـما احتجَّ به عليـهم فيها بعد جُـحُـودهم نـبـوّته. فإذْ كان الـخـبر أولاً عن مُؤمِني أهل الكتـاب، وآخرًا عن مشركيـهم، فأولى أن يكون وَسطًا:- عنهم. إذْ كان الكـلامُ بعضُه لبعض تَبَعٌ، إلا أن تأتيـهم دلالةٌ واضـحـةٌ بعُدول بعض ذلك عما ابتَدأ به من معانـيه، فيكونَ معروفًا حينئذ انصرافه عنه.]
----------------
الـخـلاصة:
الآية التي في سورة البقرة والتي يستدل بـها الـملاحـدة: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ سَوَاۤءٌ عَلَیۡـهِمۡ ءَأَنذَرۡتَـهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ﴾، 👉هذه الآية لا تـتـكـلـم عن كـل الكفار بل تـتكـلـم عن صنف مـحـدد من الكفار الذين عاندوا الإسلام وظلوا على كفرهم إلى أن ماتوا. وهذا يـختلف تـماماً عن الكفار الآخرين الذين سـمـعوا عن الإسلام فآمنوا به، ويـختلف أيضاً عن الكفار الذين لـم يسمعوا عن الإسلام أي شيء ولـم تصلهم دعوة الإسلام.
إذن ، الـملحـد الكـذاب قام باقتطاع الآية من سياقها وأسقطها على أناس آخريـن لكي يـخـدع الناس.
_________________
إلى هنا ، أكون قد فندتُ الشبـهة بالكـامل
لا تنسوا نشر الـمقال أو نسـخـه
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركـاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا