ما معنى آية ﴿غير أولي الإربة﴾ | والرد على شبهة وكذبة أن معناها [لا يقوم زبه]

 مضمون الشبـهة:

يزعم الـمسيحيون أن القرآن استخـدم كـلمة خـادشة تعني «زب» في الآية التالية:

﴿غَیۡرِ أُو۟لِی ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَـالِ﴾


ويستشـهد الـمسيحيون بـبعض التفاسير زاعمين أن كـلمة (الإربة) تعني «زب»!!!


------------------------ 

الرد على هذه الشبـهة الكـاذبة:

أولاً:

 الكتـاب الـمقدس الذي يؤمن به اليـهود والـمسيحيـيـن هو الذي استخـدم كلمة «زب» كثيراً؛ فمثلاً: 

الكتـاب الـمقدس استخـدم الكـلمة العبرية (זוֹב) حوالي ١٣ مرة، وهي تُنطَق (زُب)، وتعني: السوائل الـجـنسية التي تـخرج من قضيب الرجـل. ويـمكنك مثلاً أن تراجع سفر (اللاويـيـن ١٥: ٣٣).


* وأيضاً استخـدم الكتـاب الـمقدس كـلمة (זוּב) عدة مرات، وهي تُنطَق (زب)، وتعني أيضاً: (السوائل الـجـنسية التي تفيض من قضيب الرجـل).


----------------

ثانـياً:

القرآن الكريم لـم يستخـدم أي كـلمة خـادشة للـحياء.

ثم إن كـلمة «الإربة» لا تعني «زب» بل إنك إذا رجعت إلى معاجم اللغة العربـية فستجـد أن كلمة (إربة) تعني «حـاجـة» أو «غاية» أو «معرفة بالشيء»، وستلاحظ أننا ما زلنا نستخـدم هذه الكـلمة في حياتـنا اليومية حيث نقول بالعامية الـمصرية: [دا شـخص أروبة] أي حـاذق ماهر بارع ذكي.


فعبارة ﴿غَیۡرِ أُو۟لِی ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَـالِ﴾ تعني الشـخص الذي له إعاقة عقلية ولا يدرك ما حـوله. وقد تعني هذه العبارة أيضاً الشخص الذي ليس له غاية في النساء؛ أي أنه لا يشتـهي النساء بسبب كِبر سنه أو بسبب مرض في جسده يؤثر على شـهوتـه.


إذن كـلمة (إربة) لا تعني «زب» كمـا يزعم الـمسيحيون الكـذابون...


وتعالوا بـنا نستعرض كـلام علماء اللغة العربـية عبر الأزمان وما سطَّروه في معاجم اللغة العربـية 👇


* يقول الدكتور اللغوي/ أحمد مـختار عمر - في (معـجم اللغة العربـية الـمعاصرة) - ١/‏٨١ — ما يـلي:

[إرْبة [مفرد]، والـجمع إرْبات وإِرَب، وتعني: بُغْيَة وحـاجـة مُلِحَّـة، مثال: «يُكثر من زيارته؛ لأنّ له إرْبة عنده يسعى إلى بلوغها» - ﴿أَوِ التَّابِعِيـنَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ﴾: أي البُغية في النساء، والـمراد في الآية: غير ذوي الـحـاجـة إلى النساء، كـالشيخ الكبير والطفل غير الـمميِّز».]


* وقال العلَّامة اللغوي/ ابن الأنباري - في كتـاب (الزاهر في معاني كـلمات الناس) - ١/‏٣١١ — ما يـلي:

[والأريب في غير هذا: العاقل، والإِربة: العقل...، والأَرَبُ الـحـاجـة. يقال: «لا أَرَبَ لي في فلان»: أي لا حـاجـة لي فيه. قال الله: ﴿غيرِ أُولي الإِرْبَةِ من الرجـال﴾، يقال: هو الذي لا عقل مُـحْـكَم له وهو بـمنزلة الـمعتوه وما أشبه ذلك. فالإِربة على هذا التفسير معناها العقل. ويقال: ﴿غير أولي الاربة من الرجـال﴾: هو الصبي والـخصي والعِنِّيـن. فعلى هذا التفسير الإِربة الـحـاجـة؛ كـأن هؤلاء لا حـاجـة لـهم في النساء.]


* وقال أبو عبـيد الـهروي - في كتـاب (الغريـبـيـن في القرآن والـحـديث) - ١/‏٦١ — ما يـلي:

[وقوله: ﴿غير أولي الإربة من الرجـال﴾ أي غير أولي الـحـاجـة. ويقال: غير أولي العقل، يعني الذين لا يعقلون أمرهن. قال: أرب الرجـل: إذا احتاج.]


* وقال الـخطابي - في كتـاب (غريب الـحـديث - ٢/‏٤٨٤ — ما يـلي:

[ومن هذا قوله: ﴿غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾؛ أي غير ذوي العقل يريد الذين لـم تستحـكم عقولـهم، وقد يُفسَر أيضاً: غير ذي الـحـاجـة.]


* وقال ابن منظور - في (لسان العرب) ١/‏٢٠٨ — ما يـلي:

[أرب: الإِرْبَةُ والإِرْبُ: الـحـاجـةُ. وَفِيهِ لُغَاتٌ: إِرْبٌ وإرْبَةٌ وأَرَبٌ ومَأْرُبةٌ ومَأْرَبَة. وَفِي حَـدِيثِ عَائِشَةَ: ﴿كَـانَ رسولُ اللَّهِ، ﷺ، أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِه﴾ أي لـحـاجَتِه، تَعْنِي أَنه، ﷺ، كَانَ أَغْلَبَكم لِـهَواهُ وحـاجتِه أَي كَـانَ يَـمْلِكُ نَفْسَه وهَواهُ]


* وقال الـمديني - في كـتاب (الـمجموع الـمغيث في غريـبـي القرآن والـحــديث) - ١/‏٤٩ — ما يـلي:

[وأرِب في الشىء: رَغِب فيه]


* وقال أبو نصر الـجوهري - في كتـاب (الصحـاح في اللغة والعلوم) - ١/‏٥٣ — ما يـلي:

[والأِرْبُ أيضًا: الـحـاجَـةُ، وفيه لُغات: إرْبٌ وإرْبَةٌ، وأَرَبٌ، وَمَأرَبَةٌ]


* وقال الأزهري - في كتـاب (تـهذيب اللغة) - ١٥/‏١٨٥ — ما يـلي:

[وَقَالَ أَبُو عُبـيد: الإِرْبة، والإِرْب: الـحـاجـةُ، وَهِي الـمَأْرُبة، وَجَمعهَا: مآرب؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلِىَ فِيـهَا مَأَرِبُ أُخْرَى﴾ (طه: ١٨).]


* وقال الصاحب بن عباد - في كتـاب (الـمحيط في اللغة) - ١٠/‏٢٦٧ — ما يـلي:

[والـمَأْرُبَةُ: الـحـاجَـةُ؛ والـمَأْرَبَةُ. والأَرِبُ: ذو الـمَأْرَبَةِ. وأَرِبَ يَأْرَبُ أرَبًا وإرْبَةً: أي احْتَاجَ وصارَ ذا مَأْرُبَةٍ.]


* وقال العلَّامة اللغوي/ ابن فارس - في كتـاب (مقايـيس اللغة) - ١/‏٨٩ — ما يـلي:

[فَأَمَّا الْـحَـاجَـةُ فَقَالَ الْـخَـلِيلُ: الْأَرَبُ الْـحَـاجَـةُ، وَمَا أَرَبُكَ إِلَى هَذَا، أَيْ: مَا حَـاجَتُكَ. وَالْـمَأْرَبَةُ وَالْـمَأْرُبَةُ وَالْإِرْبَةُ، كُـلُّ ذَلِكَ الْـحَـاجَـةُ.... قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ لِلْعَقْلِ أَيْضًا إِرْبٌ وَإِرْبَةٌ كَـمَا يُقَالُ لِلْـحَـاجَـةِ إِرْبَةٌ وَإِرْبٌ. وَالنَّعْتُ مِنَ الْإِرْبِ أَرِيبٌ، وَالْفِعْلُ أَرُبَ بِضَمِّ الرَّاءِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَرُبَ الرَّجُـلُ يَأْرُبُ إِرَبًا. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الْفَوْزُ وَالْـمَهَارَةُ بِالشَّيْءِ، يُقَالُ: أَرِبْتُ بِالشَّيْءِ، أَيْ: صِرْتُ بِهِ مَاهِرًا. قَالَ قَيْسٌ:

أَرِبْتُ بِدَفْعِ الْـحَرْبِ لَـمَّا رَأَيْتُـهَا ... عَلَى الدَّفْعِ لَا تَزْدَادُ غَيْرَ تَـقَارُبِ.]


* وقال الـحميري - في كتـاب (شـمس العلوم ودواء كـلام العرب من الكـلوم) - ١/‏٢٢٩ — ما يـلي:

[الإِرْبَة: الـحـاجـة، قال اللّه تعالى: ﴿غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ﴾]


* وقال ابن دريد - في كتـاب (جمهرة اللغة)  ٢/‏١٠٢٠ — ما يـلي:

[والإرْبَة: الْـحَـاجـة]


* وقال البندنـيـجي - في كتـاب (التقفية في اللغة) - ١/‏١٥٥ — ما يـلي:

[والأَرَبُ: جمع إِرْبَة وهي الـحـاجـة، قال الله جـل وعز: ﴿غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَـالِ﴾]


* وقال اللـخمي - في كتـابه (شرح الفصيح) ١/‏٢٢٩ — ما يـلي:

[قال الشارح: الأرب: الـحـاجـة، وكذلك الإربة، قال الله تعالى: ﴿غَيْرِ أُولِي الإِرْبَة من الرِّجَالِ﴾]


* وقال القاسم بن سلام - في كتـاب (غريب الـحـديث) ٥/‏٣٦٩ — ما يـلي:

[والإربة: الـحـاجـة أيضًا قال الله: ﴿غير أولى الإربة من الرجـال﴾]


* وقال العلَّامة اللغوي/ ابن سيده - في كتـاب (الـمحـكم والـمحيط الأعظم ١٠/‏٢٨٨ —  ما يلي:

[والإرْبُ والإرْبَةُ والأُرْبَةُ والأَرْبُ: الدَّهاءُ والبَصَرُ بالأُمُورِ. أَرُبَ أَرابَةً فهُوَ أَرِيبٌ من قَوْمٍ أُرَبَاءُ، وأَرِبَ بالشَّيْءِ أَي دَرِبَ بهِ وصارَ فيه ماهِرًا بَصِيرًا] 


الـخـلاصة:

فها أنا قد أحضرت لكم كـلام علماء اللغة العربـية ومعاجم اللغة العربـية ، وأثبتُ لكم أن كـلمة (إربة) لا تعني «وقوف الزب» بل هي كـلمة مـحـترمة لـها معاني أخرى تـماماً.


ثم إن بعض الـمسيحيـيـن يطعنون في القرآن بناءً على كـلام الـمفسر فلان أو علان ، وهذا أسلوب خـاطيء اسـمه (مغالطة العزو).

إن الـمفسر قد يصيب أو يـخطيء في فهم وتفسير آية قرآنـية ، وبالتالي ليس كـل كـلام الـمفسرين حـجـة علينا، بل إنك ستـجـد العديد من الأخطاء في كـلام الـمفسرين ، وبالتالي من الـخطأ أن تطعن في القرآن بناءً على كـلام الـمفسر فلان أو علان.


* قال ابن تيـمية - في كـتاب (مـجموع الفتاوى) ١٣/ ٣٢٩ - ما يـلي:

[فَقَدْ سَأَلَنِي بَعْضُ الْإِخْوَانِ أَنْ أَكْتُبَ لَهُ مُقَدِّمَةً تَـتَضَمَّنُ قَوَاعِدَ كُلِّيَّةً. تُعِينُ عَلَى فَهْمِ الْقُرْآنِ وَمَعْرِفَةِ تَفْسِيرِهِ وَمَعَانِـيهِ وَالـتَّمْيِيزِ فِي مَنْقُولِ ذَلِكَ وَمَعْقُولِهِ بَيْنَ الْـحَقِّ وَأَنْوَاعِ الْأَبَاطِيلِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى الدَّلِيلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْأَقَاوِيلِ؛ فَإِنَّ الْكُتُبَ الْـمُصَنَّفَةَ فِي التَّفْسِيرِ مَشْحُونَةٌ بِالْغَثِّ وَالسَّمِينِ وَالْبَاطِلِ الْوَاضِـحِ وَالْـحَقِّ الْـمُبِينِ. وَالْعِلْمُ إمَّا نَقْلٌ مُصَدَّقٌ عَنْ مَعْصُومٍ وَإِمَّا قَوْلٌ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مَعْلُومٌ، وَمَا سِوَى هَذَا فَإِمَّا مُزَيَّفٌ مَـردُودٌ وَإِمَّا مَوْقُوفٌ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ بَـهْرَجٌ وَلَا مَنْقُودٌ. وَحَـاجَـةُ الْأُمَّةِ مَاسَّةٌ إلَى فَهْمِ الْقُرْآنِ]


فابن تـيـمية نفسه يعترف أن كتب التفسير فيـها أشياء صـحيحـة وأخرى باطلة، ويـجب علينا أن نـبحث عن قول الـمعصوم (النبي) أو عن الدليل العلمي واللغوي، وإذا لـم نـجـد فإن التفسير يُرفَض.

إذن ، من الـخطأ أن يطعن أعداء الإسلام في القرآن بناءً على خطأ وقع فيه الـمفسر فلان أو علان؛ فمثلاً: مِن السـخـافة أن تطعن في القرآن بـحـجـة أن عكرمة قال كـذا وكـذا بالرغم من أن القرآن نفسه لـم يقل ذلك!!!


 باختصار، كـلام الـمفسر هو كـلام الـمفسر نفسه ، وأما كـلام القرآن فهو كـلام القرآن نفسه.

------------

ثانـياً:

يستشـهد الـمسيحيون من كتب التفسير بـبعض الروايات الضعيفة والـمكـذوبة؛ لكي يطعنوا في القرآن الكريم، فمثلاً:

أحـد الـمسيحيـيـن يستشـهد بـهذه الرواية التالية من كتب التفسير مثل تفسير الطبري👇:

[حـدثني سعد بن عبد الله بن عبد الـحـكم الـمصري، قال: حـدثنا حفص بن عمر العدني، قال: حَـدثنا الـحـكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ قال: هو الـمخنث الذي لا يقوم زبه]


ولكن الرواية السابقة☝️ هي رواية ضعيفة ولـم تَـثبت نسبتـها إلى عكرمة؛ فهذه الرواية قد رواها الراوي/ حفص بن عمر العدني ، وهو راوٍ كـذاب متروك الـحـديث كمـا أخـبرنا غالبية علماء الـحـديث؛ فمثلاً:

• قال عنه أبو أحمد الـحـاكم: 

[ذاهب الـحـديث]


• وقال عنه ابن عدي الـجرجـاني :

[أحـاديـثه كـلها إما منكرة الـمتن والسند، عامة حـديـثه غير مـحفوظ، وأخـاف أن يكون ضعيفاً، وهو إلى الضعف أقرب.]

   

• وقال عنه أبو بكر البيـهقي:

[ضعيف الـحـديث]

 

• وقال عنه أبو جعفر العقيلي:

[لا يقيـم الـحـديث، يـحـدث عن الأئـمة بالأباطيل.]

 

• وقال عنه أبو حـاتم الرازي:

 [شيخ كـذاب، لين الـحـديث]

 

• وقال عنه أبو حـاتم بن حبان البستي:

[يقلب الأخبار ويلزق بالأسانـيد الصحيحة الـمتون الواهية، ويعمد إلى خـبر يُعرَف من طريق واحـد فيأتي به من طريق آخر لا يُعرف ، لايـجوز الاحتجـاج به إذا انفرد.]

 

• وقال عنه أبو دواد السجستاني:

[منكر الـحـديث، ليس بشيء]

 

• وقال عنه أبو زرعة الرازي: 

[واه]

 

• وقال عنه أحمد بن حنبل:

[كـان مع حماد في تلك البلايا]


• وقال عنه أحمد بن شعيب النسائي:

[ليس بـثقة]

 

• وقال عنه أحمد بن صالـح الـجيـلي : 

[هو ضعيف الـحـديث]


• وقال عنه الدارقطني:

[ضعيف ، متروك ، ليس بقوي في الـحـديث]

 

 • وقال عنه زكريا بن يـحيى الساجي:

[يكـذب]

 

• وقال عنه مالك بن عيسى القفصي:

 [ليس بشيء]

 

• وقال عنه يـحيى بن معين: 

[ليس بثقة وكـان رجـل سوء.]


• وقال عنه الذهبي:

 [ضعفوه]


• وقال عنه ابن حـجر العسقلاني:

[ضعيف]


• وكذلك ضعَّفه أبو العرب القيرواني وأبو الفرج بن الـجوزي.


فـهذه الرواية التي ذكرت «الزب» هي رواية مـكـذوبة ذكرها راوٍ كـذاب يـأتي بـمتن للرواية ثم يلزق فيـها سند. 


-------------

وقد وجـدتُ بعض الـمطابع اليوم تـخطيء في طباعة (تفسير الثعلبـي) حيث وضعوا فيه هذه العبارة التالية👇:

«وقال الـحسن: هو الذي لا يـنتشر [زبه]»


ولكن كـلمة «زبه» ليست موجودة في الـمخطوطات الأصلية لتفسير الثعلبي بل الـمطبعة هي التي وضعت هذه الكـلمة في الـكـتاب وجعلتـها بـيـن قوسيـن؛ لكي تنبه القاريء إلى أنـها ليست موجودة في الأصل بل هم مَن وضعوها.

فالعيب هنا يكمن في هذه الـمطعبة وليس في كتـاب التفسير.

ولذلك إذا نـحن ذهبنا إلى طبعة أخرى مثل طبعة دار التفسير (١٩/ ١٥٦)  فسنـجـد العبارة هـكـذا👇:

«وقال الـحسن: هو الذي لا يـنتشر.»


---------------

* وذكر أبو بكر الـخـلال روايةً ضعيفةً عن ابن عباس في كـتاب (الـجـامع - أحـكـام النساء)، وهي كـالتالي:

[أخـبرني محمد بن علي، قال: حـدثنا مـهنا، قال: حـدثـنا إبراهيم بن الـحـكم بن أبان، عن أبـيه، عن عكرمة، عن ابن عباس: في قوله: ﴿غَيْرِ أوُلِي الإرْبَةِ﴾ قال: هو الـمخنث الذي لا يقوم زبه.]


ولكن هذه الرواية ضعيفة جـداً؛ فالذي رواها هو: إبراهيم بن الـحـكم بن أبان، وقد اتـفق كل علماء الـحـديث على ضعف هذا الراوي. والأدهى من ذلك أن الروايات في كتـاب هذا الراوي كـانت مرسلة، فكـان يـخـلط ويوصل هذه الـمراسيل كمـا أخـبرنا ابن حـجر العسقلاني

ولذا علَّق على هذه الرواية الضعيفة الـمحققُ/ عمرو عبد الـمنعم سليم - في هامش صفحة ٥٠ قائلاً:

[إسناده واه؛ فيه إبراهيم بن الـحـكم بن أبان، وهو واه. قال ابن معين، والنسائي: «ليس بـثـقة»، وقال البخـاري: «سكتوا عنه» بـمعنى أنـهم تركوه، وقال العقيـلي: «ليس بشيء ولا بـثقة».

وقال عباس بن عبد العظيم: «كـانت هذه الأحـاديث في كتبه مرسلة، ليس فيـها ابن عباس، ولا أبو هريرة، يعني أحـاديث أبـيه، عن عكرمة».]


فابن عباس بريء من القول الـمنسوب إليه بأنه قال: «لا يقوم زبه»


--------------

وأما السيوطي فقد أخطأ كـالعادة ونسب كـلاماً إلى أشـخـاص لـم يقولوه، فمثلاً:

* قال السيوطي في كـتابه (الدر الـمنثور في التفسير بالـمأثور) ما يـلي:

 [وَأخـرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْـمُنْذر وَابْن أبي حَـاتِم عَن ابْن عَبَّاس في ﴿غير أولي الإِربة﴾ قَالَ: هُوَ الـمخنث الَّذِي لَا يقوم زبه]


ولكنني رجعتُ إلى كتب ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن الـمنذر، ولـم أجـد فيـهم عبارة «لا يقوم زبه»

مع العلـم أن هناك مئات السنين بـيـن السيوطي وهؤلاء الأشـخـاص الذين نسب إليـهم السيوطي هذا الكـلام.

فالسيوطي كـان يـخطيء كثيراً في نسب أقوال إلى أشـخـاص لـم يقولوها...

وللأسف نسخ الآلوسي نفس الـخطأ من السيوطي!


--------------

* وأما ابن أبي حـاتم ، فقد أورد رواية ضعيفة عن عكرمة كـالتالي:

[حَـدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطِّهْرَانِيُّ، أَنْبَأَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حـدثنا الْـحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: «أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَـالِ»، قَالَ: هُوَ الْـمُخَنَّثُ الَّذِي لَا يَقُومُ زُبُّهُ.]


ونـحن قلنا من قبل أن الشخص الذي روى هذه الرواية هو حفص بن عمر العدني ، وهو كـذاب متروك الـحـديث يـخـترع الأسانـيد. وبالتالي فإن الرواية ليست حـجـة علينا.


---------------

وزعم بعض الناس أن البيـهقي ذكر عبارة: «لا يقوم زبه» ، ولكنني رجعتُ إلى كتب البيـهقي نفسه ولـم أجـد فيه هذا الكـلام.


------------

* وأما ابن الـملقن ، فقد ذكر في كتـابه (التوضيح لشرح الـجـامع الصحيح) - ٢١/‏٤٨٣ — ما يـلي:

[﴿غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ﴾ في الآية: هو الـمخنث الذي لا يقوم (له) كـما ذكره عكرمة]

فابن الـملقن لـم يذكر كلمة «زبه» ولا نسبـها إلى عكرمة.


* وكذلك قال مكي بن أبي طالب - في كـتاب (الـهداية الى بلوغ النـهاية) ٨/‏٥٠٧٦ - ما يـلي:

[وقال عكرمة: «غير أولي الإربة»، هو الـمخنث، الذي لا يقوم له»]


--------------------

* وأما ابن كثير فقد زعم في تفسيره ما يلي:

[وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ الـمخَنَّث الَّذِي لَا يَقُومُ زُبُّه. وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُ وَاحِـدٍ مِنَ السَّلَفِ.]


ولكن ابن كثير لم يقدم أي دليل أو رواية صـحيحـة على ما يزعمه هنا؛ فابن كثير يزعم أن عكرمة قال: «الـمحنث الذي لا يقوم زبه»!

ولكن أين الدليل يا ابن كثير مع احـترامي لك؟!

بل إن ابن كثير زعم أن كثيراً من السلف قالوا ذلك ، لكن هذا الإدعاء باطل وليس عليه دليل.

مع العلـم أن بين عكرمة وابن كثير مئات السنين ، فأين هي الرواية الـصـحـيحـة التي تـثبت ادعاء ابن كثير؟؟


---------------

وأخـيراً ، نـنـتـقل إلى ما ذكره أبو بكر الـخـلال في (جـامع علوم الإمام أحمد) حيث ذُكر ما يـلي:

[قال أبو بكر الـخـلال: أخـبرنا عبد الله، قال: حـدثـنا أبي، قال: حـدثـنا وكيع، قال: حـدثـنا مسعر، عن عون، عن عكرمة، قال: «الذي لا يقوم زبه».]


ولكن الرواية السابقة غير دقيقة؛ حيث أنك إذا رجعت إلى مصنف ابن أبي شيبة برقم (١٧١٩١) فستـجـد ابن أبي شيبة ذكر نفس الرواية هكـذا:

[حَـدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَوْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «هُوَ الَّذِي لَا يَقُومُ إِرْبُهُ»]


فابن أبي شيبة ذكر الرواية عن عكرمة ☝️، ولـم ولـم ولـم يذكر فيـها كـلمة «زبه» بل ذكر كـلمة «إربه»

مع العلـم أن رواية ابن أبي شيبة أهم وأدق من رواية أبي بكر الـخـلال الـموجودة في (جـامع علوم الإمام أحمد)؛ لأن رواية ابن أبي شيبة ذات سند أعلى وأقرب إلى عكرمة بـخـلاف رواية أبي بكر الـخـلال؛ لأن رواية أبي بكر الـخـلال ذات سند أطول وأبعد عن عكرمة.


إذن ، العبارة الأدق هي التي وردت في مصنف ابن أبي شيبة وهي «الـمخنث الذي لا يقوم إربه».

- وكـلمة «إرب» هي كـلمة مـحـترمة وليست إباحية. ونـحن ما زلنا نستخـدم كـلمة «إرب» في حياتـنا اليومية ؛ فمثلاً: 

أنت تقول: «لقد قطعته إرباً إرباً»

وكلمة «إرب» تعني «عضو» أو «جزء»


وحتى لو افـترضنا أن عكرمة قال: [لا يقوم زبه] ، فما علاقة ذلك بالقرآن الكريم؟!

إن القرآن الكريم بريء من هذا الـهراء. 

--------------

* وهناك رواية ضعيفة رواها الطبري وهي كـالتالي:

 [حـدثنا ابن حميد، قال: حـدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي: ﴿غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ قال: من تبع الرجـل وحشمه، الذي لم يـبلغ أربه أن يطَّلع على عورة النساء.]


ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة فقد رواها محمد بن حميد ، وهو ليس بـثقة بل كـان منكر الـحـديث. 

ثم إن هذه الرواية ليس فيـها أي كـلمة خـادشة للـحياء بل كلمة «إرب» هي كـلمة مـحـترمة ، والـمقصود من كـلمة «إرب» هنا هو «العقل» ؛ لأنك إذا أكمـلت باقي الـجملة فستجـدها تذكر كـلمة «يطلَّـع» أي يعرف ويعـلـم. وقد ذكرتُ في أول الـمقال معاجم اللغة العربـية وهي تذكر أن من معاني «إرب» هو «العقل».


_______________

إلى هنا ، أكون قد فندتُ الشبـهة بالكامل

لا تنسوا نشر الـمقال أو نسـخـه 

لا تنسونا من صالـح دعائكم 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 



ما معنى آية ﴿غير أولي الإربة﴾ | والرد على كذبة أن معناها [لا يقوم زبه]


صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا