مضمون الشبـهة:
أعداء الإسلام يسخرون من عمر بن الـخطاب، ويستشـهدون بقصة الزلزال الذي حـدث بالـمدينة حيث ضرب عمرُ الأرضَ بالدرة، وقال لـها «اسكني»، فسكنت الأرض وتوقف الزلزال.
ويزعم أعداء الإسلام أنـنا بـهذا ننسب لعمر قوة إلـهية مثلما يفعل الشيعة مع أئـمتـهم.
وأنا أرد على هذه الشبـهة السخيفة وأقول:
أولاً:
قصة أن عمر ضرب الأرض بالدرة فتوقف الزلزال، هي قصة زائـفة لا أساس لـها من الصحـة ، وليس لـهذه القصة أي إسناد صـحيح متصل.
بل هذه القصة الزائـفة ظهرت أول مرة في القرن السادس الـهجري. وأول مَن ذكر هذه القصة هو الفخر الرازي الذي عاش في القرن السادس والسابع هـجرياً. وقد ذكرها الفخر الرازي في تفسيره الكبير (مفاتيح الغيب) بدون إسناد ولـم يذكر أي مصدر لـهذه القصة الـمزعومة.
فهذه قصة زائـفة لا أساس لـها أصلاً
ثم جـاء أشـخـاص بعد الفخـر الرازي وتـناقلوا هذه القصة الزائـفة بدون تـحقق من مدى صـحـة الـمعلومة.
فمثلاً:
* في القرن السابع الـهجري، جـاء سبط ابن الـجوزي ، ونقل نفس القصة الزائـفة في كتـابه (مرآة الزمان في تواريـخ الأعيان)، وذكر سبط ابن الـجوزي أنه أخـذ هذه القصة من جـده الذي ألف كتـاب (معاني الـمعاني) ، ولكن بدون إسناد أيضاً.
* وفي القرن الثامن هـجرياً، ذكر السنامي القصة بدون إسناد في كتـابه (نصاب الاحـتساب).
* وفي القرن الثامن أيضاً ، ذكر تاج الدين (ابن السبكي) نفس القصة بدون إسناد في كتـابـيه (طبقات الشافعية)، و(معيد النعم ومبيد النقم)
* وفي القرن التاسع الـهجري، ذكر النيسابوري نفس القصة بدون إسناد في تفسيره الـمسمى بـ(غرائب القرآن ورغائب الفرقان).
* وفي القرن العاشر الـهجري، ذكر الـخطيب الشربـيـني نفس القصة بدون إسناد في كتـابه (السراج الـمنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كـلام ربنا الـحـكيم الـخبير)
وأخـيراً ، في القرن الثالث عشر هـجرياً، جـاء ياسين الـخطيب وذكر القصة بدون إسناد في كتـابه (الروضة الفيحاء في أعلام النساء).
إذن يتبين لنا أن هذه القصة لا أساس لـها بل هي ظهرت في القرن السادس الـهجري بدون إسناد أو مصدر.
وحتى لو افـترضنا أن هذه القصة صـحيحـة، فإن هذه القصة لا تنسب لعمر أي قوة إلـهية ولا ذكرت الرواية أن عمر يـتحـكم في الكون بولاية تكوينية...
بل إنك إذا نظرت إلى الرواية فستجـدها تنسب الفضل لله وحـده في إيقاف الزلزال.👇
سرد الفخر الرازي القصة هـكـذا:
[وَقَعَتِ الزَّلْزَلَةُ فِي الْـمَدِينَةِ فَضَرَبَ عُمَرُ الدِّرَّةَ عَلَى الْأَرْضِ وَقَالَ: «اسْكُنِي بِإِذْنِ اللَّهِ» فَسَكَنَتْ، وَمَا حَـدَثَتِ الزَّلْزَلَةُ بِالْـمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ.]
فنحن الـمسلمين لا نشبه الشيعة النواصب الوثـنيـيـن الذين يعبدون إلـههم (علي بن أبي طالب).
وأما إذا نظرت إلى الرواية القديـمة التي ذكرها ابن أبي الدنـيا، فلن تـجـد فيـها أن عمر جعل الزلزال يـتوقف.
- ذكر ابن أبي الدنـيا - في كتـاب (العقوبات) ١/٣١ — ما يـلي:
[حَـدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَـدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: أَخْـبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَـيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، قَالَتْ: «زُلْزِلَتِ الْـمَدِينَةُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّـهَا النَّاسُ، مَا هَذَا؟ مَا أَسْرَعَ مَا أَحْـدَثْـتُـمْ، لَئِنْ عَادَتْ لَا أُسَاكِنُكُمْ فِيـهَا»]
ولكن الرواية السابقة ضعيفة، وذلك نظراً لأن راويـها هو الراوي/ عبد الرحمن بن عبد الله الباهلي، وهو شـخصية مـجـهولة ليس لـها توثـيق في كتب الـجرح والتعديل أصلاً.
بل إنك ستلاحظ أن الرواية لـم تذكر أن عمر جعل الزلزال يـتوقف.
- وكـذلك ذكر ابن أبي الدنـيا - في كتـاب (العقوبات) ١/٣٠ — ما يـلي:
[حَـدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَـدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عُمَرُ بْنُ أَبِي الْـحَـارِثِ الْـهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَـدَّثَنِي رَجَاءُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ رَجَـاءٍ، قَالَ: حَـدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْـحَـكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: زُلْزِلَتِ الْـمَدِينَةُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، فَضَرَبَ بِـيَدِهِ عَلَيْهَا وَقَالَ: مَا لَكِ، مَا لَكِ؟ أَمَا إِنَّـهَا لَوْ كَانَتِ الْقِيَامَةُ حَـدَّثَـتْـنَا أَخْبَارَهَا، سَـمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، فَلَيْسَ مِنْهَا ذِرَاعٌ وَلَا شِبْرٌ إِلَّا وَهُوَ يَنْطِقُ بِالنَّاسِ»]
الرواية السابقة ☝️ هي رواية ضعيفة أصلاً ؛ فالذي رواها هو سعد بن طريف ، وهو راوٍ شيعي رافضي كـذاب متروك الـحـديث حيث كـان هذا الراوي يـخـترع الروايات حسبما تـخـبرنا كتب الـجرح والتعديل
وأما الراوي/ سلمة بن رجـاء الـتميمي ، فهو راوٍ ضعَّفه معظم أهل الـحـديث مثل ابن عدي والنسائي والدارقطني ويـحيى بن معين.
وأما الراويان/ أبو جعفر عمر بن أبي الـحـارث الـهمداني ، ورجـاء بن سلمة بن رجـاء ، فهما مـجهولان أصلاً.
فهذه الرواية باطلة ولا تصح.
وهذه الرواية لـم تذكر أيضاً أن عمر أوقف الزلزال.
____________
إلى هنا ، أكون قد فندتُ الشبـهة بالكـامل
لا تنسوا نشر الـمقال أو نسـخـه
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركـاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا