مضمون الشبـهة:
واحـد من الشيعة النواصب يستـنكر قائلاً: كيف تعتـبرون الـحـلف بغير الله شركـاً في حـين أن النبي موسى حـلف بالنعمة كمـا ورد في هذه الآية 👇:
﴿قَالَ رَبِّ بِـمَاۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِیراً لِّلۡمُجۡرِمِینَ﴾ [القصص ١٧]
---------------
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
هذا الشيعي يـنـتـهج أسلوب: (مغالطة العزو)؛ فهذا الشيعي يأخـذ رأياً تفسيرياً من هنا ورأياً من هناك بدون أن يـتـفحـص مدى صـحـة هذا الرأي.
وليس من الـمعقول أن نقبل رأي فلان أو علان بدون دليل. فالـمفسر قد يفسر آيةً بالـخطأ فينـتقل هذا الـخطأ إلى غيره من الـمفسرين اللاحقين، ولذا يـجب مراجعة التفسير أولاً قبل قبوله والاستشـهاد به.
وبعض الـمفسرين قديـماً ظنوا بالـخطأ أن هذه الآية قَسم، ولذا فسروها على أنـها قَسم ، ولكن هذا الإدعاء مـخـالف لقواعد اللغة العربـية؛ فالآية قد وردت فيـها كـلمة (فلن).
وكلمة (فلن) لا تصح لغوياً أن تكون جواباً لقسم...، فمثلاً:
هل يُعقل أن تـحـلف قائلاً: [بالله، فلن أذهب]
كـلمة (فلن) تـمنع أن تـكون الآية قسماً...، ولذلك اضطر البعض إلى اخـتراع تـبريـر جـديد قائليـن أن جواب القسم مـحـذوف وتقديره: [لأتوبن]!
وهذا التبريـر بعيد جـداً عن الواقع، وفيه تكـلف مبالغ فيه.
وأما الباء في عبارة ﴿بـما أنعمت﴾ ، هذه الباء هي باء السبـبـية وليست باءً للقسم.
ولذلك سنجـد أن الإمام ابن عطية استند على قواعد اللغة العربـية وانـتقد الادعاء القائل أن الآية فيـها قسم.
* يقول ابن عطية في كتـابه (الـمحرر الوجـيز) ما يـلي:
[وقالَ الطَبَرِيُّ: «إنَّهُ قَسَّمٌ، أقْسَمَ بِنِعْمَةِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى»، ويُضْعِفُهُ صُورَةُ جَوابِ القَسَمِ؛ فَإنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَنْ أكُونَ﴾ ؛ لِأنَّ القَسَمَ لا يَتَلَقّى بِـ (لَنْ)، والفاءُ تَـمْنَعُ أنْ تُنَزَّلَ (لَنْ) مَنزِلَةَ (لا) أو (ما) فَتَأمَّلَهُ.]
إذن ، الإمام ابن عطية قد رد على الطبري وضعَّف الرأي القائل بأن الآية قسم وأشار إلى أن هذا غير مـمكن في الآية.
وذكر ابن عطية بأنّ كـلام موسى في الآية كـان على سبـيل الـمعاهدة لربِّه وليس القسم.
* قال ابن عطية أن معنى الآية هو:
[ربِّ، بنعمتك عليّ، وبسبب إحسانك وغفرانك فأنا ملـتزم ألّا أكون معينًا للمجرمين. وهذا أحسن ما تُؤُوِّل.]
* وقال ابن جُزي في تفسيره ما يـلي:
[﴿قَالَ رَبِّ بِـمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ - الظهير الـمعين، والباء سبـبـية، والـمعنى: «بسبب إنعامك عليّ، لا أكون ظهيراً للمجرمين»، فهي معاهدة عاهد موسى عليـها ربه. وقيل الباء باء القسم، وهذا ضعيف؛ لأن قوله: ﴿فَلَنْ أَكُونَ﴾ لا يصلح لـجواب القسم.]
فابن جـُزي هنا ☝️ قد انـتـقد وضعَّف الادعاء القائل بأن الآية قسم.
- ونأتي لشـهادة مـهمة من الأستاذ الدكتور/ أحمد الـخراط، وهو أستاذ النحو في جـامعة الإمام محمد بن سعود.
* يقول الأستاذ الدكتور/ أحمد الـخراط - في كـتابه (الـمجـتبـى من مشكـل إعراب القرآن) ٣/ ٨٨٦ - ما يلي:
[ ﴿قَالَ رَبِّ بِـمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾.
الباء جـارَّة، للسببية، «ما» مصدرية.]
* وقال الإمام ابن عاشور - في كتـابه (التحرير والتنوير) ٢٠/ ٩٢ - ما يـلي:
[وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ فِي ﴿بِـما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾]
* وورد في كـتاب (الـمختصر في التفسير) ما يـلي:
[ثم واصل الـخـبر عن دعاء موسى الذي قال فيه: «رب بسبب ما أنعمت عليَّ به من القوة والـحـكمة والعلم فلن أكون معينًا للمجرمين على إجرامـهم.]
* وقال السمرقندي في تـفسيره ما يـلي:
[ثمّ قال: قالَ موسى رَبِّ بِـما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ يعني: بالـمغفرة كقوله ﴿فَبِما أَغْوَيْتَنِي﴾ في سورة [الـحـجر: ٣٩] يعني: أما إذا أغويتني]
إذن، الظاهر أن الآية ليست قَسماً بالنعمة كـما يزعم البعض.
وحتى لو افترضنا أن الآية فيـها قسم، فإن موسى لـم يـحـلف بإنسان كمـا يفعل الشيعة الوثنيون مع أئـمتـهم بل سيكون موسى قد حـلف بنعمة الله عليه. ويُقال أن الـمقصود من نعمة الله ها هنا👈 مغفرة الله.
* يقول السمعاني في تفسيره ما يـلي:
[قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ رب بِـمَا أَنْعَمت عَليّ﴾ مننت عَليّ بالـمغفرة.]
فنعمة الله هنا هي مغفرة الله ، وهذا ما قاله الثعلبـي والنسفي وغيرهم في التفسير.
أي أننا لو افـترضنا أن موسى حـلف في الآية ، فإنه لن يكون حـلف بإنسان أو حيوان أو شيء منفصل عن الله بل هو حـلف بـمغفرة الله تبارك وتعالى.
وحتى لو افـترضنا أن الـحـلف بنعمة الله كـان موجوداً في عهـد موسى ، فإن هذا لا يتناقض مع تشريعنا الإسلامي.
فالنبي موسى كـان له تشريعات في زمانه، والنبي محمد له تشريعات قد تـخـتلف أحياناً عن تـشريعات موسى في بعض النقاط.
************
والغريب في الأمر أن الشيعة النواصب ما زالوا يصرون على معاداة النبي وآل البيت ومـخـالفة وصاياهم، فمثلاً:
إذا فتـحنا الكتب الشيعية فسنـجـد فيـها أن نبي وأئـمة الشيعة قد نـهوا عن الـحـلف بغير الله بل ونـهوا أيضاً عن الـحـلف بسور القرآن:
ورد في كتب الشيعة رواية تقول:
[عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِـيهِ ، عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ اَلْـمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: «نَـهَى رَسُولُ اَللَّهِ أَنْ يَـحْـلِفَ اَلرَّجُـلُ بِغَيْرِ اَللَّهِ وَقَالَ «مَنْ حَـلَفَ بِغَيْرِ اَللَّهِ «فَلَيْسَ مِنَ اَللّٰهِ فِي شَيْءٍ»، وَنَـهَى أَنْ يَـحْـلِفَ اَلرَّجُـلُ بِسُورَةٍ مِنْ كِـتَابِ اَللَّهِ وَقَالَ: «مَنْ حَـلَفَ بِسُورَةٍ مِنْ كِـتَابِ اَللَّهِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ مِنْـهَا كَفَّارَةُ يَـمِينٍ فَمَنْ شَاءَ بَرَّ وَمَنْ شَاءَ فَـجَرَ»]
فالشيعي الذي يـخـالف هذه الوصية هو فاجـر زنديق.
وانظر الآن إلى حـال هؤلاء الشيعة النواصب وهم يـخـالفون وصايا أئـمتـهم ويـحـلفون بـ(الزهراء) و(العباس) و(علي)...!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مع العلم أن هذه الرواية الشيعية قد وردت في كـتاب (الأمالي) لشيخ الشيعة الـمدعو بـ(الصدوق).
ووردت أيضاً في كـتاب (مَن لا يـحضره الفقيه) ، و(الوافي) و(بـحـار الأنوار) وغيره من الكتب الشيعية.
_______________
إلى هنا أكون قد فندتُ الشبـهة بالكـامل
لا تنسوا نشر الـمقال أو نسـخـه
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركـاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا