هل الإسلام يقول على المرأة أنها حيوان يحيض - الرد على شبهة: يحيض من الحيوانات أربعة المراة والضبع والأرنب والخفاش

مضمون الشبـهة:
يزعم الـمسيحيون أن الإسلام يـحتقر الـمرأة ويقول عنـها أنـها حيوان ، ويستشـهد أعداء بـهذه الـمقولة ضدنا:
[الَّذِي يَـحِيضُ مِنَ الْـحَيَوَانِ أَرْبَعَةٌ، الْـمَرْأَةُ، وَالضَّبْعُ وَالْأَرْنَبُ وَالْـخُفَّاشُ]

-------------------
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
أولاً:
 الـمقولة السابقة ليست مقولة إسلامية، وليست آية قرآنـية، ولا هي حـديث نبـوي، ولا هي فتوى لأي شيخ من الشيوخ أنفسـهم بل هذه الـمـقولة هي مقولة تُنسَب لقائلها (الـجـاحظ) في كتـابه (الـحيوان)...

والـجـاحظ لم يكن شيخـاً ولا كان فقيـهاً إسلامياً بل كان أحـد أدباء العصر العباسي، وقد عاش الـجـاحظ في القرن الثاني والثالث الـهجري. وهو كـان من طائفة الـمعتزلة، وكـان له بِدع منـها أنه قال أن أهل النار لا يُـخـلَّدون فيـها بل يـتحولون إلى طبيعة نارية. ومن ضـمن بدع الـجـاحظ أيضاً أنه اتبع نـهج فلاسفة اليونان في نفى الصفات الإلـهية. وكانت للـجـاحظ عيوب منـها أنه يضايق الـمارة ويسخر منهم، وأحياناً كان يضايق النساء أو يـتحرش بـهن بالألفاظ والغزل. وكـان الـجـاحظ يقدم الـحـجـج لإثبات أن السود أفضل من البيض نظراً لأن الـجـاحظ كـان أسوداً!

وذكر الـخطيب البغدادي عن ابن أبي الذيال أنه كان في وليـمة مع الـجـاحظ، فـحـان آذان الظهر ولم يقم الـجـاحظ للصلاة، ثم حـان آذان العصر ، ولم يقم الـجـاحظ للصلاة، فاستنكر صاحب الـمنزل هذا الفعل الشنيع للـجـاحظ وقال له: [ليس لك مذهب في الصلاة إلا تركها].

وكان الـجـاحظ متناقض الأفكـار؛ فمرة يدعم العثمانـية ضد الروافض ، ومرة أخرى تراه يدعم الشيعة الزيدية ضد أهل السُنة. وكان الـجـاحظ يذكر بعض الشبـهات في كتبه بدون أن يرد رداً كـافياً عليـها وكـأنه يريد تـنـبـيه النصارى لكي يستخـدموها كـحـجـة ضد الـمسلمين، وأحياناً كان الـجـاحظ يسخر من بعض الأحـاديث النبوية، وأحياناً أخرى كان يـتـناقل بعض الأحـاديث الرافضية الـمكـذوبة؛ لكي يعيـن الروافض ضد الـمسلمين.

وكـتاب (الـحيوان) الذي ألَّفه الـجـاحظ ليس كتـاباً دينياً بشكل عام بل هو كتـاب علمي أدبي ، وقد ألَّفه وجمع فيه بعض الـمعلومات عن طبائع الـحيوانات. وهذه صفحـات من كتـاب (الـحيوان) للـجـاحظ 👇
كتاب الحيوان للجاحظ

كتاب الحيوان للجاحظ

[عمرو بن بـحر الـجاحظ صاحب التصانـيف روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل. قال ثعلب: ليس الـجـاحظ بـثـقة ولا مأمون. قلتُ: وكان من أئـمة البدع.]


ونفس الكـلام السابق قاله ابن حـجر العسقلاني في كـتاب (لسان الـميزان) ٤/‏٣٥٥
وقال ابن حزم في كـتاب (الـملل والنِحـل) ٤/‏١٣٩ ما يلي:
[كان أحـد الـمُجَّـان الضُلَّال غلب عليه الـهزل ومع ذلك فإنا ما رأينا له في كتبه تعمد كذبة يوردها مثبتاً لـها وإن كـان كثير الإيراد لكـذب غيره.]


وقال ابن قـتـيـبة في كـتاب (تأويل مـخـتلف الـحـديث)
:
[ثم نصير إلى الـجـاحظ وهو آخر الـمتكـلمين والـمعاير على الـمتقدمين، وأحسنهم للـحـجـة استـثارة وأشدهم تلطفاً لتعظيم الصغير حتى يعظم وتصغير العظيم حتى يصغر ويـبلغ به الاقتدار إلى أن يعمل الشيء ونقيضه، ويـحـتج لفضل السودان على البيضان، وتـجـده يـحتج مرةً للعثمانية على الرافضة، ومرةً أخرى للزيدية على العثمانية وأهل السنة، ومرةً يُفضِّل علياً ومرةً يؤخره. ويقول قال رسول الله ويُتبعه بـ((قال الـجماز)) و((قال إسماعيل بن غزوان كذا وكذا)) من الفواحش!
ويعمل كـتاباً يذكر فيه حـجـج النصارى على المسلمين، فإذا صار إلى الرد عليهم تـجـوَّز في الـحـجـة كأنه إنـما يريد تنبيـهـهم على ما لا يعرفون وتشكيك الضعفة من المسلمين، وتجده يقصد في كتبه للمضاحيك والعبث يريد بذلك استـمالة الأحـداث وشُرَّاب النبيذ. ويستـهزئ من الـحـديث استـهزاءً لا يـخفى على أهل العلم…... وهو مع هذا من أكذب الأمة وأوضعهم لـحـديث وأنصرهم لباطل.]

فالـجـاحظ كان يسخر من بعض الأحـاديث النبوية، وعلى الـجـانب الآخر تـجـده يسرد أشياء مضحـكة من كتب أهل الكـتاب ولا يـخـجـل من ذكرها!!


وقال أبو منصور الأزهري في مقدمة كتـاب (تـهذيب اللغة) :
[ومـمن تكـلم في اللغات بـما حضره لسانه وروى عن الثقات ما ليس من كـلامهم الـجـاحظ وكان أوتي بسطة في القول وبـياناً عذباً في الـخطاب ومـجـالاً في الفنون غير أن أهل العلم كذَّبوه وعن الصدق دفعوه. وقال ثعلب: «كـان كذاباً على الله وعلى رسوله وعلى الناس».]


وقال الـحافظ ابن حـجر العسقلاني - في كتـاب (لسان الـميزان) 
٤/‏٣٥٥  ما يلي:
[قلتُ: وهذه والله صفة كتب الـجاحظ كلها فسبحـان مَن أضله على علم..... وحـكى الـخطيب بسند له أنه كان لا يصلي. وقال إسماعيل بن محمد الصفار: سمعت أبا العيناء يقول: «أنا والـجاحظ وضعنا حـديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي فإنه أباه وقال: هذا كذب سمعها الـحاكم من عبد العزيز بن عبد الملك الأعور». قلتُ: «ما علمت ما أراد بـحـديث فدك». وقال الـخطابي: «هو مغموص في دينه». وذكر أبو الفرج الأصبهاني أنه كان يُرمى بالزندقة وأنشد في ذلك أشعاراً.]


ويقول سبط بن الـجوزي في كـتاب (مرآة الزمان في تواريخ الأعيان) ١٥/‏٣٥١ — ما يلي:
[الـجـاحظ 
اسـمه: عمرو بن بـحر بن مـحبوب، أبو عثمان البصري، من كبـار المعتزلة، وأحد شيوخهم، وُلد سنة 155 هـجرياً.
قال جـدِّي في «الـمنتظم»: وكـان جـدُّه أسود، وكان هو من متكلِّمي المعتزلة، وهو تلميذ أبي إسحاق النظَّام. وقال: الناس يَعمونَ بتصانيفه زائدًا في الـحـدّ، وليس الأمر كذلك، بل له جيِّدٌ ورديء. 
قلتُ: هذا صورةُ ما ذكر له جدِّي، ولم يذكر شيئًا من مصنَّفاته، ولا حـكى بعض مقالاته، فأقول: أمَّا مصنفاتُه فثلاثُ مئةٍ وستُّون مصنَّفًا، ووقعتُ على أكثرها في مشهد الإمام أبي حنيفة بـبغداد، منها كـتاب (الـحيوان)، وهو كتـابٌ كثيرُ الـحشو، قليلُ الفائدة، وذكر فيه أن الذي يـحيض من الـحيوانات أربع؛ الـمرأة، والأرنب، والضبع، والـخفاشوكان الجاحظُ في أيَّام المعتصم والـمتوكِّل، وانفردَ عن أصحابه بمسائل، منها قوله: إنَّ الـمعارفَ كلَّها ضرورية، وليس شيءٌ من ذلك من أفعال العباد،
وأن ليس للعبادِ كسبٌ سوى الإرادة. ومنها أن أهل النار لا يُـخـلَّدون، وإنَّـما يصيرون إلى طبيعةٍ ناريَّة. ومذهبه مذهبُ الفلاسفة في نفي الصِّفات ونحو ذلك.]


فها هو☝ سبط ابن الـجوزي يـخـبرنا أن كـتاب الحيوان هو كـتاب للـجاحظ ، وهو كتـاب كثير الـحشو وقليل الفائدة، وفيه عبارة أن الـمرأة من الـحيوانات التي تـحيض...

فهذه صفات الـجـاحظ الـمعتزلي الزنديق الذي يـحتج به الـمسيحيون ضدنا!!!

---------------

ثانياً:

أول مَن أخـبرنا بكلام الـجـاحظ هذا هو الـمارودي حيث يقول الـماوردي في كـتاب (الـحـاوي الكبير) ما يلي:
[وَقَدْ ذَكَرَ الْـجَـاحِظُ فِي كِتَـابِ (الْـحَيَوَانِ) أَنَّ الَّذِي يَـحِيضُ مِنَ الْـحَيَوَانِ أَرْبَعَةٌ: الْـمَرْأَةُ، وَالضَّبْعُ وَالْأَرْنَبُ وَالْـخُـفَّاشُ. وَحَيْضُ الضَّبْعِ وَالْأَرْنَبِ مَشْهُورٌ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي حَيْضِ الضَّبْعِ:
(تَضْحَـكُ الضَّبْعُ لِقَتْلَى هذيلٍ ... وترى الذئب بها يستـهل)]

إذن الكـلام السابق ليس من صـميم الإسلام ولا من كلام النبـي بل هو كلام الـجـاحظ نفسه.


ونفس الكلام السابق ذكره النووي - في كـتاب (الـمجموع شرح المهذب) - ٢/‏٣٤٣ — حيث قال ما يلي:
[قَالَ الْـجَـاحِظُ فِي كِتَابِ الْـحَيَوَانِ: «وَاَلَّذِي يَـحِيضُ مِنْ الْـحَيَوَانِ أَرْبَعٌ الْـمَرْأَةُ وَالْأَرْنَبُ وَالضَّبُعُ وَالْـخُفَّاشُ. وَحَيْضُ الْأَرْنَبِ وَالضَّبُعِ مَشْـهُورٌ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ.]


وقال القليوبي في (حـاشيتا قليوبي وعميرة) ١/‏١١٢ — ما يلي:
[وَاَلَّذِي يَـحِيضُ مِنْ الْـحَيَوَانِ ثَـمَانِيَةٌ، كَـمَا ذَكَرَهُ الْـجَـاحِظُ أَرْبَعَةٌ بِاتِّفَاقٍ وَهِيَ الْـمَرْأَةُ وَالْأَرْنَبُ وَالضَّبُعُ وَالْـخُفَّاشُ]


وقد أشار العديد من العلماء الآخرين إلى أن الـجـاحظ هو مَن قال هذه العبارة عن الـمرأة، وهؤلاء العلماء كـالتالي👇:
 * النووي في كتـاب (تـهذيب الأسـماء واللغات) - ٣/‏٧٨

*  ابن الرفعة في كـتاب (كفاية النبيه في شرح التنبيه) ٢/‏١٢٨

*  زكريا الأنصاري في كـتاب (أسنى الـمطالب في شرح روض الطالب) ١/‏٩٩

*  سليمان الـجـمل في كتـاب (فتوحـات الوهاب بتوضيح شرح منـهج الطلاب) ١/‏٢٣٤

*  محمد بن علي بن آدم الآثـيوبي في كـتاب (ذخـيرة العقبى في شرح الـمجتبـى) ٥/‏٣٧٥

* البجـيرمي في كتـاب (تـحفة الـحبيب على شرح الـخطيب) ١/‏٣٤٠


🔴 فكـل الأئـمة السابقين أشاروا إلى أن الكـلام هو كـلام الـجـاحظ نفسه وهو مَن قال أن الـمرأة من الـحيوانات التي تـحــيض.

وقد ذكر الشيوخ هذا الأمر من باب العلـم فقط لـكي يـخـبروا الناس بـما قاله الـجاحظ ، وليس هذا الأمر من صـميـم الدين الإسلامي وليس له علاقة بالإسلام، ولذلك ورد في كتـاب (عـجـالة الـمحتاج إلى توجيه الـمنـهاج) - الـجزء الأول - هامش صفـحـة ‏١٤٩ ما يلي:

[وفضلًا عن الإنسان يـحـيض من الـحيوان: الأَرْنَبُ وَالضُّبْعُ وَالْـخُفَّاشُ وَالنَّاقَةُ وَالْكَـلْبَةُ وَالأُنْثَى مِنَ الْـخَيْلِ، وليس مـحـلها إلا العلم فـحسب.]

-----------------
ثالثاً:
كـلمة (حيوان) في اللغة العربـية مأخوذة من الـجـذر اللغوي لكـلمة (الـحياة) ، وكـلمة (حيوان) تعني (كل كـائن فيه حياة)، وكـلمة (حيوان) تُطلَق على كل كـائن حي ناطق أو غير ناطق...، ولذلك عندما نـتـصفح (معجم الغني) صفحـة 1917 ، فسنجـده يقول:
[حيوان: هو كـل حي ناطق أو غير ناطق]
تعريف كلمة حيوان


[«الإنسان حيوان ناطق»]


- ويقول العالم اللغوي/ السكـاكي - في كـتاب (مفتاح العلوم) - صفحة 447 ما يلي:
[والـحـاصل في هذه الثلاثة ثـبوت بعضي مثال الأول كـل إنسان حيوان وكل إنسان ناطق يلزم بعض الـحيوان الناطق]
 

[ومن القضايا التي لا تنعكس قولُنا: كل إنسان حيوان، فهذه قضية صادقة.]


[الفصل: ما يتـميز به النوع عن الآخر بذاته ومن الـجـنس والفصل يؤخـذ الـحـد مثال ذلك: حـد الإنسان أنه حيوان ناطق، فقولك: حيوان هو الـجـنس]


[فإنه يقال كـل إنسان حيوان، وليس كل حيوان إنساناً]

[أما التي حـكـم فيـها بضرورة الثبوت؛ فضرورية موجبة، كقولنا: كل إنسان حيوان بالضرورة]


[الْقَضِيَّة الـموجهة الَّتِي يكون مَعْنَاهَا إِمَّا إِيـجَـاب فَقَط كَقَوْلِنَا كل إِنْسَان حَيَوَان بِالضَّرُورَةِ.]

[قد ثَبت أَن الْإِنْسَان حَيَوَان]


[القضية البسيطة: التي حقيقتـها أو معناها إما إيـجـاب فقط نـحـو: كل إنسان حيوان بالضرورة.]

إذن، كلمة (حيوان) في اللغة العربـية تُطلق على الإنسان نظراً لأن فيه الحياة.

وحتى علماء الأحياء اليوم يصنفون الإنسانَ تبع الثديات في مـملكة الـحيوان👇
تصنيف الإنسان

تصنيف الإنسان



وعلى فكرة، حتى الكتـاب الـمقدس الذي يؤمن به الـمسيحيون هو نفسه يقول على البشر أنـهم بأجساد حيوانات...؛ فمثلاً: رسول الـمسيحيـيـن (بولس) يقول في رسالته الأولى إلى أهل كورنـثوس - الأصحاح 15 حيث يقول:

44- يُزرع جسماً حيوانـياً ويُقام جسماً روحانـياً. يوجـد جسم حيواني ويوجـد جسم روحـاني.
45- هكـذا مكتوب أيضاً: «صار آدم، الإنسان الأول، نفسا حية، وآدم الأخـير روحاً مُـحيياً».
46- لكن ليس الروحـاني أولاً بل الـحيواني، وبعد ذلك الروحاني.


فبحسب كلام بولس رسول الـمسيحيين؛ فإن الإنسان خُـلق الآن في جسد حيوان، وبعد القيامة سيتحول إلى جسد آخر!

ولـهذا يفسر القمص/ أنطونيوس فكري - كلام رسوله بولس السابق قائلاً:
[يشير الرسول بولس إلى ما جاء في (تكوين 7:2) ؛ فآدم إذن تراب نفخ الله فيه فصار كيانًا حيًا. فالنفس تعطي الحياة للجسد في الحياة الحاضرة. إذن جسد آدم حيّ بالنفس، وهذا هو الجسم الحيواني أو النفساني الذي تسيطر عليه قوى النفس الـحيوانية.......فإن كان آدم الأول قد وهبنا جسمًا حيوانيًا، أفلا يستطيع المسيح الرب المحيي أن يعطينا الجسد الروحاني.]


ويقول القمص/ تادرس يعقوب ملطي - في تفسيره لكلام بولس ما يلي:
[يُزرع جسمًا حيوانيًا، يشبه الـجسم الـحـيواني من جهة تكوينه كـجسم به عضلات وعظام وأعصاب وأوردة وشرايـيــن إلخ.، لها ذات الوظائف وبه الـجهاز الهضمي الذي يحول الطعام إلى دم والـجـهاز التنفسي إلخ.]


إذن، الكـتاب الـمقدس يعتبر الإنسان كـائناً حيوانياً.

وعلى فكرة، الكتـاب الـمقدس يصف غير الـمسيحيين بأنـهم حيوانات أيضاً؛ فمثلاً:
ورد في رسالة بطرس الثانية (2: 12)  ما يلي:
«أما هؤلاء فكحيوانات غير ناطقة، طبيعية، مولودة للصيد والـهلاك، يفترون على ما يـجهلون، فسيـهلكون في فسادهم»


وورد في رسالة يهوذا (1: 10) ما يلي:
«ولكن هؤلاء يفترون على ما لا يعلمون. وأما ما يفهمونه بالطبيعة، كالـحـيوانات غير الناطقة، ففي ذلك يفسدون.
»


وحتى آباء الكنيسة القدماء كـانوا يعتبرون الـمرأة أسوء من الـحيوانات؛ فمثلاً: قال الباحث اللاهوتي وينريش (Weinrich)(1991: 258) أن أوريـجـانوس وصف النساء بأنـهن "أسوأ من الـحيوانات" بسبب حـالتـهن الدائـمة من الشهـوة.

------------------------

رابعاً:
تعالوا بنا نرد على الشبـهات الـمثارة حول بعض الاقتباسات الـموجـودة في الكتب:

الشبـهة الأولى:
 بالنسبة لـما ذكره ابن حـجر الـهيتمي في كـتاب (تـحفة الـمحتاج) حيث قال:
[وَاَلَّذِي يَـحِيضُ مِنْ الْـحَيَوَانَاتِ أَرْبَعٌ نَظَّمَهَا بَعْضُـهُمْ فِي قَوْلِهِ:
أَرَانِبُ يَحِضْنَ وَالنِّسَاءُ *** ضَبُعٌ وَخُفَّاشٌ لَهَا دَوَاءُ.
وَزِيدَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ أُخْرَى فَصَارَتْ ثَـمَانِيَةً، وَقَدْ نَظَّمَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:
يَـحِيضُ مِنْ ذِي الرُّوحِ ضَبُعٌ مَرْأَةٌ *** وَأَرْنَبٌ وَنَاقَةٌ وَكَـلْبَةٌ
خُفَّاشٌ الْوَزَغَةُ وَالْـحَـجْرُ فَقَدْ *** جَـاءَتْ ثَـمَانِيًا، وَهَذَا الْـمُعْتَمَدْ]


فهذا الكلام السابق ☝ ليس كلام ابن حـجر الـهيتمي نفسه بل ابن حـجر الـهيتمي يــخبرنا أن البعض هم مَن قالوا أبـيات الشعر السابقة، ونـحن لا نعرف مَن هذا الشخص الذي قال هذا الشعر أصلاً، وبالتالي من السخافة أن يزعم أحـد أن هذه المقولة من صميم الإسلام.
ثم إن أبـيات الشعر السابقة تقصد بكلمة (حيوان) : كائناً له روح، ولذلك ذكرت أبـيات الشعر عبارة: (ذي روح).

ونفس الاقتباس السابق قد ذكره محمد الأمين الـهرري في كـتاب (مرشد ذوي الـحـجـا والـحــاجـة إلى سنن ابن ماجه) ، وقد نقله الـهرري بالـحرف من كتـاب ابن حـجر الهيتمي السابق، ولكني قد رددتُ على كـلا الاقتباسين وقلتُ أن الذين قالوا أبـيات الشعر السابقة هم أناس مـجهولون ثم إنـهم كـانوا يقصدون: كـائن ذو روح كمـا هو مذكور في أبـيات الشعر.

-----------------
الشبهة الثانية:
ذكر القسطلاني - في كـتاب (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري) ما يلي:

[الذي يـحيض من الـحيوانات الـمرأة والضبع والـخفاش والأرنب، ويقال إن الكلبة أيضًا كذلك.]
وأما بالنسبة لـما قاله حسن بن علي الفيومي - في كتـاب (فتح القريب الـمجيب على الترغيب والترهيب) حيث يقول:
[الذي يـحيض من الـحيوان أربعة: الـمرأة والضبع والـخـفاش والأرنب، ويُقال: إن الكـلبة أيضًا كذلك،]

وأنا أرد على الاقتباس السابق وأقول: 
الـمخطوطة الأصلية للكـتاب لا يوجد فيـها عبارة [الـحيوان أربعة]، بل هذه الإضافة هي من الـمطبعة نفسـها. ثم إننا إذا أكـملنا الاقتباس السابق، فسنجـد الفيومي يقول في نفس الصفحـة:
[والأرنب حيوان يشبه العناق قصير اليدين طويل الرجـلين عمس الزرافة،  قاله في (حياة الـحيوان)]

فالكـلام عن الـحيوانات الـحائضة منقول من كتـاب الـجـاحظ الـمسمى بـ(حياة الـحيوان) ، ونـحن قلنا من قبل أن الـجـاحظ مبتدع

--------------------
الشبـهة الرابعة:
وأما بالنسبة لـما ذكره خـليل أحمد السـهارنفوري في كتـاب (بذل الـمجهود في حل سنن أبي داود) حيث يقول:
[وتـحيض من الـحيوانات: الـمرأة والضبع والخفاش والأرنب، وُيقال: الكلبة أيضًا، وقيل: الناقة والوزغة أيضًا، كذا في «القسطلاني» (١٢/ ٢٨٤)، واكتفى صاحب «حياة الـحيوان» على الأربعة الأول. [انظر: «حياة الحيوان» (١/ ٢٩)]


وأنا أرد على الاقتباس السابق وأقول: 
الكلام مأخوذ من كـلام الـجـاحظ صاحب كـتاب الـحيوان، والسـهانفوري نفسه أشار إلى أن الاقتباس هو كـلام الـجــاحظ نفسه.

---------------
الشبـهة الـخـامسة:

وأما بالنسبة لـما ذكره الطحطاوي - في (حـاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح) — حيث ذكر ما يلي:
[وجمع بعضهم مَن يـحيض من الـحيوانات وهي عشرة بقوله:
الـحيض يأتي للنساء وتسعة. ... وهي النياق وضبعها والأرنب.
والوزغ الـخفاش حـجرة كلبة. ... والعرس والـحـيات منها تـحسب.
والبعض زاد سـميكة رعاشة. ... فاحفظ ففي حفظ النظائر يرغب.]

وأنا أرد على الاقتباس وأقول:
هذا الكـلام السابق ليس من كلام الطحطاوي نفسه بل من كـلام أناس مـجهولين ، ولذلك يقول الطحطاوي: [وجمع بعضـهم مَن يـحيض من الـحـيوانات]، ونـحن لا نعرف مَن هم هؤلاء البعض.

------------------
الشبـهة السادسة:

ولكن السفاريني لـم يقصد أن علماء الدين والفقه قالوا ذلك بل قصد أن علماء الأحياء هم مَن قالوا ذلك؛ فمعرفة حيض الـحيوانات ليس من الفقه الإسلامي وليس لـه علاقة بالفقه الإسلامي أصلاً.
وإذا أنت نظرت إلى كـلام السفاريني بالكـامل فستـجـده يـتكـلم عن الـحـيوانات ويعطي معلومات حيوية عنها ؛ فمثلاً: هو يقول:
[الْأَرَانِبِ، وَهُوَ حَيَوَانٌ يُشْبِهُ الْعِنَاقَ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ عَكْسُ الزَّرَافَةِ، يَطَأُ الْأَرْضَ عَلَى مُؤَخَّرِ قَوَائِـمِهِ. وَهُوَ اسْمُ جِـنْسٍ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَذَكَرُهَا يُقَالُ لَهُ الْـخُزَزُ ، وَجَمْعُهُ خُزَّانِ كَصُرَدٍ وَصِرْدَانٍ، وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى عِكْرِشَةٌ.
وَالْـخِرْنِقُ وَلَدُ الْأَرْنَبِ، فَهُوَ أَوَّلًا خِرْنِقُ ثُمَّ سَـخْـلَةٌ ثُمَّ أَرْنَبٌ.
وَقَضِيبُ الذَّكَرِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَذَكَرِ الثَّعْلَبِ أَحَـدُ شَطْرَيْهِ عَظْمٌ وَالْآخَرُ عَصَبٌ.
وَرُبَّـمَا رَكِبَتْ الْأُنْثَى الذَّكَرَ عِنْدَ السِّفَادِ لِـمَا فِيـهَا مِنْ الشَّبَقِ، وَتَسْفِدُ وَهِيَ حُبْلَى.
ذُكِرَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْـحَيَوَانِ. وَذُكِرَ أَنَّ الْأَرْنَبَ يَكُونُ عَامًا ذَكَرًا وَعَامًا أُنْثَى، كَذَا قَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَائِدَةٌ): الْأَرْنَبُ تَـحِيضُ وَمِنْ ذَا قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَضَـحِـكُ الْأَرَانِبِ فَوْقَ الصَّفَا ... كَمِثْلِ دَمِ الْـحَرْبِ يَوْمَ اللِّقَا
الَّذِي يَـحِيضُ مِنْ الْـحَيَوَانَاتِ ثَـمَانِيَةٌ
وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ اللَّوَاتِي تَـحِيضُ مِنْ الْـحَيَوَانَاتِ ثَـمَانِيَةٌ: الْـمَرْأَةُ، وَالضَّبُعُ، وَالْـخُفَّاشُ، وَالْأَرْنَبُ، وَالْكَـلْبَةُ، وَالْفَرَسُ، وَالنَّاقَةُ، وَالْوَزَغُ.]

فالسفاريني هنا يقدم معلومات حيوية عن الأرنب، وهذا الـمعلومات ليس لـها علاقة بالفقه الإسلامي، وقد ذكر السفاريني كـلام علماء الأحياء في ذلك.

إذن، كـلام السفاريني السابق ليس له علاقة بالإسلام بل هو من كـلام علماء الأحياء وليس علماء الدين.

-----------------
 الشبـهة السابعة:
وقال ابن العماد الـحنبلي - في كـتاب (شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب) ٩/‏٢١ — ما يلي:
[
عمر بن سراج الدّين عبد اللطيف بن أحمد الـمصري الفيّومي الشافعي.....، ومن شعره فيما يـحيض من الـحيوان الناطق وغيره:
الـمرأة والـخفّاش ثمّ الأرنب ... والضّبع الرّابع ثمّ الـمرآب
وفي كتـاب «الـحيوان» يذكر للـجـاحظ: أنقل عنه ما لا ينكر.]


وقال شمس الدين السخـاوي - في كـتاب (الضوء اللامع لأهل القرن التاسع) — 4/ 324 - ما يلي:
[عبد اللَّطِيف بن أَحْمد السراج الفوي القاهري ثمَّ الْـحـلَبِي الشَّافِعِي
وَله فِيمَن يـحيض:
(الْـمَرْأَة الـخـفاش ثمَّ الأرنب *** والضبع الرَّابِع ثمَّ الراب)
(وَفِي كتـاب الْـحَيَوَان يذكر *** للـجـاحظ انقل عَنهُ مَا لَا يُنكر)]



ولكن الكـلام السابق ليس من كـلام ابن العماد الـحنبلي ولا من كلام شـمس الدين السخـاوي ، ولا من كـلام عبد اللطيف بن أحمد السراج بل من كـلام الـجـاحظ نفسه ، ولذلك إذا أنت دققت في كـلا الاقتباسين السابقين فستجـد عبد اللطيف السراج يقول في نفس بيت الشعر ما يلي:
[وَفِي كتـاب الْـحَيَوَان يذكر *** للـجـاحظ انقل عَنهُ مَا لَا يُنكر]

وأما بالنسبة لـما قاله الفَتَّني في كتـاب (مـجمع بـحـار الأنوار) حيث قال:
[ك: .... ويـحيض من الـحيوان الـمرأة والضبع والـخفاش والأرنب، وقيل: الكـلبة والناقة والوزغة.]

ولكن الكـلام السابق ليس من كلام الفَتَّني نفسه بل هو نقل الكـلام من كتـاب القسطلاني، ولذلك إذا رجعتَ إلى كتـاب الفَتَّني ونظرتَ في هذه الفقرة فستجـد أن الفتني كتب حرف (ك) في بداية الفقرة. وحرف الكـاف هذا يعني أن الفقرة مأخوذة إما من كـتاب الكرماني أو من القسطلاني. والدليل على ذلك هو أنك إذا نظرت في مقدمة الكتـاب فستجـد الـمقدمة تقول:
[ك - للكرماني شرحـه وقد يكون للقسطلاني لاختلاط موادهما]

إذن، هذا ليس كـلام الفَتَّني نفسه بل هو أخـذه من كتـاب القسطلاني.
وأنا أثبتُ منذ قليل أن القسطلاني أخـذ هذه الكـلام من الـجاحـظ؛ فالـجـاحظ الـمبتدع هو صاحب الـمقولة في الأصل.


وأما بالنسبة لـما ذكره تقي الدين الـحصني - في كتـاب (كفاية الأخيار في حـل غاية الاختصار) حيث قال:
[وَالذي يـحيض من الْـحَيَوَان أَرْبَعَة الْـمَرْأَة والضبع والأرنب والـخفاش.]

ولكن الاقتباس السابق مأخوذ من كـلام الـجـاحظ الـمبتدع نفسه كمـا أثبتنا في أول الـمقال.

---------------------------------
الشبـهة التاسعة:

وأما بالنسبة لـما ذكره الدميري في كتـاب (حياة الـحيوان الكبرى) ١/‏٣٧ — حيث قال:
[والأرنب تنام مفتوحة العين، فربـما جاءها القناص، فوجـدها كذلك، فيظنـها مستيقظة.
ويقال إنـها إذا رأت البحر ماتت، ولذا لا توجـد في السواحـل. وهذا لا يصح عندي. وتزعم العرب، في أكاذيـبـها، أن الـجن تـهرب منـها لـموضع حيضـها: قال الشاعر:
وضـحـك الأرانب فوق الصفا ... كمثل دم الـحرب يوم اللقا
فائدة: الذي يـحيض من الـحيوان أربعة: الـمرأة والضبع والـخفاش والأرنب. ويقال: إن الكلبة أيضاً كذلك.]
وأنا أرد على الاقتباس السابق وأقول:
الكلام السابق هو نفس كـلام الـجـاحظ بالضبط، وليس من اخـتراع الدميري نفسه. ثم إننا لا يـمكننا أن نـتأكد من أن الفقرة السابقة ذكرها الدميري بنفسه في كتـابه؛ وذلك نظراً لأن كتـاب الدميري مـحرف وفيه زيادات ليس موجودة في كل النسخ.

يقول الأستاذ الدكتور الشيخ/ إبراهيم بن عبد الله الـمديـهش - في كتـابه (منـهـج الدميري في كتـابه حياة الـحـيوان) صفحة 194 ما يلي: 
[مع تعدُّدِ نشراته، وتَصوِّفِ مُؤلِّفِه، وكثرةِ نُسَخِـهِ، حصل فيه إدخـالاتٌ ليست من الـمؤلِّف.
قال السخـاوي في الضوء اللامع: (وله فيه زيادات لا توجـد في جميع النسخ، وأتوهم أنَّ فيـها ما هُو مدخولٌ لغيره، إن لم تكن جميعُها، لـما فيـها من الـمناكير، وقد جرَّدَها بعضُـهم، بل اختصر الأصلَ التقيُّ الفاسي في سنة ٢٢ ، ونبَّهَ على أشياء مُـهمةٍ، يـحتاجُ الأصلُ إليـها).]

وقال الله تعالى:
﴿فَٱسۡتَجَـابَ لَـهُمۡ رَبُّـهُمۡ أَنِّی لَاۤ أُضِیعُ عَمَلَ عَـامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٍ﴾ [آل عمران ١٩٥]


والذكر والأنثى سواسية أمام الله في العدل يوم القيامة، ولذلك يقول الله تعالى:
﴿وَمَن یَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـالِـحَـاتِ مِن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَدۡخُـلُونَ ٱلۡـجَنَّةَ وَلَا یُظۡلَمُونَ نَقِیراً﴾ [النساء ١٢٤]


__________________
إلى هناك أكون قد فندت الشبـهة بالكـامل
لا تنسوا نشر الـمقال أو نسخـه
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركـاته

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا