مضمون الشبـهة:
منكرو السُنة الكـفار يزعمون أن الـمسلـم العاصي سيدخـل نار جهنم إلى الأبد ولن يـخرج منـها، ويستدل أعداء الإسلام بـبعض النصوص التي سنذكرها لكم ثم سنرد عليـها
أولاً:
استدل منكرو السُنة بـهذه الآية:
﴿وَقَالُوا۟ لَن تَـمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّاۤ أَیَّاماً مَّعۡدُودَةࣰۚ قُلۡ أَتَّـخَـذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡداً فَلَن یُـخۡـلِفَ ٱللَّهُ عَهۡدَهُۥۤ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة ٨٠]
وأنا أرد على منكري السُنة الكـذابين وأقول:
الآية السابقة لا تـتـحـدث عن الـمسلمين بل تـتحـدث عن اليـهود، ولذلك إذا أنت قرأت الآية في سياقها فستجـدها تقول:
﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَـحُوا۟ بَقَرَةࣰ قَالُوۤا۟ أَتَـتَّخِـذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡـجَــاهِلِینَ * قَالُوا۟ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ یُـبَیِّـن لَّنَا مَا هِیَ قَالَ إِنَّهُۥ یَقُولُ إِنَّـهَا بَقَرَةࣱ لَّا فَارِضࣱ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَـیۡـنَ ذَ ٰلِكَ فَٱفۡعَلُوا۟ مَا تُؤۡمَرُونَ * قَالُوا۟ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ یُـبَیِّـن لَّنَا مَا لَوۡنُـهَا قَالَ إِنَّهُۥ یَقُولُ إِنَّـهَا بَقَرَةࣱ صَفۡرَاۤءُ فَاقِعٌ لَّوۡنُـهَا تَسُرُّ ٱلنَّـاظِرِینَ * قَالُوا۟ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ یُـبَـیِّـن لَّنَا مَا هِیَ إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَـابَهَ عَلَیۡنَا وَإِنَّاۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ لَـمُهۡتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُۥ یَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةࣱ لَّا ذَلُولࣱ تُـثِیرُ ٱلۡأَرۡضَ وَلَا تَسۡقِی ٱلۡـحَرۡثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِیَةَ فِیـهَا قَالُوا۟ ٱلۡـَٔـٰنَ جِئۡتَ بِٱلۡـحَقِّ فَذَبَـحُوهَا وَمَا كَـادُوا۟ یَفۡعَلُونَ *وَإِذۡ قَتَلۡتُمۡ نَفۡساً فَٱدَّ ارَ أتُمۡ فِیـهَا وَٱللَّهُ مُـخۡرِجࣱ مَّا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ * فَقُلۡنَا ٱضۡرِبُوهُ بِبَعۡضِـهَا كَذَ ٰلِكَ یُـحۡیِ ٱللَّهُ ٱلۡـمَوۡتَىٰ وَیُرِیكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ * ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَ ٰلِكَ فَهِیَ كَٱلۡـحِـجَـارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَةࣰۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلۡـحِـجَـارَةِ لَـمَا یَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡـهَـارُ وَإِنَّ مِنۡـهَا لَـمَا یَشَّقَّقُ فَیَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡـمَاۤءُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَـمَا یَـهۡبِطُ مِنۡ خَشۡیَةِ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـافِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ۞ أَفَتَطۡمَعُونَ أَن یُؤۡمِنُوا۟ لَكُمۡ وَقَدۡ كَانَ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ یَسۡمَعُونَ كَلَامَ ٱللَّهِ ثُمَّ یُـحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَـلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ قَالُوۤا۟ أَتُـحَـدِّثُونَـهُم بِـمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَیۡكُمۡ لِیُحَاۤجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ * أَوَلَا یَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا یُسِرُّونَ وَمَا یُعۡلِنُونَ * وَمِنۡـهُمۡ أُمِّیُّونَ لَا یَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَـابَ إِلَّاۤ أَمَانِیَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا یَظُنُّونَ * فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ یَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَـابَ بِأَیۡدِیـهِمۡ ثُمَّ یَقُولُونَ هَـٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِیَشۡتَرُوا۟ بِهِۦ ثَـمَناً قَلِیلاً فَوَیۡلࣱ لَّـهُم مِّـمَّا كَتَبَتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّـمَّا یَكۡسِبُونَ * وَقَالُوا۟ لَن تَـمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّاۤ أَیَّاماً مَّعۡدُودَةً قُلۡ أَتَّـخَـذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡداً فَلَن یُـخۡلِفَ ٱللَّهُ عَهۡدَهُۥۤ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾---------
وأما بالنسبة للآية الأخرى التي يستدل بـها النكرانـيـون والتي وردت في سورة آل عمران، وهي كـالتالي:
﴿ذَ ٰلِكَ بِأَنَّـهُمۡ قَالُوا۟ لَن تَـمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّاۤ أَیَّاماً مَّعۡدُودَ اتٍ وَغَرَّهُمۡ فِی دِینِـهِم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ﴾ [آل عمران ٢٤]وأنا أرد على منكري السُنة وأقول:
﴿إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَامُ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـابَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَـهُمۡ وَمَن یَكۡفُرۡ بِـَٔایَـاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡـحِسَابِ * فَإِنۡ حَاۤجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِیَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـابَ وَٱلۡأُمِّیِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡ فَإِنۡ أَسۡلَمُوا۟ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّـمَا عَلَیۡكَ ٱلۡبَلَاغُ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ * إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـاتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ بِغَیۡرِ حَقٍّ وَیَقۡتُلُونَ ٱلَّذِینَ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِیمٍ * أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـالُهُـمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـاصِرِینَ * أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ نَصِیباً مِّنَ ٱلۡكِتَـابِ یُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ كِتَـابِ ٱللَّهِ لِیَحۡـكُمَ بَیۡنَـهُمۡ ثُمَّ یَتَوَلَّىٰ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ وَهُم مُّعۡرِضُونَ * ذَ ٰلِكَ بِأَنَّـهُمۡ قَالُوا۟ لَن تَـمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّاۤ أَیَّاماً مَّعۡدُودَ اتࣲ وَغَرَّهُمۡ فِی دِینِهِم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ * فَكَیفَ إِذَا جَمَعۡنَـاهُمۡ لِیَوۡمٍ لَّا رَیۡبَ فِیهِ وَوُفِّیَتۡ كُلُّ نَفۡسٍ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ﴾ [آل عمران ٢٥]
إذن الآيات السابقة تـتـحـدث عن أهل الكـتاب وكيف أنـهم رفضوا الاحتكـام إلى كـتاب الله، وكـان أهل الكـتاب يقتلون النبـيـيـن.
يستدل منكرو السُنة بالآية التالية:
﴿وَمَن یَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَـالِدِینَ فِیـهَاۤ أَبَدًا ٢٣﴾ [سورة الـجن]
وأنا أرد على منكري السُنة الكـذابـيـن وأقول:
الآية السابقة لا تـتـحـدث عن الـمسلمين بل تـتـحـدث عن الكـفار الذين عصوا الله ورسوله، ولذلك إذا أكمـلنا الآية في سياقها فسنجـدها تقول:
﴿إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَـالَاتِهِۦ وَمَن یَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَـالِدِینَ فِیـهَاۤ أَبَدًا ٢٣ حَتَّىٰۤ إِذَا رَأَوۡا۟ مَا یُوعَدُونَ فَسَیَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ٢٤﴾
فالآية السابقة تـتكـلـم عن الكـفار الذين كـانوا يسخرون من النبي محمد ويظنون أنفسـهم أقوى وأكثر عدداً من النبي محمد، فتوعدهم الله بالعذاب وأنـهم سيكونون الأضعف والأقل وسيكون جند الله من الـملائكة في الآخرة أقوى وأكثر عدداً منـهم. (راجع الاية 35 من سورة سبأ).
وقد تـكلـم الله عن عصيان هؤلاء الكـفار لله ورسله حيث قال الله تعالى:
﴿یَوۡمَىِٕذٍ یَوَدُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَعَصَوُا۟ ٱلرَّسُولَ لَوۡ تُسَوَّىٰ بِـهِمُ ٱلۡأَرۡضُ وَلَا یَكۡتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِیثاً﴾ [النساء ٤٢]
إذن، الآية عندما ذكرت العاصـين لله ولرسوله، فإنـها لـم تقصد الـمسلمين بل قصدت الكـفار الذين لا يؤمنون بالنبي أصلاً.
وتـحـدث الله تعالى عن عصيان اليـهود الكفار فقال:
﴿وَإِذۡ قُلۡتُمۡ یَـا مُوسَىٰ لَن نَّصۡبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَ احِـدٍ فَٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ یُـخۡرِجۡ لَنَا مِـمَّا تُنۢبِتُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۢ بَقۡلِهَا وَقِثَّاۤىِٕـهَا وَفُومِـهَا وَعَدَسِـهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسۡتَبۡدِلُونَ ٱلَّذِی هُوَ أَدۡنَىٰ بِٱلَّذِی هُوَ خَـیۡرٌ ٱهۡبِطُوا۟ مِصۡراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلۡتُمۡ وَضُرِبَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلۡـمَسۡكَنَةُ وَبَاۤءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّـهُمۡ كَانُوا۟ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ بِغَیۡرِ ٱلۡـحَقِّ ذَ ٰلِكَ بِـمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ﴾ [البقرة ٦١]
﴿ضُرِبَتۡ عَلَیۡـهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَیۡنَ مَا ثُقِفُوۤا۟ إِلَّا بِـحَبۡلٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبۡلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَاۤءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتۡ عَلَیۡـهِمُ ٱلۡـمَسۡكَنَةُ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّـهُمۡ كَـانُوا۟ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـاتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلۡأَنۢبِیَاۤءَ بِغَیۡرِ حَقٍّ ذَ ٰلِكَ بِـمَا عَصَوا۟ وَّكَـانُوا۟ یَعۡتَدُونَ﴾ [آل عمران ١١٢]
وتـحـدث الله عن عصيان الكفار من الأمم السابقة فقال:
﴿وَتِلۡكَ عَادٌ جَـحَـدُوا۟ بِـَٔایَـاتِ رَبِّـهِمۡ وَعَصَوۡا۟ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤا۟ أَمۡرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ﴾ [هود ٥٩]
﴿وَجَاۤءَ فِرۡعَوۡنُ وَمَن قَبۡلَهُۥ وَٱلۡـمُؤۡتَفِكَـاتُ بِٱلۡـخَـاطِئَةِ ٩ فَعَصَوۡا۟ رَسُولَ رَبِّـهِمۡ فَأَخَـذَهُمۡ أَخۡـذَةً رَّابِـیَةً ١٠﴾ [الـحـاقة ٦-١١]
إذن، الكـفار هم الـمقصودون في الآيات التي يستدل بـها منكرو السُنة وليس الـمسلمين. وهؤلاء الكفار هم الباقون في النار إلى الأبد وليس الـمسلمين.
--------------------
ثالثاً:
يستدل منكرو السُنة بـهذه الآية:
﴿وَمَن یَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَـتَعَدَّ حُـدُودَهُۥ یُدۡخِـلۡهُ نَارًا خَـالِداً فِیـهَا وَلَهُۥ عَذَابٌ مُّـهِینٌ ١٤﴾ [سورة النساء]
وأنا أرد على منكري السُنة وأقول:
أولاً: الآية السابقة تـتكـلـم عمن يعص الله ورسوله في مسألة الأنصبة والـمواريث التي هي حـدود الله ، ولذلك إذا قرأنا الآية في سياقها فسنجـدها تقول:
﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ یُدۡخِلۡهُ جَنَّـاتٍ تَـجۡرِی مِن تَـحۡتِـهَا ٱلۡأَنۡـهَــارُ خَـالِدِینَ فِیـهَا وَذَ ٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ ١٣ وَمَن یَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَـتَـعَدَّ حُـدُودَهُۥ یُدۡخِـلۡهُ نَارًا خَـالِداً فِیـهَا وَلَهُۥ عَذَابٌ مُّـهِینٌ ١٤﴾ [سورة النساء]ثانياً: الآية السابقة لـم تذكر صراحـةً أن الـمسلـم العاصي سيبقى في النار إلى الأبد، ولـم تذكر الآية كـلمة (أبداً) أصلاً...، ولذلك إذا أنت قارنت بـيـن هذه الآية السابقة وبـيـن الآية الـموجودة في سورة (الـجن 23)، فستلاحـظ أن الآية رقم 23 الـموجودة في سورة الـجن قد ذكرت كـلمة (أبداً) لأنـها تشير إلى العذاب الأبدي الواقع على الكفار. أما هذه الآية رقم 14 الـموجودة في سورة النساء فإنـها لـم تذكر كـلمة (أبداً)؛ نظراً لأنـها لا تـتحـدث صراحـةً عن الكفار.
فالقرآن يـخـبرنا أن الكـافر في عذاب أبدي، ولذلك يستخـدم معه كـلمة (أبداً) ، لكن القرآن لـم يذكر أن الـمسلـم العاصي سيكون في عذاب أبدي ولـم يستخـدمه كـلمة (أبداً) في سياق الـحـديث عن عذاب العاصي الـمسلـم.
وأما بالنسبة لـكـلمة (خـالد)؛ فإن معناها في اللغة العربـية تعني الإقامة الطويلة...، وهذه الإقامة الطويلة قد تكون أبدية أو لا ، وسياق الكـلام هو الذي يـحـدد الـمقصود؛ فمثلاً: عندما يُـسجَن رجـل في السـجن لسنين طويلة، فإنه هكـذا يكون قد خـلد في السجن بالرغم من أن إقامته في السجن ليست أبدية.
وحتى كـلمة (خـوالد) في اللغة العربـية تُطلَق على الـحـجـارة والـجـبال بالرغم من أنـها ليست أبدية.
وفي اللغة العربـية ، يُقال (فلان أخـلد بفلان) أي (لازمه) بالرغم من أن الاثنيـن ليسوا أبديـيـن.
وفي اللغة العـربـية قد تُطلق كـلمة (خـلد/ مُـخـلَّد) على الرجـل الذي أسن ولم يشب بالرغم من أنه ليس أبدياً ولن يعيش للأبد.
وفي اللغة الـعربـية قد تُطلَق عبارة (خـلد ذِكره) على سمعة الرجـل الذي يبقى ذكره على مر الزمن بالرغم من أنه ليس أبدياً.
إذن، كـلمة (خـلد) في اللغة العربـية تعني الإقامة الطويلة ، وقد تكون هذه الإقامة الطويلة أبدية ، أو قد تكون الإقامة طويلة ولكن ليست أبدية. وسياق الكـلام هو الذي يـحـدد مقصود القائل: هل يقصد الأبدية أم لا.
- ولذلك يقول الدكتور/ أحمد مختار عمر - في (معجم اللغة العربـية الـمعاصرة) 1/ 676 ما يلي:
[خـلَدَ/ خـلَدَ إلى/ خـلَدَ بـ/ خـلَدَ في/ خـلَدَ لـ يَـخـلُد، خُـلْدًا وخُـلُودًا، فهو خـالد، والـمفعول مَـخْـلُود إليه• خـلَد فلانٌ: أي كبر في السنّ ولم يَشِبْ، أبطأ عنه الـمشيب وقد طعن في السنّ.
• خـلَد ذِكْرُه: بقى على مرّ الزمن ° خـالد الذِّكْر.
• خـلَد إلى الرَّاحـة/ خـلَد للرَّاحـة: مال وسكن واطمأنّ إليـها، ركن إليـها «خـلَد لـ/ إلى النوم: استلقى على فراشه للنوم».
• خـلَد بالـمكـان/ خـلَد في الـمكـان: أي دام وبقي فيه، أطال الإقامة فيه «خـلَد في السجن- خـلَد في الناس بـمآثره»]
(خـلد) خـلداً وخـلوداً دَامَ وَبَقِي وَيُقَال: خـلد فِي السجْن وَفِي النَّعيم، وَيُقَال: خـلد فلَان أي أسن وَلم يشب، وخـلد بالـمكـان أي أَطَالَ بِهِ الْإِقَامَة.
(أخـلد) فلَان أي أسن وَلم يشب، وأخـلد بالـمكان خـلد بِهِ، وأخـلد بفلان أي لزمَه، وَخـلد إِلَيْهِ أي اطْمَأَن وَسكن. وَفِي حَـدِيث عَليّ يذم الدُّنْيَا (من دَان لَـهَا وأخـلد إِلَيْـهَا). وَأخـلد الشَّيْء أي أبقاه وأدامه
(خـلَّده) أخـلده وَيُقَال خـلَّده فِي السجْن أبقاه فِيهِ.]
- ويقول الأزهري في (تـهذيب اللغة) 7/ 125 ما يلي:
[وخَـلَّدَ الرجُـلُ - إِذا أَسَنَّ وَلم يَشبْ.]
[خـلد- خـلدًا وخـلوداً بالـمكـان وخـلد إليه: أي أقام. وخـلد: أي دام وبقي. وخـلد خـلدًا وخـلودًا: أي اسنَّ وابطأ عنه الشيب، وخـلد إلى كذا: أي سكن واطمأن «والأشـهر أخـلد».
خـلَّده: أي جعله خـالدًا. وخـلَّده فلان بالـمكـان: أي أقام.
والـجـارية: حـلاها بالـخـلدة، وهي مـخـلدة.
أخـلده: جعله خـالدًا. وأخـلد بالـمكان: أي أقام. وأخـلد بصاحبه: أي لزمه. وأخـلد إلى الأرض: سكن إليـها واطمأن. وأخـلد إليه: أي مال.]
[وخَـلَد الرَّجُـلُ خَـلْدًا، وخُـلُودًا؛ وخَـلَّدَ تَـخْـليدًا، إذا أَبْطأ شَيْبُه وأَسَنَّ ولم يَشِبْ؛ مِثْلُ: أَخْـلَد إِخْـلادًا.]
[وخَـلَد بِالْـمَكَـانِ يَـخْـلُد خُـلودا، وأخـلد أَقَامَ، وَهُوَ من ذَلِك، قَالَ زُهَيْر:
لـمن الدِّيارُ غَشيتَـها بالفَرقْد كـالَوحْيِ فِي حَـجَر الـمَسيل الـمُخْـلِدِ
والـمُخَـلَّد من الرِّجَـال: الَّذِي أسن وَلم يَشِبْ، كـأنُه مُـخَـلَّد لذَلِك.
وخَـلَد يَـخْـلِد، ويَـخْـلُد، خَـلْدًا وخُـلودًا: أَبْطَأَ عَنهُ الشَّيْب كَـأَنَّـمَا خُـلق ليَخـلُد.
والـخَوالد: الاثافي فِي موَاضعهَا.
والـخوَالد ك الْـجبَال، وَالْـحِـجَـارَة، وكـل ذَلِك لبقائـها، وَقَوله:
فتاتيك حـذّاءَ مَـحْمُولَة مُقِضُّ خوالدُها الـجَندلاَ
الـخوالد، هَاهُنَا: الْـحِـجَـارَة، وَالْـمعْنَى: القوافي.
وخَـلد إِلَى الأَرْض، وأخـلد: أَقَامَ فِيـهَا، وَمَال إِلَيْـهَا، وَفِي التَّنْزِيل: (ولكنّه أخْـلد إِلَى الأَرْض).]
وأما إذا جـئـنا إلى كـلام واحـد من علماء اللغة العربـية وهو السمين الـحـلبي فسنجـده يقول في كـتابه (عمدة الـحفاظ) ما يلي:
[قوله تعالى: ﴿خـالدين فيـها﴾ [الـحشر: ١٧]. الـخـلد: قيل: هو الـمكث الطويل. وقيل: هو الذي لا نـهاية له. وهو أشبه بقول الـمعتزلة لسابـهم: «عليه تـخـليد أهل الكـبائر»، وقد حققنا هذا في «الأحـكـام» و «التفسير». ولو اقـتضى التأبـيد لـما جـاء مع لفظ الأبد، وأجـابوا عنه بإرادة التأكيد، والأصل عدمه. وأصل الـخـلود تبري الشيء من أعراض الفساد، وبقاؤه على الـحـالة التي هي عليه. والعرب تصف بالـخـلود كـل ما تباطأ تغيره وفساده. وكذلك وصفت الأيام بالـخوالد لطول مكثـها لا لدوام بقائـها. وقال امرؤ القيس: [من الطويل]٤٥٨ - هل يعمن إلا سعيدٌ مـخـلدٌ ... قليل الـهموم ما يبيت بأوجـال]
فالسمين الـحـلبي يشير إلى أن كـلمة (خـلد) قد تعني طول الـمكث وليس شرطاً أن تعني الأبدية. وأيضاً أشار السمين الـحـلبي إلى أن مَن زعموا أن الـخـلد يعني الأبدية هم الـمعتزلة الـمنحرفون.
وقد أشار القرآن الكريم إلى الـخـلد قد لا يعني الأبدية ؛ فمثلاً يقول الله تعالى:
﴿یَوۡمَ یَأۡتِ لَا تَكَـلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦ فَمِنۡهُمۡ شَقِیٌّ وَسَعِیدٌ ١٠٥ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ شَقُوا۟ فَفِی ٱلنَّارِ لَـهُمۡ فِیهَا زَفِیرٌ وَشَـهِیقٌ ١٠٦ خَـالِدِینَ فِیـهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَاۤءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالࣱ لِّـمَا یُرِیدُ ١٠٧﴾ [هود ١٠٤-١٠٧]فالقرآن هنا يـخـبرنا أن الـخـلود أحياناً قد لا يكون أبدياً لبعض العصاة بل هؤلاء العصاة يـخرجون من النار بعد مشيئة الله تعالى.
إذن، كـلمة (خـلد) في اللغة العربـية تعني الإقامة الطويلة ، وقد تكون هذه الإقامة الطويلة أبدية ، وقد تكون الإقامة طويلة بدون أن تكون أبدية. وسياق الكـلام هو الذي يـحـدد مقصود القائل.
والـمسلـم العاصي يـمكث في النار لفترة ثم يـخرج منـها، وليس هناك دليل صريـح على أنه باقٍ فيـها إلى الأبد.
والـخـلاصة هي أن الآيات الواردة في سورة النساء والتي تقول:
﴿تِلۡكَ حُـدُودُ ٱللَّهِ وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ یُدۡخِـلۡهُ جَنَّـاتٍ تَـجۡرِی مِن تَـحۡتِـهَا ٱلۡأَنۡـهَــارُ خَـالِدِینَ فِیـهَا وَذَ ٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ ١٣ وَمَن یَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَـتَـعَدَّ حُـدُودَهُۥ یُدۡخِـلۡهُ نَارًا خَـالِداً فِیـهَا وَلَهُۥ عَذَابٌ مُّـهِینٌ ١٤﴾
هذه الآيات☝ لـم تذكر صراحـةً أن الـمسلـم العاصي في النار إلى الأبد، بل الآية ذكرت فقط كـلمة (خـالد) بدون (أبداً)، وقد شرحتُ معنى (خـالد) منذ قليل.
أما بالنسبة للكفار، فإن الله ذكر أنـهم خـالدون في النار خـلوداً أبدياً، ولذلك يقول الله تعالى:
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَظَلَمُوا۟ لَمۡ یَكُنِ ٱللَّهُ لِیَغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِیَـهۡدِیَـهُمۡ طَرِیقًا ١٦٨ إِلَّا طَرِیقَ جَهَنَّمَ خَـالِدِینَ فِیهَاۤ أَبَداً وَكَانَ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیراً ١٦٩﴾ [سورة النساء]﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلۡكَـافِرِینَ وَأَعَدَّ لَهُمۡ سَعِیرًا ٦٤ خَـالِدِینَ فِیـهَاۤ أَبَداً لَّا یَـجِـدُونَ وَلِیّاً وَلَا نَصِیراً ٦٥ یَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِی ٱلنَّارِ یَقُولُونَ یَـا لَیۡتَنَاۤ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠ ٦٦﴾ [سورة الأحزاب]
ومن دقة النص القرآني أنه عندما تـحـدث عن الكفار فإنه أشار إلى الـخـلود الأبدي في النار من خـلال ذكر كـلمة (أبداً). أما مع الـمسلـم فلم يقل (أبداً).
-------------------
رابعاً:
يستدل منكرو السُنة الكـفار بـهذه الآية:
﴿یُرِیدُونَ أَن یَـخۡرُجُوا۟ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِـخَـارِجِینَ مِنۡـهَا وَلَهُمۡ عَذَابٌ مُّقِیمٌ﴾ [سورة الـمائدة ٣٧]
وأنا أرد على منكري السُنة وأقول:
وكذلك يستدل منكرو السُنة الكـذابـيـن بـهذه الآية التالية:
يستشـهد منكرو السُنة بـهذه الآية:
﴿فَٱلۡیَوۡمَ لَا یُـخۡرَجُونَ مِنۡـهَا وَلَا هُمۡ یُسۡتَعۡتَبُونَ ٣٥﴾ [سورة الـجـاثية]
فإياك أن تـنـخـدع بـهؤلاء الكـافرين بالقرآن والسُنة النبوية.
______________________
إلى هنا ، أكون قد فندت الشبـهة بالكـامل
لا تنسوا نشر الـمقال أو نسـخـه
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركـاته