هل ذكرت قصة زنا النبي داود مع امرأة أوريا الحثي في الكتب والمصادر الإسلامية | الرد على شبهة وكذبة: زنا النبي داود مع امرأة أوريا في الإسلام

الرد على شبهة وكذبة: ذكر قصة زنا داود مع بثشبع امرأة أوريا الحثي في الإسلام * هل الإسلام ذكر قصة زنا النبي داود مع بثشبع * الرد على شبهة زنا داود

مضمون الشبـهة:
يزعم الـمسيحيون الكـذابون أن قصة زنا النبـي داود الواردة في الكتـاب الـمـقدس قد وردت أيضاً في الـمصادر الإسلامية بـحيث يؤمن بـها الـمسلمون، ويستدل الـمسيحيون بعدة روايات سنذكرها لكم ثم سنرد عليـها إن شاء الله تعالى...

---------------------

الرد على هذه الشبـهة السخيفة:

أولاً: 

الروايات التي تـتـحـدث عن قصة داود مع امرأة أوريا هي قصص إسرائيلية تافهة أخـذها أصـحـاب القصص من كتـاب الـيـهود والـمسيحيـيـن، وهي ليست روايات إسلامية ولا هي وردت في القرآن ولا ذكرها النبي محمد ، ولذلك يقول عنـها ابن عطية في كـتابه (الـمحرر الوجـيز) ما يلي:

[وفي كُتُبِ بَنِي إسْرائِيلَ في هَذِهِ القِصَّةِ صُوَرٌ لا تَلِيقُ، وقَدْ حَـدَّثَ بِـها قُصّاصٌ في صَدْرِ هَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ: «مَن حَـدَّثَ بِـما قالَ هَؤُلاءِ القُصّاصُ في أمْرِ داوُدَ عَلَيْهِ السَلامُ جَـلَدْتُهُ حَـدَّيْنِ لِـما ارْتَكَبَ مِن حُرْمَةِ مَن رَفَعَ اللهُ مَـحِـلَّهُ».]


* وعلَّق ابن كثير على قصة داود مع الـمرأة حيث قال ما يلي:

[قَدْ ذَكَرَ الْـمُفَسِّرُونَ هَاهُنَا قِصَّةً أَكْثَرُهَا مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيـهَا عَنِ الْـمَعْصُومِ حَـدِيثٌ يَـجِبُ اتِّبَاعُهُ ، وَلَكِنْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَـاتِمٍ هُنَا حَدِيثًا لَا يَصِحُّ سَنَدُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ - وَيَزِيدُ وَإِنْ كَـانَ مِنَ الصَّالِـحِـينَ، لَكِنَّهُ ضَعِيفُ الْـحَـدِيثِ عِنْدَ الْأَئِـمَّةِ.]

فهنا ☝، ابن كثير يـخـبرنا أنه لا يوجـد حديث صحيح عن النبي يقول أن داود زنا مع امرأة أوريا أو قتل زوجها بل هذه القصة من الإسرائيليات الـمـأخوذة من كتب اليـهود والـمسيحيين.


* وقال القاسمي في كـتابه (مـحـاسن التأويل) ما يلي:

[فَمِمَّنْ ذَهَبَ إلى اَلْأوَّلِ اِبْنُ جَرِيرٍ. فَإنَّهُ قالَ: «هَذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اَلْـخَصْمُ اَلْـمُتَسَوِّرُونَ عَلى داوُدَ مِـحْرابَهُ، وذَلِكَ أنَّ داوُدَ كـانَتْ لَهُ، فِيما قِيلَ، تِسْعٌ وتِسْعُونَ اِمْرَأةً. وكانَتْ لِلرَّجُـلِ اَلَّذِي أغْزاهُ حَتّى قُتِلَ اِمْرَأةٌ واحِدَةٌ. فَلَمّا قُتِلَ نَكَحَ، فِيما ذُكِرَ، داوُدُ اِمْرَأتَهُ، ثُمَّ لَـمّا قَضى لِلْـخَـصْمَيْنِ بِـما قَضى، عَلِمَ أنَّهُ اُبْتُلِيَ. فَسَألَ غُفْرانَ ذَنْـبِهِ وخَرَّ ساجِـدًا لِلَّهِ وأنابَ إلى رِضا رَبِّهِ، وتابَ مِن خَطِيئَتِهِ». هَذا ما قالَهُ اِبْنُ جَرِيرٍ. ثُمَّ أسْنَدَ قِصَّتَهُ مُطَوَّلَةً مِن رِواياتٍ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ والسُّدِّيِّ وعَطاءٍ والـحَسَنِ وقَتادَةَ ووَهْبٍ ومُـجـاهِدٍ، ومِن طَرِيقٍ عَنْ أنَسٍ مَرْفُوعًا. ويُشْبِهُ سِياقُ بَعْضِـها ما ذُكِرَ في اَلتَّوْراةِ اَلْـمُتَداوَلَةِ اَلْآنَ.
قالَ السُّيُوطِيُّ في (اَلْإكْـلِيلِ): اَلْقِصَّةُ اَلَّتِي يَـحْـكُونَـها في شَأْنِ اَلْـمَرْأةِ، وأنَّـها أعْـجَبَتْهُ، وأنَّهُ أرْسَلَ زَوْجَها مَعَ اَلْبَعْثِ حَتّى قُتِلَ، أخْرَجَها اِبْنُ أبِي حاتِمٍ مِن حَدِيثِ أنَسٍ مَرْفُوعًا. وفِي إسْنادِهِ اِبْنُ لَـهِيعَةَ، وحـالُهُ مَعْرُوفٌ، عَنِ اِبْنِ صَخْرٍ عَنْ يَزِيدَ اَلرَّقّاشِيِّ وهو ضَعِيفٌ. وأخْرَجَها مِن حَدِيثِ اِبْنِ عَبّاسٍ مَوْقُوفًا. اِنْتَهى.
أقُولُ: أمّا اَلْـمَرْفُوعُ إلى اَلنَّبِيِّ فِيها، فَلَمْ يَأْتِ مِن طَرِيقٍ صَـحِيحٍ، أمّا اَلْـمَوْقُوفُ مِن ذَلِكَ عَلى اَلصَّحْبِ والأتْباعِ، فَمُعَوِّلُهم في ذَلِكَ ما ذُكِرَ في اَلتَّوْراةِ مِن هَذا اَلنَّبَأِ، أوِ اَلثِّقَةُ بِـمَن حَكى عَنْـها.....
قالَ اِبْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اَللَّهُ: وهو قَوْلُ اَلْكَرامِيَّةِ مِنَ اَلْـمُرْجِئَةِ، واِبْنِ اَلطَّيِّبِ اَلْباقِلّانِيِّ مِنَ اَلْأشْعَرِيَّةِ، ومَنِ اِتَّبَعَهُ، وهو قَوْلُ اَلْيَـهُودِ واَلنَّصارى. ثُمَّ رَدَّ هَذا اَلْقَوْلَ، رَحِمَهُ اَللَّهُ، رَدًّا مَتِينًا.]


فالإمام القاسمي يـخـبرنا أن قصة داود مع الـمرأة مأخوذة أصلاً من كتب الـيهود وهي ليست قصة إسلامية، وليس هناك حـديث صـحيح يؤكدها.


* وقال الشيخ أبو السعود في تفسيره ما يلي:

[وأمّا ما يُذْكَرُ مِن أنَّ دَاودَ دَخَـلَ ذاتَ يَوْمٍ مِـحْرابَهُ، وأغْلَقَ بابَهُ، وجَعَلَ يُصَلِّي ويَقْرَأُ الزَّبُورَ، فَبَيْنَما هو كَذَلِكَ إذْ جـاءَهُ الشَّيْطانُ في صُورَةِ حَمامَةٍ مِن ذَهَبٍ فَمَدَّ يَدَهُ لِيَأْخُذَها لِابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ فَطارَتْ، فامْتَدَّ إلَيْـها فَطارَتْ فَوَقَعَتْ في كُوَّةٍ، فَتَبِعَها فَأبْصَرَ امْرَأةً جَمِيلَةً قَدْ نَقَضَتْ شَعْرَها، فَغَطّى بَدَنَـها. وهي امْرَأةُ أُورِيّا. وهو مِن غَزاةِ البَلْقاءِ، فَكَتَبَ إلى أيُّوبَ بْنِ صُورِيّا، وهو صاحِبُ بَعْثِ البَلْقاءِ أنِ ابْعَثْ بْعَثْ أُورِيًّا، وقَدِّمْهُ عَلى التّابُوتِ. وكانَ مَن يَتَقَدَّمُ عَلى التّابُوتِ لا يَـحِـلُّ لَهُ أنْ يَرْجِعَ حَتّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلى يَدْيِهِ، أوْ يُسْتَشْـهَدَ، فَفَتَحَ اللَّهُ تَعالى عَلى يَدِهِ وسَلِمَ، فَأمَرَ بِرَدِّهِ مَرَّةً أُخْرى، وثالِثَةً حَتّى قُتِلَ، وأتاهُ خَـبَرُ قَتْلِهِ، فَلَمْ يَـحْزَنْ كَـما كـانَ يَـحْـزَنُ عَلى الشُّـهَداءِ، وتَزَوَّجَ امْرَأتَهُ. فَإفْكٌ مُبْتَدَعٌ مَكْرُوهٌ، ومَكْرٌ مُـخْـتَرَعٌ بِئْسَما مَكْرُوهٌ تَـمُجُّـهُ الأسْماعُ، وتَنْفِرُ عَنْهُ الطِّباعُ، ويْلٌ لِـمَنِ ابْتَدَعَهُ وأشاعَهُ، وتَبًّا لِـمَنِ اخْـتَرَعَهُ وأذاعَهُ.]


فهنا☝، الشيخ أبو السعود ينكر هذه القصة ويعتبرها من الأكـاذيب الـمخـترعة الـمبتدعة.


* وقال البيضاوي في تفسيره معلقاً على هذه الـقصة:

[وما قِيلَ إنَّهُ أرْسَلَ أُورِيا إلى الـجِهادِ مِرارًا وأمَرَ أنْ يُقَدَّمَ حَتّى قُتِلَ فَتَزَوَّجَها هُزْءٌ وافْتِراءٌ، ولِذَلِكَ قالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَن حَدَّثَ بِـحَـدِيثِ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى ما يَرْوِيهِ القَصّاصُ جَلَدْتُهُ مِائَةً وسِتِّينَ».]


* وقال الإيـجـي في (جـامع البـيان) معلقاً على قصة داود مع الـمرأة قائلاً:

[وقصته أن عين داود وقعت على امرأة رجل فأعـجبـها، فسأله النزول عنـها، فذنبه مـجرد أنه الـتمس النزول عن امرأته، وعن بعضهم أن ذنبه أن زوجها قُتل في بعض الغزوات، فلـم يغتم داود اغتمامه بالشـهداء، فتزوج امرأته، وما يذكره القصاص ليس له أصل يعتمد عليه]


إذن☝، قصة داود مع امرأة أوريا هي قصة ليس لـها أصل إسلامي.


* وقال ابن العربي في كـتاب «أحـكام القرآن» ٤/ ١٦٣٦ ما يلي:

[وأما قولـهم: إنـها لـما أعـجبته أمر بتقديم زوجها للقتل في سبـيل الله. فهذا باطل قطعًا، فإن داود لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه.]


فقصة زنا داود مع بثشبع امرأة أوريا الـحثي هي قصة باطلة ولـم تُذكر في القرآن أو السُنة النبوية الـصحيحة. وكـل الروايات التي ذكرت قصة داود مع بثشبع هي روايات ضعيفة الإسناد وقد رواها رواة غير موثوقين أصلاً.
------------------------

والآن ، تعالوا بنا نعرض لـكم الروايات الضعيفة الـمكـذوبة التي يستشـهد بـها أعداء الإسلام ثم نرد عليـها

أولاً:

في تفسير الطبري، هناك رواية ضعيفة جـداً تقول:
[حـدثنا محمد بن الحسين، قال: حـدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حـدثنا أسباط، عن السديّ، في قوله ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْـخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْـمِحْرَابَ﴾ قال: كـان داود قد قسم الدهر ثلاثة أيام: يوم يقضي فيه بين الناس، ويوم يـخـلو فيه لعبادة ربه، ويوم يـخـلو فيه لنسائه؛ وكان له تسع وتسعون امرأة، وكـان فيما يقرأ من الكتب أنه كان يجد فيه فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب؛ فلما وجد ذلك فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب إن الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتـهم، وافعل بي مثل ما فعلت بـهم، قال: فأوحى الله إليه: إن آباءك ابتُلوا ببلايا لم تُبتل بها؛ ابتُلي إبراهيم بذبح ابنه، وابتُلي إسحاق بذهاب بصره، وابتُلي يعقوب بـحزنه على يوسف، وإنك لم تُبتل من ذلك بشيء، قال: يا رب ابتلني بـمثل ما ابتُليتـهم به، وأعطني مثل ما أعطيتـهم؛ قال. فأوحي إليه: إنك مبتلى فاحـترس؛ قال: فمكث بعد ذلك ما شاء الله أن يـمكث، إذ جـاءه الشيطان قد تـمثّل في صورة حمامة من ذهب، حتى وقع عند رجـليه وهو قائم يصلي، فمد يده ليأخـذه، فتنحى فتبعه، فتباعد حتى وقع في كوّة، فذهب ليأخـذه، فطار من الكوّة، فنظر أين يقع، فيبعث في أثره. قال: فأبصر امرأة تغتسل على سطح لـها، فرأى امرأة من أجمل الناس خَـلْقا، فـحـانت منـها التفاتة فأبصرته، فألقت شعرها فاستترت به، قال: فزاده ذلك فيـها رغبة، قال: فسأل عنـها، فأخـبر أن لـها زوجـا، وأن زوجها غائب بـمسلحـة كذا وكذا؛ قال: فبعث إلى صاحب الـمسلحة أن يبعث أهريا إلى عدوّ كذا وكذا، قال: فبعثه، ففتح له. قال: وكتب إليه بذلك، قال: فكتب إليه أيضاً: أن ابعثه إلى عدوّ كذا وكذا، أشد منهم بأساً، قال: فبعثا ففتح له أيضاً. قال: فكتب إلى داود بذلك، قال: فكتب إليه أن ابعثه إلى عدوّ كذا وكذا، فبعثه فقُتل الـمرة الثالثة، قال: وتزوج امرأته.
قال: فلما دخـلت عليه، قال: لم تلبث عنده إلا يسيراً حتى بعث الله مَلَكين في صور إنسيين، فطلبا أن يدخـلا عليه، فوجـداه في يوم عبادته، فمنعهما الـحرس أن يدخلا فتسوّروا عليه الـمحراب، قالا فما شعر وهو يصلي إذ هو بـهما بين يديه جالسين، قال: ففزع منـهما، فقالا ﴿لا تَـخَفْ﴾ إنـما نـحن ﴿خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ﴾ يقول: لا تـحف ﴿وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾ : إلى عدل القضاء. قال: فقال: قصّا عليّ قصّتكـما، قال: فقال أحـدهما: ﴿إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَـةً وَلِيَ نَعْجَـةٌ وَاحِدَةٌ﴾ فهو يريد أن يأخذ نعجتي، فيكـمل بها نعاجه مئة. قال: فقال للآخر: ما تقول؟ فقال: إن لي تسعا وتسعين نعـجـة، ولأخي هذا نعجة واحدة، فأنا أريد أن آخذها منه، فأكمل بها نعاجي مئة، قال: وهو كاره؟ قال: وهو كـاره، قال: وهو كـاره؟ قال: إذن لا ندعك وذاك، قال: ما أنت على ذلك بقادر، قال: فإن ذهبت تروم ذلك أو تريد، ضربنا منك هذا هذا وهذا، وفسر أسباط طرف الأنف، وأصل الأنف والجبـهة؛ قال: يا داود أنت أحق أن يُضرب منك هذا وهذا وهذا، حيث لك تسع وتسعون نعجة امرأة، ولم يكن لأهريا إلا امرأة واحدة، فلم تزل به تعرضه للقتل حتى قتلته، وتزوجت امرأته. قال: فنظر فلم ير شيئاً، فعرف ما قد وقع فيه، وما قد ابتُلي به. قال: فـخر ساجداً، قال: فبكى. قال: فمكث يبكي ساجداً أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لـحـاجة منها، ثم يقع ساجـداً يبكي، ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه. قال: فأوحى الله إليه بعد أربعين يوماً: يا داود ارفع رأسك، فقد غفرت لك، فقال: يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حـكم عدل لا تـحيف في القضاء، إذا جـاءك أهريا يوم القيامة آخذا رأسه بـيـمينه أو بشماله تشخب أوداجه دماً فى قبل عرشك يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني؟ قال: فأوحى إليه: إذا كان ذلك دعوت أهريا فأستوهبك منه، فيـهبك لي، فأثيبه بذلك الـجنة، قال: رب الآن علمت أنك قد غفرت لي، قال: فما استطاع أن يـملأ عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض ﷺ.]


ولكن القصة السابقة ☝هي قصة مـكـذوبة وهي ليست من القرآن أصلاً، والقرآن لـم يذكر هذه القصة الـخرافية أصلاً بل كـل ما ذكره القرآن هو قصة الرجـلين الذين تسورا الـمحراب واحتكموا إلى داود بشأن النعاج، ولـم يذكر القرآن أي شيء عن قصة الـمرأة التي تستحم ولا عن زوجها الـمقتول.

وأيضاً النبي محمد لـم يذكر أي شيء عن قصة داود مع الـمرأة التي تستحم.

وأما بالنسبة للرواية السابقة، فهي من كـلام السُدي الكبير نفسه، وليست من كـلام النبي ، والنبي محمد لـم يُذكَر في سند هذه الرواية؛ أي أن هذا الكـلام ليس كلام النبي محمد بل هو كـلام السُدي الكبير نفسه.

واعلـم أن السُدي لـم يكن صـحـابـياً بل كـان شيعياً رافضياً يشتم الشيخـيـن أبا بكر وعمر. وقصة داود مع الـمرأة قد نقلها السُدي من الإسرائيليات الـخرافية. 

وإذا كنت تريد أن تعرف رأي علماء الإسلام حول السُدي الكبير ، فاعلم أنه رجـل مُـختَلف فيه؛ فقد ضعَّفه معظم علماء الـحـديث، ولـم يوثقه سوى الأقلية. وسأذكر هذا الأمر بعد قليل.

★ وأما الراوي/ أسباط بن نصر ، فإن له الكثير من الأخطاء بـحسب علماء الـجرح والتعديل.

★ وأما الراوي/ أحمد بن الـمفضَّل، فإن حفظه فيه بعض السوء.


وإليك آراء العلماء في السُدي الكبير الذي روى هذه القصة الـخرافية عن داود:

- قال أبو جعفر العقيلي عنه: 

[ضعيف وكـان يتناول الشيخـين]


- وقال أبو حـاتم الرازي عنه: 

[يكتب حـديثه ولا يـُحتج به]


- وقال أبو زرعة الرازي عنه: لين؛ أي أنه ضعيف لا يضبط حـديثه جيداً

- وقال إبراهيم بن يعقوب الـجـوزجـاني عنه: [كذاب شتام]

- وقال ابن حـجر العسقلاني عنه: 

[له أوهام، ورُمي بالتشيع]


- وقال الـحسين بن واقد الـمروزي عنه:

 [يشتم أبا بكر وعمر]


- وقال زكريا بن يـحيى الساجي عنه: 

[فيه نظر]


- وقال عامر بن شراحيل الشعبي عنه:

[أعطي حظاً من الـجهل بالقرآن]


- وقال عنه عبد الرحمن بن مـهدي أنه ضعيف


- وقال ليث بن أبي سليم عنه: 

[كان بالكوفة كذابان فمات أحـدهما السدي والكلبي]


- وقال محمد بن جرير الطبري عنه:

 [لا يـُحتج بـحـديثه]


- وقال معتمر بن سليمان الرقي عنه: 

[إن بالكوفة كذابـيـن: الكـلبي والسدي]


- وقال يـحيى بن معيـن : 

[ في حـديثه ضعف...، متقارب في الضعف مع إبراهيم بن الـمهاجر.....]

 

وحتى أحمد بن حنبل كـان يستحسن أحـاديث السُدي الكبير ، ولكنه رفض روايات أسباط عن السدي وقال: (( ما أدري ما ذاك)) 

(راجع كتـاب الضعفاء الكبير للعقيلي ١/ ٢٤٥ - ٢٤٦).


ولـهـذا أنا شـخصياً لا أستريـح في هذا الشيعي الرافضي الـملقَب بالسُدي الكبير. 


★ وأما الراوي/ أسباط، فقد ضعَّفه غالبية علماء الـجرح والتعديل؛ فمثلاً:

- قال أبو زرعة الرازي عنه: 

[لا بأس به في نفسه، أما حـديثه فيُعرف ويُنكر]


- وقال أبو نعيم الأصبـهاني عنه:

[كان يقلب الـحـديث]


- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين عنه:

[ أحـاديثه عامته سقط مقلوب الأسانيد]


- وقال أحمد بن حنبل عنه: 

[ما أدري، كـأنه ضعفه]


- وقال أحمد بن شعيب النسائي عنه: 

[ليس بالقوي]


- وقال ابن حـجر العسقلاني : 

[صدوق كثير الـخطأ يغرب]


- وقال زكريا بن يـحيى الساجي عنه: 

[روي أحـاديث لا يتابع عليها عن سماك بن حرب]


فمعظم العلماء قالوا عنه أنه كثير الـخطأ.


★ وأما الراوي/ أحمد بن الـمفضل، فقد قال عنه أبو الفتح الأزدي أنه منكر الـحـديث. وقال عنه ابن حـجر العسقلاني أنه صادق ولكن يـخطيء في نقل الـحـديث نظراً لضعف ذاكرته وعدم ضبطه الـجيد، وحـديثه يُكتَب للاعتبار وليس للاحتجـاج. مع العلم أن هذا الراوي كـان من رؤساء الشيعة في زمانه.


إذن الرواة الثلاثة الذين نقلوا الرواية هم رواة مُـختلَف فيـهم، وقد ضعَّفهم كثير من أهل العلم، وثبت أن لديـهم أخطاء في نقل الـحـديث، وبالتالي هذه الرواية ليست صـحيحـة مطلقاً وهي ليست بـحـجة علينا.

والذي روى هذه الرواية هو السُدي الكبير وهو ليس صـحـابـياً ولـم يقابل النبي محمد ولـم يسمع منه. وكـذلك السدي الكبير لـم يعاصر زمن النبي داود ولـم يسمع منه أي شيء بل نقل هذه القصة الـخرافية من الكتـاب الـمقدس الذي يؤمن به اليـهود والـنصارى.

وعلى فكرة، حتى الطبري الذي ذكر هذه الرواية في تفسيره، فإنه شـخصياً لـم يكن يؤمن بروايات السدي أصلاً بل كـان فقط يوردها على سبيل الاستـئـناس وليس الاحتجـاج.

وحتى لو افترضنا أن الرواية السابقة صـحيحة الإسناد فإن الرواية لا تـتضمن أن داود زنا مع الـمرأة التي تستحم بل ورد في الرواية أنه تزوجها بعد أن مات زوجها.


-------------------

أما الرواية الثانـية فهي ضعيفة وهي كـالتالي:

[حـدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن مطر، عن الـحسن: إن داود جَزَّأ الدهر أربعة أجزاء: يوماً لنسائه، ويوماً لعبادته، ويوماً لقضاء بني إسرائيل، ويوماً لبني إسرائيل يذاكرهم ويذاكرونه، ويبكيـهم ويبكونه؛ فلما كان يوم بني إسرائيل قال: ذكِّروا فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنباً؟ فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ذلك؛ فلما كـان يوم عبادته، أغلق أبوابه، وأمر أن لا يدخـل عليه أحد، وأكب على التوراة؛ فبينما هو يقرؤها، فإذا حمامة من ذهب فيـها من كل لون حسن، قد وقعت بين يديه، فأهوى إليـها ليأخـذها، قال: فطارت، فوقعت غير بعيد، من غير أن تُؤيسه من نفسـها، قال: فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل، فأعـجبه خَلْقها وحُسنـها؛ قال: فلما رأت ظله في الأرض، جـللت نفسـها بشعرها، فزاده ذلك أيضاً إعـجـابا بـها، وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه، فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا، مكان إذا سار إليه لم يرجع، قال: ففعل، فأصيب فـخطبـها فـتزوجها. قال: وقال قتادة: بلغنا إنـها أم سليمان، قال: فبينما هو في الـمحراب، إذ تسور الـملكان عليه، وكـان الـخصمان إذا أتوه يأتونه من بان المحراب، ففزع منهم حين تسوروا المحراب، فقالوا: ﴿لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾ .. حتى بلغ ﴿وَلا تُشْطِطْ﴾ : أي لا تـمل ﴿وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾ : أي أعدله وخـيره ﴿إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾ وكان لداود تسع وتسعون امرأة ﴿وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ قال: وإنـما كان للرجـل امرأة واحـدة ﴿فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ أي: ظلمني وقهرني، فقال: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ﴾ .. إلى قوله ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ﴾ فعلم داود أنما صمد له: أي عنى به ذلك ﴿وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ قال: وكان في حـديث مطر، أنه سجد أربعين ليلة، حتى أوحى الله إليه: إني قد غمرت لك، قال: رب وكيف تغفر لي وأنت حكم عدل، لا تظلم أحـداً؟ قال: إني أقضيك له، ثم أستوهبه دمك أو ذنبك، ثم أثيبه حتى يرضى، قال: الآن طابت نفسي، وعلمت أنك قد غفرت لي.]


ولكن الرواية السابقة ليست من القرآن وليست من كـلام النبي محمد.

ثم إن الرواية السابقة ضعيفة أصلاً؛ فالذي رواها هو مطر الوراق وهو كـان رجـلاً صالـح صادقاً لكنه كـان سيء الـحفظ ويغلط في نقل الـحـديث كمـا قال غالبية علماء الـحـديث:

وإليك آراء العلماء حـول هذا الراوي:

قال عنه أبو حـاتم بن حبان البستي:
[كـان ردئ الـحـفظ على صلاح فيه.]

قال عنه أبو دواد السجستاني:
[ليس بـحـجـة، لا يُقطع به في حـديث إذا اختلف]

وورد عن أبي زرعة الرازي أنه ذكر صلاحـه ولكن ليَّنه في الـحـديث؛ أي أن هذا الراوي لا يضبط حـديثه جـيداً .

وقال عنه أحمد بن حنبل:
[ضعيف الـحـديث في عطاء]

وقال عنه أحمد بن شعيب النسائي:
[ليس بالقوي]

وقال عنه ابن حـجر العسقلاني:
[صدوق كثير الـخطأ، وحـديثه عن عطاء ضعيف.]

وقال عنه الدارقطني:
[ليس بالقوي]

زكريا بن يحيى الساجي:
[صدوق له أوهام]

وقال عنه عثمان بن دحية السبتي:
[لا يساوى دستجـة]

وقال عنه علي بن الـمديني:
[كان صالـحـاً وسطاً، ولم يكن بالقوي.]

وقال عنه محمد بن إسماعيل البخـاري:
[منكر الـحـديث]

وقال عنه محمد بن سعد كـاتب الواقدي:
[فيه ضعف في الـحـديث]

وقال عنه يـحيـى بن سعيد القطان:
[كـان يضعف حـديثه عن عطاء، وكان يشبه حـديـثه بابن أبي ليـلى في سوء الـحفظ]

وقال عنه يـحيى بن معين:
[صالـح ولكنه ضعيف في حـديث عطاء]

أما أبو جعفر العقيلي فقد ذكر له حـديثاً وقال: [لا يُتابع عليه بـهذا الإسناد]

قال عنه أبو أحمد بن عدي الـجرجـاني:
 [مع ضعفه يـُجمع حـديثه ويُكتب]

و بـحسب كتـاب (تفسير ألفاظ الـجـرح والتعديل بكـلام الـمتقدمين) 1/1 ، فإن مصطلح (يُكتب حـديـثه) عند ابن عدي الـجـرجـاني يعني أن الراوي من جـملة الضعفاء، ولكن يُكتب حـديثه للاعتبار به في الشواهد والـمتابعات لكن لا يُـحتج به إذا انفرد؛ أي أن هذا النوع من الرواة نقبل رواياتـهم في حـالة واحـدة فقط وهي عندما يكون هناك روايات من رواة آخرين تثبت كـلامـهم، ولكن ههذ الرواية ليس لـها أي طرق أخرى صـحـيحة تدعمها.

وحـتى عندما قال أبو حـاتم الرازي عن الراوي مطر الوراق أنه صالـح الـحـديث؛ فإن هذا الكـلام لا يعني أن روايـته مقبولة كمـا يظن العوام الذين لا يعلمون مصطلحـات الـجرح والتعديل، بل مصطلح (صالـح الـحديث) عند أبي حـاتم يعني أن الراوي لا يُقبل حـديثه منفرداً بل يـجب أن يكون هناك شواهد ومتابعات لكي تؤكد كـلامه أولاً، ولذلك تُقبل رواية هذا النوع من الرواة من أجل الاعتبار وليس الاحتجاج. وهذه النقطة قد أشار إليها ابن أبي حـاتم في الـجزء الأول من كـتابه (الـجرح والتعديل).


ولذلك قال مصنفو تـحرير تقريب التـهذيب عن الراوي مطر الوراق أنه: ضعيف يُعتبر به في حـالة الـمتابعات والشواهد فقط.


وقال محمد بن مبارك حـكيمي - في كـتاب (العتيق مصنف جـامع لفتاوى أصـحـاب النبي) ٣٠/‏٤٨٢ — ما يلي:
[مطر الوراق ضعيف.]

 

وإذا نظرت مرةً أخرى إلى سند الرواية فسـتجـد أن فيـها الراوي/ سعيد بن بشير الأزدي ، وهو كـان صادقاً لكنه سيء الـحفظ ويغلط في نقل الأحـاديث ، ولذلك ضعَّفه غالبية علماء الـحـديث، فمثلاً:

قال عنه أبو أحمد الـحـاكم:
[ليس بالقوي عندهم]

وقال عنه أبو أحمد بن عدي الـجرجـاني:
[يـهم في الشيء بعد الشيء ويغلط]

وقال البزار في موضع:
[لا يُـحتجُّ بـما انفردَ بِهِ.]

وقال عنه أبو بكر البيـهقي أنه ضعيف

وقال عنه أبو حـاتم الرازي:
[مـحـله الصدق، يُكتَب حـديثه ولا يـُحتَج به]

وقال عنه أبو حـاتم بن حبان البستي:
[رديء الـحفظ فاحش الـخطأ يروي عن قتادة ما لا يُتابع عليه وعن عمرو بن دينار ما ليس يُعرَف من حـديثه]

وقال عنه أبو دواد السجستاني أنه ضعيف

وقال عنه أبو زرعة الرازي:
[مـحـله الصدق، يُكتب حـديثه ولا يـُحتج به]

وقال عنه أبو مسـهر الغساني:
[لـم يكن في جندنا أحفظ منه وهو ضعيف منكر الـحـديث]

وقد ضعَّفه أحمد بن حنبل

وقال عنه أحمد بن شعيب النسائي أنه ضعيف

وقال عنه ابن حـجر العسقلاني أنه ضعيف

وقال عنه الدارقطني:
[ليس بالقوي في الـحـديث]


وقال عنه زكريا بن يـحيـى الساجي:
[حـدث عن قتادة بـمناكير]

وقال عنه سعيد بن عبد العزيز التنوخي : 
[خـذ عنه التفسير ودع ما سوى ذلك فإنه كـان حـاطب ليل، ، وقد تكـلـم فيه الناس]

وقال عنه عبد الأعلى بن مسـهر الغساني:
[ضعيف منكر الـحـديث]

وقد كـان عبد الرحمن بن مـهدي قد حـدَّث عنه ثم تركه، وكـذلك عمرو بن علي الفلاس كـان يُـحـدِّث عنه ثم تركه.

وقال عنه علي بن الـمديـني:
[كـان ضعيفاً]

وقال عنه محمد بن إسماعيل البخـاري:
[يـتكـلمون في حفظه]

وقال عنه محمد بن سعد كـاتب الواقدي أنه قدري

وقال عنه محمد بن عبد الله بن نـمير:
[منكر الـحـديث ليس بشيء ليس بقوي الـحـديث]

وقال عنه يـحيى بن معين:
[ضعيف ، ليس بشيء، ضعيف، وعنده أحـاديث غرائب]


وإذا أنت نظرت في سند القصة فلن تـجـد أي ذكر لاسم النبي محمد في القصة، وهذا يدل بكل تأكيد على أن الـحسن البصري لـم يأخـذ هذه القصة الـخرافية من النبي محمد.


ثم إن متن الرواية يوجـد به عبارة: [قال قتادة: بلغنا كذا وكذا]، وهذا يطعن في مصداقية هذه الرواية أصلاً؛ لأن الراوي الذي نسب هذه الرواية لقتادة هو سعيد بن بشير الأزدي، ولكن مشكلة هذا الراوي تـكمن في أنه ينسب إلى قتادة مناكير وأشياء باطلة ، وهذا ما أشار إليه الإمام زكريا بن يـحيـى الساجي منذ قليل. ثم إن قتادة نفسه مدلس ولا تُقبل عنعناته أو مراسيله وبلاغاته.

ثم إن القصة السابقة لـم تقل أن داود زنا مع الـمرأة التي تستحم بل ذكرت أن داود خطبـها وتزوجها.  


----------------------------

وقد وردت رواية أخـرى ضعيفة وهي كـالتالي:
[حـدثنا ابن حميد، قال: حـدثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه اليـماني، قال: لـما اجتمعت بنو إسرائيل، على داود، أنزل الله عليه الزبور، وعلمه صنعة الـحـديد، فألانه له، وأمر الـجبال والطير أن يسبِّحن معه إذا سبح، ولم يعط الله فيما يذكرون أحـداً من خـلقه مثل صوته، كان إذا قرأ الزبور فيما يذكرون، تدنو له الوحوش حتى يأخـذ بأعناقها، وإنـها لـمصيخة تسمع لصوته، وما صنعت الشياطين الـمزامير والبرابط والصنوج، إلا على أصناف صوته، وكان شديد الاجتـهاد دائب العبادة، فأقام في بني إسرائيل يـحـكم فيهم بأمر الله نبياً مستخـلفاً، وكان شديد الاجتهاد من الأنبياء، كثير البكـاء، ثم عرض من فتنة تلك الـمرأة ما عرض له، وكـان له مـحراب يـتوحَّـد فيه لتلاوة الزبور، ولصلاته إذا صلى، وكان أسفل منه جنينة لرجـل من بني إسرائيل، كان عند ذلك الرجـل الـمرأة التي أصاب داود فيـها ما أصابه]


ولكن الرواية السابقة ليس صـحـيحة بل هي رواية ضعيفة؛ فالذي روها هو مـحمـد بن إسحـاق ، وهو مدلس ولا يُقبل حـديثه إلا صرَّح بالسماع.
ويوجـد في السند رواة آخرون مـجهولون، وقد لقَّبـهم محمد بن إسـحـاق بـ(أهل العلم)، ولكننا لا نعرف مَن هم هؤلاء الأشـخـاص، وهل هم سمعوا هذا الكـلام فعلاً من وهب بن منبه أم لا.
وعلى فكرة، محمد بن إسحـاق كـان يسمى أهل الكـتاب بأهل العلم أيضاً.

ثم إن الرواية يـوجـد في سندها: ابن حـميد وهو منكَر الـحـديث.
ثم إن هذه الرواية لـم تُذكر في القرآن، ولـم يقلها النبي بل هي تُنسَب إلى وهب بن منبه، ووهب بن منبه كـان أخبارياً يروي قصص الاسرائيليات.

وفي كـتاب (شرح لـمعة الاعتقاد 7/ 5) سـنجـد الأستاذ الدكتور الشيخ/ عبد الرحمن بن صالـح الـمحمود  - قد علَّق على إحـدى قصص وهب بن منبه فقال:
[هذا الأثر إسرائـيـلي ضعيف لا يؤخـذ به، رواه وهب بن منبه، ووهب بن منبه معروف بالروايات الإسرائيلية،....... ، إذن: هذا الأثر رواه وهب بن منبه، فهو أثر إسرائيلي، وعلى هذا فلا يعتد به، لـهذا فالأولى بـمثل هذا الأثر أن يطرح ولا يؤخـذ به.]


وورد في كـتاب (الـمطالب العالية مـحـققاً) 3/ 760 تعليق على قصة من ضـمن الإسرائيليات كـالتالي:
[الأثر بـهذا الإسناد فيه من لـم يُسَم، وهم بعض أهل العلم ويشبه أن يكون من أخبار بني إسرائيل، أخـذه أبو عبد الرزاق عن شيخـه وهب بن منبه، وإنه عالم بأخبار بني إسرائيل.]



----------------------------
ووردت رواية أخرى ضعيفة بنفس الإسناد كـالتالي:
[حـدثنا ابن حميد، قال: حـدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه، أن داود حـين دخـل مـحرابه ذلك اليوم، قال: لا يدخـلن عليّ مـحرابي اليوم أحد حتى الليل، ولا يشغلني شيء عما خلوت له حتى أمسي؛ ودخـل مـحرابه، ونشر زبوره يقرؤه وفي الـمحراب كوّة تطلعه على تلك الـجنينة، فبينا هو جـالس يقرأ زبور، إذ أقبلت حمامة من ذهب حتى وقعت في الكوّة، فرفع رأسه فرآها، فأعـجبته، ثم ذكر ما كان قال: لا يشغله شيء عما دخـل له، فنكَّس رأسه وأقبل على زَبوره، فتصوبت الـحـمامة للبلاء والاختبار من الكوّة، فوقعت بين يديه، فتناولها بـيده، فاستأخرت غير بعيد، فاتبعها، فنـهضت إلى الكوّة، فتناولها في الكوّة، فتصوبت إلى الـجنينة، فأتبعها بصره أين تقع، فإذا الـمرأة جـالسة تغتسل بـهيئة الله أعلم بـها في الـجمال والـحُسن والـخَلْق؛ فيزعمون أنـها لـما رأته نقضت رأسـها فوارت به جسدها منه، واختطفت قلبه، ورجع إلى زَبوره ومـجـلسه، وهي من شأنه لا يفارق قلبه ذكرها. وتـمادى به البلاء حتى أغزى زوجها، ثم أمر صاحب جـيشه فيما يزعم أهل الكـتاب أن يقدم زوجها للمهالك حتى أصابه بعض ما أراد به من الهلاك، ولداود تسع وتسعون امرأة؛ فلما أصيب زوجها خطبـها داود، فنكحها، فبعث الله إليه وهو في مـحرابه ملَكين يـختصمان إليه، مثلا يضربه له ولصاحبه، فلم يرع داود إلا بـهما واقفين على رأسه في مـحرابه، ففال: ما أدخلكمـا عليّ؟ قالا لا تـخف لم ندخـل لبأس ولا لريـبة ﴿خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾ فجئناك لتقضي بيننا ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾ : أي احملنا على الـحقّ، ولا تـخـالف بنا إلى غيره؛ قال الـملك الذي يتكـلم عن أوريا بن حنانيا زوج الـمرأة: ﴿إِنَّ هَذَا أَخِي﴾ أي على ديني ﴿لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا﴾ أي احملني عليها، ثم عزّني في الـخطاب: أي قهرني في الخطاب، وكان أقوى مني هو وأعزّ، فحاز نعجتي إلى نعاجه وتركني لا شيء لي؛ فغضب داود، فنظر إلى خصمه الذي لم يتكلم، فقال: لئن كـان صدقني ما يقول، لأضربن بين عينيك بالفأس! ثم ارعوى داود، فعرف أنه هو الذي يراد بـما صنع في امرأة أوريا، فوقع ساجداً تائباً منيباً باكـياً، فسجـد أربعين صباحا صائـماً لا يأكـل فيـها ولا يشرب، حتى أنبت دمعه الـخضر تـحت وجهه، وحتى أندب السجود في لـحم وجهه، فتاب الله عليه وقبل منه.
ويزعمون أنه قال: أي رب هذا غفرت ما جنيت في شأن الـمرأة، فكيف بدم القتيل الـمظلوم؟ قيل له: يا داود، فيما زعم أهل الكتـاب، أما إن ربك لم يظلمه بدمه، ولكنه سيسأله إياك فيعطيه، فيضعه عنك؛ فلما فرج عن داود ما كان فيه، رسم خطيئته في كفه اليـمنى بطن راحته، فما رفع إلى فيه طعاما ولا شرابا قط إلا بكى إذا رآها، وما قام خطيبا في الناس قط إلا نشر راحته، فاستقبل بها الناس ليروا رسم خطيئته في يده.]

ولكن الرواية السابقة ليست رواية إسلامية بل صـاحب الرواية يـخـبرنا أن هذه القصة يؤمن بـها أهل الكتـاب من اليـهود والـمسيحيين ، ولذلك سـتلاحظ أنه يقول: [يزعم أهل الكـتاب كذا وكذا]
فهذه الرواية هي رواية اليـهود والـمسيحيين أنفسهم وليست رواية إسلامية بـحسب كـلام الراوي نفسه
ثم إن الرواية سندها ضعيف أصلاً؛ فقد وردت من طريق ابن حميد وهو منكَر الـحـديث ، ويوجـد في السند (محمد بن إسـحـاق) وهو مدلس ولا تُقبل عنعته. ويوجـد مـجاهيل في السند أيضاً.
ثم إن الرواية السابقة تقول أن داود خطب الـمرأة وتزوجها لكن الكـتاب الـمقدس الذي يؤمن به الـيـهود والـمسيحيون يقول أن داود زنا مع هذه الـمرأة.

------------------------------
وتوجـد رواية أخرى ضعيفة باطلة وهي كـالتالي:
[حـدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثاً يذكر عن مـجـاهد قال: لـما أصاب داود الـخطيئة خر لله ساجـداً أربعين يوماً حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطَّى رأسه؛ ثم نادى: رب قرح الـجبين، وَجمَدت العين، وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء، فنودي: أجـائع فتطعم، أم مريض فتشفى، أم مظلوم فينتصر لك؟ ، قال: فنحب نـحبة هاج كلّ شيء كـان نبت، فعند ذلك غفر له. وكانت خطيئته مكتوبة بكفه يقرؤها، وكان يؤتى بالإناء ليشرب فلا يشرب إلا ثلثه أو نصفه، وكان يذكر خطيئته، فينحِب النَّحْبة تكـاد مفاصله تزول بعضـها من بعض، ثم ما يتم شرابه حتى يـملأه من دموعه؛ وكان يقال: إن دمعة داود، تعدل دمعة الـخـلائق، ودمعة آدم تعدل دمعة داود ودمعة الـخـلائق، قال: فهو يـجيء يوم القيامة خطيئته مكتوبة بكفه، فيقول: رب ذنبي ذنبي قدّمني، قال: فيقدّم فلا يأمن فيقول: ربّ أخِّرني فيؤخَّر فلا يأمن.]

ولكن الرواية السابقة ضعيفة أصلاً؛ فالذي رواها هو الراوي (ليث بن أبي سليم)، وهو ضعيف أصلاً، وقد أجمع العلماء على ضعفه. وقد قال عنه ابن حبان:
[اختلط في آخر عمره، فكان يقلب الأسانيد ويرفع الـمراسيل، ويأتى عن الثقات بما ليس من حـديثـهم]

ثم إن ليث بن أبي سليم مدلس وهو لـم يسمع مـجـاهد أصلاً.
ثم إن الرواية السابقة ليست من كـلام النبي نفسه ولا من كـلام القرآن بل هي منسوبة إلى مـجـاهد ، وقد كـان ينقل أيضاً من الإسرائيليات.
قال ابن عطية في تفسيره(٧ /٣٤١):
[«ويُروى عن مـجـاهد: أنّ داود بقي في ركعته تلك لاصقًا بالأرض يبكي ويدعو أربعين صباحًا، حتى نبت العشب من دمعه. ورُوي غير هذا مـما لا تثبت صـحته»]

ثم إن الرواية السابقة لم تذكر صراحـةً أن داود زنا مع امرأة أوريا ولم تذكر أنه قتل زوجها أصلاً.

------------------
وهناك رواية  ضعيفة جـداً وهي كـالتالي:
[حـدثني يونس، قال: أخـبرنا ابن وهب، قال: أخـبرني ابن لَهِيعة، عن أبي صـخر، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك سـمعه يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول:"إنَّ دَاوُدَ النَّبِيّ ﷺ حِينَ نَظَرَ إلَى الـمَرْأَةِ فَأَهَمَّ، قَطَعَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ، فَأَوْصَى صَاحِبَ البَعْثِ، فَقَالَ: إذَا حَضَرَ العَدُوُّ، فَقَرَّبَ فُلانًا بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ، وَكَانَ التَّابُوتُ فِي ذَلِكَ الزَّمانِ يُسْتَنْصَرُ بِهِ، وَمَنْ قُدّمَ بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُقْتَلَ أوْ يُـهْزَمَ عَنْهُ الـجَيْشُ، فَقُتِلَ زُوْجُ الـمَرْأَةِ وَنزلَ الـمَلَكَانِ عَلى دَاوُدَ يَقُصَّانِ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ، فَفَطِنَ دَاوُدُ فَسَجَـدَ، فَمَكَثَ أرْبَعِينَ لَيْلَةً سَاجِـدًا حَتَّى نَبَتَ الزَّرْعُ مِنْ دُمُوعِهِ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَكَلَتِ الأرْضُ جَبِينَهُ وَهُوَ يَقُولُ فِي سُـجُودِهِ" فَلَمْ أُحْصِ مِنَ الرّقاشيِّ إلا هؤلاء الكلمات:"رَبِّ زَلَّ دَاوُدُ أبْعَدُ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، إنْ لَمْ تَرْحَمْ ضَعْفَ دَاوُدَ وَتَغْفِرْ ذَنْبَهُ، جَعَلْتُ ذَنْبَهُ حَـدِيثًا فِي الـخُـلُوفِ مِنْ بَعْدِهِ، فَـجَـاءَهُ جِبْرَائِيلُ ﷺ مِنْ بَعْدِ الأرْبَعِينَ لَيْلَةً، قَالَ: يَا دَاوُدُ إنَّ الله قَدْ غَفَرَ لَكَ الهَمَّ الَّذِي هَمَمْتَ بِهِ، فَقَالَ دَاوُدُ: عَلِمْت أن الرب قادر على أن يغفر لي الـهم الذي هممت به، وقد عرفت أن الله عدل لا يـميل فكيف بفلان إذا جـاء يوم القيامة فقال: يا رب دمي الذي عنْدَ دَاوُدَ، فَقالَ جِبْرائيل ﷺ: ما سألْتُ رَبَّكَ عَنْ ذلكَ، وَلَئنْ شِئْتَ لأفْعَلَنَّ، فقال: نَعَمْ، فَعَرجَ جِبْريلُ وَسَـجَدَ دَاوُدُ، فَمَكَثَ ما شاء الله، ثُمَّ نزلَ فَقَالَ: قَدْ سَأَلت رَبَّكَ عَزَّ وجَلّ َيا دَاوُدُ عَنِ الَّذي أرْسَلْتَنِي فِيهِ، فَقَالَ: قُلْ لِدَاوُدَ: إنَّ الله ـيَجْمَعُكُمـا يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: هَبْ لي دَمَكَ الَّذِي عِنْدَ دَاوُدَ، فَيَقُولُ: هُوَ لَك يا رَبّ، فَيَقُولُ: فإنَّ لَكَ فِي الـجَنَّةِ ما شِئْتَ وَما اشْتَـهَيْتَ عِوَضًا).]


ولكن الرواية السابقة هي رواية ضعيفة جـداً؛ فالذي رواها هو ابن لـهيعة وهو ضعيف سيء الـحفظ، وكذلك يوجـد في السند يزيد الرقاشي وهو رجـل متروك الـحديث ضعيف حيث كـان يأخـذ القصص وينسبـها بالـخطأ إلى أنس بن مالك ، ولذلك قال عنه ابن حـجر العسقلاني:
[ سيء الـحفظ جـداً، كثير المناكير، وكان لا يضبط الإسناد، فيلزق بأنس كل ما يسمعه من غيره]

وقال عنه أبو حـاتم الرازي:
[كثير الرواية عن أنس بـما فيه نظر، وفي حـديثه ضعف]


وأيضاً، هناك انـتقادات من بعض علماء الـحـديث ناحية الراوي/ أبو صـخر (حميد بن أبي الـمخـارق الـمدني)
فهذه الرواية السابقة لـم تَثبت نسبتـها إلى النبي أو إلى أنس بن مالك أصلاً.


ولذلك علَّق الألباني عن الراوية السابقة في «سلسلة الأحـاديث الضعيفة» ١/ ٤٨٥ قائلاً ما يلي:
[باطل، والظاهر أنه من الإسرائيليات التي نقلها أهل الكـتاب الذين لا يعتقدون العصمة في الأنبياء، أخطأ يزيد الرقاشي، فرفعه إلى النبي ﷺ]

---------------------
وهناك رواية باطلة أخرى تقول:
[حَـدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : ثني عَطَاءٌ الْـخُرَاسَانِيُّ ، قَالَ : نَقشَ دَاوُدُ خَطِيئَتَهُ فِي كَفِّهِ لِكَـيْلا يَنْسَاهَا ، قَالَ: فَكَانَ إِذَا رَآهَا خُفِقَتْ يَدُهُ وَاضْطَرَبَتْ .]

ولكن الرواية السابقة ليست من القرآن ولا من كـلام النبي بل منسوبة إلى عطاء الـخراساني نفسه، وهو كـان يردد الإسرائيليات الشائعة في زمانه.
ثم إن الرواية السابقة ليس فيـها أن داود زنا مع امرأة أوريا وليس فيـها أنه قتل زوجـها.

ثم إن النقش على الـجسد مـحرم في شريعة الله أصلاً، وهذا يثبت أن القصة السابقة عبارة عن هراء وأكـاذيب.

----------------------------

وهناك رواية ضعيفة كـالتالي:

[حَـدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن -يعني: ابن أبي حَاتِم- قال: حَـدَّثَنَا مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بن حَكِيم أبو مَرْيَم الوَاعِظ وغيره، عن سَعد بن إبْرَاهيم الأُمَوِيّ، عن مُحَمَّد بن خَوَّات أنَّ دَاوُدَ ﷺ لـمَّا أطَالَ البُكَاءَ على نَفْسِه قيل له: اذهَبْ إلى قَبْر زَوْج الـمَرْأة، فاسْتَوْهِبْهُ ما صَنَعْتَ، قال: فأتَى القَبْرَ، فأذنَ اللَّه لصَاحِب القَبْر أنْ يَتَكـلَّم فنادَاهُ: يا أُوْرِيَّا، أنا دَاوُد ولكَ عندي مَظْلمَةٌ، قال: قد غَفَرْتُـها، فانْصَرَف وقد طابَتْ نَفْسُه، فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: ارْجع فبَيِّن له ما صَنَعْتَ، فرجَع فأخْـبَرَهُ، فنادَاهُ جِبريل: يا دَاوُد، هكذا يفعَل الأنْبِياء.]


ولكن هذه الرواية ضعيفة جـداااً؛ فالراوي / محمد بن خـوات هو شـخصية مـجهولة لا يعرفها أحـد. وكذلك سعد بن إبراهيم الأموي هو شـخصية مـجهولة. والراوي أبو مريم الصلت بن حكيم هو مـجهول الـحال أيضاً. وكذلك باقي السند يُعتقد أن فيه مشاكل.


---------------------------

وهناك رواية ضعيفة وهي كـالتالي:

[حَـدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْـحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْـحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَـدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: «لَـمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، نَفَرَتِ الْوُحُوشُ مِنْ حَوْلِهِ، فَنَادَى: إِلَهِي، رُدَّ الْوُحُوشَ حَتَّى آنَسَ بِهَا. فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الْوُحُوشَ فَأَحَطْنَ بِهِ، وَأَصْغَيْنَ بِأَسْـمَاعِهِنَّ نَـحْوَهُ. قَالَ: وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِقِرَاءَةِ الزَّبُورِ، وَالْبُكَاءِ عَلَى نَفْسِهِ، فَنَادَيْنَهُ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا دَاوُدُ، ذَهَبَتِ الْـخَطِيئَةُ بِـحَـلَاوَةِ صَوْتِكَ»]

ولكن الرواية السابقة ضعيفة جـداً؛ فالذي رواها هو عامر بن يساف ، وقد ضعَّفه كل علماء الـحـديث؛ لأنه يروى الـمناكير عن الثقات.

ثم إن الرواية السابقة لـيست من القرآن الكريم ولا هي من كـلام النبي محمد بل هي منسوبة إلى يـحيى بن أبي كثير نفسه.


---------------------------------

وأما الـرواية الـمنسوبة إلى ابن عباس والتي ذكرها الثعلبي والبغوي ، فإنـها ضعيفة ثم إنـها لـم تتضمن أن داود زنا مع امرأة أوريا ولا تضمنت أن داود قتل زوجها. وهذه الرواية كـالتالي

[رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالُوا جَمِيعًا: إِنَّ دَاوُدَ لَـمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْـمَلَكَـانِ فَقَضَى عَلَى نَفْسِهِ، فَتَحَوَّلَا فِي صُورَتَيْـهِمَا فَعَرَجَا وَهُمَا يَقُولَانِ: قَضَى الرَّجُـلُ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّـمَا عُنِيَ بِهِ فَـخَرَّ سَاجِـدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَّا لِـحَـاجَةٍ وَلِوَقْتِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ سَاجِـدًا تَـمَامَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ، وَهُوَ يَبْكِي حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ حَوْلَ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ، وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ فِي سُـجُودِهِ: سُبْحَـانَ الْـمَلِكِ الْأَعْظَمِ الَّذِي يَبْتَلِي الْـخَلْقَ بِمَا يَشَاءُ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، سُبْحَانَ الْـحَائِلِ بَيْنَ الْقُلُوبِ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي أَنْتَ خَـلَّيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَدُوِّي إِبْلِيسَ فَلَمْ أَقُمْ لِفِتْنَتِهِ إِذْ نَزَلَتْ بِي، سُبْحَـانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي أَنْتَ خَـلَقْتَنِي وَكَانَ مِنْ سَابَقِ عِلْمِكَ مَا أَنَا إِلَيْهِ صَائِرٌ، سُبْحَـانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَـهِي الْوَيْلُ لِدَاوُدَ إِذَا كُشِفَ عَنْهُ الْغِطَاءُ، فَيُقَالُ: هَذَا دَاوُدُ الْـخَاطِئُ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي بِأَيِّ عَيْنٍ أَنْظُرُ إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّـمَا يَنْظُرُ الظَّالِمُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ، [سُبْحَـانَ خَالِقِ النُّورِ] إِلَهِي بِأَيِّ قَدَمٍ أَمْشِي أَمَامَكَ وَأَقُومُ بَيْنَ يَدَيْكَ يَوْمَ تَزُولُ أَقْدَامُ الْخَاطِئِينَ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي مِنْ أَيْنَ يَطْلُبُ الْعَبْدُ الْـمَغْفِرَةَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ سَيِّدِهِ؟ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي أَنَا الَّذِي لَا أُطِيقُ حَرَّ شَـمْسِكَ، فَكَيْفَ أُطِيقُ حَرَّ نَارِكَ؟ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي أَنَا الَّذِي لَا أُطِيقُ صَوْتَ رَعْدِكَ، فَكَيْفَ أُطِيقُ سَوْطَ جَهَنَّمَ؟ سُبْحَانَ خَـالِقِ النُّورِ، إِلَهِي الْوَيْلُ لِدَاوُدَ مِنَ الذَّنْبِ الْعَظِيمِ الَّذِي أَصَابَ، سُبْحَـانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي قَدْ تَعْلَمُ سِرِّي وَعَلَانِيَتِي فَاقْبَلْ عُذْرِي، سُبْحَانَ خَـالِقِ النُّورِ، إِلَهِي بِرَحْمَتِكَ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَلَا تُبَاعِدْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ لِهَوَايَ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ مِنْ ذُنُوبِي الَّتِي أَوْبَقَتْنِي، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، فَرَرْتُ إِلَيْكَ بِذُنُوبِي وَاعْتَرَفْتُ بِـخَطِيئَتِي فَلَا تَـجْـعَلْنِي مِنَ الْقَانِطِينَ، وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ الدِّينِ، سُبْحَـانَ خَـالِقِ النُّورِ.]


لكن الرواية السابقة هي قصة مصطنعة ليس لـها أساس من الصـحـة، ولذلك علَّق عليـها الـمحققون في هامش تفسير البغوي قائـلين:

[ليس في الآيات الكريـمة شيء من هذه الروايات، ولا في شيء من كتب الـحـديث الـمعتمدة.]

وأول من ذكر الرواية السابقة كـان هو الثعلبي، وتفسير الثعلبي معروف أنه مليء بالأكـاذيب، وقد ذكر الثعلبي سند الرواية السابقة هكذا:
[أخـبرني الـحسين بن محمد بن الـحسين بن فنجويه بقراءتي عليه قال: حـدثني مـخـلد بن جعفر الباقرحي ، قال: نا الـحسن بن علويه ، قال: نا إسـماعيل بن عيسى، قال: نا إسـحـاق بن بشر ، قال: نا جُوَيبر ومقاتل، عن الضحـاك، عن ابن عباس]


ولكن ☝ الراوي/ إسحاق بن بشر هو راوٍ كذاب يذكر الروايات الباطلة، والراوي/ جـويـبـر ضعيف جـداً، والراوي/ مقاتل بن سليمان قد كذَّبه علماء الـحديث.


وروى الثعلبي هذا الإسناد الضعيف أيضاً:

[قال: وأخـبرني سعيد بن بشير وعصمة بن خـداش القطعي، عن قتادة ، عن الـحسن وابن سـمعان، عمن يخبره عن كعب الأحبار ]

ولكن الراوي/ سعيد بن بشير ضعيف ويروي الـمناكير عن قتادة ، وأما الراوي/ عصمة بن خـداش القطعي فهو شـخصية مـجهولة. وأما الراوي/ عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان الـمخزومي، فهو متروك الـحـديث. ثم إن سند الراوية فيه أشـخاص مـجهولين وقد عبَّر عنـهم السند بقوله: [عمن يـخـبره]!
ثم إن الراويان/ قتادة والـحسن البصري هما راويان مدلسان.


ثم ذكر الثعلبي هذا السند الضعيف أيضاً:
[قال إسـحـاق بن بشير: وأخـبرني أبو إلياس ، عن وهب بن منبه قالوا جميعًا: إن داود لـما دخـل عليه الـملكـان فقضى على نفسه فتحولا في صورتـهما فعرجـا وهما يقولان قضى الرجـل على نفسه.]

ولكن الراوي/ إسـحـاق بن بشير كذاب ، والراوي/ إدريس بن سنان أبو إلياس الصنعاني بن بنت وهب بن منبه هو راوٍ ضعيف

ولذلك علَّق الـمحققون على الأسانيد الثلاثة السابقة التي ذكرها الثعلبي وقالوا:
[الـحـكم على الإسناد: أثر ابن عباس سنده ضعيف جـدًا، غالب السند ضعفاء، وابن سليمان كذاب، وكذلك إسـحـاق بن بشر.]

* راجع تفسير الثعلبي - طبعة دار التفسير - الـمجـلد 22 - هامش صفحة 502

_____________________

فالـخـلاصة أن قصة زنا داود مع امرأة أوريا الـحثي هي ليست قصة إسلامية وهي لـم تُذكر في القرآن الكريم، وليس هناك حـديث صـحيح عن النبي قد ذكرها بل هي قصة إسرائيلية تداولـها أصـحـاب القصص وانتشرت في الكتب بدون دليل من الوحي عليـها، ونـحن كمسلمين أبرياء من هذه القصة الباطلة الزائـفة.

______________________
إلى هنا أكون قد فندت الشبـهة بالـكامل
لا تنسوا نشر الـمقال أو نسخـه
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x