الرد على شبهة أن النبي طلق سودة بنت زمعة لأنها كبرت في السن

سبب نزول آية ﴿وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً﴾ - الرد على شبهة تطليق النبي للسيدة سودة - هل طلق النبي

 مضمون الشبـهة:

يزعم أعداء الإسلام أن الإسلام أهان الـمرأة ، ويـتـحـجـج أعداء الإسلام بأن النبي كـان سيُطلِّق سودة بنت زمعة لأنـها كبرت في السن ولـم تعد قادرة على الـجـماع ، فطلبت سودة من النبي ألا يطلقها مقابل أن تـتـنازل لعائشة عن يومـها 

ويستشـهد أعداء الإسلام بـهذه الرواية التالية:

[حَـدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ ، عَنْ سِـمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : "خَشِيَتْ سَوْدَةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لا تُطَلِّقْنِي ، وَأَمْسِكْنِي ، وَاجْعَلْ يَوْمِي لِعَائِشَةَ فَفَعَلَ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَـافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ سورة النساء آية 128 ، فَمَا اصْطَلَحَـا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَـائِزٌ.]


-------------------------

الرد على هذه الشبـهة السخيفة:

أولاً: 

الرواية السابقة هي رواية ضعيفة جـداً ؛ فالذي رواها هو سليمان بن قرم بن معاذ الـتـميمي ، وهو راوٍ شيعي رافضي ضعيف ، وقد ضعَّفه معظم أهل العلـم بسبب عقيدته الفاسدة وبسبب سوء حفظه أيضاً.

ثم إن الراوي الثاني في السند هو سِماك بن حرب ، وهو راوٍ صدوق ولكنه سيء الـحفظ ويغلط في نقل الروايات ، وقد كـانت روايـته عن عكرمة مضطربة أصلاً كمـا أخـبرنا يعقوب بن شيبة السدوسي وابن حـجر العسقلاني.

ويقول الدكتور الشيخ/ عبد الـمحسن العباد في كـتاب (شرح سنن أبي داود) للعباد ٢٥٧/‏ ٤ ما يلي:

[سـِماك بن حرب عن عكرمة، روايـته عنه خـاصة مضطربة، وهو صدوق إلا في روايته عن عكرمة فإنـها مضطربة.]


فرواية سِماك عن عكرمة بالذات معروفة بـيـن علماء الـحـديث بالـخطأ لأنه يضطرب فيـها بل إنه أحياناً يصل الرواية بابن عباس كمـا أخـبرنا العـجـلي في كتـاب (الثقات) ١/ ٤٣٦

فالرواية ضعيفة جـداً ولـم تصح سنداً أصلاً ، وبالتالي من السخـافة أن يـحتج علينا أعداء الإسلام بـهذه الرواية الضعيفة.


وهناك رواية أخرى ضعيفة يستشـهد بـها أعداء الإسلام ، وقد ذكرها  أبو يوسف القاضي في كـتاب (الآثار) ، وهي كـالتالي:

[عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، عَنِ الْـهَيْثَمِ ، عَنِ النَّبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ لِسَوْدَةَ ابْنَةِ زَمْعَةَ: «اعْتَدِّي» ، فَقَعَدَتْ لَهُ فِي الطَّرِيقِ ، فَسَأَلَتْهُ بِوَجْـهِ اللَّهِ أَنْ يُرَاجِعَهَا ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا بِي حِرْصٌ عَلَى الرِّجَـالِ ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُحْشَرَ مَعَ أَزْوَاجِكَ ، وَاجْعَلْ يَوْمِي لِعَائِشَةَ ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ.]


ولكن الرواية السابقة ☝️منقطعة مرسلة ضعيفة جـداً ؛ فالذي رواها هو الـهيثم بن حبيب الصيرفي ، وهو رجـل كوفي لـم يقابل النبي أصلاً ولا عاصره بل يُعتقد أنه عاش بـيـن سنة ٣٠ هـجرياً و ١٣٠ هـجرياً ، وقد عاش بالكوفة التي كـانت تـمتلأ بالأكـاذيب على رسول الله. والغالب أنه قد سمع هذه الرواية من الشائعات الزائفة. 


ثم إن الراوي أبا حنيفة قد انـتـقده الكثير من العلماء على مروياته ؛ فالرواية ضعيفة جـداً.


وهناك رواية أخرى ضعيفة تقول:

[حَـدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ عَلانَ ، حـدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ النَّيْسَابُورِيُّ ، حـدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ ، حَـدَّثَنِي أَبِي ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، عَنْ بِلالٍ ، عَمَّنْ حَـدَّثَهُ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِسَوْدَةَ حِـينَ طَلَّقَهَا : «اعْتَدِّي».]


ولكن الرواية السابقة ☝️ ضعيفة بسبب مـجهولية الرواة فمثلاً: الراوي بلال لا أحـد يعرفه ، ولا نعرف مَن الذي حـدَّثه بـهذا الـحـديث أصلاً. 


وأما الرواية التالية فهي ضعيفة أيضاً:

[ثنا أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، أَنّ النَّبِيَّ قَالَ لِسَوْدَةَ : «اعْتَدِّي»]


والذي روى الرواية السابقة هو القاسم بن عبد الرحمن الـهذلي ، وهو لـم يعاصر النبي ولـم يقابله أصلاً ، وقد كـان هذا الرجـل كوفياً يعيش في الكوفة موطن الأكـاذيب على رسول الله، ولذا من الـمحـتمل أنه سمع الرواية من الشائعات الـزائفة.


وهناك رواية أخرى ضعيفة وهي كـالتالي:

[أَخْـبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَ إِلَى سَوْدَةَ بِطَلاقِهَا ، فَلَمَّا أَتَاهَا جَـلَسَتْ عَلَى طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ ، قَالَتْ : «أَنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ كِـتَابَهُ وَاصْطَفَاكَ عَلَى خَـلْقِهِ لِـمَ طَلَّقْتَنِي ، أَلِـمَوْجِـدَةِ وَجَـدْتَـهَا فِيَّ؟» ، قَالَ : «لا» ، قَالَتْ : «فَإِنِّي أَنْشُدُكَ بِـمِثْلِ الأُولَى أَمَا رَاجَعْتَنِي وَقَدْ كَبِرْتُ وَلا حَـاجَـةَ لِي فِي الرِّجَالِ ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُبْعَثَ فِي نِسَائِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، فَرَاجَعَهَا النَّبِيُّ ، قَالَتْ : «فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي وَلَيْلَتِي لِعَائِشَةَ حَبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ.»]


ولكن الرواية السابقة ☝️ هي رواية ضعيفة مرسلة ؛ فالقاسم بن أبي بَـزة لـم يقابل النبي أصلاً ولـم يعاصر زمان النبي أصلاً ، مع العلم أن القاسم بن أبي بزة مات سنة ١٢٤ هـجـرياً ، أما النبي فقد مات سنة ١١ هـجرياً.

ولذلك علَّق ابن كثير على الرواية السابقة وقال: [هذا غريب مُرسَل]



وهناك رواية أخرى ضعيفة ، وهي كـالتالي:

[أَخْـبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ أبي سَبْرَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْسِيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ عَنْ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ: «هَلِ اعْتَدَدْنَ ؟» فَقَالَ : «مَا طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْـهُنَّ مَدْخُولاً بِهَا إِلا اعْتَدَّتْ ثَلاثَ حَيْضَاتٍ» , ثُمَّ يَقُولُ : «اعْتَدَّتِ الْكِلابِـيَّةُ ثَلاثَ حِيَضٍ , وَاعْتَدَّتْ سَوْدَةُ حِـينَ رَاجَعَهَا فِي أَوَّلِ حَيْضَةٍ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ ، وَاعْتَدَّ نِسَاؤُهُ فِي الْوَفَاةِ بَعْدَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»]

ولكن الرواية السابقة ☝️ منقطعة الإسناد ضعيفة بسبب الانقطاع في الإسناد وبسبب الراوي محمد بن عمر الواقدي الكـذاب الذي كـان يـخـترع الأسانيد. وهناك مشاكل أخرى في السند.


وهناك رواية أخرى ضعيفة ذكرها البيـهقي في سننه، وهي كـالتالي:

[حـدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْـجَبَّارِ ، حـدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِـيهِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ طَلَّقَ سَوْدَةَ ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ أَمْسَكَتْ بِثَوْبِهِ ، فَقَالَتْ : «مَالِي فِي الرِّجَـالِ مِنْ حَـاجَـةٍ ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُحْشَرَ فِي أَزْوَاجِـكَ» ، قَالَ : فَرَجَعَهَا وَجَعَلَ يَوْمَـهَا لِعَائِشَةَ ، وَكَانَ يَقْسِمُ لَـهَا بِـيَوْمِـهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ]

ولكن الرواية السابقة ☝️ ضعيفة أصلاً بسبب الانقطاع نظراً لأن الراوي عروة بن الزبير الأسدي لـم يسمع النبي أصلاً بل وُلد سنة ٢٣ هـجرياً.... وهو لـم يـخـبرنا من أين أخـذ هذه الرواية أصلاً.

ثم إن الراوي أحمد بن عبد الـجـبار العطاردي ، هو راوٍ عراقي قد عاش بالكوفة ، وقد أجمع أهل العراق على أنه راوٍ ضعيف الـحـديث كمـا قال ابن عدي الـجرجـاني. 


وهناك يتبين لنا كذبة أن النبي أراد تطليق زوجته سودة لأنـها كبرت في السن ولـم تعد قادرة على شـهوة الـجماع.



وأما بالنسبة لـمن يـتـحـججون بأن ابن كثير قال:

[فَالْـحَـالَةُ الْأُولَى: مَا إِذَا خَـافَتِ الْـمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا أَنْ يَنْفِرَ عَنْـهَا، أَوْ يُعْرِضَ عَنْـهَا، فَلَهَا أَنْ تُسْقِطَ حَقَّهَا أَوْ بَعْضَهُ، مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كُسْوَةٍ، أَوْ مَبِيتٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْـحُقُوقِ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْـهَا فَلَا جَنَاحَ عَلَيْـهَا فِي بَذْلِـهَا ذَلِكَ لَهُ، وَلَا عَلَيْهِ فِي قَبُولِهِ مِنْـهَا؛ وَلِـهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْـهِمَا أَنْ يُصْلِحَـا بَيْنَـهُمَا صُلْحًـا﴾ ثُمَّ قَالَ ﴿وَالصُّلْحُ خَـيْرٌ﴾ أَيْ: مِنَ الْفِرَاقِ.]


وأنا أرد على الكـلام السابق وأقول:

أولاً: 

الكـلام السابق هو من كـلام ابن كثير نفسه وهو رأي خـاص بابن كثير نفسه وليس ملزماً لغيره من الـمسلمين. 

وكـل ما ذكره القرآن هو أمر التصالـح فيما بين الزوجـين ثم ذكر القرآن أن الصلـح خـير لـم يـتطرق القرآن لأمر التنازل أصلاً.

فهناك فرق بـيـن (قال الإسلام) و(قال ابن كثير).

كـلام ابن كثير هو مـجـرد رأي يؤخـذ أو يُرفض، وليس هناك أحـد من علماء الإسلام قال أن كـل آراء الـمفسرين صـحـيحـة.


ثم إن الإسلام قد ألزم الرجـل بالنفقة والـمبيت أصلاً.

ثانياً:

 ابن كثير لـم يقل أنه يـجب علي الـمرأة أن تـتـنازل عن حقها بل قال: [فلها أن تُسقِط حقها أو بعضه] ، وعبارة (لـها أن تفعل كذا وكذا) تعني (بإرادتـها) في اللغة العربـية؛ فالزوجـة لـها كـامل الـحق في أن تـتـنازل عن حقها كمـا تريد وليس لأحـد أن يعترض على ما تريده ، وهذا ما أراد ابن كثير أن يقوله بالـحـرف الواحـد.

ثم إن ابن كثير نفسه روى رواية أخرى بعدها وقال: 

[وَلَقَدْ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعة -حِـينَ أَسَنَّتْ وفَرِقت أَنْ يُفَارِقَهَا رسولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمِي هَذَا لِعَائِشَةَ». فَقَبِل ذَلِكَ رسولُ اللَّهِ]

وهذه الرواية ☝️ تعني أن السيدة سودة هي مَن خـافت من تلقاء نفسـها أن يطلقها النبي لكن النبي لـم يفعل لـها أي أذى ولـم يكن ينوي تطليقها أصلاً.

فلماذا أعداء الإسلام قاموا باقتطاع هذه الرواية وإبعادها؟!


وأخـيراً:

أنا أتعـجب من أعداء الإسلام الذين يسخرون من الـمرأة في الإسلام بالرغم من أن الـمرأة في الإلـحـاد واليـهـ.ـودية والـمسيحية ليس لـها حقوق أصلاً ، وليس هناك قوانـيـن كـتابـية فيـما يتعلق بالـمهر أو الـمؤخر أو النفقة أو الـمتعة أو الـمسكن أو الزينة وغير ذلك من حقوق الـمرأة.

_______________

إلى هنا ، أكون قد فندت الشبـهة بالكامل

لا تنسوا نشر الـمقال أو نسـخـه

لا تنسونا من صالـح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x