الرد على شبهة اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ - وهل العرش اهتز مع الأنبياء والصالحين والمبشَرين بالجنة

هل العرش يهتز بسبب الطلاق وبكاء اليتيم واللواط ومدح الفاسق وتكبير الملائكة - الرد على شبهات منكري السنة حول اهتزاز العرش لموت سعد - ضم القبر لسعد بن

 مضمون الشبهة:

أحد منكري السُنة الكفار يسخر من السُنة النبوية وينتقد الأحاديث الواردة بشأن اهتزاز عرش الرحمن لموت الصحابي سعد بن معاذ ، وسنعرض لكم الشبهات الغبية التي طرحها هذا النكراني ثم سنرد عليها واحدةً تلو الأخرى...


أولاً:

لقد وردت رواية في البخاري ومسلم تقول:

[اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعاذٍ.]

وهذه الرواية تعني أن الله فرح بقدوم روح الصحابي الصالح سعد بن معاذ بعد موته، وهذه الفرحة جعلت العرش يهتز ، وهذا لا يسيء إلى قدسية الله في شيء ؛ فالله قادر على تحريك أي شيء متى شاء. والله قد جعل جبل موسى يهتز ويندك ويسقط.

فهذا الأمر لا يسيء إلى الله في شيء

وقد ورد في الروايات ما يدل على أن اهتزاز العرش كان من فرح الله بهذا العبد الصالح؛ فقد روى الخطيب البغدادي روايةً تقول:

[أَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ الْقَاضِي بِسَامَرَّاءَ ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، ثنا عَوْفٌ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مِنْ فَرَحِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ].


ثانياً:

زعم ذلك النكراني أن العرش لم يهتز لموت الأنبياء أو الصحابة الأفاضل مثل أبي بكر وعمر وعثمان أو العشرة المبشرين بالجنة عموماً...، ثم يتساءل ذلك النكراني قائلاً: لماذا اهتز العرش لموت سعد بن معاذ دون غيره، وهل هو أفضل من غيره؟!


 وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:

في البداية ، أود أن أشير إلى أن سؤال هذا النكراني هو سؤال غبي فعلاً

ثانياً: نحن لا نقول أن العرش اهتز لموت سعد بن معاذ فقط دون الأنبياء أو الصالحين. وعندما نقول أن العرش اهتز لموت سعد بن معاذ فإننا لا ننفي هذا الحدث عن غيره.

ثم إنه من الممكن أن يكون العرش اهتز فعلاً عند موت النبي أو العشرة المبشرين بالجنة ، ولكن من الغباء أن يطالبنا النكرانيون بالإتيان بحديث نبوي يدل على ذلك. والسبب ببساطة هو أن موت الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين كان بعد وفاة النبي محمد. ومن المعروف جيداً أن عرش الرحمن بعيد عنا وهو فوق السماوات، وبالتالي فإن اهتزاز العرش هو أمر غيبي لن نعرفه إلا بالوحي ، ولكن الوحي كان قد انقطع بعد موت النبي محمد، فكيف سيعرف هذا النكراني الغبي بحال العرش عند موت النبي أو الخلفاء الراشدين أو موت العشرة المبشرين؟!

 وبالتالي فإن سؤال هذا النكراني هو سؤال عبيط من الأساس أصلاً وهو يطلب شيئاً مستحيلاً.  

طبعاً، قد يأتي لي نكراني حمار ويقول لي: ((ولماذا لم يتنبأ النبي في المستقبل باهتزاز العرش...؟!))

وأنا أرد على هذا السؤال وأقول:

النبي لا يعلم الغيب من تلقاء نفسه، ولكن الله هو مَن يخبره ببعض الغيبات إذا شاء الله وليس ذلك بمشيئة النبي محمد نفسه. ثم إن الله إذا أخبر النبي بكل حادثة يهتز فيها العرش عند موت فلان وعلان ، فإننا قد نحتاج إلى كتب بأكملها لعرض قوائم الأسماء. وعرض كل هذه الأسماء لا فائدة منه أصلاً.


النقطة الثانية:

يستدل منكرو السُنة بالحديث التالي لكي يزعموا أن العرش اهتز لموت سعد بن معاذ لوحده ولم يهتز للأنبياء الذين ماتوا قبله:

[حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا أَسْمَاءُ ابْنَةُ يَزِيدَ ، قَالَتْ : لَمَّا أُخْرِجَ بِجِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ صَاحَتْ أُمُّهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأُمِّ سَعْدٍ: أَلَا يَرْقَأُ دَمْعُكَ وَيَذْهَبُ حُزْنُكَ فَإِنَّ ابْنَكَ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ لَهُ اللَّهُ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ.]

ولكن الرواية السابقة ☝ هي رواية ضعيفة أصلاً؛ فالذي رواها هو الراوي/ إسحاق بن راشد ، وهو شخصية مجهولة الحال ولم يقم بتوثيقها أي من علماء الحديث القدماء. 


النقطة الثالثة:

النكراني الغبي ينتقدنا ويقول أن اهتزاز العرش لم يكن بسبب فرح الله، واستدل هذا النكراني الغبي بأن عرش الله يهتز بسبب الأشياء القبيحة المشينة مثل: الطلاق ومدح الفاسق ، واللواط ، وبكاء اليتيم ، وتكبير الملائكة...


وأنا أرد على هذا النكراني الغبي وأقول:

أولاً: 

لا يوجد حديث صحيح يدل على ما زعمه هذا النكراني الكذاب ؛ فمثلاً: هذا النكراني يزعم أن ((اللواط يهتز له عرش الرحمن)) ، ولكني أود التنبيه على أن هذه العبارة بهذا الشكل ليس لها وجود في كتب الحديث القديمة بالرغم من أن الكثير من الناس يرددونها اليوم. 

وأما الرواية التي تشير إلى نفس المعنى فإنها ضعيفة وهي كالتالي:

[حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ حَيَّانَ الْمَدَائِنِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ أَبُو زَيْدٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ قَالَ: «لَمْ يَعْلُ فَحْلٌ فَحْلًا حَتَّى كَانَ فِي قَوْمِ لُوطٍ، فَلَمَّا عَلَا الْفَحْلُ الْفَحْلَ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ﷿»)]


فالرواية السابقة ☝ ضعيفة جداً بسبب مجهولية الراوي/ إبراهيم بن يحيى الزبيدي حتى قال عنه الذهبي أنه (نكرة).

وأما الراوي/ أبو زيد محمد بن حسان ؛ فهو شخصية مجهولة الحال ولا أحد يعرف حالها.

وأما الراوي/ محمد بن عيسى بن حيان ؛ فهو راوٍ ضعيف الحديث.

فرواية أن اللواط يهتز  له عرش الرحمن هي رواية ضعيفة. وهذا لا يعني أن اللواط حلال كما يظن بعض السفهاء بل هو حرام ولكن ليس له علاقة باهتزاز العرش.


* وأما بالنسبة للطلاق ، فإنه ليس هناك حديث صحيح على أن ((الطلاق يهتز له عرش الرحمن)) بل الرواية التي تتضمن ذلك هي رواية مكذوبة وقد نبَّه علماء الحديث على زيفها منذ أزمنة بعيدة، والرواية التي ذُكر فيها هذا الأمر هي كالتالي:

[حدثنا عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ النَّزَّالِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: تَزَوَّجُوا وَلا تُطَلِّقُوا ، فَإِنَّ الطَّلاقَ يَهْتَزُّ لَهُ الْعَرْشُ.]


الرواية السابقة مكذوبة☝ ؛ فالذي رواها هو عمرو بن جُميع وهو كذاب يخترع الأحاديث ، وهذا ما وصفه به علماء الحديث.

وأما الراوي جويبر بن سعيد البلخي ، فهو راوٍ متروك الحديث ضعيف ، وقد تجنبه علماء الحديث.

ولذلك ستجد أن رواية الطلاق السابقة رواها ابن الجوزي في كتاب (الموضوعات) ؛ لكي يشير إلى أنها رواية موضوعة مكذوبة ، وقد علَّق عليها وقال:

[هَذَا حديث لا يصح . وَفِيهِ آفات : الضَّحَّاك مجروح وجويبر لَيْسَ بشيء . قَالَ النَّسَائِيُّ والدارقطني: جُوَيْبِر وعمرو متروكان ، وَقَالَ ابْن عَدِيّ : كَانَ عَمْرو بْن جميع يتهم بالوضع.]


وأيضاً ذكرها الصغاني في كتاب (الموضوعات) ؛ لكي يشير إلى أنها رواية موضوعة؛ أي مكذوبة.

وأيضاً ذكرها السيوطي في كتاب (اللآلئ المصنوعة فِي الأحاديث الموضوعة ) وعلَّق عليها وقال:

[لا يَصِّحُ ، فقد قَالَ الْخَطِيب : عَمْرو بْن جُمَيْع كذاب ، يروى المناكير عَنِ المشاهير ، والموضوعات عَنِ الإثبات.]


وذكرها الفتني في كتاب (تذكرة الموضوعات) وأشار إلى أنها موضوعة؛ أي مكذوبة

وقال عنها الشوكاني في كتاب (الفوائد المجموعة) ما يلي:

[وَفِي إِسْنَادِهِ : عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ ، يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ؛ (أي يخترع الأكاذيب وينسبها للثقات).]


وورد في كتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة) ما يلي:

[ولا يصح؛ ففيه عمرو بن جميع.]


فانظر إلى جهل هذا النكراني وهو ينتقد الإسلام.

وأما بالنسبة لِما زعمه هذا النكراني من أن مدح الفاسق يهتز له عرش الرحمن ؛ فإن هذا الأمر غير صحيح، ولم يَثبت عن النبي أنه قال ذلك بل هذا الأمر ورد في رواية مكذوبة ضعَّفها علماء الحديث ورفضوها وهي كالتالي:

[حدثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَابِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي خَلَفٍ خَادِمِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ النَّبِيُّ: " إِذَا مُدِحَ الْفَاسِقُ اهْتَزَّ الْعَرْشُ وَغَضِبَ مِنْهُ الرَّبُ".]

الرواية السابقة مكذوبة ☝؛ فالذي رواها هو أبو خلف حازم بن عطاء البصري وهو كذاب متروك الحديث كما قال العلماء. ولذلك ستجد العلماء قد وضعوا الرواية السابقة ضمن الروايات الضعيفة فمثلاً:

قال الذهبي في كتاب (المغْني في الضعفاء) 1/ 250 ما يلي:

[سَابق بن عبد الله الرقي عَن أبي خلف عن أنس: ((إِذا مدح الْفَاسِق أهتز الْعَرْش)) رَوَاهُ عَنهُ الْمعَافى بن عمرَان الْموصِلِي وَالْخَبَر مُنكر]


وضعَّفه ابن القيسراني في كتاب (تذكرة الحفاظ) 1/ 48

وضعَّفه الألباني في كتاب (ضعيف الجامع الصغير وزيادته) ١/‏٩٩ 
وغير ذلك من العلماء الذين ضعَّفوا هذا الحديث أصلاً، ولكني لا أريد الإطالة.

* وأما بالنسبة لَما زعمه ذلك النكراني من أن ((بكاء اليتيم يهتز له عرش الرحمن)) ، فإن ذلك لم يُذكر في حديث صحيح عن النبي ، بل ورد في حديث ضعيف وقد نبَّه علماء الحديث على ضعفه منذ القديم ؛ وهذا الحديث كالتالي:
[حدثنا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إِنَّ الْيَتِيمَ إِذَا بَكَى اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِبُكَائِهِ.]

والرواية السابقة ضعيفة☝؛ لأن الراوي الحسن بن أبي جعفر الجفري هو رجل مُنكَر الحديث ضعيف، ولذلك تركه علماء الحديث ولم يحتجوا به. وأما الراوي/ علي بن زيد القرشي فإنه كان شيعياً رافضياً ، وكان قد اختلط ولم يكن حفظه متيناً قوياً بل كان ضعيف الحفظ ، ولذلك تركه علماء الحديث ولم يحتجوا به.

ولذلك ذكر السيوطي الرواية السابقة ضمن الأحاديث الموضوعة المكذوبة. وذكرها ابن عَدي في كتاب (الكامل في ضعفاء الرجال) ؛ لكي يشير إلى ضعفها.

* وأما بالنسبة لما زعمه هذا النكراني من أن ((تكبير الملائكة يهتز له عرش الرحمن)) ، فإنني بحثت عن هذا الأمر ولم أجد عليه أي دليل صحيح صريح، بل كل ما ورد هو أن الملائكة نفسها تهتز فرحاً.
ثم إن تكبير الملائكة ليس شيئاً سيئاً أصلاً، فلماذا استدل به هذا النكراني؟!

ثانياً:
حتى لو افترضنا أن العرش يهتز في كل الأشياء السابقة، فإن اهتزاز العرش في الأشياء الجيدة لا يتناقض مع اهتزاز العرش في الأشياء السيئة؛ فمثلاً: الإنسان يتحرك جسده عند الفرح الشديد وعند الغضب أيضاً.

وحتى الكائنات الأخرى قد تفعل نفس الفعل في شيئين متناقضين ؛ فالديك يقفز عند الذبح، ويقفز عند الشجار مع باقي الديكة، ويقفز إذا أراد أن يلتقط شيئاً عالياً ليأكله باستمتاع.


الشبهة الثانية:

يقول ذلك النكراني العبيط أن اهتزاز العرش لم يكن لأجل فرح الله وذلك لأن الحديث ذكر "الموت" ، والموت لا يعني إلا المصيبة وفقدان الأحبة عند البشر، ودائماً يأتي الموت في سياق المصائب والكوارث ولا يأتي لفرح أحد!!!

وأنا أرد على هذا النكراني العبيط وأقول:

ما علاقة مصائب البشر بالموضوع أصلاً؟!

الحديث يتكلم عن فرح الله بقدوم روح الصحابي ، أما هذا النكراني الغبي فيتكلم عن مصائب البشر وحزنهم على بعضهم!!!

بل إن البشر قد يحزنون على موت الشخص في حين أن الشخص الميت فرحان بالنعيم ولذلك يقول الله تعالى:

﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ اتَا بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ ۝١٦٩ فَرِحِینَ بِمَاۤ ءَاتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَیَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِینَ لَمۡ یَلۡحَقُوا۟ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ ۝١٧٠﴾ [آل عمران ١٦٩-١٧٠]


ثم إن مصيبة الموت قد ذكرها القرآن ووصفها بأنها تحدث لنا عندما يفارقنا الميت وليس أنها تحدث لله نفسه، ولذلك يقول الله تعالى:

﴿فَأَصَـابَتۡكُم مُّصِیبَةُ ٱلۡمَوۡتِ﴾ [المائدة ١٠٦]

فالمصيبة تحل علينا نحن البشر ، فما علاقة هذا بالله؟!


ثم إن هذا النكراني يرتكب مغالطة التعميم ؛ فهو يقوم بإسقاط أحكام البشر على الله ، وهذا شيء خاطي. ودعوني أضرب لكم مثالاً لكي تتضح الفكرة:

عندنا يمرض المريض مرضاً شديداً فإن أهله يخسرون الأموال لعلاج المريض ولكن هذا لا يعني أن الطبيب سيخسر الأموال أيضاً بل إن الطبيب قد يكسب تلك الأموال.

وعندما يموت جندي في الجيش المعادي ، فإن أهله وأصدقاءه سيحزنون عليه لكن هذا لا يعني أننا سنحزن عليه أيضاً بل على العكس سنفرح بالانتصار.


ثم إن ذلك النكراني يزعم أننا جعلنا عرش الله في حالة اهتزاز مستمرة نظراً لأن حالات الطلاق وبكاء اليتيم ومدح الفاسق واللواط وتكبير الملائكة تسبب اهتزاز لعرش الله على الدوام ، وبالتالي فإن عرش الله أصبح بمثابة كرسي هزاز له!!!

وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:

لقد رددتُ على هذا النقطة السخيفة منذ قليل وقلتُ أنه لا يوجد دليل صحيح صريح على أن الطلاق أو اليتيم أو اللواط أو مدح الفاسق أو التكبيرات تهز العرش.

ثم من أين أتى هذا النكراني بأن اهتزاز العرش يشبه الكرسي الهزاز؟!

وحتى لو افترضنا أن العرش يشبه الكرسي المهتز ، فهل هذا الاهتزاز سيؤثر على الله ويجعله مهتزاً مثل الشخص الجالس على كرسي هزاز أيها النكراني العبيط؟!

وهل استواء الله على العرش يشبه الرجل الذي يجلس على كرسي هزاز أيها النكراني العبيط؟!

من أين أتيت بهذا الهراء أيها النكراني؟! 


وأخيراً:

نصل إلى هبدة أخرى من هبدات هذا النكراني وهو يزعم أن هناك تناقض بين ضم القبر لسعد بن معاذ واهتزاز العرش فرحاً به ، واستدل هذا النكراني العبيط برواية وردت في مسند إسحاق بن راهويه ، وهي كالتالي:

[فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ شُرَحْبِيلَ ، قَالَ : " اقْتَبَضَ يَوْمَئِذٍ إِنْسَانٌ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ قَبْرُهُ , فَفَتَحَهَا فَإِذَا هِيَ مِسْكٌ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " سُبْحَانَ اللَّهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ " حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ , لَنَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ , وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ "]

ولكن الرواية السابقة بهذا الإسناد ☝ هي رواية إسنادها ضعيف أصلاً، ولا أدرى لماذا استشهد بها هذا النكراني الغبي بهذا الإسناد بالذات بالرغم من أنه كان بإمكانه أن يستشهد بإسناد آخر للرواية.

 وإسناد هذه الرواية ضعيف منقطع بسبب الإرسال ؛ فالراوي محمود بن شرحبيل لم يكن صحابياً  كما أخبرنا البخاري في الوحدان، فكيف حصل على هذه الرواية من النبي؟!

 ثم إن هناك مشكلة أخرى في السند وهي أن الراوي/ محمود بن شرحبيل ليس له توثيق معتمَد في كتب علماء الحديث الأوائل. وحتى ابن حبان عندما ذكره في كتاب (الثقات) فإنه لم يصفه بالوثاقة. وحتى لو افترضنا أن ابن حبان وثَّقه فإن توثيقات ابن حبان لا يُعتمَد عليها أصلاً؛ لأنه متساهل في التوثيق كما هو معروف عند علماء الحديث.


* وكذلك استدل هذا النكراني برواية وردت في (السنن الكبرى) للنسائي وهي كالتالي:

[أنبا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : أنبا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ : " هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلائِكَةِ ، لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ، ثُمَّ فَرِّجَ عَنْهُ "]


وأنا أرد على غباء هذا النكراني وأقول:

ما علاقة ضمة القبر بالموضوع أصلاً؟!

وهل ضمة القبر تنفي اهتزاز العرش فرحاً بقدوم روح سعد بن معاذ؟!

الإجابة: لا لا لا يوجد أي تناقض بين الاثنين؛ فمثلاً: سكرة الموت لها ألم ، ولكن هذا لا يعني أن الله غاضب على الصالحين الذين يموتون.

وفي يوم القيامة، تجد الناس مرتاعين بسبب أهوال يوم القيامة ولكن هذا لا يعني أن الله غاضب من الصالحين يومئذ.


* وهناك سؤال غبي ورد من أحد النكرانيين وهو يقول: ((إذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ ، فإن هذا يدل على أنه لا يعلم الغيب))!!!

وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:

ما علاقة اهتزاز العرش بنفي علم الغيب عن الله؟!

لا علاقة بينهما أصلاً، ولا ينفي أحدهما الآخر.

دعني أضرب لك مثالاً لكي تتضح الفكرة.

أنت قد تعلم بميعاد عودة ابنك من السفر وقد تكون على تواصل معه لحظة بلحظة ، ولكن عندما يدخل عليك ابنك فإنك تقوم من الفرحة وتسلم عليه وتحتضنه بالرغم من أنك تتواصل معه على الهاتف وتعلم أنه قادم أمام المنزل...

ومن هنا يتبين لنا أن حركة الأب عند عودة ابنه لا تنفي معرفته بميعاد وصول ابنه، ولا تنفي معرفته بأنه على تواصل معه لحظة بلحظة.

وأنا هنا أضرب المثال من أجل التوضيح فقط وليس لأجل تشبيه الله بالبشر.

فالمشكلة في النكرانيين أنهم يقرأون ولا يفهمون ما يقرأون بل إنهم يرتكبون المغالطات الغريبة.

__________________________________

إلى هنا، أكون قد فندت شبهات هذا النكراني الكذاب

لا تنسوا نشر المقال أو نسخه

لا تنسونا من صالح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x