الرد على شبهة أن النبي أمر بغمس الذباب في الطعام - الرد على كذبة أن النبي أمر بتناول الذباب

الرد على شبهة حديث غمس الذباب في الطعام أو الشراب * هل النبي أمر بغمس الذباب في الطعام لأن في أحد جناحيه الداء وفي الآخر شفاء * حكم أكل الذباب

 مضمون الشبـهة:

يزعم أعداء الإسلام أن النبـي محمد أمر الـمسلميـن بـإحضار الذباب وغمسه في الطعام والشراب، ويستشـهدون على ذلك بعدة روايات ويـحرفون معناها.....

------------------

الرد على هذه الشبـهة السـخـيفة:

أولاً:

الإسلام يـُحرِّم أكـل الأشياء القذرة التي تضر بالصـحـة: 

* قال الـمزني - في كتـاب (مـختصر الـمزني) - ٨/‏١٠١ — ما يـلي:

[وَالذُّبَابُ لَا يُؤْكَـلُ، فَإِنْ مَاتَ ذُبَابٌ أَوْ خُنْفُسَاءُ أَوْ نَـحْوُهُمَا فِي إنَاءٍ نَـجَّسَهُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ وَقَعَ فِي الْـمَاءِ الَّذِي يُـنَجِّسُهُ مِثْلُهُ نَـجَّسَهُ إذَا كَانَ مِـمَّا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ. قَالَ الْـمُزَنِيّ: هَذَا أَوْلَى بِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ مَعَهُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْ انْفِرَادِهِ عَنْـهُمْ.]


* وقال القاضي الشيخ/ محمد بن إبراهيم التويـجري - في كتـابه (موسوعة الفقه الإسلامي) - ٤/‏٣١٩ — ما يـلي:

[فـجميع أصناف الـحشرات يـَحرُم أكـلها؛ لأنـها مستخبثة كـالـخنافس، والـجـعلان، والصراصير، والبراغيث، والقمل، والذباب، والديدان، والبعوض ونـحوها. فكـل هذه الـحشرات مستخبثة مستقذرة تعافها النفوس، وينفر منـها الطبع، فيحرم أكـلها لـخبثـها وضررها وقذارتـها.

قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَـجِـدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْـجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْـهَاهُمْ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَيُـحِـلُّ لَـهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُـحَرِّمُ عَلَيْـهِمُ الْـخَبَائِثَ﴾ ... (الأعراف: ١٥٧).]


وقال البيهقي في (الخلافيات) ١/ ٤٩٦ ما يلي:

[أَجَابَ الشَّافِعِيُّ ﵀ عَنْ هَذَا وَقَالَ:... وَالذُّبَابُ لَا يُؤْكَلُ]

----------

وحتى بالنسبة للـحـديث الذي يستدل به أعداء الإسلام ضدنا ، فإن الـحـديث لـم يأمر بأكـل الذباب أصلاً بل إنك إذا راجعت الـحـديث فستجـده يقول: [ثم ليطرحـه] ؛ أي أن نفس الـحـديث يأمر بإزالة الذباب جـانباً.

 وكذلك ستلاحظ أن نفس الـحـديث لـم يأمر أبداً بأكـل الذباب، ولا أمـر صراحةً بـتـناول الطعام أو الشراب الذي وقع فيه الذباب.

وكـذلك لـم يأمر الـحـديثُ بإحضار الذباب ووضعه في الطعام بل الـحـديث يقول أن الذباب هو الذي وقع من تلقاء نفسه بدون أن نـفعل ذلك. وهذا الأمر يـحـدث أحياناً إذا كـان الـمرء غافلاً عن طعامه.

-------------

ثانـياً:

 جميع الروايات التي تـحـدثت عن سقوط الذباب في الطعام أو غمسه هي روايات ضعيفة ولا تصح ، وكـلها وردت عن رواة سيئـي الـحفظ مـما نـتـج عنه تشوه واختلاف في العبارات... وقد جمعتُ كـل أسانـيد هذه الروايات الضعيفة، وسأعرضـها لكم هنا الآن:


* هناك رواية ضعيفة وردت في مُسند الربيع بن حبيب، وهي كـالتالي:

[عَن أَبُو عُبَيْدَةَ ، عَنْ جَـابِرِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : سَـمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَـدِكُمْ فَامْقُلُوهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً ، وَفِي الآخَرِ شِفَاءً ، وَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الدَّاءَ وَيُؤَخِّرُ الدَّوَاءَ.»]


ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة بسبب الانقطاع بين (جـابر بن زيد) و(النبـي محمد).

ثم إن الراوي الثاني في سند الرواية هو: أبو عبـيدة (مسلـم بن أبي كريـمة) ، وهو راوٍ شيعي مـجهول كـما قال أبو حـاتم الرازي. وقد قال عنه ابن حبان:

[لا أعتمد عليه؛ يعني لأجـل التشيع]


بالإضافة إلى أن هذه الرواية وردت في مُسنَد الربـيع بن حبيب ، وهو كتـاب مشكوك في نسبته أصلاً.


------------------

وقد وردت رواية ضعيفة في مُسند أبي داود، وهي كـالتالي:

[حَـدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، قَالَ : أَخْـبَرَنِي مَنْ رَأَى أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأُتِيَ بِثَرِيدٍ وَكُتْـلَةٍ ، فَـجَـاءَ ذُبَابٌ فَوَقَعَ فِيهِ ، فَأَخَـذَهُ أَبُو سَلَمَةَ ، فَمَقَلَهُ فِيهِ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالَ: حَـدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَـدِكُمْ أَوْ شَرَابِهِ ، فَلْيَمْقُلْهُ فِيهِ ، فَإِنَّ أَحَـدَ جَنَاحَيْهِ سُـمٌّ ، أَوْ دَاءٌ ، وَالآخَرَ شِفَاءٌ ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ الشِّفَاءَ وَيَضَعُ الدَّاءَ».]


ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة ؛ فهي مروية هنا عن شـخص مـجهول لا نعرفه ، وهذا الشخص يزعم أنه رأى أبو سلمة وهو يـمقل الذباب!

وسنأتي مرة أخرى ونذكر هذه الرواية بشكـل آخر بعد قليل 

ثم إن نفس هذه الرواية تحذرنا من الذباب وتقول أنه يرفع الشفاء ويضع الداء.

-------------------

* الرواية الثالثة ضعيفة، وهي كـالتالي:

[أَخْـبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، أنبأنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثُـمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَـدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَـدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الآخَرِ دَوَاءً»] 


ولكن ثـمامة بن عبد الله بن أنس لم يسمع من أبي هريرة ولم يدرك زمانه أصلاً. فالرواية فيُـها انقطاع في الإسناد وفـجوة زمنية.

ثم إن الراوي حمَّاد بن سَلَمَة هو إمام عظيم ولكن حِفظه قد تغير وفسد في آخر عمره، بالإضافة إلى أن روايـاته فيـها أخطاء إلا عندما يروي فقط عن أشـخـاص معينيـن وهم خمسة تقريـباً منـهم: (حميد الطويل، وثابت البناني، وعلي بن زيد بن جـدعان، ومحمد بن زياد البصري، وعمار بن أبي عمار) 


وفي هذه الرواية السابقة ☝️، نـجـد أن حماد بن سلمة يروي عن غير الـخمسة الذين ذكرتُـهم، وبالتالي فإن روايـته هذه يدخـل فيـها احتمال الـخطأ في السرد إلى جـانب أن هذه الرواية فيـها انقطاع في الإسناد أصلاً كمـا قلنا منذ قليل.

* فالرواية ضعيفة ولا يُـحــتج بـها.

-----------------

* الرواية الرابعة ضعيفة ، وهي كـالتالي:

[عَنِ ابْنِ عَـجْـلَانَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْـمَقْبُرِيّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَـدِكُمْ ، فَإِنَّ فِي أَحَـدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً ، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً ، وَإِنَّهُ يَـتَّقِي بِـجَـنَاحِـهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ ، فَلْيَغْمِسْهُ كُـلَّهُ»]


ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة؛ فالذي رواها هو مـحـمد بن عـجـلان ، ومشكـلته أنه اختلطت عليه أحـاديث سعيد الـمقبري فـجعلها كـلـها عن أبي هريرة.

وعلماء الـحـديث لا لا لا يقبلون رواية ابن عـجـلان التي يرويـها عن سعيد الـمقبري عن أبي هريرة طالـما أنه لـم يذكر الواسطة أو الشـخص الذي بـيـن سعيد الـمقبري وأبي هريرة. فـهذه علامة تدل على أن ابن عـجـلان لـم يضبط هذه الرواية جـيداً، وبالتالي تكون رواية ضعيفة. 

- ولذلك يقول الإمام/ يـحيى بن سعيد القطان:

[لا أعلم إلا أني سـمعت ابن عـجـلان، يقول: «كـان سعيد الـمقبري يـُحـدِّث عن أبـيه، عن أبي هريرة، وعن رجـل (شـخص مـجهول)، عن أبي هريرة فاختلطت عليَّ فـجعلتـها عن أبي هريرة.»]


- وقال النسائي في كتـاب (عمل اليوم والليلة) ١/‏١٧٩ ما يـلي:

[وابن عـجـلان اختلطت عليه أحـاديث سعيد الـمقبري: ما رواه سعيد عن أبـيه عن أبي هريرة، وسعيد عن أخيه عن أبي هريرة، وغيرهما من مشايـخ سعيد، فـجعلها ابن عـجـلان كـلها عن سعيد عن أبي هريرة.]


- وقال الإمام/ يـحــيـى بن معين : 

[كـان داود بن قيس يـجـلس إلى ابن عـجـلان يـتحـفظ عنه. ويُقال إنـها اختلطت على ابن عـجـلان يعني في حـديث سعيد الـمقبري]


- وقال ابن حبان في كتـاب (الثقات) ٧/ ٣٨٧ ما يلي:

[وقد سـمع سعيد الـمقبري من أبي هريرة، وسـمع عن أبـيه عن أبي هريرة، فلما اختلط على ابن عـجـلان صـحيفته، ولم يـميز بينـهما، اختلط فيـها، وجعلها كـلها عن أبي هريرة. وليس هذا مـما يـهي الإنسان به؛ لأن الصحيفة كـلها في نفسـها صـحيحـة، فما قال ابن عـجـلان: ((عن سعيد عن أبـيه عن أبي هريرة))؛ فذاك مـما حمل عنه قديـمًا قبل اختلاط صـحيفته عليه، وما قال: عن سعيد عن أبي هريرة؛ فبعضـها متصل صـحيح، وبعضـها منقطع؛ لأنه أسقط أباه منـها، فلا يـجب الاحتجـاج عند الاحتياط إلا بـما يروي الثقات الـمتقنون عنه عن سعيد عن أبـيه عن أبي هريرة.]


- وقال الـمروذي في كتـاب (العلل ومعرفة الرجـال):

[إنـما اضطرب عليه حـديث الـمقبري، كـان عن رجـل، فـجعل يصيره عن أبي هريرة!]


- وقال أبو جعفر العقيلي عن ابن عـجـلان: 

[يضطرب في حـديث نافع]


- وقد أشار علي بن الـمديني بأن ابن عـجـلان له أخطاء.

- وقال الساجي عن ابن عـجـلان:

[هو الصدق لم يـُحـدِّث عنه مالك إلا يسيرًا كـأنه استصغره. إنـما عابوه باختلاط حـديث سعيد عليه.]


- ولذلك يقول الـمحقق/ ياسر فتحي - في كتـاب (فضل الرحيـم الودود تـخريـج سنن أبي داود)  ٨/‏٦٠٢ — ما يـلي: 

[وحـاصل هذا الكـلام: أن الإسناد الذي يُظهِر لنا احتمال وَهم ابن عـجلان فيه، هو ما قال فيه: ((عن سعيد عن أبي هريرة))، حيث يـُحتمل أن يكون أسقط الواسطة بـيـن شيخـه سعيد وبـيـن أبي هريرة، أو يكون سـمعه هكـذا، فالذي يـختلط إسنادُه على ابن عـجـلان ولم يضبطه يـجعله: ((عن سعيد عن أبي هريرة))، وهذه أمارة الوهم من ابن عـجـلان في أحـاديثه عن شيخـه سعيد، فيما اختلط عليه ولم يضبطه.]


- وقال الشيخ/ أبو إسـحـاق الـحـويني في (نـثل النبال بـمعـجم الرجـال) ٤/ ٧٦ ما يـلي:

[مـحمَّد بن عـجـلان: لم يـحتج به مسلـمٌ. تفسير ابن كثير ج ٢/ ١١٢؛ الزهد / ١٨ ح ٥؛ غوث الـمكدود ٣/ ١٣٣ ح ٨٣٤، ٣/ ٢٤٢ ح ٩٧٩؛ الأربعون الصغرى / ١٧٠ ح ١١٦؛ تنبيه ٣/ رقم ٨٤٩، ٦/ رقم ١٦٣٥؛ وليس من شرط مسلـم. الديباج ٤/ ٨١؛ ولـم يُـخـرج له مسلـم في الأصول. الإنشراح / ٢٢ ح ٢

ورواية ابن عـجـلان عن سعيد الـمقبري: ويُشبه أن يكون هذا من ابن عـجـلان، لأنه كـان يـخطيء في هذا.]


وقد وُصف ابن عـجـلان أيضًا بالتدليس حيث ذكره ابن حـجر في الـمرتبة الثالثة من مراتب الـموصوفين بالتدليس. وهذا النوع من الـمدلسيـن لا يُقبَل حـديـثه إلا إذا صرَّح الـمدلس بالسماع، وابن عـجـلان في رواية الذباب لـم يصرح بالسماع وبالتالي فالرواية مرفوضة. 


إذن الـخـلاصة:- نـحن لا يـمكننا أن نقبل رواية ابن عـجـلان عن سعيد الـمقبري عن أبي هريرة ، وذلك بسبب أن ابن عـجـلان له أخطاء وقد خـلط الأسانـيد ببعضـها ، فأخـذ الروايات التي رواها سعيد الـمقبري عن رجـال مـجـهولين وجعلها عن سعيد الـمقبري عن أبي هريرة مباشرةً ، وبالتالي لا يـمكن التصديق بـمثل هذه الرواية التي تـتـحـدث عن الذباب.


-------------------

وقد روى الإمام أحمد روايةً ضعيفةً في مسنده، وهي كـالتالي:

[حَـدَّثَـنَا يُونُسُ ، حَـدَّثَـنَا لَيْثٌ ، عَنْ مُـحَمَّدٍ ، عَنِ الْقَعْقَاعِ ، عَنْ أَبِي صَالِـحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ , أَنَّهُ قَالَ : «إِنَّ الذُّبَابَ فِي أَحَـدِ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ ، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءٌ ، فَإِذَا وَقَعَ فِي إِنَاءِ أَحَـدِكُمْ ، فَإِنَّهُ يَـتَّقِي بِالَّذِي فِيهِ الدَّاءُ ، فَلْيغِْمْسه ثُمَّ يُـخْرِجُـهُ».]

ولكن هذه الرواية ☝️ رواها أيضاً محمد بن عـجـلان، وقد قلنا من قبل أنه مدلس من الدرجـة الثالثة ؛ أي أنه لا تُقبَل عنعنته. وبالتالي ، هذه الرواية لا تصح.

ودعني أزيدك من الشعر بيتاً:

- قال الشيخ/ أبو إسـحـاق الـحويـنـي- في (نـثل النبال) ٤/ ٧٧ - ما يـلي:

[ابن عـجـلان مدلسٌ]

* وقد اتـهم الطحـاويُ الراويَ/ محمدَ بن عـجـلان بالتدليس في كـتابه «الـمشكـل» (١/ ١٠٠، ١٠١) 

* ونقل الـحـافظُ نفس الـكـلام في «الفتح» (١٣/ ٢٢٧). 

* وذكر العلائيُ عن ابن أبي حـاتم أن مـحمد بن عـجـلان كـان يُدلس.

* ويُفهم أيضاً من كـلام الذهبـي أنه أيضاً اتـهم محمد بن عـجـلان بالتدليس؛ فقد قال الذهبـي في «الـميزان» (٣/ ٦٤٧) ما يلي:

 [وقد روى عنه عن أنس، فما أدري هل شافه أنسًا، أم دلَّس فيه].


* وقد أشار الذهبيَّ صراحـةً إلى أن مـحـمد بن عـجـلان مدلس، ولذا ذكره الذهبـي في (منظومة الـمدلسيـن) وقال :

[عبادٌ منصورٌ قُلِ ابن عـجـلان ... وابنُ عبيدٍ يونسُ ذو الشأن.]


فـالراوي/ محمد بن عـجـلان مدلس ويـخـلط الأسانـيد؛ ولذلك تراه مرةً يروي رواية الذباب عن سعيد الـمقبري، ومرةً أخرى يرويـها عن القعقاع!!!

إذن ، رواية الذباب هذه لا تصـح ، ثم إن نفس الرواية تقول: [ثم ليخرجه]؛ أي أن نفس الرواية تنهى عن تناول الذباب.

---------------------

وروى الإمام أحمد في مسنده روايـتيـن ضعيفتيـن، وهما كـالتالي:

[حـدَّثَنَا الأسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، حَـدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ ، عَنْ ثُـمَامَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ النَّبِيَّ ، قَالَ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَـدِكُمْ ، فَلْيَغْمِسْهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَـدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ دَوَاءً». قَالَ حَمَّادٌ: وَحَبِيبُ بْنُ الشَّـهِيدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِيـنَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِـيِّ مِثْلَهُ.]                          

ولكن هذه الرواية ضعيفة بسبب الانقطاع بـيـن (ثـمامة وأبي هريرة)، ثم إن حـماد بن سلمة سـيء الـحفظ عندما يروي عن ثـمامة؛ نظراً لأن ثـمامة ليس من شيوخ حـماد الـخمسة الذيـن يروي عنـهم حمادُ بإتقان. 


وأما بالنسبة لـهذه الرواية👈: [قَالَ الإمامُ أحمدُ: قَالَ حَمَّادٌ: وَحَبِيبُ بْنُ الشَّـهِيدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِيـنَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ مِثْلَهُ]

ولكن هذه الرواية ☝️ مُعلَّقة ضعيفة بسبب الانقطاع بين (حـماد وحبيب بن الشـهيد) وبـيـن (الإمام أحمد).

ثم إن حماد بن سلمة يجمع أسماء الرواة في نفس السند فيخلط بين ألفاظ الحديث، ولذلك لا يحتج به العلماء إذا جمع أسماء الرواة في نفس السند، وهذا ما سنناقشه بعد قليل.

-------------------

وهناك رواية أخرى ضعيفة، وهي كـالتالي:

[أَخْـبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ مَوْلَى بَنِي تَِـيـمٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْـنٍ مَوْلَى بَنِي زُرَيْقٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، أَنّ النَّبِـيَّ قَالَ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَـدِكُمْ ، فَلْيَغْمِسْهُ كُـلَّهُ ، ثُمَّ لِيَطْرَحْـهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَـدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً ، وَفِي الْآخَرِ دَاءً.»]

ولكن هذه الرواية ضعيفة ولـم تـَثبت عن النبي؛ فالراوي عُتبة بن مسلـم هو مولى بني تـيـم ، وهو رجـل مـجـهول الـحـال ولـم تـثبت وثاقتـه أو حِفظه في كتب العلماء القدماء؛ وليس هناك أحـد من الـمتقدميـن قام بـتوثـيقه: لا يـحيـى بن معيـن، ولا أحمد بن حنبل، ولا علي بن الـمدينـي، ولا مالك بن أنس، ولا أبي حـاتم الرازي، ولا ابن أبي حـاتم، ولا أبي زرعة الرازي، ولا العـجـلي ولا غيرهم....

فمثلاً: ابن أبي حـاتم عندما ذكر الراوي عُتبة في كتـاب (الـجرح والتعديل) ، فإنه لـم يذكر له أي توثـيق أبداً.

وعندما ذكر ابن حبان هذا الراوي في كتـاب (الثقات) ، فإنه لـم يعلق عليه ولا وصفه بالوثاقة. وحتى لو افترضنا أن ابن حبان قام بتوثيقه فإن علماء الـحـديث لا يعتمدون على توثـيقات ابن حبان أصلاً؛ نظراً لأن ابن حبان متساهل جـداً في توثـيـق الأشـخـاص الـمجـهوليـن؛ فهو يذكر الكثير من الـمجهوليـن في كتـابه (الثقات).

* يقول الدكتور الـمؤرخ/ محمد بن عبد الله غبان الصبحي - في كتـاب (فتنة مقتل عثمان بن عفان) ٢/‏٦٢٥ — ما يـلي:

[ابن حبان متساهل في التوثـيق، يوثـق الـمجـاهيل، فلا يعتد أهلُ العلـم بـتوثـيقه إذا انفرد]


وأما العلماء الـمتأخرون الذين عاشوا في القرن السابع والثامن والتاسع والعاشر الـهجري مثل الذهبـي وابن حـجر العسقلاني والعيـني والسخـاوي. فكـل هؤلاء من الـمتأخرين ، وكـلهم قاموا بـتوثـيق الراوي (عُتبة بن مسلـم) بلا دليل قوي. بل إن منـهم مَن قام بتوثيق الراوي بناءً على كتـاب ابن حـبان بالرغم مِن أن ابن حبان نفسه لم يصف هذا الراوي بالوثاقة أصلاً ، وحتى لو افترضنا أن ابن حبان وثَّقه فإن ابن حبان متساهل جـداً في توثـيق الـمـجـاهيل كمـا قلنا من قبل.

ثم إن توثـيق الشيوخ الـمتأخرين ليس دليلاً قوياً على وثاقة الراوي دائـماً، وخصوصاً أن هؤلاء الشيوخ الـمتأخرين لـم يعاصروا فـترة الرواة الأوليـن القدماء ولا كـانوا قريـبـيـن من زمانـهم حتى.

* يقول الشيخ الألباني - في كتـابه (سلسلة الأحـاديث الضعيفة والـموضوعة) ١٢/‏٥٦٥ — ما يـلي:

[فإني أعتقد أن توثـيق الـمتأخريـن ليس في القوة والتحري كتوثـيق الـمتقدميـن.]


ولذا يـجب على الـمتأخريـن أولاً أن يأتوا بدليل قوي من الـمتقدميـن إذا أرادوا توثـيق راوٍ معين ، وإلا فلن يُقبَل توثـيقهم لـهذا الراوي بسـهولة 👇

يقول الشيخ الدكتور/ مـحـمد ضياء الرحمن الأعظمي - في كتـاب (الـجـامع الكـامل في الـحـديث الصحيح الشامل) ١/‏٧٠ — ما يـلي:

[وأما توثـيق الـمتأخريـن الذين جـاؤوا بعدهم فإنْ كـان مبنيًّا على كـلام أهل العلـم الذين سبقوهم فهو مقبول، وإلّا فيُتوقّف حتى يتبيّـن لنا وجـه توثـيقهم.]


وفي كتـاب (الإمامة العظمى)  ١/‏٣٦٥ ، نـجد الشيخ الدكتور/ عبد العزيز الريس - قد انـتقد فكرة الاعتماد على توثـيقات الـمتساهليـن أمثال ابن حبان ، وكذلك انـتـقد فكرة الاعتماد على توثـيقات الـمتأخرين أمثال الذهبي بدون دليل من الـمتقدمين.


وحتى البـخـاري عندما ذكر الراوي (عتبة بن مسلـم) في كتـاب (التاريـخ الكبير) ؛ فإنه لـم يذكر له أي توثـيق أبداً. وبالتالي فإن هذا الراوي مـجهول الـحـال بـحسب شروط البخـاري نفسه.

وبالتالي، فإن هذه الرواية ضعــيــفة حتى ولو تـحـجـج البعض بأنـها وردت في صـحيح البـخـاري. فالـحق حق ، ولا يـمكننا أن نـخـالف أمانة الـجرح والتعديل التي سلمها لنا أسلافنا وعلى رأسـهم شيخنا البـخـاري.


وأما بالنسبة لـمن يـتحـجـجون بأن الراوي (عتبة بن مسلـم) من رجـال ورواة الإمام مسلـم حيث ذكر الإمام مسلـم اسمه في بعض الأسانـيد الأخرى غير رواية الذباب، فإنني أرد عليـهم وأقول:

هذا ليس دليلاً على وثاقة الراوي عتبة بن مسلم؛ فالإمام مسلـم ذكر روايات الراوي (عتبة بن مسلـم) ضـمن الشواهد والـمتابعات فقط. والشواهد والـمتابعات لا تُـثبت وثاقة الراوي بل قد يكون الراوي ضعيف الـحفظ والإتقان كمـا ذكر الإمام مسلـم بنفسه في مقدمة صـحيح مسلـم. 

 مع العلـم أن الإمام مسلم لـم يذكر رواية الذباب أصلاً.


وهناك أمر آخر ينبغي التنبيه عليه وهو أن حـديث الذباب مذكور في موضعيـن اثنيـن في طبعات صـحيح البخـاري الـحـالية؛ حيث ذُكر مرةً ضـمن جزء (بدء الـخـلق) في صـحيح البخـاري ، وذُكر مرة أخرى ضـمن جزء (الطب) في صـحيح البـخـاري.

فأما بالنسبة للـموضع الأول الـموجود في جزء (بدء الـخـلق) ، فإنه هكـذا👇:

[بَابٌ: ((إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَـدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْـدَى جَنَاحَيهِ دَاءً وَفِي الأُخْرَى شِفَاءً))

٣٣٢٠ - حَـدَّثَنَا خَـالِدُ بْنُ مَـخْـلَدٍ، حـدثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بلَالٍ، حـدثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْـبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْـنٍ قَالَ: سمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَـدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الأُخْرَى شِفَاءً».] 


وقد علَّق الـمحقق/ السـهارنفوري - على هذا الباب مشيراً إلى أنه يـجب إزالة عنوان هذا الباب ، ولذلك قال:

[كذا وقع في رواية أبي ذر، وحُـذف عند الباقين، وهو أولى؛ فإن الأحـاديث التي بعده لا تَعلُقَ لـها بذلك.]


فالـمحـقق السـهانفوري أشار إلى أنه من الأولى والأفضل أن يُزال عنوان باب (وقوع الذباب في الطعام) من الـموضع الأول في جزء (بدء الـخـلق) في صـحيح البـخـاري.

* وقال بدر الدين العيـني - في كتـاب (عمدة القاري شرح صـحيح البخـاري) ١٥/‏٢٠٠ — ما يـلي:

[أَي: هَذَا بَاب يُذكَر فِيهِ: «إِذا وَقع الذُّبَاب ...» إِلَى آخِره، وَتُرْجم هَذَا الْبَاب بِنَصّ الـحَـدِيث الَّذِي سَاقه فِي هَذَا الْبَاب، وَإِنَّـمَا وَقع هُنَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن بعض شُيُوخـه، وَحـذف عِنْد البَاقِيـنَ، وحـذفه أولى، لِأَن الْأَحَـادِيث الَّتِي تَأتي بعد هَذَا الـحَـدِيث لَا تعلق لَـهَا بذلك وَلَا مُطَابقَة بَينـهَا وَبَـيـن هَذِه التَّرْجَمَة، كَـمَا ترَاهُ.]


إذن ، عنوان باب (وقوع الذباب في الطعام) يُطبع حـالياً في جزء (بدء الـخـلق) في صـحيح البخـاري، ولكن هذا الأمر لا يـجب أن يـحـصل؛ لأن عنوان الباب ذكره أبو ذر فقط دون غيره من ناقلي صـحـيح البـخـاري، ثم إن عنوان الباب لا يتـلاءم مع موضوع باقي الـروايات الـمندرجـة ضـمن نفس الباب.

فـ(أبو ذر الـهروي) هو أحـد نقلة صـحيح البخـاري، لكن تسمية هذا الباب هنا لـم يذكرها باقي نقلة صـحيح البـخـاري. بالإضافة إلى أن باقي الأحـاديث التي في باب (الذباب) ليس لـها علاقة بالذباب أصلاً بل هي تـتـحـدث عن الكـلاب، وبالتالي فإن عنوان باب الذباب في جزء (بدء الـخـلق) لا يصح، ولذلك رفضه الـمحققون. بالإضافة أن راوي رواية الذباب هنا هو عتبة بن مسلم وهو مـجهول الـحـال. وكذلك يوجد في سند الرواية: خـالد بن مـخـلد، وهو راوٍ ضعَّفه الكثير من العلماء، ولا يُقبل حـديثه إلا في الشواهد والـمتابعات والاعتبار وليس الاحـتـجـاج.

إذن يتبقى أمامنا رواية الذباب التي في جزء (الطب) في صـحيح البـخـاري ، وهي رواية ضعيفة أيضاً قد رواها عتبة بن مسلـم وهو مـجهول الـحـال كمـا قلنا من قبل. 


-------------------

وهناك رواية أخرى ضعيفة ، وهي كـالتالي:

[حَـدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي طَعَامِ أَحَدِكُمْ أَوْ شَرَابِهِ فَلْيَغْمِسْهُ ، إِذَا أَخْـرَجَـهُ فَإِنَّ فِي أَحَـدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً ، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً ، وَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الدَّاءَ»] 

وهذه الرواية ☝️ ضعيفة قد رواها الراوي/ إبراهيم بن الفضل الـمخزومي، وهو راوٍ متروك الـحـديث ولا يُـحـتَج برواياته حسبما أخبرنا علماء الحديث. 


--------------

وهناك رواية ضعيفة أخرى ، وهي كـالتالي:

[حَـدَّثَنَا خَـالِدُ بْنُ مَـخْـلَدٍ ، حَـدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، قَالَ : حَـدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : أَخْـبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْـنٍ ، قَالَ : سَـمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَـدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي إِحْـدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً».]

ولكن الرواية السابقة ضعيفة كمـا قلنا منذ قليل لأن الراوي/ عُتبة بن مسلم (عُتبة بن أبي عتبة الـتميمي) لـم يوثقه أحـد من القدماء. 

ثم إن الراوي/ خـالد بن مـَخـلد عليه الكثير من الانـتـقادات من علماء الـحـديث.

فقد قال عنه أبو الفتح الأزدي:

 [في حـديثه بعض المناكير]

• وقال عنه أبو حـاتم الرازي:

 [يُكتب حـديـثه، ولا يـُحتَج به]

• وقال عنه أحمد بن حنبل:

[له أحـاديث مناكير]

• وقال عنه إبراهيم بن يعقوب الـجوزجـاني:

 [كـان شتاماً معلناً لسوء مذهبه]

• وقال عنه الذهبي:

[يُكتب حـديثه ولا يـُحتَج به]

 • وقال عنه محمد بن سعد:

[كـان متشيعاً منكر الـحـديث، في التشيع مفرطاً]

• وقال عنه مصنف تـحرير تقريب التـهذيب:

[ضعيف يُعتبَر به؛ أي من باب الاعتبار وليس الاحتجـاج]


---------------------
وهناك رواية أخرى ضعيفة ، وهي كـالتالي:
[حَـدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ , حَـدَّثَنَا مُسْلِـمُ بْنُ خَالِدٍ , عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ , عَنْ عُبَـيْدِ بْنِ حُنَيْـنٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ , قَالَ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ فِيهِ ، ثُمَّ لِيَطْرَحْـهُ , فَإِنَّ فِي أَحَـدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً , وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً».]

ولكن هذه الرواية ضعيفة لعدة أسباب منـها أن الراوي عُتبة بن مسلم هو راوٍ مـجهول الـحـال وليس له أي توثـيق في كتب القدماء.
ثم إن الراوي/ مسلم بن خـالد الزنـجي قد ضعَّفه معظم علماء الـحـديث مثل: أبو جعفر العقيلي، وأبو حـاتم الرازي ، وأبو داود السجستاني، وأحمد بن حنبل ، والنسائي ، وعثمان بن سعيد الدارمي ، وعلي بن الـمديني ، ويعقوب بن سفيان الفسوي ، والبـخـاري ، ومحمد بن سعد ، ومحمد بن عبد الله بن البرقي ، ومحمد بن عبد الله بن نـمير، والذهبي ومصنف تـحرير تقريب التـهذيب وغيرهم.
وهناك مِن علماء الـحـديث مَن أشار إلى سوء حفظه مثل: الإمام ابن حبان ، وابن حـجر العسقلاني ، وزكريا بن يـحيى الساجي، والدارقطني...  

- وأما الراوي/ سُويد بن سعيد الـهروي ، فقد انـتقده الكثير من علماء الـحـديث؛ فمثلاً:
• قال عنه أبو أحمد الـحـاكم :
[عمي في آخر عمره فربـما لُقِّن ما ليس من حـديـثه]

• وقال عنه أبو أحمد بن عدي الـجرجـاني:
[هو إلي الضعف أقرب]

• وقال عنه أبو الـحسن بن سفيان الكوفي أنه ضعيف

• وقال عنه أبو بكر الإسـماعيلي:
[فى القلب منه شئ من جهة التدليس]

• وقال عنه أبو بكر البيـهقي:
[تغير في آخر عمره وكثرت الـمناكير في حـديـثه]

• وقال عنه أبو حـاتم الرازي:
[يُكثِر التدليس]
    
• وقال عنه أبو حـاتم بن حبان البستي:
[يأتي عن الثقات بالـمعضلات، يـجب مـجـانبة رواياته هذا إلى ما يـخطىء في الآثار ويقلب الأخبار.]

• وكـان أبو زرعة الرازي ينتقد سويد بن سعيد ويقول عنه:
[أما كتبه فصحـاح وأما إذا حـدَّث من حفظه فلا، رأيتُ منه شيئاً لم يعجبني]
    
• وقال عنه أبو معاوية الضرير:
[إذا كـانت عنده كتب فهو عيب شديد، وهو عندي لا شئ]

• وقال عنه أحمد بن شعيب النسائي:
[ليس بـثقة ولا مأمون.]

• وقال عنه ابن حـجر العسقلاني:
[صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يـتلقن ما ليس من حـديثه فأفـحش فيه ابن معين القول.]

• وقال عنه الـخطيب البغدادي:
[ربـما لُقِّن ما ليس من حـديـثه]

• وقال عنه الذهبي:
[كـان من أوعية العلم، ثم شاخ ونقص حفظه، فأتى في حـديثه أحاديث منكرة]
   
• وقال عنه سبط ابن العجمي:
[قال غير واحـد كـان كثير التدليس]

• وقال عنه صالـح بن محمد جزرة:
[صدوق إلا أنه كـان أعمى فكـان يُلقَّن أحـاديث ليست من حـديثه]

• وقال عنه علي بن الـمديني:
[ليس بشئ، وقد أنكر عليه حـديث: مَن عشق فعف وكتم ومات فهو شـهيد]

• وقال عنه محمد بن إسـماعيل البخـاري:
[فيه نظر وكـان قد عمي فتلقن ما ليس من حـديثه، وهو ضعيف جـداً.]

• وقال عنه يـحيى بن معين:
[سويد مات منذ حـين، وذكر له حـديثاً وقال: سويد ينبغي أن يُـبدأ به فيُقتل، ولو كـان لي خيل ورجـال لـخـرجت إلى سويد بن سعيد حتى أحـاربه، ولـم يكن عنده بشئ، وهو حـلال الدم، وذكر له حـديثاً وقال: باطل.]

• وقال عنه يعقوب بن شيبة السدوسي:
[صدوق مضطرب الـحفظ ولاسيـما بعدما عمي]

-------------------------

وذكر ابن أبي حـاتم روايةً ضعيفةً في كتـاب (العلل) ، وهي كـالتالي:
[وَسَـمِعْتُ أَبِي ، وَحَدَّثَنَا : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْـخَـلِيلِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ خَـالِدِ بْنِ حَسَنٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ : «إِذَا سَقَطَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَـدِ جَنَاحَيْهِ داءً ، وَفِي الآخِرِ دَوَاءً. فَقَالَ أَبِي : هَذَا حَـدِيثٌ مُضْطَرِبُ الإِسْنَادِ.] 

ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة مضطربة الإسناد، وقد اعترف أبو حـاتم الرازي نفسه بأن هذه الرواية مضطربة الإسناد.
والذي روى هذه الرواية هو: قيس بن خـالد بن حسن ، وهو شـخصية مـجهولة بلا أي ترجمة، وقد اعترف بذلك الشيخ/ أبو إسـحـاق الـحـوينـي في كتـابه (إسعاف اللبيث) ٢/ ١٣٢

ثم إن الراوي/ ثعلبة بن مسلـم الـخثعمي، هو راوٍ مـجهول لـم يوثـقه أحـد من القدماء، وقد ذكره ابن حبان في كـتاب (الثقات) ولـم يصفه بالوثاقة، ثم إن توثـيقات ابن حبان لا يُعتمد عليـها أصلاً نظراً لأنه متساهل يوثق الأشـخـاص الـمجهولين!
ولذا وصف ابن حـجر الراوي (ثعلبةَ بن مسلم الـخثعمي) بأنه مستور ؛ أي مـجـهول الـحـال.
ثم إن نفس الرواية تأمر بطرح الذباب، وقد يكون المقصود من الرواية أيضاً هو طرح الطعام مع الذباب ورميهما.


----------------------
ووردت رواية أخرى ضعيفة وهي كـالتالي:
[حَـدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ، قَالَ : أنبأنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِـحٍ الأَزْدِيُّ ، قَالَ : أنبأنا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ أَبُو مَالِكٍ الْـجَنْبِيُّ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْـمُثَنَّى ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سُـمًّا وَالآخَرِ شِفَاءً»]

• ولكن الراوي/ عباد بن منصور ، قد ضعَّفه معظم أهل العلـم.
• والراوي/ عبد الله بن الـمثنى الأنصارى ، قد ضعَّفه معظم أهل العلـم. 
• والراوي/ عمرو بن هاشم أبو مالك الـجنبـي، ليس بالقوي في الـحـديث كمـا قال علماء الـحـديث.
• والراوي/ عبد الرحمن بن صالـح الأزدي ، كـان شيعياً رافضياً.

---------------------
وذكر ضياء الدين الـمقدسي روايةً مـكـذوبةً في كتـاب (الأحـاديث الـمختارة) ، وهي كـالتالي: 

[أَخْـبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَعَالِي بْنِ شدقِيـنِيٍّ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْـمَعُ بالـجَـانبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ ، قِيلَ لَهُ : أَخْـبَرَكُمْ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الأَنْصَارِيُّ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ ، فَأَقَرَّ بِهِ ، أنبا أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ الْـحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْـخَفَّافُ ، أنبا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ، حـدثنا يَـحْيَى بْنُ صَاعِدٍ ، حـدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ ، حـدثنا أَبُو عَتَّابٍ سَـهْلُ بْنُ حَمَّادٍ ، حـدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْـمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنِي ثُـمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ ، قَالَ : كُنَّـا عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، فَوَقَعَ ذُبَابٌ فِي إِنَاءٍ ، فَقَالَ أَنَسٌ بِإِصْبَعِهِ ، فَغَمَسَهُ فِي الْـمَاءِ ثَلاثًا ، وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ ، وَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ ، وَقَالَ : «أَحَـدُ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ ، وَفِي الآخَرِ شِفَاءٌ»]

الرواية السابقة هي رواية باطلة مـكذوبة والذي رواها هو أبو القاسم بن معالي بن شدقينـي، وهو شـخصية مـجهولة الـحـال أصلاً. وقد ذكر هذا الرجـل كـلاماً غريـباً لـم يذكره غيره!
ثم إن الراوي/ عبد الله بن الـمثنى لديه مناكير وأخطاء في الـحـديث:
• ولذا قال عنه أبو الفتح الأزدي:
[فيه ضعف لم يكن من أهل الـحـديث روى مناكير.]
 
• وقال عنه أبو جعفر العقيلي: 
[لا يتابع على أكثر حـديثه، وكـان ضعيفاً مُنكَر الـحـديث.]
 
• وقال عنه ابن حـبان:
[ربـما أخطأ]
 
• وقال عنه أبو دواد السجستاني:
[لا أُخرِّج حـديثه، (يعني لا أذكر حديـثه تـخـريـجـاً في كـتابي)]
    
• وقال عنه النسائي: 
[ليس بالقوي]
 
• وقال عنه ابن حـجر العسقلاني:
[صدوق كثير الغلط]

 • وقال عنه زكريا بن يحيى الساجي:
[فيه ضعف، لـم يكن من أهل الـحـديث، روى مناكير]
    
• وقال عنه يـحيى بن معين:
[ليس بشئ]

وبعض العلماء قالوا عن (عبد الله بن الـمثنى) أنه ((صالـح))، ولكن هذا الوصف لا يعني أن حـديـثه صـحيح كمـا يظن غير الـمتخصصيـن في علم الـحـديث، بل مصطلح (صالـح) عند علماء الـحـديث يعنـي شيـئيـن: إما أن يكون هذا الراوي من العباد الصالـحـين، ولكن هذا لا يشترط أن يكون حـديثه صـحيحـاً في كل الأحوال؛ لأن هناك الـمئات من الصالـحـين ولكنـهم لا يـحفظون الأحـاديث جيداً بل يرتكبون الأخطاء في نقلها. وبالتالي يُـقبل فقط حـديث الصالـحـين إذا كـانوا متقنيـن.
وأما الـمعنى الثاني لـمصطلح (صالـح) فهو أن روايات هذا الراوي تصلح للاعتبار فقط وليس للاحتجـاج ، وذاك يعني أن رواية هذا الراوي لا تُقبل في حـالة الانفراد بل تُقبل فقط في الشواهد والـمتابعات عندما يكون هناك شـخص آخر يؤكد كلامه.
ولكننا هنا نلاحظ أنه لا يوجـد أي شـخص آخر يؤكد كـلام عبد الله بن الـمثنى ، ولا يوجد شـخـص آخر قال أن أنس بن مالك غمس الذباب في الطعام وأكـل من الطعام.

إذن، هذه الرواية ضعيفة لسببيـن: السبب الأول هو أن راويـها هو: أبو القاسم بن معالي بن شدقيني، وهو رجـل مـجهول الـحـال وقد زعم كـلاماً لـم يذكره غيره.
والسبب الثاني هو أن الراوي عبد الله بن الـمثنى يرتكب أخطاءً في نقل الـحديث.

وقد انتقد الأئمة هذا السند أصلاً؛ ومن ضمنهم الإمام أبو حاتم الرازي وأبو زُرعة الرازي والدراقطني؛ فمثلاً:
وقد أشار ابن أبي حاتم في كتاب «العلل» (حديث ٤٦) أنه سأل أباه وسأل أبا زُرعة عن حديث الذباب الذي يرويه عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس ، فأجاب الإمامان أبو حاتم وأبو زُرعة بأن هذا السند غير صحيح بل السند يكون عن ثمامة عن أبي هريرة. وقال أبو زُرعة بأن عبد الله بن المثنى أخطأ في السند.


--------------------
وقد أورد الطبراني عدة روايات ضعيفة في الـمعجم الأوسط ، وهي كـالتالي:

[حَـدَّثَنَا إِسْـحَـاقُ بْنُ خَـالَوَيْهِ قَالَ: حـدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْـحَـجَّـاجِ السَّامِيُّ قَالَ: حـدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، وَهِشَامٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ فِيهِ، فَإِنَّ أَحَـدَ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ، وَالْآخَرَ دَوَاءٌ»]


[حَـدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: حـدثنا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ قَالَ: حـدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَحَبِيبٍ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَـدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ فِيهِ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَالْآخَرِ شِفَاءً»]

هاتان الروايتان ضعيفتان ☝️؛ فهما تـقولان أن حـماد بن سلمة نقل حـديث الذباب عن (أيوب وحُـميد وهشام وحبيب) ؛ حيث ذكر حماد أسـماءهم معاً في نفس الرواية. 
لكن ما فعله حماد بن سلمة هنا يدل على ضعف هذه الروايات الـخاصة بالذباب، وذلك لعدة أسباب:
أولاً: علماء الـحـديث أشاروا إلى أن حماد بن سلمة عندما يـجمع أسـماء الرواة معاً في نفس الـحـديث فإنه يرتكب أخطاءً في سرد الـحـديث، ولذلك يرفض الكثير من العلماء روايات حماد إذا جمع أسـماء شيوخـه الرواة في نفس الإسناد ، فمثلاً:
* يقول الأستاذ الدكتور/ حسن بن محمد الوائلي- في كتـاب (نزهة الألباب في قول الترمذي «وفي الباب») ١/‏١٩٤ — ما يـلي:

[وقد ضعَّف بعض الأئـمة حمادَ بن سلمة إذا جمع بين الـمشايـخ كـما قال الإمام أحمد.]


* وقال الكعبي - في كتـاب (قبول الأخبار ومعرفة الرجـال) ٢/ ١٤٠ - ما يـلي:

[قال: وكـان يـحيى بن سعيد يُنكر عليه أن يقول: «حـدثنا أيوب، وهشام، وابن عون» فـحسرنى آخرين عن الـحـسن ثم يـجعل اللفظ واحـدًا.]

وحتى البـخـاري رفض ذكر روايات حماد في صـحيح البخـاري بسبب أنه يـجمع أسـماء الرواة ويرتكب الأخطاء، ولـهذا قال أبو يعلى الـخـليلي - في كتـاب (الإرشاد في معرفة علماء الـحـديث) ١/‏٤١٦ — ما يـلي:
[لأنه جمع بـيـن جماعة من أصـحـاب أنس، فيقول: (حـدثنا قتادة، وثابت، وعبد العزيز بن صـهيب)، وربـما يـخـالف في بعض ذلك.]

* وقال شـمس الدين الذهبـي - في كتـاب (سير أعلام النبلاء) ٧/ ٤٤٦ - ما يلي:
[قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الـحَـاكِمُ: قَدْ قِيْلَ فِي سُوْء حِفْظِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَجَمْعِهِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي الإِسْنَادِ بِلَفْظٍ وَاحِـدٍ.]


* وقال الشيخ / عدنان العرعور - في (ديوان السنة - قسم الطهارة) ٥/‏٣٤٩ — ما يـلي: 
[وَثَمَّ أَمْر آخر في الـحـديث: وهو أن حماد بن سلمة إذا جمع بين أكثر من شيخ من شيوخـه، يقع له أوهام؛ وبـهذه العلة أعل الإمام أحمد حـديثنا هذا فقال: «هذا من قِبَلِ حماد، كـان لا يقوم على مثل هذا؛ حيث يـجـمع الرجـال، ثم يـجعله إسنادًا واحـدًا، وهم يـخـتلفون» (شرح علل الترمذي لابن رجب ٢/ ٨١٥).]


* وقال الشيخ/ عدنان العرعور أيضاً في (ديوان السنة - قسم الطهارة) ٢٠/‏٥٦٨ — ما يـلي:
[وثَمَّ عِلَّةٌ أُخرَى في الـحـديثِ: وهي أنَّ روايةَ حمادِ بنِ سلمةَ إذا جمع بين أكثر من شيخٍ من شيوخِـهِ، فإن فيـها مقال؛ وقد قال الإمامُ أحمدُ في حـديثِ حمادِ بنِ سلمةَ، عن أيوبَ وقتادةَ، عن أَبي أسماءَ، عن أبي ثَعْلبةَ الـخُشَنيِّ، عنِ النبيِّ ﷺ في آنـيةِ الـمشركينَ-: «هذا من قِبَلِ حماد، كـان لا يقومُ على مثلِ هذا، يـجـمعُ الرجـالَ، ثم يـجعله إسنادًا واحـدًا، وهم يـختلفون».
وقال أبو يعلى الـخـليليُّ: «ذاكرتُ بعضَ الـحُفَّاظِ قُلْتُ: «لِم لَمْ يُدخـلِ البخـاريُّ حمادَ بنَ سلمةَ في (الصحيح)؟ ، قال: لأنه يـجمعُ بـيـن جماعةٍ من أصـحـابِ أنسٍ يقولُ: (حـدثنا قتادةُ، وثابتٌ، وعبدُ العزيزِ بنُ صُـهيبٍ، عن أنسٍ)، وربـما يـخـالف في بعضِ ذلك.]


* وقال الشيخ/ ياسر فتحي - في كتـاب (فضل الرحيم الودود تـخـريـج سنن أبي داود) ٥/‏١٨٩ — ما يلي:
[إلَّا أن في النَّفس منه شيء؛ فقد تكـلم في رواية حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني وقيس بن سعد، لا سيـما إذا تفرد عنـهما، كـما أنـهم أنكروا على حماد بن سلمة جمعه بـيـن الشيوخ. (انظر: شرح العلل (٢/ ٧٨٢ و٧٨٣ و٨١٥)].

ملحوظات لغوية:
• عبارة (أنكر عليه) في اللغة العربـية تعني عاب سلوكه.
• مصطلح (تـخريـج الـحـديث) يعني ذِكر الـحـديث ومصدره وسنده وحـاله من حيث الصحـة أو الضعف.
• كـلمة (وهم) جمعها أوهام ، ويُقصَد بـها خطأ في سرد ونقل الـحـديث.

* وقال الشيخ/ ياسر فتحي - في كتـاب (فضل الرحيم الودود تـخريـج سنن أبي داود) - ١٢/‏١٤٥ — ما يلي:
[وَهِمَ فيه حماد بن سلمة؛ حيث جمع شيوخه على إسناد ولفظ واحـد]


* وقال الشيخ/ ياسر فتحي - في كتـاب (فضل الرحيم الودود تـخريـج سنن أبي داود) ١٥/‏٩١ — ما يـلي:
[ولعل الوهم في ذلك إنـما هو من حماد بن سلمة حيث جمع بـيـن شيوخـه، وحمل حـديث بعضـهم على بعض، وكـان حماد يقع منه ذلك، قال ابن رجب في شرح العلل (٢/ ٨١٦): «إن الرجـل إذا جمع بين حـديث جماعة، وساق الـحـديث سياقةً واحـدةً، فالظاهر أن لفظهم لم يـتفق، فلا يُقبَل هذا الـجمع إلا من حـافظ متقن لـحـديثه، يعرف اتـفاق شيوخـه واختلافهم]


* وقال الدكتور/ بشير علي عمر - في كتـاب (منـهج الإمام أحمد في إعلال الأحـاديث)  ١/‏٣٧٨ —ما يـلي:
[ووجـه إعلال الإمام أحمد للـحـديث هو من حيث جمع حماد بن سلمة للإسنادين، الأول عن أيوب، والثاني عن قتادة، فـجعلهما إسنادًا واحـدًا وحمل أحـدهما على الآخر، والواقع أنـهما مـختلفان،.... ، فـحيث جعل الإسنادين واحدًا وقع في الغلط فـحمل إسناد قتادة على إسناد أيوب، والواقع أن بينـهما اختلافًا، فلذلك قال أحمد: «كـان لا يقوم على مثل هذا، يـجمع الرجـال ثم يـجعله إسنادًا واحـدًا وهم يـختلفون»، كـما تقدم.
وهذا يدل على أن الـجـمع بين الرواة في الأسانـيد لا يقبله الإمام أحمد من كل أحـد، حتى ولو كـان ثـقة. وقد ذكر الـخـليلي أن سبب تـجنب البخـاري لـحـديث حماد بن سلمة هو من أجـل هذه العلة - أعني جمعه للرجـال في إسناد واحـد.]

فـحماد بن سلمة كان يـجمع أسـماء شيوخـه الرواة في سند واحـد فيقع منه أخطاء في سرد الـحـديث ، وهذا الأسلوب يكرهه علماء الـحـديث، ولذلك ستلاحظ أن علماء الـحـديث لا يقبلون روايات الشخص الذي يـجمع الأسـماء معاً إلا إذا كـان هذا الشخص من الرواة الـحفظة المتقنين، لكن حماد بن سلمة ليس من الـمتقنين بل لديه أخطاء كثيرة في نقل الـحـديث.

وقال الشيخ / إبراهيم بن سعيد الصبـيحي في كتـابه (النكت الـجياد الـمنتخبة من كلام شيخ النقاد) ٤/ ٢٦ - ما يـلي:
[وهذا الصنيعُ مَظِنَّةٌ للغلط؛ كـأن يريد أن يكتب اسمَ الشيخ على حـديثٍ، فيخطىء، فيكتبه على حـديثٍ آخر، أو يرى السند متفقًا، فيتوهم أن الـمتنَ متفقٌ، وإنـما هو متنٌ آخر، وأشباه ذلك.
وقد قال ابن معين: «مَن سـمع من حماد بن سلمة الأصنافَ، ففيـها اختلاف.]


ثانـياً:
رواية الذباب هذه يرويـها حماد بن سلمة عن (أيوب وهشام وحبيب)، ولكن روايات حماد عن هؤلاء الرواة الثلاثة يكون فيـها أخطاء كمـا أكد علماء الـحـديث قديـماً.
وقد شرحتُ من قَبل كيف أن حماد بن سلمة يكون متقناً لروايات شيوخ معينيـن فقط، وهم: (حميد الطويل، وثابت البناني، وعلي بن زيد بن جـدعان، ومحمد بن زياد البصري، وعمار بن أبي عمار).

وبالتالي ، فإن رواية الذباب التي يرويـها حماد عن (أيوب وهشام وحبيب) فيـها أخطاء وعدم إتقان. 

تعالوا بنا نرى رأي علماء الـحـديث في حماد بن سلمة عندما يروى عن شيوخ آخرين غير الشيوخ الـخمسة الذين ذكرتُ أسماءهم:

* قال الإمام أحمد بن حنبل - في كتـاب (الـجـامع لعلوم الإمام أحمد - الرجـال) ١٦/‏٥٢٨ — ما يـلي:
[حماد بن سلمة يُسند عن أيوب أحـاديث لا يُسندها الناس عنه. «شرح علل الترمذي» ٢/ ٦٢١ - ٦٢٢]

فـحماد كـان يُـخطيء ويروي أحـاديث عن أيوب بالرغم من أن تلاميذ أيوب لـم يذكروها أبداً.
بالإضافة إلى أن حماد لـم يكن تلميذاً ملازماً لأيوب بل هو سمع منه ثم تركه، ولذلك ورد في كـتاب (شرح العلل ٢/ ٧٨٢) ما يلي:
[قال الإمام أحمد: «وأما سـماع حماد بن سلمة من أيوب فسمع منه قديـماً قبل حماد بن زيد ثم تركه، وجـالسه حماد بن زيد فأكثر عنه، وكـان حماد بن زيد أعلـم بـحـديث أيوب من حماد بن سلمة».]


* وقال ابن رجب الـحنبلي في كتـاب (شرح علل الترمذي) ٢/‏٧٨١ — ما يـلي:
[قال يعقوب بن شيبة: حماد بن سلمة ثقة في حـديـثه اضطراب شديد، إلا عن شيوخ فإنه حسن الـحـديث عنـهم متقن لـحـديثـهم مُقدَم على غيره فيـهم منـهم: ثابت البناني، وعمار بن أبي عمار.]

فأحـاديث حماد يكون فيـها أخطاء إلا إذا روى عن شيوخ معينين وهم الـخمسة الذين ذكرت أسماءهم من قبل.

* قال الشيخ/ أبو أويس الكردي - في كـتاب (سلسة الفوائد الـحـديثية والفقهية) ١/‏٣٤٩ — ما يـلي:
[قال الإمام مسلـم في «التـميـيز له» (ص: ٢١٨): قَالَ يـحيى القطَّان ويـحـيى بن مَعِين وأحمد بن حنبل وغيرهم من أهل الـمعرفَة: «حماد يُعَدّ عندهم إذا حَـدَّث عن غير ثَابت، كـحـديـثه عن قتادة، وأيوب، ويونس، وداود بن أبي هند، والـجُرَيْري، ويـحـيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وأشباههم، فإنه يُـخْطِئ في حـديثـهم كثيرًا».]


ثم إن حماد بن سلمة كـان يـختصر الـحـديث فيغير معناه ، ولذلك قال الـخطيب البغدادي في كتـاب (الكفاية في علـم الرواية) ١/‏١٩٢ — ما يـلي:
[سئل أبو عاصم النبيل: يُكره الاختصار في الـحـديث؟ - قال: نعم؛ لأنـهم يـخطئون الـمعنى ... قال عنبسة: قلت لابن الـمبارك: علمت أن حماد بن سلمة كان يريد أن يـختصر الـحـديث، فيقلب معناه. قال: فقال لي: أو فطنت له؟).]
 
بل حتى الإمام مسلم لـم يكن يـحتج بروايات حماد بن سلمة منفردةً بل كـان يستشـهد معه بالشواهد والـمتابعات؛ نظراً لأن حماد يـخطيء كثيراً إذا روى عن غير شيوخه الـخمسة الذين ذكرتهم، وهذا الأمر قد أشار إليه الإمام ابن رجب.

ثالثاً: 
بالنسبة لرواية الذباب التي يرويـها حماد عن حميد الطويل ، فإنها رواية ضعيفة أيضاً ، وذلك لسببيـن:
السبب الأول هو أن حميد الطويل راوٍ مدلس، وقد ذكره ابن حـجر العسقلاني في الدرجـة الثالثة من درجـات الـمدلسيـن؛ أي أن هذا الراوي يُكثر من التدليس، وبالتالي لا تُقبل عنعنته ولا تُقبل روايـته الـمعنعنة لـحـديث الذباب هذا.

* ورد في كتـاب (الـمطالب العالية) مـحققاً ٣/‏١٤٢ — ما يـلي:

[لكنه معلول بعنعنة حميد الطويل، فالـحـديث ضعيف.]


* ويقول الأستاذ الدكتور/ سعود بن عيد الصاعدي - في كتـابه (الأحـاديث الواردة في فضائل الصحـابة)  ٦/‏٥٠٣ — ما يـلي:

[وحميد الطويل مدلس، مشـهور، ولـم يصرح بالتحـديث ... فالـحـديث ضعيف]


* ولذا قال الأستاذ الدكتور/ سعود بن عيد الصاعدي - في كتـاب (الأحـاديث الواردة في فضائل الصحـابة) ٦/‏٥٠٣ — ما يـلي:
[وحميد الطويل مدلس، مشـهور، ولم يصرح بالتحـديث ... فالـحـديث ضعيف]

والسبب الثاني هو أن حماد بن سلمة جمع اسم حميد الطويل مع غيره من الرواة وذكرهم كـلهم معاً في نفس الإسناد حيث قال حماد: [عن حميد وهشام وحبيب وأيوب].
 وهذا الفعل يشكـك في مصداقية هذه الرواية؛ لأن حماد بن سلمة يُـخطيء في سرد الـحـديث عندما يـجمع أسـماء شيوخـه الرواة معاً في نفس السند.

والخلاصة أن رواية الذباب التي يرويها حماد هي رواية ضعيفة.

-------------------
وذكر الطحـاوي رواية ضعيفة في كـتابه (مشكل الآثار) وهي كـالتالي:
[حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الْقُرْدُوسِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ؛ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً»]

ولكن الرواية السابقة ضعيفة؛ فالذي رواها هو مرجى بن رجـاء، وقد اختلف علماء الـحـديث حوله، ولكن الرأي الأصوب أنه ضعيف؛ واستند العلماء إلى أن ابن أخته (أبو عمر الـحوضي) قد كـذَّبه وترك حـديثه.
فهذه الرواية السابقة قد رواها أبو عمر الـحوضي عن خـاله (مرجى بن رجـاء)، ولكن أبا عمر الـحوضى نفسه قد ترك حـديث خـاله (مرجى) ووصفه بالـكذب كمـا أخـبرنا ابن حبان في كـتاب (الـمجروحين) 17/ 366.
ولذلك يقول الأستاذ الدكتور/ بشار عواد معروف - في كتاب ( ما يلي:
[ضعيف، كذَّبه ابن أخته أبو عمر الحوضي، وهو بلا شك أعرف من غيره به، لذلك فتضعيفه أولى.]

وقال ابن حبان عن الراوي (مرجى) ما يلي:
[كـان مـمن ينفرد عن الـمشاهير بالـمناكير ، ويرفع الـمراسيل من حيث لا يعلـم على قلة روايـته، فلما كثر مـخـالفته للأثبات فيما روى عن الثقات خرج عن حـد العدالة إلى الـجرح، وسقط الاحتجـاج به فيما انفرد. فأما ما وافق الثقات فإن اعتبر به معتبِر دون أن يـحتج به لـم أر بذلك بأساً]

وقال أبو داود السجستاني عن الراوي (مرجى) أنه ضعيف
وقال الساجي عنه:
[ليس حـديـثه بشيء]

وقال عنه يـحيى بن معين:
[مرجى بن رجاء ضعيف، وليس حـديـثه بشيء]

وقد ذكره العقـيـلي وابن عدي وابن الـجوزي والـمقريزي في «الضعفاء»

وورد في كـتاب (إكمـال تـهذيب الكمال) 11/ 122 ما يلي:
[مرجى بن رجـاء اليشكري ....ذكره ابن الـجـارود، والعقيلي، وأبو العرب في «جملة الضعفاء»]

وكذلك ، ذكر الـمحققون ضعفه في هامش صفحة 53 من كـتاب (تفسير الطبري) - ط دار التربية والتراث - الـمجـلد ١٠

وأشار ابن حـجر العسقلاني في كـتاب (  إلى أن الراوي/مرجى بن رجـاء ربـما وَهم.

[هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، فيه العرزميُّ، محمد بن عبيد الله بن أبى سليمان «متروك» (التقريب ٦١٠٨).
والراوي عنه مُرَجَّى بن رجاء، مختلفٌ فيه، والأقربُ ضَعْفُهُ، انظر (الميزان ٤/ ٨٤).
قال البيهقيُّ: «مُرَجَّى بن رجاء ليس بالقويِّ، والعرزميُّ ضعيفٌ».]



وأما مَن يظنون أن الإمام يـحيى بن معين قام بتوثيق الراوي (مرجى بن رجـاء)؛ لأنه قال عنه: "صالـح" ؛ فإن هذا الاعتقاد خـاطيء تماماً؛ لأن مصطلح (صالـح) قد يطلقه ابن معين على الراوي الضعيف الذي يوجـد شيء سيء في ضبطه، ومثالاً على ذلك حين قال يـحيى بن معين:
[حُيَيّ بن عبد الله: صالح الحديث، ليس بذاك القوي.]

فالـمقصود من مصطلح (صالـح) هنا هو أن رواية هذا الراوي تصطلح للاعتبار وليس للاحتجاج.

--------------------
وروى ابن أبي خيثمة روايةً ضعيفةً في تاريخه وهي كالتالي:
[نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْد بْنِ الأَسْوَد، قَالَ: حَدَّثَنا إِسْمَاعِيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيم، عَنْ سَعِيد يَعْنِي: ابْنَ أَبِي عَروبَة عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْب؛ قَالَ: إِذَا وقعَ الذُبَاب فِي إناءِ أحدِكم؛ فَلْيَغْمِسه، فإَنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ وَفِي الآخرِ شِفَاءٌ.]

ولكن الرواية السابقة ضعيفة ☝؛ فالراوي قتادة مدلس وقد عنعن هنا ، وهو كان من تلاميذ أنس ، ولكنه أحياناً يأخذ كلاماً من أشخاص ضعفاء ثم ينسب الكلام إلى أنس مباشرةً.
ثم إن سعيد بن أبي عروبة كثير التدليس أيضاً، وقد عنعن هنا. ولذا تُعد الرواية ضعيفة.

------------

وأخـيراً قد وردت رواية ضعيفة ، وهي كـالتالي:

[حَـدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ خَـالِدٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْـخُـدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ ، قَالَ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي طَعَامِ أَحَـدِكُمْ فَامْقُلُوهُ»]

ولكن الـحـديث السابق لـم يأمر بتناول الطعام الذي وقع فيه الذباب ، ولـم يأمر الـحـديث باصطياد الذباب ووضعه عمداً في الطعام، بل الـحـديث يـتكـلـم عن الذباب الذي يقع في الطعام لوحـده بدون تعمد منا.

ثم إن حـديث الذباب السابق فيه مشاكـل من ناحية الإسناد أيضاً؛ فالسند يوجـد به الراوي (سعيد بن خـالد القارظي)، وهو راوٍ مـختلف فيه حيث ذكر الـمزي في كتـابه (تـهذيب الكمـال) 10/ 405 ما يلي:

[سعيد بن خـالد بن عبد الله بن قارظ القارظي.....، قال النسائي عنه ضعيف] 


ولهذا قال الإمام/ ابن عبد الهادي - في كتابه (تنقيح التحقيق) ١/‏٧٣ ما يلي:

[هو من رواية سعيد بن خالد القارِظي، وقد ضعَّفه النسائي]


وأما بالنسبة لـمن يتـحـجـجـون بأن ابن حـجـر العسقلاني أنكر تضعيف النسائي لـهذا الراوي، فإنني أرد عليـهم وأقول:

ابن حـجر العسقلاني نفسه كـان قد ذكر تضعيف النسائي للراوي (سعيد بن خـالد) ؛ فمثلاً:

- قال ابن حـجر - في كتـابه (الإصابة في تـمييز الصـحـابة) 8/ 384 ما يلي:

[قلتُ: وسعيد هو ابن خـالد بن عبد اللَّه بن قارظ تابعي، ضعَّفه النسائي]

وأما بالنسبة لـمن يـتـحـجـجـون بأن ابن حـجر قد أفتى بأن النسائي وثَّق الراوي (سعيد) في كـتاب (الـجرح والتعديل) حيث يقول ابن حـجر العسقلاني في كـتابه (تـهذيب التـهذيب) ما يلي:

[وقال النسائي في الـجرح والتعديل: (ثقة) ، فيُنظر في أين قال إنه ضعيف]

وأنا أرد على الكـلام السابق وأقول:
الكـلام السابق قد نسـخـه ابن حـجر العسقلاني من (مغلطاي) حيث أن مغلطاي هو أول مَن زعم أن النسائي قد وثَّق هذا الراوي في كـتاب (الـجرح والتعديل). ولكن الـمضحـك في الأمر هو أن النسائي ليس له كـتاب باسم: (الـجرح والتعديل) أصلاً، وليس هناك أحد من القدماء ذكر كتاباً للنسائي بهذا الاسم بل مغلطاي هو أول مَن اخترع اسم هذا الكتاب ثم قلَّده ابن حجر وابن الوزير ثم قلَّده السخاوي.

فمن أين أتى مغلطاي بـهذا الكـتاب الـمخـترع؟!


وقد أشار الـمحـققان/ سامي بن محمد بن جـاد الله، وعبد العزيز بن ناصر الـخباني في كـتاب (تنقيح التحقيق)  - جزء الطهارة ١ -‏ هامش صفحـة ٧٣ - ما يلي:

[تنبيه: الـحـافظ مغلطاي كـان واسع الإطلاع على الكتب، وكـان مـمن يستخرج الـخبايا من الزوايا، ولكنه أحيانًا يطلق نسبًا وأسماءً لـمؤلفي الكتب غير مشـهورين بـها، تنشيطاً لذهن القارئ، فعلى طالب العلـم الانتباه لذلك.]


فمغلطاي كـان يـخطيء فينسب قولاً إلى شـخص لـم يقله أصلاً. وللأسف ستجـد الكثير من الكُتَّـاب والشيوخ ينقلون نفس الـخطأ من مغلطاي وابن حـجر بدون أن يراجعوا الـمعلومة وراءهما. 

وقد زعم مغلطاي أن ابن خـلفون اعتبر هذا الراوي من الثقات وأنه ذكره في كـتاب (الثقات)، ولكننا لا يـمكننا الاعتماد على هذا الزعم نظراً لأن كتـاب (الثقات) لابن خـلفون غير متوفر في الـمـكتبات اليوم. ثم إن ابن خلفون هو من المتأخرين وتوثيقات الـمتأخرين هي في مَعرض التناقش ، ولذلك من الـممكن أن تؤخذ أو تُرفض.

وأما بالنسبة لـمن يزعمون أن العـجـلي قام بتوثيق هذا الراوي وذكره في كـتاب (الثقات)، فإنني أرد عليـهم وأقول:

لقد راجعتُ كـتاب الثقات للعـجـلي ووجـدت أنه كـان يتـكـلـم عن راوٍ آخر تـماماً اسـمه: (سعيد بن خـالد بن عمرو بن عثمان بن عفان، أبو عثمان الـمدني)، وقد أشار الدكتور: عبد الـمعطي أمين قلعـجي إلى هذه النقطة في نفس الكـتاب في هامش صفحـة 183

فالأمر مـجرد تشابه أسماء، وليس هناك دليل صريـح على أن العـجـلي كـان يوثق الراوي/ سعيد بن خـالد القارظي الذي روى حـديث الذباب.


وأما بالنسبة لـمن يتـحـجـجـون بأن كـتاب (سؤالات البرقاني للدارقطني) قد ذكر أن الدارقطني قال عن الراوي سعيد بن خـالد القارظي أنه مدني يُـحـتَـج به، فإنني أرد عليـهم وأقول:

أولاً: لقد رجعتُ إلى مخطوطة كتاب (سؤالات البرقاني للدارقطني)، ووجدت أن المخطوطة ذكرت اسم الراوي: (سعد بن خالد القارظي) بدلاً من (سعيد بن خالد القارظي)، وهذا يدل على وجود أخطاء وأوهام.

وإليك المخطوطة بنفسك:

سؤالات البرقاني للدارقطني - حكم الراوي/ سعيد بن خالد القارظي


ثانياً: 

إذا رجعنا إلى كتـاب (تـنقيح التـحقيق) لابن عبد الـهادي، فسنجـد أن الـمخطوطة الأصلية ذكرت ما يلي:

[قال الدارقطني: سعيد بن خـالد مدني لا يُـحتج به]

فالدارقطني يقول عن الراوي/ سعيد بن خـالد القارظي أنه لا يُـحتج به بـحسب شـهادة ابن عبد الـهادي.

 مع العلـم أن الـمخطوطات الأصلية لكـتاب (تـنقيح التحقيق) قد تضمنت عبارة [لا يُـحتَج به]، ولكن الـمطابع الحديثة حـذفت كلمة (لا) من السياق فتغير الـمعنى، وهذا ما أشار الـمحققان/ سامي بن محمد بن جـاد الله وعبد العزيز بن ناصر الـخباني في هامش صفحة 73 👇

رأي الدارقطني في الراوي سعيد بن خالد القارظي


إذن ، نـحن أمام كـتابـيـن: الكـتاب الأول وهو كـتاب (سؤالات البرقاني) وهو يقول أن الدارقطني احتج بـ(سعد بن خـالد القارظي) وليس (سعيد)، أما كـتاب (تـنقيح التـحقيق) فيقول أن الدارقطني لـم يـحتج بـ(سعيد بن خـالد القارظي).

 مع العلم أن مـخطوطات كـلا الكـتابـيـن الـموجودة بين أيديـنا تعود إلى نفس الفترة تقريباً وهي القرن الثامن الـهجري تقريباً.

وبالتالي لا يوجد دليل واضح على أن الراوي (سعيد بن خالد القارظي) يصلح للاحتجاج.

ثم إن نفس الرواية لـم تأمرنا بأكـل الذباب ولا هي أمرتـنا بتناول الطعام الذي وقع فيه الذباب بل الرواية حـذرتنا من ذلك الطعام أصلاً؛ فالرواية تقول ما يلي: 

[حَـدَّثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : حـدثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَـالِدٍ ، قَالَ : دَخَـلْتُ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ ، فَأَتَانَا بِزُبْدٍ وَكُتْـلَةٍ ، فَأُسْقِطَ ذُبَابٌ فِي الطَّعَامِ ، فَـجَعَلَ أَبُو سَلَمَةَ يَـمْقُلُهُ بِأُصْبُعِهِ فِيهِ ، فَقُلْتُ : يَا خَـالُ ، مَا تَصْنَعُ ؟ فَقَالَ : إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْـخُـدْرِيَّ حَـدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَ : «إِنَّ أَحَـدَ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ ، وَالْآخَرَ شِفَاءٌ ، فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ ، فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ ، وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ»]


هل لاحظت أن الرواية السابقة تـقول: [الذباب يقدم السم ويؤخر الشفاء] ، وهذا معناه أن الطعام الذي وقع فيه الذباب هو طعام يـحتوي على السم ويؤخر شفاءنا؛ لأنه يضعف مناعتنا.

وأما بالنسبة لعبارة [في أحـد جناحي الذباب شفاء]، فهذا لا يعني جواز تـناول الطعام الذي وقع فيه الذباب بل الـحـديث يـخـبرنا فقط أن أجزاءً من الذباب تـحتوي على علاج، وهذا ما أشار إليه العلـم الـحـديث حيث أثبت العلم الحديث أن أجزاءً من الذباب تـحتوي على أجسام مضادة تقتل البكتريا، وإليك الأبـحـاث من أرقى الـجـامعات الغربـية والبريطانـية👇
العلم الحديث يثبت أن الذباب يوجد في جسمه شفاء | حديث في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء


العلم الحديث يثبت أن الذباب يوجد في جسمه شفاء | حديث في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء


العلم الحديث يثبت أن الذباب يوجد في جسمه شفاء | حديث في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء

العلم الحديث يثبت أن الذباب يوجد في جسمه شفاء | حديث في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء

العلم الحديث يثبت أن الذباب يوجد في جسمه شفاء | حديث في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء

العلم الحديث يثبت أن الذباب يوجد في جسمه شفاء | حديث: في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء

العلم الحديث يثبت أن الذباب يوجد في جسمه شفاء | حديث: في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء

العلم الحديث يثبت أن الذباب يوجد في جسمه شفاء | حديث: في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء


فالـمجـلات والأبحاث العلمية السابقة تشير إلى أن أجنحـة الذباب تـحتوي على مضادات حيوية تقتل البكتريا وهي مفتاح لعلاج بعض الأمراض.
وهذا ما أشار إليه الـحـديث، ولكن الحديث لا يعني أن تأكل الذباب.

دعني أبسط لك الفكرة:
عندما يـخـبرك الباحثون بأن دم الـحصان يـحتوي على شفاء من سـموم الأفعى فإن هذا لا يعني أن تشرب دم الـحصان. ونفس الأمر عندما يـخـبرك الـحـديث بأن جناج الذباب يـحتوي على شفاء فإن هذا لا يعني أن تـتناول الذباب أو الطعام الواقع فيه.

وأما بالنسبة لـكـلمة (فامقلوه)، فإن الكثير من الشيوخ قد فسروها على أنـها تعني (اغمسوه في الطعام)، ولكن ما لا يعلمه هؤلاء الشيوخ أن أصل كـلمة (الـمقل) في اللغة العربـية يعني أيضاً (الرمي)، ولذلك يقول العالم اللغوي/ مرتضى الزبـيدي - في كـتابه (تاج العروس من جواهر القاموس) - 30/ 414 ما يلي: 
[وإنَّـما سُـمِّيَتْ مُقْلَةً، لأَنَّـها تَرمي بالنَّظَرِ، والـمَقْلُ: الرَّمْيُ]

- وقال العالم اللغوي/ الأزهري - في كتـابه (تـهذيب اللغة) 9/ 150 ما يلي:
[الـمُقْلة: العَين كـلهَا، وَإِنَّـمَا سُـميت مقلة؛ لِأَنَّـهَا ترمي بالنَّظر. والـمَقْل: الرَّمْي]

- وقال العالم اللغوي/ ابن منظور - في (لسان العرب) 11/ 627 ما يلي:
[وإِنـما سُـمِّيَتْ مُقْلَة؛ لأَنـها تَرْمِي بِالنَّظَرِ. والـمَقْل: أي الرَّمْيُ]

- وقال أحمد رضا - في (معجم متن اللغة) 5/ 329 ما يلي:
[مقله – مقلاً بعينه: نظر إليه. ومقله في الـماء: أي غمسه في الـماء. ومقل في الـماء: أي غاص. ومقل الـمقلة : أي ألقاها في الإناء وصب عليـها ما يغمرها من الـماء. «وأصل الـمعنى: الرمي»]

إذن ، كـلمة (فامقلوه) تعني (ارموه) ؛ أي أن النبي يأمر برمي الذباب خـارج الطعام؛ لأنه يقدم السم ويؤخر الشفاء.

-------------
وأما بالنسبة لـمن يستشـهدون بـما رواه ابن ماجـه في سننه حيث قال:
[حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «فِي أَحَدِ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ، والْآخَرِ شِفَاءٌ، فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ»

ولكن الرواية السابقة سندها به مشاكل كما وضحنا منذ قليل ثم إن نفس الرواية تفيد أن الذباب يقدم السم ويؤخر الشفاء.
وأما عبارة [فامقلوه فيه]، فإن حرف الجر (في) في اللغة العربية قد يعني السببية (بسبب)، فمثلاً: هناك حديث يقول: [دخلت امرأة النار في هِرة] أي بسبب هِرة.
ويُقال: [فلان حُبس في قضية مخدرات]؛ أي بسبب قضية مخدرات.

وقال الله تعالى: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}؛ أي بسبب ما افتريتم.

وبالتالي يكون المقصود من عبارة [فامقلوه فيه]؛ أي ارموا الطعام بسبب الذباب.

*********

وكذلك قد يأتي حرف الجر (في) بمعنى (مع)؛  فمثلاً: قال الله تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ} ؛ أي ادخلوا أيها المشركين مع باقي الأمم السابقة إلى النار

ويقول ابن منظور في معجم لسان العرب ما يلي:
[قال ابن السكيت : جاءت (في) بمعنى (مع) ؛ قال الجعدي : ((ولَوْحُ ذِراعَيْنِ في بِرْكةٍ ، *** إِلى جُؤْجُؤٍ رَهِلِ المَنْكِبِ))، وقال أَبو النجم: ((يَدْفَعُ عنها الجُوعَ ، كلَّ مَدْفَعِ ، *** خَمْسُون بُسْطاً في خَلايا أَرْبَع))، أَراد : مع خلايا
وقال الفراء في قول الله تعالى : {يَذْرَؤُكم فيه} ؛ أَي يُكَثِّرُكُم به ؛ وأَنشد: ((وأَرْغَبُ فيها عن عُبَيْدٍ ورَهْطِه ، *** ولكِنْ بها عن سِنْبِسٍ لَسْتُ أَرْغبُ))؛ أَي أَرغب بها.]

وبالتالي يصير المقصود من حديث الذباب هو : ارموا الطعام الملوث مع الذباب.
*********

وقد يأتي جرف الجر (في) بمعنى (بـــــــ)، فمثلاً:
قال الله تعالى: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}: أي يُكثِّركم به.
وقال الله تعالى:  {فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِی زِینَتِهِ}، أي بزينته.
ويُقال في اللغة العربية: [وقف الحارس في الباب]، أي وقف بالباب.
ويُقال في اللغة العربية: [فلان تكلم في خُبْث]، أي بخبث

وبالتالي يكون المقصود من عبارة [امقلوه فيه]؛ أي ارموا الطعام بالذباب الموجود فيه.
 *********

وقد يأتي حرف الجر (في) بمعنى (مِن)، فمثلاً:
قال الله تعالى: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}؛ أي أعطوهم منها
وبالتالي ، يكون المقصود من حديث الذباب هو رمى الجزء الفاسد من الطعام.

*********
وقد يكون حرف الجر (في) زائداً فمثلاً:
يُقال في اللغة العربية: «اركبوا في الدواب»، أي اركبوها
وبالتالي ، يكون المقصود من عبارة [فامقلوه فيه] أي املقوه وارموه.


وإليك الدليل على كل كلامي:
- ورد في المعجم الرائد ما يلي:
[في: حرف جر يدل على.... * المصاحبة، مثل: «جاء القائد في جيشه». * والتعليل، مثل: «قتل في ثأر»؛ أي لأجل ثأر..... * ومرادف «الباء»، مثل: «هو بصير في درسه»؛ أي به..... * ومرادف «من»، مثل: «مضى على كذا شهر في سنتين»؛ أي من سنتين. * وللتوكيد، ويكون زائداً، مثل: «اركبوا في الدواب»؛ أي اركبوها]

- وورد في معجم الغني ما يلي:
[ (فِي) حَرْفُ جَرٍّ، مِنْ مَعَانِيهِ :.... * الْمُصَاحَبَةُ مثل: ((خَرَجْتُ فِي صُحْبَتِهِ))، ((جَاءَ فِي مَوْكِبِ الرَّئِيسِ)).
* السَّبَبِيَّةُ مثل : ((عُوقِبَ فِي ذَنْبِهِ)): أَيْ بِسَبَبِ...
* كَمَا يَجِيءُ بِمَعْنَى (بِـــــ) مثل: ((دَخَلَ فِي زِيِّهِ العَسْكَرِيِّ)) ، ((وَقَفَ الْحَارِسُ فِي البَابِ))....
* كَمَا يَجِيءُ بِمَعْنَى (مِنْ) التَّبْعِيضِيَّةِ مثل: ((أَخَذْتُ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ)).]


وورد في معجم اللغة العربية المعاصرة ما يلي:
[فِي: حرف جرّ ... يفيد السَّببيَّة مثل: ((حُبس في قضية مُخدَّرات)) ،  ((دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ)) ؛ أي بسبب هرَّة، وقول الله تعالى: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .
* حرف جرّ يفيد المصاحبة والمعيَّة مثل:- {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ}: .
* حرف جرّ بمعنى الباء مثل :- ((وقف الحارس في الباب))،  ((خرج على الناس في زينته)) ، ((قال في خُبْث))، وقول الله تعالى: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}: يكثِّركم به.
* حرف جرّ بمعنى (مِن) مثل قول الله تعالى: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}
* حرف جرّ زائد لإفادة التوكيد]


------------------------------
وأخيراً:
أود أن أخبركم أن المسيحيين الذين يسخرون من الإسلام هم أنفسهم يبيحون أكل الحشرات وتناول أي كائن؛ حيث أن إلههم نفسه قد أمر رسوله بطرس بأن يأكل كل دواب الأرض حتى لو كانت نجسة في نظره. وهذا الأمر كنت قد تكلمت عنه في هذا المنشور التالي:
________________________
إلى هنا ، أكون قد فندتُ الشبهة بالكامل
لا تنسوا نشر المقال أو نسخه 
لا تنسونا من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x