مضمون الشبهة:
اليوم سوف نرد على أكاذيب الطائي الكذاب وشبهاته حول صحيحي البخاري ومسلم
أولاً:
الطائي الكذاب تكلم عن عمى البخاري؛ لكي يوهم القاريء بأن البخاري لم يصنف ((صحيح البخاري)) بنفسه بسبب العمى!
وأنا أرد على هذا الادعاء وأقول:
قصة عمى البخارى ذكرت أنه كان كفيفاً في صغره ، فأكثرت أمه من الدعاء له ، فأعاد الله بصره ، فأصبح حاد البصر لدرجة أنه كان يكتب أحياناً اعتماداً على ضوء القمر فقط بدون أن يشعل الشموع. فالبخاري قام بإعداد صحيح البخاري وهو مبصر وليس أعمى.
ومن هنا يتبين لنا أن الطائي الكذاب قام باقتطاع القصة؛ لكي يمرر معلومات مغلوطة للمسلمين، وكان من الواجب عليه إما أن يذكر قصة العمى بأكملها أو يتركها بأكملها.
بل إن كتب السير والتاريخ ذكرت أن البخاري نفسه كان قد أخذ كتباً من زملائه فقرأها عليهم وصحح لهم بعض الأشياء ، وهذا يدل على أنه كان يقرأ ويكتب.
وأما بالنسبة لما يزعمه الطائي الكذاب بأن المخطوطات الإسلامية يبدأ تاريخها من عند سنة ٣٠ هـ فصاعداً ، فهذا كلام غير صحيح. وهناك مخطوطات أقدم من ذلك مثل مخطوطة برمنغهام للقرآن الكريم والتي تؤرخ كتابتها إلى عصر النبي أو بعده بقليل.
وأما بالنسبة لما يزعمه الطائي الكذاب بأنه لا يوجد أي مخطوط لصحيح البخاري إلا مخطوطة تعود للقرن الثامن الهجري، فهذا أيضاً خطأ، وقد تم مؤخراً اكتشاف مخطوطة (تارودانت) التي هي قريبة من عصر البخاري وهي أقدم بكثير من القرن الثامن الهجري. وكل فترة يتم اكتشاف مخطوطات جديدة، ولذلك ليس من الحكمة التسرع في التشكيك في كتب السُنة النبوية.
ونفس الأمر ينطبق على القرآن الكريم، فمنذ سنين كان اليهود والنصاري ينتقدون القرآن ويزعمون أنه بدون مخطوطات قديمة ، ولكن مؤخراً اكتشف العلماء مخطوطات قرآنية قديمة تعود للقرن الأول الهجري...، ولذلك ليس من العقلاني التسرع في التشكيك في الكتب.
وأما بالنسبة لما فعله الطائي الكذاب حين شكَّك في شخصية الإمام مسلم حيث تحجج الطائي بموضوع الاختلاف في تاريخ ولادة الإمام مسلم (201، 202، 204، 206هـ)...
وأنا أرد على هذا الطائي الكذاب وأقول:
هذا الأسلوب غير علمي وغير عقلاني، ولو مشينا بنفس أسلوب الطائي فإننا سننكر وجود الكثير والكثير من الشخصيات التاريخية؛ فمثلاً: أفلاطون لا يُعرَف وقت ميلاده بالتحديد ولكن يتم اقتراح سنة ميلاده تقريبياً.
وحتى أجدادك ، أنت لا تعرف سنة ميلاد كل واحد منهم بالتحديد فهل ستنكر أجدادك؟!
ثم إن الطائي الكذاب قد استشهد بعدة اختلافات لسنة ميلاد الإمام مسلم مثل سنة ٢٠١ و٢٠٢ و٢٠٤ و٢٠٦ هجرياً.
وطبعاً، هو نقل هذه التواريخ من ويكيبيديا ، ولكن كالعادة اقتطع الطائي الكلام من سياقه لكي يخدع القاريء.
فأما بالنسبة لسنة ٢٠٦هـ ، فإنها هي الرأي الأقدم في تحديد سنة ميلاد الإمام مسلم. وهذا الرأى ذكره الحاكم النيسابوري عن ابن الأخرم. وهما قريبان من عصر الإمام مسلم. وهذا هو الرأي المعتمد في تحديد سنة ميلاد الإمام مسلم.
أما سنة ٢٠٢ هـ، فهذا رأي شخص ألماني اسمه (بروكلمان).
وأما سنة ٢٠٤ هـ، فإن الذهبي ذكر هذا الرأي ولم يجزم به ولا نعرف من أين نقل هذا الرأي.
وأما سنة ٢٠١ هـ، فهذا الرأي ذكره الذهبي وابن العماد الحنبلي، ولكن هذا الرأي متأخر وليس أقدم الآراء، ولذلك لا يُعتمَد إلا على الرأي القديم القائل أن الإمام مسلم وُلد سنة ٢٠٦ هـ.
وأما بالنسبة لكلام الطائي عن موت الإمام مسلم بسبب تناوله الكثير من التمر ، فإنه حاول أن يسوق القصة بطريقته الخاصة لكي يوهم القاريء أن الإمام مسلم كان أكول ، ولكن الحقيقة ليست كذلك. والقصة باختصار أن الإمام مسلم سُئل عن حديث في مجلس بنيسابور، فأجاب بأنه لا يعلمه. وعندما رجع إلى بيته قام بالبحث عن ذلك الحديث في الكتب، وحصل في تلك الأثناء أن أحد معارفه جاءه بسلة من تمر. وكان الإمام مسلم لا يزال يبحث عن الحديث في الكتب طوال ليلته. ولكي يزيل النوم عن عينيه أخذ يسلي نفسه بتناول تمرة تمرة حتى طلع عليه الفجر إلى أن وجد الحديث في النهاية. فالإمام مسلم قد انشغل ذهنه بالبحث في الكتب ، وكان يأكل التمر حتى لا ينعس على الكتاب ، وهذا في النهاية سبَّب له وعكة صحية ومات.
ولذا كان من المفترض على الطائي الكذاب إما أن يأخذ القصة بأكملها أو يتركها بأكملها...
وأما ما يزعمه الطائي الكذاب بأن ابن خير الإشبيلي هو أول مَن أطلق اسم (صحيح مسلم) وكأن الكتاب كان مجهول المصدر من قبل ، فإني أرد على هذا الكذب وأقول:
هناك العشرات من الأئمة والمؤرخين قبل (ابن خير الإشبيلي) قد ذكروا الإمام مسلم بن الحجاج ونسبوا له كتاب (صحيح مسلم) ، وذكروا اسم الكتاب كما هو ، فمثلاً:
• ذكره البرذعي في كتاب (سؤالاته لأبي زرعة) ١/ ٣٧٥
وذكره البرديجي في كتاب (طبقات الأسماء المفردة) ١/ ١٢٣
• وذكره الدارقطني في كتاب (العلل) ٧/ ١٩٨
• وذكره أبو عبد الله الحاكم في كتاب (مَن أخرجهم البخاري ومسلم) ١/ ٦٣ ، وذكره أيضاً في كتاب (معرفة علوم الحديث) ١/ ١١٥
• وذكره أبو نعيم الأصفهاني في كتاب (حلية الأولياء) ٤/ ٣٠٥
• وذكره والد إمام الحرمين الجويني في كتاب (الجمع والفرق) ٣/ ٧٥٥
• وذكره أبو يعلى الخليلي في كتاب (الإرشاد في معرفة علماء الـحـديث) ٣/ ٨٢٥
• وكثيراً ما كان الإمام البيهقي ينقل ويذكر أحاديث صحيح مسلم ويذكره بالاسم. وتستطيع أن تقرأ سنن البيهقي وكتاب (شُعب الإيمان) للبيهقي
• وذكره أبو القاسم الحنائي في كتاب (فوائد الحنائي) ٢/ ١١٥٣
• وذكره الخطيب البغدادي في كتاب (المتفق والمفترق) ١/ ٥٢٦ ، وذكره أيضاً في كتاب (تاريخ بغداد) ٥/ ٢٩
• وذكره أبو إسماعيل الهروي في كتاب (ذم الكلام وأهله) ٤/ ٣٧
• وذكره أبو عبيد البكري في كتاب (سمط اللآلي) ١/ ٦٨٣
• وذكره ابن أبي نصر الحميدي في كتاب (جذوة المقتبس) ١/ ٢٥٥ ، وذكره في كتاب (الجمع بين الصحيحين).
وعندي عشرات الأمثلة الأخرى ولكني لا أريد الإطالة..
وأما بالنسبة لكلام الطائي عن أن البخاري ومسلم قاما بعملهما بعد ثلاثة قرون من النبي؛ حيث يحاول الطائي أن يوهم الناس بأن السُنة النبوية بدأت بعد ثلاثة قرون من النبي!!!
وأنا أرد عليك وأقول أن بين البخاري ومسلم ليس ثلاثة قرون بل قرنان. ثم إن السُنة النبوية كانت موجودة أصلاً قبل البخاري ومسلم؛ فما فعله البخاري ومسلم ليس كتابة الحديث بل فرز الحديث. أما قبل البخاري ومسلم فكان هناك عشرات الكتب في الحديث. وكانت هناك صحيفة (همام بن منبه) وموطأ مالك وغيرهم من كتب الحديث. والفقهاء الأربعة كلهم كانوا قبل البخاري ، وكلهم يمتلك مسنداً للأحاديث.
وأما بالنسبة لادعاء الطائي الكذاب بأنه لا يوجد أي مخطوطة لصحيح مسلم ، فإن هذا الكلام كذب ؛ فهناك عدة مخطوطات لصحيح مسلم من بينها نُسخ نشرها موقع جامعة الملك سعود. ومثالاً على ذلك مخطوطة نسخها: الغالي عمر بن حسن بن أبي بكر، وغيرها من النسخ المنشورة على موقع جامعة الملك سعود.
ثم إننا لو تعاملنا بنفس أسلوب الطائي الكذاب وأمثاله من منكري السُنة ، فإننا سنطعن في معظم كتب البشر القديمة ؛ فمثلاً: المؤرخ هيرودوت هو من أعظم المؤرخين اليونانيين القدماء ويُلقَب بـ(أبو التاريخ) ، وقد ذكر هيرودوت أخبار الأمم القديمة ، ومع ذلك لا يوجد مخطوطات أصلية لكتاباته. ونفس الأمر ينطبق على المؤرخ يوسيفوس، وغيرهما من المؤرخين القدماء.
وحتى الفلاسفة المشاهير أمثال أرسطو وأفلاطون ليس عندنا لهم مخطوطات أصلية...
وحتى الكثير من العلماء القدماء لا نجد مخطوطاتهم الأصلية فمثلاً: فيثاغورس صاحب نظريته الرياضية الشهيرة في حساب المثلثات والقوى ، لن تجد له مخطوطة أصلية. فهل سننكر العلم الآن؟!
وحتى إذا أنا سألتك عن عقد زواج أجدادك فلن تستطيع أن تجلبه لي ، فهل هذا معناه أنك جئت من الزنا وليس الزواج؟!.
وحتى عند الشيعة الوثنيون، الكثير من كتبهم الشيعية لن تجد لها مخطوطات أصلية. مع العلم أن كتبهم الروائية بدأت من القرن الرابع والخامس هجرياً ؛ أي أن بينهما وبين (علي بن أبي طالب) مئات السنين. وحتى كتاب (نهج البلاغة) الذي يعتبرونه أفضل كتاب بعد كتاب الله هو نفسه تم تأليفه في القرن الرابع الهجري وليس له أسانيد... ومخطوطاته لا تعود للقرن الرابع بل القرن الخامس والسادس والسابع الهجري!
وكتاب (الاستبصار) عند الشيعة تعود أقدم مخطوطاته للقرن السادس والسابع هجرياً؛ أي بعد عشرات السنين من موت مؤلفه الطوسي.
ونفس الأمر ينطبق على الكثير من كتب الشيعة الأوغاد الذين ينتقدون كتب السُنة ولكنهم لا ينظرون لعوار دينهم الشيعي الوثني!!!
وحتى اليهود لا يوجد عندهم مخطوطة أصلية للتلمود الذي يؤمنون به بل أقدم مخطوطة كاملة للتلمود هي مخطوطة ميونخ التي تعود للقرن 14 ميلادياً أي بعد ظهور الإسلام بقرون. وأقدم مخطوطات لأسفار التناخ اليهودي هي مخطوطات قمران وبينها وبين النبي موسى حوالي 13 - 15 قرن.
وحتى المسيحيون لا يمتلكون مخطوطة أصلية لأناجيلهم، ولا يوجد لها مخطوطة تعود للقرن الأول الميلادي.
والخلاصة أن الطائي الكذاب عندما يحدثنا عن المخطوطات فإنه هكذا يتبع المنهج الأعور للغربيين ، وهذا المنهج الغربي غير عقلاني؛ فالمخطوطات تبلى مع الوقت لأنها مواد عضوية. وليس من المعقول أن ننكر تاريخنا الإسلامي بسبب منهج الغربيين الغير عقلاني.
أما المنهج الإسلامي الغربي فيقوم على تناقل المعلومة شفاهةً بالإضافة إلى مقابلة المخطوطة الحديثة بالقديمة؛ وبالتالي فإن المنهج الإسلامي يضمن بقاء المعلومة بشكل صحيح عبر الزمن وعدم ضياعها. وهذا هو الفرق بين المنهج الإسلامي وبين المنهج الغربي المتخلف.
وأما بالنسبة لادعاء الطائي بأن صحيحي البخاري ومسلم لوحدها يتحكمان في شرائع وقوانين العالم الإسلامي وعلاقته مع العالم الآخر، فهذا كذب منه ؛ فمعظم دولنا يتحكم بها علمانيون ومعظم التشريعات الإسلامية متعطلة بسبب الدساتير العلمانية، وهذا سبَّب التخلف لبلادنا.
مصر مثلاً تعطلت فيها أغلب التشريعات الإسلامية بسبب المحاكم المختلطة التي أقامها المحتلون الفرنسيون.
ثم إن الطائي يحاول أن يوهم الناس بأن التشريعات الإسلامية مأخوذة من صحيحي البخاري ومسلم فقط!!!
بالرغم من أن الأحاديث الموجودة في صحيح البخاري موجودة في غيره من الكتب الحديثية، ولو حرقت صحيح البخاري فستجد نفس أحاديثه في غيرها من الكتب.
وأخيراً: معظم الشبهات التي طرحها الطائي الكذاب هو نفسه قد نقلها كالأعمى من الغربيين اليهود والمسيحيين.
-----------------------
إلى هنا، أكون قد فندت الشبهة بالكامل
لا تنسوا نشر المقال أو نسخه
لا تنسونا من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته