الرد على كذبة قتل معاوية لعائشة وأخيها عبد الرحمن بالدفن أحياء - الرد على كذبة حرق جثة محمد بن أبي بكر في جيفة حمار ميت - هل عمرو بن العاص ومعاوية بن حديج قتلوا محمد بن أبي بكر

الرد على شبهة: هل معاوية بن أبي سفيان قتل عائشة وأخاها عبد الرحمن بن أبي بكر بالدفن أو التسميم، وهل معاوية قتل الحسن بالسم ، وهل حرقت جثة محمد بن أبي
40 دقيقة قراءة

 مضمون الشبهة:

الشيعة الوثنيون يطعنون في الصحابة حيث يزعم الشيعة أن الصحابة قتلوا بعضهم.

ومن الأكاذيب التي يرددها الشيعة هو أن معاوية بن أبي سفيان قتل الحسنَ وقتل السيدةَ عائشة وقتل عبد الرحمن بن أبي بكر الذي هو أخو السيدة عائشة.

وبعون الله ، سوف نهدم هذه الأكاذيب الشيعية واحدةً تلو الأخرى... 

أولاً:

يزعم الشيعة الكذابون أن معاوية قتل السيدة عائشة ويستشهدون على ذلك ببعض التفاهات؛ فمثلاً:

الشيعة يستشهدون بما قاله النباطي البياضي في كتابه (الصراط المستقيم) حيث يقول:

[وروى الأعمشُ أنه لمَّا قدم معاويةُ الكوفة قال: ((ما قتلتُكم على أن تُصلّوا وتصوموا فإني أعلم أنكم تفعلون ذلك، بل لأتأمر عليكم)) ، فقال الأعمش: ((هل رأيتم رجلاً أقل حياء منه؟ قتل سبعين ألفاً فيهم: عمار وخزيمة وحجر وعمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر ، والأشتر ، وأويس ، وابن صوحان ، وابن التيهان ، وعائشة ، وابن حسان ثم يقول هذا)).] 

وأنا أرد على الهراء السابق وأقول:

أولاً: صاحب الكتاب السابق هو علي بن يونس البياضي النباطي العاملي، وهو شيعي عاش في القرن التاسع الهجري، أما الأعمش فقد عاش في القرن الأول والثاني الهجري؛ أي أن بين الأعمش وبين النباطي مئات السنين ، وعندما نسب النباطي هذه الرواية إلى الأعمش، فإن النباطي لم يذكر لها سنداً بل إن النباطي حرَّف رواية الأعمش وزاد فيها على مزاجه.

وحتى لو افترضنا أن الأعمش قال نفس الرواية السابقة فعلاً، فإن الرواية لن تكون حجة علينا أصلاً بل ستكون رواية ضعيفة منقطة الإسناد؛ لأن الأعمش أصلاً لم يحضر تلك الحادثة بل الأعمش وُلِدَ بعد وفاة عائشة ووفاة معاوية، وقد وُلِدَ الأعمش في الكوفة التي كانت موطن الأكاذيب والشائعات ضد معاوية، ولذلك لا يمكننا أخذ شهادة من شخص لم يشاهد شيئاً أصلاً.

وإذا أرت أن تعرف الرواية الأقدم التي حكاها الأعمش؛ فإليك رواية الأعمش👇:

* ورد في مصنف ابن أبي شيبة ، وطبقات ابن سعد، وكتاب البداية والنهاية لابن كثير، وكتاب مقاتل الطالبين لأبي الفرج الأصبهاني ، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ، وردت هذه الرواية التالية:

[عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ الْجُمُعَةَ بِالنَّخِيلَةِ فِي الضُّحَى، ثُمَّ خَطَبْنَا فَقَالَ: «مَا قَاتَلْتُكُمْ لِتُصَلُّوا، وَلَا لِتَصُومُوا، وَلَا لِتَحُجُّوا، وَلَا لِتُزَكُّوا، وَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ إِنَّمَا قَاتَلْتُكُمْ لِأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ ذَلِكَ وَأَنْتُمْ لَهُ كَارِهُونَ»]

رواية الأعمش السابقة ☝ ليس فيها أن الأعمش اتهم معاوية بقتل سبعين ألفاً ولا اتهمه بقتل عائشة وفلان وفلان وفلان ولا اتهمه بقلة الحياء....

ثم إن رواية الأعمش سواء الأقدم أو المحرفة التي رواها النباطي هي رواية ضعيفة أصلاً ولا تصح سنداً؛ فالأعمش مدلس وقد عنعن في الرواية، بل الأدهى من ذلك أن الأعمش أخذ الرواية من شخص مجهول يُلقَب بـ(سعيد بن سويد)، وهو أصلاً ليس له أي توثيق في كتب الرجال.

- ولذا علَّق الأستاذ الدكتور الشيخ/ سعد الشثري - في هامش كتاب (مصنف ابن أبي شيبة)  ١٧/‏١٠٧ — قائلاً:

[حديث ضعيف؛ لضعف سعيد بن سويد، قال البخاري في (التاريخ) ٣/ ٤٧٧ عن سعيد بن سويد: «لا يتابع عليه».]


- وعلَّق الدكتور/ بشار عواد - في هامش (كتاب سير أعلام النبلاء) ٣/‏١٤٧ — ما يلي:

 [أورده ابن كثير في «البداية» ٨ / ١٣١ من طريق ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، قالا: حدثنا أبو معاوية بهذا الإسناد، وسعيد بن سويد مجهول، وقال البخاري في «تاريخه» ٣ / ٤٧٧: لا يتابع في حديثه، فالسند ضعيف، والخبر في «ابن عساكر» ٦ / ٣٦٠ / ب.]


- وذُكر في (موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام) ٩/‏٣٣١ — ما يلي:

[وسعيد بن سويد: مجهول، وقال البخاري: ((قال إسماعيل بن خليل أخبرنا علي بن مسهر سمع الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد رجل منهم صلى بنا معاوية الجمعة بضحى)) ولا يتابع عليه اهـ التاريخ الكبير (٣/ ٤٧٧)، وترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وابن حبان في الثقات، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا فهو في تعداد المجهولين، وقال ابن عدي: قال الشيخ: ((وسعيد بن سويد لا أعرف له في هذا الوقت شيئًا))، ومقصد البخاري أن لا يسقط عليه اسم اهـ الكامل (٣/ ٤٠٨)، وانظر: لسان الميزان (٣/ ٣٣).]


=============

ويستدل الشيعة الوثنيون بما ذكره النباطيُ الشيعي في كتابه حيث يقول:

[قال صاحب المصالت: كان معاوية على المنبر يأخذ البيعة ليزيد ، فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة؟ ، قال: لا، قالت: فبمن تقتدي؟ ، فخجل معاوية وهيأ لها حفرة فوقعت فيها فماتت. وفي رواية ابن أبي العاص قال لها: أي موضع ترضين لدفنك - قالت: كنت عزمت على جنب إلا أني أحدثت بعده، فادفنوني بالبقيع. ورُوي أنه كان يهدد الناس لأخذ البيعة ليزيد، فبلغه عنها كلام، فدخلت بعد عماها عليه راكبةً حماراً، فبال وراث على بساطه فقال: لا طاقة لي بكلام هذه الفاجرة، ثم دبَّر لها الحافر، وكان عبد الله بن الزبير يُعرِّض به قائلاً: ((لقد ذهب الحمار بأم عمرو * فلا رجعت ولا رجع الحمار))]

وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:

زعم النباطي أنه أخذ الهراء السابق من كتاب (المصالت) ، ولكن لا يوجد عند المسلمين كتاب اسمه (المصالت).

 ثم إن بين ابن أبي العاص وبين النباطي الشيعي مئات السنين ، فكيف حصل النباطي الشيعي على هذا الهراء بدون أن يقدم سنداً أو مصدراً أو دليلاً على ما يزعمه؟!

وكذلك بين عبد الله بن الزبير وبين النباطي الشيعي مئات السنين ، فكيف حصل على هذا الهراء؟!

بل إن النباطي النجس قد سرق بيت شعر ونسبه زوراً إلى ابن الزبير بالرغم من أنه ليس كلام ابن الزبير أصلاً.

إن بيت الشعر ((لقد ذهب الحمار بأم عمرو * فلا رجعت ولا رجع الحمار)) ، هذا البيت يعود ظهوره إلى أواخر القرن الثاني الهجري والقرن الثالث الهجري حيث ذكره الجاحظ في حكاياته مع رجلٍ أقام عزاءً لحزنه على موت عشيقته. وهذا البيت قد ذكره شهاب الدين الأبشيهي في كتابه (المستطرف في كل فن مستطرف) ، صــ 476

ثم جاء الحلاج واقتبس هذا البيت الشعري من الجاحظ ، ولذلك ستجد الخطيب البغدادي ذكر هذا البيت الشعري في كتاب (تاريخ بغداد) ٨/‏٦٨٨

فبيت الشعر ليس له علاقة بابن الزبير أصلاً.

ثم إن بيت الشعر يتكلم عن امرأة تُكنَى بـ(أم عمرو) ، لكن السيدة عائشة لا تُكنى بهذا الاسم أصلاً بل تُكنى بـ(أم عبد الله).

والخلاصة أن النباطي الشيعي الكلب قد اخترع هذه الأقوال ونسبها إلى أشخاص حتى ينصر دينه الشيعي الوثني بالكذب...

بل إن كلام النباطي تفوح منه رائحة السذاجة والخيال ؛ فهذا الرجل المهبول يريد أن يقنعك أن معاوية سيحفر حفرة لكي تمشي عائشة فتقع فيها بالصدفة وتموت؟!

هل نحن في فيلم كرتون؟!

وهل عائشة لن ترى الحفرة أمامها؟!

وما عمق هذه الحفرة حتى تموت عائشة جراء وقوعها فيها؟!

هل معاوية حفر لها حفرة بعمق 500 متر حتى تموت بعد أن تقع فيها؟!

ما هذا الهراء الذي يحكيه الشيعة الوثنيون؟! 


===============

ويستدل الشيعة الوثنيون بكلام (علي النمازي الشاهرودي) في كتابه (مستدرك سفينة البحار) حيث قال:

[ومات أبو هريرة وعائشة على قول سنة 58 أسقط معاويةُ عائشةَ في البئر، كما عن حديقة الشيعة.]


وطبعاً، الكلام السابق ليس كلام أحد من علماء الإسلام بل هو كلام (علي النمازي الشاهرودي) ، وهو شيعي نجس مات مؤخراً، وقد نقل الكلام من كتاب (حديقة الشيعة). وكتاب (حديقة الشيعة) من تأليف البغل الشيعي المُسمَى بــ(المقدس الأردبيلي)، وهو من كبار الشيعة الوثنيين الذين عاشوا في القرن العاشر الهجري؛ أي أن بينه وبين القرن الأول مئات السنين؛ فكيف عرف أن معاوية قتل عائشة في البئر؟!

فهذا الهراء كله تم اختراعه على يد الشيعة الذين لم يعاينوا الواقعة أصلاً بل أوحى إليهم شيطانهم بالافتراء على معاوية...، ولذلك قال المؤرخ ابن خلدون أن حكايات قتل معاوية لعائشة هي من اختراع الشيعة. 

===============

ويستدل الشيعة الوثنيون بما ذكره البلاذري في كتابه (أنساب الأشراف) حيث قال:
[حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ قَالَ مُعَاوِيَةُ: عَجَبًا لِعَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنِّي فِي غَيْرِ مَا أَنَا أَهْلُهُ، وَأَنَّ الَّذِي أَصْبَحْتُ فِيهِ لَيْسَ لِي بِحَقٍّ، مَا لَهَا وَلِهَذَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهَا، إِنَّمَا كَانَ يُنَازِعُنِي فِي هَذَا الأَمْرِ أَبُوكَ، وَقَدِ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ، فقال الحسن: أو عجب هَذَا يَا مُعَاوِيَةُ؟
قَالَ: أَيْ وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، قَالَ: أَفَلا أُنَبِّئُكَ بِأَعْجَبَ مِنْهُ؟ - قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: جُلُوسُكَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ، وَأَنَا عِنْدَ رِجْلَيْكَ، فَضَحِكَ....]

ولكن الهراء السابق☝ هو كلام مكذوب ولا نعرف مَن قاله ؛ فهنا ☝ البلاذري يقول أنه أخذ هذا الكلام من بعض أصحابه ، فمن هم هؤلاء الأصحاب أصلاً؟!
الرواية السابقة يا سادة مأخوذة من مصدر مجهول!
ثم إن الراوي/ الهيثم بن عدي الطائي هو كذاب عاش في العراق كما قال علماء الحديث. 

فكيف نأخذ رواية كهذه قد رواها الكذابون الذين عاشوا في العراق ونسجوا الأكاذيب ضد معاوية وأهل الشام؟!

================
ويستدل الشيعة الوثنيون بما ورد في مصنف ابن أبي شيبة حيث قال:
[حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الطُّلَقَاءِ يُبَايِعُ لَهُ - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ -، قَالَتْ: «يَا بُنَيَّ، لَا تَعْجَبْ هُوَ مُلْكُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ»]
ولكن الرواية السابقة ضعيفة بسبب عنعنة الراوي/ أبو إسحاق السبعيني ، فهو مدلس. 
وحتى لو افترضنا أن الرواية صحيحة ، فإن الرواية ليس فيها أن عائشة ذمت معاوية بل كل ما في الرواية هو أن عائشة أكدت على قاعدة قرآنية وهي أن الله يؤتي الملك مَن يشاء (سورة آل عمران 26).


ويستدل الشيعة الوثنيون بما ورد في كتاب (شرح الأخبار) حيث قال:
[وبآخر عن الأسود: قال قلتُ لعائشة: ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع رجلاً من أهل بدر الخلافة يعني منازعة معاوية علياً عليه السلام، فقالت عائشة: لا تعجب فإن فرعون قد ملك بني إسرائيل أربعمائة سنة والله يعطيه للبار والفاجر]
وأنا أرد على هذا الهراء السابق وأقول:
أولاً: كتاب (شرح الأخبار) اسمه بالكامل (شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار)، وهو ليس كتاباً إسلامياً بل هو كتاب شيعي ألَّفه شخص شيعي إسماعيلي اسمه: (القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي)، وهذا الرجل ليس هو الإمام أبو حنيفة الذي نعرفه بل مجرد تشابه أسماء.
إن هذا الرجل الشيعي (القاضي أبو حنيفة النعمان) كان مالكياً ثم ارتد عن الإسلام واتبع دين الباطنية، وكان قاضياً أيام الدولة العبيدية ونافق من أجل السلطان، وألَّف كتباً في شتم الصحابة ، وهذا الشيعي انتقد فقه أبي حنيفة ومالك والشافعي ، ويمكنك أن تراجع كلام الذهبي عنه في (سير أعلام النبلاء) 16/ 151.
ثم إن الرواية فيها أن فرعون ملك على بني إسرائيل لمدة 400 سنة، فهل من المعقول أن يحدث ذلك؟!
وإذا أردت أن تعرف مصدر الرواية السابقة فانظر للآتي👇:

يستدل الشيعة الوثنيون بما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق حيث يقول:
[أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد ، أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن ياسر ، أخبرنا علي بن يعقوب بن أبي العقب ، حدثني القاسم بن موسى بن الحسن ، أخبرنا عبدة الصفار ، أخبرنا أبو داود ، أخبرنا أيوب بن جابر ، عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد قال: قلتُ لعائشة ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد ﷺ في الخلافة، قالت: وما تعجب من ذلك ، هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر ، وقد ملك فرعون أهل مصر أربع مائة سنة.] 
ولكن هذه الرواية السابقة ☝ هي رواية زائفة وباطلة وسندها ضعيف أصلاً؛ فالذي رواها هو: أيوب بن جابر أبو سليمان اليمامي ، وهو ضعيف الحديث عند أكثر أهل العلم بالحديث، فقد ضعَّفه ابن معين وابن المديني والنسائي وأبو زرعة وأبو حاتم ويعقوب بن سفيان ومعاوية بن صالح ، وقال عنه أبن حبان: «كان يخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به لكثرة وهمه».
ويوجد في السند أيضاً: الراوي/ القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى البغدادي، وهو شخصية مجهولة ليس لها توثيق في كتب الجرح والتعديل.
ويوجد في السند الراوي/ أبو إسحاق السبعيني ، وهو معروف بالتدليس ، وهو قد عنعن في هذه الرواية.
ثم إن الرواية السابقة لابن عساكر قد قام الرواة الضعفاء بتحريف متنها ، ولذلك إذا رجعت إلى الرواية الأقدم الموجودة في مصنف ابن أبي شيبة فلن تجد فيها هذا الهراء.
 

=============
ويقول الشيعة الوثنيون ما يلي:
[لا نستبعد نقمة مروان الذي اصطدم بعائشة وأخيها عبد الرحمن بشدة وهددته بقولها: ((يا مروان أفينا تتأول القرآن وإلينا تسوق اللعن! والله لأقومن يوم الجمعة بك مقاماً تود أني لم أقمه)) (الأغاني:17/375). لكن عائشة ماتت قبل أن تقف وتخطب يوم الجمعة ، كما مات أُبي بن كعب يوم الأربعاء قبل أن يقوم يوم الجمعة ويفضح أهل الصحيفة والعقدة!]

وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:
أولاً: كتاب (الأغاني) هو كتاب مطعون فيه أصلاً ؛ فالذي ألَّفه هو أبو الفرج الأصفهاني، وقد كان شيعياً، وكُتبُه طافحة بالأكاذيب والتشويه لسمعة العظماء لدرجة أنه أساء إلى عائشة بنت الصحابي طلحة. ولهذا قال عنه الإمام الذهبي في كتاب (سير أعلام النبلاء) 16/ 202 ما يلي:
[وَكَانَ وَسِخًا زَرِيًّا، وَكَانُوا يَتَّقُوْنَ هِجَاءهُ.]

- وقال عنه الإمام الذهبي في كتاب (تاريخ الإسلام) ٢٦/‏١٤٤ ما يلي:
[رأيتُ شيخنا ابن تيمية يُضعِّفه ويتّهمه في نقله ويستهول ما يأتي به.]

ثم إنني راجعت كتاب الأغاني ، فوجدت أن الكتاب يقول:
[حدثنا بذلك أحمد بن الجعد قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا وهب بن جرير عن جويرية بن أسماء وفي غير رواية أن عائشة قالت له: ((يا مروان أفينا تتأول القرآن وإلينا تسوق اللعن ، والله لأقومن يوم الجمعة بك مقاماً تود أني لم أقمه)) فأرسل إليها بعد ذلك وترضاها واستعفاها وحلف ألا يصلي بالناس أو تؤمنه ففعلت.]
في الاقتباس السابق ☝، قام صاحب كتاب الأغاني بتحريف رواية جويرية بن أسماء ، ولذلك ستلاحظ الاختلاف بين ما قاله صاحب كتاب الأغاني وبين ما ذكرته الكتب الأخرى.
وحتى لو افترضنا أن رواية كتاب الأغاني صحيحة، فإن الرواية ليس فيها أن مروان قتل عائشة بل فيها أن مروان تَرضَّى السيدةَ عائشة واعتذر إليها وطلب منها العفو، فاستجابت السيدة عائشة له. فهذا ما قاله صاحب كتاب (الأغاني)، ولكن الشيعة القذرين قاموا بقطع آخر الرواية حتى لا ينفضح الشيعة الوثنيون.
ونفس الهراء يحكيه الشيعة عن أُبي بن كعب. 

===============
ويستدل الشيعة الوثنيون بما ذكره ابن خلكان في كتابه (وفيات الأعيان) حيث قال:
[ولما ماتت بكى عليها ابنُ عمر ﵁، فبلغ ذلك معاوية فقال له: أتبكي على امرأة فقال: إنما يبكي على أم المؤمنين بنوها وأما مَن ليس لها بابن فلا.]

ولكن الرواية السابقة مشكوك فيها ؛ فقد أخذها ابن خلكان من (نسخة نبيط بن شريط) التي كتبها أحمد بن القاسم بن كثير اللُكيولكن اللُكي ضعيف أصلاً ويروي المناكير ، ولذا قال عنه الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) 16/ 113 ما يلي:
[أَبُو الحَسَنِ/ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ كَثِيْرِ بنِ صدقَةَ بنِ الرَّيَّانِ المِصْرِيُّ اللُّكِّيُّ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ..... ضعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ مَاكُولاَ. وَله جُزءٌ سمِعنَاهُ، فِيْهِ مَا يُنكَر.]

ثم إن اللُكي قد أخذ هذا الكلام من حفيد (نبيط بن شريط) ، ولذلك ستجد مقدمة الكتاب تقول:
[حدثنا أبو الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الريان المصري المعروف باللُكي بالبصرة في نهر دبيس قراءة عليه في صفر سنة ٣٤٧ فأقر به، حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط أبو جعفر الأشجعي بمصر سنة ٢٧٢، حدثني أبي (إسحاق بن إبراهيم بن نبيط)، حَدَّثَنِي أَبِي (إِبْرَاهِيمُ بْنُ نُبَيْطٍ)، عَنْ جَدِّهِ (نُبَيْطِ بْنِ شُرَيْطٍ)...]
فهذا ☝ هو سند كتاب اللُكي ، ولذلك سُمي كتابه بـ(نسخة نبيط بن شريط)، ولكن المشكلة تكمن في أن هذا سند الكتاب مطعون فيه أصلاً؛ لأن إبراهيم بن نبيط هو شخصية مجهولة الحال، وكذلك إسحاق بن إبراهيم بن نبيط هو شخصية مجهولة الحال، وأما أحمد بن إسحاق بن إبراهيم فهو كذاب كما قال علماء الجرح والتعديل بل إن نسخة أحمد بن إسحاق عن جده هي نسخة مكذوبة كما قال الشوكاني.

============
ويقول الشيعة الوثنيون:
[ابن الزبير أسرعَ في دفن عائشة ليلاً؛ لأن والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، ابن أخ معاوية ،كان مسافراً (تاريخ خليفة بن خياط/170) فأسرع ابن الزبير في دفنها قبل أن يرجع الوليد فيصلي عليها ، ويستفيد من جنازتها لمعاوية!]

وكل الهراء السابق هو من محض الخيال، وليس الأمر كذلك وقد راجعتُ صفحة 170 من تاريخ خليفة بن خياط ولم أجد الهراء الذي يتفوه به الشيعة؛ فالشيعي يقرأ كلاماً ثم يضيف التوابل الشيعية على الكلام لكي يبرر كراهيته الشيعية.
=============
ويستدل الشيعة الوثنيون بكتاب (حبيب السير) حيث ينسبون له الكلام التالي:

[وقتلَ معاويةُ السيدةَ عائشه بحفر بئر لها، وغطى فتحة ذلك البئر عن الأنظار]

وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:

كتاب (حبيب السير) هو كتاب فارسي ألفه شخص اسمه: غياث الدين بن همام الدين الحسيني ، وقد عاش في القرن العاشر الهجري؛ أي أن بينه وبين القرن الأول مئات السنين. وهذا الكتاب قام الشيعة بنشره ، ووضعوا على غلافه [السلام عليك يا صاحب الزمان (مهدي الشيعة)]. وأنا لا أدري هل هذا الكتاب تم تحريف محتواه أم أنه ما زال كما هو.

ولكن على كل حال سأفترض أن الكتاب غير مُحرَّف وسأرد على الشبهة

لقد راجعتُ هذا الكتاب الفارسي وقمتُ بترجمته إلى اللغة العربية بقدر استطاعتي، وإليك كلام الكتاب من صفحة 425:

[في تاريخ حافظ أبرو من ربيع الأبرار وكامل السفينة، يُروى أنه في شهور سنة ست وخمسين، عندما ذهب معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة لأخذ البيعة ليزيد، آذى الحسين بن علي المرتضى وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير. ففتحت الصديقةُ لسان اللوم والاعتراف عليه. فقام معاويةُ بحفر بئر في بيته وغطى فوهتها بالقش، ووضع كرسيًا من الأبنوس فوقها، ثم دعا الصديقة للضيافة وأجلسها على الكرسي لتسقط في البئر. وقام معاوية بإغلاق فوهة البئر بالجير وذهب من المدينة إلى مكة. ولكن في روضة الأحباب ورد أن عائشة توفيت بمرض طبيعي ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين، وفي تلك الليلة تم حملها، وصلى عليها أبو هريرة."]

هنا ☝، يزعم المؤلف أنه أخذ الكلام السابق من كتاب التاريخ للحافظ أبرو وأن الحافظ أبرو نقل هذا الكلام من كتاب (ربيع الأبرار) للزمخشري ، ومن كتاب (كامل السفينة) ، ولكنني راجعتُ كتاب (ربيع الأبرار) ولم أجد فيه الرواية التي يزعمها المؤلف، وكذلك بحثتُ عن كتاب باسم (كامل السفينة) ولم أجد كتاباً بهذا الاسم أصلاً.

فالقصة كلها تلفيق وكذب.

بل إن مؤلف هذا الكتاب الفارسي يعترف أن قصة مقتل عائشة ليس أمراً متفقاً عليه ، ويعترف أن هناك مَن قال أنها ماتت بسب مرض طبيعي ومنهم صاحب كتاب (روضة الأحباب).

================
ويقول الشيعة بأن عائشة قُتلت نظراً لأن الناس دفنوها بالليل!
وأنا أرد على هذه السخافة وأقول: 
مشكلة الشيعة أنهم يأخذون كلمة ثم ينسجون حولها الخيالات!
وإني أتساءل ما علاقة الدفن ليلاً بالقتل؟!

أنا أرى الكثير من الناس يموتون موتة طبيعية ويُدفَنون بالليل.


====================

والآن ، سننتقل إلى شبهات الشيعة حول موت عبد الرحمن بن أبي بكر الذي هو أخو السيدة عائشة:

يستدل الشيعة الوثنيون برواية من كتاب (المستدرك) وهي كالتالي:

[حدثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ ، عَنْ أُمِّهِ ، أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ بَيْتَ عَائِشَةَ فَصَلَّتْ عِنْدَ بَيْتِ النَّبِيِّ ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَسَجَدَتْ ، فَلَمْ تَرْفَعْ رَأْسَهَا حَتَّى مَاتَتْ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ، إِنَّ فِي هَذِهِ لَعِبْرَةً لِي فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، رَقَدَ فِي مَقِيلٍ لَهُ قَالَهُ ، فَذَهَبُوا يُوقِظُونَهُ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ " ، فَدَخَلَ نَفْسَ عَائِشَةَ تُهْمَةُ أَنْ يَكُونَ صُنِعَ بِهِ شَرٌا ، وَعَجَّلَ عَلَيْهِ فَدُفِنَ وَهُوَ حَيٌّ فَرَأَتْ أَنَّهُ عِبْرَةٌ لَهَا ، وَذَهَبَ مَا كَانَ فِي نَفْسِهَا مِنْ ذَلِكَ.]

الرواية السابقة☝ التي يستدل بها الشيعة ليست في درجة الصحة نظراً لأن سندها به عِلل تُضعِف الرواية؛ فالراوي هو: إسماعيل بن أبي أويس ، وهو رجل ضعيف الحديث.

 وحتى لو افترضنا أن الرواية السابقة صحيحة الإسناد فإن الرواية لم تقل أن معاوية قتل عبد الرحمن بن أبي بكر، بل الرواية قالت أن السيدة عائشة شكَّت في أنه ربما يكون أخوها أُغمي عليه فظن الناس أنه ميت فتعجلوا ودفنوه لكن شَكها هذا زال عنها كما تقول الرواية.

فالراوية نفسها تقول أن عبد الرحمن قال (أي أخذ قيلولة) ورقد على الفراش، فلما أيقظوه وجدوه قد مات. وهذا أمر طبيعي أراه يومياً في حياتي.

وحتى لو افترضنا أن السيدة عائشة شكَّت في أن يكون أحد قد قتل أخاها عبد الرحمن ؛ فإن الأمر مجرد شك نفسي ظهر فجأةً في لحظة وليس هناك دليل على هذا الشك ، بل إن الشك زال أصلاً كما تقول الرواية. 

فتخيل معي يا عزيزي القاريء أن الشيعي الوثني يبني حكماً تاريخياً على مجرد شك نفسي ليس عليه دليل بل إن هذا الشك ورد أصلاً في رواية ضعيفة قد فهمها الشيعي بالمقلوب، والرواية أصلاً لم تقل أن معاوية قتل عبد الرحمن!!!


================

ويستدل الشيعة الوثنيون بما ذكره ابن الأثير في كتابه (الكامل في التاريخ) حيث قال:
[ثُمَّ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمَ: ((إِنِّي قَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَدَقَّ عَظْمِي، وَخَشِيتُ الِاخْتِلَافَ عَلَى الْأُمَّةِ بَعْدِي، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَتَخَيَّرَ لَهُمْ مَنْ يَقُومُ بَعْدِي، وَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ أَمْرًا دُونَ مَشُورَةِ مَنْ عِنْدِكَ، فَاعْرِضْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَعْلِمْنِي بِالَّذِي يَرُدُّونَ عَلَيْكَ))، فَقَامَ مَرْوَانُ فِي النَّاسِ فَأَخْبَرَهُمْ بِهِ، فَقَالَ النَّاسُ: ((أَصَابَ وَوُفِّقَ، وَقَدْ أَحْبَبْنَا أَنْ يَتَخَيَّرَ لَنَا فَلَا يَأْلُو)). فَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِذَلِكَ، فَأَعَادَ إِلَيْهِ الْجَوَابَ يَذْكُرُ يَزِيدَ، فَقَامَ مَرْوَانُ فِيهِمْ وَقَالَ: ((إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدِ اخْتَارَ لَكُمْ فَلَمْ يَأْلُ، وَقَدِ اسْتَخْلَفَ ابْنَهُ يَزِيدَ بَعْدَهُ)). فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: ((كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا مَرْوَانُ وَكَذَبَ مُعَاوِيَةُ! مَا الْخِيَارُ أَرَدْتُمَا لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوهَا هِرَقْلِيَّةً كُلَّمَا مَاتَ هِرَقْلُ قَامَ هِرَقْلُ))، فَقَالَ مَرْوَانُ: ((هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا﴾ ، فَسَمِعَتْ عَائِشَةُ مَقَالَتَهُ فَقَامَتْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَقَالَتْ: ((يَا مَرْوَانُ يَا مَرْوَانُ!)) ، فَأَنْصَتَ مَرْوَانُ وَأَقْبَلَ مَرْوَانَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَتْ: ((أَنْتَ الْقَائِلُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ نَزَلَ فِيهِ الْقُرْآنُ؟ كَذَبْتَ! وَاللَّهِ مَا هُوَ بِهِ وَلَكِنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَلَكِنَّكَ أَنْتَ فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ نَبِيِّ اللَّهِ)).]
ولكن الكلام السابق غير صحيح وغير ثابت تاريخياً، بل إننا إذا تتبعنا الهراء السابق فسنجد أن ابن الأثير أخذ الكلام السابق من كتاب (مجالس ثعلب، صــ89)
والآن تعالوا بنا نرجع إلى كتاب (مجالس ثعلب) لنرى سند الرواية مِن هناك:
[وحدثنا أبو العباس: ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء قال: لما أراد معاوية البيعة ليزيد كتب إلى مروان وهو على المدينة، فقرأ كتابه فقال: إن أمير المؤمنين قد كبرت سنه، ورق عظمه.......
الكلام السابق من رواية الراوي/ جويرية بن أسماء ، وهو لم يحضر الحادثة أصلاً؛ فهذا الرجل قد وُلد وعاش في القرن الثاني الهجري، أما قصة معاوية وعائشة ومروان ويزيد فقد حصلت في منتصف القرن الأول الهجري ؛ أي أن هذا الراوي لم يحضر الحادثة أصلاً بل نقلها من شائعات العراق التي امتلأت بالأكاذيب ضد بني أمية.
إن عبد الرحمن بن أبي بكر وعائشة ومعاوية ويزيد قد ماتوا قبل الراوي جويرية بـ 50 سنة. 

وأخيراً: أود الإشارة إلى أن الشيعة الوثنيين متناقضون في اتهام معاوية بقتل عائشة وأخيها عبد الرحمن ؛ فمرة يزعم الشيعة أن معاوية قتلهما بالسم ، ومرة أخرى يزعمون أنه قتلهما بالدفن أحياءً...، وهلم جرا !!!!



==================
والآن ، تعالوا بنا نرد على شبهات الشيعة حول موت الحسن بن علي.
ويستدل الشيعة الوثنيون بما قاله المطهر بن طاهر المقدسي في كتابه (البدء والتاريخ) حيث قال:
[ورَوى شعبةُ أن (سعدًا) و(الحسن بن على) ماتا في يوم واحد ، قال: ويرون أنّ معاوية سمّهما]

ولكن اعلم أولاً أن المطهر بن طاهر المقدسي هو رجل مجهول ولا نعرف عنه شيئاً سوى كتابه هذا ، وليس لهذا الرجل أي توثيق في الكتب القديمة، ويبدو من خلال كتابه أنه كان يميل لطائفة المعتزلة.
وعلى كل حال فإن المطهر بن طاهر المقدسي قد أخذ الرواية السابقة من كتاب (أنساب الأشراف للبلاذري)، وإليك ما ذكره البلاذري 👇:
[حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ على بعد ما مَضَتْ مِنْ إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ عَشْرُ سِنِينَ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ سَمَّهُمَا.]
ولكن السند السابق فيه خطأ ☝؛ فالمفترض أن الراوي الذي يروي عن شعبة هو يحيى بن أبي بُكير ، ولكن هذا السند الخاطيء قد ذكر يحيى بن أبي بكر، بدلاً من يحيى بن أبي بُكير ، وهذه غلطة تدل على اضطراب في الرواية الموجودة في كتاب البلاذري.

ثم إن عبارة [وكانوا يَرَون أنه سمهما]، هي ليست في أصل ومتن الرواية نفسها بل هي زيادة ضعيفة مُدرَجة من البلاذري نفسه، وهذا الأمر يتبين لنا عند مقارنة الرواية السابقة مع نفس الرواية الموجودة في الكتب الأخرى مثل: كتاب (التاريخ الأوسط للبخاري) ١/‏١٠٠ ، وكتاب (الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم) ١/‏٣٠١ ، وكتاب (المعجم الكبير للطبراني) ٣/‏٢٥ ، وكتاب (معرفة الصحابة لأبي نعيم) ٢/‏٦٥٨، ، وكتاب (تاريخ دمشق لابن عساكر) ٢٠/‏٣٦٥

ثم إن الرواية مبهمة أصلاً؛ فالرواية تقول [كانوا يَرَوْنَ أنه سمَّهما]، فمَن هم الذين كانوا يَرَوْنَ أن معاوية سمَّم سعد بن أبي وقاص والحسن بن علي؟!

مع العلم أن راوي الرواية هو: أبو بكر بن حفص وهو أصلاً لم يكن حاضراً في حادثة موت الحسن؛ لأن سيرة الراوي (أبي بكر بن حفص) تشير إلى أنه كان صغيراً حينما مات الحسن أو ربما لم يكن قد وُلِدَ هذا الروي حينها أصلاً.
فالرواية هنا تخبرنا بالقيل والقال والشائعات التي انتشرت في ذلك الزمان حيث ظن الناس أن معاوية هو مَن سمَّمها ، ولكن الرواية لم تقدم لنا دليلاً على هذا الادعاء الساذج، فكيف نبني عليها حكماً تاريخياً؟!

وعلى فكرة ، الكثير من الروايات التاريخية التي تحدثت عن تسميم الحسن هي روايات تمتلأ بالخرافات المناقضة للعقل، يعني مثلاً:
تقول إحدي الروايات👇:
[حَدثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَرَجُلٌ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ نَعُودُهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: «سَلْنِي قَبْلَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي»، قَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ شَيْئًا، يُعَافِيكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَامَ فَدَخَلَ الْكَنِيفَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا ثُمَّ قَالَ: «مَا خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ حَتَّى لَفَظْتُ طَائِفَةً مِنْ كَبِدِي أُقَلِّبُهَا بِهَذَا الْعُودِ، وَلَقَدْ سُقِيتُ السُّمَّ مِرَارًا مَا شَيْءُ أَشَدُّ مِنْ هَذِهِ الْمَرَّةِ»، قَالَ: فَغَدَوْنَا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ فَإِذَا هُوَ فِي السُّوقِ، قَالَ: وَجَاءَ الْحُسَيْنُ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ: يَا أَخِي، مَنْ صَاحِبُكَ؟ - قَالَ الحسنُ: «تُرِيدُ قَتْلَهُ؟» قَالَ الحسينُ: نَعَمْ، قَالَ: «لَئِنْ كَانَ الَّذِي أَظُنُّ، لَلَّهُ أَشَدُّ نِقْمَةً، وَإِنْ كَانَ بَرِيئًا فَمَا أُحِبُّ أَنْ يُقْتَلَ بَرِيءٌ»]

والرواية السابقة☝ فيها عِلة في السند ؛ فالراوي/ عمير بن إسحاق هو راوٍ مُختلَف في حاله، وقد ضعَّفه معظم علماء الحديث.
 ثم إن الرواية نفسها تتضمن خرافات حيث أنه ليس من المعقول أن يَخرج كبد الحَسن من فمه ويُقلِّبه الحسن كبده بعود!!!
بل الأدهى من ذلك أن الرواية تقول أن الحسن بعدما أخرج جزءاً من كبده خرج للناس وكأن شيئاً لم يكن!!!
بل وتقول الرواية أن الناس جاءوا لزيارة الحسن في اليوم التالي فوجدوه في السوق بالرغم من أنه شرب السم مراراً وخصوصاً في المرة الأخيرة!!!
بالله عليكم ، هل هذا كلام يقنع العقلاء؟!
وحتى الرواية السابقة تقول أن الحَسن كان متردداً في معرفة هوية مَن سمَّمه ؛ فهو لم يكن متأكداً أصلاً، وكذلك تشير الرواية إلى أن الحسن رفض إخبار الناس بمَن سممه مخافة أن يخطيء في تحديد هوية الشخص المسمِم.
وتوجد إشارة في الرواية السابقة إلى أن الحسين شك في أن يكون أحد أصحاب الحسن هو مَن سمَّمه، ولذلك طلب الحسين مِن الحسن أن يخبره بالصاحب الذي سمَّمه حيث قال الحسين لأخيه: [مَن صاحبك؟!].
فإذا قلنا أن الحسن مات مسموماً ؛ فالغالب أن الشيعة النواصب هم مَن قتلوه مثلما قتلوا أباه ؛ فالذي قتل علياً كان هو ابن ملجم الذي كان ضمن شيعة علي وأحد أفراد جيشه.
ونفس الرواية السابقة الضعيفة عن تسميم الحسن قد ذكرها البلاذري في (أنساب الأشراف) ولكنه أخفى اسم الراوي الضعيف (عمير بن إسحاق)، وإليك الرواية👇:
[وَحَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ عَبْدِ المؤمن، حدثني عمي عن أزهر، عن ابن عَوْنٍ قَالَ:
خَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى مَنْ كَانَ يُجَالِسُهُ فَقَالَ: لَقَدْ لَفَظْتُ السَّاعَةَ طائفة من كبدي أقلبها بهذا الْعُودُ، وَلَقَدْ سُقِيتُ السُّمَّ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَمَا سُقِيتُهُ أَشَدَّ مِنْ مَرَّتِي هَذِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ]

وطبعاً، الرواية السابقة ما زالت ضعيفة بسبب الانقطاع؛ فالراوي ابن عون لم يحضر الحادثة أصلاً بل هو أخذ الرواية من الراوي الضعيف (عمير بن إسحاق) ولكن تم حذف اسم الراوي الضعيف (عمير بن إسحاق) من سند هذه الرواية؛ فأصبحت الرواية منقطعة الإسناد ضعيفة أيضاً. 

ومن هنا يتبين لنا أن تسميم الحسن كان مجرد شائعة في زمانه بلا أي بينة أو دليل.
 ولو أن شخصاً مات فنشر الناسُ الشائعات حول سبب مماته ، فإن القاضي لن يصدر حكمه بناءً على تلك الشائعات التافهة بل بالدليل.

* ولذلك ذكر الشيخ/ شحاتة صقر - في كتابه (معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين) 1/ 206 ما يلي:

[قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: «وأما قوله: إن معاوية سمَّ الحسن، فهذا مما ذكره بعض الناس، ولم يَثبُت ذلك ببينة شرعية، أو إقرارٍ معتبرٍ، ولا نقلٍ يُجزَم به، وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم».

وقال الذهبي ﵀: «قلتُ: هذا شيء لا يصح (أي لا يصح تسميم معاوية للحسن) ، فمن الذي اطلع عليه؟!».

وقال ابن كثير ﵀: ((«ورَوى بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمّي الحسن وأنا أتزوجك بعده، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه فقال: «إنا والله لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا؟». وعندي أن هذا ليس بصحيح، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى»)).

وقال ابن خلدون: «وما نُقِلَ مِن أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث، فهو من أحاديث الشيعة، وحاشا لمعاوية من ذلك».]


* وقال ابن العربي في كتابه (العواصم من القواصم) (صــ ٢٢٠ - ٢٢١) ما يلي:
[فإن قيل: دس - أي معاوية - على الحسن مَن سَمَّه، قلنا هذا محال من وجهينأحدهما: أنه ما كان ليتقي من الحسن بأسًا وقد سلّم الأمر.
والثاني: أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله، فكيف تُحمِّلونه بغير بينة على أحد مِن خلقه، في زمن متباعد، لم نثق فيه بنقل ناقل، بين أيدي قوم ذوي أهواء، وفي حال فتنة وعصبية، ينسب كل واحد إلى صاحبه ما لا ينبغي، فلا يُقبل منها إلا الصافي، ولا يسمع فيها إلا من العدل الصميم»]

ثم إنه ليس من المعقول أن يقوم معاوية بتسميم الحسن ؛ لأن معاوية رجل حكيم ذو خبرة سياسية وهو يعلم جيداً أن الحسن طيب القلب ولا يسعى لتفرقة المسلمين ولا يسعى الحسنُ لنيل المنصب أو منافسة معاوية، وبالتالي سيستغل معاوية الفرصة لجذب الحسن لصفه لا أن يقتله.
بل إن البخاري ذكر في (التاريخ الكبير) 2/ 267 أن الحسن مات بعد عشر سنوات من خلافة معاوية ؛ فلماذا انتظر معاوية كل هذه المدة؟!
ثم إن الحسن كان له أعداء مثل الخوارج الذين قاتلهم والده علي بن أبي طالب، ولذلك ربما سعى الخوارج للانتقام والأخذ بالثأر. وهناك أيضاً السبئية الذين ذموا الحسن؛ لأنه تنازل عن الخلافة لمعاوية. وبالتالي من السخافة أن نوجه أصابع الاتهام لمعاوية دون غيره.  

والغريب في الأمر أن الشيعة يؤمنون أن أئمتهم يعلمون الغيب ، فلماذا الحسن لم يتجنب السم بالرغم من أنه يعلم الغيب بحسب الدين الشيعي؟!
إذا كان الشيعة يؤمنون أن إمامهم يعلم الغيب ، إذن هذا معناه أن الحسن شرب السم بإرادته وهو يعلم أنه يشرب سماً ، وبالتالي فإن إمام الشيعة قد انتحر عمداً!
وإذا كان الحسن يعلم الغيب كما يؤمن الشيعة ، إذن لماذا لم يتجنب الضر بالرغم من أن الله يقول: 
﴿قُل لَّاۤ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِی نَفۡعࣰا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاۤءَ ٱللَّهُۚ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَیۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَیۡرِ وَمَا مَسَّنِیَ ٱلسُّوۤءُۚ إِنۡ أَنَا۠ إِلَّا نَذِیرࣱ وَبَشِیرࣱ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [الأعراف ١٨٨]



=============

والآن ، سننتقل للرد على شبهات الشيعة حول موت محمد بن أبي بكر:

أولاً: عليك أن تعلم أن محمد بن أبي بكر ليس صحابياً أصلاً، وقد مات والده (أبو بكر الصديق) وهو ما يزال طفلاً صغيراً جداً.

ثانياً:

يستدل الشيعة الوثنيون برواية موجودة في مسند أحمد ، وهي كالتالي:

[حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ ، فَقَالَتْ لَهُ : أَمَا خِفْتَ أَنْ أُقْعِدَ لَكَ رَجُلًا فَيَقْتُلَكَ؟ - فَقَالَ: مَا كُنْتِ لِتَفْعَلِيِ وَأَنَا فِي بَيْتِ أَمَانٍ ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ، يَقُولُ يَعْنِي: " الْإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكِ " ، كَيْفَ أَنَا فِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكِ ، وَفِي حَوَائِجِكِ ؟ قَالَتْ : صَالِحٌ ، قَالَ : فَدَعِينَا وَإِيَّاهُمْ حَتَّى نَلْقَى رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ.]

ولكن الرواية السابقة ضعيفة أصلاً ☝؛  فالراوي/ علي بن زيد بن جدعان هو راوٍ شيعي رافضي ضعيف الحديث له مناكير ولا يُحتج به كما قال علماء الحديث.  

وحتى لو افترضنا أن الرواية صحيحة الإسناد ، فإن الرواية ليس فيها أن معاوية قتل عائشة ولا أن عائشة قتلت معاوية ، بل الرواية فيها فقط أن عائشة تسأل معاوية: ((هل تخاف أن أقتلك؟!))

فهنا ، السيدة عائشة تتحرى وتسأل إذا ما كان معاوية يظنها عدوة له ، وهل معاوية يخاف منها، فأجاب معاوية بأنه يشعر بالأمان وأنه في بيت أمان، بل إن معاوية وصف عائشة بالمؤمنة التي لا تفتك ، ولذلك قال لها: [ما كنتِ لتفعلي وأنا في بيت أمان، والنبي قال: الإيمان قيَّد الفتك].

 بل إن تكملة الرواية فيها أن السيدة عائشة وصفت معاوية بأنه صالح ، وإليك تكملة الرواية التي يخفيها الشيعة الوثنيون👇:

[حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ ، فَقَالَتْ لَهُ : أَمَا خِفْتَ أَنْ أُقْعِدَ لَكَ رَجُلًا فَيَقْتُلَكَ؟ - فَقَالَ: مَا كُنْتِ لِتَفْعَلِيِ وَأَنَا فِي بَيْتِ أَمَانٍ ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ، يَقُولُ يَعْنِي: " الْإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكِ " ، كَيْفَ أَنَا فِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكِ ، وَفِي حَوَائِجِكِ؟ - قَالَتْ : صَالِحٌ ، قَالَ : فَدَعِينَا وَإِيَّاهُمْ حَتَّى نَلْقَى رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ.]

فهنا ☝، عائشة وصفت معاويةَ بالصلاح ، وقال لها معاويةُ أنه لا يريد أن يختلط هو وعائشة بالفتنة العدائية التي يروج لها البعض.

وهذا يدل على أن الصحابة كانوا رحماء فيما بينهم كما قال القرآن الكريم.


وكذلك يستدل الشيعة الوثنيون بما رواه الطبراني في (المعجم الكبير) — حيث قال:

[حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ الْجَوْهَرِيُّ، حدثنا عَفَّانُ، ح وَحَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّشِيطِيُّ، قَالَا: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ: يَا مُعَاوِيَةُ قَتَلْتَ حَجَرًا وَأَصْحَابَهُ، وَفَعَلْتَ الَّذِي فَعَلْتَ، أَمَا خَشِيتَ أَنْ أُخَبِّئَ لَكَ رَجُلًا فَيَقْتُلَكَ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ؟، قَالَ: لَا، إِنِّي فِي بَيْتٍ آمَنٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكَ، لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ»، يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ أَنَا فِي حَاجَاتِكِ وَرُسُلِكِ وَأَمْرِكِ؟، قَالَتْ: صَالِحٌ، قَالَ: فَدَعِينِي وَحَجَرًا حَتَّى نَلْتَقِيَ عِنْدَ اللهِ]

والرواية السابقة ☝ هي أيضاً رواية ضعيفة قد رواها الشيعي المغالي (علي بن زيد بن جدعان) ، وهو راوٍ ضعيف الحديث كما قلنا منذ قليل. 


============

ويستدل الشيعة برواية موجودة في كتاب (الغارات) وبكتاب (حياة الحيوان للدميري) ، وهذه الرواية كالتالي:

[حدثني أبو سلمة أسامة التجيبي قال: حدثني زيد بن أبي زيد ، عن أحمد بن يحيى بن وزير ، عن إسحاق بن الفرات ، عن يحيى بن أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب قال: بعث معاوية بن حديج بـ(سليم) مولاه إلى المدينة بشيراً بقتل محمد بن أبي بكر ومعه قميص ابن أبي بكر ، فدخل به دار عثمان ، واجتمع آل عثمان من رجال ونساء ، وأظهروا السرور بقتله، وأمرت أم حبيبة ابنة أبي سفيان بكبش فشُوِيَ وبعثت به إلى عائشة فقالت: هكذا شوي أخوك. قال: فلم تأكل عائشة شواء حتى لحقت بالله.]

وأنا أرد على الهراء السابق وأقول:

أولاً: كتاب (الغارات) ليس من كتب المسلمين بل هو من تأليف الشيعي المسمَى بـ/ إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن مسعود الثقفي.

وأما فيما يتعلق بالرواية السابقة، فإن الرواية نفسها ضعيفة ولا تصح بسبب الانقطاع في السند ومشاكل أخرى؛ فالراوي الذي رواها هو: يزيد بن أبي حبيب، واسمه: يزيد بن سويد الأزدي المصري، وهو أصلاً لم يحضر الحادثة بل هو وُلِدَ سنة 50 أو 53 هجرياً في مصر، في حين أن محمد بن أبي بكر مات سنة 38 هجرياً ، والسيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان ماتت سنة 44 هجرياً ، والسيدة عائشة ماتت سنة 57 أو 58 هجرياً؛ أي أن صاحب الرواية لم يكن مولوداً وقت ممات محمد بن أبي بكر، وكان ما يزال الراوي صغيراً في آخر عمر السيدة عائشة...، ولذلك قال ابن حجر العسقلاني عن هذا الراوي أنه كان يرسل؛ أي هناك انقطاع في إسناده.

فالأحداث حصلت قبل أن يُولد راوي هذه الرواية أصلاً، بل وحصلت أحداث تقديم الشواء في المدينة بعيداً عن مصر ، فكيف حصل راوي هذه الرواية على هذه الرواية؟!

أليست هذه من الشائعات المجهولة المصدر التي انتشرت في زمانه؟!

* والراوي الثاني الموجود في السند هو:  يحيى بن أيوب الغافقي ، وهو راوٍ صدوق ولكنه يخطيء ويضطرب في حديثه بسبب سوء حفظه.

* وأما الراوي الثالث في سند الرواية فهو:  إسحاق بن الفرات بن الجعد بن سليم ، وقد اختلف علماء الحديث حوله ؛ فمنهم مَن وثَّقه ومنهم مَن ضعَّفه مثل ابن الخراط وأحمد بن علي السليماني وأبو سعيد بن يونس المصري.

* والراوي/ أبو سلمة أسامة التجيبي ، قد اختلف العلماء في حكمه ، ومنهم مَن ضعَّفه مثل ابن يونس.

وأما الراوي/ زيد بن أبي زيد بن أبي العمر ، فلم أجد له أي ترجمة أو توثيق فيما بحثت.

ونفس الرواية السابقة الضعيفة وردت في كتاب (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) لابن الجوزي، وقد أثبتُ ضعفها لذلك لا داع للتكرار.

فالرواية ضعيفة جداً بل وعبارة عن خرافة تاريخية وشائعات تناقلتها الألسن عبر الزمن.


===================

ويستدل الشيعي الوثني قائلاً:
[حلفت عائشة أن لا تأكل شواءً أبداً فما أكلت شواءً بعد مقتل محمد (سنة 38) حتى لحقت بالله (سنة57) وماعثرت قط إلا قالت: ((تعس معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ومعاوية بن حديج)) كما ورد في كتاب (الغارات: 1/287 ، وأنساب الأشراف/403).]
وأنا أرد على هذا الهراء السابق وأقول:
أولاً: كتاب الغارات هو كتاب شيعي وليس كتاباً إسلامياً ولا يعنينا في شيء وليس بحجة علينا أصلاً.
ثانياً: أنا راجعت كتاب (أنساب الأشراف) للبلاذري ، وتفاجأت بأن الشيعي القذر قد قام بتحريف الكلام؛ فكتاب (أنساب الأشراف 2/ 403) يقول:
[فلما بلغ ذَلِكَ عائشة جزعت عَلَيْهِ وقبضت عياله وولده إليها، ولم تأكل مذ ذاك شواء حَتَّى توفيت، ولم تعثر قط إِلا قَالَت: تعس مُعَاوِيَة بْن حديج.]
فالفقرة لم تذكر دعاء السيدة عائشة على معاوية بن أبي سفيان ولا عمرو بن العاص بل ذكرت فقط معاوية بن حديج. ولكن الشيعي القذر قام بتحريف الكلام. ثم إن كلام البلاذري ليس عليه دليل أو إسناد بل هو يذكر كلاماً مرسلاً ولا ندري مَن قاله أصلاً!!!

فالكلام لم يثبت تاريخياً أصلاً.


=============================

ويستشهد الشيعة الوثنيون بما قاله الذهبي في كتبه مثل (سير أعلام النبلاء) و(تاريخ الإسلام) و(تذهيب تهذيب الكمال) حيث قال:

[وَقَالَ الزُهري، عَن القاسم بن محمد: إن مُعَاوِيَة لَمَّا قدِم المدينة حاجًا، دَخَلَ عَلَى عائشة، فلم يشهد كلامهما إلا ذكوان مولى عائشة فقالت لَهُ: أمِنْتَ أن أخبئ لك رجلًا يقتلك بأخي محمد! قَالَ: صدقت، ثُمَّ إِنَّهَا وعظته وحضته عَلَى الاتباع، فلما خرج اتكأ عَلَى ذَكوان وَقَالَ: واللَّه مَا سمعت خطيبًا ليس رَسُول اللَّهِ ﵌ أبلغ من عائشة.]


وأنا أرد على هذا الاستدلال وأقول:

إذا أردنا أن نعرف الرواية بالكامل فيتوجب علينا أن نرجع إلى كتاب (غيلانيات) أبي بكر الشافعي أو لكتاب (تاريخ دمشق لابن عساكر)؛ فهما مصدر هذه الرواية حيث ذكرا ما يلي:

[حدثنا الفيريابي ، حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ، حدثنا بشر بن شعيب ، عن أبيه ، عن الزهري ، حدثني القاسم بن محمد أن معاوية بن أبي سفيان حين قدم المدينة يريد الحج دخل على عائشة فكلمها خاليين لم يشهد كلامهما إلا ذكوان أبو عمرو مولى عائشة فقالت له عائشة: أمنت أن أخبأ لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً؟!، قال معاوية: صدقت ، فكلمها معاوية ، فلما قضى كلامه تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق والذي سن الخلفاء بعده وحضت معاوية على اتباع أمرهم فقالت في ذلك فلم تترك، فلما قضت مقالتها قال لها معاوية: أنت والله العالمة بأمر رسول الله ﷺ المناصحة المشفقة البليغة الموعظة حضضتِ على الخير وأمرتِ به ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا وأنت أهل أن تُطاعي، فتكلمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً. فلما قدم معاوية اتكأ على ذكوان قال: والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله ﷺ أبلغ من عائشة.]

الرواية السابقة ☝ رواها القاسم بن محمد وهو لم يكن حاضراً حينها ؛ فالرواية نفسها تقول أن الذي حضر الحوار هو ذكوان فقط وليس القاسم بن محمد؛ فالقاسم بن محمد كان عمره سنة واحدةً وقت أن مات أبوه...، ولذلك لم يحضر المحادثةَ التي جرت بين عائشة ومعاوية ، ولا ندري من أين حصل القاسم على هذه المحادثة أصلاً وخصوصاً أنه لم يخبرنا بالمصدر الذي أخذ منه هذه المحادثة.

وحتى لو افترضنا أن الرواية صحيحة ؛ فإن الرواية لم تقل أن معاوية تعمد قتل محمد بن أبي بكر ؛ فالمقتول قد يُقتَل بالخطأ كما قال الله تعالى:

 ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن یَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَـࣰٔا﴾ [النساء ٩٢]

بل وربما يُقتَل محمد بن أبي بكر على يد أحد جنود معاوية بدون أن يأمر معاوية بقتله أصلاً، ولكن معاوية تحمل المسؤولية نظراً لأنه كان حاكم الشام حينها.

وأما بالنسبة لقول معاوية لعائشة: [صدقتِ]، فهو هنا لم يقصد أنه فعلاً قتل محمد بن أبي بكر بل هو يقصد أنه فعلاً يشعر بالأمان كما سألته عائشة. وهذا الأمر يتبين لنا عندما نجمع باقي الروايات ونقارنتها ببعضها.

فالخلاصة أن الرواية لم تذكر أبداً أن معاوية تعمد قتل محمد بن أبي بكر بل الغالب أنه قُتل بدون تعمد أثناء القتال الذي جرى بين جيشه وجيش أهل الشام.

ثم إننا إذا نظرنا إلى الرواية السابقة فسنجد فيها مقداراً من الأدب والتحضر في المحادثة التي جرت بين السيدة عائشة ومعاوية؛ فالسيدة عائشة لم تأمر أهلها بقتل معاوية أثناء حضوره، ولم تشتمه ، بل إنها وعظته بالله وذكَّرته بهدي وسُنة النبي محمد ، ولذا وصفها معاوية بأنها العالمة الناصحة البليغة المشفقة ووعدها بأنه سيطيعها وأنها جديرة بأن تُطاع.

بل إننا نلاحظ أن معاوية لم يخاصم السيدة عائشة بل إنه ذهب ليطمأن عليها وزارها في وجود خادمها.

فهؤلاء هم الصحابة الذين وصفهم الله تعالى بأنهم رحماء فيما بينهم، ولكن الشيعة الوثنيين لا يفهمون ذلك بل قلوب الشيعة يملأها الغل والحقد.

ولذلك ورد في (موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام) ٩/‏٢٩٠ ما يلي:

[وخلاصة الجواب عن هذه الشبهة أن معاوية بن أبي سفيان لم يقتل محمد بن أبي بكر، ولم يُمَثِّل به، وإنما قتله مَن قتله؛ لأنه كان متهمًا عنده بدم عثمان، وقد قامت كل هذه الحروب لأجل القصاص مِن قتلة عثمان فلذلك قتلوه، وما نُسِبَ إلى عائشة كذب بيِّن.]

===================

ويستشهد الشيعة الوثنيون بما قاله ابن كثير في كتاب (البداية والنهاية) حيث قال:

[وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ نَالَ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ هَذَا وَشَتَمَهُ، وَمِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمِنْ مُعَاوِيَةَ وَمِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَيْضًا؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ غَضِبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ، فَقَدَّمَهُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ جَعَلَهُ فِي جِيفَةِ حِمَارٍ فَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ جَزِعَتْ عَلَيْهِ جَزَعًا شَدِيدًا، وَضَمَّتْ عِيَالَهُ إِلَيْهَا، وَكَانَ فِيهِمُ ابْنُهُ الْقَاسِمُ، وَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ.]

ولكن راجعت الكلام وراء ابن كثير وذهبت لتاريخ ابن جرير الطبري الذي نقل منه ابن كثير هذا الكلام ، فوجدت أن القصة قد أخذها الطبري من (أبو مخنف) الشيعي الكذاب؛ وأبو مخنف الشيعي الكذاب كان سبباً من ضمن أسباب تشويه التاريخ الإسلامي. وقد أخبرنا علماء الجرح والتعديل أنه كذاب. بل إنك ستلاحظ أن أبا مخنف يقوم باختراع الأخبار ثم يضع لها أسانيد مفبركة ، ولذلك إذا رجعت إلى تاريخ الطبري فستجد الرواية هكذا:

[قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بن يُوسُفَ بن ثَابِت الأَنْصَارِيّ، عن شيخ من أهل الْمَدِينَة، قَالَ:....]

عند النظر لهذا السند الكاذب☝ ، سنسأل أنفسنا: مَن هو الشيخ الذي من أهل المدينة الذي حكى قصة مقتل ابن أبي بكر؟!

وحتى لو افترضنا أننا نعرف مَن هو هذا الشيخ فإن هذا الشيخ لم يحضر الحادثة أصلاً؛ فالحادثة حصلت خارج المدينة.

بل ويوجد في السند: محمد بن يوسف بن ثابت الأنصاري، ولكن مَن هو هذا الرجل يا سادة؟!

إن هذا الرجل شخصية مجهولة أصلاً ولا أحد يعرفها؟!

والخلاصة أن أبا مخنف الكذاب كان يخترع القصص ثم يخترع لها إسناداً ويضع أسماءً وهميةً في السند ، ولذلك ستلاحظ أن الكثير من أسانيده مجهولة الهوية.  

وها نحن عرفنا مَن هو صاحب قصة قتل معاوية بن حديج لابن أبي بكر ، وقد عرفنا مَن الذي اخترع قصة حرق جثة ابن أبي بكر في جيفة حمار ميت.


والأدهى من ذلك أن ابن جرير الطبري نقل قصة أخرى مكذوبة من الواقدي الكذاب حيث يقول ابن جرير الطبري في تاريخه:

[وأما الْوَاقِدِيّ فإنه ذكر لي أن سويد بن عَبْدِ الْعَزِيزِ حدثه عن ثابت ابن عجلان، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عبد الرَّحْمَن، أن عَمْرو بن الْعَاصِ خرج فِي أربعة آلاف، فِيهِمْ مُعَاوِيَة بن حديج، وأبو الأعور السلمي، فالتقوا بالمسناة، فاقتتلوا قتالاً شديداً، حَتَّى قتل كنانة بن بشر بن عتاب التُّجِيبِيّ، ولم يجد مُحَمَّد بن أبي بكر مقاتلاً، فانهزم، فاختبأ عِنْدَ جبلة بن مسروق، فدل عَلَيْهِ مُعَاوِيَة بن حديج، فأحاط بِهِ، فخرج مُحَمَّد فقاتل حَتَّى قُتل.]


والرواية السابقة هي رواية مكذوبة ؛ فالواقدي معروف بالكذب أصلاً ، ويوجد في سند هذه الرواية: سويد بن عبد العزيز بن نمير ، وهو ضعيف الحديث يروي المناكير بل البعض اتهمه بالوضع.

ويوجد في السند: ثابت بن عجلان الحمصي ، وهو ليس على أتم درجات الوثاقة بل هناك من علماء الحديث مَن انتقده.

ويوجد في السند: القاسم بن عبد الرحمن ، وهو أصلاً لم يحضر الحادثة بل حتى رواياته عن (علي) و(عائشة) هي روايات منقطعة مُرسَلة ضعيفة. 

فكيف نأخذ هذه الرواية المزيفة ونطعن بها في معاوية بن حديج أو عمرو بن العاص أو غيرهما؟ا 

وقد انتقد الكثير من الباحثين قصة أبي مخنف الكذاب وقصة الواقدي الكذاب ، ومن ضمنهم الباحث العراقي الكردي/ محمد بن طاهر البرزنجي حيث قال في كتابه (صحيح وضعيف تاريخ الطبري) ٨/‏٨٤١:

[1- إسناده تالف وفي متنه نكارات سنتحدث عنها بعد (٥/ ١٠٩/ ١١٨٢).

2-  في إسناده الواقدي وهو متروك.]


====================

ويستدل الشيعة الوثنيون بما رواه المزي في كتابه (تهذيب الكمال) حيث قال:

[قال أَبُو سَعِيد بْن يونس: قدم ابن أبي بكر مصرَ أميراً عليها من قِبل علي ابن أَبي طَالِب، وجمع له صلاتها وخراجها، فدخل مصر في شهر رمضان سنة 37، وقيل: في صفر سنة 38 قبل يَوْم المسناة لما انهزم المِصْرِيون، فقيل: إنه اختفى في بيت امرأة من غافق آواه فيه أخوها، وكان الذي يطلبه مُعَاوِيَة بْن حديج فلقيتهم أخت الرجل الذي كَانَ آواه في بيتها، وكانت ناقصة العقل، فظنت أنهم يطلبون أخاها، فقالت: أي شيء تلتمسون، ابن أَبي بَكْر أدلكم عَلَيْهِ على أن لا تقتلوا أخي. قَالُوا: نعم. فدلتهم عَلَيْهِ، فَقَالَ: احفظوني لأبي بَكْر. فَقَالَ له مُعَاوِيَة بْن حديج: قتلتُ ثمانين رجلاً مِن قومي في دم عُثْمَان وأتركك وأنت صاحبه، فقتله ثُمَّ جعله في جيفة حمار ميت وأحرقه بالنار.

قال أَبُو سَعِيد: حَدَّثَنَا بذلك من أمره حَسَن بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدِينِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْن عَبد اللَّهِ بْن بُكَيْر، عَن اللَّيْث، عَن عَبْد الْكَرِيمِ بْن الْحَارِث، بهذا، أو نحوه]

وطبعاً، الكلام السابق قد أخذه المِزي من (كتاب الولاة وكتاب القضاة) - لأبي عمر الكندي.

وأبو عمر الكندي والمزي قد أخذوا هذا الكلام السابق من شخص موجود في السند يُلقَب بــ(حسن بن محمد بن الحسين بن أبى الصّعبة المديني)، وهو شخصية مجهولة أصلاً وليس لها توثيق في كتب الرجال. فالرواية ضعيفة أصلاً.


================

ومن ضمن الأكاذيب المنتشرة هو استدلال البعض بما ذكره البلاذري في كتابه (أنساب الأشراف) حيث قال:
[حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا وهب بن جرير، عَنِ ابْنِ جُعْدُبَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: وَجَّهَ عَلِيٌّ الأَشْتَرَ إلى مصر والياً عليها حين وَهِنَ أَمْرِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا صَارَ بِعَيْنِ شَمْسٍ شَرِبَ شَرْبَةً مِنْ عَسَلٍ - يُقَالُ: إِنَّهُ سُمَّ فِيهَا-، فَمَاتَ فَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يقول: إن لله لجنداً من عسل.]
ويكفيك أن تعرف أن الرواية السابقة لم تذكر أن معاوية بن أبي سفيان هو مَن سمَّم ابن أبي بكر بل حتى عبارة السم قد رُويت بصيغة التضعيف: (يُقال)، ولا نعرف مَن الذي قال هذا الهراء.

بل الصادم في الأمر أن الشخص الذي روى الرواية السابقة هو ابن جعدبة وهو كذاب متروك الحديث كما أخبرنا علماء الجرح والتعديل.

ومما يدل على أن تلك الروايات هي مجرد كذبة تاريخية هو أنهم اختلفوا في تحديد قائل عبارة: [إن لله لجنداً من عسل]؛ فبعضهم نسب هذه العبارة لمعاوية ، وبعضهم نسب العبارة لعمرو بن العاص!!!


===================
ويستشهد الشيعة الوثنيون بما ذكره الطبري في تاريخه حيث قال:
[قَالَ أَبُو مخنف: قَالَ عَبْد الْمَلِكِ بن نوفل: كَانَتْ عَائِشَة تقول: لولا أنا لم تغير شَيْئًا إلا آلت بنا الأمور إِلَى أشد مما كنا فِيهِ لغيرنا قتل حجر، أما وَاللَّهِ إن كَانَ مَا علمت لمسلماً حجَّاجاً معتمراً. وقَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي عَبْد الْمَلِكِ بن نوفل، عن سَعِيد المقبري، أن مُعَاوِيَة حين حج مر عَلَى عَائِشَة فاستأذن عَلَيْهَا، فأذنت لَهُ، فلما قعد قالت لَهُ: ((يَا مُعَاوِيَة، أأمنت أن أخبأ لك مَن يقتلك؟)) ، قَالَ معاوية: ((بيت الأمن دخلتُ)) ، قالت عائشة: ((يَا مُعَاوِيَة، أما خشيت اللَّه فِي قتل حجر وأَصْحَابه؟)) ، قَالَ معاوية:(( لست أنا قتلتهم، إنما قتلهم مَن شهد عَلَيْهِم)).]

وأنا أرد على الهراء السابق وأقول:
الرواية السابقة كاذبة وهي من كلام الراوي (أبو مخنف) ، وهو رجل شيعي كذاب معروف بالكذب كما قال علماء الجرح والتعديل.

وأما بالنسبة لِما ذكره ابن عبد البر في كتابه (الاستيعاب في معرفة الأصحاب) حيث يقول:
[وروينا عن أبي سعيد المقبري قَالَ: لما حج معاوية جاء إلى المدينة زائرًا، فاستأذن على عائشة ﵂، فأذنت له، فلما قعد قالت له: يا معاوية، أمنت أن أخبأ لك من يقتلك بأخي مُحَمَّد بن أبي بكر؟ - فقال: بيت الأمان دخلت. قالت: يا معاوية، أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ - قَالَ: إنما قتلهم مَن شهد عليهم.]
هنا ☝ ابن عبد البر أخذ الرواية من تاريخ الطبري، وقد قلتُ منذ قليل أن راوي الرواية هو أبو مخنف الشيعي الكذاب حيث نسب الرواية للمقبري.
مع العلم أن بين (ابن عبد البر) وبين المقبري حوالي 300 سنة.
والخلاصة أنه لا يوجد دليل على هذه الرواية الخرافية. ثم إن الرواية فيها أن معاوية تبرأ مِن قتل حجر وأصحابه؛ حيث قال معاويةُ لعائشة أنه ليس هو مَن قتلهم بل الذين قتلوا حجرَ وأصحابه هم مَن شهدوا عليهم.


=======================

ويستدل البعض بما ورد في تاريخ (خليفة بن خياط) ما يلي:

[حَدَّثَنَا غنْدر قَالَ حدثنَا شُعْبَة عن عمرو بن دِينَار قَالَ أُتِي عَمْرو بْن الْعَاصِ بِمُحَمد بْن أَبِي بَكْر أَسِيرًا ، فَقَالَ: هَل مَعَك عهد هَل مَعَك عقد من أحد؟ ، قَالَ: لا ، فَأمر بِهِ فَقتل]


ولكن الرواية السابقة ليست حجة أصلاً فهي رواية منقطعة الإسناد؛ لأن الراوي عمرو بن دينار لم يحضر الحادثة أصلاً، بل وُلِدَ سنة 46 هجرياً؛ أي أنه وُلِدَ بعد وفاة محمد بن أبي بكر وبعد وفاة عمرو بن العاص. بل إن عمرو بن دينار عاش في مكة ، والحادثة يفترض أنها حصلت في مصر!!!

وهذا يدلك على أن معظم هذه الروايات التاريخية السابقة صدرت من ناس لم يشاهدوا أي شيء، فكيف نبني عليها حكماً تاريخياً؟!

=====================

ويستدل الشيعة الوثنيون بما رواه الحاكم في (المستدرك) حيث قال:

[وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَمعْرُوفٌ فِي قَتْلِهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بِأَمَانٍ جِئْتَ؟ قَالَ: لَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمُ»]

ولكن الحاكم لم يذكر أي سند أو دليل على هذه الرواية السابقة!!!

إذن ، الرواية السابقة ضعيفة بل وتناقض الرواية الأخرى ؛ فالرواية الأخرى التي تحدثت عن مقتل ابن أبي بكر قالت أن معاوية بن حديج هو مَن قتله ، ولكن هذه الرواية تزعم أن عمرو بن العاص هو مَن قتله ، فأيهما نصدق؟!

وهذا يدلك على أن ذلك الزمان امتلأ بالشائعات والأكاذيب المتناقضة، وكل واحد كان يقول كلاماً بلا دليل...

مع العلم أن كلا الروايتين ضعيفتان أصلاً سواء التي تكملت عن قتل عمرو بن العاص لابن أبي بكر أو قتل معاوية بن حديج لابن أبي بكر. 



====================
وأخيراً: 
رأيتُ بعض معممي الشيعة يكتبون في كتبهم عبارة:
[قال المغيرة: كان أشد الناس على عثمان طلحةُ والزبيرُ وعائشةُ] 
وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:
أولاً: الكلام السابق ليس له أي إسناد، ولم أجد كتاباً إسلامياً نسب هذه العبارة إلى أحد اسمه (المغيرة).
وأما فيما يتعلق بمضمون الكلام نفسه، فإن العبارة وردت بالضبط في كتاب (تاريخ مختصر الدول)، وهذا الكتاب ألَّفه أصلاً شخص نصراني سرياني يُلقب بـ(ابن العبري)، واسمه بالكامل: غريغوريوس (واسمه في الولادة يوحنا) ابن أهرون (أو هارون) بن توما الملطي ، وقد عاش هذا النصراني القرن السابع الهجري؛ أي أنه لم يعاصر زمن عثمان أصلاً. وبالتالي فإن الكلام ليس حجة علينا أصلاً.

وقد بحثتُ ووجدتُ عبارة مشابهة وردت في كتاب (البدء والتاريخ) للمطهر بن طاهر المقدسي ، وقد أخبرتُكم مِن قبل أن هذا الرجل مجهول الهوية أصلاً، وليس له أي توثيق في كتب الأقدمين. والذي نشر كتابه هو شخص أجنبي اسمه (أَرنست لرُو) في باريس ما بين ١٨٩٩ - ١٩١٩م.
وكتاب (البدء والتاريخ) قد ذكر عبارة:
 [وكان أشد الناس طلحة والزبير ومحمد بن أبي بكر وعائشة]
وطبعاً، العبارة السابقة لم يُثبِتها مؤلف الكتاب بأي إسناد أو دليل ثم إن العبارة لم تَذكر صراحةً أن هؤلاء الأربعة كانوا أشداء على عثمان. ثم إن العبارة تتكلم عن حادثة معينة حين حصل اضطراب في المدينة بسب مجيء الثوار من خارج شبه الجزيرة العربية للثورة على عثمان.
فالخلاصة أن العبارة السابقة مجهولة المصدر.
ولذلك ورد في موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام ٩/‏١٩٩ ما يلي:
[عبارة ((وكان أشدَّ الناس على عثمانَ: طلحةُ، والزبير، وعائشة))، ذكرها صاحب مختصر تاريخ الدول، ولم أقف له على إسناد.]

أما العبارة الأصلية فهي التي وردت في كتاب (أنساب الأشراف للبلاذري) ٧/‏١٤٦ — حيث قال:
[وكتب نافع إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ يدعوه إِلَى أمره ويقول لَهُ: إنك تتولى عثمان، وَكَانَ أبوك وعلي وطلحة أشد النَّاس عَلَيْهِ حَتَّى قُتل.]
إذن ، قائل العبارة هو نافع بن الأزرق وهو مؤسس فرقة الأزارقة الخوارج، وكلامه ليس حجة علينا أصلاً وهو ضعيف الحديث كما قال علماء الجرح والتعديل.. وقد ذكر ابن عبد ربه الأندلسي اسمه صراحةً في كتاب (العقد الفريد) 2/ 238
بالإضافة إلى أن العبارة السابقة لم تذكر أن السيدة عائشة كانت من أشد الناس على عثمان.

وهناك رواية أخرى مختلفة في المضمون تماماً ، وقد ذكرها ابن شبة النميري في كتاب (تاريخ المدينة) حيث يقول:
[حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى عُثْمَانَ الْمُحَمَّدُونَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ».]

وطبعاً، الرواية السابقة ليس فيها أن عائشة أو الزبير أو طلحة كانوا أشداء على عثمان ، ثم إن الرواية السابقة إسنادها معضل ضعيف ؛ فالراوي الليث بن سعد وُلِدَ سنة 94 هجرياً، ولم يحضر واقعة عثمان أصلاً، ولذلك حكمت موسوعة محاسن الإسلام  ٩/‏١٩٩  بضعف هذه الرواية.

--------------------------------
وأخيراً، بالنسبة لمن يستدلون بابن أبي الحديد، فإن هذا الرجل غريب الأطوار ؛ فمرة تراه معتزلياً ومرة تراه شيعياً رافضياً ، وأمره يملأه الريبة والشك ولا نعتمد عليه أصلاً. بل له أقوال مطعون فيها أصلاً. 
فهذا الرجل لا يمثلنا أصلاً.
----------------------------------------
إلى هنا ، أكون قد فندت الشبهات بالكامل بعون الله ، وأثبتُ أن تلك الروايات التي يستدل بها الشيعة هي عن ناس لم يروا شيئاً أصلاً.
لا تنسوا نشر المقال أو نسخه
لا تنسونا من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © 2025 درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x