الرد على شبهة أن النبي محمد كان يطوف على نسائه في الليلة بغسل واحد - وهل هناك اغتسال في المسيحية

الرد على شبهة حديث طواف النبي على زوجاته في الليلة بغسل واحد ، كما في الحديث الوارد في البخاري ومسلم - الرد على المسيحيين - نظافة النبي محمد - الغسل
13 دقيقة قراءة

مضمون الشبهة:

يزعم أعداء الإسلام أن النبي محمد كان يجامع زوجاته كلهن في ليلة واحدة ثم يغتسل في النهاية غسلاً واحداً..

ويستدل أعداء الإسلام بهذا الحديث التالي:

[حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ «كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ.»]


[وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ ،  حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ - يَعْنِي: ابْنَ بُكَيْرٍ الْحَذَّاءَ -،  عَنْ شُعْبَةَ ،  عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ ،  عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ»]

--------------------------

الرد على هذه الشبهة السخيفة:

أولاً: الحديث السابق لا يوجد فيه أن النبي جامع زوجاته كلهن في ليلة واحدة واغتسل بغسل واحد بعد أن جامعهن كلهن.

وأصلاً، الحديث السابق لم يذكر أي شيء عن الجماع بل الحديث ذكر فقط كلمة (طاف). وكلمة (طاف) في اللغة العربية تعني تنقل وتجول وسار....، ولذلك نحن نقول: [طاف المسلم حول الكعبة] ، وكذلك نقول في اللغة العربية: [طاف الكريم على الفقراء] 

وقد وردت كلمة (طاف) في حديث أورده الإمام مسلم عن النبي حيث قال:

[قَالَ رَسولُ اللهِ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ، ثُمَّ لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ

إذن ، حديث (طواف النبي على زوجاته) لم يذكر أبداً أن النبي جامع زوجاته كلهن في ليلة واحدة.

 وأما بالنسبة لعنوان الباب الذي ورد ضمنه حديث طواف النبي على نسائه ، فإن عنوان الباب هكذا👇:

[بَابُ جَوَازِ نَوْمِ الْجُنُبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ وَغَسْلِ الْفَرْجِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ أَوْ يُجَامِعَ]

ولكن ينبغي التنبيه على أن العنوان السابق ليس من إعداد الإمام مسلم نفسه بل هو من إعداد الشارح الذي يُبوِّب الباب ويضع عنواناً حسب فهمه. 

الإمام مسلم قام بإعداد صحيح مسلم ورتَّب فيه الأحاديث، أما الشارح فهو مَن يضع عناوين الأبواب حسب فهمه.

ثم إن العنوان ليس فيه أن النبي محمد جامع زوجاته كلهن بغسل واحد في ليلة واحدة.

والخلاصة أن حديث طواف النبي على زوجاته لم يذكر أبداً أن النبي جامع زوجاته كلهن واغتسل بغسل واحد بل الحديث ذكر فقط (الطواف) ؛ أي أن الحديث يخبرنا أن النبي كان يتنقل من بيت إحدى زوجاته إلى بيت آخر؛ لكي يتأكد النبي على حال زوجاته كلهن ويلبي مطالبهن وأي احتياجات لهن، ولذلك عندما جلس الناس مع أنس بن مالك وسألوه: ((هل النبي كان يطيق ذلك)) ، فأجابهم أنس وأخبرهم أن النبي كان يطيق ذلك؛ أي أن النبي كان يتحمل مشقة ومسؤولية زوجاته كلهن ، ولهذا أخبرهم أنس بأن النبي كان عنده قوة ثلاثين شخصاً. وكلنا يعرف أن تحمل الرجل لمسؤولية الزوجة هو أمر شاق ، فما بالك عندما تحمل النبي مسؤولية زوجاته، ولهذا وصفه أنسُ بأنه له قوة ثلاثين. 

فحديث (طواف النبي على زوجاته) لم يتطرق أبداً لذكر الجماع أو ممارسة الجنس.

وأما بالنسبة لعبارة [بغسل واحد] فلا تعني أن النبي جامع زوجاته كلهن في نفس الليلة، ولا علاقة للعبارة بهذه النقطة أصلاً.

ونحن إذا افترضنا أن عبارة [بغسل واحد] تتكلم عن الاغتسال بعد الجماع فإن العبارة سيكون معناها أن النبي إذا كان جُنباً وخرج مِن عند إحدى زوجاته وذهب إلى زوجة أخرى وجلس وتحدث معها ليطمأن عليها فإنه لا ينجسها. وهذا الأمر يتبين من خلال حديث أبي هريرة عندما قال له النبي: [سُبْحَانَ اللهِ يَا أَبَا هِرٍّ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ] ، فحديث أبو هريرة يخبرنا أن الجُنب يجب عليه أن يغتسل ولكنه الجُنب لا ينجس مَن يتكلم معه. مع العلم أن حديث أبي هريرة هذا قد ذُكر في نفس الباب حيث ذكره البخاري مباشرةً بعد حديث طواف النبي على زوجاته.

فالخلاصة أن حديث (طواف النبي على زوجاته) لم يذكر أبداً أن النبي جامعهن كلهن في نفس الليلة واغتسل غسلاً واحداً في النهاية بعد جماعهن، بل الحديث تكلم فقط عن أنه زارهن كلهن، وأما عبارة [بغسل واحد] فهي على أقصى تقدير تعني أن الجُنب لا ينجس إذا جلس وتحدث مع زوجته الأخرى. مع العلم أن النبي كان يتوضأ أصلاً إذا كان عند إحدى زوجاته وخرج للأخرى، ولهذا ذكر الإمام مسلم في نفس الباب ما يلي:

[حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،  حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، وَوَكِيعٌ، وَغُنْدَرٌ ،  عَنْ شُعْبَةَ ،  عَنِ الْحَكَمِ ،  عَنْ إِبْرَاهِيمَ ،  عَنِ الْأَسْوَدِ ،  عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ»]


وأما بالنسبة لبعض المسيحيين الذين يظنون أن النبي كان يمارس الجنس مع إحدى زوجاته ثم يذهب للأخرى ويمارس الجنس معها بدون أن ينظف جسده بين المرتين ، فإن هذا الكلام عبارة عن هراء من محض خيال المسيحيين.

وأنت إذا نظرت لكتاب (صحيح مسلم) نفسه فستجد أنه ذكر حديثاً في نفس الباب كالتالي:

[وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،  حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ،  أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، (ح) وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ ،  عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ ،  عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ. زَادَ أَبُو بَكْرٍ فِي حَدِيثِهِ: بَيْنَهُمَا وُضُوءًا، وَقَالَ: ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ».]

فالحديث السابق يخبرنا أن المسلم يجب أن يفصل بين الجماعين بالوضوء حيث يذهب المسلم ويغسل قضيبه التناسلي ويتوضأ الوضوء الذي نعرفه وليس أن يجامع زوجتين وراء بعضهما مباشرة بدون أن ينظف نفسه. 

ثم إنني أستعجب من المسيحي الذي يطرح هذه الشبهة بالرغم من أن كتابه قد ألغى شرط الاغتسال بعد الجماع أصلاً؛ فالعهد القديم كان ينص على أن الرجل يغتسل بعد الجماع ويظل نجساً حتى لو اغتسل كما قال الكتاب المقدس نفسه. أما العهد الجديد فقد ألغى تشريع الاغتسال أصلاً؛ لأن تشريع الاغتسال كان مؤقتاً إلى حين مجيء يسوع من أجل الإصلاح كما يؤمن المسيحيون..

ورد في رسالة العبرانيين 9: 10 ما يلي:

[وهي قائمة بأطعمة وأشربة وغسلات مختلفة وفرائض جسدية فقط موضوعة إلى وقت الإصلاح.]


وتقول الموسوعة الكنسية في تفسير النص السابق:

[الذبائح والتقدمات اليهودية كانت عبارة عن أطعمة ومشروبات واغتسالات عديدة وفرائض خارجية تُمارَس فقط كرموز إلى الوقت الذي ستجئ فيه الذبيحة الحقيقية، أي السيد المسيح، الذي له القدرة على تجديد طبيعة الإنسان وإصلاحها.]

ولهذا قامت الدسقولية وقوانين رسل المسيحية بإلغاء الاغتسال بعد الجماع، وقد تكلمت عن ذلك في مقال مستقل على موقعي هذا.


==========

شبهات أخرى لها علاقة بالموضوع:

بعض الناس يزعمون أن النبي محمد كان عنده قوة ثلاثين أو أربعين رجلاً في الجماع ، ويستدلون على ذلك بالحديث التالي:

[عن عبد الرزاق، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: أُعْطِيَ النَّبِيُّ ﷺ بُضْعَ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ رَجُلًا، وإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُقِيمُ عِنْدَ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمًا تَامًّا كَانَ يَأْتي هَذِهِ السَّاعَةَ وَهَذِهِ السَّاعَةَ يَتَنَقَّلُ بَينَهُنَّ كَذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيلُ قَسَمَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ لَيْلَتَهَا.]

وأنا أرد وأقول:

 الحديث السابق هو حديث ضعيف مكذوب ولم يَثبت صدوره من أنس بن مالك؛ فالحديث جاء من مصدر مجهول ، وإذا نظرت في السند فستجد الراوي ابن جريج يقول: (أُخبرت) ، فمن الذي أخبره؟!

مع العلم أن الراوي ابن جريج مدلس ، وعنعته مرفوضة ، وهو قد دلس في الحديث السابق، واعلم أن ابن جريج لا يُدلس شيئاً إلا إذا كان أخذه من شخص غير ثقة، ولذلك ورد في (المسند المصنف المعلل) ٢/‏٥٧ ما يلي:

[قلنا: إِسناده ضعيفٌ؛ قال الإمام عبد الله بن أَحمد بن حنبل: قال أَبي (أحمد بن حنبل): بعضُ هذه الأَحاديث التي كان يرسلها ابن جُريج أَحاديث موضوعة (مكذوبة)، كان ابن جُريج لا يبالي من أَين يأخذها، يعني قوله: أُخبِرت، وحُدِّثت عن فلان. «العلل ومعرفة الرجال» (٣٦١٠).]

فالحديث السابق الذي وصف النبي بأن عنده قوة أربعين رجلاً في الجماع هو حديث بااااطل مكذوب ولا يصح هذا الحديث بحسب علماء الحديث.

-----------------

وهناك حديث آخر ضعيف ورد بهذه الطريقة:

[أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أُعْطِيتُ الْكَفِيتُ»، قِيلَ: وَمَا الْكَفِيتُ؟ قَالَ: «قُوَّةُ ثَلَاثِينَ رَجُلًا فِي الْبُضَاعِ»، وَكَانَ لَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ وَكَانَ يَطُوفُ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فِي لَيْلَةٍ.]

والحديث السابق هو حديث ضعيف أيضاً ؛ فالراوي ابن جريج أخذه من مصدر مجهول. وابن جريج مدلس وعنعته هنا مرفوضة.

والأدهى من ذلك أنك ستلاحظ التناقض؛ فمرة يقول الحديث أن النبي عنده قوة ثلاثين رجلاً في الجماع ، ومرة أخرى يقول أن عنده قوة أربعين رجلاً في الجماع!!!

---------------------

وهناك حديث آخر ضعيف يقول:

[عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنّ النَّبِيَّ أُعْطِيَ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ ، أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فِي الْجِمَاعِ ، أَنَا أَشُكّ.]

والحديث السابق هو حديث ضعيف منقطع الإسناد مرسَل؛ فالراوي طاووس ليس صحابياً ولم يقابل النبي أصلاً بل وُلد الراوي طاوس في خلافة عثمان بن عفان. ثم إن الراوي طاوس نفسه قد شك في متن الحديث. والأدهى من ذلك أننا نرى هنا تناقضات عجيبة تجعل الحديث مضطرباً؛ فمرة يزعم هذا الحديث الضعيف أن النبي عنده قوة 30 رجلاً في الجماع ، ومرة أخرى يزعم أن عنده قوة 40 ، ومرة أخرى يزعم أنها قوة 45 رجلاً في الجماع. وكل هذه الأحاديث التي تكلمت عن قوة النبي في الجماع هي أحاديث ضعيفة كما قال علماء الحديث.

-----------------

وورد حديث آخر ضعيف وهو كالتالي:

[عن عبد الرزاق، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: أُعْطِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قُوَّةَ بُضعِ خَمْسَةٍ وَأَرْيَعِينَ رَجُلًا.]

والحديث السابق هو حديث ضعيف أيضاً ؛ فالراوي/ علي بن زيد بن جُدعان هو راوٍ ضعيف الحديث. ثم إن الحديث ضعيف أيضاً بسبب الإرسال والإنقطاع في الإسناد ؛ فالراوي سعيد بن المسيب ليس صحابياً ولم يسمع النبي أصلاً، بل وُلد سنة 15 هجرياً في خلافة عمر بن الخطاب. 



وهناك حديث آخر ضعيف قد ذكره ابن عدي في كتاب (الكامل في ضعفاء الرجال) ٢/‏٩ ؛ لكي ينبه الناس إلى ضعفه ، وهذا الحديث كالتالي:

[حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عِيسَى بْنُ مُوسَى الْغُنْجَارُ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمد بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ غَزْوَانَ، حَدَّثَنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ عَنِ الْغُنْجَارِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خُوطٍ، عَن قَتادَة، عَن أَنَس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلاثِينَ فِي الْمُبَاضَعَةِ.]

الحديث السابق هو حديث مكذوب؛ فالراوي أيوب بن خوط هو راوٍ متروك الحديث، ثم إن الحديث به رواة مجاهيل مثل: إبراهيم بن محمد بن الحسين بن غزوان ، ومحمد بن الحسين بن غزوان

والراوي/ الغنجار (عيسى بن موسى التيمي) يدلس فيأتي بالمناكير ويروي عن الكذابين. وهناك مشاكل أخرى في سند الحديث السابق.


وقد علَّق ابن القيسراني في كتابه (ذخيرة الحفاظ) ٢/‏٦٨٩ — وقال: 

[حَدِيث: أن رَسُول الله ﷺ أُعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ فِي المباضعة. رَوَاهُ أَيُّوب بن خوط، عَن قَتَادَة، عَن أنس. وَأَيوب بن خوط: مَتْرُوك الحَدِيث.]

----------------

وورد الحديث من طريق آخر ضعيف هكذا:

[عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ، عن سَلام بن أبي مُطِيع ، عَن قَتَادَة أَن النَّبِي أعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ رجلا فِي المباضعة]

ولكن الراوي/ عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة الباهلي هو راوٍ كذاب يكذب ويخترع الأحاديث، ثم إن الراوي/ سلام بن أبي مطيع لا يُقبَل حديثه عندما يرويه عن قتادة لأنه لا يحفظه جيداً، وهذا ما قاله الإمام ابن عدي الجرجاني وأكد عليه ابن حجر العسقلاني. 

---------------

وورد الحديث من طريق آخر ضعيف هكذا:

[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " لَقِيَنِي جِبْرِيلُ بِقِدْرٍ فَأَكَلْتُ مِنْهَا ، وَأُعْطِيتُ الْكَفِيتُ قُوَّةُ أَرْبَعِينَ رَجُلا فِي الْجِمَاعِ"]

والحديث السابق هو حديث ضعيف بسب الانقطاع في الإسناد بين صفوان بن سليم والنبي ، ثم إن الراوي/ أسامة بن زيد الليثي هو راوٍ صدوق ولكن له أخطاء وتصدر منه أحاديث مُنكَرة. وأما الراوي/ محمد بن عمر الواقدي فهو ضعيف الحديث

----------------------------

وورد الحديث بهذا الطريق الضعيف أيضاً:

[أنبا مُحَمَّدٌ ، أنبأنا الزُّبَيْرُ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " لَقِيَنِي جِبْرِيلُ بِقِدْرٍ فَأَكَلْتُ مِنْهَا ، وَأُعْطِيتُ الْكَفِيتَ وِقَاعَ أَرْبَعِينَ رَجُلا".]

والحديث السابق ضعيف؛ فالراوي/ محمد بن حسن بن زبالة المخزومي هو راوٍ كذاب يخترع الأحاديث.


وورد الحديث بهذا السند الضعيف أيضاً:

[أنبا مُحَمَّدٌ أَنبأنا الزُّبَيْرُ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ أُعْطِيتُ الْكَفِيتَ وِقَاعَ ثَلاثِينَ رَجُلاً.]

والحديث السابق هو حديث ضعيف ؛ فالراوي/ محمد بن حسن هو راوٍ كذاب كما قلنا من قبل. وأما الراوي/ يعقوب بن يحيى بن عباد هو راوٍ مجهول الحال أصلاً. ثم إن الراوي/ عبد العزيز بن محمد الدراوردي هو راوٍ صدوق ولكنه يغلط في نقل الحديث.

-------------------------

وورد حديث آخر ضعيف هكذا:

[قَالَ الْحَارِثُ: وَحدثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانٍ حدثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «أُعطي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُوَّةَ بِضْعِ أَرْبَعِينَ رَجُلًا كُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».]

الحديث السابق منقطع الإسناد ضعيف؛ فالراوي مجاهد ليس صحابياً ولم يقابل النبي أصلاً. ثم إن الراوي/ ثوير بن أبي فاختة القرشي كان رافضياً متروك الحديث لأنه يقلب الأحاديث ويأتي بالأحاديث الموضوعة المكذوبة. وأما الراوي/ عبد العزيز بن أبان القرشي فهو راوٍ متروك الحديث حيث كان يأتي بالأحاديث المكذوبة الباطلة.


وورد الحديث بسند آخر ضعيف هكذا:

[أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " أُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِضْعَ أَرْبَعِينَ رَجُلا ، وَأُعْطِيَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِضْعَ ثَمَانِينَ"] 

الحديث السابق هو حديث ضعيف منقطع الإسناد بسبب الإرسال، ثم إن الراوي/ الليث بن أبي سليم القرشي هو راوٍ ضعيف الحديث سيء الحفظ.


 وورد الحديث بسند آخر ضعيف هكذا:

[حَدَّثَنَا أَيُّوبُ الْوَزَّانُ ، حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا نَهْشَلٌ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ: " أَتَانِي جِبْرِيلُ بِهَرِيسَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَكَلْتُهَا فَأُعْطِيتَ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلا فِي الْجِمَاعِ.]

والحديث السابق ضعيف ؛ فالراوي/ نهشل بن سعيد كان كذاباً يخترع الأحاديث وينسبها للثقات مثل الضحاك.

وأما الراوي/ سلام بن سليمان فقد ضعَّفه الكثير من العلماء.


وورد الحديث بسند آخر ضعيف هكذا:

[أَنبأنا مُحَمَّدٌ ، أَنبأنا الزُّبَيْرُ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ ، عَن إِسْحَاق بن عِيسَى ، عَن إِسْمَاعِيل ابْن مُسْلِمٍ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (أَتَانِي جِبْرِيلُ بِهَرِيسَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَقَالَ أَصِبْ مِنْهَا أَوْ نَلْ مِنْهَا فَإِنَّهَا جَيِّدَةٌ فِي الْبَاهِ)]

الحديث السابق ضعيف ؛ فالراوي/ محمد بن حسن كذاب كما قلنا ، وأما الراوي/ إسحاق بن عيسى القشيري فهو صدوق ولكن ربما يخطيء في نقل الحديث. وأما الراوي/ إسماعيل بن مسلم الديلي فليس له توثيق معتمد في كتب القدماء. ثم إن الحيث منقطع الإسناد مرسل أصلاً؛ فقد رواه الحسن البصري وهو ليس صحابياً ولم يقابل النبي أصلاً.


وورد الحديث بسند آخر ضعيف هكذا:

[حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر الخشاب ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مهران ، حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن جُبَيْر ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحَجَّاج ، عَنْ ثَوْر بْن يَزِيد ، عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ أُوتِيتَ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ بشَيْءٍ ؟ قَالَ : " نَعَمْ أَتَانِي جِبْرِيلُ بِهَرِيسَةٍ فَأَكَلْتُهَا ، فَزَادَتْ فِي قُوَّتِي قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلا فِي النِّكَاحِ"]

والحديث السابق ضعيف ؛ فالراوي/ الفضل بن جبير الوراق ضعيف الحديث وليس له أي وثاقة. وأما الراوي/ عبد الله بن جعفر بن محمد الخشاب فهو راوٍ مجهول الحال.


وورد حديث آخر ضعيف هكذا:

[حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبَّادٍ التَّمِيمِيُّ ، حدثنَا أَبِي ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيِّ ، حدثنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ : بِالسَّخَاءِ ، وَالشَّجَاعَةِ ، وَكَثْرَةِ الْجِمَاعِ ، وَشِدَّةِ الْبَطْشِ"]

الحديث السابق ضعيف ؛ فالراوي/ عباد التميمي هو شخص مجهول الحال. والراوي/ سعيد بن بشير الأزدي ضعيف الحديث كثير الخطأ. وأما الراوي/ قتادة فهو مدلس وقد عنعن هنا.



وأخيراً: بالنسبة لِما ذكره عبد الملك بن حبيب في كتاب (أدب النساء) حيث قال:

[وعن علي بن أبي طالب قال: «ثلاثٌ أعطيهن الأنبياء: التعطر والسواك وكثرة الجماع» . وقال رسول الله ﷺ: «أربعٌ من سنن المرسلين: السواك والحناء والتعطر وكثرة غشيان النساء»]

أنا أرد على هذا الهراء وأقول:

بالنسبة للعبارة الأولى فإنها ليس لها إسناد يثبت أن علي بن أبي طالب قالها، مع العلم أن بين علي بن أبي طالب وعبد الملك بن حبيب عشرات السنين.

وأما بالنسبة للعبارة الثانية، فإنها مُحرَّفة ، والعبارة الأصلية ليست هكذا بل العبارة الأصلية ذكرت كلمة [الزواج] بدلاً من [كثرة غشيان النساء]


* ملحــــــــــــــــــوظة أخــــــــــــــــــــــــــيــــــــــــــرة:

وأما بالنسبة لأعداء الإسلام الذين يستشهدون بكلام الشيخ فلان أو علان حينما يفسر حديث طواف النبي على زوجاته بأن فيه جماع النبي لزوجاته كلهن في نفس الليلة، فإنني أرد على هؤلاء وأقول:

أولاً: هذا الأسلوب الذي يمارسه أعداء الإسلام اسمه أسلوب (العزو) ، وهذا الأسلوب به مغالطة أصلاً؛ فالإسلام يؤخذ بالدليل الصحيح وليس بمجرد أن الشيخ فلان قال وعلان قال. وقد علمنا أئمة الإسلام أن [العالم يُستدل له ولا يُستدل به]؛ وهذه المقولة تعني أننا يجب أن نعتمد على كلام الشيخ فلان بشرط أن يقدم دليلاً دينياً أو عقلياً أو لغوياً على ما يقوله ، ولكن إذا لم يقدم دليلاً فسيُرفض كلامه. وأنا عرضتُ لكم وأثبتُ لكم أنه لا يوجد دليل في الحديث على أن النبي جامع زوجاته كلهن في نفس الليلة.


ثانياً: ليس كل الشيوخ أفتوا بأن حديث طواف النبي معناه أن النبي جامع زوجاته كلهن في نفس الليلة واغتسل غسلاً واحداً بل بعض الشيوخ قالوا أن الحديث يعني أن النبي زار زوجاته من غير مسيس (أي من دون أن يمسهن في الجماع).

-----------------------------

لا تنسوا نشر المقال أو نسخه

لا تنسونا من صالح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته




قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © 2025 درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x