الرد على شبهة: لماذا يُقتل المسلمون في فلسطين وبورما وغيرها بالرغم من أن الله قال: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}

شبهة يثيرها أعداء الإسلام حول الآية القرآنية: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}. ولماذا يُقتل المسلمون إذا كان الله يدافع عنهم
7 دقيقة قراءة

 مضمون الشبهة:

يشكك أعداء الإسلام في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ یُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟﴾ [سورة الحج ٣٨] ؛ حيث يسألنا أعداء الإسلام قائلين: إذا كان الله يدافع عن المسلمين ، فلماذا نرى الكثير من قتلى المسلمين في فلسطين أو بورما أو غيرها؟!

-----------------------------------

الرد على هذه الشبهة السخيفة:

أولاً: مشكلة أعداء الإسلام أنهم يقرأون ولكن لا يفهمون ما يقرؤنه فهماً صحيحاً، بل يتبنون فهماً خاطئاً للآية وبهذا تتولد الشبهة بناءً على فهمهم الخاطئ!!!

ثانياً: أعداء الإسلام يظنون أن الدفاع عن أشخاص يعني ((عدم مقتلهم أبداً))، وهذا اعتقاد خاطئ يخالف العقل والمنطق والواقع بل ويخالف الغة العربية أيضاً. فالمدافع قد يدافع عن أشخاص معينين ومع ذلك قد يُقتَل بعضهم أحياناً، وهذا لا ينفي صفة (الدفاع) عن المدافع. 

دعني أعطيك أمثلة بسيطة لكي تتضح الفكرة:

جنود الجيش هم حماة الوطن وهم يدافعون عن مواطني الدولة ضد العدو ، ولذلك تُسمى وزارة الدفاع بهذا الاسم، ولكن هذا لا يعني أنه لن يُقتَل أي مواطن أبداً بل قد يُقتَل بعض المواطنين أحياناً بسبب هجوم العدو الغاشم.

مثلاً: في أوكرانيا حالياً ، ستجد الجنود الأوكرانيين يدافعون عن أوكرانيا ضد الروس، ومع ذلك بعض المواطنين الأوكران يُقتَلون بين الحين والآخر. ومقتل هؤلاء المواطنين لا ينزع صفة (الدفاع) عن الجنود الأوكران الذين يدافعون عن أوكرانيا بل هم ما زالوا يُسمون بالمدافعين عن أوكرانيا.

وكلنا نعرف أن الشرطة تدافع عن المواطنين ضد المجرمين، ولكن هذا لا ينفي مقتل أحد المواطنين بين الحين والآخر، بل نحن نجد الجرائد تنشر خبر مقتل أحد المواطنين بين الحين والآخر.

والمقاومة الفلسطينية تدافع عن الفلسطينين ضد اليهود المجرمين ولكن هذا لا ينفي مقتل بعض الفلسطينيين بين الحين والآخر، ولا يوجد تناقض بين وصف المقاومين بصفة الدفاع وبين مقتل بعض المواطنين الفلسطينيين.

وكذلك المدافعون الفتناميون كانوا يدافعون عن فيتنام ضد أمريكا المجرمة، ومع ذلك قُتل بعض الفيتناميين على يد الأمريكيين المجرمين.


إذن ، نستخلص مما سبق أن (الدفاع) سُمي بهذا الاسم نظراً لأنه يدفع ويصد الشر عن أحدهم، والدفاع هنا شيء نسبي؛ فمثلاً: إذا افترضنا أن هناك 50 مواطناً ومعهم مدافعٌ، فقام المدافع بصد الهجمات عن 40 مواطن فقط ، فهذا اسمه دفاع أيضاً نظراً لأنه دفع الشر حتى ولو لمرة واحدة فقط.

فالمدافع إذا مارس فعل الدفاع ولو لمرة واحدة عن شخص واحد، فهذا اسمه أيضاً (دفاع) بحسب اللغة العربية. وأنت إذا دافعت عن فتاة واحدة في الشارع فأنت اسمك (مدافع) حينها. 

والله عز وجل يدافع عن المؤمنين ولكن هذا لا يعني أن جميعهم معصومون من القتل بل قد يُقتَل بعضهم وينقذ الله الباقين، ولذلك نجد أن بعض المسلمين قُتلوا على يد مشركي قريش أيام نزول آية الدفاع هذه.

فالله إذا أنقذ البعض وحماهم من شر الكفار فهذا اسمه أيضاً (دفاع) حتى ولو مات البعض الآخر. ولذلك يقول الله تعالى:

﴿إِن یَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحࣱ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحࣱ مِّثۡلُهُۥ وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَاۤءَ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلظَّـالِمِینَ﴾ [آل عمران ١٤٠]

فالله نفسه قد أخبرنا في هذه الآية السابقة☝ بأن بعض المؤمنين قد يُقتلون. وستجد العديد من الآيات القرآنية التي تتحدث عن تعذيب الكفار للمؤمنين وقتلهم.

ولو مشينا بنفس المنطق الغبي الذي يفكر به أعداء الإسلام فإننا سنلغي اسم وزارة (الدفاع) نظراً لأن بعض المواطنين يُقتَلون أحياناً. وكذلك لو فكرنا بنفس المنطق الغبي الذي يفكر به أعداء الإسلام فإننا سنعتبر الشرطة لا تدافع عن المواطنين؛ نظراً لأن العالم لا يخلو من جرائم القتل بل توجد جرائم القتل في كل دول العالم وبعض المواطنين يُقتَلون بين الحين والآخر.

والخلاصة أن الدفاع هم مصطلح نسبي؛ فالله إذا منع القتل عن بعض المسلمين ومات البعض الآخر فهذا اسمه دفاع أيضاً.

دعني أعطيك مثالاً آخر:

مصطفى إذا عمل في وظيفة البناء فسيُطلَق عليه صفة (بَنَّاء)، ولكن هذا لا يعني أنه سيبني كل الأبنية التي في العالم ، بل إذا بنى مصطفى بعض الأبنية فقط فسيطلق عليه اسم (بَنَّاء) وليس شرطاً أن يبني كل الأبنية في العالم لكي يُسمى بهذا الاسم.

وعلاء الذي يعمل في مهنة الطب ويعالج المرضى يُسمى بـ(المعالج) بالرغم من أنه لا يعالج كل المرضى الذين في العالم بل يعالج بعضهم فقط وقد يموت البعض بالرغم من محاولاته.

فالخلاصة أنك إذا فعلت شيئاً ولو لمرة واحدة فقط فسُيطلَق عليك لقب الفاعل لهذا الشيء.  

وكذلك الله يدفع الشرور عن المؤمنين ولكن هذا لا ينفي مقتل بعضهم أبداً بل قد يموت البعض.

والله عز وجل ما زال يدفع الكثير من الشرور عن المسلمين ، ولذا تجد المسلمين ما زالوا على قيد الحياة بالرغم من أن الدول الأجنبية المعادية للإسلام تمتلك قنابل نووية بإمكانها إبادة جميع المسلمين في ثواني، ولكن الله منعهم من ذلك.

=====================

ثم إنني أستعجب من المسيحيين الذين يشمتون في مقتل المسلمين حول العالم بالرغم من أن المسيحيين أنفسهم يؤمنون أن أسلافهم قُتلوا على يد اليهود والرومان ، وكانوا نيرون يضطهد المسيحيين ويتفنن في تعذيبهم ، وظل الحال هكذا لمدة 300 سنة حتى حماهم الامبراطور قسطنيطين، فأين كان إله المسيحيين ولماذا لم ينقذهم، ولماذا يسوع لم ينقذ أتباعه؟!

بل الكتاب المقدس نفسه ينص على أن الآب تخلى عن يسوع وتركه للقتل على الصليب ، فلماذا الآب لم ينقذ يسوع؟!

 * ورد في إنجيل متَّى 27: 46 ما يلي:

[ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً: «إيلي، إيلي، لِما شبقتني؟» أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟]


* وورد في إنجيل مرقس 15: 34

[وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً: «إلوي، إلوي، لِما شبقتني؟» الذي تفسيره: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟]


بل إن المسيحيين أنفسهم يؤمنون أن الكثير من رسلهم قُتلوا ولم ينقذهم إله المسيحيين؛ فمثلاً:

  1. 1- بولس رسول المسيحيين قُطعت رأسه
  2.  بطرس الرسول قُتل صلباً بالمقلوب
  3.  أندراوس الرسول قُتل مصلوباً على صليب على شكل "X"
  4.  يعقوب بن زبدي أخو يوحنا: هو أحد رسل المسيحية وقُتل بالسيف على يد هيرودس الملك.
  5.  فيلبس الرسول: يُقال أنه كان يكرز في فريجيا، فأمر حاكم المدينة ورئيس كهنة الأوثان بقتل فيلبس صلباً.
  6. برثولماوس الرسول: يُقال أنه قُتل بالسلخ وقُطعت رأسه بأمر من الملك الأرمني أستياجيس، وبعض القصص تقول أنه جُلِدَ حتى الموت.
  7. متياس الرسول الذي تم اختياره بدلاً من يهوذا الاسخريوطي ، رُجِمَ ثم قُطعت رأسه.
  8. متَّى العشار الرسول: يُقال أنه قُتل في إثيوبيا بجرح سيف.
  9. توما الرسول: يُقال أنه طُعن برمح حتى الموت في الهند.
  10.  يعقوب بن حلفى: هو أحد رسل المسيحية ويُقال أنه ربما قتل على يد اليهود بسبب كلامه حول الشريعة اليهودية، وهناك قصص أخرى تروي بأنه قُتل صلبًا في جنوب مصر حيث كان يعظ بالإنجيل. وقصص أخرى تقول بأنه مات بعد أن قُطِّع جسده إلى عدة قطع لهذا يُصوره المسيحيون في الأعمال الفنية غالبًا وهو يحمل منشار.
  11. يهوذا تدّاوس الرسول: قُتل في بلاد فارس، ويقال أن الوالي قبض عليه وعذَّبه وقُتل بالسهام ، وقصص أخرى تقول أن كهنة الأوثان قتلوه بالفأس والحربة.
  12.  سمعان القانوي الرسول: يُقال أنه قُتل بالمنشار في بلاد فارس.
  13.  مرقس الإنجيلي الرسول: قُتل سحلاً على شوارع الإسكندرية
  14. لوقا الإنجيلي الرسول: قُتل على يد نيرون حيث قطعوا رأسه وجعلوا جسده في كيس من شعر ثم ألقوه في البحر 
  15.  برنابا الرسول: قُتل في قبرص
  16.  أسطفانوس الشماس الرسول: قُتل رجماً بالحجارة
  17.  نيكانور الرسول: قُتل رجماً في قبرص
  18.  تيمون الرسول: قُتل مصلوباً
  19.  حنانيا الرسول: قُتل رجماً
  20.  ارستوبولس الرسول: قُتل رجماً
  21. أولمباس الرسول: قُتل بعد بطرس بيوم واحد حيث أخذه نيرون وعذبه وصلبه منكس الرأس
  22.  أبفراس الرسول: سُجن مع بولس وقُتل
  23.  ابفرودتس الرسول: خدم مع بولس وقُتل
  24.  مناسون الرسول: قُتل في قبرص
  25.  أمبلياس الرسول: سُفك دمه وقُتل في روما
  26.  أوربانوس الرسول: كان أسقف مقدونية وقُتل
  27.  سمعان الدباغ الرسول: كرَّز في مدينة بيزنطية (القسطنطينية) وقتله الوالي
  28.  إستاخيس الرسول: خدم في روما وقُتل
  29.  هيروديون الرسول: خدم في تيراس وقُتل فيها رجماً
  30.  قدراطس الرسول: عاد إلى أثينيا وكرَّز فيها فعذبوه بكل أنواع العذاب ورجموه وأخيرًا طرحوه في النار فمات
  31.  غايس الرسول: كرَّز في أنطاكية ونالته عذابات كثيرة وقُتل
  32.  سمعان كلوبا الرسول: سمع به الملك ترايانوس فاستحضره وعذَّبه كثيرًا وأخيرًا صلبه على خشبة فمات
  33.  هرماس الرسول: البعض يقولون أنه قُتل
  34.  لينس الرسول: كان أول أسقف علي رومية بحسب التقليد وقُتل هناك
  35.  كوارتس الرسول: كرَّز في إسبانيا وقُتل هناك
  36.  أرخبس الرسول ابن فيلمون: كان يكرز في فريجية وسمع الوالي به فقبض عليه وعذَّبه بمسامير ساخنة في جنبه، وطرح أرخبس في حفرة وأمر برجمه حتى مات.
  37.  أنتيباس الرسول: خدم في مدينة برغامس إحدى مدن آسيا الصغرى فقبض عليه الوالي ، ووضعه في إناء نحاس ، وأوقد تحته النار إلى أن مات.
  38.  أنيسيفورس الرسول: سحله والي أفسس علي الصخر والشوك حتى مات.
  39.  سوستانيس الرسول: مات غرقاً برميه في البحر.
  40.  ألكسندروس الرسول: كان أسقفًا على أفنيون بفرنسا وقُتل في قرطاجنة
  41. يوحنا المعمدان النبي: قُطعت رأسه.


فالكثير والكثير من رسل المسيحية في العهد الجديد قد قُتلوا بحسب تقليد المسيحيين، فلماذا إله المسيحيين لم ينقذهم؟!

مع العلم أنني فقط أعطي بعض الأمثلة وليس كل الأمثلة ؛ فالقائمة تطول وتطول، وكذلك العهد القديم فيه أنبياء قُتلوا ولم ينقذهم إله الكتاب المقدس، ولكني لم أذكرهم منعاً للإطالة.

يقول الكتاب المقدس في سفر التثنية 18: 20 ما يلي:

[وأما النبي الذي يطغي، فيتكلم باسمي كلاماً لم أوصه أن يتكلم به، أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى، فيموت ذلك النبي.]

فلماذا إله المسيحيين لم يقم بحماية أنبيائه ورسله طالما أن المسيحيين يؤمنون أن أنبيائهم ورسلهم صادقون؟!

ملحوظة: التقليد المسيحي متضارب ومتناقض بشأن سيرة رسل المسيحية وتاريخ موتهم وكيفية موتهم ولكني عرضت الآراء المشهورة فقط منعاً للإطالة ، مع العلم أن التقليد الكنسي المسيحي هو مجرد شائعات انتشرت على ألسنة المسحيين وآمنوا بها وصدقوها.


والخلاصة أننا إذا فكرنا بنفس منطق المسيحيين فسينهدم الدين المسيحي.

---------------------------

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © 2025 درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x