مضمون الشبهة:
يزعم أعداء الإسلام أن النبي محمد نظر إلى عورة امرأة ورأى كامل جسدها ومفاتنها، ويستدل أعداء الإسلام بالحديث التالي:
[عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِي ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ...]
--------------------------------
الرد على هذه الشبهة السخيفة:
أولاً: الحديث السابق ليس فيه أن النبي رأى عورة المرأة ، والحديث لم يذكر أن النبي رأى جسد أو مفاتن تلك المرأة أصلاً ، ولم يذكر الحديثُ أن النبي رأي مؤخرتها كما يزعم أعداء الإسلام الكذابين. وليس من المعقول أن النبي سيرى مؤخرتها والمرأة أصلاً تكلمه من الأمام.
وأما بالنسبة لعبارة [صعَّد النظر إليها وصوَّبه] ، فإن العبارة معناها أن النبي رفع بصره إلى أعلى ليراها ؛ لأن سياق الحديث يشير إلى أن النبي كان جالساً على الأرض ، وكانت هذه المرأة واقفة، ولذلك فإن النبي رفع بصره للأعلى ليعرف مَن الذي يخاطبه. وهذا شيء بديهي.
ثم إن المرأة عرضت على النبي أن تتزوجه. ومن المعروف جيداً أنه يجوز للرجل أن ينظر إلى وجه المخطوبة ، وكذلك يجوز للمرأة أن تنظر إلى وجه المخطوب، ولذلك رفع النبي بصره إلى الأعلى ليعرف هوية تلك المرأة التي تطلب الزواج منه؛ لأنه ليس من المعقول أن يوافق النبي على الزواج من امرأة يجهلها ويجهل شكلها ولا يعرف شرفها أو سِنها أو نسبها ، فالنسب مهم لكي يعرف ولي أمرها ؛ لأن ولي الأمر من شروط الزواج.
وأما بالنسبة لكلمة: [صَوَّب نظره] فليس المقصود منها أن النبي دقَّق في جسد المرأة من فوق إلى تحت كما يظن البعض. بل المقصود مِن الكلمة أن النبي رفع رأسه لأعلى وسدَّد نظره ناحية وجه المرأة ليرى مَن هي هذه المرأة. فالتصويب في اللغة العربية يأتي بمعنى التوجيه أو التسديد.
وحتى لو افترضنا أن كلمة (صوَّب) هنا بمعنى أنه أنزل بصره ، فإن هذا لا يعني أن النبي كان يدقق في جسد المرأة من فوق إلى تحت؛ لأن الشخص قد يُنزِل بصره بسرعة من دون أن يركز في تفاصيل الجسد. ولهذا لن تجد نصاً صريحاً في الحديث يتضمن أن النبي دقَّق في جسدها ومفاتنها. وكذلك النبي كان يغمض عينيه عن الحرام وبالتالي يمكنك رفع نظرك وإنزاله بسرعة وأن تغمض العين في أثناء ذلك.
والجدير بالذكر أن كلمة (صوَّب) قد تعني أنه أنزل بصره ولكنه لم يُنزِله بشكل عمودي على جسد المرأة بل يُنزِل بصره مع إمالته جانباً بحيث لا ينظر على جسد المرأة. ولهذا ورد في المعجم الوسيط ١/٥٢٧ ما يلي:
[وَصوَّب الشَّيْء: أي خفضه وأماله]
ويخبرنا الحديث أن النبي طأطأ رأسه مباشرةً؛ لأن النبي كان عنده حياء، ولم يعد هناك داعٍ لأن ينظر النبي إلى وجه تلك المرأة أكثر من ذلك؛ فهو عرف هوية المتكلم، ولذا لم يعد هناك داعٍ لأن يطيل النظر إلى وجهها. وقد استحيى النبي أن يكسر مشاعر هذه المرأة، فسكت النبي وطأطأ رأسه ولم يُجِب على طلبها بالزواج حتى لا تحزن.
فالخلاصة أن الحديث به عبارة [صعَّد إليها النظر وصوَّبه] ، وهذه العبارة ليست دليلاً صريحاً على أن النبي دقَّق في جسد ومفاتن تلك المرأة ، ولم يذكر الحديث أي شيء عن جسد تلك المرأة أو عورتها أو مفاتنها بل المقصود أن النبي رفع بصره للأعلى لينظر لتلك المرأة ويعرف مَن هي ، وكلمة (صوَّب) تعني سدَّد. وحتى لو افترضنا أن العبارة معناها رَفعُ البصرِ وإنزاله ، فإن هذا ليس دليلاً على أنه نظر إلى جسدها فأنا أستطيع أن أرفع بصري لأنظر إلى وجه شخص ثم أُنزِل بصري وأرفعه مره أخرى بدون أن أدقق في جسده. ويستطيع الإنسان أن يغمض عينيه في نفس اللحظة السريعة التي يُنزِل فيها بصره.
==============
سؤال آخر:
أحد أعداء الإسلام يقول أن موقف النبي كان عنصرياً لأنه رفض الإجابة على المرأة التي طلبت الزواج منه....
وأنا أرد وأقول:
موقف النبي ليس به أي عنصرية بل إن النبي كان بعيداً كل البعد عن العنصرية.
والقصة باختصار هي أن النبي لم يرغب بالزواج من هذه المرأة ، وهو حر في ذلك ؛ لأن القرار قراره وليس لي ولا لك دخل في هذا الموضوع ؛ فالإسلام يُحرِّم الزواج بالإكراه ، ولا يجوز تزويج رجل لامرأة لا يريدها ، ولا يجوز تزويج امرأة لرجل لا تريده.
ولذا فإن النبي له كامل الحق في رفض الزواج أو قبوله؛ لأن الزواج يُبنَى على الموافقة التامة من كلا الطرفين (الزوج والزوجة).
وأما بالنسبة لسبب سكوت النبي فهو أن النبي استحيى أن يتكلم ويُجيب تلك المرأة بجواب الرفض فيكسر خاطرها ومشاعرها ، ولذا صمت النبي وطأطأ رأسه. ثم النبي كان يفكر في الأمر داخل نفسه.
----------------
سؤال آخر:
ما معنى عبارة [نظر فيها] التي وردت في بعض الأحاديث؟!
عبارة [نظر فيها] لا تعني أنه نظر إلى جسدها كما يتوهم البعض بل كلمة (في) هناك تشير إلى أنه نظر إلى وجهها ، ولذلك عندما نقارن الأحاديث ببعضها سنجد الأحاديث الأخرى تذكر عبارة [نظر إليها].
وكلمة (في) في اللغة العربية تُستخدم أيضاً مع الوجه ، ولذلك يُقال: نَظَرَ في وجهي أو نَظَرَ إلى وجهي، وكلاهما صواب لغوياً.
ولذلك يقول الفتني في كتاب (مجمع بحار الأنوار) ٤/٧٣٢ — ما يلي:
[«نظر» إليه، وفيه]
================
سؤال آخر:
ما معنى أن تلك المرأة وهبت نفسها للنبي؟!
والإجابة: الهبة في اللغة العربية تعني منح شيء بلا مقابل ، وزواج الهبة يعني أن المرأة تتزوج رجلاً ولا تريد أن تأخذ منه مهراً مقابل زواجها منه ، ولذلك سُمي زواج الهبة بهذا الاسم. فهذه المرأة أرادت أن تتزوج النبي بدون مهر مقابل.
وليس للهبة أي علاقة بالزنا كما يتوهم أعداء الإسلام المرضى القلوب، وكذلك ليس من المعقول أن امرأة ستطلب الزنا مع النبي محمد أمام الناس الحاضرين.
===============
وأخيراً: أنا أستعجب من المسيحيين الذين يرددون هذه الشبهة ضدنا في حين أن كتابهم يقول عن النبي داود أنه نظر لامرأة عارية تستحم فافتتن بها وأحضرها إلى قصره وزنا بها!!!!