الرد على شبهة: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} ، وهل الحيض أذى فعلاً

الرد على شبهة تحريم القرآن للجماع في فترة الحيض ، ولماذا المحيض أذى وهل المرأة تتضر منه

 مضمون الشبـهة:

يزعم أعداء الإسلام أن هناك خطأً علمياً في القرآن حين وصف المحيض بأنه أذى

ويقول أعداء الإسلام: كيف يكون الحيض أذى بالرغم من أن المرأة لا تمرض ولا تنجرح أثناء الحيض؟!

يقول الله عز وجل: ﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِیضِ قُلۡ هُوَ أَذࣰى﴾ [البقرة ٢٢٢]

-------------------------------------

الرد على هذه الشبهة السخيفة:

أولاً: 

كلمة (أذى) ليس شرطاً أن يُقصَد بها الضرر المادي الجسماني فقط بل قد تُستخدم كلمة (أذى) للإشارة إلى أشياء أخرى مثل الشيء الذي تشمئز منه النفس؛ فمثلاً: أنت إذا رأيت منظراً سيئاً أو شممت رائحة وشعرت بالاشمئزاز فإن هذا أذى لك بحسب معاجم اللغة العربية.

والشيء الذي تكرهه نفسك هو أذى لك أيضاً حتى ولو لم يحدث إصابة جسدية لك.

فمن ضمن تعريفات الأذى في معاجم اللغة العربية أنه الشيء المستقذر؛ أي الشيء الذي تشمئز منه نفسك..؛ فمثلاً: لو أن أحداً يده ملطخة بالدم وحاول أن يصافحك فإنك ستشمئز من هذا الفعل وتستقذره ، ولو أن فم أحد ينزف دماً وحاول أن يُقبِّلك فإنك ستشمئز من هذا الأمر وتستقذره، وكذلك ستشمئز من منظر الدم النازف أو الشخص الملطخ بالدم ، وهذا الأمر يشترك فيه كلاً من الرجل والمرأة؛ فلو أن المرأة رأت جسد زوجها ملطخاً بالدم فإنها ستشمئز منه أيضاً وستطلب منه تنظيفه.

* يقول العالم اللغوي/ المطرزي - في كتاب (المغرب في ترتيب المعرب) ١/‏٢٣ — ما يلي:

[وقَوْله تَعَالَى فِي الْمَحِيضِ ﴿هُوَ أَذًى﴾؛ أَيْ شَيْءٌ مُسْتَقْذَرٌ كَأَنَّهُ يُؤْذِي مَنْ يَقْرَبُهُ نُفْرَةً وَكَرَاهَةً.] 


* وقال اللغوي/ الفيومي - في كتاب (المصباح المنير) ١/‏١٠ — ما يلي:

[أَذِيَ الشَّيْءُ أَذًى ، مِنْ بَابِ تَعِبَ ، بِمَعْنَى قَذِرَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ أَذًى﴾؛ أَيْ مُسْتَقْذَرٌ ، وَأَذِيَ الرَّجُلُ أَذًى: وَصَلَ إلَيْهِ الْمَكْرُوهُ]


* وقال القاضي أبو البقاء الكفوي - في كتاب (الكليات) ١/‏٧٣ — ما يلي:

[﴿قل هُوَ أَذَى﴾ أَي: الْحيض مستقذر مؤذٍ، مَن يقربهُ نفر مِنْهُ]


* يقول الأستاذ/ البركتي - في كتاب (التعريفات الفقهية) ١/‏٢١ — ما يلي:

[الأذى: هو شيء مستقذر، قال الراغب: «الأذى ما يصل إلى الحي من الضرر، إما في نفسه أو جسمه أو تَبِعاته، دينويًا كان أو أخرويًا».]


* وقال الدكتور/ محمد حسن جبل في كتاب (المعجم الاشتقاقي المؤصل) ٢/‏٦٩٦ — ما يلي:

[وفي ضوء الأصل يمكن تفسير الأذى في قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ بأنه بالنسبة للمرأة -إفراز- كما هو بالنسبة للرجل أذًى نَفْسِيٌّ مقزز.]


* وقال بطال الركبي - في كتاب (النظم المستعذب) ١/‏٤٥ — ما يلي:

[وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ أَذًى﴾، الأذَى: هُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي لَيْسَ بِشَدِدٍ]


* وقال اللغوي/ أحمد رضا - في كتاب (معجم متن اللغة) ١/‏١٥٨ — ما يلي:

[الأذى والأذاة والأذية: المكروه اليسير.]

فمن خلال الاقتباسات السابقة لعلماء اللغة العربية، نجد أن كلمة (أذى) كثيراً ما تعني شيئاً يكرهه المرء وينفر منه لأنه يشمئز.

والرجل عنده شهوة تجاه الأعضاء التناسلية للمرأة ، ولكن عندما يرى دماً أسوداً نازلاً من المهبل سيشمئز من الدم. ونفس الشيء يحصل للمرأة إذا رأت قضيب زوجها ينزف دماً. فهذا الأمر يشترك فيه الرجل والمرأة. 

وأنت إذا كنت رجلاً أو امرأةً وجاء إليك شخص ليصافحك وكانت يده ملطخة بالدم فإنك ستشمئز من هذا الشيء.


وعلى فكرة ، كتب الفقه الإسلامي تستخدم كثيراً كلمة الأذى للإشارة إلى الأشياء المكروهة التي تخرج من الرجل أو المرأة مثل البراز أو البول؛ فمثلاً:

يقول الشيخ/ محمد ضياء الرحمن الأعظمي - في كتاب (الجامع الكامل في الحديث الصحيح) ١٠/‏٨٩ — ما يلي 

[وقوله: ﴿مُطَهَّرَةٌ﴾: أي من الحيض، أما في بقية الأذى من البول والبراز وغيرها فهنّ مثل الرجال كما جاء في الصحيح]

فالخلاصة أن الأذى ليس شرطاً أن يكون ضرراً جسمياً بل من الممكن أن يكون مجرد شيء تكرهه نفسك: تكره رؤيته أو سماعه أو شمه أو لمسه أو غير ذلك.

وقد استخدم القرآن كلمة (أذى) للتعبير عن أشياء تكرهها النفس ؛ فمثلاً:

- يحذر القرآن الكريم الضيوف من الإطالة الطويلة عند الزيارة؛ لأن ذلك يؤذي صاحب البيت وأهله:

 ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتَ ٱلنَّبِیِّ إِلَّاۤ أَن یُؤۡذَنَ لَكُمۡ إِلَى طَعَامٍ غَیۡرَ نَـاظِرِینَ إِنَاهُ وَلَـٰكِنۡ إِذَا دُعِیتُمۡ فَٱدۡخُلُوا۟ فَإِذَا طَعِمۡتُمۡ فَٱنتَشِرُوا۟ وَلَا مُسۡتَـٔۡنِسِینَ لِحَدِیثٍۚ إِنَّ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ كَانَ یُؤۡذِی ٱلنَّبِیَّ فَیَسۡتَحۡیِۦ مِنكُمۡ وَٱللَّهُ لَا یَسۡتَحۡیِۦ مِنَ ٱلۡحَقِّ﴾ [الأحزاب ٥٣]  


- والكلام السيء الذي تسمعه من أعدائك يُسمَى أذى؛ ولذلك يقول الله تعالى:

﴿۞ لَتُبۡلَوُنَّ فِیۤ أَمۡوَالِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ وَلَتَسۡمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـابَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمِنَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ أَذࣰى كَثِیرࣰاۚ وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ذَ ٰ⁠لِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [آل عمران ١٨٦]

﴿وَٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـاتِ بِغَیۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُوا۟ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُوا۟ بُهۡتَـانࣰا وَإِثۡمࣰا مُّبِینࣰا﴾ [الأحزاب ٥٨]

﴿وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱلنَّبِیَّ وَیَقُولُونَ هُوَ أُذُنࣱ﴾ [التوبة ٦١]


- وحتى نزول الأمطار على الشخص قد يسبب له أذى بسبب الطين وابتلال الأمتعة ، ولذلك يقول الله تعالى:

﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ إِن كَانَ بِكُمۡ أَذࣰى مِّن مَّطَرٍ أَوۡ كُنتُم مَّرۡضَىٰۤ أَن تَضَعُوۤا۟ أَسۡلِحَتَكُمۡۖ وَخُذُوا۟ حِذۡرَكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡكَـافِرِینَ عَذَابࣰا مُّهِینࣰا﴾ [النساء ١٠٢]


بل إن عقائد الكفار التي تسيء إلى ذات الله قد سماها الله أذى حيث يقول الله تعالى:

﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابࣰا مُّهِینࣰا﴾ [الأحزاب ٥٧]

وقد سمَّى الله مَن يتضجرون ويشتمون في حال الزمان بأن ذلك أذى يُغضِب الله.

وورد في صحيحي البخاري ومسلم ما يلي:

[حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ:  "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ ، وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ"]

والخلاصة أنه في اللغة العربية وفي اصطلاح القرآن الكريم والسُنة النبوية ليس شرطاً أن يكون الأذى ضرراً جسمانياً وليس شرطاً أن يكون جروحاً وإصابات خطيرة بل من الممكن أن يكون الأذى مجرد شيء تكرهه أو تشمئز منه.

والناس يشمئزون من رؤية الدم وخاصة الأسود ، ولذلك وصفه القرآن بالأذى.

لذلك على القاريء أن يفهم اللغة العربية جيداً وأن يفهمها...


============

النقطة الثالثة:

هل الجماع أثناء الحيض له أضرار جسمانية على الرجل أو المرأة؟!

الإجابة: نعم ، وإليك بعض الأضرار

أولاً: 

الجماع أثناء الحيض يزيد من فرصة إصابة الرجل بالعدوى الفيروسية إذا كانت المرأة مريضة ؛ فهناك الكثير من الفيروسات التي تنتقل عبر الدم ، وعندما يتلطخ جسد الرجل بدم المرأة المريضة، فقد يُصاب هو أيضاً بالمرض الفيروسي. ولذا فإن الجماع أثناء فترة الحيض يزيد من فرصة الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً STIs


ثانياً:

النساء أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفطرية خلال هذه الفترة من الشهر حيث تتغير درجة PH للمهبل.


ثالثاً: 

قد يؤدي الجماع المهبلي إلى زيادة تدفق دم الحيض، لأن أوردة الرحم تكون محتقنة وعرضة للتمزق، وبالتالي تتضرر بسهولة ويزيد النزيف.


رابعاً:

يُعَد الجماع المهبلي أثناء الدورة الشهرية عامل خطر محتمل للإصابة ببطانة الرحم المهاجرة. ويتميز هذا المرض بوجود أنسجة بطانة الرحم في أماكن أخرى غير تجويف الرحم.


خامسًا:

 قد يؤثر الجماع أثناء الدورة الشهرية سلبًا على الرغبة الجنسية لدى الرجل، ويسبب له عجزًا مؤقتًا بسبب وجود مادة الحيض ورائحتها. كما أن الحالة الجسدية والنفسية السيئة للمرأة قبل الدورة الشهرية (مثل متلازمة ما قبل الحيض) أو خلالها -- نتيجة عوامل مختلفة مثل التقلصات المؤلمة [عسر الطمث]، والقلق، والاكتئاب، والصداع النصفي، وانخفاض ضغط الدم، وانخفاض درجة الحرارة -- غالبًا لا تشجعها على الجماع.


سادساً:

 تصاب المرأة بجفاف المهبل بسبب انخفاض هرمون الاستروجين المسؤول عن الإفرازات. وبالرغم أن هناك دم في المهبل خلال الحيض، إلا أنه لا يحتوي على مكونات الإفرازات المرطبة. وهو لا يُعتبَر مرطبًا، بل قد يسبب تهيجًا أو جفافًا إضافيًا للأنسجة.

===============

وأخيراً:

بالنسبة للمسحيين الذين يسخرون من ديننا فإن كتابهم في العهد القديم يصف المرأة الحائض بأنها نجسة ويمنع الاقتراب منها أصلاً. ويمكنك أن تراجع كتابهم في سفر اللاويين.

===============

إلى هنا ، أكون قد فندت الشبهة بالكامل بفضل الله تعالى

لا تنسوا نشر المقال أو نسخه

لا تنسونا من صالح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x