مضمون الشبهة:
سألني أحدهم قائلاً: [القرآن يقول أن بني إسرائيل لو أطاعوا الله وأقاموا التوراة والإنجيل لأكلوا مِن فوقهم ومِن تحت أرجلهم أي سيعيشون حياة رفاهية وتأتيهم الخيرات من كل مكان إذا آمنوا، إذن لماذا دول الغرب الكافر ودولة إسرائيل الكافرة حالياً يعيشون الآن في نعيم بالرغم من أنهم لا يؤمنون بالتوراة الحقيقية والإنجيل الحقيقي؟]
-----------------------------------
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
أولاً: القرآن الكريم لم يقل أن الكافر لن يجد الخيرات أبداً في الدنيا بل القرآن نفسه ذكر أن الله يبتلي الكافر بالنعيم أو الفقر؛ فمثلاً:
يقول الله تعالى:
﴿وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـاتِنَا صُمࣱّ وَبُكۡمࣱ فِی ٱلظُّلُمَـاتِۗ مَن یَشَإِ ٱللَّهُ یُضۡلِلۡهُ وَمَن یَشَأۡ یَجۡعَلۡهُ عَلَىٰ صِرَاطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ ٣٩ قُلۡ أَرَءَیۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَاكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَیۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ إِن كُنتُمۡ صَـادِقِینَ ٤٠ بَلۡ إِیَّاهُ تَدۡعُونَ فَیَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَیۡهِ إِن شَاۤءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ ٤١ وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰۤ أُمَمࣲ مِّن قَبۡلِكَ فَأَخَذۡنَـاهُم بِٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ لَعَلَّهُمۡ یَتَضَرَّعُونَ ٤٢ فَلَوۡلَاۤ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُوا۟ وَلَـٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـانُ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ ٤٣ فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَیۡهِمۡ أَبۡوَابَ كُلِّ شَیۡءٍ حَتَّىٰۤ إِذَا فَرِحُوا۟ بِمَاۤ أُوتُوۤا۟ أَخَذۡنَـاهُم بَغۡتَةࣰ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ ٤٤﴾ [الأنعام ٤٤-٤٦]
في الآيات السابقة ☝، نجد أن الله ابتلى كفار الأمم السابقة بالضيق والفقر لعلهم يتوبون ويعودون إلى الله ، ولكنهم استمروا في عنادهم وكفرهم ففتح الله لهم أبواب النعيم في الدنيا فانغمسوا في الملذات الدنيوية وفرحوا بها حتى جاءهم الهلاك.
وورد في القرآن الكريم على لسان موسى أن الله أنعم على فرعون الكافر بالزينة والأموال في الحياة الدنيا
﴿وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَاۤ إِنَّكَ ءَاتَیۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِینَةࣰ وَأَمۡوَالࣰا فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا﴾ [يونس ٨٨]
وقال الله عن تمتع الكفار في الدنيا قبل أن يأتيهم هلاكهم:
﴿أَفَبِعَذَابِنَا یَسۡتَعۡجِلُونَ ٢٠٤ أَفَرَءَیۡتَ إِن مَّتَّعۡنَاهُمۡ سِنِینَ ٢٠٥ ثُمَّ جَاۤءَهُم مَّا كَانُوا۟ یُوعَدُونَ ٢٠٦﴾ [الشعراء ٢٠٢-٢٠٦]
ونهى الله نبيه محمد عن أن ينظر إلى المتعة التي يتمتع بها بعض الكفار في الحياة الدنيا:
﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَیۡنَیۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَاجࣰا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِیهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَیۡرࣱ وَأَبۡقَىٰ﴾ [طه ١٣١]
والخلاصة مما سبق أن القرآن لم يقل أن الكافر لن يتمتع أبداً بالنعيم الدنيوي بل القرآن نفسه أشار إلى أن الله يبتلي الكافر بالخيرات والمصائب
============
ثانياً:
بالنسبة لآية: ﴿وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡكِتَـابِ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَكَفَّرۡنَا عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأَدۡخَلۡنَـاهُمۡ جَنَّـاتِ ٱلنَّعِیمِ ٦٥ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ أَقَامُوا۟ ٱلتَّوۡرَاةَ وَٱلۡإِنجِیلَ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِم مِّن رَّبِّهِمۡ لَأَكَلُوا۟ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۚ مِّنۡهُمۡ أُمَّةࣱ مُّقۡتَصِدَةࣱۖ وَكَثِیرࣱ مِّنۡهُمۡ سَاۤءَ مَا یَعۡمَلُونَ ٦٦﴾ [المائدة ٦٥-٦٦]
الآيات السابقة ☝ تتكلم عن ماذا كان سيحصل لأهل الكتاب لو أنهم طبقوا التوراة والإنجيل وباقي الكتب التي أوحاها الله لهم ؛ فلو أن أهل الكتاب كانوا فعلوا ذلك لعاشوا حياة النعيم في الدنيا ولكان الله رزقهم الكثير والكثير من الخيرات في الدنيا.
ومن المهم أن نعرف أن الآيات القرآنية السابقة تتكلم عن الفترة التي سبقت مجيء النبي محمد؛ ففي تلك الفترة كانت توجد التوراة والإنجيل وباقي الكتب التي أوحاها الله مثل الزبور، ولا تتكلم الآيات عن عصرنا الحالي أصلاً؛ فالتوراة الحقيقية والإنجيل الحقيقي غير موجودين الآن في عصرنا أصلاً.
ونحن إذا راجعنا التاريخ جيداً سنجد أن اليهود حادوا عن شريعة الله لهم ، ولذلك عاشوا معظم عصورهم في الفقر والاضطهاد والشتات في البلاد، ولم تذكر كتب التاريخ القديمة أن اليهود صنعوا حضارة علمية أنارت العالم.
وكذلك بعد رحيل المسيح ، خالف النصارى أوامر المسيح وحرَّفوا رسالته، ولذلك عاشوا حياة الذل على أيدي الرومان لمدة ثلاثة قرون تقريباً. وبعد أن وصل النصارى لكرسي السلطة دخلت بلادهم في العصور الوسطى المظلمة التي سادها التخلف والفقر والمرض.
فالخلاصة أن الآيات القرآنية السابقة تكلمت عن أمة أهل الكتاب الذي عاشوا قبل النبي محمد وتخبرنا الآيات أنهم لو كانوا طبقوا كتب الله فعلاً لكانوا عاشوا في رغد العيش الدنيوي ونعيمه بدلاً من الفقر والضنك.
-----------
ملحوظة: عبارة {لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم} ، تعني تأتيهم الخيرات من كل مكان
=================
إلى هنا ، أكون قد فندت الشبهة بالكامل
لا تنسوا نشر المقال أو نسخه
لا تنسونا من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته