لماذا وصف القرآن النبي إبراهيم بأنه من الشاهدين على أن الله خالق السموات والأرض

الرد على شبهة لماذا وصف القرآن النبي إبراهيم بأنه من الشاهدين على أن الله خالق السموات والأرض بالرغم من أن إبراهيم لم يشاهد لحظة خلق الكون من العدم

مضمون الشبهة:

أعداء الإسلام يسألوننا لماذا وصف القرآنُ النبيَ إبراهيمَ بأنه شاهد على خلق الله للكون بالرغم من أن إبراهيم لم يشاهد لحظة خلق الله للكون. ويستشهد أعداء الإسلام بالآية التالية: 

﴿قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَـاوَا⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِی فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكُم مِّنَ ٱلشَّـاهِدِینَ [الأنبياء ٥٦]

==============

الرد على هذه الشبهة السخيفة:

أولاً: من أكبر المشكلات عند أعداء الإسلام هو جهلهم باللغة العربية ، وهذا ما يدفعهم إلى اختراع مثل هذه الشبهات العبيطة حيث أنهم يفهمون الآيات القرآنية بالخطأ.

ثانياً:

كلمة (شهد) في اللغة العربية لها عدة معاني ، فقد تأتي كلمة (شهد) بمعنى (أقر بما علم) ، أو قد تأتي بمعنى  (أخبر خبراً قاطعاً) ، وتأتي أيضاً بمعنى (حلف بالله)، وتأتي أيضاً بمعني (دل دلالة قاطعة)، وتأتي أيضاً بمعنى (يثبت ويؤكد)، وتأتي أيضاً بمعنى (التسليم بالشيء)؛ أي أن كلمة  (شهد) لها عدة معاني تختلف حسب سياق الكلام وحسب مراد القائل، وليس شرطاً أن تكون كلمة (شهد) بمعنى: نظر بعينه.

تعالوا بنا نفتح معاجم اللغة العربية ونعرف معانى كلمة (شهد):

ورد في المعجم الوسيط ١/‏٤٩٧ ما يلي:

[(شهد) على كَذَا شَهَادَةً أي أخبر بِهِ خَبراً قَاطعاً،  وَشَهِدَ لفُلَان على فلَان بِكَذَا أي أدّى مَا عِنْده من الشَّهَادَة ، وَشَهِد بِاللَّهِ أي حلف ، وَشهد أي أقر بِمَا علم.]


ويقول الدكتور/ أحمد مختار عمر - في (معجم اللغة العربية المعاصرة) ٢/‏١٢٤٠ — ما يلي:

[شهِد الرَّجُلُ أي:

١ - حكم ، مثل: «﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ﴾».

٢ - علم ، مثل: «شهِدَ اللهُ لم يغب عن جفوني ... شخصُه ساعةً ولم يخلُ حِسِّي- ﴿لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾».

• شهِد أن لا إله إلاّ الله:أي  أقرَّ واعترف بوحدانيّة الله تعالى «﴿قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ - ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾».

• شهِد بما رآه / شهِد على ما رآه:أي أدّى ما عنده من الشهادة، أخبر به خبرًا قاطعًا مثل: «شهِد بإخلاص صديقه - شهِد على المتَّهم- ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ﴾ - ﴿وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ﴾» ° شهِد بالزُّور: افترى الكذبَ.

• شهِد العرقُ على الجُهد المَبذول:أي  دلّ عليه دلالةً قاطعة مثل: «شهد الخرابُ على هوْلِ الحريق»؟ - يشهد على ذلك ما ورد:أي  يُثبِته ويؤكِّده.]


ويقول الأستاذ/ سعدي أبو جيب - في كتاب (القاموس الفقهي) ١/‏٢٠٢ — ما يلي:

[شهد على كذا شهادة: أي أخبر به خبراً قاطعاً.

- شهد لفلان على فلان بكذا: أي أدى ما عنده من الشهادة......

- وشهد : أي أقر بما علم.

- وشهد بالله: أي حلف.

يُقال: أشهد بالله: أي أقسمُ.]


ونستفيد مما سبق أن المقصود من شهادة إبراهيم بحسب الآية هو أنه أقر بما علم وأنه أراد الإخبار عن الخالق بأدلة قطعية ، وليس المقصود من الآية أن إبراهيم رأى لحظة خلق الكون من الصفر.

 وعلى فكرة ، ليس هناك أحد من المفسرين فسر الآية على أن إبراهيم شاهد لحظة خلق الكون من الصفر.

تعالوا بنا نرى أقوال المفسرين حول الآية:

يقول القرطبي في تفسيره:

[(وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ رب السموات وَالْأَرْضِ. وَالشَّاهِدُ يُبَيِّنُ الْحُكْمَ، وَمِنْهُ ﴿شَهِدَ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٨] أي بَيَّنَ اللَّهُ، فَالْمَعْنَى: وَأَنَا أُبَيِّنُ بِالدَّلِيلِ مَا أقول.]

فالقرطبي يخبرنا أن شهادة إبراهيم تعني أنه يبين للناس بالأدلة أن الله هو الخالق وليس الأصنام.


ويقول البيضاوي في تفسيره:

[﴿مِنَ الشّاهِدِينَ﴾ أي مِنَ المُتَحَقِّقِينَ لَهُ والمُبَرْهِنِينَ عَلَيْهِ، فَإنَّ الشّاهِدَ مَن تَحَقَّقَ الشَّيْءَ.]


ويقول الإيجي في تفسير (جامع البيان) ما يلي:

[﴿مِنَ الشّاهِدِينَ﴾: أي المتحققين له المبرهنين عليه]


ويقول أبو السعود في تفسيره ما يلي:

[﴿مِنَ الشّاهِدِينَ﴾ أيِ: العالِمِينَ بِهِ عَلى سَبِيلِ الحَقِيقَةِ المُبَرْهِنِينَ عَلَيْهِ، فَإنَّ الشّاهِدَ عَلى الشَّيْءِ مَن تَحَقَّقَهُ وحَقَّقَهُ وشَهادَتُهُ عَلى ذَلِكَ إدْلاؤُهُ بِالحُجَّةِ عَلَيْهِ وإثْباتُهُ بِها كَأنَّهُ قالَ: وأنا أُبَيِّنُ ذَلِكَ وأُبَرْهِنُ عَلَيْهِ.]


ويقول الآلوسي في تفسيره ما يلي:

[والمَعْنى وأنا عَلى ذَلِكُمُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ مِنَ العالِمِينَ بِهِ عَلى سَبِيلِ الحَقِيقَةِ المُبَرْهِنِينَ عَلَيْهِ ولَسْتُ مِنَ اللّاعِبِينَ، فَإنَّ الشّاهِدَ عَلى الشَّيْءِ مَن تَحَقَّقَهُ وحَقَّقَهُ وشَهادَتُهُ عَلى ذَلِكَ إدْلاؤُهُ بِالحُجَّةِ عَلَيْها وإثْباتُهُ بِها.]


والخلاصة من أقوال المفسرين السابقين أن شهادة إبراهيم تعني الإقرار بأن الله هو الخالق والبرهنة على ذلك وتقديم الحجج للناس، وليس المقصود من شهادة إبراهيم أنه رأى اللحظات الأولى حين خُلِقَ الكون من العدم.


ونفس الأمر ينطبق على شهادة المسلم حين يقول: [أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله]؛ أي أن المسلم يقر بعلمه أن الله هو الإله الوحيد الحقيقي وأن النبي محمد رسول من الله.


والخلاصة أن أعداء الإسلام لا يفهمون اللغة العربية بل يخرفون ويهرفون.

=============

إلى هنا ، أكون قد فندت الشبهة بالكامل بفضل الله تعالى

لا تنسوا نشر المقال أو نسخه

لا تنسونا من صالح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x