الرد على شبهة أن عمرو بن العاص ترك شهادة ألا إله إلا الله

الرد على شبهات الشيعة حول قول عمرو بن العاص قبل موته: «تركت أفضل من ذلك كله شهادة أن لا إله إلا الله».

 مضمون الشبهة:

يزعم الشيعة الوثنيون أن عمرو بن العاص مات كافراً ناكراً للشهادة ، ويستدل الشيعة بالرواية التالية في مسند أحمد:

[أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شِمَاسَةَ حَدَّثَهُ ، قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْوَفَاةُ بَكَى ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ: «لِمَ تَبْكِي ، أَجَزَعًا عَلَى الْمَوْتِ؟» فَقَالَ: «لَا وَاللَّهِ ، وَلَكِنْ مِمَّا بَعْدُ». فَقَالَ لَهُ: «قَدْ كُنْتَ عَلَى خَيْرٍ». فَجَعَلَ يُذَكِّرُهُ صُحْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُتُوحَهُ الشَّامَ . فَقَالَ عَمْرٌو: «تَرَكْتَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، إِنِّي كُنْتُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَطْبَاقٍ لَيْسَ فِيهَا طَبَقٌ إِلَّا قَدْ عَرَفْتُ نَفْسِي فِيهِ كُنْتُ أَوَّلَ شَيْءٍ كَافِرًا ، فَكُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَوْ مِتُّ حِينَئِذٍ وَجَبَتْ لِي النَّارُ ، فَلَمَّا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً مِنْهُ ، فَمَا مَلَأْتُ عَيْنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا رَاجَعْتُهُ فِيمَا أُرِيدُ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَيَاءً مِنْهُ ، فَلَوْ مِتُّ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ النَّاسُ : هَنِيئًا لِعَمْرٍو ، أَسْلَمَ وَكَانَ عَلَى خَيْرٍ ، فَمَاتَ فَرُجِيَ لَهُ الْجَنَّةُ. ثُمَّ تَلَبَّسْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالسُّلْطَانِ وَأَشْيَاءَ ، فَلَا أَدْرِي عَلَيَّ أَمْ لِي. فَإِذَا مِتُّ فَلَا تَبْكِيَنَّ عَلَيَّ وَلَا تُتْبِعْنِي مَادِحًا وَلَا نَارًا ، وَشُدُّوا عَلَيَّ إِزَارِي فَإِنِّي مُخَاصِمٌ ، وَسُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا ، فَإِنَّ جَنْبِيَ الْأَيْمَنَ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِالتُّرَابِ مِنْ جَنْبِي الْأَيْسَرِ ، وَلَا تَجْعَلَنَّ فِي قَبْرِي خَشَبَةً وَلَا حَجَرًا ، فَإِذَا وَارَيْتُمُونِي فَاقْعُدُوا عِنْدِي قَدْرَ نَحْرِ جَزُورٍ وَتَقْطِيعِهَا ، أَسْتَأْنِسْ بِكُمْ»]


والرواية السابقة تناقلتها الكتب من بعضها مثل: كتاب (تاريخ دمشق) لابن عساكر ، وكتاب (أسد الغابة) لابن الأثير، وكتاب (البداية والنهاية) لابن كثير 

====================

الرد على هذه الشبـهة السخيفة:

أولاً: 

الرواية السابقة هي رواية ضعيفة ولم تصح سنداً؛ فالرواية في جميع الكتب مروية من طريق الراوي/ ابن لهيعة الحضرمي ، وهو راوٍ ضعيف وليس ثقةً أصلاً.

============

ثانياً:

الرواية السابقة ليس فيها أن عمرو بن العاص مات ناكراً رافضاً للشهادة بل الشيعي الغبي هو الذي لم يفهم الكلام.

وأما بالنسبة لعبارة: [فَقَالَ عَمروُ: تَرَكْتَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ]

ليس المقصود من العبارة السابقة أن عمرو بن العاص تخلى عن الشهادة بل المقصود أنه أبقى الشهادة في صحيفة أعماله بعد موته؛ فكلمة (ترك) في اللغة العربية تأتي أيضاً بمعنى: أبقى

ولذلك نحن نقول في اللغة العربية:

«فلان ترك سيرة حسنة»؛ أي أنه أبقى بعد موته سيرة حسنة على لسان الناس.

وكذلك نقول: «فلان ترك العمل الصالح في حياته» ؛ أي أنه كان يعمل الصالحات.

وكذلك نقول: «فلان ترك مالاً لابنه» ؛ أي أن أبقى له المال.

 ولذلك تحدث القرآن الكريم عن أكثر من نبي ووصفهم في أربعة مواضع قائلاً:

 ﴿وَتَرَكۡنَا عَلَیۡهِ فِی ٱلۡآخِرِینَ﴾ [الصافات ٧٨، ١٠٨، ١١٩، ١٢٩]

والمقصود من الآية السابقة أن الله أبقى لهم ذكر جميلاً في الذين جاءوا بعدهم...، وليس المقصود أن الله رفضهم أو أنكرهم.

وكذلك قال الله عن سفينة نوح:

﴿وَلَقَد تَّرَكۡنَـاهَاۤ ءَایَةࣰ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ﴾ [القمر ١٥]

والمقصود هنا أن الله أبقى السفينة لذرية نوح ليتذكروا ما حل بقومهم وليتعظوا...، وليس المقصود أن الله رفض السفينة أو أنكرها.


وكذلك تحدث القرآن عن تراث موسى وهارون:

﴿وَقَالَ لَهُمۡ نَبِیُّهُمۡ إِنَّ ءَایَةَ مُلۡكِهِۦۤ أَن یَأۡتِیَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَبَقِیَّةࣱ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَـارُونَ تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُۚ إِنَّ فِی ذَ ⁠لِكَ لَآیَةࣰ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [البقرة ٢٤٨]

والمقصود من الآية السابقة أن موسى أبقى بعده تراثه الذي يتضمن ألواح الشريعة وعصاه وغير ذلك ، وليس معنى الآية أن موسى رفض هذه الأشياء.


إذن ، نفهم مما سبق أن كلمة (ترك) ليس معناها دائماً أن الشخص تخلى عن الشيء أو رفضه بل قد تأتي بمعنى:أبقى. 

وعلى فكرة، حتى في كتب هؤلاء الشيعة الوثنيين ستجد روايات تثبت صحة كلامي ؛ فمثلاً:

ورد في الكثير من كتب الشيعة رواية دائماً يتفاخر الشيعة بها ويستدلون بها كثيراً وهي:

[قال رسول الله: «إني تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي»]

وإذا فكرنا بنفس منطق الشيعة الأغبياء، فإن كلمة (تركت) أو (تارك) في الرواية السابقة سيكون معناها أن النبي رفض القرآن ورفض أهل بيته!!!

فماذا ستفعل أيها الشيعي الآن وكيف سترقع هذه الورطة التي ورطت نفسك بها؟!

==========

ثانياً:

الرواية فيها أن ابن عمرو بن العاص أثنى خيراً على والده وذكَّره بصحبته للنبي ، وكذلك ورد في الرواية أن عمرو بن العاص كان شديد التوقير والحياء مع النبي لدرجة أنه لم يملأ عينه من النبي؛ فقد كان عمرو ينظر في الأرض حياءً من النبي واحتراماً له.

وأما بالنسبة لبقية الرواية ، فليس فيها أي دليل على كفر عمرو بن العاص، وإليك الجزء الأخير من الرواية:

[ثُمَّ تَلَبَّسْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالسُّلْطَانِ وَأَشْيَاءَ ، فَلَا أَدْرِي عَلَيَّ أَمْ لِي . فَإِذَا مِتُّ فَلَا تَبْكِيَنَّ عَلَيَّ وَلَا تُتْبِعْنِي مَادِحًا وَلَا نَارًا]

هذه الفقرة☝️ ليس فيها أي دليل على كفر عمرو بن العاص بل هو هنا يتكلم عن أنه وصل للسلطة وحصلت معه أشياء وهو لا يدري هل هذه الأشياء خيراً له أم شراً. ولكنه لم يتكلم هنا عن الكفر أبداً.

ثم إن الكفر لا يحتار فيه المرء بل يعرف أنه شر وليس خيراً أبداً.

وورد في الفقرة السابقة أن عمرو بن العاص رفض أن يبكي عليه أحد ؛ فالإسلام يحث على ضبط النفس وقت الحزن بحيث لا يعلو النحيب والعويل واللطم وشق الملابس وغير ذلك من الأمور المُحرَّمة شرعاً.

وورد في الفقرة أن عمرو بن العاص رفض أن يمدحه أحد ؛ فالمؤمن متواضع أمام الله وأمام الناس ولا يتفاخر بنفسه نظراً لأن الله قال في كتابه العزيز: ﴿ٱلَّذِینَ یَجۡتَنِبُونَ كَبَاىِٕرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَاحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ إِذۡ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَإِذۡ أَنتُمۡ أَجِنَّةࣱ فِی بُطُونِ أُمَّهَـاتِكُمۡۖ فَلَا تُزَكُّوۤا۟ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰۤ﴾ [النجم ٣٢]


وكذلك ورد في الرواية أن عمرو بن العاص كره أن يحمل أحد النار في جنازته ؛ فقد كان من عادة بعض الناس قديماً أن يحملوا النار في المواكب الفاخرة أو يحملوها للإنارة عند الدفن ليلاً. 

------------------

والخلاصة أن الرواية التي يستدل بها الشيعة النواصب هي رواية ضعيفة أصلاً. وحتى لو افترضنا أنها صحيحة فإن الرواية ليس فيها أي دليل على كفر عمرو بن العاص وليس هناك دليل على إنكاره للشهادة.

===========

إلى هنا أكون قد فندت الشبهة بالكامل بفضل الله تعالى

لا تنسوا نشر المقال أو نسخه

لا تنسونا من صالح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x